-->

يستحق الأجير كامل اجره حين يتعلق الأمر بتوقف عن العمل لا دخل للأجير فيه

محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الغرفة الاجتماعية
القرار رقم 264- بتاريخ 29/1/1992- ملف مدني عدد 746/91


المبدأ:
ان شركة الخطوط الجوية الملكية، شركة ذات مساهمة تخضع في نفس الوقت لمقتضيات ظهير16 يوليوز1962، المتعلق بالنظام الخاص لمستخدمي بعض المؤسسات، وكذا للمرسوم المؤرخ في14 نونبر1963، الذي يحدد القواعد العامة المشكلة لأرضية النظام الاساسي لمستخدمي هذا القطاع.

ان النص المذكور أعلاه يلزم المشغل بإحالة الآجر على المجلس التأديبي للمؤسسة، قبل اتخاذ قرار الطرد من طرف المدير، ويترتب على الاستغناء عن هذا الإجراء الجوهري، التعسف في فسخ العقد من طرف المؤاجر.

يستحق الأجير كامل اجره حين يتعلق الأمر بتوقف عن العمل  لا دخل للأجير فيه، او بسبب عائد الى خطاء المشغل، او مقرر قضائي بالرجوع الى العمل، وذلك دون اعتبار لطبيعة قرار المشغل، هل هو توقيف مؤقت، او فصل نهائي.

قضية السيد محمد القرمودي
ضد
شركة الخطوط الملكية المغربية
باسم جلالة الملك
في الشكل:
حيث تقدم الأستاذ محمد الفكاك محام بالدار البيضاء، نيابة عن السيد محمد القرمودي بتاريخ 14/3/1991 بمقال معفى من اداء الرسوم القضائية يستأنف بموجبه الحكم الصادر بتاريخ 26/2/91 عن المحكمة الابتدائية بعين الشق الحي الحسني في الملف الاجتماعي عدد 665/89، والقاضي باداء شركة الخطوط الملكية المغربية له المبالغ التالية:

11360 درهم عن باقي الأجرة
20596  درهم عن العطلة
22557 درهم عن المكافات
329148 درهم عن الاشعار
253100 درهم عن الإعفاء
800000 درهم عن الطرد التعسفي

وحيث ان الحكم المذكور بلغ للمستأنف بتاريخ 8/3/1991 فيكون بذلك الاستئناف قد وقع داخل ثلاثين يوما.
وحيث ان الاستئناف وقع ممن له الحق فيه، وعلى حكم قابل للاستئناف وداخل الأجل القانوني ومعفى من اداء الصائر القضائي فهو مقبول شكلا.

وحيث ان الأستاذ محمد بوزبع محام بالرباط ونيابة عن المستانف عليها شركة الخطوط الملكية المغربية، استأنف هو الأخر الحكم المذكور اعلاه بواسطة مقال مؤدى عنه الصائر القضائي بتاريخ 5/4/1991.
وحيث ان الحكم المذكور بلغ للشركة المستانفة بتاريخ 7/3/91 ويكون بذلك الاستئناف قد وقع داخل الأجل القانوني.
وحيث ان هذا الاستئناف مقبول هو الآخر لتوفره على الشروط المتطلبة قانونا صفة واجلا واداء.

