-->

الاختصاص الثلاثي في المادة الجنائية - تحديده بالترتيب والأسبقية - لا. شيك - الاحتجاج بعدم الدفع- أثره على إثبات سوء النية.

قرار رقم 1141- بتاريخ 7/2/1989- ملف جنائي13428/87


لما كان الثابت بمقتضى  الفصلين : 41 و261  من  قانون  المسطرة  الجنائية  انه  يرجع  النظر من حيث الاختصاص الترابي الى كل من وكيل الملك والمحكمة التي يقع في دائرة نفوذه او نفوذها، اما محل اقتراف الجريمة، واما محل إقامة احد الأشخاص المظنون مشاركتهم في الجريمة، او المتابع او المتهم او أحد مشاركيه، واما محل القاء القبض، ولو كان القبض مترتبا لسبب اخر.

ولما كان المشرع لم يحدد الاختصاص الترابي بالترتيب، وانما جعل ايا من الحالات المذكورة، متى وجدت ينعقد الاختصاص دونما العطاء الأسبقية لإحداها على الاخرى، فان إلقاء القبض على الظنين بمدينة اكادير  يعطي  الاختصاص  لمحكمة  هذه المدينة، ولو كان محل إقامته او محل ارتكاب الجريمة بمدينة أخرى.

 ان الاحتجاج بعدم الدفع  "  البروتستو "   لم  يتم  النص  على مسطرته في القانون الجنائي، وبالتالي فإنها لا تهم الا الدعوى المدنية التابعة، بشان الحالات المنصوص عليها في الفصل59 من ظهير19/1/1939.

ان ذلك الاحتجاج لا يعتبر شرطا لازما لإثبات انعدام الرصيد او عدم  كفايته، بل ان هذين الأمرين متى علم بهما مصدر الشيك، وقت إصداره، يثبت في حقه سوء النية وهو العنصر الأساسي لقيام جنحة اصدار شيك بدون رصي.

قضية السيد العلوي عبد المالك
ضد
السيد الوكيل العام للملك

باسم جلالة الملك
بناء على طلب النقض المرفوع من المسمى العلوي عبد المالك بن المعطي بصفته متهما ومطالبا بالحق المدني بمقتضى تصريح أفضى به بواسطة الأستاذ احمد مطيع في تاسع عشر يناير1987 لدى كاتب الضبط بمحكمة الاستئناف باكادير الرامي الى نقض القرار الصادر عن الغرفة الجنحية بها بتاريخ ثاني عشر جمادى الاولى1407 الموافق لثالث عشر يناير1987 تحت رقم 119 في القضية ذات العدد 2083/86 والقاضي مبدئيا بتأييد الحكم الابتدائي المحكوم عليه بمقتضاه من اجل إعطاء شيكات بدون رصيد كضمانة بالحبس لمدة ستة اشهر موقوفة التنفيذ وغرامة مالية لصالح الخزينة العامة بقيمة الشيكات ينفذ منها مبلغ عشرة آلاف درهم والباقي مشمول بإيقاف التنفيذ وبأدائه لفائدة المطالب بالحق المدني ايت مولود إبراهيم قيمة الشيكات بمبلغ إجمالي قدره مائتا الف ومليون درهم وبعدم الاختصاص في المطالب المدنية المقدمة من طرف العارض تجاه المطالب بالحق المدني السالف الذكر فيما يتعلق  بجنحة النصب والاحتيال برفض الطلبات المدنية المقدمة من طرف العارض اتجاه المطالب بالحق المدني السالف الذكر فيما يتعلق بجنحة قبول شيكات على وجه الضمان مع تعديله بإلغائه جزئيا فيما قضى به في حقه من تكييف الأفعال الى جنحة إعطاء شيك بدون رصيد على وجه الضمان والحكم من جديد بمؤاخذته من اجل ما توبع به من اصدار شيك بدون رصيد وبتأييده في باقي مقتضياته.

ان المجلس.
بعد ان تلا السيد المستشار عبد الصمد الرايس التقرير المكلف به في القضية.
وبعدى الإنصات الى السيد محمد العزوزي المحامي العام في مستنتجاته.

