-->

تعليق على القرار عدد 264، ملف مدني رقم 91/746

تعليق بقلم الأستاذ محمد انيق المحامي بالدار البيضاء

يكتسي هذا القرار اهميته، من كونه لا يقف عند نوع شركة الخطوط الجوية الملكية ـ بوصفها شركة مساهمة، وشركة تجارية، بل ينظر الى طبيعة المجال الذي تتدخل فيه، والمتعلق بالطيران الجوي الداخلي والخارجي.
وللتذكير… فان الخطوط الجوية الملكية أبرمت مع الحكومة المغربية اتفاقية تتخلى فيها هذه الاخيرة عن الاستغلال المطلق والحقوق في هذا المجال، مما يسند لها احتكارا في هذا الباب.

ان هذه الاتفاقية التي أبرمت في فاتح يوليوز1957 غداة استقلال المغرب، وتمت المصادقة عليها  بظهير 16 اكتوبر1957،اقتضت تحويل الخطوط الجوية الملكية التي هي بطبيعتها شركة مساهمة، الى مؤسسة ذات امتياز بمرفق عمومي في مرافق الدولية، تحظى علاوة على ذلك باحتكار في مجالها.

وتجدر الإشارة الى انها كانت تطبق في علاقاتها مع مستخدميها النظام الجاري به العمل في المؤسسة المماثلة بفرنسا، شانها شان قطاعي الفوسفاط والسكك الحديدية.

وبمقتضى ظهير19 يوليوز1962 المتعلق بنظام مستخدمي بعض المؤسسات، كانت الشركة مدعوة الى بلورة نظام أساسي لمستخدميها.
على انه في انتظار ذلك يظل المرسوم الصادر بتاريخ 14 نونبر1963، أرضية للنظام المنتظر لكونه سن قواعد خاصة بشان عناصر الاستخدام والأجر والترقية والتأديب.
وإذن يعتبر النصان معا بمثابة النظام النموذجي للمؤسسات العمومية، وشركات الدولة، والمنشات ذات الامتياز والمتمتعة باحتكار رسمي.

وان أحكام هذين النصين تختلف عن القواعد المطبقة على مأجوري القطاع الخاص، ومنها النظام التأديبي الذي اقر انطلاقا من الفصل50 من مرسوم 14 نونبر1943، وجعل في سلوك مسطرة انعقاد المجلس التأديبي اجراءا جوهريا يضفي غيابه على طرد الأجير صفة التعسف.

ان مقارنة لهذا القرار بقرار الغرفة الادارية للمجلس الاعلى عدد 96 الصادر بتاريخ 30 يونيو1985 في الملف الإداري 5676 والمنشور بالعدد41 في هذه المجلة صفحات 96 الى 99 بشان الفصل الذي اتخذه المدير العام للمكتب المستقل للنقل العمومي بالبيضاء، والذي اعتبر من خلاله المجلس الاعلى ذلك القرار بكونه إداريا يخضع لمراقبته، وأوجب تمكين الطالب بصفة فعلية من الاطلاع على ملفه التاديبي، عملا بضرورة احترام حقوق الدفاع، ورتب عن غياب ذلك إلغاء قرار الطرد لاتسامه بالشطط في استعمال السلطة.

فقرار محكمة الاستيناف الذي نحن بصدده، يكتسي أهميته من كون يطبق المقتضيات الافيد للأجير، بإعطاء هذا الأخير ضمانات الدفاع امام المجلس التأديبي.

وان الاستغناء عن عقد هذا المجلس، هو الذي حدا بمحكمة الاستيناف الى عدم إجراء البحث الاعتيادي الذي تجريه المحاكم بصفة روتينية في بعض الاحيان، حول ظروف وأسباب الطرد، وذلك نتيجة عدم توافر الإطار الخاص الذي يجب ان يقع فيه هذا البحث، وهو انعقاد اللجنة التأديبية.

ان قرار محكمة الاستيناف هذا، يكتسي أهمية راهنية في ضوء مصالح شغيلة المؤسسات العمومية، وشبه العمومية في أفق تفويت عدة وحدات من القطاع العام، للقطاع الخاص، وهي العملية المصطلح على تسميتها بالخوصصة.

*مجلة المحاكم المغربية، عدد 65-64، ص 160.
Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : التعليق على الاحكام و القرارات