وموضوعا:
1) في المرحلة الابتدائية:
- حيث يستفاد من أوراق الملف والحكم المطعون فيه انه بتاريخ 7/9/1988 تقدم السيد محمد القرمودي بواسطة محاميه بمقال افتتاحي للدعوى يذكر فيه انه كان يعمل لدى المدعى عليها شركة الخطوط الملكية منذ تاريخ 11/6/1961 بصفته مهندسا مسؤولا عن برامج الشركة وتقلد داخلها عدة مناصب الى ان وصل الى آخر درجة بالشركة وهي درجة25 وكان مسؤولا عن شركة صوطورام السياحية وهي تابعة للشركة المدعية عليها كما كان مسؤولا عن تخطيط البرامج والأهداف التجارية للشركة ودراسة الميزانية وإبرام الاتفاقيات الجوية مع الشركات الأجنبية وتحديد بطاقات السفر وبرمجة أسفار الحجاج وبإنشاء عدة خطوط مباشرة منذ 1962 مع عدة دول في العالم وظل على ذلك مدى20 سنة يعمل على راس المصالح التجارية  للشركة الا ان ذلك أثار حقد وحسد بعض ذوي النيات السيئة ففوجئ في ابريل83 بإقحامه في قضية تتعلق باختلاسات نسبت الى بعض المستخدمين وتم استدعاؤه لدى قاضي التحقيق بمحكمة العدل الخاصة كشاهدا أولا ومتابع ثانيا وبتاريخ 27/5/83 تم توقيفه عن العمل في انتظار انتهاء البحث الجاري في القضية وان هذا ألحق به ضررا بالغا وقد التمس في الأخير الحكم له:
بمبلغ : 4356.968 درهم عن الأجرة
مبلغ 368.194 درهم عن الشهر 13
مبلغ 368.194 درهم عن العطلة
مبلغ 368.194 عن الإشعار
مبلغ 656.375 درهم عن الإعفاء
مبلغ 500.0000 درهم عن الطرد التعسفي
والنفاذ المعجل والصائر والفوائد القانونية
وبعد الإجراءات المسطرية المتخذة من طرف قاضي الدرجة الاولى وعدم نجاح الصلح اصدر الحكم المذكور منطوقه صدره معتمدا على الحجج والعناصر التالية:

خبرة حسابية منجزة من طرف الدكتور محمد الطاهري  ووثائق أخرى مدلى بها والحكم المذكور موضوع الطعن بالاستئناف من طرف الطرفين معا.

2) في المرحلة الاستئنافية:
حيث جاء في اوجه استئناف المستانف السيد محمد القرمودي بواسطة دفاعه ما ملخصه.
بعد ان ذكر بوقائع القضية المشار إليها أعلاه
ان الشركة المستانفة برسالتها المؤرخة في 27/5/1983 أوقفت العارض عن عمله في انتظار نتيجة البحث الجاري ومفاد ذلك انه لا يمكن ان يستأنف عمله ما لم يدل بحكم يثبت براءته وكم يستفاد ذلك أيضا من المحضر وقد بقيت الشركة متمسكة موقفها بعدم إرجاع العارض الى عمله رغم إدلائه بشهادة من محكمة العدل الخاصة تفيد ان البحث قد توقف نهائيا وبرسالة من السيد وزير العدل تخبره بان صاحب الجلالة قد متعه بعفوه الشامل، والشركة تصرفت وكأنها ادارة عمومية الا أنها لم تحترم موقفها هذا عندما رفضت إرجاع العارض الى عمله والمحكمة الابتدائية عندما رفضت الحكم على الشركة بإرجاع المستانف العارض الى عمله مع صرف مرتباته وتعويضاته المستحقة له منذ 27/5/83 قد جانبت الصواب مع ملاحظة ان الشركة لم تقم في من الأيام بطرد المستانف من عمله والمحكمة هي التي اختلقت هذه الواقعة من نفسها.

وانه تطبيقا لقانون الشغل فانه لا يمكن إيقاف المستخدم عن عمله الا في حالات خاصة منها وارتكابها لخطأ جسيم، وبذلك فان مجرد متابعته او إجراء بحث قضائي في شانه لا يخول للمشغل حق توقيفه في انتظار نتيجة المتابعة او البحث بل يتعين على المشغل الاحتفاظ به الى حين صدور حكم قضائي نهائي تطبيقا للفصل 6 من قرار23/10/48 وانه بالتالي وبناء على الفصل المذكور كان على المحكمة ان تحكم بإرجاع المستانف الى عمله وعندما اعتبرته مطرودا تعسفيا دون بيان السبب الذي جعلها تختار المسلك قد ارتكبت خطا. أخطأت عندما اعتقدت ان المستانف قد طالب ابتدائيا الحكم بإرجاعه الى عمله وبالتعويض عن الطرد التعسفي في نفس الوقت والحال انه لم يطالب بالتعويض عن الطرد الا بصفة احتياطية وفي حالة عدم اقتناع المحكمة بضرورة إرجاعه الى عمله.

