-->

الشفعـة وآجالها بين العقـار المحفـظ والعقـار غيـر المحفـظ والعقـار فـي طـور التحفيـظ

                                       
                د .   محمـد خيـري
       المحامي بهيئة  المحامين بالدار البيضاء

تعرف كل محاكم المملكة دعاوى عقارية متنوعة، ومن الدعاوى الأكثر انتشارا دعاوى الشفعة في العقار المحفظ والعقار غير المحفظ وكذا العقار الذي يوجد في طور التحفيظ. وهذا الصنف من الدعاوى يعتبر مؤشرا على أن المالكين على الشياع لا يقبلون بدخول الشريك الأجنبي معهم من جهة ويترصدون كل فرصة ممكنة للتقليص من عدد الشركاء وجمع الحصص بين أقل عدد ممكن من الشركاء من جهة أخرى، ووسيلتهم الوحيدة في كل ذلك هي ممارسة حق الشفعة كلما وصل إلى علمهم نبأ تفويت حصة مشاعة حيث يبادرون ويسارعون إلى طلب استرجاع الحق المبيع قبل فوات الأجل.
وتطرح ممارسة الشفعة صعوبات ومشاكل في التطبيق نظرا لتنوع الأنظمة التي تخضع لها العقارات ولتنوع الآجال المطبقة على كل نوع منها، وهذا ما حدا بنا إلى بحث هذا الموضوع لطرح الإشكالات التي يطرحها أجل الشفعة. ولمعالجة هذا الموضوع سنتناوله وفقا لمحورين رئيسيين :
المحور الأول: الأحكام العامة للشفعة.
المحور الثاني: آجال الشفعة.

المحور الأول: سيتم تناول المحور الأول وفقا للنقطالتالية:
1- مفهوم الشفعة ومصادرها.
2- شروط ممارسة الشفعة.
3- تزاحم الشفعاء.
4- تصرفات المشتري في الشيء المشفوع فيه.
5- مسقطات الشفعة.
1- مفهوم الشفعة ومصادرها:
الشفعة لغة هي ضم الشيء إلى مثله، واصطلاحا وحسب الفقهاء هي حق الشريك في استرجاع الجزء المشترك المبيع من المشتري الأجنبي ولو جبرا عنه بنفس الثمن مع الصائر.
وقد ورد تعريف للشفعة في الفصل 25 من ظهير2 يونيو 1915 المحدد لتفاصيل تطبيق نظام التحفيظ العقاري جاء فيه :
"الشفعة هي الحق الثابت لكل من يملك مع آخرين على الشياع عقارات أو حقوقا عينية عقارية في أن يأخذ الحصة المبيعة بدلا من مشتريها بعد أداء المبلغ المؤدى في شرائها وكذا مبلغ ما أدخل عليها من تحسينات وما أدى عنها من مصاريف لازمة للعقد".
والشفعة نظام مصدره الرئيسي مستمد من الشريعة الإسلامية ومفاد ذلك أنه يجب الرجوع في معرفة تفاصيل وجزئيات أحكام الشفعة التي لم يرد فيها نص خاص في القانون الوضعي إلى أحكام هذه الشريعة مع الأخذ بعين الاعتبار أن كل ما لم يتم النص عليه في القواعد الفقهية أو النصوص الوضعية المنظمة لبعض أحكام الشفعة يرجع فيه إلى الراجح أو المشهور وما جرى به العمل في مذهب الإمام مالك.
ومرد ذلك هو أن أحكام الشفعة في العقار مستمدة كلها من الفقه الإسلامي، سواء تعلق الأمر بالعقارات المحفظة أو العقارات غير المحفظة مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات العقارات المحفظة لأنها تخضع لنظام خاص يختلف عن العقارات غير المحفظة خاصة من حيث انطلاق أجل ممارسة الشفعة. فقد تناول المشرع المغربي أحكام الشفعة في الفصول 973 إلى 981 من ق.ل.ع بالنسبة للعقارات غير المحفظة كما تناولها في الفصول 25 إلى 34 من ظهير 2 يونيو 1915 بالنسبة للعقارات المحفظة.
وقد قررت الشفعة لأسباب من بينها :
1-  دفع الضرر المتوقع من المشتري الأجنبي غير المرغوب فيه.
2-  وضع حد لتجزئة الملكية.
3-  التقليص من عدد الشركاء.
4-  وضع حد للنزاعات التي تقع بين الشركاء في الانتفاع والاستغلال بالشيء المشترك.
والشيوع حالة طارئة بحيث يمكن لكل شريك أن يطلب الخروج من الشيوع إما عن طريق بيع حصته إلى الغير وإما عن طريق القسمة العينية إذا كان الشيء قابلا للقسمة وإما عن طريق قسمة التصفية إذا كان الشيء لا يقبل القسمة العينية بحيث يتم بيع الشيء المشترك وتوزيع ثمنه على الشركاء مع تحملهم لمصاريف البيع، وبيع حصة مشاعة يترتب عنه إنشاء حق الشفعة بالنسبة لبقية الشركاء.
2- شروط ممارسة الشفعة:
إن ممارسة الشفعة تتطلب توفر شروط محددة يتعين على طالبها أخذها بعين الاعتبار سواء كان العقار محفظا أو غير محفظ ومن بينها:
1- أن يكون الشفيع شريكا في الشيء المشفوع فيه لا مجرد جار إذ أن شفعة الجار غير جائزة في مذهب الإمام مالك وغير معمول بها في المغرب خلافا لبعض المذاهب الفقهية الأخرى كالمذهب الحنفي.
2- أن يكون الشفيع شريكا في رقبة الشيء المشفوع فيه لا شريكا في منفعته. فالشريك في الرقبة يستحق الشفعة ولو كان لا يملك المنفعة بخلاف مالك المنفعة فقط فإنه لا يستحق الشفعة.
3- أن يكون المشفوع فيه عقارا أو ما يتصل به من بناء وأغراس. أما المنقول ففيه خلاف بين الفقهاء.
ويفيد هذا الشرط بأن الشفعة لا تثبت مبدئيا إلا في العقار بالطبيعة، أما العقار بالتخصيص وكذا المنقول ففيه خلاف بين الفقهاء كذلك وعلى هذا اتفق جمهور الفقهاء. فالشفعة إذن ثابتة بدون خلاف في العقار وكل ما يتصل به عن طريق الالتصاق.
4- أن يتم تفويت الحصة المشتركة بعوض كالبيع. أما إذا تم التفويت بدون عوضفلا يجوز طلب الشفعة أو ممارستها كما هو الأمر في انتقال الحصة المشتركة بسبب الهبة أو الوصية أو الإرث أو الوقف.
ويجب التنبيه بأن البيع الذي تترتب عنه الإقالة أي التراجع عن البيع كما لو تقابل المتعاقدان وأرجع كل منهما العوض للآخر. فهناك من الفقهاء من يعتبر الإقالة بمثابة بيع جديد تجوز معه الشفعة وهو الاتجاه الذي يسير فيه المجلس الأعلى.
5- أن يطلب الشفيع ممارسة حق الشفعة بمجرد علمه بالبيع وعلى أبعد حد داخل أجل سنة من تاريخ العلم بالبيع بالنسبة للعقار غير المحفظ أما العقار المحفظ فتختلف آجال ممارسة الشفعة بحسب الحالات ويعتبر تاريخ تسجيل التصرف هو المنطلق لاحتساب الآجال.
