الاستاذ
محمد الهيني
ملحق
قضائي
تقديم
ان التطور
العلمي والتكنولوجي الحاصل في جميع
المستويات ادى الى وجود
عدة تخصصات تقوم
على التقنية، مما جعل من المستحيل
جدا على غير المتخصصين اصحاب
الميدان الالمام بها
ـ ولما كان
القاضي وهو يقوم
بمهمة الفصل بين المتخاصمين للبث في نزاع معين قد يكتسي شيئا من
التعقيد والتفرغ للتخصص، خاصة وان ولايته العامة او الخاصة تستدعي منه البث
في مختلف الفروع العلمية، لان المتقاضين
تختلف مجالات عملهم وعلمهم، ولما كان
عليه كذلك حسم النزاع حتى لا يقع تحت طائلة انكار
العدالة، ونظرا لعدم المامه بهذه المجالات التي تعرف يوما بعد يوم تطورا لا نظير
له، فان القاضي يحتاج الى شخص يطلق علية اسم "الخبير" "Expert "
لاماطة اللثام عن
المسائل الواقعية والفنية لموضوع
الخبرة وجلاء ما غمض منها حتى يبث القاضي انطلاقا مما هو ثابت علميا ليريح ضميره
ويحقق العدالة المنشودة .
وتتميز الخبرة في
هذا الشان عن بقية وسائل الاثبات بطابعها العلمي
بشكل يجعلها تحتل
مكانة مرموقة في
ظل نظام الاثبات الذي يزاوج بين
الحقيقة الواقعية والحقيقة العلمية.
وينصح المختصون
بالشان العلمي والقانوني والقضائي بايلاء اهمية قصوى للاثبات العلمي خاصة وان
مختلف الابحاث العملية في العديد من الفروع قد عرفت نجاحا مهما بشكل يستدعي
الاستفادة منها لخدمة الحقيقة
القانونية والقضائية، وهنا اتذكر
مقولة استاذنا سعيد الواهلية في دروسه في الطب الشرعي حينما قال كعنوان لدروسه
"وسيلة الاثبات يجب ان تكون علمية"(1).
ومن المفيد
الاشارة الى ان المشرع المغربي بمقتضى ظهير 26 دجنبر ادخل تعديلات على الفصول 59
الى 66 المنظمة للخبرة في قانون المسطرة المدنية، مما يجعل دراستنا هاته عبارة عن
محاولة قراءة الجديد في هذا الظهير واجراء
مقاربة تقييمية عل ضوء الاشكاليات التي تثيرها هذه النصوص، وسنعالج ذلك في مبحثين
على الشكل التالي :
المبحث الاول :
مضموم الحكم القاضي بالخبرة واشكايته.
المبحث الثاني : الاثار القانونية للخبرة.
المبحث
الاول : مضمون الحكم القاضي بالخبرة واشكالياته.
مجال
الخبرة :
اذا كان الاصل في
الخبير الا يتطرق لبحث المسائل القانونية
مادام ان مجال عمله يقتصر على بحث المسائل الواقعية والفنية لموضوع الخبرة، فانه
اسثنناء يجوز له بحث النقاط القانونية ونستدل على ذلك انه في اطار القانون الدولي
الخاص يجوز تعيين خبير للبحث عن القانون الوجب التطبيق حسب قاعدة الاسناد.
كما انه في اطار
قانون الجنسية (فصل 36) لتفسير الاتفاقيات الدولية المتعلقة بها ينبغي طلب المشورة
من وزير
الخارجية (2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - د.
سعيد الواهلية دروس غير منشورة القيت على السادة الملحقين القضائيين فوج 28 سنة 99
- 2000
2 - د.
موسى عبود الوجيز في القانون الدولي الخاس المغربي- المركز الثقافي المغربي -
بيروت -
لبنان ظ 1994
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد جاء في قرار
للمجلس الاعلى بتاريخ 30/05/92 "ان مهمة الخبير الذي تعينه المحكمة تنحصر في
جلاء امر تقني يرى الاطلاع عليه ضروريا للفصل في النزاع المعروض عليه، اما
الاجراءات التي تتعلق بالقانون كمعرفة الارض المتنازع عليها هل هي من الاملاك
الخاصة او من املا ك الدولة او الجماعات وهل المدعون يتصرفون في الارض عن طريق
المنفعة او الاستغلال فقط او عن طريق التملك فهذه كلها اجراءات قانونية من صميم
اعمال القاضي الذي لا يجوز ان يتنازل عنها للغير او يفوض النظر فيها اليها، وان
المحكمة التي اعتمدت على خبرة من هذا النوع تكون قد جردت قضاءها من الاساس
القانوني وعرضته للنقدض(3).
وجاء في قرار اخر
صادر بتاريخ 6 يونيو 1990 "العدول ليسوا خبراء ومهمتهم منحصرة في تلقي
الشهادات لما ابعدت المحكمة خبرة العدلين لاثبات الاعتداء على عقار فانها طبقت
القاعدة الفقهية المتضمنة بكون الخبراء من اهل المعرفة و البصر هم المؤهلون
بمعاينة واقعة ما بحكم اختصاصهم(4).
كما ان
"تكييف الرابطة بين الخصوم مسالة قانونية لا يجوز للخبير التطرق اليها ولا
المحكمة النزول عنها وصف العلاقة بين الخصوم بانها تاجير من الباطن وليست مشاركة
في الاستغلال، اعتداد المحكمة بالتقرير دون ان تعرض باسباب مستقلة لتكييف العلاقة
خطا وقصورا(5) " الفصل في
الملكية لا يجوز للخبير التطرق اليها، اعتماد الحكم على تقرير خبرة في هذا الصدد
خطا وقصور"(6).
ومن نافلة القول الى ان القاضي غير ملزم
باجراء خبرة الا اذا كانت الوقائع المراد اثباتها متعلقة بالدعوى ومنتجة فيها
وجائز قبولها واستعصى عليه حل كنهها، وفي هذ الشان صدر قرار للمجلس الاعلى بتاريخ
17 يونيو 92 جاء فيه" من حق المحكمة بل من الواجب عليها الرجوع الى وثيقة
قدمت اليها بصفة قانونية لمعرفة مضمونها ما دامت قد آنست من نفسها القدرة على
فهمها دون الاستعانة بمترجم ما دام ان اللغة العربية مطلوبة في المرافعات وتحرير
المذكرات لا في تحرير العقود والاتفاقيات" (7) حسب ما جاء في ظهير 65 المتعلق بمغربة وتوحيد وتعريب
القضاء.