وفيما يخص الخبرة الحسابية فقد أبدى العارض ملاحظاته بشأنها واعتبره صالحا من حيث المبدأ مع تدارك الأخطاء المرتكبة فيما يخص الامتيازات التي اغفل احتسابها مما يتعين اعتبار ان معدل أجرة العارض هو: 45134 درهما، وقد التمس المستانف في الأخير.

إلغاء الحكم الابتدائي والحكم من جديد على الشركة المستانف عليها بإرجاع السيد محمد القرمودي الى عمله اعتبارا من27/5/83 تحت غرامة تهديدية قدرها 10.000 درهم عن كل يوم تأخير وان تصرف له منذ نفس التاريخ الى يوم الالتحاق مجموع اجره وعطلته السنوية والشهر الثالث عشر على اساس أجرة شهرية معدلها 45134 وتعويض عن الضرر المعنوي قدره 500.000 درهم.

واحتياطيا تحميل المستانف عليها كامل مسؤولية فسخ العقد فسخا تعسفيا ابتداء من 5/5/89 وهو تاريخ تحرير المحضر الرسمي المتضمن رفض الشركة إرجاع المستانف الى عمله، والحكم عليها بادائها للمستأنف المبالغ التالية:
3339929 درهم عن الأجرة من ابريل83 الى مايو89
270805 درهم عن الشهر الثالث عشر من المدة المذكورة
270.805 درهم عن العطلة السنوية عن المدة المذكورة.
128.622 درهم عن الإعفاء بأقدمية27 سنة
5000.000 درهم عن الطرد التعسفي
5000.000 درهم عن الضرر المعنوي

وتحميل المستانف عليها الصائر
وحيث جاء في اوجه استئناف المستانفة شركة الخطوط الملكية المغربية بواسطة دفاعها ما ملخصه:

ان المستانف عليه كان يشتغل لدى العارضة كمدير تجاري وانه في سنة1983 وقعت متابعته من طرف قاضي التحقيق لدى المحكمة العدل الخاصة في ملف جنائي كان يتعلق بوقائع إجرامية منسوبة الى متهمين اخرين كانوا يعملون بنفس الشركة وتم اعتقاله لمدة 13 يوما وعلى اثر ذلك كانت العارضة مضطرة الى توقيفه حسب رسالتها اليه المؤرخة بـ 27/5/1983، وان المستانف عليه لم يطعن في هذا القرار واصبح بذلك قرارا نهائيا ريثما يصدر حكم المحكمة في الموضوع/ وانه بتاريخ 27/4/84 تقدم المستانف عليه يطلب إحالته على التقاعد المبكر الا ان الشركة لم تتمكن من البث فيه آنذاك وأبلغته في الحين انها ستحتفظ به ريثما يصدر قرار المحكمة المتعلق بالمتابعة الجارية ضده.

وبعد مرور اكثر من5 سنوات من صدور قرار التوقيف تقدم بتاريخ 7/9/88 بطلب يطلب فيه الحكم على الشركة بادائها له مبالغ عن الأجرة وتعويضات اخرى مختلفة.