6- أن يعرض الشفيع على المشتري الأجنبي الثمن الذي تم به البيع معجلا مع المصاريف المترتبة عن ذلك وذلك خلال أجل لا يتجاوز ثلاثة أيام من تاريخ الإعلان عن الرغبة في الأخذ بالشفعة ولا ينبغي الخلط هنا بين أجل ممارسة الشفعة وأجل عرض الثمن. وسبب التعجيل بدفع الثمن خلال أجل ثلاثة أيام هو مراعاة وضعية المشتري الذي سينزع منه الشيء المبيع.
ودعوى الشفعة تقوم مبدئيا بين أطراف ثلاثة هم الشفيع والمشتري والبائع. وعليه يجب على الشفيع أن يختصم المشتري والبائع معا، فالبائع خصم حقيقي في الشفعة شأنه في ذلك شأن المشتري ذلك أن الشفعة تؤدي إلى حلول الشفيع محل المشتري فيما له وما عليه وإذا تعدد البائعون أو المشترون وجب على الشفيع أن يختصمهم جميعا.
3- تزاحم الشفعاء وتجزئة الشفعة:
إذا قام أحد الشركاء ببيع حصته المشاعة وكان الشركاء في الشيء المشفوع فيه متعددون وتكون لهم رغبة جماعية في استرجاع المبيع حيث يتسابقون إلى طلب الأخذ بالشفعة وتنشأ حالة تسمى بتزاحم الشفعاء فلمن تعطى الأسبقية في ممارسة حق الشفعة ؟
لقد أفاض الفقهاء في تحليل مختلف الحالات التي يتزاحم فيها الشفعاء وأوجدوا أحكاما لكل الحالات حيث يمكن الرجوع إليها في كتب الفقهاء.
ونكتفي بإعطاء تلخيص موجز للفرضيات الممكنة في حالة تعدد الشفعاء:
1- إذا كان المستحق للشفعة شخص واحد وطلبها فهي له كما لو كان العقار مشتركا بين شخصين وباع أحدهم نصيبه لمشتري أجنبي فيحق للشريك الآخر ممارسة حق الشفعة وحده بحيث لا يزاحمه أي أحد فيها.
2- إذا كان المستحقون للشفعة أكثر من شخص واحد ولم يطلبها إلا بعضهم فهي لمن طلبها دون غيره حيث يتعين على هذا البعض أن يشفع الكل أو يترك.
3- إذا كان الشركاء متعددين وقام الجميع بطلب الشفعة وكانت شروطها متوفرة فيهم جميعا فإن المشفوع فيه يقسم بينهم قسمة تناسبية كل بقدر نصيبه في الشيء المشترك.
وقد أخذ المشرع المغربي بنفس الاتجاه في الفصل 974 من ق.ل.ع الذي جاء  في فقرته الثانية ما يلي:
"لكل من المالكين على الشياع أن يشفع بنسبة حصته فإذا امتنع غيره من الأخذ بها لزمه أن يشفع الكل".
ونفس الشيء ورد في الفصل 26 من ظهير 2 يونيو 1915 المتعلق بتطبيق تفاصيل نظام التحفيظ العقاري :
"يمارس هذا الحق على نفس العقار من طرف جميع الشركاء كل بقدر نصيبه فإن تنازل البعض منهم فإن هذا الحق يمارسه الباقون بقدرحصصهم".
ويتجلى مما سبق أن الشفعة لا تتجزأ إلا برضى المشفوع منه (المشتري). وقد جاء  في كتاب القوانين الفقهية لابن جزى :
"إذا وجبت الشفعة لجماعة اقتسموا المشفوع على قدر حصصهم وإن سلم بعضهم فللآخر أخذ الجميع أو تركه وليس له أن يأخذ نصيبه إلا إذا أباحه المشتري".
4- تصرفات المشتري في الشيء المشفوع فيه:
قد يتصرف المشتري في الشيء المشفوع فيه بأنواع التصرفات المادية أو القانونية بصفته كمالك.
فما حكم هذه التصرفات بالنسبة للشفيع إذا مارس حقه في الشفعة داخل الأجل ووفق الشروط المقررة ؟
وهنا يميز بين التصرفات المادية والتصرفات القانونية :
1- بالنسبة للتصرفات المادية:
وتتمثل في إحداث بناءات جديدة أو أغراس أو إدخال تحسينات أو تغييرات على الشيء المشفوع فيه وترتبت عنها زيادة في قيمة العقار فيميز بين حالتين :
-الحالة الأولى:
إذا قام المشتري بإحداث بناءات أو أغراس قبل طلب الشفعة فإنه يعتبر مثل الباني  أو الغارس حسن النية ويخير الشفيع في مثل هذه الحالة بين أمرين:
· إما دفع قيمة البناء أو الأغراس إضافة إلى ثمن الاستشفاع.
· وإما ترك الشفعة.
- الحالة الثانية:
إذا قام المشتري بإحداث بناءات أو أغراس بعد طلب الشفعة فإنه يعتبر في حكم الباني أو الغارس سيء النية حيث يخير الشفيع بين أمرينكذلك:
· إما مطالبة المشتري بهدم ما بنى أو قلع ما غرس على نفقته ودون أي تعويض.
· إما أن يتملك الشفيع البناءات أو الأغراس بقيمتها إذا رغب في ذلك.
2- بالنسبة للتصرفات القانونية:
وتتمثل في القيام بالتصرفات التي تؤدي إلى نقل ملكية الشيء المشفوع فيه إلى الغير خلال أجل الشفعة أو خلال ممارستها فإن الشفعة تمارس ضد هذا الغير وإذا توالت البيوع فإن الشريك يكون مخيرا بممارسة الشفعة ضد أي مشتر يريد لأن كل شراء ينبعث معه حق جديد مع أجل جديد للشفعة.
5- مسقطات الشفعة:
إن الشفعة تعتبر بمثابة نزع جبري للملكية من يد المشتري الأجنبي وهي تخالف قاعدة الرضائية في العقود. فالأصل في العقود التراضي والشفعة تخالف هذا الأصل لأن الشفيع يسترجع المبيع من مشتريه جبرا عنه.
ولهذا قيدت الشريعة الإسلامية حق ممارسة الشفعة بشروط محددة ويؤدي الإخلال بهذه الشروط إلى سقوط الحق في الشفعة.
ومن بين الحالات التي تؤدي إلى سقوط الحق في الشفعة مايلي:
1- يسقط حق الشفعة بمرور الأجل المقرر لها دون المطالبة بها ويعتبر هذا السبب من أكثر الأسباب التي تثار أمام المحاكم بمناسبة دعوى الشفعة خاصة وأن هذه الآجال متنوعة وتختلف بحسب نوعية العقار والنظام القانوني الذي يخضع له بحسب ما إذا كان العقار محفظا أو عقارا غير محفظ أو عقارا في طور التحفيظ كما سبق بيان ذلك.
2- يسقط حق الشفعة بتنازل الشفيع عن ممارسة هذا الحق صراحة بعد إتمام البيع. أما التنازل قبل تمام البيع فلا يكون موجبا لسقوط حق الشفعة لأن الحق فيها لم يوجد بعد.
3- يسقط حق الشفعة بخروج الملك من يد الشريك قبل البيع حيث يفقد صفة الشريك   ولا يمكنه التذرع بأنه كان شريكا فيما قبل.
4- ينقضي حق الشفعة بقسمة الشيء المشاع قسمة نهائية أدت إلى انقضاء الشيوع حيث يستقل كل شريك بنصيبه ويصبح الشركاء مجرد جيران لا شركاء وشفعة الجار غير جائزة في مذهب الإمام مالك كما سبق ذكره.     
المحور الثاني: آجال الشفعة
سيتم تناول المحور الثاني حسب التقسيم التالي:
1-             أجل شفعة العقار غير المحفظ.
