-->

تعيين المحكمين القانون الواجب تطبيقه دور الهيئة الدولية للتحكيم

كلمة الاستاذ حميد الاندلسي

سيداتي، سادتي،
لقد حصل لي ا لشرف بتمثيل المملكة المغربية بالهيئة الدولية للتحكيم خلال اكثرمن عشر سنوات، ولقد تمكنت خلال هذه الفترة من اثراء معلوماتي  ومن استخلاص العبرة من جراء تلك التجربة المتواضعة. اسست الغرفة التجارية الدولة في سنة 1919 من طرف السيد "كليمونتيل" الذي كان من الساهرين على نمو وازدهارالتجارة الدولية. وليست من الغرابة اليوم ان يتراس السيد وزير العدل في حين كان السيد وزير العدل افتتاح هذا  اليوم  الدراسي،  وفي افتتاحه لهذا اليوم دلالة بناء على ماورد على لسان  وزير العدل الفرنسي السابق عندما قال  ان التحكيم الدولي المنظم من طرف  الهيئة  الدولية للتحكيم جاء لسد فراغ دون ان يحل محل اية هيئة قضائية. 

وخلال ندوة عقدت على ما اظن في نوفمبر 1987 بمدنية المحمدية صرح  زميلي الاستاذ المرنيسي ان 9% من طرف الاطراف المحكوم عليها دون حاجة من طرف المستفيذ من القرار الى اللجوء الى مسطرة الامربالتنفيذ، وان هذا التلقائي يفترض ان الهيئة الدولية للتحكيم  قد  راقبت  بما  فيه  الكفاية  سير والية التحكيم مما ادى بالطرف المحكوم  عليه الى تنفيذ القرارالتحكيمي سيروالية التحكيم مما ادى  بالطرف المحكوم عليه الى تنفيذ القرارالتحكيمي دون لجوء  الطرف  المستفيذ الى مستطرة الامر بالتنفيذ، فما هي الهيئة وماهو دورها وماهي مميزاتها  التي  بنيت  عليها   مصداقيتها  وماهي  اختاصصاتها. هذين هما المحورين اللذين ستنصب عليهما مداخلتي.

ان مضاعفة وتصاعد المعاملات التجارية اللذان فضهما الانفجار الديموغرافي والتقدم التكنولوجي تتطلب الجراة والابتكارمن طرف المقاولين. فعلى صعيد التجارة الدولية المساهمة  في انجاز صفقات وغزو "الصفقات ذات المفتاح باليد" واقدام مقاو لات غريبة على انجاز صفقات  مع  دول   في  طريق النمو اومع دول امريكية اواسيوية شرقية قد ادت الى سن منافسة شرسة تسلتزم اتخاذ مخاطراكبر، غيران المقاول لا يتخذ  هذه المخاطرالا  اذا  وضعت  رهن اشارته وسائل مقعولة تمكنه من مواجهة تلك المخاطر، ومادام هؤلاء الشركاء وهؤلاء الخصوم التجاريون لايتوفرون  على قاضي  طبيعي كما  ورد ذلك على لسان رئيس المجلس الدستوري الحالي لفرنسا، فانهم  يوافقون على اختيار هيئة تحكيمية  يحددون تشكيلتها واختصاصاتها  والقانون الواجب تطيقه ومقر هيئة التحكيم ولغة التحكيم، ومن اجل تسهيل هذه الاختيارات التي تبدو من اول وهلة  بسيطة والتي  يتبين  تعقدها  عند  تناولها برزت للوجود الهيئة الدولية للتحكيم، وقبل متابعة عرضي اود ان ارفع لبسا يخطرببال من لايعرف اليات هيئ  التحكيم، ذلك ان  عبارة  هيئة  تحكيم،  واذا  ما استعملنا  اللفظ الاجنبي Cour dAbitrage   يعني انها محكمة  والحالة ان الهيئة  الدولية للتحكيم، وهذا فريد في النظام التحكيمي التجاري الدولي، لاتبث ولا تحكم ولا تفصل، ليست بمحكمة انها تدير وتدبر امور التحكيم وتراقب التطبيق السليم لنظام غرفة التجارة الدولية من طرف المحكمين الذين وقع تعيينهم في كل قضية على حدة، ومن حقكم ان تتساءلوا عن ماهية الهيئة الدولية للتحكيم وجوابي ان التحكيم يعد في الواقع حصيل عوامل تلاثة. العامل الاول هو الاطراف، والعامل الثاني هو المحكومون، والعامل الثالث هي الهيئة نفسها، ففيما يخص العامل الاول وهو الاطراف، يتوفرون هلاء الاطراف على صلاحية مطلقة.