وقد ذهبت المحكمة الابتدائية بالحسيمة في
حكم لها بتاريخ 25/04/2000 " وحيث ان طلب اجراء خبرة لا سند له، ذلك ان
الخبرة من اجراءات التحقيق وليس من شانها ان تكون وسيلة لصنع دليل للمدعين على
قيام اتفاق يدعونه" (8).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3- قرار غير
منشور رقم 1375 اشار اليه ذ.عبد العزيز توفيق في مؤلفه شرح قانون المسطرة المدنية
والتنظيم القضائي
معلقا عليه باحكام محاكم النقض العربية الى
غاية 1995 الجزء الاول مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء طبعة
1995 صفحة 185.
4- قرارات المجلس الاعلى،
منشورات المجلس الاعلى في ذكراه الاربعين في المادة المدنية ص 152.
5- طعن مصري رقم 69 جلسة
13-12-1980 مشار اليه عند ذ.عبد العزيز توفيق مرجع سابق ص 187
6- نقض مصري
8/4/1981 طعن رقم 1860 لسنة 47 قضائية، اشار اليه الاستاذين عز الدين الديناصوري
وحامد عكاز
في التعليق على قانون الاثبات طبعة 4/89 ص
646
7- مجلة المحاكم المغربية عدد
67 ص 124 وما بعدها.
8- حكم غير منشور رقم 116 ملف
201/99
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قد جاء في الفصل 59 ق.م.م على انه
"يحدد القاضي النقط التي تجري الخبرة فيها في شكل اسئلة فنية لا علاقة لها
مطلقا بالقانون، يجب على الخبير ان يقدم جوابا محددا وواضحا على كل سؤال فني، كما
يمنع عليه الجواب على أي سؤال يخرج عن اختصاصه الفني وله علاقة بالقانون.
وربما فان الصيغة الجديدة لهذا الفصل يعاب
عليها منح الخبير امكانية مناقشة سلطة القاضي في اعتبار الخبرة لها علاقة بالقانون
من عدمه، لكن دون اغفال ايجابية التركيز على وضوح الخبرة وتحديد نطاق اختصاصها
بصفة دقيقة.
ندب الخبير
تعيين الشخص المعنوي كخبير في التشريع
المغربي
يذهب بعض الفقه(9)
الى ان المشرع المغربي اشترط في التسجيل بالجدول عدة شروط يتبين منها ان
خبير القانون المغربي شخص ذاتي فقط (نسخة رسم الولادة)، لكن من وجهة نظرنا نعتقد
انه يمكن تعيين الشخص المعنوي كخبير في اطار الخبرة الحسابية ظهير 8 يناي 93 اذ
سمح للخبراء بانشاء شركات اشخاص او اموال
لقصد مزاولة مهنة الخبرة المحاسبية، رغم انه ليس هناك ما يمنع باقي الخبراء
بانشاء شركة في ما بينهم مع التقدم بطلب
الترشيح للتقييد في الجدول، ويظهر ان بعض التشريعات المقارنة تجاوزت الاشكال
كالمشرع الفرنسي الذي اجاز تعييين الشخص المعنوي كخبير.
تعيين الشخص الاجنبي كخبير في التشريع
المغربي.
بالرجوع لقرار وزير العدل الصادر في 28
ماي 1996 المحدد لتاليف وشروط تسيير اللجنة المشار اليها في ظهير 30 مارس 1960 في المادة 5 انه يجب
على المرشح ان يدلي بشهادة الجنسية مما يفيد ان المشرع يشترط تعيين الخبير المغربي
الجنسية، وقد تم تبرير ذلك بكون الوطني اكثر اخلاصا ووفاء لوطنه من الاجنبي ما دام
انه مكلف بمهمة رسمية، لكن مع ذلك يجوز تعيين اجنبي استثناء خارج الجدول وفي نطاق
الضرورة.
واذا كان القانون المصري يشترط الجنسية
(المادة 18 من قانون 96 لسنة 1952) فان القانون المصري بصدور مرسوم 31 دجنبر1974
الخاص بالخبراء لم يتضمن نصا مماثلا لنص المادة 306 من قانون 1944 الذي كان يشترط
الجنسية الفرنسية، مما جعل الفقه الغالب يعتبر ذلك الغاء للنص القديم(10).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
9 - ذ. محمد المجدوبي، اجراءات
التحقيق في قانون المسطرة المدنية المغربي، مطبعة الكاتب العربي دمشق ص 94.
10 - د. علي الحديدي الخبرة في
المسائل المدنية والتجارية، دار النهضة العربية ص 58 وما بعدها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعيين الخبير عن
طريق دعوى اصلية.
الاصل في الخبرة
ان تكون كمسالة عارضة في اطار دعوى جارية امام محكمة الموضوع، الا انه يمكن طلب
اجراء خبرة عن طريق دعوى اصلية في اطار الفصل 148 او 149 ق. م. م. لتهيئة الدليل مع عد م مساس الجوهر.