وبعد المداولة طبقا للقانون.
نظرا للمذكرة المدلى بها من لدن الطاعن.
في شان الفرع الاول من سبب النقض الاول والمتعلق بالطاعن بصفته متهما المتخذ من عدم الارتكاز على اساس وانعدام التعليل ذلك ان المحكمة عللت قرراه بالرد على الدفع بعدم الاختصاص المكاني بان الشيكات موضوع الجريمة سحبت من مدينة اكادير تبعا للتعامل الذي وقع بالدائرة القضائية بمحكمة المدينة المذكورة أضاف الى ان المتابعة جرت ضد شخصين أحدهما يقطن بمدينة اسفي والآخر بالدشيرة اكادير موضحا يقول العارض بان هذا الرد لا يرتكز على اساس لان الدفع بعدم الاختصاص الترابي أثير في المرحلة الابتدائية امام وكيل الملك لديها وأمام المحكمة نفسها وان ما ذهبت إليه المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه لا اساس له من الواقع اذ ان لفظ أكاد ير قد أضيف في الشيكات الأصلية بكتابة النيابة العامة لان صورها الأصلية الموجهة الى الشرطة الموجهة الى الشرطة القضائية لا تحمل هذه الكلمة.

حيث ان القرار المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي المؤيد في مبدئه وبذلك يكون تبنى علله واسبابه.
وحيث جاء في الحكم الابتدائي المؤيد استئنافيا ما يلي:
حيث اثار دفاع الظنين العلوي الدفع بعدم الاختصاص الترابي وإحالة الملف على المحكمة الابتدائية باسفي طبقا للفصلين41 و261 من قانون المسطرة الجنائية لكون الظنين العلوي يقطن باسفي والبنك المسحوب عليه موجود بنفس المدينة.
حيث ان الدفع المذكور لا اساس له من الصحة ويتعين استبعاده لكونه بالرجوع الى الفصل41 من القانون المذكور نجد ان الاختصاص الترابي يرجع الى كل من وكيل الملك الواقعة الجريمة في دائرته والى وكيل الملك الكائن بدائرته محل إقامة المتهم والى وكيل الملك الذي وقع إلقاء القبض على المتهم في دائرته كما ان الفصل 261 من القانون السالف الذكر يعط الاختصاص الترابي في القضايا الجنحية اما الى محل ارتكاب الجريمة او محل إقامة المتهم او محل القاء القبض عليه وحيث ان الفصلين المذكورين لم يحددا الاختصاص الترابي بالترتيب وانما جعلا ايا من الحالات المذكورة فيهما متى وجدت ينعقد لها الاختصاص دونما إعطاء الأسبقية لإحداهما على الاخرى.

وحيث القي القبض على الظنين العارض من طرف الضابطة القضائية باكادير وقدم من طرفها الى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بها الشيء الذي يجعل الاختصاص الترابي للمحكمة الابتدائية باكادير باعتبارها دائرة محل إلقاء القبض على المتهم مما يكون معه الفرع الاول على غير اساس.

وفي شان الفرع الثاني من سبب النقض الاول المتخذ من انعدام التعليل ذلك ان العارض متابع بجنحة اصدار شيك بدون رصيد وانه بمراجعة الشيكات المرفقة يتضح ان هذه الجنحة لا تتوفر عناصرها في حق العارض لان الشيك لا يعتبر إصداره جنحة إلا إذا ثبت عدم وجود الرصيد بواسطة البروتستو وكان ذلك داخل الأجل القانوني وانه بعدم وجود ما يفيد إجراء البروتستو الاحتجاج بعدم الدفع -  فان وسيلة الإثبات الوحيدة التي تفيد عدم وفاء شيك قدم للاستيفاء في الوقت المناسب تبقى منعدمة وبالتالي فان عدم مناقشة ما ذكر والرد عليه يشكل نقصانا في التعليل موازيا لانعدامه ويعرض القرار المطعون فيه للنقض.

حيث ان سوء النية في جريمة اصدار شيك بدون رصيد متوفرة بثبوت عدم وجود الرصيد الكافي لتغطية قيمة الشيك وهو العنصر الأساسي في هذه الجريمة والذي يتحقق طبقا لمقتضيات الفصل543 من القانون الجنائي بمجرد علم مصدر الشيك بأنه لم يكن له رصيد وقت إصداره او عدم وجود الرصيد الكافي لتغطية قيمة الشيك.
وحيث ان الاحتجاج بعدم الدفع لا يعتبر شرطا لازما لإثبات انعدام الرصيد ما دام هذا ثابت من خلال التصريحات ومضمون الوثائق كما ان مسطرة الاحتجاج بعدم الدفع لم ينص عليها جنائيا وهي لا تهم الا الدعوى المدنية التابعة بشان الحالات المنصوص عليها في الفصل59 من ظهير19/1/1939 إضافة الى ان الظنين العارض لم يقل بوجود الرصيد الكافي وقت لإصدار ولم يثبت ذلك مما يكون معه الفرع الثاني غير مرتكز على اساس.