1) من اجل تحديد ترتيبات تعيين المحكمين
2) من اجل تحديد القانون الواجب تطبيقه عل الموضوع والمسطرة .
3) من اجل تحديد اللغة التي ستنصب على المسطرة وعلى المناقشة . وعلى القرار.
4) من اجل تحديد مقرا لتحكيم.
وفيما يخص العامل  الثاني وهو المحكمون، فمهمتهم تنحصر بعد تحديد هذه المعاييروبعد اعلان الاطراف عن اختياراتهم، على الفصل في الجوهر، واصدارقرارهم التحكيمي في نطاق المهام المحددة لهم فيما يسمى بعقد المهمة.

وفيما يخص العامل  الثالث وهو دور الهيئة الدولية للتحكيم. ان الهيئة، وهذا ابتكارللهيئة الدولية للتحكيم، تتدخل قبل ان ينطق المحكمون بقرارهم ويتمحور اختصاصاها في مهام ثلاث. المهمة الاولى تنصب على تعيين اومصادفة الهيئة على المحكمين الذين وقع اختيارهم من طرف الاطراف، ومن المسلم ان جودة التحكيم رهين بمصداقية المحكمين، وهذا هوالذي يفسران هذا التعيين او هذه المصادقة تعتبر من مهام الهيئة الاولى، المهمة الثانية تتمحور حول تحرير مايسمى ب Acte de mission  وهذا العقد ينص على اختصاصات المحكمين والنقط التي سيفصلون فيها ونطاق مهامهم، المهمة  الثالثة وتمكن في المصادقة على قرارت المحكمين وهذه المهمة الاساسية هي التي تعطي للهيئة مصداقيتها، يعرض المحكمون مشروع قرارهم على الهيئة  الدولي للتحكيم او نائب عنه، ومن عضوية من الهيئة الدولية للتحكيم. تقوم هذه اللجنة المصغرىة بدراسة مشروع القرار المحضر من طرف المحكمين وتتاكد من مطابقة ذلك القرار من حيث شكله للشكليات المنصوص عليها في نظام الغرفة الدولية للتحكيم، ثم تحيل تلك اللجنة المصغرة مشروع القرار على اللجنة اوالجمع العام العلني الذي تعقده الهيئة الدولية للتحكيم بحضور الرئيس و بحضورعدد وافر من الاعضاء، فالهيئة الدولية للتحكيم تقوم، وشانها  في ذلك شان مسطرة التحفيظ، بتطهير المسطرة التحكيمية من المشاكل التي يمكن ان تطرا مستقبلا وتجنب القاضي الذي سيعهد اليه بمنح الامر بتنفيذ القرارعبء البت في تلك المشاكل حيث بعد المصادقة على القرار التحكيمي، لايحتاج الطرف المحكوم عليه اللجوء الى مسطرة الطعن في ذلك القرار، ولايحتاج المستفيذ من القرار الى اللجوء الى القاضي للحصول على الامربتنفيذه، وكل ذلك يتم بالمساعدة التقنية والتوجيهات المسطرية التي تزود بها الهيئة الدولية للتحكيم الاطراف ومحاميهم والمحكمين، فباي طريقة تتم تلك المساعدة؟ الجواب للاطراف ومحاميهم والمحكمين في المعلومات القانونية الكفيلة بتمكينهم من اصدارقرارت تتفق لا فقط مع معطيات النزاعات المحالة على المحكمين ولكن وكذلك ونظام غرف التجارة الدولية وكذلك تشريع الدولة التي سوف يطلب تنفيذ القرارالتحكيمي بها، وهذا هو دور واختصاص الهيئة الدولية للتحكيم اللذين حاولت بكل  تواضع وبكامل الايجاز اعطاءكم  نبذة عنها، ولكن ماهي المميزات التي تجعل اليوم اكثرمن الامس اكبر عدد من الدول والشركات تلجا الى هيئة التحكيم الدولية؟ انها تكمن من البيانات وفي المزايا التي تقدمها  هذه الهيئة للاجئين الى خدماتها،  ان استقرار الهيئة واستمراريتها وطابعها الدولي الشامل واستقلاليتها التي تفترض الحياد وعدم تحيزها جعلتها تكتسب مصداقية قليلا ما ملكتها مؤسسات تحكيمية اخرى في العالم.

