-->

إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه في مشروع قانون المسطرة الجنائية




 الأستاذ  طيب محمد عمر المحامي بهيئة  الدار البيضاء
يتزامن تنظيم ندوة " العدالة الجنائية ومتطلبات الاصلاح"  مع  طرح  مشروع  قانون  المسطرة الجنائية  من  طرف  الحكومة  على  الجبهة التشريعية المختصة، الامر الذي يقتضى اخذ مواد المشروع ومناقشتها  كما ستأخذها وتناقشها تلك الجهة، لا كما يناقشها الفقه عادة، بتعميق البحث في الموضوع وجزئياته، لكن بعد التمهيد لذلك بمقدمة لابد منها.

المقدمة:
يستعمل القانون الجنائي (2) وقانون المسطرة الجنائية(3) مصطلح الرد بينما يستعمل العمل القضائي هذا المصطلح احيانا، ومصطلح ارجاع الحالة الى ما كانت عليه احيانا اخرى. وقد تضمن مشروع قانون المسطرة الجنائية احكاما خاصة بالرد(4)  وخصص  ارجاع  الحالة  الى  ما  كانت  عليه  باحكام اخرى(5).
والاستعمالان المذكوران مردهما ان للرد مفهومين، مفهوم واسع يستهدف اعادة الحال الى الوضع الذي كانت عليه قبل وقوع الجريمة، وازالة اثارها، كاعادة المالك الى العقار الذي نزع منه قسرا، او ابطال العقود المزورة وما ترتب عنها من
--------------------------------------
1)  تمت المشاركة بهذه المداخلة في الندوة التي نظمتها جمعية هيئات المحامين بالمغرب، بمراكش يومي 28 و29 شتنبر2001 تحت عنوان : "العدالة الجنائية ومتطلبات الاصلاح".
2)  الفصول : 106 و107 و109 من القانون الجنائي.
3)  الفصول: 380 و383 و400 و493 و508 من قانون المسطرة الجنائية، والفصل 15 من ظهير الاجراءات الانتقالية، والمواد : 40 و49 و106 و107 و133 و237 و366 و383 و384 و452 من مشروع القانون.
4)  المواد المشار اليها اعلاه (40 و49 و106 و107 و133 و237 و366 و383 و384 و438 و452).
5)  المواد: 40 و41 و49 و133 من مشروع القانون.
--------------------------------------

نتائج(6)، ومفهوم ضيق يقتصر على رد الاشياء التي وضعت بين يدي العدالة بمناسبة ارتكاب جريمة، الى اصحاب الحق فيها.
وقد عرف المشرع المغربي في هذا الاطار الضيق الرد في الفصل 106 من القانون الجنائي بانه : "هو اعادة الاشياء او المبالغ  او الامتعة المنقولة الموضوعة تحت يد العدالة الى اصحاب الحق فيها".
" ويمكن للمحكمة ان تامر بالرد، ولو لم يطلبه صاحب الشان".
ونص الفصل 107 من القانون نفسه على انه:
" يجوز للمحكمة علاوة على ذلك، بقرار معلل، بناء على طلب المجني عليه ان تامر برد:
1.  المبالغ المتحصلة من بيع الاشياء او الامتعة المنقولة التي كان له الحق في استردادها عينا.
2.  الاشياء او الامتعة المنقولة المتحصل عليها بواسطة ما نتج عن الجريمة، مع احترام حقوق الغير"