وكثير ما يلجا
الى هذه الخبرة سواء في اطار المعاينات او في اطار تحديد الاجر في ظهير حوادث
السير والشغل او في اطار المستعجلات الموضوعية (ظهير 24 ماي 1955 و5
يناير1953) بشان مراجعة قيمة كراء المحلات
المعدة لاستغلال تجاري او صناعي او حرفي. قد جاء في قرار المجلس الاعلى صادر
بتاريخ 12 يناير 1987 "ان دعوى الطاعن لم تكن مقبولة علىالحالة التي قدمت
عليها بموجب مقال اصلي يرمي الى الامر بتعيين خبير وهي وسلية للتحقيق واعداد الحجة
تقرر بصدد دعوى مرفوعة، فلا يجوز اذن بالتالي المطالبة بتعيين خبير بدعوى اصلية
الا اذا كان الامر يتطلب التعجيل في تحقيق امر يستلزم معرفة فنية(11) كما جاء في قرار آخر صادر بتاريخ 30/04/1997
"ان الطلب الرامي الى تعيين خبرة لمعاينة حسابات الشركة لا يخرج عن نطاق اختصاص قاضي الامور
المستعجلة طالما انه اجراء وقتي ولا يمس حقوق المساهمين في الشركة، بل الغاية منه
التثبت من حالتها واجراء تحقيق عليها بعد النزاع اللذي نشب بين المساهمين فيها "(12) وفي هذا الاتجاه ذهبت المحكمة الابتدائية بالحسيمة
في حكم لها بتاريخ 22/02/2000 "حيث ان طلب الخبرة لا يشكل لوحده موضوعا لدعوى مدنية تستهدف البت في نزاع
معين ويكتفى فيه باللجوء الى المسطرة المنصوص عليها في الفصل 148 ق.م.م، كذلك ان
الخبرة ليست سوى اجراء من اجراءات التحقيق المسطرية التي لا يمكن رفع دعوى موضوعية
لذويها الشيء الذي يستدعي التصريح بعدم قبول الدعوى((13)،
لكن من وجهة نظرنا كان ينبغي التصريح بعدم الاختصاص وليس بعدم القبول ما دام ان
رئيس المحكمة يعتبر قضاء قائما بذاته كجهة مختصة.
مدى امكانية
اتفاق الاطراف على تعيين خبير خارج الجدول.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
11- المجلة المغربية للقانون
عدد 14 ص 227 وما بعدها.
12- النشرة الاخبارية
للمجلس الاعلى عدد 4/99 ص 12
13- حكم غير منشور ملف عدد
97/99 رقم 42
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للاطراف الحرية في الاتفاق على تعيين
الخبير اما داخل الجدول او خارجه، اما القاضي فهون ملزم بتعيين، الخبير داخل
الجدول الا في حالة الضرورة الاستثنائية كعدم وجود خبير متخصص في الميدان داخل
الجدول.
هـ - المسائل التي يمنع فيها الخبرة.
ذهب المجلس الاعلى في قرار له بتاريخ
15-09-1981 "لكن ان ما قضى الحكم المطعون فيه يجد اساسه في الفصل 91 م.أ.ش
الذي ينص على ان القاضي يعتمد في حكمه على جميع الوسائل المقررة شرعا في نفي
النسب، وليس من بين هاته الوسائل وسيلة التحليل الطبي، وان ما ينص علية الفصل 76
من المدونة خاص بما اذا بقيت الريبة في الحمل بعد انقضاء سنة من تاريخ الطلاق او
الوفاة لمعرفة ما في البطن هل علة ام حمل،
وبذلك تكون الوسيلة غير مبنية على اساس"(14)
ويعد هذا الاتجاه مخالفة لما تقضي به
الاية الكريمة "يهب لمن يشاء اناثا ويهب لمن يشاء الذكور او يزوجهم ذكرانا
واناثا ويجعل من يشاء عقيما" سورة
الزخرف الاية 46-47.
لكن نجد لمحكمة النقض المصرية راي آخر
عبرت عنه في قرارها الصادر بتاريخ 01-03-1978 جاء فيه "لا يعاب على المحكمة ان هي التفتت عن
اجابة طلب تحليل دمه ودم الصغيرة للمقارنة بينهما،اذ الامر في الاستجابة متروك لتقديرها(15).
و- اشكالية تعيين الخبير قبل التاكد من صحة المقال من
الناحية الشكلية.
ذهب المجلس الاعلى في قرار له بتاريخ 13
ماي 1970" ان محكمة الاستئناف قد خرقت مبدا قوة الشيء المقضي به التي حازها
الحكم التمهيدي الصادر عنها باجراء خبرة للقيام بمحاسبة الاطراف عندما صرحت بعد
ذلك بان المقالين غير مقبولين شكلا"(16).
والملاحظ على هذا القرار هو ان الحكم
التمهيدي لا حجية له بحيث يمكن للمحكمة العدول عما امرت به من اجراءات الاثبات
بحيث انه لا يقيد المحكمة، والنقطة الثانية هي ان محكمة الاستئاف يعاب عليها تعيين
الخبير قبل التاكد من صحة المقال من الناحية الشكلية، ذلك انه لا يمكن كقاعدة
مناقشة الموضوع قبل تصفية الجانب الشكلي فيه، ومخالفة ذلك يترتب عنه ضرر للخصوم
مادي ومعنوي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
14 - قضاء المجلس الاعلى
عدد 30 ص 95.
15 - الاستاذين عز الدين
الناصوري وحامد عكاز، مرجع سابق ص 609
16 - قضاء المجلس الاعلى
عدد 19 ص 35
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تحديد مهمة الخبير.
تتحدد صور الخبرة في ثلاثة انواع :
المعاينة بواسطة خبير.
الخبرة
الاستشارية.
التحقيق الفني
بواسطة الخبير.
وقد حدد هذه
الصور القانون اللبناني والمصري وكذلك الفرنسي.
فالمعاينة بواسطة
خبير تطرق لها المشرع في الفصل 68 من ق. م. م. حينما قال اذا كان موضوع الانتقال
يتطلب معلومات لا يتوفر عليها القاضي امر في نفس الحكم بتعيين خبير بمصاحبته اثناء
المعاينة وابداء رايه، اما التحقيق الفني بواسطة الخبير فهو المقصود بالخبرة
كاجراء من اجراءات التحقيق في ق.م.م المغربي ونشير الى عدم الحديث عن الخبرة
الاستشارية في قانوننا التي تكون عبر تعيين خبير لابداء رايه مشافهة بالجلسة دون
تقديم تقرير ويثبت رايه في المحضر (155 اثبات مصري)
انواع
الخبرات في التشريع المغربي.
الخبرة
الاختيارية.
الاصل في الخبرة
ان المحكمة غير ملزمة باجابة طلب تعيين خبير، وان الامر متروك لسلطتها التقديرية،
قد جاء في قرار للمجلس الاعلى الصادر بتاريخ 7 مارس 95 "يجب على المحكمة ان
تبني حكمها على اليقين فاذا طلب احد اطراف
اجراء تحقيق للتاكد من واقعة ما وكان هذا الاجراء ضروريا للكشف عن الحقيقة فيجب
عليها الرد بشانه اما بقبوله او برفضه بما يكفي(17).
الخبرة
الالزامية.