استقرار او استمرارية الهيئة 
ان استقرار الهيئة اواستمراريتها تكمنان في تواجد هيئة دائمة، وتتكون الهيئة من رئيس ونواب رئيس واعضاء معينين من طرف مختلف اللجان الوطنية لغرفة التجارة الدولية بمختلف الدول في العالم ، وتعقد هذه الهيئة اجتماعاتها اما في نطاق جلسات يحضرها اغلبية اعضاءها اما في نطاق لجان مصغرة، وتعقد الهيئة اجتماع اللجان المصغرة كل 15 يوم، بيد ان الجمع العام للهيئة ينعقد كل شهر وتعقد الهيئة اجتماعها العلني الذي يحضره ممثلون، وهذه هي خاصية الهيئة الدولية للتحكيم، ممثلون لانظمة قانونية مختلفة وجنسيات متباينة وحساسيات ثقافية متغايرة، وتبث الهيئة في اجتماعها هذا في مواضيع شتى تنطلق من تعيين المحكمين اوالتجريح فيهم اواستبدالهم والمصادقة على مشاريع القرارات  الصادرة على المحكمين والمصادقة على القرارات من طرف نخبة من رجالات القانون وذوي الخبرة الذين يمثلون كما سبق التذكير بذلك انظمة قانونية مختلفة وحساسيات ثقافية متغايرة هي التي  تعطي لتلك القرارات المصداقية والطمانينة المنشودين.
وفيما يخص الطابع الدولي للهيئة: فان الطابع الدولي للهيئة يترتب عن تشكيلة الهيئة نفسها وانتماء اعضاءها لانظمة قانونية مختلفة ، وانه ممايميز هذه الهيئة، وخلافا لمراكز التحكيم الاخرى، هوانها مفتوحة للجميع كيفما كان موضوع العقد وكيفما كانت جنسية الاطراف واينما كان مقر التحكيم فكيف يمكن باعتبار العمليات التجارية المترتبة عن التقدم التقني والتي هي في  نمو متزايد وباعتبارها اختلاف وتعدد المواقف الناجمة عن ثقافات متباينة . وباعتبار تداخل انظمة قانونية مختلفة، اقول كيف يمكن استخلاص وحدة للقانون التجاري قانونية مختلفة، اقول كيف يمكن استخلاص وحدة للقانون التجاري التي تكلم الرئيس "بلانتي" عن انعدام وجودها، تلك الوحدة التي من شانها ان تستعمل كسند لتنفيذ الالتزامات المتقابلة للاطراف وتنفيذ القارارات التحكيمية الفاصلة في تلك ا لالتزامات، ان الهيئة التحكيمية نجحت بفضل حكمة وعلم وعمل اعضائها ومساعديها والاطراف ومحامي الاطراف في سن مبادىء ومناهج كلها مبنية على الانصاف والموضوعية والحياد وعدم التحيز، في سن مبادىء ومناهج كلها مبنية على الانصاف والموضوعية والحياد وعدم التحيز، تلك القيم التي كرست مصداقية الهيئة على الصعيد الدولي.

