-->

LA TAXE SUR LES PROFITS IMMOBILIERS ET L'EXPROPRIATION POUR UTILITE PUBLIQUE


الضريبة على الأرباح العقارية ونزع الملكية




الدكتور محمد الادريسي العلمي
استاذ بجامعة محمد الخامس
والمعهد الوطني للدراسات القضائية

تجدر الاشارة بداية ان ضريبة الارباح العقارية تأسست بمقتضى قانون المالية لسنة 1978 لتمس الارباح المترتبة عن بيع العقارات أو تفويت الحقوق العينية المتصلة بها. ولقد تم تعديل النص في  قانون الاستثمارات  العقارية  الصادر سنة1980 وكذا  قانون المالية  لسنة1980،  والى  حد  بكل  من  قانون  ضرائب  الشركات  المتخذ  سنة 1986 ونسبيا بقانون المالية لسنة1989. ورغم ان هذا التوجه التشريعي يوحي بالحداثة فان موضوعه ليس  بجديد على الاطلاق  في  المغرب(1). ذلك ان فرض جباية على فائض القيمة الناتج عن معاملة عقارية يرجع إلى بداية  القرن  العشرين حيث كان يرمي إلى الحيلولة دون تفاحش المضاربات، التي سادت اذاك في جو  الاستحواذ  على  الاراضي من  اجل  استعمارها،  بل  ومنذ ان سمحت اتفاقية الجزيرة الخضراء للاجانب بتملك الاراضي الحضرية  والمحيطة  بالمدن.  فلقد  نص  ظهير11/3/1915 على  هذه الضريبة، وجرى به العمل من   15/7/1920 الى20/7/1926، وكانت الضريبة  تمس  الربح  الصافي الناتج  عن  عملية تفويت عقار أو حق عقاري، ومن جهة اخرى عرفت هذه الخطة في فرض  الضرائب  على  الارباح العقارية شكلا مغايرا ولو غير مباشر من خلال ضريبة الارباح المهنية المقننة بظهير22/2/1954 كما تم تعديله  بظهير30/12/1961. مع الاخذ بالاعتبار لتضييق نطاقها بفعل اشتراط الممارسة المهنية الذي يستثني بطبيعته الاعمال المنفردة والمتقطعة في الزمن.

   1. ويتبين من النظام القانوني الحالي انه يرمي كذلك إلى  نوع  من  مجابهة  المضاربات العقارية التي  تدخل في معطيات جوهرية متصلة بأزمة السكن. واذا كان  الأساس  المادي  الذي  يعتمده لا يثير اليوم صعوبة، فان  الامر ليس كذلك بالنسبة للاساس الاقتصادي أو السبب الذي يبرر تطبيق الضريبة. في هذا  الاطار  نلفت  الانتباه  إلى  ان  القانون  يعتمد  عمليات اقتصادية وقانونية تقع على العقارات والحقوق المتصلة بها. فالفقرة  الأولى  من  الفصل  الخامس لقانون 1978 تلح بشيء من التفصيل والدقة على عمليات معينة ترجع إلى تفويت أو نقل  الحقوق  العينية  من  خلال  بيعها،  وتقديمها  حصة  في شركات، أو تقديمها مقابل حصص أو اسهم صادرة عن شركات  تختص  بتخويل  اعضائها  حق  التمتع بجزء من العقار، وتقديم الحصص والاسهم المشار إليها حصصا في شركات اخرى، وانواع المبادلة أو المعاوضة  المرتكزة  على  العقارات والحقوق العينية والحصص والاسهم،  وتقسيم العقارات بمدرك.

تتلخص بالتالي قائمة العمليات المقصودة في التفويت بمقابل سواء كان له شكل مباشر  كما في البيع والقسمة أو غير مباشر مثل الدخول في شركات أو التعامل بقيمها. ويفرض هذا الموقف ملاحظات اولية من شانها  توضيح النقاش الخاص بمشكل الحل بالنسبة للتعويض المترتب عن نزع الملكية للمصلحة  العمومية . على مستوى هذه الملاحظات، نستخلص ان القانون يجمع بين صنفين من المعاملات يهم احدهما  نظام  الشركات ، ويتعلق الثاني بالربح بصفة عامة، ورغم ان الصنف الأول يعرف اليوم تطورات جذرية من زاوية القانون الجبائي، فاننا لن  نتوقف عنده ، حتى  نتمكن  من التركيز على خصوصية الصنف الثاني لاتصاله مباشرة  بالمشكل المطروح.