وفي شأن الفرع الثالث من سبب النقض الاول المتخذ من انعدام الأساس القانوني ذلك ان المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه بإعادة تكييفها لمتابعة العارض من اجل جنحة اعطاء شيك بدون رصيد بدل اعطاء شيك بدون رصيد على وجه الضمان لم توضح في تنصيصات قرارها سندها القانوني في إعادة تكييفها للأفعال المنسوبة للعارض مما يجعل القرار عديم الأساس مستلزما النقض والإبطال.
حيث نص القرار المطعون فيه على ما يلي: حيث تأكد من تصريحات الظنين العارض ومن أسباب رجوع الشيكات بدون الوفاء ان هناك انعداما للرصيد وقت الإصدار واعطاء أمر للمسحوب عليه بعدم الأداء مما هو معاقب عليه ومن مقتضيات الفصل543 من مجموعة القانون الجنائي مما يتعين معه مؤاخذته طبقا لمقتضيات الفصل المذكور دونما حاجة او داع الى تكييف الوقائع تكييفا لا مبرر له قانونا على ان ما أثير لم يلحق بالعارض أي ضرر مما يكون معه الفرع الثالث من سبب النقض غير جدير بالاعتبار.

وفي شان سبب النقض الثاني المتعلق بالطاعن بصفته مطالبا بالحق المدني والمتخذ من عدم الارتكاز على اساس ذلك ان المحكمة المصدرة للقرار المطعون عندما أيدت الحكم الابتدائي فيما قضى به من براءة المطلوب في النقض من جنحة النصب والاحتيال وبعدم الاختصاص في المطالب المدنية المقدمة من طرف العارض تجاه المطلوب في النقض لم يكن قرارها مرتكزا على اساس قانوني ذلك انه اثر معاملة تجارية  بين الطرفين اشترى بموجبها العارض من المطلوب في النقض جميع اسهم شركة المشروبات الغازية سينالكو وأبرمت اتفاقية بين الطرفين لهذه الغاية وتشتمل على مجموعة من الشروط والالتزامات تضمن للعارض صلاحية العمل وعدم وجود نزاع او مفاجأة في موضوع المعاملة وان هذه المعاملة تنعدم وينعدم معها العقد بعدم تفويت حق الامتياز الى الظنين العارض.

حيث يتجلى من تنصيصات القرار المطعون فيه أنها ذكرت ما يلي حيث ان الأمر في الواقع يتعلق بمعاملة تجارية يين شخصين المشتري فيها حيسوبي وفي مستوى ثقافي يمكنه من ان يكون واعيا ومدركا لما يقوم به من أعمال ومقدرا لما هو مقبل عليه من أفعال من حيث الحال والحال يؤكد ذلك فحصه للمعمل قبل الإقدام على الشراء رفقة محترف وعريف هو السيد (ريو) الذي تولى بنفسه فك أجزاء المعمل وادواته، ونقلها الى مدينة اسفي ثم الإشراف على تركيبها وقيام المشتري نفسه بتحرير عقد المعاملة وتضمينه شروطا واتفاقات بكل تفصيل ودقة مع حيطة وحذر ثم استغلال المعمل بعد التركيب ولفترة غير وجيزة استعمالا وإنتاجا وقد ثبت اطلاع المشتري على كافة الوثائق المتعلقة بالمعمل ومنها عقدة الشراء الأصلية وحيث ان المشتكي العلوي عبد المالك- الطاعن - استند في ادعاء النصب الى عدم صلاحية آلات المعمل والى انعدام حق الامتياز.