وان الشركة كما اطلعت على رسالة السيد وزير العدل والمتضمنة ان المستانف عليه تمتع بالعفو الملكي قبل صدور الحكم في القضية اتخذت قرارها فيما يخص طلب الإحالة على التقاعد المبكر الذي سبق ان تقدم به بتاريخ 27/4/1984 وذلك بمقتضى رسالة مؤرخة في 26/5/89 والمتضمنة قبول طلبه هذا مع تمكينه من جميع الحقوق التي يخولها لها القانون في مثل هذه الحالة الا ان المستانف عليه رفض ذلك مع العلم ان ذلك كان بناء على طلبه المشار إليه والذي لم يتراجع عنه ولم يسحبه وان الشركة العارضة أجابت على المقال المدعى بان حقيقة النزاع المطروح مع المستانف عليه لا يتعلق بالطرد التعسفي  وانما الأمر ينصب على قبول الشركة لطلب المدعي الرامي الى إحالته على التقاعد المبكر، وهذا الموقف أكده الوكيل القضائي في مذكرته الجوابية مضيفا الى ان قرار العفو لا يمكن ان يلحق ضررا بالغير طبقا للفصل27 من ظهير النقل المؤرخ في 6/2/1988. 
لكن المحكمة سايرت اتجاه المستانف عليه من كون قرار 27/5/1983 تعتبر تصرفا تعسفيا ورتبت عليه الحكم بالتعويضات المذكورة في حين ان المستانف عليه لم يطعن في القرار المذكور داخل الأجل القانوني وفق للفصل 6 من ظهير23/10/1948 كما ان المحكمة أقرت بثبوت الفسخ لعقد العمل دون إجراء أي تحقيق في ظروف انهاء العقد ومدى صحة المبرر الذي استندت اليه الشركة العارضة وفق ما ينص عليه الفصل754 من ق. ل.ع ولم تكتف المحكمة بالحكم بالتعويض عن الفسخ التعسفي المزعم بل حكمت بتعويض عن الانهاء او ما سمته بالإعفاء في حين انه لا يمكن الجمع بين هذا التعويض لان التعويض عن الإنهاء يرتبط بالعقد المحدود المدة والذي يقع فسخه قبل انتهاء مدته طبق الفصل1240 من ق. ل.ع.

وهكذا يكون الحكم قد قضى بتعويضات لا تستند على أي اساس من القانون.
وان العفو الصادر لفائدة السيد القرمودي تم خلال سريان الدعوى العمومية فانه  يشمل الجريمة التي صدر من اجلها فقط ويترتب عن ذلك، ان العفو لا يمس حقوق الشركة وان الضرر اللاحق بها يتولد عنه حق مكتسب في التعويض للشركة وان سقوط الدعوى العمومية بالعفو لا يمنع الشركة المتضررة من رفع دعوى بطلب تعويض امام المحكمة كما ان سقوط الدعوى العمومية بالعفو لا يمكن ان يمس بالقرارات التأديبية التي يمكن ان تكون قد صدرت أي قبل العفو او بعده ولا يؤثر في صحة وحجية هاته القرارات، وعليه فان صدور العفو لا يمحي الضرر الحاصل للشركة مما يجعل الخلاصة التي انتهت اليها المحكمة في حكمها من انتفاء حصول الضرر للشركة وأضافت الى ذلك انتفاء الخطأ الجنحي لا تستند على اساس صحيح والواقع انه لا ارتباط بين تجميد التحقيق وانعدام الخطأ ولا  ارتباط ايضا بين العفو وانعدام الخطأ او الواقعة الإجرامية لان العفو الملكي لا يمكن ان يكون منصبا على جريمة غير موجودة او منعدمة اصلا والخطأ الجسيم مرتبط بوقائع هذه القضية والتي ما تزال تحفظها وثائق الملف والحكم الابتدائي اشار الى إثباته بإحدى وسائل الإثبات القانونية الا ان المحكمة كونت قناعتها دون ان تبحث الاسباب التي ارتكز عليها قرار الشركة لانها استبعدت اصلا وجود الخطأ بمجرد صدور العفو الا انه يدل على  ان هناك وقائع صحيحة وموجودة يجرمها القانون ألحقت ضررا بالشركة وهذا يكون خطا جسيما مهنيا والشركة مستعدة اذا لم يكن هذا كافيا ان تدلي بكل الوثائق الادارية والحسابية التي تتوفر عليها للبرهنة على وجود الاضرار اللاحقة بها.

هكذا يتبين ان ما انتهت اليه المحكمة فيما يخص عدم ثبوت الخطأ غير صحيح كذلك ولا يستند على أي منطق مقبول قانونا وواقعا، ثم ان المدعى المستانف عليه لا ينكر انه تقدم بطلب احالته على التقاعد المبكر حسب رسالته المؤرخة في 27/4/84 ولم تستطع الشركة البث في هذا الطلب الا بعدما عرفت نهاية القضية الجنائية بصدور العفو الملكي الذي انهى الدعوى العمومية، وباستجابة الشركة لطلبه هذا، لم يعد هناك أي نزاع بينها وبينه وكانت تعتقد انه سيقع حد للدعوى التي رفعها في مواجهتها الا ان المحكمة استبعدت ذلك بدعوى ان الاستجابة لطلب الإحالة على التقاعد لم يتم الا بعد مضي خمس سنوات لكن الشركة كما هو معلوم كانت مضطرة الى انتظار نهاية المتابعة الجارية امام المحكمة وهي لا تتحمل مسؤولية تاخرها في مرحلة التحقيق.