2-             أجل شفعة العقار المحفظ.
3-             أجل شفعة عقار في طور التحفيظ.
لقد حدد المشرع آجالا محددة لممارسة الشفعة وهي آجال واجبة الاحترام ولا يرد عليها وقف أو انقطاع وإلا ترتب عن ذلك سقوط الحق في الشفعة.
تختلف آجال ممارسة حق الشفعة بحسب النظام القانوني الذي يخضع له العقار.

1- أجل الشفعة في العقار غير المحفظ:
فالعقار غير المحفظ يخضع لأجل عام هو سنة من تاريخ العلم بالبيع لا من تاريخ إبرام عقد البيع حيث يجب على الشفيع أن يفصح عن رغبته في المشفوع فيه فور علمه بالبيع وعلى أبعد تقدير خلال أجل سنة إذا كان العقار غير محفظ استنادا إلى القاعدة التي تقول " الغائب على شفعته حتى يحضر".
ولقد سبق للمجلس الأعلى أن حدد الفترة التي يجب أن يحصل فيها العلم حيث أصدر قرارا يحدد فيه الفترة التي يجب أن يقع فيها العلم في ثلاث أو أربع سنوات بحيث إذا لم تمارس الشفعة خلال هذه المدة سقط حقه فيها وذلك حتى لا يبقى المشفوع منه تحت رحمة علم الشفيع وفي وضعية معلقة وغير معروفة. وقد وقع التساؤل كذلك حول التقويم المعتمد لاحتساب أجل السنة هل التقويم الهجري أم التقويم الميلادي علما بأن الفقهاء المسلمين حينما وضعوا أحكام الشفعة وآجالها فقد استندوا في كل ذلك إلى الشريعة الإسلامية التي تعتمد التقويم الهجري.
ولقد سبق للمجلس الأعلى كذلك في إحدى قراراته أن بت في مسألة من هذا القبيل واعتمد التقويم الميلادي لاحتساب أجل السنة ما دام أن هذا التقويم هو أصلح للشفيع حيث يستفيد من 13 يوما إضافية وهو اتجاه لا يستقيم في نظرنا لكون الشفعة هي استثناء لأسباب التملك وكما يقول الفقهاء: " الشفعة كحل العقال تسقط لأتفه الأسباب". ولهذا فلا يمكن التوسعة على الشفيع من حيث الأجل على حساب المشفوع منه.
2- آجال الشفعة في العقار المحفظ:
لقد اختلفت الآراء فيما إذا كان البيع غير المسجل بالرسم العقاري ينهض كحجة لممارسة حق الشفعة فرأى فريق جواز الأخذ بالشفعة ولو أن العقد لم يسجل فمتى انعقد البيع بكيفية صحيحة وجبت الشفعة بصرف النظر عن التسجيل الذي ينحصر أثره في شكلية نقل الملكية بالرسم العقاري ورأى فريق آخر عدم جواز الأخذ بالشفعة إلا من تاريخ تقييد البيع بالرسم العقاري ونقل الملكية إلى المشتري وفقا لما هو منصوص عليه في الفصول 65 و66 و67 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري. أما العقار الذي يوجد في طور التحفيظ فله وضع خاص بشأن ممارسة الشفعة وهو ما سنتناوله لاحقا مستعرضين مختلف الإشكالات التي يطرحها.      
وقد قرر المشرع ثلاثة آجال لممارسة حق الشفعة في العقار المحفظ، وربط كل أجل بشروط معينة نوضحها كالآتي:
     2-1- ممارسة الشفعة خلال ثلاثة أيام:
إن أجل الثلاثة أيام محدد بمقتضى الفصل 31 من ظهير 2 يونيو 1915 حيث نص على أن المشتري يمكنه بعد تقييد شرائه أن يبلغه لكل من له حق الشفعة، ويسقط حق هذا الأخير إن لم يمارسه داخل ثلاثة أيام من تاريخ هذا التبليغ تضاف إليها آجال المسافة.
بحيث إذا كان المشفوع منه له موطن خارج عن مقر محكمة الشفيع تطبق في هذه الحالة مقتضيات المادتين 40 و41 من قانون المسطرة المدنية.
والفصل 31 المشار إليه يشترط توافر شروط معينة لتقييد حق الشفيع بهذا الأجل القصير والمفاجئ وتتجلى هذه الشروط فيمايلي:
1- أن يتم تقييد عقد الشراء في الرسم العقاري حتى يصبح المشتري مالكا وتنقل إليه الملكية وفقا للفصل 65 من ظهير التحفيظ العقاري.
2- أن يقوم بعد ذلك بتبليغ نسخة من عقد الشراء لكل من له الحق في ممارسة حق الشفعة تبليغا رسميا إما بواسطة المفوض القضائي او عن طريق البريد المضمون مع الإشعار بالتوصل، أو عن طريق مكتب التبليغات بالمحكمة الابتدائية التي يقع العقار بدائرتها ويجب أن يتم هذا التبليغ إلى جميع الشركاء ليسري أجل الثلاثة أيام في حقهم، بحيث أن تبليغ أحد الشركاء فقط لا يكفي لسريان الأجل المذكور في مواجهة بقيتهم. والتبليغ يجب أن يكون شخصيا للمشفوع منه دون غيره وذلك نظرا لما يترتب عن قصر الأجل من الآثار. وقد أكد المجلس الأعلى في قرارات عديدة على ضرورة التبليغ الشخصي حيث لا يسري أجل الثلاثة أيام المنصوص عليه في الفصل 31 من ظهير 2 يونيو1915 لممارسة حق الشفعة إلا إذا وقع التبليغ إلى الشفيع شخصيا، فلا يكفي التبليغ الذي يقع في موطنه لأقاربه أو خدمه (قرار عدد 1763 المؤرخي 14/04/99 ملف مدني 4077/96 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 53 و54 سنة 1999).
3- إن التبليغ يجب أن يكون لاحقا لتسجيل البيع لا سابقا له فالتبليغ الواقع قبل التسجيل لا ينتج أثره حيث يبقى متوقفا على واقعة التسجيل.
ولم يحدد المشرع أجلا معينا للقيام بهذا التبليغ فمن حق المشتري استعمال هذه الإمكانية مباشرة بعد التسجيل لمباغتة الشركاء في ممارسة حقهم. كما يمكنه الاستغناء عن التبليغ حيث يبقى للشركاء استعمال حقهم في الشفعة خلال أجل أطول وهو أجل سنة.
4- إن التبليغ يجب أن يتم من طرف المشتري دون غيره، فالتبليغ الحاصل من طرف البائع لا يعتد به، لأنه فقد صفته كمالك منذ إبرام عقد البيع وتسجيله. ولقد نص الفصل 31 المشار إليه سابقا بصفة صريحة على وجوب حصول التبليغ من طرف المشتري دون غيره.
5- وإذا قام المشتري بهذا التبليغ فإن من له الحق في ممارسة الشفعة والذي تم تبليغه أن يمارس هذا الحق خلال ثلاثة أيام الموالية للتبليغ وإلا سقط حقه. وممارسة هذا الحق لا تنحصر في مجرد الرغبة باسترداد الحصة المبيعة بل ينبغي أن تكون هذه الرغبة مصحوبة بالعرض العيني لثمن البيع المذكور في العقد وللتكاليف المترتبة عنه.