كالخبرة المجراة
في اطار تحديد نسب العجز لحوادث السير (ظهير 12/10/1984) للامراض المهنية (الفصل
11 من قرار وزير الشغل20/05/1967) بتنفيذ مقتضيات (ظهير 31/05/1943) بالاضافة الى
مسطرة بيع اموال القاصر، وكل البيوع القضائية المجراة من خلال مسطرة المزاد العلني
وايضا دعاوى القسمة.
قد جاء في قرار
المجلس الاعلى الصادر بتاريخ 10/02/1988 (ان عدم استجابة محكمة الاستئناف للطلب
الرامي الى اجراء الخبرة على احدى عينات الحليب الباقية من المادة المشكوك في
امرها يجعل قرارها الصادر معلالا تعليلا مغايرا لروح التشريع الشيء الذي يوازي
انعدام التعليل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
17- مجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 47 ص 134.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويعرض القرار للنقض، ان عدم استجابة
المحكمة لطلب الطاعن الرامي الى اجراء الخبرة يشكل خرقا لحقوق الدفاع يتسبب في نقض
الحكم(18).
الخبرة الودية او الاتفاقية وهي الخبرة
التي تتم باتفاق الاطراف خارج ساحة القضاء.
الخبرة القضائية تتم بامر من القتضاء
بناءا على حكم تمهيدي يحدد النقط التي سوف تجري على اساسها الخبرة.
الخبرة التلقائية وكمثال على ذلك نجد قرار
للمجلس الاعلى صادر بتاريخ 11 نونبر 1989 جاء فيه "ان العرف التجاري البحري
في شان الخبرة التلقائية للتاكد من حالة البضاعة التي يتم افارغها من الباخرة ترجح
في التطبيق على الخبرة القضائية واجراءاتها"(19).
وقد احسن المشرع المغربي صنعا عندما نص
على امكانية الاستغناء على استدعاء الاطراف عند توفر حالة الاستعجال التي تستدعي
التدخل العاجل لمواجهة خطر اندثار الحق اوالتاخير في حمايته واكتشاف حالته لتحقيق
الحماية السريعة المطلوبة.
طرق
الاستدعاء لحضور الخبرة.
ينص الفصل 63 ق.
م. م. "يجب على الخبير ان يستدعي الاطراف ووكلائهم لحضور انجاز الخبرة، يتضمن
الاستدعاء تحديد تاريخ ومكان وساعة انجازها وذلك قبل خمسة ايام على الاقل قبل
الموعد المحدد.
و يظهر من خلال
هذا التعديل ان المشرع لم يوجب الاستدعاء بالبريد المضمون مع الاشعار بالتوصل كما
كان في النص القديم بل ترك امكانية الاستدعاء بجميع الطرق القانونية، وبذلك احال
وبصفة ضمنية على الطرق العادية للتبليغ المنصوص عليها في الفصول 37 و38 و39 ق. م.
م. بالاضافة الى التبليغ عن طريق هيئة الاعوان القضائيين.
وحسنا فعل، ما
دام امر الاستدعاء بجميع الطرق يحقق وجاهية الخبرة وحضوريتها ويصون حقوق
الدفاع، ولا داعي للتشدد في اعتماد طريقة
البريد المضمون التي قد لا تكون متيسرة دائما مثلا (المناطق النائية) لان الطرق الاخرى قد تكون افيد في نتائجها،
وجوهر هذا التعديل يسير مع فكرة الغاية في العمل الاجرائي ايا كانت الوسيلة
المحددة لابلاغه ولتفادي ايضا اشكاليات الطي الفارغ ورجوع الرسائل بعبارة غير
مطلوب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
18 -
مجلة المحاكم المغربية عدد 58 ص 64.
19 -
مجلة القضاء والقانون عدد 142 ص 82.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قد اعتبر المجلس
الاعلى في قراره الصادر بتاريخ 22/07/1998 بان "لمحكمة الموضوع سلطة تاويل
ملاحظة غير مطلوب في التوصل من عدمه"(20)
وبذلك يكون المجلس الاعلى تراجع عن الاتجاه السابق ومنح المحاكم تبعا لسلطتها
التقديرية تكييف عبارة غير مطلوب ما دام ان الامر يتعلق بمسالة موضوع.
ومن المفيد
الاشارة الى انه عند تعدد اطراف النزاع فانه يجب على الخبير استدعاء جميع اطراف
النزاع مهما كان عددهم(21).
فلقد جاء في قرار
لمحكمة النقض المصرية ما يلي : "اذا كانت المادة 146 من قانون الاثبات قد
اوجبت على الخبير دعوة الخصوم في الميعاد المحدد لبدء ماموريته ورسمت له الوسيلة
التي يدعو بها الخصوم وهي كتب مسجلة ورتبت الفقرة الاخيرة منها على عدم دعوة
الخصوم بطلان عمل الخبير الا انه ينبغي التفرقة بين مخالفة حكم هذه المادة بعدم
دعوة الخبير للخصوم اصلا وبين مخالفتها بدعوتهم للحضور بوسيلة اخرى غير الكتب
المسجلة اعتبارا بان مطلق الدعوة للخصم ايا كانت وسيلتها هي اجراء جوهري قصد منه
تمكين طرفي الخصومة من الحضور لدى الخبير والدفاع عن صوالحهم امامه وهي التي يترتب
على مخالفتها وحدها بطلان عمل الخبير، اما حصول هذه الدعوة بوسيلة اخرى فهذا اجراء خادم للاول
مقصود به الاستيتاق من حصولها بدليل يقيني، فلا يقتضي البطلان الا اذا لم يطمئن
قاضي الموضوع الى ان الدعوة بهذه الوسيلة قد بلغت محلها الواجب ابلاغها اليه
(22).
هل يمكن حضور
المحامي نيابة عن الاطراف؟
ذهب المجلس
الاعلى في قرار له بتاريخ 06/09/1989 الى انه "يتعين على الخبير استدعاء
الاطراف شخصيا لحضور عليات الخبرة دون الاكتفاء باستدعاء دفاعهم"(23).