من قراء ة هذين النصين، يمكن استخلاص ما يلي :
1-  ان الفصل 106 يشير الى كلمة"الاشياء" التي لا تقتصر على المنقول وحده، بل تعني العقار ايضا، اذ ان"الشي" متى اطلق يشمل العقار والمنقول(7) ثم ان المشرع في الفصلين 106 و107 قد ذكر"الاشياء"، ثم ذكر "الامتعة المنقولة" تمييزا لها عن غير المنقولة.
      وقد اعطى القضاء المغربي للرد مفهومه الواسع المشار اليه، بجعله يستهدف ارجاع الحالة الى ما كانت عليه قبل وقوع الجريمة، مع اعمال
      احكامه على العقار، وتاكيد مبدا عدم ضرورة تقديم طلب للحكم به:
-------------------
6)  اصول المحاكمات الجزائية للدكتور عاطف النقيب الطبعة الاولى ص 193.
7)  الوسيط في شرح مقدمة القانون المدني للدكتور رمضان ابو السعود ص 425 و439 وكتاب المدخل لدراسة القانون، الجزء الثاني نظرية الحق: للدكتور ادريس العلوي العبدلاوي ص 331، وكتاب القانون المدني، لا المدخل والاموال للدكتور نقولا اسود ص 414 وما يليها.
-------------------------
أ-" يسوغ للمحكمة وهي تبث في انتزاع الحيازة من يد الغير بالقوة ان تامر برد الامور الى نصابها قبل  الجريمة، وهي بعملها هذا لم تتجاوز اختصاصها بالفصل في الاصل او الاستحقاق، وانما اتخذت تدبيرا يحمي الحيازة، ويضع حدا للحالة المترتبة عن الجريمة، وبذلك تكون المحكمة عللت حكمها وبنته على اساس سليم"(8).
ب-" في شان وسيلة النقض الاولى المتخذة من الحكم بشيء غير مطلوب، ذلك انه يتضح من شكاية السيد عبد القادر بن احمد، انه لم يطلب التخلي ورفع اليد عن العقار المدعى فيه، ومع ذلك فان محكمة الدرجة الاولى قد حكمت بالافراغ حكما ايدته  الدرجة الثانية، وعليه يكون الحكم المطعون فيه قد حكم بشيء غير مطلوب، مما يتعين معه نقضه".

" لكن حيث ان العارضين كانا متابعين امام المحكمة بجريمة الترامي على ملك الغير، وان المحكمة بعد ان ثبتت لديها الادانة، وحكمت عليهما جنائيا كان من حقها ان ترد الامور الى نصابها، وان تعيد الحالة الى ما كانت عليه قبل الجريمة، وهذا من باب الرد، الذي يجوز للمحكمة ان تامر به ولو لم يطلبه صاحب الامر، مما تكون معه الوسيلة على غير اساس"(9).

2-  اشار الفصل 106 الى عبارة "الاشياء . الموضوعة تحت يد العدالة"، وهي عبارة عامة كان يستحسن ان يستعملها وحدها مشرع قانون المسطرة الجنائية، لتلافي كثرة المصطلحات، وما قد ينتج عنها من اختلاف في التاويلات (10).
3-  الواضح ان ما تقتضي المحكمة برده تلقائيا هو الاشياء او المبالغ او الامتعة المنقولة الموضوعة تحت يد العدالة، أي الشيء عينه كما تم حجزه بعد ارتكاب الجريمة، وهذا هو الاصل في الرد، اما ما دونه من المبالغ المتحصلة من بيعه اوالاشياء
---------------------
8)  قرار المجلس الاعلى رقم 1760 بتاريخ 09/12/1982.م.س.ص 69.
9)  قرار المجلس الاعلى 550 بتاريخ 22/05/1980 م. س.ص 72.
10)  يلاحظ في هذا الاطار ان المادتين :40 و41 تتضمنان عبارة : "الاشياء التي ضبطت اثناء البحث"، بينما تشير المادة 106 الى عبارة " شيء محتفظ به لدى العدالة"، وتشير المواد: 107 و207 و237 الى عبارة "الاشياء المحجوزة"، في حين تتضمن المادة 133 عبارة: "الاشياء التي ضبطت اثناء التحقيق"، وتتضمن المادة 452 عبارة : "الاشياء المودعة بكتابة الضبط بصفتها ادوات اقتناع"، ولم تشر الى عبارة :"الاشياء الموضوعة تحت يد العدالة"، الا المادة 366 وحدها، بينما المواد : 97 و99 و177 و212 و373 و478 و543 من قانون المسطرة الجنائية تستعمل كلها عبارة:" objet placés sous main de justice " الاشياء الموضوعة تحت يد العدالة.
----------------------
المتحصل عليها بواسطة ما نتج عن الجريمة،  كالعقار الذي  يشتريه الجاني من منتوج شيك  مزور، فلا بد فيه من طلب من المجني عليه يرفعه الى المحكمة، وهو الطلب الذي لا يخض الى الشروط المتطلبة في مذكرات المطالب المدنية(11)، والذي يمكن تقديمه لاول مرة امام محكمة الدرجة الثانية.

