-->

التحجير : إنعدام الأهلية ينتج مباشرة عن الاختلال العقلي الذي أصابه

قرار رقم : 472-بتاريخ 19/02/1993 - ملف عدد :88/2212   

المصاب بمرض عقلي ترد تصرفاته،  من حين إصابته بالمرض،  ولو لم يتم التحجير عليه عمليا إلا بعد  ذلك لأن إنعدام الأهلية ينتج مباشرة عن الاختلال العقلي الذي أصابه،  وليس عن الحكم بالتحجير وتعيين مقدم عليه  .

باسم جلالة الملك 
وبعد المداولة طبقا للقانون  

حيث  يؤخذ  من  عناصر  الملف  ومن القرار المطعون  فيه  عدد 79 الصادر  من  محكمة  الاستئناف  بمكناس  فـي 85/2/19 بالملف عدد 84/772 أن الطاعنين ورثة حدو بناصر الذين هم زوجتاه زهرة بنت لحسن وميمونة  بنت  علي  وابناؤه  مــــــوح وعائشة وحميد ومينة  وخديجة وإيزة تقدموا بمقال الإبتدائية مكناس يدعون فيه أن موروثهم حدو يناصر كان فاقد الأهليـــة لإصابته  بمرض  عقلي  نتج  عنه  اضطراب  في قواه  العقلية  ولم  يعد  يعرف  بسببه مضاره ولا مصالحه وأنه أثنـــاء مرضـــــه وفقدان أهليته باع بلاده  المسماة [البرج  موضوع  الرسم  العقاري  59169]  البالغة  مساحتها  نحو 38 آر بمقتضى  عقـــد  عرفي  مؤرخ ب 1971/7/7 للمطلوبين  في  النقض  بن  حمو الحسين   ودرويش الحسن بن لحسن بثمـــــن بخــــس لا يتجــاوز 17.500 درهم وأنهم استصدروا حكما بالتحجير عليه بتاريخ 7ماي 1973 عينوا عليه تحت إشراف قاضي المحاجير نائبــــا  قانونيا  طالبين إلغاء  البيع وإبطال العقدة  لانعدام أهلية  البائع  أحد طرفيه مع إبداء كامل  استعـدادهم  لرد الثمن للمشتريـن مؤيدين دعواهم  بالوثائق التالية :   

 ـ 1 ـ شهادة من الدكتور تيلير يشهد فيها أن موروث الطاعنين كان يعالج بقسم الأمراض العقلية بمستشفى  مولاي إسماعيل خلال المدة المتراوحة  بين        1971/9/25 و 1971/5/3  .
ـ 2 ـ وبشهادة ثانية من الدكتور  مود بوهملا بنفس القسم  ونفس المستشفى يشهد بأن المعني بالأمر مصاب  بمرض  عقلــي كان يعالجه عنده باستمرار  
       خلال نفس المدة . 

ـ 3 ـ  وبشهادة ثالثة من الدكتور كلينكوف الإختصاصي في الأمراض العصبية  تؤكد إصابته بمرض عصبي  .
ـ 4 ـ بلفيف مثبت تحت عدد  662 مختلفة مكناس 240 مستفسر تحت عدد 863 من  نفس  الكناش  يثبت  شهوده  أن المعنـي بالأمر مصاب بخلل عقلي منذ  منتصف سنة 1971 أفقده التمييز بين مصالحه ومضاره  وبعد  الإجراءات أصدرت  المحكمــة الابتدائية  بمكناس  في 1963/12/12 حكمها 402   بالملف  63/65 القاضي  برفض  دعوى المدعين بعلة أساسية مؤداهـا أن  الحكم  بالتحجير لم يصدر إلا في 1973/5/7 في حين أن  البيع  تم  حسب  العقد العرفي في 71/7/7 وقبل التحجيـر  سنتين فاستأنفه  الطاعنون  وتمسكوا  بما  ادعوه  وما أدلوا به فأيدته  محكمة الاستئناف بمقتضى قرارها المطعون فيه لنفس العلة وأنه  لا يسري  مفعوله  بأثر رجعي  وأن  الشهادة  المدلى  بها  في المرحلة الإستئنافية لا تفيد أن البائع كـــــان وقت البيع محجورا ولا حتى ناقص الأهلية  .