لكن هذا الاتجاه
يبقى محل نظر على اعتبار ان قانون المحاماة الجديد اعطى للمحامي حق القيام بجميع
الاعمال لفائدة موكله ولو كانت تنازلا عن حقهم او اعترافا به، الا ان ما يخفف هذا
النظر هو ان المجلس الاعلى ذهب في قرار له بتاريخ 16/06/1970 "بما ان محامي
الطالب توصل من الخبير باستدعاء يحدد تاريخ الانتقال المتعلق بالخبرة فان الطالب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
20- النشرة الاخبارية للمجلس
الاعلى ملف 2441/96 ص 16
21-
ذ.عبد العزيز توفيق، قضاء المجلس الاعلى في القسمة خلال اربعين سنة ص 104 قرار
6 فبراير 1996
22- د. محمد الكشبور، الخبرة
القضائية في قانون المسطرة المدنية (دراسة مقارنة ص 91).
23- مجلة قضاء المجلس الاعلى
على عدد 41 ص 20
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المذكور يكون قد
استدعي بموطنه المختار طبقا للفصل 89 ق. م. م ان استدعاء محامي الطالب من طرف
الخبير يمكن اثباته بناءا على اعتراف المحامي المذكور في مستنتجاته
الاستئنافية"(24).
وعليه فاننا لا
نتفق مع الاتجاه الجديد للمشرع في تعديله للفصل 63 ق. م. م عندما نص على ان على
الخبير استدعاء الاطراف ووكلائهم، وهذا تشديد مبالغ فيه اذ ينبغي الاكتفاء استدعاء
الاطراف او وكلائهم مادام ان الغاية من الحضور هي الحرص على حقوق الدفاع وتمكين كل
خصم من متابعة اعمال الخبير وابداء ملاحظاته عليها واوجه دفاعه.
وقد نص الفصل 350
من اصول المحاكمات المدنية اللبناني "للخصوم ان يحضروا معاملة التحقيق الفني
بالذات او بواسطة محاميهم".
هل تؤثر نوعية
الخبرة على وجاهيبتها؟
ذهب المجلس
الاعلى في قرار له بتاريخ 27/02/1981 "ان الفصل 63 ق. م. م. يكتسي صبغة آمرة
ويتعلق بحقوق الدفاع يجب احترامه مهما كانت طبيعة الخبرة،… وان
الحكم المطعون فيه عندما اعتبر ان الخبرة تقنية لا تحتاج الى استدعاء الخبير
للاطراف رغم تمسك الطالب بذلك يكون قد مس بحقه في الدفاع خارقا للقانون(25).
وقد ذهبت محكمة
استئاف تونس "بناءا على الفصل 140 مرافعات لا يجوز التمسك ببطلان الاجراء الا
عند حصول ضرر للمتمسك به، وهذا لا يكون في الخبرة التقنية البحتة اذا لم يدع الخصم
لحضورها، لان عدم الحضور لا ينفي نتائج الخبرة المذكورة وبالتالي لا يمكن اعتباره قد
اضر بحقوق المتمسك بالبطلان(26).
ومن وجهة نظرنا
نعتقد انه يجب الانتصار لهذا الاتجاه تطبيقا للفصل 49 ق. م. م ما دام ان المشرع لم
يوجب البطلان على عدم الاستدعاء، وما دام ايضا ان تقرير الخبرة يناقش امام المحكمة
ويدلي كل طرف بوجهة نظره فيها لتحقيق فاعلية الحق في الدفاع دون الاقتصار والتركيز
على الحضور الشكلي، اذ الامور بغاياتها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
24 - مجلة قضاء المجلس الاعلى
عدد 19 ص 44.
25 - قضاء المجلس الاعلى
عدد 27 ص 176
26 - د. سليمان مرقس، اصول
الاثبات واجراءاته في المواد المدنية في القانون المصري مقارنا
بتقنيات سائر البلاد العربية ج. 2. ط. 4/86
دار الجيل للطباعة ص 361.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"غير انه اذا انقطع عمل الخبير لاي
سبب من الاسباب الى غير جلسة معينة ثم استانفه بعد ذلك اعتبر استئنافه اياه بمثابة
بدء له من جديد يتعين اخطار الخصوم امامه في اليوم الذي يحدد لاستئناف العمل والا
وقع عمله باطلا(27).
ج- حضور الاطراف عمليات الخبرة رغم عدم
استدعائهم هل يصحح الخلل الشكلي؟
ذهبت محكمة النقض المصرية الى انه
"لما كان مناط البطلان هو عدم اعلان الخصوم بحضور اجراء الخبرة هو الاخلال
بحق الخصوم في الدفاع فانه يرتفع بحضورهم عمل الخبير من تلقاء نفسه وتمكنهم من
الدفاع عن مصلحتهم وابداء ملاحظاتهم وطلباتهم.
ذلك ان القاعدة تقضي بانه لا بطلان بدون
ضرر متى تحققت الغاية من العمل الاجرائي
وبالتالي فان حضور الاطراف يصحح الخلل الشكلي.
وقد جاء في قرار للمجلس الاعلى صادر
بتاريخ 6 ابريل 1987 الى ان " المحكمة التي اكتفت ردا على الدفع بعدم حضورية
الخبرة بالقول ان الخبير استدعى الطرفين برسالة مضمونة دون ان تبين ما اذا كان قد
تم الاشعار بالتوصل لم تمكن المجلس من مراقبة تطبيق القانون في النازلة وعرضت
قرارها للنقض(28).
ونشير الى ان بعض محاكم الاساس لم تعد
تتشدد في الزامية اتباع طريقة البريد المضمون بالاشعار بالتوصل ونستدل على ذلك بحكم
لابتدائية فاس صادر بتاريخ 24/02/1999 جاء فيه "حيث دفع المدعى عليه بعدم
حضورية الخبرة، لكن حيث ان الخبير اشار في تقريره الى كون المدعى عليه حضر لدى
مكتبه واعلمه بتاريخ اجراء الخبرة بعدما تعذر اجراءها في التاريخ الاول، وحيث ان
الخبير مكلف بمهمة رسمية وبالتالي ما ضمنه من حضور الخصوم يعتبر حجة رسمية الى حين
الطعن فيه بالزور(29).