2. مما لا شك فيه ان الحاح القانون على ماهية  التفويت  واشكاله ،  يرمي إلى بيان وتحديد انواعه الخاضعة للضريبة. ويمكن اجمالها في كونها تشترك جميعها في خاصية تحقيق ربح للبائع أو المفوت  عموما،  الشيء الذي يخرج كل  تفويت بالمجان أو من غير ناتج ايجابي من نطاق الجباية .  ويعرف الربح  المقصود  أي الخاضع للضريبة بفائض الثمن أو القيمة. ويعني ذلك الفرق بين ثمن أو قيمة  الاكتساب  من  جهة  وثمن أو  قيمة  التفويت.  ويحدد العنصر الأول مع الاخذ بالاعتبار لمبلغ  التوظيفات الثابتة، أو بتعبير ابسط قدر التكاليف التي اضيفت أو لحقت بالعقار أو الحق سواء كانت لصيانته أو اصلاحه أو تحسينه، كما يؤخذ بالاعتبار تحيين ثمن الاكتساب وفق المقاييس المقررة من طرف وزارة المالية مسايرة لتغيير قوة العملة.

من الطبيعي ان توحي هذه الليونة  في  تصور  وانجاز  حساب الضريبة، بفكرة التحايل، بحيث يعلن الأطراف فائض ثمن ضئيلا أو منعدما .  لكن  النص  يرد  الفعل  نسبيا لتفادي هذا الخطر،  فيقرر ان الاثمان المأخوذة بالاعتبار هي الواردة في العقود أو المعترف بها صراحة أو ضمنا بعد تحقيق واثبات، وتقصد هذه الفرضية حالة الصورية التي تنكشف بعد المناقشة أو التحري الذي يسمح به القانون لمصلحة الضرائب.

     بقطع النظر عن هذه الجزئية يجب الاعتراف  مبدئيا  للنص  بالوضوح  في  اشتراط حدين اساسيين: البيع أو التفويت من جهة، وتحقيق الربح من جهة ثانية .  لكن  وبالنسبة  لكلا  الشرطين يجوز التساؤل عن مدى صحة قياس نزع الملكية على التفويت، والتعويض المترتب عنها على الربح. ذلك ان نزع الملكية للمصلحة العمومية لا يعدو ان يكون اخراجا للعقار من ذمة مالكه وادخاله  في  ذمة  مالك  اخر  كما  ان  التعويض  الناتج  عنها لا يخرج عن طبيعته كمدخول مالي يكتبه المفوت المنزوع ويدفعه المفوت له النازع. غير اننا نعتقد انه رغم الانجذاب  الشكلي  الذي  يثيره  هذا القياس، ان التحليل المعمق نسبيا يزعزع هذا المنطق ويسمح بالراي المعاكس بصدد كل من الشرطين.

3. فيما يتعلق بالبيع والتفويت، تبعا للفصل 488  ق ع ل  يتم  البيع بين الأطراف بمجرد اتفاقهم على العناصر الاساسية للعقد ولا سيما منها المبيع والثمن.وتسري هذه القاعدة بدون صعوبة على بيع العقارات والحقوق العينية مع مراعاة خصوصيات تاريخ الاتفاق وقابليته للاحتجاج  به ضد الغير .  وتكتسي هذه  المقتضيات اهمية كبرى بفعل اندراجها  في نظام العقود أي التصرفات القانونية المبنية على  حرية  التعاقد  كلازمة طبيعية لسلطان الإرادة وبدون حاجة إلى اقحام اية اعتبارات فقهية مجردة، يكفي القول انه ما دام القانون الوضعي لا يعطي  أي  معنى  اخر مخالف ،  يبقى  بيع  وتفويت العقارات والحقوق العينية المقصودة مطابقا للتصور المشار إليه لو جاء  التعرض  له  بمناسبة  فرض جباية الارباح العقارية. من هذه الزاوية يجب الاعتراف بان القانون الجبائي  يقتصر على الاهتمام  بالبيع  و التفويت الخاضع للقانون العادي أو الجاري بناء على إرادة الأطراف. وهذا ما يفرض استثناء نزع الملكية. لانه تصرف يقع ضد إرادة الأطراف. ولا يمكن قياس صفته الاحادية أي المقررة من طرف واحد، بصفة الجبرية في بعض البيوع مثلما يحدث بعد اجراء تنفيذي تبعا لحكم قضائي أو بعد نزاع إداري بخصوص دفع الضرائب ذاتها. فالجبرية في هاته الحالات مجرد تطبيق لمسؤولية المدين المماطل أو الرفض لتنفيذ التزامه:  فهي في الحقيقة تطبيق اخر لسلطان الإرادة   يرد  كجزاء  للاخلال  بقواعد اللعبة. بينما في نزع الملكية لا يصح اعتبار المنزوع مدينا مماطلا أو رافضا لتنفيذ التزام !