وأجل الثلاثة أيام يطرح مشاكل كثيرة أمام القضاء نظرا لقصره من جهة ونظرا لكون الشفيع يصبح تحت رحمة المشتري إذا ما فاجأه بالتبليغ حيث يتوجب عليه ممارسة حق الشفعة خلال وقت قصير جدا مما يدفع كثيرا من الشفعاء إلى التحايل على القانون لوقف هذه المدة بطريق أو بآخر. وإننا نستند إلى تعليق ورد على حكم في الموضوع يبين المآخذ التي تنتج عن هذا الأجل القصير. ولقد جاء في هذا التعليق ما يلي:
"يعتبر أجل الثلاثة أيام المنصوص عليه في الفصل 31 من ظهير 2 يونيو 1915 لممارسة حق الشفعة أجلا قصيرا لا يتناسب مع الإجراءات التي يجب على الشفيع أن يقوم بها خلاله، وهي كثيرة منها إعداد المال اللازم لتغطية ثمن البيع، والمصاريف وكذا قيمة التحسينات في بعض الأحيان، ثم الالتجاء إلى المحكمة بطلب عرض ذلك على المشفوع منه وإيداعه بعد ذلك في صندوق المحكمة إذا رفض قبول العرض.
كما لا يتناسب مع الأجل الممنوح للشفيع الذي حضر مجلس العقد شهران   من تاريخ تحرير العقد.
في حين أن الشفيع الذي حضر مجلس العقد ليسري في حقه أجل الشفعة  لم يفرض عليه هذا الموقف فرضا ولم يفاجأ به وإنما كان نتيجة مبادرة منه. بينما أن الشفيع الذي أعلم بوقوع البيع قد فرض عليه الموقف فرضا، وقد يكون توقيت إعلامه بالبيع مقصودا ومع ذلك فلا خيار له فإما أن يمارس حق الشفعة في الأجل المحدد له أولا يمارسها بالمرة.
ولهذا فإنه إذا كان لابد من التمييز بين الحالتين من حيث أجل الشفعة فإن الشفيع الذي فرض عليه أن يمارس حق الشفعة في الوقت الذي أراده له غيره، يكون أولى بالرعاية           من غيره." (تعليق منشور بمجلة المجلس الأعلى عدد 26 أكتوبر 1980).
ويلاحظ من كل هذا أن واضعي الفصل 31 من قانون 2 يونيو 1915 خلطوا بين آجال ممارسة الشفعة وبين أجل العرض العيني للثمن.
فأجل ثلاثة أيام ليس أجلا لممارسة الشفعة بل للعرض العيني للثمن. وبهذا ورد في مختصر خليل: "وإن قال أنا آخذ أجل ثلاثا للنقد." فإذا أعلن الشفيع عن رغبته في ممارسة الشفعة (وأنا آخذ) لزمه دفع الثمن نقدا خلال ثلاثة أيام.
وقد تم تأكيد هذا الأجل في الفقرة الأخيرة من الفصل 974 من ق.ل.ع:
"ويلزمه أن يدفع ما عليه معجلا وعلى الأكثر خلال ثلاثة أيام".
ولهذا فإن أجل الثلاثة أيام الوارد في الفصل 31 المشار إليه هو تأويل خاطئ لما هو مقرر في الشريعة الإسلامية ويتعين بالتالي تصحيحه.
2-2- ممارسة الشفعة خلال أجل شهرين:
إن أجل الشهرين محدد بمقتضى الفصل 32 من ظهير 2 يونيو 1915 حيث نص على أنه في حالة ما إذا لم يقم المشتري بهذا التبليغ، فإن حق الشفعة يتقادم بمضي شهرين ابتداء من تاريخ العقد إن حرر بمحضر الشركاء وهو أجل مستمد من مختصر خليل.
"تسقط الشفعة بهدم أو بناء أو شهرين إن حضر العقد وإلا فسنة".
ونستنتج من هذا أن ممارسة حق الشفعة خلال أجل شهرين مرتبط بشروط معينة منها:
1- أن يحضر الشركاء على الشيوع أثناء إبرام العقد. ومعنى حضور إبرام العقد في هذا المجال هو المشاركة فيه.
إن الإشارة إلى حضورهم في العقد تتطلب توقيعهم إذا كان العقد عرفيا ليكون توقيعهم بمثابة التزام على الحضور وإلا فبإمكانهم إنكار هذا الحضور في حالة العقد العرفي.
أما في حالة إبرام العقد أمام موثق أو عدول فإن الإشارة إلى حضورهم في العقد الرسمي تكون كافية على حضورهم ومع ذلك فينبغي على الموثق أو العدلين مطالبة الحاضرين بالتوقيع في محضر خاص زيادة في الاحتياط.
2- أن تتم الإشارة في العقد إلى حضورهم ليصبح أجل الشهرين ساريا في حقهم. وإن مجرد العلم بإبرام العقد لا يكفي للاحتجاج بفوات الأجل فإثبات الحضور ينبغي أن يتم إذن بمقتضى البيانات التي يتضمنها العقد.
3- أن يمارس الشركاء الذين حضروا إبرام العقد حقهم في الشفعة خلال أجل شهرين ابتداء من تاريخ إبرام العقد لا من تاريخ التسجيل وتستدعي هذه الحالة طرح بعض الملاحظات لأنها هي التي كانت مثار خلاف في الفقه والقضاء.
إن حضور الشركاء أثناء إبرام العقد يقصد به حضورهم مجلس العقد سواء بصفتهم مشاركين مفاوضين أو ملاحظين. وأنه لا يعتد به إلا إذا تمت الإشارة إلى حضورهم في العقد. فليس المقصود بالحضور في هذا المجال هو مجرد الحضور الفعلي بل الحضور الرسمي الثابت في العقد. ولهذا فإن مجرد العلم بإبرام العقد لا يكفي للاحتجاج على المستفيدين من حق الشفعة بفوات الأجل. كما أن حضورهم دون الإشارة في العقد إلى ما يثبت هذا الحضور يجعلهم يتحللون من أجل الشهرين لممارسة حقهم في الشفعة.
ونشير في هذا الصدد إلى قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط يقضي بأن مجرد العلم بالبيع لا يكفي لممارسة حق الشفعة خلال أجل شهرين المحدد في الفصل 32 من ظهير 2 يونيو 1915 إذا كان عقد البيع لا يشير إلى حضور من له الحق في الشفعة أثناء              إبرام العقد.
ويستفاد من هذا القرار أنه إذا لم تتم الإشارة في عقد البيع إلى حضور الشركاء الذين لهم الحق في ممارسة الشفعة فإنه لا يمكن الاستدلال على حضورهم بشهادة الشهود أو بأية وسيلة أخرى.
وقد حدد المشرع أجل ممارسة حق الشفعة في هذه الحالة بشهرين ابتداء من تاريخ إبرام العقد وليس من تاريخ تسجيله بالمحافظة العقارية، وتعتبر هذه الحالة خروجا عن المبدأ المقرر والذي يعتبر تسجيل عقد البيع على الرسم العقاري نقطة الانطلاق الوحيدة لاحتساب الآجال المقررة لممارسة حق الشفعة أو التنازل عنها. فالفصل 33 من ظهير 2 يونيو 1915 يفيد ذلك صراحة حيث جاء فيه بأنه لا يمكن للشركاء في الملك أن يتنازلوا عن حقهم في الشفعة قبل تسجيل الشراء بالكناش العقاري وإلا كان تنازلهم باطلا.
ولقد كانت هذه الحالة سببا في إثارة مناقشات كثيرة أدت إلى اختلاف وجهات النظر بين القضاة العقاريين منذ وضع قواعد القانون العقاري، ويتجلى هذا الاختلاف من خلال بعض الأحكام المتناقضة.