وينبغي الاشارة الى ان جميع الدفوع
الشكلية المثارة ضد الخبرة ينبغي اثارتها قبل الكلام في الجوهر، فقد جاء في قرار
المجلس الاعلى بتاريخ 02/12/1969 "على ان الدفع بعدم استدعاء احد الاطراف
للخبرة يجب التمسك به قبل الدفاع في الجوهر"(30)
وذلك تطبيقا للفصل 49 ق. م. م مادام ان اثارة هذه الدفوع يتوقف على من له مصلحة
فيها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
27 - نقض مدني 6 فبراير 69
اشار اليه سليمان مرقس مرجع سابق ص 365
28 - قضاء المجلس الاعلى عدد 40 ص 116
29 - حكم غير منشور ملف
رقم 2053/96
30
- قضاء المجلس الاعلى عدد 16 ص 20
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما انه لا يمكن
الطعن في الحكم التمهيدي باجراء خبرة بصفة مستقلة لكونه كسائر الاحكام التمهيدية
لا تقبل الطعن الى مع الحكم الباث في الموضوع، وباعتبار الاستئناف ينشر الدعوى من
جديد، فليس هناك ما يمنع محكمة الاستئناف من تعيين خبير لاول مرة على عكس محكمة النقض اذ يمنع عليها اللجوء للخبرة
لكونها محكمة قانون.
6 )
تجريح الخبير واستبداله.
ينص الفصل 62 ق.
م. م على انه "يمكن تجريح الخبير الذي عينه القاضي تلقائيا للقرابة او
المصاهرة بينه وبين احد الاطراف الى درجة ابن العم المباشر مع ادخال الغاية :
اذا كان هناك
نزاع بينه وبين احد الاطراف.
اذا عين لانجاز
خبرة في غير مجال اختصاصه.
اذ ا سبق له ان
ابدى رايا وادلى بشهادة في موضوع النزاع.
اذا كان مستشارا
لاحد الاطراف.
لاي سبب خطير
آخر.
يمكن للخبير ان
يثير اسباب التجريح من تلقاء نفسه.
يتعين تقديم طلب
التجريح داخل اجل خمسة ايام من تاريخ تبليغ المقرر القضائي بتعيين الخبير.
تبت المحكمة في
طلب التجريح داخل خمسة ايام من تاريخ تقديمه ولا يقبل هذا المقرر أي طعن الا مع
الحكم البات في الجوهر".
والملاحظ من خلال النص هو ان المشرع حدد درجة
القرابة لاول مرة، كما فصل في اسباب التجريح ولم يجعلها على سبيل الحصر تفاديا لاي
تاويل مخالف، وبذلك حاول وضع مؤشرات وضوابط للسلطة التقديرية للقاضي ، كما نص على
امكانية الخبير اثارة سبب التجريح من تلقاء نفسه، لان الاطراف لا يعلمون بهذه
الموجبات، كان يكون الخبير مستشارا لاحدى الشركات موضوع النزاع، ونص كذلك بكيفية
حاسمة على عدم قابلية المقرر التمهيدي الصادر في التجريح أي طعن الا مع الحكم
الفاصل في الجوهر بشكل جعل التشريع المغربي يحتل موقف وسط بين التشريعات التي حرمت
هذا الطعن واخرى فتحت امكانية الطعن فيه استقلالا.
ولا ننسى الاشارة
الى دعم تخصص الخبرة من طرف المشرع عندما جعل ذلك من موجبات التجريح كما ان المشرع
جعل هذه الاسباب تقريبا هي نفس ااسباب
تجريح القضاة.
وقد ذهب المجلس
الاعلى في قرار له بتاريخ18/06/1980 الى ان "القرار المطعون في قد اجاب عما
تمسك به الطاعن في شان الخبيرين بانه لم يقدم طعنه في الوقت المناسب وفوت على نفسه
ذلك لتقديمه بعض الخبرة معتبرا النعي بعدم اداء اليمين يدخل في وسائل تجريح
الخبراء التي يتعين بمقتضى الفصل 62 ق. م. م. على الطرف تقديمها داخل خمسة ايام من
تبليغه تعيين الخبير ولا يمكن اثارتها بعد انجاز الخبرة، مع ان وجوب اداء اليمين
بالنسبة للخبراء غير المحلفين نقطة قانونية يمكن التمسك بها للطعن في الخبرة ولو
بعد اجرائها عملا بما اقتضاه الفصل 59 المحتج به مما كان معه القرار المطعون فيه
باعتبار ان الخبرة صحيحة بالرغم من عدم اداء اليمين من طرف الخبير المعين خارج
الجدول وعدم اعفائه منها باتفاق الاطراف فاسد التعليل وغير مرتكز على اساس قانوني
ومعرضا للنقض"(31).
استبدال الخبير.
ذهب المجلس
الاعلى في قرار له بتاريخ 14/03/1988 بانه " ليس من اللازم لكي يتم استبدال
الخبير الذي لم يقم بمهمته بآخر ان يتم ذلك بحضور الاطراف ولا في جلسة علنية بل
يكفي اشعارهم بهذا الاستبدال مع اسم الخبير المعين، الخبير مكلف بمهمة عامة، ولهذا
فان تقريره يعد وثيقة رسمية، اجل الطعن يبتدئ من يوم التبليغ وليس من يوم
التعيين"(32)
وتبنيا لهذا
الاجتهاد نص الفصل 61 ق. م. م "اذا لم يقم الخبير بالمهمة المسندة اليه داخل
الاجل المحدد له او لم يقبل القيام بها
عين القاضي بدون استدعاء الاطراف خبير اخر
بدلا منه واشعر الاطراف فورا من هذا التبليغ.
"ان الامر
القاضي بتعيين خبير او استبداله ينبغي ان يبلغ لمن يعنيهم الامر ليتمكنوا من
ممارسة حقهم في التجريح قبل القيام باجراءات الخبرة، وان عدم القيام بهذا التبليغ
يترتب عنه حتما بطلان جميع الاجراءات الاحقة المتعلقة بالخبرة ما دام لن يعنيهم
الامر قد تمسك بهذا التبليغ ليتسنى له ممارسة حقه في تجريح الخبير، ولا تقوم
الرسالة المضمونة التي يوجهها الخبير للاطراف المعنية مقام ذلك التبليغ (33).
7) الغاء مسطرة محاولة الصلح.