الاستقلال: كما سبق لي ان اشرت الى ذلك صرح السيد "بادنتير" وزير العدل الفرنسي لدى الاحتفال بالذكرى الستينية الدولية للتحكيم. "انه من اجل نمو التحكيم الدولي لابد ان يمكث التحكيم خارج النفوذ الحكومي" ان ورود هذه العبارات على لسان وزير العدل وهووزير ممارس انذاك، ونحن كلنا نعرف المنافسة الشريفة والسطحية بين المساطر التحكيمية وبين المساطر القضائية فيها دلالة قاطعة وبليغة على الاستقلال والحياد الذان يميزان التحكيم التجاري الدولي،  انني لن اطيل في هذا الباب مادام زميلي الاستاذ محمد مصطفى حسن نائب رئيس الهيئة الدولية للتحكيم ونائب رئيس مجلس الدولة المصرية سيتناول استقلالية  المحكم، ولكن اود ان اركز في تدخلي على استقلالية التحكيم الدولي المنظم من طرف الهيئة الدولية للتحكيم والذي لايرمي الى الاحلال محمل مؤسسة قضائية ولكن الى ملء فراغ ناتج عن التداخل المتزايد بين العلاقات الاقتصادية والتجارية.
ان انتماء اعضاء الهيئة لانظمة قانونية مختلفة تحررالهيئة من وصاية قانوني ما، وان هيكلة الهيئة بصفة دولية ترمي الى تامين سير دولي لمختلف دواليبها ويرمي الى تخويل الهيئة بحيث عند حضور الجلسات العمومية التي يعقدها الجمع العام للهيئة فانه يقوم بمعاينة اعضاء مختلفين ينتمون لمختلف انحاء العامل  انطلاقا من افريقيا واوربا الغربي واوربا الشرقية والهند واسيا واليابان وامريكا اللاتيني وكندا وامريكا الشمالية، وانه يكفي كذلك معاينة المستشارين العاملين بكتاب الهيئة للتاكد من انتمائهم لانظمة قانونية مختلفة فضلا على انتماء الكاتبات والمساعدين كذلك الى انظمة قانونية متباينة. وان الهيئة في تنظيم هيكلها بصفة دولية تمكنت من تحرير المؤسسة  من أي نفوذ اواية وصاية، ويتجلى كذلك استقلال الهيئة في وجود محكم واحد اورئيس بهيئة تحكيمية حيث تطلب الهيئة من احدى لجن غرفة التجارة الدولية. محايدة وعادلة، وخلافا لبعض مراكز التحكيم فمثلا المركز الدولي لتسوية النزاعات المتعلقة بالاستثمارات الذي تكلم عليه السيد وزيرالعدل فان هذا المركز الذي اسس في 1965 لم يعالج الا 30 قضية علما انه يخضع من الناحية الثقافية لوصاية البنك الدولي للتنمية والتعمير، في حين ان التحكيم الصادر تحت رعاية الهيئة الدولية للتحكيم يبقى  تحكيما محايدا ومستقلا. هذه ايها السادة هي المميزات التي اسست عليها مصداقية هذا التحكيم، وهذه المميزات التي تجعل الاطراف يباشرون تنفيذ القارارات التحكيمية الصادرة في نطاق الهيئة دون اللجوء الى الاجراءات التسويفية التي تضعها قوانين المسطرة المدنية لمختلف بلدانهم رهن اشارتهم، ومن اجل الاقتناع يكفي القاء نظرة خاطفة عن احصاء تنفيذ القرارات التحكيمية في اطارالهيئة الدولية للتحكيم للتاكد من ذلك، فما هي انعكاسات  هذه المزايا على عمل الهيئة الدولية للتحكيم ؟ وهذا سيكون بالضبط محور تجربتي المتواضعة، ان العمل القضائي قد علمنا ان الحكم الذي يرضي المتقاضي المستفيذ منه ولو على صعيد جميع المجالات لا يكون انتصارا مطلقا للمستفيذ من ذلك الحكم، ان الحكم القضائي بمجرد صدوره ومنحه انتصارا حول نقطة معينة يقطع الصلة بين الطرفين  المتقاضيين وبالعكس فانه من اجل تسهيل انتصار هادىء بين الاطراف ومن اجل صيانة ذلك السلم الذي تكلم عليه الاستاذ النقيب درميش في مداخلته بين المتقاضي، فان الهيئة الدولية تتفادى ان تعرض نتيجة التحكيمي العلاقات القائمة بين الاطراف لقطعية لارجعة فيها، وتجدرالاشارة في هذا الصدد الى مثل شركة يابانية حصلت على قرارتحكيمي في مواجهة شركة امريكية وعدلت على تنفيذ ذلك القرارالتحكيمي وذلك من اجل صيانة علاقتها لافقط مع الشركة الامريكية ولكن مع محيط تلك الشركة الامريكية والبلاد التي تنتمي اليها الشركة الامريكية، وهناك مثل اشار اليه السيد وزير العدل وهو مثل شركة "هوليداي ان" التي قاضت ا لمغرب لمدة ازيد من 7 سنوات ورفعت دعاوي تحكيمية ضده ولكن لم يمنع شركة "هوليداي ان " الان من تسيير فندق من اضخم الفنادق بمدينة الدارالبيضاء وهذه من مميزات التحكيم التجاري الدولي ومن مميزات الهيئة الدولية للتحكيم انها تصون تكل العلاقة الشخصية بين الاطراف ولاتعرضها لقطعية لارجعة فيها. ان الهيئة الدولية للتحكيم ترمي قبل كل شيء الى تدبير راسمال الثقة القائمة بين الشركاء التجاريين مع احترام المعطيايت القانونية والتقنية في الملف وقوانين وتنظيمات الدول التي ينتمي اليها الاطراف.

 سيداتي سادتي
سمعنا عدة اتفاقيات كثيرة حول الهيئة الدولية للتحكيم، فالبعض يعتبران ذلك التحكيم باهض التكاليف والبعض الاخريعبتران ذلك التحكيم طويل بخلاف التحكيم الخاص، لقد سبق للسيد الرئيس "الان بلانتي" ان تكلم على جدول صوائر واتعاب المحكمين، فخلافا للتحكيم الخاص الذي يطالب فيه المحكمون من الاطراف تسبيقات متوالية ولايعرف الاطراف نهاية تلك التسبيقات، فبصدد التحكيم التجاري الدولي الخاضع للهيئة الدولية للتحكيم هناك جدول  مسبق منشور وعمومي يحدد مبلغ الاتعاب وسلم الصوائر الادارية للهيئة الدولية للتحكيم، وانني اعتبر انه في قطاع المعاملات  ليست هناك عاطفة وبان المتقاضي اوالطرف الذي يلجا الى الهيئة التحكيمية الدولية والذي يقوم بتسديد الاتعاب اوالصوائر ويعرف مسبقا اهمية تلك الصوائر وتلك  الاتعاب قد قام بحسابه ويكفي الرجوع الى مبلغ المعاملات الاجمالية وحجم الملفات التي عرضت على الهيئة الدولية للتحكيم من اجل التاكد من مصداقية واهمية تلك الهيئة اذ ان مبلغ القضايا التي عرضت قد جاوزت اليوم 20 ملياردولار.
فيما يخص الاختصاص: ان البعض ينصح الى عدم اللجوء الى التحكيم غيران المشكل المطروح ليس هواللجوء اوعدم اللجوء الى التحكيم، اننا في مجال التجارة الدولية، علما انه في هذا المجال هناك ذاتية خاصة وهناك ضغوط وهنا ارتفاقات، ان الاطراف المتعاقدة في اطارالتجارة عند لجوءها الى مؤسسات دولية من اجل الحسم في النزاعات  القائمة بينها تقوم من اجل الفصل في تلك النزاعات وهنا لابد من التذكيربان الامرلايتعلق بعدم الثقة فيها بل ان الاطراف  على صعيد ما من المعاملات والاعمال ونظرا للتقدم التكنولوجي والتداخل التجاري الدولي تعتبر ان التحكيم يمنح اطارا اكثر مرونة واكثر فعالية من اجل تسوية النزاعات في الوقت نفسه الذي يصون السلم في تلك العلاقات التجارية وكثير من الشركات والمؤسسات  تعتبر ا ن تحكيم الهيئة الدولية يصون مستقبل علاقاتهم اكثرمما تصونه المساطر القضائية، فما هي مزايا المساطر القضائية؟
ان المتقاضي يستفيذ من ثلاث مزايا. الميزة الاولى عدم تحيز القاضي، الميزة الثانية امكانية اعادة دراسة الحكم امام العدالة، فهناك حكم ابتدائي ثم اللجوء الى محكمة الاستئناف ثم اللجوء الى محكمة النقض واذا ما نقض المجلس الاعلى اومحكمة النقض الرجوع الى محكمة الاستئناف بحيث هناك امكانية دراسة اولى وثانية وثالثة ورابعة للملف، والميزة الثالثة مجانية القضاء وهل هذه المزايا تؤمن حقيقة امنية اللجوء امام المحاكم الوطنية،  هل هذه المزايا يمكنها ان تلعب دورها في مجال التجارة الدولية وهل من شانها ان تمكن المحاكم الوطنية من الفصل في نزاعات تهم معاملات تتواجه فيها بلدان مختلفة ومواقف انظمة ثقافية وقانونية متغايرة وعقليات متباعدة بغض النظر عن عدم التوازن بين الدائن والمدين من حيث القوة، وهل بامكان المستفيذ من حكم صادر عن محكمة وطنية ان ينفذه في البلد الذي ينتمي اليه الخصم؟ لهذه الاسباب الذاتية يفضل الاطرا ف والمتعاملون في حقل التجارة الدولية اللجوء الى التحكيم ولاسيما الى هيئة مؤسسة يتسم تسييرها وهيكلتها بالطابع الدولي والموضوعية والاستقلالية، ولابد بقطع النظرعن مميزات هيئة التحكيم الدولية الاشارة الى ميزة ذات طابع انفعالي الا وهو طابع سرية اللجوء الى مؤسسة تحكيمية، ان اللجوء الى ا لمحاكم الوطنية يقوم المتقاضون بنشر جميع نزاعاتهم في الساحة العمومية علما بان عنصر العلنية يعتبرمن الاركان الاساسية للمسطرة القضائية وفضلا عن ان الصحافة تهتم في جل الاحيان بالنزاع وتعلق عليه بحي تتسع رقعة الخلاف بين المتنازعين وتتبحر كل امكانيات الاتفاق والصلح وانه خلافا لذلك ففي التحكيم الدولي فان الامورتتم في جومهذب ولطيف وفي  اغلب الاحيان يتم الاتفاق  بفضل مساعدة المحكمين، واما الميزة الثانية للتحكيم فهي البث في قضايا معقدة ناجمة عن التقدم التكنولوجي وتجديد التقنيات على غرارتجديد مركب كيماوي اوبيتروكيمائي، لقد عشت شخصيا تجربة مركب بتروكيمائي، وانتهز فرصة تواجد القاضي خالد الكاديكي، وهو رئيس الغرفة الادارية لدى محكمة النقض بليبيا واخصائي من اكبر اخصائيي  ميدان التحكيم لعرض هذه القضية  تحت رقابته، عشت شخصيا كمحامي تجربة مركب بتروكيمائي شيدته شركة المانية وشركة امريكية بليبيا ولقد شب نزاع بين الشركة الليبية والشركة الفرنسية المكلفة بنقل مكونات المركب وكان النزاع ينصب  على اكثر من 300 مليون دولار ولقد قام المحكمون وكان من بينهم القاضي خالد الكاديكي، وكلهم عرب وكان يتراس الهيئة الدولية للتحكيم ولكن استرشدوا في عملهم بنظام تلك الهيئة، قاموا بتحريات وخبرات وتمت كل الاجراءات بقضية يفوق حجمها 300 مليون دولار في اجل لايتعدى 7 باداء اكثرمن 30 مليون دولار اظن انذاك للشركة الفرنسية وقبل تبليغ القرار وقبل اللجوء الى مسطرة الامر بالتنفيذ وبمجرد اطلاع المسؤولين في وزارة المالية على توقيع القاضي خالد الكاديكي اوحيت من نظام الهيئة الدولية للتحكيم امرت بتسديد المبلغ حالا بحيث توصلت شخصيا كمحامي للشركة الفرنسية بتلكس من طرف السيد وزير المواصلات انذاك في ليبيا وطلب مني رقم الزبونة من اجل تحويل المبلغ الذي حكم عليه به. والحالة اننا كنا نتوقع مرور شهرين اوثلاثة اشهر لتسديد اسباب ذلك القرارالتحكيمي، وهذا يعطيكم سيداتي سادتي، نظرة خاطفة عن مصداقية التحكيم عندما يكون المحكمون تتوفر فيهم المصداقية والجدية والنزاهة والكفاءة وعندما يسترشدوا كذلك بنظام من الانظمة التي يسترشد بها جميع المتعاملين في حقل التجارة الدولية.

وقبل ان اختم اود التذكير بان اللجوء الى الهيئة الدولية للتحكيم يبقى مفتوحا لجميع الاشخاص كانوا ذاتيين اواعتباريين، كانوا منتمين للدول الاشتراكية سابقا ام للدول الليبرالية وخلافا للافكارالسائدة فان 45.90 % من هذه النزاعات تهم اوربا الغربية و 18.50 % تخص امريكا الشمالية والجنوبية وكندا و9.30 %  تخص افريقيا، علما ان حصة الاسد فيها  ترجع لافريقيا الشمالية 3%و 8.30%  للشرق الاوسط و5.1 %   للدول الاسيوية و 3 %   لدول اوربا الشرقية. ولقد لاحظت خلال تجربتي المتواضعة مدى عدد الملفات التي تهم الدول العربية بما في ذلك العراق وايران والعربية السعودية ومصر ولايفوتنا هنا ان نذكر بان الدول الاسلامية والعربية لم تقف في الواقع في مجال التحكيم الا بتطبيق توصيات القران الكريم التي تهم ارضيات مختلفة كالزواج وانه يكفي الرجوع الى الايات القرانية الغزيرة في هذا الباب. "فلا وربك الا يومنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما". ولابد من الاشارة انه رغم التقدم الذي احرز عليه التحكيم للهيئة الدولية بفضل عمل اعضائها الدؤوب فان عملها اليوم يواجه ضغوطا ناجمة عن الحماية القانونية التي ترمي بعض البلدان أي الرجوع اليها انه يرجع الى المتعاقدين والشركاء والعاملين في مجال التبادل التجاري الدولي ان يعملوا على صعيد جميع المستويات لدى حكوماتهم ولدى المنظمات الدولية المهتمة من اجل اقناع المسؤولين بفائدة التحكيم الدولي في مجال التجارة الدولية، واشكركم.
الاستاذ حميد الاندلسي

مجلة المحاكم المغربية عدد 72،ص 26 

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : التحكيم التجاري