فلقد أصدرت محكمة الاستئناف قديما قرارات عديدة تفيد تشبتها بمبدأ حجية التسجيل لممارسة أي حق من الحقوق. بما فيه حق الشفعة. ومن جملة هذه القرارات القرار الصادر بتاريخ 22 يونيو 1944 والقاضي بأن كل تصريح بممارسة حق الشفعة يعتبر باطلا في مواجهة الفصل 32 إذا وقع قبل تسجيل عقد البيع بالسجل العقاري، وجاء في قرار آخر صادر بتاريخ 23 دجنبر 1950 عن محكمة الاستئناف أيضا بأن الفصل 33 من ظهير 2 يونيو 1915 يعتبر كل ممارسة لحق الشفعة وقعت قبل تسجيل عقد التصرف على الرسم العقاري باطلا بطلانا مطلقا، ولا يمكن الاستدلال على انتقال الملكية إلا بواسطة السجل العقاري وحده. وقد استند عدد من القضاة في أحكامهم على المبادئ المقررة في نظام التسجيل العيني وعلى حجية التسجيل العقاري، فكل حق مسجل على الرسم العقاري يعتبر موجودا وقائما وكل ما لم يسجل على الرسم العقاري يعتبر منعدما وغير موجود. ومع توارد الأحكام في هذا الاتجاه تدخل المجلس الأعلى في إحدى قراراته ليوضح موقفه اعتمادا على ظاهر النص دون أن يتعرض للأسباب التي استند إليها المشرع لتقرير هذه الحالة الاستثنائية، وقد جاء في هذا القرار   ما يلي :
"إن الفصل 32 من ظهير2 يونيو1915 ينص صراحة وبعبارات لا غموض فيها على أن حق الشفيع الذي يحضر عقد البيع يسقط بمضي شهرين ابتداء من تاريخ العقد دون إضافة أي شرط آخر، ولا يمكن تأويله وتحميل مقتضياته غير ما أراد لها المشرع الذي          قد يحيد في بعض الجزئيات عن مبدأ أقره لاعتبارات يراها أحق بالرعاية والاعتبار".
ورغم ذلك فلقد استمرت بعض المحاكم في نفس الاتجاه، متخذة من التسجيل مبدأ لسريان حق الشفعة مهما كانت الأحوال، مما جعل المجلس الأعلى يتصدى لكثير من القضايا المماثلة أو يحيلها على بعض محاكم الاستئناف للنظر فيها من جديد.
وهكذا ورد في إحدى حيثيات قرار آخر صادر عن محكمة الاستئناف بالبيضاء بتاريخ 20 أبريل 1978 بعد إحالة القضية عليها من طرف المجلس الأعلى ما يلي :
"وحيث أن الآجال المنصوص عليها في الفصلين 31، 32 من القانون العقاري لا تبتدئ إلا من يوم تقييد الشراء بالسجل العقاري، وإن سقوط الشفعة بمضي شهرين يكون في حالة ما إذا حرر العقد بمحضر الشركاء، وأنه يجب التنصيص على هذا الحضور ولا يمكن إثباته بأية وسيلة أخرى، وأنه يتبين من عقود الأشرية أن الشفيع لم يكن حاضرا بمجلس العقد، وأن إثبات هذا الحضور بشهادة اللفيف غير مقبول لمخالفة ذلك للنص القانوني، هذا النص يتوافق مع قواعد الفقه الإسلامي وبذلك يكون الدفع غير مرتكز على أساس، وبعدم قبول جميع وسائله، وأنه يتعين البت في طلب الشفعة على اعتبار أن الشفعة تسقط بمضي سنة في الأحوال الأخرى".
وإذا كنا لا نجادل في كون المشرع لم يتطلب تسجيل عقد البيع في هذه الحالة حسب الفصل 32 لأسباب أولى بالاعتبار. فإننا لا ندري ما هي الأسباب التي دفعت به إلى إعطاء المستفيدين من حق الشفعة مهلة أطول ما داموا قد حضروا أثناء إبرام العقد إلى جانب البائع والمشتري وثبت علمهم بالبيع، حيث كان بالإمكان إلزامهم بالتعبير عن إرادتهم في ممارسة حق الشفعة أثناء إبرام العقد أو خلال الثلاثة أيام الموالية لإبرامه. فليس هناك أي مبرر لإعطائهم مدة أطول. هذا مع العلم بأن الشريك الذي لا يحضر إبرام العقد قيده المشرع بمهلة ثلاثة أيام، إذا تم تبليغه بواسطة المشتري حيث يلعب عنصر المفاجأة دوره في هذه الحالة. فالشخص يفاجأ بالبيع أثناء تبليغه به ويفاجأ بالمهلة القصيرة التي قيده بها المشرع وهي ثلاثة أيام وهي غير كافية في نظرنا خاصة لجمع المبلغ المطلوب وعرضه على المشتري.
وإنه يحق لنا مع ذلك أن نتساءل عن الأسباب التي دفعته إلى عدم اشتراط التسجيل وهي أسباب تبقى غير مستساغة في نظرنا وتعتبر خروجا عن المبادئ المقررة في نظام التسجيل العيني، ونستدل على ذلك بالمبررات التالية:
1- إن طلب الأخذ بالشفعة في بيع لم يتم تسجيله هو طلب سابق لأوانه. لأن الشفعة وجدت لدرء الضرر الذي يلحق الشفيع من جراء تصرفات ينبني عليها حلول شريك جديد غير مرغوب فيه، أو لوجود حقوق عينية لكل من البائع والشفيع يحسن معها توحيد الملكية كما هو الشأن في الملكية المشتركة. وهذه المشروعية تستلزم حتما وجود بيع تام ينقل الملكية من البائع إلى المشفوع منه، حتى يوجد حق الشفيع.
2- إن الأسباب الموجبة للشفعة في ظل أحكام الشريعة الإسلامية لا تتنافى مع ما هو منصوص عليه في قانون التسجيل العقاري حيث يتضح ذلك من خلال الفصل29 ومن المبادئ المقررة في الشريعة الإسلامية. وهو أن الشفعة لا توجد إذا كان البيع قابلا للفسخ بالخيار. وهذا يفيد بأن الشفعة لا تجوز إلا في البيع البات أما البيع المرتبط والمعلق على إتمام إجراءات نص عليها القانون فهو بيع لم يتم بعد وهذا يفيد بأنه يشترط لممارسة حق الشفعة أن يصير المشتري مالكا للعقار بكيفية قانونية وهذه الكيفية لا تتمثل في إبرام العقد وحده بل وبتسجيله أيضا بالسجل العقاري.
3- إن ممارسة الشفعة قبل تسجيل البيع تعرض الشفيع لبعض المخاطر فما دام البيع لم يسجل فقد يحجز خلال الفترة السابقة عن التسجيل أو يباع بالمزاد العلني ويقيد المزاد، ومعلوم أن الشفعة لا يمكن ممارستها إذا تم البيع بالمزاد العلني ووقع تبليغ الشركاء بذلك ليتمكنوا من الحضور والمشاركة في المزاد.
كما يمكن أن يصرح بإفلاس المالك ويتم تقييد حكم الإفلاس ويمتنع على الشفيع في مثل الحالات إن هو مارس حق الشفعة التوصل إلى تسجيل حقه المشفوع بالسجل العقاري.
4- إنه لو سمح بممارسة الشفعة قبل التسجيل فهل يمكن للشفيع أن يصبح بدوره مالكا للعقار المشفوع فيه دون تسجيل ؟ إن مبدأ حجية التسجيل ينبغي أن يطبق على الجميع فكما أن انتقال الملكية لا يسري في مواجهة المشتري إلا ابتداء من تاريخ التسجيل فكذلك حق الشفعة  لا يجب أن يثبت للشركاء إلا بعد التسجيل.