وفي الأخير فان العناصر التي وقع الاعتماد عليها في تحديد الأجرة الشهرية غير صحيحة لان الاجر الشهري بما في ذلك الامتيازات والتعويضات لا يتعدى 731 24 درهما كما ان حساب التعويضات عن العطلة هو:
15104 درهما وليس 20596 درهما، والعارضة مستعدة لتوضيح كل ذلك في حالة منازلة الطرف الآخر، وقد التمست الشركة المستانفة في نهاية المطاف قبول استئنافها شكلا وموضوعا الغاء الحكم الابتدائي والحكم برفض دعوى المدعى وتحمله الصائر.
وحيث أدلى الأستاذ الفكاك نيابة عن المستانف محمد القرمودي وجوابا عن مقال استئناف الشركة بمذكرتين لا يختلف مضمونها عما جاء في مقاله الاستئنافي موضحا انه رفع دعواه ضد الشركة عندما رفضت إرجاعه الى عمله ولان الامر يتعلق بالتوقيف عن العمل على شرط التحقيق في امر المتابعة لا بالطرد التعسفي وان تعويض الإعفاء منظم بمقتضى مرسوم 14/8/1967 وعن مفعول قرار العفو الملكي فقد اجاب عنه الحكم الابتدائي وان ما تدعيه الشركة من الاختلاس هو مجرد تلفيف للتخلص من المستانف وهي تعلم انه لم يختلس منها ولو سنتيما واحدا ولا تملك الحجة على انه اختلس من أموالها أي شيء، وعن الإحالة عن التقاعد فان حديثها في هذا الموضوع لا يتسم بالجدية الكافية ولا يرقى الى مستوى المناقشة وقد التمس في الأخير الحكم وفق مقاله الاستئنافي.

وحيث ان الأستاذ محمد بوزبع نيابة عن الشركة المستانفة ادلى هو الأخير بمذكرة جوابية عن مقال استئناف المستانف ذكر-  فيها ان هذا الأخير لم يأت بأي جديد عما طرحه في المرحلة الابتدائية مؤكدة في الاخير عريضتها الاستئنافية وحيث أحيل الملف على النيابة العامة فالتمست ضمن مذكرتها الكتابية تاييد الحكم الابتدائي مع إرجاع التعويضات المحكوم بها لفائدة المدعى الى حدود معقولة.

المحكمة:
حيث انه باطلاعها على أوراق الملف ومذكرات الأطراف ودفوعاتهم ابتدائيا واستئنافيا يتبين ما يلي:

1) ان الشركة المستانفة أوقفت أجيرها المستانف عليه بتاريخ 27/5/83  اثر متابعته من طرف قاضي التحقيق لدى محكمة العدل الخاصة.
2) ولهذا رفضت إرجاعه الى عمله رغم إدلائه لها بما يفيد توقيف التحقيق في القضية المتابع من اجلها اولا وبما يقيد تمتيعه العفو الملكي الشامل بعد ذلك.
3) ان الأجير المستانف عليه تقدم لمشغلته بعد توقيفه بنحو سنة بطلب إحالته على التقاعد المبكر وان الشركة لم تبث فيه الا بعد تمتيعه بالعفو الملكي حسب قولها وبعد مرور اكثر من أربع سنوات على تقديمه.
4) وان معدل أجرة الأجير الشهرية هي 429 27 درهما بناء على الخبرة الحسابية المنجزة من طرف الدكتور الطاهري الذي اعتمد في احتسابها ما توصل به الأجير من مشغلته خلال 12 شهرا السالفة عن  توقيفه وبعد اطلاعه على مختلف بطائق الأجور والتي اشمل العناصر التالية:

الأجرة الأساسية
مكافأة السكنى
مكافأة الإنتاج
مكافئة المعيشة
مكافئة التسيير
المكافأة السنوية
مكافأة تكميلية وتهم أجرة الحارس
مكافأة التمثيل
مكافأة تعويض الضريبة على الأجور
التعويضات العائلية
مكافئة عيد الفطر
مكافأة عيد الأضحى
مكافأة عاشورا
مكافأة المدرسة ان أربعة أولاد
مكافأة عن السيارة 
مكافأة عن الهاتف
مكافأة في صندوق الضمان الاجتماعي

5) وان الأجير المستانف لم يدل بما يخالف ما جاء في تقرير الخبير المذكور مما يتعين اعتماد معدل الأجرة المذكورة.
6) وان الشركة المستانفة شركة تجارية تتمتع بامتياز من الدولة في ميدان النقل الجوي كما ان الدولة مساهمة فيها وبالتالي فانها تخضع لمقتضيات ظهير9/7/62 المتعلق بالنظام الاساسي لموظفي مختلف المقاولات وكذا مرسوم 14/11/1963 المتعلق بتحديد القواعد العامة المطبقة على موظفي مختلف المؤسسات تنفيذا للظهير المذكور.
7) وان الشركة بامتناعها عن إرجاع اجيرها الى عمله لم تحله على المجلس التأديبي للنظر في قضيته وما نسب اليه.

وحيث ان امتناع الشركة المشغلة عن إرجاع اجيرها الى عمله يعد ان أوقفته طيلة5 سنوات لا يمكن ان يفسر الا انه قرار بالطرد وان ما تتضرع به من كونها كانت مضطرة الى توقيفه اثر متابعة جنائيا من طرف قاضي التحقيق لدى محكمة العدل الخاصة ومن كونها ليست طلبه الرامي الى احالته  على التقاعد المبكر لا يستقيم من ناحيتين.

1) لان الشركة ادرى من غيرها فيما يخص الأخطاء المرتكبة من طرف اجيرها وتملك وسائل اثباتها قبل غيرها وقرار الفصل او عدمه يرجع بالأساس اليها وحسب اقتناعها ويبقى بعد ذلك للقضاء وفي حالة النزاع ان يؤيدها في قرارها المتخذ او برفضها.
2) وان طلب الإحالة على التقاعد المبكر والاستجابة له من طرف المشغلة بعد حوالي أربع سنوات لا يعتد به لان مطالبة الأجير رجوعه الى عمله بعد تقديم طلبه ذلك يعد ترجعا وتنازلا عنه بالاضافة الى ان العلاقة الشغلية الرابطة بين الطرفين تعتبر من الناحية القانونية مفسوخة منذ تاريخ التوقيف وفق ما ذكر. وحيث ان المشغلة من جهة أخرى تتمسك بان أجيرها المستانف عليه الحق بها ضرار وأنها تملك الوثائق  اللازمة والحجج لإثبات ذلك وان  العفو الملكي الذي تمتع به وان محامي الدعوى العمومية فانه يؤكد وجود أفعال مادية ضارة بالشركة لا جدال فيها لان العفو لا ينصب على جريمة لا  وجود لها. لكن حيث ان الشركة وهي  تتمسك بهذا الدفع  تقرر ضمنيا أنها استغنت عن أجيرها وهو ما استنتجته المحكمة سابقا فان الشركة وبحكم خضوعها لمقتضيات ظهير12/7/62 ومرسوم 14/11/63 المشار إليها لم تدل بما يفيد إحالة المستانف عليه على المجلس التأديبي للشركة لينظر فيما نسب اليه وعلى ضوء قرار المجلس المذكور يمكن لمدير الشركة اتخاذ قرار الطرد وذلك وفق الفصل 50 وما بعده من المرسوم المذكور.

وحيث ان الشركة بعدم سلوكها هذا الإجراء الذي يعد اجراء جوهريا يضفي وحده على الفصل المتخذ صبغة الطرد التعسفي وبالتالي لا موجب لإجراء بحث في النازلة حول ما نسب الى الأجير من الاختلاس كوقائع مادية صرفة لا علاقة لها بالدعوى العمومية وإجراءاتها والتي سقطت بالعفو الملكي الشامل.