الغى المشرع في
الفصل 63 النص على محاولة التصالح التي يقوم بها الخبير بين الاطراف مسايرة منه
لمجموعة من التشريعات المقارنة التي سلبته هذا الحق او التي لم تخوله له اطلاقا،
لانه اذا كانت وظيفة الخبير تقنية صرفة فان اجراء التصالح مسالة قانونية تدخل ضمن
اختصاصات السلطة القضائية وحدها،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
31- مجلة المحامي عدد 7 ص105
32-
مجلة المحاماة عدد 16 ص279 قرار صادر
بتاريخ 25-06-76
33- مجلة قضاء المجلس الاعلى
عدد 41 ص 88
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التي لا يجوز لها
ايضا القيام بها الا بنص ولا يعقل سلب القاضي هذا الاختصاص ومنحه للخبير، فضلا عن
ذالك فان الخبراء كانوا يعتبرون ذلك مجرد اجراء شكلي لا غائي ما دام ان الاشارة في التقرير الى هذه المحاولة
محمول على عبارة عند الاقتضاء كما ان الواقع العملي ابان عن محدودية نجاح هذا
الاجراء او القيام به، والنص على الغاء محاولة مسطرة الصلح من طرف الخبير لا يعني
منعه من تسجيل اتفاق الاطراف على الصلح او تنازل المدعي عن دعواه بل الممنوع هو
سعي الخبير الى هذا التصالح.
المبحث
الثاني : الاثار القانونية للخبرة
تنفيذ
الحكم التمهيدي.
طرحت هذه
الاشكالية بمناسبة تنفيذ حكم تمهيدي قضى بتعيين خبير لتحديد مشروع قسمة المال
المشاع، وعند انتقال الخبير الى عين المكان رفض احد الشركاء دخول الخبير للمال
المشاع، ما موقف المحكمة من هذا الاشكال؟
راي اول يرى
باتباع القواعد العامة للتنفيذ الجبري، وذلك باضفاء الصيغة التنفيذية على الحكم
التمهيدي واستعمال القوة العمومية لاجبار الممتنع على التنفيذ، لكن ما يؤخذ على
هذا الراي هو ان القواعد العامة للتنفيذ الجبري تتبع بشان الاحكام القطعية الحائزة
لقوة الشيء المقضي به.
راي ثان يعتبر ان
تفعيل مسطرة حضور ممثل النيابة العامة اجراءات التحقيق من شانه ارغام الممتنع على
التنفيذ.
واذا كان المشرع
المغربي قد التزم الصمت حيال هذه الاشكالية، فان الراي، الاخير يبقى من وجهة نظرنا
الاسلم من الناحية القانونية.
لكن المشرع
المصري اوجد حلا للمسالة عندما نص في الفصل 148 قانون الاثبات على انه اذا تخلف
احد الخصوم عن تقديم مستنداته او عن تنفيذ
أي اجراء من اجراءات الخبرة في المواعيد
المحددة على نحو يتعذر معهم على الخبير مباشرة اعماله او يؤدي الى التاخير في
مباشرتها، جاز للخبير ان يطلب من المحكمة التي انتدبته ان تحكم على الخصم باحد
الجزاءات المقررة في المادة 99 مرافعات والمتمثلة في الغرامة او وقف الدعوى لمدة
ستة اشهر، فاذا مضت مدة الوقف ولم ينفذ المدعي ما امرت به المحكمة جاز لها ان تحكم
باعتبار الدعوى كان لم تكن اذا كان هو
المتسبب في ذلك هو المدعي وبعد سماع اقوال المدعى عليه.
القيمة
الاثباتية للخبرة.
اذا كان المشرع
في الفصل 66 ق. م. م اعطى للقاضي السلطة التقديرية في الاخذ بالخبرة من عدمها، ما
دام انه يعتبر خبير الخبراء وله سلطة مراقبة
عمليات الخبرة وتقييم نتائجها، فقد جاء في قرارالمجلس الاعلى الصادر بتاريخ 10
مارس 1999 بان "تقرير الخبرة عنصر من عناصر الاثبات التي تخضع للسلطة
التقديرية لقضاة الموضوع دون رقابة عليهم من المجلس الاعلى ما لم ينعى عليهم أي تحريف"1 لكن غير خاف على كل متهم بهذا الميدان ما يلاقيه
السادة القضاة من مشاكل في تقييم الخبرة، وفي فتح قناة التواصل بينما هو فني
وقانوني أي بين الحقيقة القانونية "السلطة التقديرية للقاضي "والحقيقة
الفنية" تقريرالخبرة "مما يجعلنا نتساءل الى أي حد يمكن التوفيق بين مقولة
القاضي خبير الخبراء وبين مقولة ثانية وهي ان الشيء الفني لا ينقض الا بالفني؟
ونجد الجواب عن
هذ التساؤل من خلال اجتهاد قيم لمحكمة النقض المصرية الصادر بتاريخ 13 مايو 1968
جاء فيه "اذا كان الاصل ان المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية
لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث وهي الخبير الاعلى في كل ما تستطيع ان تفصل
فيه بنفسها او الاستعانة بخبير يخضع رايه لتقديرها، الا ان هذا مشروط بان تكون
المسالة المطروحة ليست من المسائل الفنية
البحتة التي لا تستطيع ان تشق طريقها لابداء راي فيها "2 كما جاء في قرار اخر لمحكمة النقض ما يلي
"اذا كانت المحكمة طرحت جانبا تقرير مدير مستشفى الامراض العقلية في شان
الحالة العقلية لشخص معين استنادا منها الى اقوال شهود شهدوا بسلامة عقله، فانها
تكون قد اخلت بحق الدفاع واسست حكمها على اسباب لا تحمله "3 لان القاضي لا يمكنه طرح الخبرة
جانبا دون تعليل او بالاستناد الى معارفه الشخصية مما يجعله يلجا للخبرات المضادة
اذا لم يطمئن ضميره الى الخبرة الاصلية لان الاحكام تبنى على الجزم واليقين لا على
الظن والتخمين، ذلك ان الخبرة غير ملزمة للمحكمة واذا تعددت فلها في اطار سلطتها
التقديرية اختيار الخبرة التي تراها، كما ان تعيينها لخبرة ثانية لا ينبئ عن عدم
اقتناعها بالخبرة الاولى ولا العدول عنها وهي غير ملزمة باخذ راي الاوى اوالثانية
اذ لها كامل السلطة في تقدير قوة اثبات الخبرةالاولى التي عملت بها.