     من جهة اخرى يبقى البيع أو التفويت  الجبري  تصرفا  خاضعا  للقانون  الخاص من حيث شروط صحته وعيوبه واثاره، وبخلاف نزع الملكية الذي يخضع للقانون العام، وبالضبط لباب من ابواب القانون الاداري  المحلي لسلطة الادارة العمومية التي تضعها قانونا في موقع امتياز  بالنسبة للخواص الذين  يتعاملون  معها .  وبالتالي  لا مكان للحديث عن سلطان الارادة وحرية التعاقد في باب تصر فاتها  هاته ،  وبالأحرى  في موضوع نزع الملكية لانه يبرز امتيازها في اقوى صورة. فالبيع الجبري ينطوي دائما ولو في نسبة متواضعة على تنظيم يحمي البائع بحيث يبقى متأثرا بالمصالح الخاصة ـ ولو من مجرد اللجوء إلى المزاد العلني ـ بينما نزع الملكية يتجسد  في  وسيلة  قانونية  للاكراه  تعتمدها الإدارة لممارسة السلطة العمومية قصد اقتناء ملكية مال من الاموال،ولا تترك محلا لموافقة الطرف المنزوع ولا مكانا لاعطائه حدا ادنى من الحماية لا سيما في تحديد " الثمن" أو تعيين العقار.

4. ورب ملاحظ يشير إلى  التعويض  الملازم  لنزع  الملكية ليقيسه على ثمن البيع، لكن هذا الموقف ينهار أمام خصائص التعويض وثمن البيع التي تفرق بينهما واقعا وقانونا. فمنذ  التنظيم الأول سنة1914 إلى اليوم يفرض التشريع تعويضا لمن تنزع ملكيته للمصلحة العمومية، ويتبين ان هذا التعويض  لا يعني  اطلاقا ثمن التفويت أو النزع. فهو بداية تعويض مبدئي حتى لا يكون المس بحق الملكية مطابقا لمنع. ذلك ان النظام القانوني  بالمغرب يقرر هذا الحق ويعتبره اساسيا، تعلق الامر بالفترة التاريخية السابقة للدستور أو بما بعدها ولا يعقل تقييده أو تقليصه الا للمصلحة العامة وبمقتضى القانون ومع اعتبار منح تعويض عنه. بناء عليه كل نزع لا يرتكز على هذه الاسس يتحول إلى  خرق تعسفي لاحد الحقوق الرئيسية. واذا جاء خاليا من أي تعويض فانه يصبح مجانبا  لما  تقضي  به  المصلحة  العامة ذاتها وحرمة المالك، اذ يصير مطابقا للمصادرة، وهي تدبير جنائي لمعاقبة اشخاص يرتكبون اخلالا بالنظام المجتمعي. ولا داعي للتذكير بان العقوبة الجنائية تخضع لقاعدة الشرعية، وتختص المحاكم بتقريرها، بحيث يختلف الامر اطلاقا عن قواعد نزع الملكية. ويتحدد الفرق اخيرا بين مفهومي التعويض والثمن، ولو  في القانون  الاداري ،  نطاق  ممارسة  نزع  الملكية، عندما تهمل الادارة العمومية العمل بامتيازها المتجلي في السلطة، وتفضل الخضوع  لبعض  مقتضيات  القانون  العادي .  في هذه الحالة تفضل الادارة ان تحصل على العقار بالوسيلة التعاقدية التقليدية، حيث تجتهد في الاتفاق مع مالكه حول ماهيته وثمنه وشروط اخرى كما لو كانت عنصرا من الخواص. هنا لا جدال في كون المقابل الذي تدفعه للمالك يطابق  مفهوم ثمن البيع، ولا يوجد مانع من ادخاله في مفهوم الربح عند الاقتضاء لاخضاعه للضريبة المطبقة  على  الارباح  العقارية . لكنه يختلف جذريا عن المبلغ الذي يسلم للمالك المنزوع على سبيل التعويض.