5- إن الفصل 33 من ظهير 2 يونيو 1915 ينص على أنه لا يمكن للشركاء في الملك أن يتنازلوا عن حقهم في الشفعة قبل تسجيل الشراء بالسجل العقاري وإلا كان تنازلهم باطلا. وهذا يفيد بصفة صريحة بأن التنازل عن حق الشفعة لا ينشأ إلا بعد نشوء الحق العيني الذي تتعلق به الشفعة وقياسا على ذلك فإن حق الشفعة بدوره لا ينشأ إلا بعد نشوء الحق العيني المشفوع فيه فإذا كان التنازل عن حق الشفعة قبل تسجيل الشراء يعتبر باطلا فكذلك ممارسة هذا الحق قبل تسجيل الشراء ينبغي أن يعتبر باطلا بالرغم من حضور الشركاء أثناء إبرام العقد.
2 -3 - ممارسة الشفعة خلال سنة:
يعتبر أجل السنة أجلا عاما تمارس فيه الشفعة إذا لم تتوفر شروط الحالة الأولى، ولا الحالة الثانية، وقد ورد النص على هذا الأجل في العبارات الأخيرة من الفصل32 من ظهير2 يونيو 1915 حيث جاء فيه:
"وفي جميع الأحوال بمضي سنة واحدة ابتداء من تاريخ تقييد البيع إن لم يحضره الشركاء".
ونستنتج من هذه العبارات أن أجل السنة المقرر لممارسة الشفعة يعتبر أجلا عاما عندما لا تتوفر شروط الحالتين المقررتين، أي أن حق الشفعة يمارس خلال أجل سنة إذا تم إبرام عقد البيع بغير حضور الشركاء ودون أن يتم إعلامهم بذلك من طرف المشتري ويحتسب أجل السنة اعتبارا من تاريخ تسجيل عقد البيع بالرسم العقاري لا قبله. ورغم صراحة النص على هذه الحالة فإن بعض المحاكم تذهب إلى الأخذ بتاريخ إبرام العقد كبداية لاحتساب أجل السنة حيث يخلطون بين نقطة انطلاق أجل الشفعة في العقارات المحفظة والعقارات غير المحفظة. وقد دفع هذا الخلط بالمجلس الأعلى إلى إصدار قرار له في الموضوع يفيد بأن الشفيع الذي لم يقع البيع بمحضره لا يسقط حقه في طلب الشفعة بعد شهرين بل بعد انقضاء سنة وأن أمد السنة هذا يبتدئ من تاريخ تسجيل البيع في المحافظة العقارية لا من تاريخ وقوعه.
والملاحظ أن المجلس الأعلى ليس مستقرا على رأي واحد في هذه المسألة رغم وضوح النصوص المتعلقة بالتحفيظ العقاري ويكفي أن نبرز هذا التناقض من خلال القرارين التاليين:
فقد قضى في قرار تحت رقم 588 صادر بتاريخ 20 شتنبر 1976 بما يلي:
"يجوز للشفيع أن يمارس حق الشفعة ولو قبل تسجيل عقد الشراء على الرسم العقاري".
وقضى في قرار آخر تحت رقم 127 بتاريخ 23 فبراير 1977 بخلاف ذلك لا تثبت لطالب الشفعة صفة الشريك التي يستحقها إلا إذا كان عقد تملكه مقيدا بالسجل العقاري قبل تقييد تملك المطلوب منه الشفعة.
وقد يلتجئ الشفيع أحيانا إلى إجراء تقييد احتياطي للحفاظ على حقه في ممارسة الشفعة قبل أن يتم تقييد عقد البيع وهذه الحالة تثير بعض التساؤل عن حجية هذا التقييد الاحتياطي وهل يعتبر تاريخ إجرائه كافيا لسريان أجل السنة ولممارسة حق الشفعة ؟
لقد تعرضت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء في حكم قديم لمثل هذه القضية وأيدته محكمة الاستئناف بالرباط حيث قضت المحكمة المذكورة بما يلي:
"إن تسجيل عقد البيع على الرسم العقاري يعتبر نقطة الانطلاق الوحيدة لاحتساب أجل السنة من أجل ممارسة حق الشفعة وإن التقييد الاحتياطي المسجل على الرسم العقاري قبل تسجيل عقد البيع من أجل حماية حق من الحقوق المشاعة لا يبيح ممارسة حق الشفعة ما دام المدعى بشأنه لم يثبت بعد ولم يسجل لفائدة المشتري".
ويتجلى من خلال هذا الحكم أن التقييد الاحتياطي إن كان يفيد صاحبه في حماية حقه وفي تقرير الأولوية فإنه لا يعتد به لممارسة حق الشفعة إلا بعد أن يثبت الحق المدعي فيه بواسطة حكم قضائي يكتسب قوة الشيء المقضي به، ويتم تسجيله وآنذاك ينشأ الحق في ممارسة الشفعة ويسري بشأنه أجل السنة.
إذا كان حق الشريك في المطالبة بالشفعة يستمر سنة من تاريخ تسجيل البيع بالمحافظة ونظرا لكون مصلحة المشتري تقتضي لأن يعرف مصير النصيب الذي انتقل إليه هل يبقى بيده أم سيأخذه الشريك بالشفعة.
لذلك فإن من حق المشتري أن يرفع دعوى على الشريك يطلب منه فيها الإعراب فورا عن موقفه من الشفعة.
فإن قرر الأخذ بالشفعة وجب عليه أن يؤدي الثمن والمصاريف في أجل لا يتعدى ثلاثة أيام وإلا سقط حقه فيها ولا يمكنه أن يتذرع بدعوى أن أجل الشفعة هو سنة وأنه سيعرب عن رأيه خلال السنة بحيث أن دعوى المشتري تضع حدا لمهلة السنة.
ويتضح من خلال هذه الحالات الثلاث أن المشرع اتخذ من تسجيل البيع بالسجل العقاري نقطة انطلاق لممارسة حق الشفعة ولاحتساب آجالها. وينهض هذا التسجيل حجة في مواجهة المشتري وفي مواجهة أصحاب حق الشفعة ولم يستثن من ذلك إلا حالة واحدة وهي التي يحضر فيها الشركاء حضورا فعليا تحرير العقد وتتم الإشارة إلى حضورهم في العقد نفسه رغم ما تتسم به هذه الحالة من مآخذ.
وأمام تعدد آجال الشفعة وما تطرحه من مشاكل في التطبيق فإن الضرورة تقتضي إعادة صياغة النصوص المنظمة لهذه الآجال بكيفية تزيل الإبهام والغموض الحاصل وسيكون في توحيدها رحمة للشفيع والمشفوع منه.   
3 - آجال شفعة عقار في طور التحفيظ
مادام العقار لم يحفظ فإن مقتضيات ظهير 2 يونيو 1915 لا تطبق بشأنه حيث يبقى العقار في هذه الحالة خاضعا لقواعد الشفعة طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية ولمقتضيات ق.ل.ع وبالخصوص الآجال المقررة لممارستها (ألا وهو سنة من تاريخ العلم بالبيع) وهو ما يثير كثيرا من النزاعات.
ولهذا يتعين التمييز بين حالتين:
1-  البيع السابق عن وضع مطلب التحفيظ.
2-  البيع اللاحق لوضع مطلب التحفيظ.
الحالة الأولى: البيع السابق لوضع مطلبالتحفيظ
إذا كان البيع سابقا عن وضع مطلب التحفيظ فهناكاحتمالان:
1-   إما أن يكون المشتري من بين طالبي التحفيظ.