4-  يلاحظ ان المادتين 40 و49 من المشروع  قد تضمنتا عبارة "من له الحق فيها"، بينما تتضمن المادة106 عبارة " كل شخص يدعي ان له حقوقا على الشيء" في حين تستعمل المادة 133 والفقرة 3 من المادة 366 عبارة "من له الحق فيها" بينما تتضمن الفقرة 4 من المادة 366 والفقرة 2 من المادة 438 كلمة "المالك" وتتضمن الفقرة 3 من المادة 438 كلمتي "المالك او الحائز".

ويبدو ان ما وقع فيه المشرع من خلط بين مالك الشيء، ومن له حق عليه ناتج عن الاشكال الذي يطرحه القانون الجنائي، بعدم تمييزه على مستوى الترجمة بين :" صاحب الحق"، "المالك"، اذ ينص الفصل 106 من القانون الجنائي في صيغته العربية على ان "الرد هو اعادة الاشياء او المبالغ الموضوعة تحت يد العدالة الى "اصحاب الحق فيها".
وتنص الفقرة الثانية على انه" يمكن للمحكمة ان تامر بالرد، ولو لم يطلبه "صاحب الشان"
في حين تضمن النص في  صيغته الفرنسية :

« La restitution consiste dans la remise à leur légitime propriétaire des objets, sommes, effets mobiliers,  placés sous la main de justice à l'occasion de la poursuite d'une infraction ».
« Cette restitution peut être ordonnée par la juridiction, même si le propriétaire n'intervient pas aux débats.

واضح ان النص الفرنسي يتحدث عن "المالك الشرعي"، بينما النص العربي يشير الى "صاحب الحق"، والفرق واضح لان هذا التعبير الاخير قد يشمل صاحب حق الانتفاع، والمحجوز عليه والحائز والمرتهن وغيرهم.
--------------------
11) شرح قانون المسطرة الجنائية، الجزء الاول الدكتور احمد الخمليشي الطبعة الاولى ص 142، وكتاب :
« Code pénal annoté-ADOLFRUOLT » ص 83.
-------------------
لذلك ينبغي ان يتلافى المشروع هذا الخلط بين صاحب الحق بين المالك من جهة، وكثرة التعابير من جهة اخرى، بالاقتصار على الاول، حتى يتم توسيع دائرة من لهم حق استرجاع الاشياء الموضوعة تحت يد العدالة، وحتى ينسجم  مع تنصيصات القانون الجنائي في صيغته العربية التي يبدو انها اقرب للصواب، ولما هو ثابت في القانون والفقه والقضاء في فرنسا(12).
بعد هذا التقديم يمكن مناقشة الرد في اطار مشروع قانون المسطرة الجنائية، بتتبع حالاته قبل تحريك الدعوى العمومية، (اولا) وبعد ذلك، امام النيابة العامة، ( ثانيا) ثم  امام قضاء التحقيق، ( ثالثا) فالغرفة الجنحية، (رابعا) ثم امام المحكمة الابتدائية، وغرفة الجنح الاستئنافية ( خامسا) واخيرا امام غرفة الجنايات ( سادسا).