فيما يرجع  لما استدل به الطاعنون  . 
حيث يعيب الطاعنون القرار بعدم الارتكاز على أساس وتحريف الوقائع وتحريف وثيقة حاسمة وخرق الفصل 39 من قانــون الالتزامات والعقود ذلك أن المحكمة عللت ما قضت به من رفض  طلب الطاعنين على أن الحكم بالتحجير جاء  لاحقا لتاريـخ وقوع البيع المطلوب إلغاؤه بعامين وأنه لا يمكن أن يسري  مفعوله  بأثر رجعي وأن  الشهادة  المدلى بهــا في مرحلة الاستئناف لا تفيد  أن البائع كان فاقد الأهلية وقت  البيع مع أن الإستدلال  بالحكم بالتحجير  إنما جاء لإثبــــات أن موروث الطاعنين كان  قبل التحجير عليه ــ أصيب  بمرض عقلي  أفقده  التمييز  بين مصالحه  ومضاره  وأصبح معه فاقد الأهلية مما حمل أسرته على رفع طلب للقضاء  للحكم  بتحجيره وهكذا ففقدان أهليته   كان سابقا  لمسطرة التحجيز التي تتطلـب وقـتا  طويلا  وكان  سابقا  لتاريخ  البيع  كما  ثبت  ذلك  بالشواهد  الطبية  والموجب المستفسر المدلى به  لتأييد  الدعـوى  وطلب  إبطال  عقد  البيع  لم  يؤسس على  الحكم  بالتحجير وإنما أسس على  الحالة  العقلية التي كان عليها البائع  وترتــب عنها  فقدان  أهليته  وقت  البيع،  وأن  الطاعنين  لم  يقتصروا على  الإدلاء بشهادة  طبية  في مرحلة  الاستئناف  ولكنهم  أدلوا علاوة على  ذلك  بشواهد طبية  أخرى  وبموجب  لفيفي مستفسر لإثبات  الحالة  العقلية  للبائع وما كان عليه من  انعدام  الأهلية  وقت البيع،   وأن المحكمة  جردت  هذه الوثائق من حجيتها التامة بالرغم  من  قوتها  الثبوتية  التي تؤكد عدم أهلية البائع وقت البيع  واستغلال  المشترين منه لحالته العقلية وانهيار إرادته  لشراء  ملكه  منه  بثمن  بخس  وعـدم  اعتباره للحجج المدلى بها  وتجاهل  تلك الحجج   وإطراحها  دون  مبرر  بالرغم  من  حجيتها  القصوى   في  الموضوع  مما  يعد  إخلالا  بالتعليل  وخرقا للفصل 39  من  قانون  الالتزامات  والعقود  وإهدارا  للحجج  المدلى  بها  الأمر  الذي  يعرض  قرارها  للنقض . 

حقا حيث  ان الفقهاء عند تعرضهم لأسباب الحجر من جنون وسفه وغيرهما بحثوا في  تصرفات  كل  من  المجنون والسفيه  قبل  الحكم  بالتحجير عليهما فأجمعوا على أن  المصاب  بمرض  عقلي  ترد  تصرفاته من  حين  إصابته بالمرض  ولو  لـــم  يتم   التحجير عليه  ــ عمليا إلا  بعد ذلك  ففي  المختصر صدر  باب  أسباب  الحجر  [المجنون  محجور عليه للأفاقة]  قـــــال  سراحه  ويعتبر محجورا عليه وترد أفعاله  من  حين   جنونه.... ولو  تأخرت إجراءات التحجير لأن انعدام  أهليتـــــه  ينتــــج  مباشرة  عن  الإختلال  العقلي الذي  أصابه  وليس  عن  الحكم  بالتحجير  وتعيين مقدم عليه  ـ 

أما السفيه ــ وهو الذي يبذر أمواله في غير مصلحته فاختلف الإمامان مالك وابن القاسم  في  تصرفاته  بعد  السفه وقبــــــل التحجير  فقال  مالك بالإجازة وقال ابن القاسم بالمنع والبطلان ففي المختصر  وتصرفه أي السفيه ــ قبل الحجر على الإجازة عند مالك لا  ابن القاسم،  وما لابن القاسم هو الذي  جرى به  العمل ،  وإذا كان الأمر كذلك  بالنسبة للسفيه فهو بالنسبة لفاقد الأهلية لمرض عقلي من باب أولى وأحرى   ـ

 وان المحكمة لم تعتبر هذا  الفقه الواجب التطبيق بمقتضى الفصل  3 من [ ق ـ م ـ م ] واعتبرت  أن   تصرفات   فاقد  الأهليـــة  ماضية لا ترد إلا إذا  كانت  لاحقة للحكم بتحجيره ولو ثبت  فقدان  أهليته  قبل  الحكم  بالتحجير  وهو خلاف ما درج عليه الفقهاء ولم تبحث تبعا لهذا  الإعتبار فيما أدلى  به  الطاعنون  من  الشواهد  الطبية والموجب اللفيفي المستفسر المشار  لمراجعهما  أعلاه  والمحتج  بها  على  انعدام  أهلية  موروثهم عند البيع  المطلوب إبطاله وقبل  التحجير عليه ولم تناقش هذه الحجج  ولم  تبين  وجه  إطراحها  وعدم  إعمالها  فيما  سيقت لإثباته فكان قضاؤها  غير معلل وماسا بحقوق الدفـاع ومخالفا للفقه المعمول به مما يعرضه للنقض . 

لهذه الأسباب :
قضى المجلس الأعلى بنقض القرار المطعون فيه وإحالته القضية والطرفين على نفس  المحكمة  التي أصدرته للنظـر والبحث في الدعوى ثم الحكم فيها من جديد وبهيئة أخرى طبقا لمقتضى القانون  مع  تحميل  المطلوبين  في النقض  الصائر .

كما  قرر  إثبات  حكمه  هذا  في  سجلات  محكمة  الاستئناف  بمكناس  إثر  الحكم المطعون  فيه  وبطرته  .
وبه صدر الحكم  بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات  العادية  بالمجلس  الأعلى الكائن بساحة الجولان  بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة  رئيس الغرفة  السيد محمد عمور والمستشارين  احمد  عاصـم مقررا ومحمد بوهراس ومحمد الاجراوي  ومولاي  جعفر سليطن وبمحضر المحامي العام السيد محمد سهيل  وبمساعــدة كاتب السيد لحسن الخيلي .

*  مجلة المحاكم المغربية العددان 64-65 ابريل 92 - ص: 82 

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : اجتهادات قضائية