2-   إما أن يكون المشتري شخصا أجنبيا عن مطلب التحفيظ.
أ- فإذا كان المشتري من بين طالبي التحفيظ فيحق للشركاء الآخرين ممارسة الشفعة ضد هذا المشتري المدرج اسمه ضمن طالبي التحفيظ خلال أجل سنة من تاريخ وضع مطلب التحفيظ لأنه يفترض حصول علم بقية الشركاء بدخول الأجنبي معهم في مطلب التحفيظ بل يمكنهم إثبات العلم بالبيع حتى قبل وضع مطلب التحفيظ " يثبت العلم بهدم أو بناء."
وفي جميع الأحوال فيعتبر وضع مطلب التحفيظ هو تاريخ حصول العلم منه ينطلق  أجل السنة.
ب- أما إذا كان المشتري شخصا أجنبيا عن مطلب التحفيظ فإن هذا الشخص يعتبر شخصا أجنبيا عن المسطرة الجارية في اسم البائع ويمكن للشركاء ممارسة الشفعة خلال أجل سنة من تاريخ حصول علمهم بالبيع بغض النظر على تاريخ وضع مطلب التحفيظ.
ويمكن للمشتري المطالبة بتضمين شرائه بمطلب التحفيظ مع القيام بخلاصة إصلاحية حيث يمكن للشركاء الآخرين ممارسة الشفعة خلال أجل سنة من تاريخ نشر الخلاصة الإصلاحية.
وإذا قرر المشتري أو ارتأى عدم تضمين اسمه بمطلب التحفيظ وعدم القيام بخلاصة إصلاحية ليبقى بعيدا عن مسطرة التحفيظ الجارية فإن في ذلك مخاطرة بالنسبة إليه لأن عملية تأسيس الرسم العقاري ستطهر العقار من الحقوق غير المضمنة وغير المعلنة بمطلب التحفيظ.
الحالة الثانية: البيع اللاحق لوضع مطلبالتحفيظ
إن البيع اللاحق لوضع مطلب التحفيظ يفترض أن أحد طالبي التحفيظ قد قام ببيع نصيبه إلى أحد شركائه أو إلى الغير.
وحتى لا يتأثر المشتري بالأثر النهائي للتحفيظ حيث أنه يطهر العقار من جميع الحقوق غير المعلنة خلال مسطرة التحفيظ فإنه من الواجب على المشتري أن يسعى إلى إشهار حقه بإحدى وسيلتين:
1- القيام بطلب إجراء خلاصة إصلاحية لمطلب التحفيظ وفقا للمادة 8 من القرار الوزيري 3 يونيو 1915 حيث يتعين وضع نسخة من عقد الشراء بالمحافظة العقارية بقصد القيام بإشهار جديد بالجريدة الرسمية وتضمين اسمه ضمن طالبي التحفيظ.
2- القيام بإيداع عقد الشراء وفقا لمقتضيات الفصل 84 من ظهير 12 غشت 1913 حيث يقيد بسجل التعرضات مع ما يترتب عن هاتين الوسيلتين من نتائج.
* فالقيام بخلاصة إصلاحية تستوجب القيام بالإشهار بالجريدة الرسمية وفي هذا تطبيق لمبدأ العلنية.
* أما القيام بالإيداع فلا يتطلب الإشهار بالجريدة الرسمية ومن الممكن أن يصل أمره إلى طالبي التحفيظ ويمكنهم ممارسة الشفعة ومن الممكن كذلك أن لا يصل هذا الإيداع إلى علم طالبي التحفيظ ومع ذلك فسيسري في حقهم هذا الإيداع.
وسنقوم بدراسة هاتينالوسيلتين:
2-1- إشهار البيع وفقا للمادة 8 من القرار الوزيري 3 يونيو 1915:
الفصل 8 من القرار الوزيري 30 يونيو 1915 (المعدل بقرار 18 غشت 1954):
"بصرف النظر عن المسطرة المقررة في المادة 84 من ظهير 12 غشت 1913 يجوز لصاحب الحق المنشأ أو المعدل أثناء جريان مسطرة التحفيظ، أن يطلب نشر هذا الحق في أقرب عدد من الجريدة الرسمية مدليا لدى المحافظة العقارية بالوثائق المثبتة للحق المذكور.
وتسير مسطرة التحفيظ سيرها القانوني، ولكن مع مراعاة ما جد من إنشاء أو تعديل للحق.
وإذا كان الإعلان عن انتهاء التحديد قد تقدم نشره بالجريدة الرسمية فإنه يجب نشره من جديد ليتأتى التعرض في أجل شهرين اثنين على الأقل ابتداء من الإعلان عن الحق المنشأ أو المعدل. غير أنه لا تقبل هذه الحالة إلا التعرضات التي تتعلق مباشرة بالحق المنشأ أو المعدل.
ويتم التحفيظ مع مراعاة الحق المنشأ أو المعدل أثناء جريان المسطرة".
بإمكان المشتري المطالبة بإجراء خلاصة إصلاحية لمطلب التحفيظ حيث يقوم المحافظ بإدخال اسم المشتري الجديد ضمن طالبي التحفيظ والقيام بإشهار جديد بالجريدة الرسمية حيث يأخذ المشتري مكانته في المسطرة الجارية ضمن طالبي التحفيظ ويختفي تبعا لذلك اسم المالك السابق (البائع).
وإذا كانت عملية التحديد قد تم إشهارها بالجريدة الرسمية فيتعين القيام بإجراء جديد لانتهاء عملية التحديد مع الإشارة فيها إلى اسم المشتري.
ويفتح إثر ذلك أجل جديد للتعرض وهو شهران حيث يفترض بأن باقي الشركاء أصبحوا على علم بدخول المشتري معهم وأصبح بإمكانهم ممارسة الشفعة إن أرادوا ذلك.
فأجل ممارسة الشفعة ينطلق ابتداء من تاريخ إشهار الخلاصة الإصلاحية (أجل سنة).
فهل تسري الآجال الأخرى المنصوص عليها في المادة 32 من ظهير 2 يونيو 1915 بالرغم من أن العقار لا يزال في طور التحفيظ؟
مبدئيا لا تسري تلك الآجال لأن مقتضيات ظهير 2 يونيو1915تخص العقارات المحفظة.
2-2- إيداع عقد البيع وفقا للمادة 84 من ظهير12 غشت 1913:
المادة 84 من ظهير 12 غشت 1913:
"إذا نشأ على عقار في طور التحفيظ حق خاضع للإشهار أمكن لصاحبه من أجل ترتيبه في التسجيل والتمسك بالحق المذكور في مواجهة الغير أن يودع بالمحافظة الوثائق اللازمة للتسجيل ويقيد هذا الإيداع بسجل التعرضات، ويسجل هذا الحق في الرسم العقاري بالرتبة التي عينت له بالتقييد السابق، وذلك في يوم التحفيظ وبشرط أن يسمح له به إجراءالمسطرة" .
إذا اكتفى المشتري بإيداع عقد شرائه بسجل التعرضات طبقا للمادة 84 فإن الأمر يصبح مثار نقاش لمعرفة أجل انطلاق ممارسة حق الشفعة.
فالغاية من الإيداع المنصوص عليه في المادة 84 هي القيام بالإشارة إلى عقد الشراء ضمن سجل التعرضات من غير أن يعتبر ذلك تعرضا وعندما يتخذ المحافظ قرار تأسيس الرسم العقاري فإنه يعمل في نفس الوقت على تقييد عقد الشراء إذا كانت مسطرة التحفيظ تسمح بذلك.