أولا: قبل تحريك الدعوى العمومية:
اذا كان معهودا بمقتضى القانون للنيابة العامة بان تباشر بنفسها او تامر بمباشرة الاجراءات اللازمة للبحث عن مرتكبي المخالفات للقانون الجنائي ومتابعتهم، او البحث التمهيدي، يرجع النظر فيه للنيابة العامة، تلقائيا او بطلب ممن يعنيه الامر، وآية ذلك ما تضمنته المادتان 40 و49 من عبارة "ان يامر برد الاشياء التي ضبطت اثناء البحث".
في هذا الاطار ينبغي التذكير بان المادة 23 من المشروع قد حافظت عل تنصيصات الفصل 23 من قانون المسطرة الجنائية الحالي، وذلك بنصها على ان ضباط الشرطة القضائية يضعون الاشياء المحجوزة رهن اشارة وكيل الملك او الوكيل العام للملك.
كما ان مقتضيات المادة 59 قد ابقت على مضمون الفصل 61 من قانون المسطرة الجنائية، بخصوص الجريمة التي يمكن اثباتها بحجز اوراق ووثائق او اشياء اخرى في حوزة اشخاص يظن انهم  شاركوا في الجريمة، او لانهم يحوزون مستندات
-------------------------------
12) المواد: 99 و177 و373 و479 بينما استعملت المادة 637 عبارتي المالك او صاحب الحق، انظروا:
Restitution, paragraphe 10 jurisclasseur français, répertoire pénal 1969.
----------------------------------
او اشياء تتعلق بالافعال الاجرامية، وكيفية التفتيش، وضمان الحرية، واتخاذ جميع التدابير لضمان احترام السر المهني.
كما ابقت المادة 63 من المشروع على جزاء البطلان الذي يرتبه الفصل 65 من قانون المسطرة الجنائية على عدم مراعاة الاجراءات المقررة في المادة 59.
واخيرا فان المادة 79 التي كرست المبدا المنصوص عليه في الفصل 81 من قانون المسطرة الجنائية بمنع دخول المنازل وتفتيشها وحجز ما بها من ادوات الاقتناع دون موافقة صريحة من الشخص الذي ستجري العمليات بمنزله، تحت طائلة البطلان.
ولكل غاية اشير الى ان الفصل 81 يشير الى حجز الاشياء المؤيدة للتهمة، في حين ان الحجز قد يستهدف اشياء تبعد التهمة ايضا، اذا كان في ابعادها  وصول الى الحقيقة، الامر الذي يكون معه تعبير المادة 79 من المشروع على النحو المشار اليه ( وحجز ما بها من ادوات الاقتناع) تعبيرا اسلم.

ثانيا: بعد إحالة المسطرة على النيابة العامة :
اما بعد احالة المسطرة على النيابة العامة، فقد اتى المشروع بمقتضيات جديدة نص عليها في المواد: 40 و41 و49 على النحو التالي :
" ويحوز له - وكيل الملك او الوكيل العام للملك- متى قامت دلائل كافية على جدية الاتهام في جرائم الاعتداءات عل الحيازة، ان يامر باتخاذ أي اجراء تحفظي  يراه ملائما لحماية الحيازة، وارجاع الحالة الى ما كانت عليه، على ان يعرض هذا الامر على المحكمة او هيئة التحقيق التي رفعت اليها القضية او التي سترفع اليها خلال ثلاثة ايام على الاكثر لتاييده او تعديله او الغائه".
" يجوز له في حالة عدم وجود منازعة ان يامر برد الاشياء التي ضبطت اثناء البحث، لمن له الحق فيها ما لم تكن لازمة لسير الدعوى او خطيرة  او محلا  للمصادرة" (الفصلان 40 و49).

اما مقتضيات المادة41، فتعطي لوكيل الملك عندما يسعى الى السدد بين المشتكى به والمتضرر، ان يامر بارجاع الحالة الى ما كانت عليه.
ويلاحظ من قراءة المواد المشار اليها ان المشروع يعطي للنيابة العامة صلاحيتين اثنتين هما:
1-  القيام في جرائم الاعتداء على الحيازة، بكل الاجراءات التحفظية التي تراها ملائمة لحماية الحيازة، وارجاع الحالة الى ما كانت عليه.
2-  رد الاشياء لمن له الحق فيها .

