-->

التعليق على القرار بدعوى بتوث الزوجية عدم تحرير عقد الزواج


تعليق للأستاذ عبد المالك شكلاط
المحامي بورزازات

موضوع النازلة:
يلخص موضوع هذه النازلة في كون الشخص المدعى عليه ابرم عقد زواج على المدعية واتى بها الى بيت الزوجية ودخل بها وفي ليلة الدخول بالزوجة احضر العدلين من اجل تحرير عقد الزواج واحضر الزوجان الرخص الادارية المطلوبة في العقد بمقتضى مدونة الاحوال الشخصية.
الا انه نظرا لكون الزوج جنديا فان العدلين طلبا منه اجل تحرير عقد الزواج ان يدلي لهما برخصة خاصة من ادارة الدفاع الوطني ترخص له في الزواج من المدعية.
ونظرا لعدم ادلاء الزوج بهذه الرخصة امتنع العدلان من تحرير العقد.
لكن نظرا لسذاجة اهل البادية عموما واهل المنطقة الجبلية التي  تسكنها المدعية اعتقد الجميع ان الزواج منعقد بمجرد حضور العدلين، فحضور العدلين بالنسبة لهم ضمانة لصحة عقد زواجهما وشرعيته بعد مدة من اقامة المدعية في بيت زوجها قام هذا الاخير بترحيلها الى بيت والدها وأنكر بعد ذلك كل علاقة معها.

وقائع النازلة:
تقدمت المدعية بدعوى الى السيد القاضي الابتدائي تطلب منه الحكم على الزوج بإقامة رسم الزواج.
وبعد مناقشة القضية وحضور العدلين وإدلائهما بشهادتهما صدر الحكم وفق طلب المدعية.
الا ان الزوج استانف مقتضيات هذا الحكم وبعد مناقشة النازلة استئنافيا صدر الحكم بالغاء الحكم الابتدائي والحكم من جديد برفض طلب المدعية.

التعليق على الحكم الابتدائي
ان وقائع النازلة كما عرضتها المدعية في مقالها تفيد ان هناك زواج قائم بالفعل ترتب عنه دخول الزوج بزوجته بعد ان تمت مراسيم الزواج واركانه المتمثلة في تعيين الصداق وحضور الولي وحضور الشهود من العامة بالاضافة الى شاهدي عدل.

فالمدعية لا تطلب في دعواها اقامة عقد الزواج لان هذا العقد قائم فعلا بمجرد توفر الاركان السابق ذكرها بالاضافة الى ان الايجاب والقبول اللذين هما العنصران الأساسيان في العقد قد تما في مجلس العقد انما تطلب المدعية في مقالها فقط اجبار زوجها على تحرير مستند كتابي يعترف بهذا العقد القائم فعلا فهي لا تطلب من زوجها إنشاء عقد موجود ولكنها تطلب منه الاقرار بعقد موجود فعلا.

والحكم الابتدائي قد أدرك جيدا مطلب المدعية وادرك صدق ما ذهبت اليه استنادا للمناقشات التي راجت، وعليه فالحكم الابتدائي اقر بوجود هذا العقد وحكم على الزوج بإتمام الاجراءات اللازمة لاقامة الدليل الكتابي لهذا العقد وهو رسم النكاح.

تعليق على الحكم الاستئنافي
ان الحكم الاستئنافي بعد ان اجرى بحثا بواسطة الاطراف ونفس الشهود المستمع اليهم في المرحلة الابتدائية.
وبعدما تبين له ان الزواج فعلا انعقد وتوقفت كتابة رسم النكاح على احضار الزوج الرخصة الادارية الخاصة بالجنود في هذا الباب.
عمد الحكم الى الغاء الحكم الابتدائي ورفض مطالب المدعية معللا قضاءه بان الزوجة تسرعت في تمكين زوجها من نفسها قبل احضار هذا الاخير الرخصة المطلوبة وقبل كتابة رسم النكاح.

استنتاج
ان الحكم الاستئنافي خلط بين رضائية العقد وشكليته كما خلط بين اركان العقد وبين شروطه في موضوع عقد الزواج.
وتطبيقا لمقتضيات مدونة الاحوال الشخصية هناك:
1) رضائية العقد:
ينص الفصل 4 من المدونة على انه:
" ينعقد الزواج بايجاب من احد العاقدين وقبول من الاخر بواسطة ألفاظ تفيد معنى النكاح لغة او عرفا...".
فبمجرد وقوع الايجاب والقبول يصبح العقد قائما.
2) شكلية العقد:
ان الفصل 5 من المدونة جعل حضور شاهدين عدلين مجلس العقد شرطا لصحة عقد الزواج والفرق بين الركن والشرط ان الركن يدخل في ماهية العقد ولا ينعقد الا بتوفره بحيث يلزم من انعدام العقد وسمي الركن ركنا لانه يشكل مع بقية الاركان الزوايا التي يستند ويعتمد عليها اساس البناء اذا انعدام منها ركن لم يقم البنيان.
اما الشروط فهو خارج عن ماهية العقد كالوضوء الذي هو شرط في صحة الصلاة وهو في نفس الوقت خارج عن الصلاة.
والفرق الاساسي بين الشرط والركن انه يلزم من انعدام الركن انعدام العقد ولا يلزم من انعدام الشرط انعدام العقد انما اختلال الشرط يجعل العقد اما باطلا او قابلا الابطال حسب الاحوال التي يقررها القانون.

بحيث يكون معها العقد قائما مستجمعا اركانه لكنه مشوب بعيب في الشكل يعرضه للبطلان او الابطال.
والبطلان او الابطال في العقود يعطي الحق لاحد طرفي العقد، من اجل التحلل من نتائج العقد المختل الشرط، حق طلب فسخ هذا العقد بعد الحكم ببطلانه او ابطاله حسب الاحوال.
ان هذا الموضوع يجرنا الى البحث في موضوع عقد الزواج الفاسد.
وعقد الزواج الفاسد على نوعين اما عقد زواج فاسد لعقده او عقد زواج فاسد لعدم الصداق.

كما ان هناك تقسيما اخر لعقد الزواج الفاسد وهو عقد الزواج المجمع على فساده وعقد الزواج المختلف في فساده.
وفائدة التمييز بين المجمع على فساده والمختلف في فساده ان الاول يفسخ بدون طلاق أي انه باطل بقوة القانون ولا يحتاج الى حكم بإبطاله.

اما الثاني وهو المختلف في فساده فلا يفسخ الا بطلاق أي لابد فيه من صدور حكم بالتطليق اعتمادا على فساد العقد اذا كان طلب الفسخ مقاما من طرف الزوجة بينما يكفي الزوج الاشهاد بالطلاق ولكي يتم فسخ هذا الزواج الفاسد لان الطلاق بيده.

ان هذا الموضوع بالذات هو ما اشارت اليه الفقرة الثانية من الفصل 32 من المدونة:
" كل زواج تم ركنه بالايجاب والقبول واختلفت بعض شروطه فهو فاسد".

ان الزواج الفاسد لعقده مختلف في فساده فبعض الفقهاء قضى بصحة عقد الزواج رغم عدم الاشهار وقد اكد ذلك الفصل 37 من المدونة الذي نصه:
" النكاح الفاسد لعقد يفسخ قبل الدخول وبعده وفيه المسمى بعد الدخول…."
ولما كان هذا العقد مختلف في فساده فانه لا يمكن فسخه الا بطلاق وما دام هذا الطلاق لم يقع فان النكاح الفاسد لعقده يظل قائما.

بالاضافة الى ان العقد الفاسد سواء كان مجمعا على فساده او مختلفا فيه فانه تترتب عنه جميع اثار العقد الصحيح من وجوب العدة وثبوت النسب الارث. وهو ما عبر عنه نص الفصل 37 من المدونة في الفقرة الثانية:
"… كل زواج مجمع على فساده كالمحرمة بالصهر منفسخ بدون طلاق قبل الدخول وبعده يترتب عليه تعين الاستبراء وثبوت النسب ان كان حسن القصد اما اذا كان مختلفا في فساده فيفسخ قبل الدخول وبعده بطلاق ويترتب عليه وجوب العدة وثبوت النسب ويتوارثان قبل وقوع الفسخ".

وعليه فانه في النازلة موضوع التعليق يعتبر عقد النكاح قائما منتجا لاثاره ما دام لم يقع فيه فسخ بطلاق تلقائي او بواسطة المحكمة عندما يطلب منها الحكم بفسخ هذا العقد لاختلال شرط فيه.

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 61، ص 106.

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : التعليق على الاحكام و القرارات