وحيث يتجلى من هذا كله ان الأجير المستانف عليه وقع طرده من طرفه مشغلته المستانفة طردا تعسفيا يستحق عنه التعويض المناسب عما لحقه من أضرار نتيجة ذلك.
وحيث انه لئن كان كل أجير لا يستحق أجرته لقاء ما قدمه لمشغلته من خدمات ( الأجر مقابل العمل ) فانه في حالة توقفه عن العمل يكون مستحقا قانونا وقضاء اجره كاملا او جزء منه تقدره المحكمة حسب الظروف في الحالات التالية:
1- ان يكون توقف العمل لا دخل للأجير فيه اصلا مثل عطب أصاب محرك الآلة او الشاحنة التي يعمل بها وان يكون مع ذلك قد وضع خدماته رهن إشارة مشغله ولم يؤجرها لمشغل اخر( الفصل 735 من ق. ل.ع).
2- ان يكون توقف الأجير عن العمل بسبب خطا نسبه اليه مشغله ويتراجع هذا الأخير عن موقفه ويقرر إرجاعه الى عمله ويقبل ذلك الأجير فانه يستحق أجرته عن مدة التوقف ولا عبرة بعد ذلك لقرار المشغل اول الأمر هل هو يتوقف مؤقت ام طرد نهائي.:
3- ان تقرر المحكمة المرفوع اليها النزاع ان فصل الاجير يكتسي طابع التعسف وتقرر مع ذلك ورعيا لمصلحته إرجاعه الى عمله فانه يستحق أيضا أجرته عن مدة التوقف ولا عبرة أيضا بقرار المشغل هل هو توقيف مؤقت او طرد نهائي.

وهكذا اذا بقي المشغل متمسكا بموقفه من عدم إرجاع الأجير الى عمله او لم  تقرر المحكمة ذلك فان الأجير لا يستحق اجرا عن مدة التوقف مستقلا عن تعويض الطرد التعسفي وقد استقر الاجتهاد القضائي على ذلك.
وحيث ان الشركة المستانفة تمانع في إرجاع أجيرها الى عمله والمحكمة ورعيا لمصلحته ترى عدم الاستجابة الى طلبه الرامي الى إرجاعه الى عمله وترى العدول عنه الى الحكم بالتعويض عن الطرد التعسفي.
وحيث ان ما يطالب به الأجير من أجرة طيلة مدة توقفه ليس لما يبرره بناء على ما ذكر اعلاه.
وحيث انه استنادا الى ظروف الأجير الاجتماعية والمدة التي قضاها في خدمة مشغلته والأجر الذي كان يتقاضاه منها على نحو ما هو مذكور في الوقائع والخبرة الحسابية المشار اليها فان ما يستحقه من تعويضات عن الطرد التعسفي تحدده المحكمة وتقرره  كما يلي:

مبلغ 11.360 درهم عن باقي الأجرة
مبلغ 20.596 درهما عن العطلة.
مبلغ 22557 درهما عن المكافآت
مبلغ 329148 درهما عن الإشعار أي:

429 27 ×12.
مبلغ 190 253 درهما عن الإعفاء 27429×1920 
208
مبلغ 1000.000 درهم عن الطرد التعسفي

وحيث ينبغي لذلك كله تاييد الحكم المستانف في جميع ما قضى به مبدئيا مع تعديله وذلك برفع تعويض الطرد الى المبلغ المذكور.
وحيث ينبغي الطرفين الصائر بالنسبة.

لهذه الاسباب
ان محكمة الاستئناف وهي تقضي علنيا حضوريا انتهائيا (1).
شكلا:
قبول الاستئناف
وموضوعا:
وفي الموضوع بتأييد الحكم المستانف الصادر بتاريخ 26/2/91 في الملف الابتدائي عدد 665/89 مبدئيا مع تعديل وذلك برفع تعويض الطرد الى مبلغ مليون درهم (1000.000) مع تحميل الطردين الصائر بالنسبة.

بهذا صدر القرار في اليوم و الشهر والسنة أعلاه بالقاعة العادية للجلسات بمقر محكمة الاستئناف بالدار البيضاء دون ان تتغير الهيئة الحاكمة أثناء الجلسات.