أ- الملاحظ بخصوص الامرالاول ان جريمة انتزاع الحياة تشكل اعتداء على المصلحة العامة للمجتمع، لانها تمثل - أي الحيازة - الامر الواقع، وباحالة العدوان عليها يفتح باب الصراع بين الافراد، مما قد يؤدي الى استخدام العنف، وهو ما يهدد السلام الاجتماعي والامن العام، ولذا  تختص السلطة الادارية، وخاصة اجهزة الامن، بوقف أي عدوان حال على الحيازة، ولكن الامر لا يقتصر على هذه الحماية الادارية ذات الطابع الوقائي، وانما يدعمها القانون عن طريق الحماية القضائية لمركز الحائز سواء في صورة وقائية ترمي الى وقف العدوان الحال او المستقبل عليه، او في صورة علاجية (جزائية) ترمي الى ازالة الاعتداء الذي وقع عليه او رد الحيازة المسلوبة الى الحائز(13).

والواضح بطبيعة الحال ان المقصود بالحيازة في هذه المادة، هي حيازة العقار، لان الحيازة في المنقول سند الملكية، ولان رد الاشياء المنصوص عليها في المادة نفسها، وفي باقي مواد مشروع قانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي، يشمل حيازة المنقول، بل يمكن القول بان المشرع كان بامكانه ان يقتصر على رد الاشياء وحده، فيشمل العقار والمنقول على النحو المشار اليه سابقا، الا انه ارتاى ان يخصص حيازة العقار بتنصيصات خاصة، وحسنا فعل.
واخيرا فان الامر لا يتعلق هنا الا بالحيازة، اما ملكية العقار فلا يختص القضاء الجنحي بالنظر فيه، متى استظهر المتهم بحق عيني عقاري ( المادة249 من المشروع).
-----------------
13) كتاب "مبادئ الخصومة المدنية"، للدكتور وجدي راغب، الطبعة الاولى، ص 164 وما يليها.
----------------
لكن يلاحظ :
بان عرض الامر على المحكمة(على ان يعرض هذا الامر على المحكمة او هيئة  التحقيق) ليس له نفس القيمة القانونية عندما يعرض على قضاء التحقيق لتاييد او تعديل او الغاء  الامر المتخذ من طرف النيابة العامة، لان اختصاصات المحكمة وصلاحيتها  كقضاء يبت في الموضوع ليست هي صلاحيات قضاء التحقيق، الذي بصرف النظر عن خضوعه في ظل قانون المسطرة الجنائية المغربي لهيمنة النيابة العامة، ولهذا السبب يستشيرها عندما يعرض عليه طلب استرداد اشياء محجوزة، ويحق للاطراف ان يعرضوا اوامره الصادرة في هذا الشان على الغرفة الجنحية ( المادة106 من المشروع و107 من قانون المسطرة الجنائية)، فان القضاء النيابة العامة وقضاء التحقيق، والغرفة الجنحية نفسها، كل هؤلاء لا يبتون، مبدئيا، في طلبات الرد الا في اطار مؤقت  وتحفظي  ريثما يعرض الامر على محكمة الموضوع، ولهذا السبب اشارت المادة133 من المشروع الى ان قاضي التحقيق يامر برد الاشياء " في حالة عدم وجود منازعة".
اذا كان الامر كذلك، فكيف لقضاء التحقيق ان يكون درجة ثانية في الامر الذي تصدره النيابة العامة، الامر الذي تقتضي ايجاد صيغة تجعل النظر في ذلك للمحكمة.

- عندما تعرض النيابة العامة امرها القضائي، بارجاع الحالة او باتخاذ أي اجراء تحفظي، على قضاء التحقيق او الحكم الذي رفعت او سترفع اليه القضية، لم يهتم المشروع بحقوق الاطراف في الدفاع، وذلك باغفاله ضرورة استدعائهم.