تجدر الإشارة بأن العقد المودع لا يتم إشهاره بالجريدة الرسمية، وليس بإمكان الغير ولا لطالبي التحفيظ العلم بهذا الإيداع إلا بواسطة الاطلاع المباشر على ملف مطلبهم وما يتضمنه من تعرضات وإيداعات ولا يقوم المحافظ بإخبار طالبي التحفيظ بهذا الإيداع خلافا لما عليه الأمر عند وجود تعرضات حيث يتعين على المحافظ تبليغ طالبي التحفيظ بالتعرضات المقدمة بشأن مطلبهم ليتخذوا الموقف المناسب.
فمسطرة التحفيظ في هذه الحالة تستمر في اسم البائع ويمكن أن تقدم بشأنه تعرضات.
أما المشتري فيتخذ دور الملاحظ لأن حقوقه المستمدة من البائع وتبقى رهينة بمطلب التحفيظ ولا يمكن أن تقدم تعرضات بشأنه.
ويظهر من خلال كل ما سبق الاختلاف الجوهري بين الوسيلة الأولى المشار إليها وهو الإيداع.
هل يمكن اعتبار هذا الإيداع بمثابة إشهار ؟
هل يمكن اعتبار تاريخ هذا الإيداع بداية لانطلاق أجل الشفعة ؟
لقد اختلفت وجهات نظر القضاء في هذه المسألة.
أ‌-  الاتجاهالأول:
يعتبر بأن إيداع عقد البيع وفقا لمقتضيات المادة 84 يكون نقطة انطلاق أجل السنة لممارسة الشفعة وإذا لم تمارس دعوى الشفعة داخل الأجل سقط حق الشركاء في ممارستها. وقرار تأسيس الرسم العقاري يطهر العقار من المطالبة بهذا الحق.
هل يمارس الشركاء الشفعة في شكل تعرض أم في شكل دعوى الشفعة لا غير ؟
لا يمكنهم ممارسة الشفعة في شكل تعرض للأسباب التالية:
لأن المشتري ليست له صفة طالب التحفيظ وليست له حتى صفة المتعرض فله وضع خاص. ومع ذلك فهم ينازعون في الشراء المودع بالمحافظة ويسعون إلى ممارسة الشفعة للحلول محله في حقه.
ولهذا يقوم الشركاء بممارسة دعوى الشفعة داخل مطلب التحفيظ لأن المادة 10  من ظهير 12 غشت 1913 تحتفظ لهم بهذا الحق وما دام الأمر يتعلق بنزاع فيتعين  على المحافظ تسجيله بسجل التعرضات.
ففي حكم قديم صادر عن محكمة الرباط في 20 ماي 1932 قضى بسقوط حق الشفيع لكونه مارس دعاواه خارج السنة من بعد إيداع عقد الشراء وفقا لمقتضيات المادة 84 وقد تم تأييد هذا الحكم بقرار صادر في 5 مارس 1935.
واعتبرت المحكمة بأن الشفيع في ممارسة الشفعة لا يبدأ من تاريخ تأسيس الرسم العقاري بل من تاريخ إيداع الشراء بالمحافظة.
* مع ملاحظة بأن الموقف الذي تبنته المحكمة موقف غير ثابت.
فالإيداع الذي قام به المشتري يجعل حقه معلقا على نتيجة التحفيظ فقرار المحافظ بتأسيس الرسم العقاري في اسم طالبي التحفيظ وضمنهم البائع ثم قراره بتقييد الشراء مباشرة هو الذي يعطي للمشتري صفة صاحب الحق.
- إذا اعتبرنا أن أجل السنة يسري من تاريخ الإيداع المنصوص عليه في المادة 84. فهذا يفيد بأن الشركاء لهم الحق في ممارسة الشفعة داخل أجل سنة من هذا التاريخ.
وقد يحصل أن يتخذ المحافظ قراره بتأسيس الرسم العقاري وتقييد الشراء المودع داخل هذه السنة. فهل قرار المحافظ بتأسيس الرسم العقاري وتقييد ذلك الشراء يمنع الشركاء الآخرين من ممارسة حقهم في الشفعة التي لم ينته أجلها بعد أم أن لهم الحق في ذلك ؟
إن السير في الاتجاه المذكور سيجعل حق الشركاء في ممارسة الشفعة يسقط قبل الأوان.
ب/ الاتجاه الثاني:
يعتبر بأن أجل السنة لممارسة الشفعة يبدأ من تاريخ الإيداع وفقا للمادة 84 ولكن  من غير أن يؤثر قرار التحفيظ على سريان هذا الأجل.
حيث يعتبر بأن تقييد الشراء بالرسم العقاري أتى لاحقا لتأسيسه وبالتالي يمكن أن يكون هذا التقييد موضوع نزاع وموضوع تقييد احتياطي بالرغم بأن إيداعه تم خلال سريان مسطرة التحفيظ.
فهذا الإيداع يعطي لصاحبه حقا احتماليا مؤقتا رهين بتأسيس الرسم العقاري.
حيث يأخذ هذا الحق رتبته بعد تأسيس الرسم مما يجعله حقا قابلا للتقييد فهو إذن وعد بالتقييد.
ولهذا فبإمكان الشركاء ممارسة الشفعة استنادا للإيداع الذي تم وفقا للمادة 84 وقبل تأسيس الرسم العقاري على اعتبار أن الإيداع قد تحول إلى تقييد بات وأعطى للمستفيد منه صفة المشتري اعتبارا من تاريخ التقييد وليس من تاريخ الإيداع.
فتأسيس الرسم العقاري تم باسم الشركاء وضمنهم البائع لأن المسطرة كانت جارية باسمهم وتقييد اسم المشتري تم وفقا لمسطرة التقييدات المنصوص عليها في المواد 65 إلى 67 من ظهير 12 غشت 1913.
وفي هذا الصدد يمكن للشركاء ممارسة الشفعة خلال الآجال المنصوص عليها  في المواد 31 و32 من ظهير 2 يوينو 1915.
وفي نظرنا يخلص من كل هذه الآراء وتلافيا لكثرة التأويلات وحتى لا يبقى المشتري مهددا بكثرة الآجال فيتعين اتباع مسطرة الإشهار المنصوص عليها في المادة 8 من القرار الوزيري 3 يونيو 1915.
الاستنتـاج العـام:
يتبين مما سبق عرضه ما يلي:
1 - بالنسبة للأحكام العامة للشفعة:
فإن الأمر يحتاج إلى تدخل المشرع لضبط هذه الأحكام وتقنينها ضمن مدونة الحقوق العينية لتصبح مرجعا موحدا للقضاء والمحامين ورجال القانون وسيضع هذا التوحيد حدا لكثرة التأويلات والاختلافات التي يجد القضاء نفسه أمامها نظرا لكثرة المؤلفات الفقهية  في الموضوع.
2 - بالنسبة لآجال الشفعة:
فإن الأمر يتطلب مراجعة هذه الآجال وتوحيدها بالنسبة لجميع العقارات محفظة كانت أو غير محفظة أو في طور التحفيظ.
وفي نظرنا فإنه يجب حصر هذه الآجال في أجلين اثنين:
أ‌-       ثلاثة أشهر بالنسبة للعقارات المحفظة انطلاقا من تاريخ تقييد البيع بالرسم العقاري.
ب- سنة تبدأ من تاريخ العلم بالنسبة للعقارات غير المحفظة والعلم يجب أن يحصل في جميع الأحوال خلال ثلاث سنوات.
ج - بالنسبة للعقار الذي يوجد في طور التحفيظ تمارس الشفعة خلال سنة من تاريخ نشر ملخص مطلب التحفيظ بالجريدة الرسمية.

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : أبحاث قانونية مغربية