تعليق بقلم الأستاذ محمد انيق المحامي بالدار البيضاء

يكتسي هذا القرار اهميته، من كونه لا يقف عند نوع شركة الخطوط الجوية الملكية ـ بوصفها شركة مساهمة، وشركة تجارية، بل ينظر الى طبيعة المجال الذي تتدخل فيه، والمتعلق بالطيران الجوي الداخلي والخارجي.
وللتذكير… فان الخطوط الجوية الملكية أبرمت مع الحكومة المغربية اتفاقية تتخلى فيها هذه الاخيرة عن الاستغلال المطلق والحقوق في هذا المجال، مما يسند لها احتكارا في هذا الباب.

ان هذه الاتفاقية التي أبرمت في فاتح يوليوز1957 غداة استقلال المغرب، وتمت المصادقة عليها  بظهير 16 اكتوبر1957،اقتضت تحويل الخطوط الجوية الملكية التي هي بطبيعتها شركة مساهمة، الى مؤسسة ذات امتياز بمرفق عمومي في مرافق الدولية، تحظى علاوة على ذلك باحتكار في مجالها.

وتجدر الإشارة الى انها كانت تطبق في علاقاتها مع مستخدميها النظام الجاري به العمل في المؤسسة المماثلة بفرنسا، شانها شان قطاعي الفوسفاط والسكك الحديدية.

وبمقتضى ظهير19 يوليوز1962 المتعلق بنظام مستخدمي بعض المؤسسات، كانت الشركة مدعوة الى بلورة نظام أساسي لمستخدميها.

على انه في انتظار ذلك يظل المرسوم الصادر بتاريخ 14 نونبر1963، أرضية للنظام المنتظر لكونه سن قواعد خاصة بشان عناصر الاستخدام والأجر والترقية والتأديب.
وإذن يعتبر النصان معا بمثابة النظام النموذجي للمؤسسات العمومية، وشركات الدولة، والمنشات ذات الامتياز والمتمتعة باحتكار رسمي.

وان أحكام هذين النصين تختلف عن القواعد المطبقة على مأجوري القطاع الخاص، ومنها النظام التأديبي الذي اقر انطلاقا من الفصل50 من مرسوم 14 نونبر1943، وجعل في سلوك مسطرة انعقاد المجلس التأديبي اجراءا جوهريا يضفي غيابه على طرد الأجير صفة التعسف.

ان مقارنة لهذا القرار بقرار الغرفة الادارية للمجلس الاعلى عدد 96 الصادر بتاريخ 30 يونيو1985 في الملف الإداري 5676 والمنشور بالعدد41 في هذه المجلة صفحات 96 الى 99 بشان الفصل الذي اتخذه المدير العام للمكتب المستقل للنقل العمومي بالبيضاء، والذي اعتبر من خلاله المجلس الاعلى ذلك القرار بكونه إداريا يخضع لمراقبته، وأوجب تمكين الطالب بصفة فعلية من الاطلاع على ملفه التاديبي، عملا بضرورة احترام حقوق الدفاع، ورتب عن غياب ذلك إلغاء قرار الطرد لاتسامه بالشطط في استعمال السلطة.

فقرار محكمة الاستيناف الذي نحن بصدده، يكتسي أهميته من كون يطبق المقتضيات الافيد للأجير، بإعطاء هذا الأخير ضمانات الدفاع امام المجلس التأديبي.

وان الاستغناء عن عقد هذا المجلس، هو الذي حدا بمحكمة الاستيناف الى عدم إجراء البحث الاعتيادي الذي تجريه المحاكم بصفة روتينية في بعض الاحيان، حول ظروف وأسباب الطرد، وذلك نتيجة عدم توافر الإطار الخاص الذي يجب ان يقع فيه هذا البحث، وهو انعقاد اللجنة التأديبية.

ان قرار محكمة الاستيناف هذا، يكتسي أهمية راهنية في ضوء مصالح شغيلة المؤسسات العمومية، وشبه العمومية في أفق تفويت عدة وحدات من القطاع العام، للقطاع الخاص، وهي العملية المصطلح على تسميتها بالخوصصة.

*مجلة المحاكم المغربية، عدد 65-64، ص 160.

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : اجتهادات قضائية