وحيث انه بالنسبة للنقطة الاولى فانه قد اطلع المشتكي شخصيا على معدات المعمل مستعينا بغيره ممن له خبرة وإلمام بنوعية تلك المعدات ثم قبل الشراء واستعمل الآلات بعد نقلها لشهور دون مراجعة البائع او اخذ أي اجراء من شانه التحفظ على ما اشتراه او الطعن فيما يراه غير صالح للاستعمال وهو كما أشير اليه على درجة من الوعي والثقافة وممارسة الأعمال تكسبه حنكة وتجربة مما لا تبرير معه ليقال بوقوعه في غلط او بخداعه لتأكيدات غيره مما ليس صحيحا او لتخفى عليه وقائع في مثل هذه المعاملة بقطع النظر عن ان هذا النوع من الادعاء هو مدني صرف يستلزم الإثبات والبرهان والنظر في الوثائق والعقود.

وحيث ان ما تمسك به من شهادة تقنين ألمانيين لا ينهض حجة قانونية للقول بصلاحية او عدم صلاحية الآلات اذ مثل هذا الاجراء ليكون دليلا قانونيا لابد من خضوعه لإجراءات قانونية سليمة لبيان نوعية الخبرة والهدف منها وتحديد من يقوم وينتدب للقيام بها من الطرفين المعنيين ومن جهة مختصة وبصرف النظر عن ان هذا الإجراء يحب ان يلجا اليه مسبقا وقبل التعامل ان ظهر ما يستوجب ذلك.

وحيث ان ما يتعلق بحق الامتياز فان المشتري تأكد مما اشتراه واطلع على الوثائق والمستندات قبل تحرير العقد وتضمينه لكافة الشروط والبيانات وهو على بما هو مقدم على اقتنائه من اسهم لشركة ذات شخصية معنوية عرف عنها كل شيء إضافة الى ان المشتكي عبد الله العلوي تسمك بالقول بانعدام حق الامتياز كما هو مدون بتصريحه تمهيديا ولما تأكد من وجوده عدل الى القول  بعدم أحقية خصمه في بيعه لذلك الحق لأنه غير قابل للتصرف بالبيع وفق ما صرح به ابتدائيا واستئنافيا.

وحيث ان هذا الادعاء المتناقض لا ينم الا عن البحث عن أسباب تحميل مقتضيات الفصل540 من القانون الجنائي ما لا يندرج ضمنه قانونا خاصة وان وجود حق الامتياز من عدمه لا يكون عنصرا من عناصر جريمة النصب ما دام العقد قائما بين الطرفين المتعاملين والمفروض فيهما ان يكونا على بينة مما يقومان به باعتبارهما في مستوى من الإدراك والتجربة لا تسمح بالقول بتعرض المتمسك بهذا الادعاء كونه في حالة جهل لمقومات الشركة وما يستلزم نقل ملكيتها وحقوق الغير عليها وهو الخبير في الحسابات الممارس لشؤون الشركات من كشوف ومحاسبات وفحص لما يتضمنها من وثائق ومستندات لها علاقة بالتأسيس والتغيير والتحويل والتصفيات.

وحيث انه تبعا لما ذكر ولما يحيط بالوثائق مم ظروف وملابسات فان جريمة النصب وفق مقتضيات الفصل 540 من القانون المذكور غير متوفرة في النازلة مما يكون معه الحكم الابتدائي القاضي بالبراءة من هذه التهمة في محله ومصادفا للصواب الأمر الذي يدل على ان المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه قد تعرضت بما فيه الكفاية لجميع الجوانب المثارة من طرف العارض وبالتالي فان ما أثير حول عقد التمثيل وحق الامتياز يرجع النظر فيه الى المحكمة المدنية التي لها الصلاحية للبت في ذلك مما تكون معه المحكمة قد طبقت القانون تطبيقا سليما وعللت قرارها تعليلا كافيا مما تكون معه الوسيلة غير مرتكزة على اساس.

من اجله
قضى برفض الطلب المرفوع من لدن عبد المالك بن المعطي العلوي.
وبان المبلغ المودع صار ملكا لخزينة الدولة.

وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الاعلى الكائن بساحة الجولان بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة عبد الوهاب اعبابو رئيس غرفة والمستشارين يحيى الصقلي واحمد الحضري وعبد الصمد الرايس والطاهر السميرس بمحضر المحامي العام السيد محمد العزوزي الذي كان  يمثل النيابة العامة وبمساعدة كاتب الضبط السيد عبد الكبير طبيان.

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 59، ص 95.

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : قرارات محكمة النقض