من زاوية المفهوم الدقيق ان لم نقل  المطلق  للربح ، وبالاقتصار على نص القانون الجبائي، يلزم تسجيل الموقف الواضح للتشريع، فالربح المقصود يماثل دائما فائض قيمة، أو مبلغا  من  المال  يتراكم زيادة على القيمة الاصلية. فسواء كان المال العقار المفوت مملوكا بمقتضى شراء أو تبادل سابق، أو كان  مكتسبا من غير عوض ، على وجه الارث أو الهبة مثلا، فان قيمته المالية تقدر حسب سند امتلاكه وتاريخه، ثم تحسب قيمته الجديدة بمناسبة تفويته، وعند ظهور فرق موجب، أي زيادة عددية، فان هذه الاخيرة هي التي تخضع للجباية. وبتطبيق  مباشر وبدائي  لنفس  المنطق والقاعدة، نلاحظ ان نزع الملكية يرتب تعويضا أي دفع مقابل للملك المعني، ويحسب هذا التعويض بطريقة احادية من طرف الادارة ولو كان القانون يسمح للطرف المنزوع بالطعن مما يوحي بنوع من المنافسة والتراضي . يتم حساب التعويض بصرف النظر عن القيمة الاصلية للملك وبالتالي عن قيمته في تاريخ النزع، وذلك لان الاعتبارات التي تؤخذ فيه لا علاقة لها بالمصالح الخاصة للمالك. 

فالادارة العمومية تقرر أو تقترح  تعويضا  ينسجم  مع  فكرة  المصلحة  العامة  بحيث يقضي حتما نسبة من التضحية على المالك المنزوع، مساهمة منه في تحقيق المشروع الذي يبرر نزع الملكية. ونظرا  لكون  المبدأ هو المساواة  بين المواطنين في الحقوق  وتحمل الاعباء  العمومية ،  فان الادارة تكون مضطرة لاهمال القيمة الحقيقية للعقار"، فتعتبر نسبة منها بمثابة حق الجميع أو المصلحة العامة، ونسبة  منها  بمثابة نصيب المالك وهي ما يماثل التعويض. بالتالي، في جميع الأحوال تقل هذه النسبة الاخيرة عن القيمة الحقيقية للعقار ، تلك  القيمة  تشمل  هامش  الربح ، ان  لم  نقل بانها لا تصل ولو إلى القيمة الاصلية  له إذا تم تحيينها بناء عليه، في كل الحالات، لا يمكن ان تندرج في المعنى الواضح للربح الخاضع للضريبة على الابارح العقارية، لان هذا الربح لا يظهر له اثر في الاغلبية الساحقة من تطبيقات نزع الملكية  في المغرب. وبالرجوع إلى مبررات الضريبة يقوى استنتاج  اخراج  التعويض  من  الجباية ، لان  هاته  الاخيرة  كما اشرنا ترمي إلى الحد نسبيا من المضاربات العقارية التي كانت تدر  على  اصحابها  أرباحا  تكاد تفلت من أي التزام ضريبي، كما تنسجم مع ملامح جديدة للقانون العقاري وخاصة منه ما يتعلق بسياسة الاسكان. ومن  الواضح  ان  هذه  المعطيات  لا علاقة  لها بنزع الملكية التي ترتكز على مفهوم المصلحة العمومية، ولا يعرف  لحد  الان تطبيق لهاته الاخيرة يتجسد في مكافحة المضاربات، بحيث لا سبيل إلى  قياسها على التدابير القانونية المكونة لنظام الملكية العقارية بما فيها جوانبه الجبائية.
الرباط في 12 ابريل1989

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد الادريسي العلمي، الجبايات العقارية في قانون المالية لسنتين 1978 و1979، المجلة المغربية للقانون والسياسة والاقتصاد، عدد5 ، 1979 ص51
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


مجلة الاشعاع، عدد 1، ص 32.
Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم :