-->

الامر بالنفاذ المعجل للتعويضات المحكوم بها في قضية جنحية

محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الغرفة التجارية
قرار رقم 340 - بتاريخ 17/2/93 - ملف جنحي سير عدد 11/13/92

1- الامر بالنفاذ المعجل للتعويضات المحكوم بها في  قضية جنحية - الفصل 400 من  ظهير المسطرة الجنائية - شروطه-.
2- طلب ايقاف تنفيذ هذه التعويضات امام محكمة الاستئناف قبوله - نعم - أساسه الفصل 400 - نعم.

(1) ينص الفصل 400 من ظهير المسطرة الجنائية في مقطعه الرابع على امكانية الامر بالنفاذ المعجل للتعويض المحكوم به كلا او بعضا شرط ان تعلل المحكمة موضوع مقررها في المسالة بعرضها الظروف الخاصة التي تبرره.
(2) تكون محكمة الاستئناف مختصة للنظر في طلب ايقاف تنفيذ التعويضات المحكوم بها في قضية جنحية استنادا لمقتضيات الفصل 400 المذكور وخضوع محكمة الدرجة الاولى لرقابة محكمة الاستئناف فيما يخص تعليل الامر بالنفاذ المعجل وقياسا على اختصاص غرفة المشورة والمساواة في اجراءات التقاضي امام الغرفتين المدنية والجنائية.
* * *
قضية التعاضدية المركزية المغربية للتامين
ضد
السيد لحمر البشير بن التهامي.
باسم جلالة الملك
بتاريخ خامس وعشرين شعبان عام الف واربعمائة وثلاثة عشر هجرية الموافق لسابع عشر فبراير سنة الف وتسعمائة وثلاثة وتسعين اصدرت محكمة الاستئناف بالبيضاء في جلستها العمومية المنعقدة بقاعة جلساتها العادية للنظر  في قضايا  حوادث السير القرار الاتي بيانه:
بين شركة التامين التعاضدية المركزية المغربية الكائن مقرها الاجتماعي بزنقة أبو عنان رقم 16 الرباط. السيد الفيلالي الانصاري سعيد، الساكن  بشارع الاطلنتيد ممر زكية 1 رقم 14 البيضاء. ينوب عنهما الاستاذ  عبد اللطيف الحاتمي محام  بالبيضاء من جهة وبين المطالب بالحق المدني السيد لحمر البشير بن التهامي وسيط في التامين النائب عن ابنه القاصر لحمر اوسامة والساكن بزنقة تولويس رقم 16. ينوب عنه الاستاذ توفيق الادريسي محام بالبيضاء. وبحضور السيد الوكيل العام للملك من جهة  اخرى.

حيث تقدمت شركة التامين التعاضدية المركزية المغربية بواسطة محاميها الاستاذ الحاتمي عبد اللطيف بمقال مؤرخ 26 دجنبر1992 م مؤداة عنه الرسوم القضائية بتاريخ 29 دجنبر1992 م تعرض فيه انها تقدمت بتاريخ 3 دجنبر1992 بمقتضى صك عدد 2465 بتصريح باستئناف الحكم الابتدائي الصادر عن المحكمة الابتدائية بعين الشق الحي الحسني بتاريخ 1 دجنبر1992 في الملف عدد 3983/90 والقاضي  في الدعوى المدنية التابعة بالحكم لفائدة الضحية اوسامة بتعويض تكميلي قدره 1.522.652,70 درهم مع اعتبار  الفيلالي  الانصاري  مسؤولا مدنيا وجعل الحكم مشمولا بالنفاذ المعجل في حدود النصف وانها بمقتضى المقال المذكور تلتمس قبول طلبها شكلا وموضوعا الامر بايقاف التنفيذ المعجل للحكم اعلاه الى حين البث في الاستئناف حسب الصك المشار اليه اعلاه ندلي اعتبارا لما يلي:

ان الحكم المطلوب ايقاف تنفيذه هو حكم قطعي صدر ابتدائيا عن محكمة اقل درجة محكمة الاستئناف وتخضع بالتالي احكامها لمراقبتها ولو قبل النظر في الموضوع كما هو الحال بالنسبة للفقرة الاخيرة من الفصل 400 من قانون المسطرة الجنائية والا بقيت هذه الفقرة حبرا على ورق وان مضمون الفصول المتعلقة بتنفيذ الاحكام الجنحية يدل على جواز النظر في طلب ايقاف التنفيذ من طرف محكمة الاستئناف معطيا لذلك عدة امثلة ليخلص الى القول بانه يجوز استعمال  قوانين المسطرة المدنية اذا لم يقع التنصيص عليها صراحة في المسطرة الجنائية.

ان المبلغ المشمول بالنفاذ المعجل بعيد كل البعد عن التعويضات التي يمكن للضحية ان يستحقها. ذلك ان الحكم القاضي بالتعويض استند الى السلطة التقديرية للمحكمة رغم ان تحديد التعويض يخضع لظهير 2/10/84 وحتى على فرض تحديد العجز الدائم 100 % و نسبة الالم الجسماني " مهمة جدا" ونسبة التشويه " مهمة" ولها عواقب على مستقبل الضحية وان الضحية يتوقف على الاستعانة بشخص اخر بالاضافة الى ذلك فان الضحية طفل قاصر والده يتحمل حاجياته.

واعتبارا لما سبق فانه لا توجد هناك  اية حاجية ضرورية ملحة ومستعجلة تبرر النفاذ المعجل، مدليا بنسخة من تصريح طلبات النقض او الاستئناف او التعرض وصورة لمحضر الضابطة القضائية وصورة للحكم الصادر بتاريخ 23/6/87 البات في المسؤولية والتعويض المسبق والخبرة. وصورة من الحكم الصادر بتاريخ 5/5/89  المؤيد للحكم التمهيدي وصورة للخبرات المنجزة على الضحية ونسخة من المذكرات المدلى بها ابتدائيا وصورة من الحكم البات في التعويض والصادر بتاريخ 1/12/92 وهو موضوع ايقاف التنفيذ.

وحيث ادلى الاستاذ توفيق الادريسي نيابة عن المطالب بالحق المدني بمذكرة  خلال جلسة 15/2/93 التمس فيها اساس عدم قبول  طلب ايقاف التنفيذ واحتياطيا رفض الطلب نظرا  لما يلي:
ان نصوص الميدان الجنحي هي نصوص آمرة ولا يمكن  مخالفتها او التصرف بشانها فالحكم المطلوب ايقاف تنفيذه حكم جنحي يتعلق بشق مدني وانه لا يمكن  الا تطبيق مبادئ المسطرة الجنائية مؤكدا الدفوع المثارة من طرف النيابة العامة في ملتمسها. وموردا بعض القرارات الصادرة عن المجلس الاعلى بهذا الصدد.
ان المطالب بالحق المدني قد انفق مبالغ كبيرة  وبالعملة الصعبة وصلت الى حدود 650.000 درهم في حين لم يحكم له الا بتعويض مسبق قدره عشرة الاف درهم فشركة التامين لم تتكبد لحد الان اية مصاريف.

وحيث التمست النيابة العامة الحكم بعدم قبول طلب ايقاف التنفيذ المقدم من طرف شركة  التامين اعتبارا للفصل 400 من قانون المسطرة الجنائية الذي لا ينص على امكانية التنفيذ واعتبارا لكون مقتضيات الفصل 147 من قانون المسطرة المدنية لا تطبق امام المحاكم الزجرية وخاصة ما تعلق منها ايقاف التنفيذ ولكون مناقشة ايقاف التنفيذ من عدمه يكون في حد ذاته حكما مسبقا في جزء من القضية التي ستعرض على انظار محكمة الاستئناف للنظر فيها برمتها وهي ان قبلت طلب ايقاف التنفيذ شكلا وبتت فيه موضوعا  تكون قد خرقت مبدا اثر النشر وان المجلس الاعلى قد كرس هذا الاتجاه في اجتهاد قار واكده في عدة قرارات مشيرة الى مجموعة منها.

وحيث ادرجت القضية بجلسة 15/2/93 وتلا السيد المستشار المقرر اعمرشا محمد تقريره في النازلة واكد دفاع شركة التامين ما جاء في طلبه الرامي الى ايقاف التنفيذ واكد دفاع الطرف المدني مذكرته كما اكدت النيابة العامة ملتمسها الكتابي فتقرر ادراج القضية بالمداولة لجلسة 17/2/93.

محكمة الاستئناف
حيث ان طلب شركة التامين التعاضدية المركزية المغربية للتامين يستهدف الحكم بايقاف تنفيذ الحكم الصادر عن ابتدائية البيضاء " الحي الحسني عين الشق" بتاريخ 1/12/92 ملف جنحي سير عدد 393/90 القاضي بالحكم لفائدة الضحية اوسامة بتعويض قدره 1.522.652,70 درهم مع اعتبار الفيلالي الانصاري مسؤولا مدنيا واحلال شركة التعاضدية المركزية محله في الاداء مع النفاذ المعجل في حدود  النصف والفوائد القانونية من تاريخ الحكم الصائر.

وحيث ان مقتضيات الفصل 400 من قانون المسطرة الجنائية الذي اسس عليه الطلب ينص في مقطعه الرابع على انه " وتبت المحكمة عند الاقتضاء في  رد ما يلزم رده في التعويضات المدنية ويمكنها ان تامر بالتنفيذ المؤقت فيما يرجع خاصة لاداء التعويض عن الضرر كلا او بعضها بعدما تعلل موضوع  مقررها في المسالة بعرضها الظروف الخاصة التي تبرره".

وحيث انه باستقراء هذا المقطع نجد ان المشرع هنا حاد  عن تعدد درجات التقاضي وخول لمحكمة الدرجة الاولى القضاء لبعض المتقاضين بما حكم لهم، ولو لم يحز هذا الحكم قوة الشيء المقضي به ولو كان الحق محل نزاع جدي، فالامر بالتنفيذ المؤقت من طرف حاكم البداية بمدلول النص موقوف على التعليل الكاف للظروف الخاصة التي تبرره.

وحيث انه لا يعقل ان تبقى هذه الفقرة جوفاء وتقنن عبثا وتبقى كامل السلطة لحاكم البداية للامر بالتنفيذ المؤقت من عدمه دون رقابة من طرف المحكمة الاعلى على درجة رغم ان هذا استثناء خاص، كما انه  لا يعقل ان تراقب محكمة الاستئناف حكم القاضي بأتمه بمقتضى صك استئناف غير مقيد ويخرج عن ولايتها ما تنص به من تنفيذ مؤقت رغم عدم تقيده بالشروط الضيقة التي الزمه المشرع ببياناتها للامر به. كما انه لا يعقل ان يراقب  القاضي المدني في اشفاعه حكمه بالنفاذ المعجل من طرف محكمة  الدرجة الثانية ويبقى القاضي الجنحي في حل من ذلك.

وحيث انه لا يتاتى مسايرة مقتضيات الفصل 464 من قانون المسطرة الجنائية  الفرنسي للقول بعدم قبول طلب ايقاف التنفيذ، ذلك ان هذا النص لم يشترط على المحكمة تعليل مقررها بالتنفيذ المعجل خلاف ما عليه الحال بالنسبة لمقتضيات الفصل 400 من قانون المسطرة الجنائية المغربي الذي الزمها بذلك. ومن هنا ينبغي خضوع حاكم البداية للامر بالتنفيذ المؤقت لرقابة محكمة الاستئناف.

وحيث ان القول بان البت من طرف محكمة الاستئناف في طلب ايقاف تنفيذ التعويضات المدعية من عدمه هو حكم مسبق في جزء من القضية التي ستعرض على محكمة الاستئناف قول غير سديد لانه  لو جنحنا مع هذا الراي لما  وجدت غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف للنظر في طلبات ايقاف التنفيذ المؤقت الممنوح من طرف  القاضي المدني من جهة كما ان محكمة الاستئناف وهي تنظر في الطلب  المقدم لها في اطار الفصل المرتكز عليه هذا الطلب لا تعدو ان تنظر في مدى تعليل حاكم البداية لحكمة الامر فيه بالتنفيذ المؤقت من عدمه دون التطرق لما عدا ذلك ما دام سلطانها يضيق عن الغوص في ذلك. وهذا لعمري هو مبدا المساواة امام الاجراءات.

وحيث ارتات المحكمة وهي في سبيل تقرير اختصاصها ان استئناف الطالبة للحكم المومأ اليه طليعته وغير المقيد باي شرط ينقل لمحكمة الاستئناف الدعوى بأتمها ويخول لها الحق للنظر في الطلب.
وحيث انه وعلى ضوء التعليل المسطور اعلاه فان محكمة الاستئناف ترى ان حاكم البداية لم يعلل حكمه بالتنفيذ المؤقت في حدود النصف تعليلا يشمل الظروف الخاصة المبررة له ومن تم فانه لا ياتي بمفعوله  لذا فلا تثريب عليها ان هي امرت بايقاف تنفيذه. ( انظر قرار محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 8/11/67 تحت عدد 47 المنشور بمجلة المحاماة عدد 9 صفحة 65 مع تعليق الدكتور موسى عبود وكذا بمجلة المحاكم المغربية عدد 2 صفحة 33 مع تعليق الاستاذ محمد التبر.

انظر تعقيب الاستاذ عبد الواحد الجيراري والمنشور بمجلة المحاماة عدد 8 -9 صفحة 65.
انظر بحث الاستاذ محمد القدوري في هذا الصدد والمنشور بالمجلة المغربية للقانون والسياسية والاقتصادية عدد 3- دجنبر77 صفحة 140
انظر القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بمراكش بتاريخ 29 ماي1968 والمنشور بمجلة المحاكم المغربية عدد3 والمذيل بتعليق الاستاذ روني كانيولي.
انظر القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بالبيضاء بتاريخ 17 يونيو1971 في الملف الجنحي سير عدد 2434.
انظر القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بالبيضاء بتاريخ 25 فبراير1981 في الملف الجنحي سير عدد 1/81 والمنشور بمجلة المحاماة عدد 19.
انظر القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بالبيضاء بتاريخ 4 يوليوز في الملف الجنحي سير عدد  8514.

لهذه الاسباب
حكمت محكمة الاستئناف علنيا وحضوريا ونهائيا وهي تتركب من نفس الهيئة التي  ناقشت القضية وأدرجت بالمداولة.
في الشكل: بقبول الطلب.
وفي الموضوع: تامر بايقاف تنفيذ الحكم الجنحي سير الصادر بتاريخ 1 دجنبر92 عن المحكمة الابتدائية بعين الشق الحي الحسني في الملف الجنحي سير عدد 393/90 الى حين البت في موضوع الاستئناف المعروض عليها وتحتفظ في الصائر.
هذا ما حكمت به محكمة الاستئناف بالبيضاء في اليوم والشهر والسنة اعلاه وتلي بقاعة الجلسات الاعتيادية لمقر نفس المحكمة وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة.
ذ/ عبد الله السيري………………..……… رئيسا
اعمريش محمد ……………….………….  مستشارا مقررا 
ذ/ اوغريس محمد………………………… مستشارا
وبمحضر ذة/ عائشة اطاهور……..……….  نائبة الوكيل العام للملك
وبمساعدة السيد واصح عبد الاله…………. كاتب الضبط.

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 70، ص 126.

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : اجتهادات قضائية