واحسن قرار
للمجلس الاعلى في الموضوع صادر بتاريخ20/09/1995 جاء فيه "اذا لم يكن هناك
تنافر بين تكليف خبير بانجاز خبرة وبين عدم الزامية ما انتهى اليه للهيئة، فان
تصدي هذه الاخيرة تلقائيا لتحقيق الخطوط واستنتاج عدم زورية توقيع الشيك من مجرد
توقيع العارض ومقارنته مع توقيعه لدى المؤسسة البنكية يجعل اساس القرار مبهما الامر
الذي يعتبر نقصانا في التعليل الموازي لانعدامه ويرتب النقض "(34).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
34- النشرة الاخبارية
للمجلس الاعلى عدد 7 ص 20
د. سليمان مرقس، مرجع سابق ص
385
د.سليمان مرقس، مرجع سابق ص
388.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لان عملية تحقيق الخطوط تستلزم مهارات
خاصة تقنية لهذا اناط المشرع هذه المهمة بالخبراء، لان هذا الاجراء وقد احسن
المشرع المغربي صنعا في تعديله للفصل 66 ق. م. م حينما نص على انه لا يلزم القاضي
بالاخذ براي الخبير المعين ويبقى له الحق في تعيين اي خبير اخر من اجل استيضاح
الجوانب التقنية في النزاع "بمعنى ان القاضي تبقى له السلطة التقديرية في
ترجيح الخبرات ما دام ان الامر يتعلق بمسالة فنية بحتة لا يمكن دحضها بمعومات ومعارف
شخصية لا ترقى الى المستوى الفني المطلوب، بحيث لا يصح للمحكمة ان تحل فيه محل
الخبير ما دامت قد سلمت ومنذ البداية بعد م درايتها فيه.
اخلال
عملي ملحوظ على مستوى قضاء الخبرة 2
الخبراء يرفضون
المهمة المسندة اليهم لانهم يسعون الى ادارج اسمهم في جدول الا تزكية لهم حتى
يقتصر نشاطهم على التعامل مع الشركات في القطاع الخاص او لعدم كفاية المبالغ
المسبقة المقررة في الحكم التمهيدي.
عدم مواكبة اعمال
الخبراء وتتبع اجراءاتهم ومراقبتهم مما يؤدي الى تعثر الاجراءات وتاخير البث في
القضايا والمساس بحقوق الاطراف والاضرار بمصالحهم مما يؤثر سلبا على حسن سير
العدالة" تفعيل الفصل 63 ق. م. م.
تعيين بعض
الخبراء المكلفون بمهام الاستشارة في بعض الشركات في مهام تتعلق بهذه الاخيرة.
عدم الرجوع الى
جدول الخبراء بالاضافة الى عدم توزيع القضايا بالتناوب تحقيقا لمبدا تساوي الفرص.
التوسع في الاستناء
المنصوص علية في الفصل 59 ق.م.م.
عدم تفعيل مسطرة
استدعاء الخبير للجلسة لتوضيح الجوانب الغامضة والخفية في تقريره.
تغيير الخبير
لعنوانه دون اخبار المحكمة.
عدم احترام
التخصص في تعيين الخبراء لان من شانه ذلك المس بمصداقية الاحكام والاضرار بالمصالح
المتقاضين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قرار
غير منشور في الملف عدد 18145/ 93 رقم 1520/5.
راجع
مختلف المناشر والدوريات الصادرة عن وزير العدل في الموضوع في مؤلف ذ.ابراهيم،
نظام الخبرة في القانون المغربي ص 137 وما
بعدها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عدم استبدال
الخبير في حالة تقاعسه عن القيام بعمله على الوجه المطلوب.
عدم وضع
المستفيدين من الخبرة الاتعاب المسبقة في الاجل المعين.
عدم اشعار
الوزارة بحالات المس باخلاقيات وشرف المهنة لعرضه على اللجنة المكلفة بحصر لوائح
الخبراء لاتخاذ القرار المناسب في حقه، وقد نص الفصل 61 ق.م.م على انه بصرف النظر
عن الجزاءات التأديبية، يمكن الحكم على الخبير الذي لم يقم بالمهمة المسندة اليه
او رفضها بدون عذر مقبول المصاريف والتعويضات المتربة عن تاخير انجاز الخبرة للطرف
المتضرر كما يمكن الحكم عليه بغرامة لفائدة الخزينة.
وجديد هذا الفصل
هو التركيز على الجزاءات التاديبية والغاء مسطرة انذار الخبير واعطاء المحكمة
السلطة التقديرية في تحديد مبلغ الغرامة بخلاف النص القديم الذي كان يحددها في عدم
تجاوزها لنصف مبلغ الاتعاب المودعة.
عدم وضع الخبير
تقرير الخبرة في اجل المحدد.
عدم التعريف
بتخصص بعض الخبراء وبمجالات عملهم، وقد
جاء في قرار للمجلس الاعلى الصادر بتاريخ 26/03/1988، "على امكانية استعانة
الخبير المعين بخدمات خبير اخر يتوفر على مؤهلات علمية وتقنية(35)"
وهذا الاتجاه سد ثغرة مهمة، لان المشرع في الفصل 65 ق. م. م تعرض فقط لمسالة
احتياج الخبير لترجمان الذي يتعين عليه اختياره تلقائيا من بين المدرجين بالجداول
او الالتجاء الى القاضي.
تدور شائعات مفادها ان بعض الخبراء يتسلمون
مبالغ مالية مباشرة من الاطراف.
وفي ختام بحثنا،
وعلى اهمية التعديلات المستحدثة بمقتضى ظهير 26 ديسمبر 2000 والتي استلهمت اسسها
وجوهرها من متطلبات الواقع العملي ولما افرز عنه الاجتهاد القضائي المستقر ولما هو
منصوص عليه في التشريعات المقارنة، فانه رغم ذلك تبقى هذه التعديلات قاصرة على
مواجهة الاشكاليات التي تعرضنا لها آنفا وعلى امتداد هذا البحث، ولا شك انه ستكون
امام المحاكم الفرصة سانحة لتاصيلها وبحثها ومعالجتها، وامام المشرع مناسبة ايضا
للتدخل على ضوء ذلك لفك رموز هذه الاشكاليات وحسمها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
35- النشرة الاخبارية
للمجلس الاعلى عدد 4/99 ص 16.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجلة الاشعاع عدد 24 ص 33