ب- اما رد الاشياء التي ضبطت اثناء البحث، فالملاحظ :
- ان المشرع قد اقتصر على مجرد"المنازعة"، لكي لا تامر النيابة العامة بالرد، وهو تعبير عام ومطلق قد يجعل من كل منازعة لاجل المنازعة ذريعة لعدم الرد، مع ان المقصود هو المنازعة الجدية، حتى تتحقق الغاية التي ارادها المشرع.
ويلاحظ بان المشرع قد استعمل عبارة "ما لم تكن لازمة لسير الدعوى"، وهي عبارة عامة جدا قد يؤدي التوسع في تفسيرها الى هضم بعض الحقوق، الامر الذي ينبغي معه استعمال عبارة "ما لم تكن لازمة لاظهار الحقيقة". كما فعل المشرع الفرنسي في المادة481 من قانون المسطرة الجنائية.
ثم ان عبارة "ومحلا للمصادرة"، قد تعني ان الاشياء قد صودرت فعلا، والحال ان المصادرة لا يمكن ان تنطق بها الا المحكمة، الامر الذي يستحسن معه استبدال تلك العبارة بعبارة: " او قابلة للمصادرة" " «  SUSCEPTIBLE DE CONFISCATION، كما فعل المشرع الفرنسي في المادة المشار اليها.
- ان المشرع قد اغفل مرة اخرى استدعاء الاطراف، او المعنيين بامر تلك الاشياء، والذين احاطهم المشرع بضمانات المواجهة والحضورية عند حجز تلك الاشياء من طرف الضابطة القضائية، فكيف لا يتم اشعارهم اذا تعلق الامر باجراء تقوم به النيابة العامة( المواد : 57-59-63-79).

اما عن الفترة الزمنية التي يمكن خلالها للنيابة العامة ان تمارس حق الامر برد الاشياء، فالملاحظ بان بداية اختصاص النيابة العامة هو انطلاق البحث، ونهايته هو احالة الملف على قضاء التحقيق او قضاء الحكم، وهو ما تسمح  بتقريره المبادئ العامة، ومقتضيات المواد : 106 و366 و438، لان الجهتين القضائيتين المذكورتين يمكنهما في كل وقت وحتى اثناء اجراءات التحقيق، وامام المحكمة وقبل الحكم في الجوهر، وحتى بعد صدوره، او صدور امر بعدم المتابعة، او صدور حكم بالبراءة، الامر بارجاع الاشياء المحجوزة الى اصحاب الحق فيها.

والملاحظ في هذا الاطار ان مشروع قانون المسطرة الجنائية لم يعط للنيابة العامة حق طلب رد  الاشياء المحجوزة، كما فعل القانون الفرنسي، الذي سلبها هذا الحق بعد نسخ قانون التحقيق الجنائي ودخول قانون المسطرة الجنائية حيز التطبيق ( المادتان373 و483 قبل الغائه).
اما اذا انتهت المسطرة دون ان يحال  الملف على قضاء التحقيق او قضاء الحكم، بان تكون النيابة العامة قد قررت حفظ الشكاية لوفاة المتهم او لغير ذلك من الاسباب، فانها تبقى مختصة للامر بالرد، وفي حالة المنازعة، يرى الفقه والقضاء امكانية عرض النزاع على المحكمة المدنية التي يقاضي الطرف المعني النيابة العامة امامها(14).

وهكذا، ومراعاة لكل الملاحظات المشار اليها يمكن صياغة الفقرتين 14 و15 من المادة 40 و18 و19 من المادة 49 على النحو التالي :
" يجوز له، ما لم يكن الامر قد احيل على قضاء التحقيق او الحكم، متى قامت الدلائل الكافية على جدية الاتهام في جرائم الاعتداء على الحيازة، وارجاع الحالة الى ما كانت عليه، على ان يعرض هذا الامر على المحكمة التي رفعت اليها القضية او سترفع اليها خلال ثلاثة ايام على الاكثر لتاييده او تعديله او الغائه.

واذا كان الملف قد احيل على قاضي التحقيق، فيعرض الامر على المحكمة التي يوجد بها هذا القاضي"
" يجوز له، ما لم يكن الامر قد احيل على قضاء التحقيق او الحكم، وفي حالة عدم وجود منازعة جدية ان يامر برد الاشياء الموضوعة تحت يد العدالة الى اصحاب الحق فيها، ما لم تكن لازمة لاظهار الحقيقة، او خطيرة او قابلة للمصادرة".

كما تعاد صياغة  فقرات المادة 49 على النحو التالي :
" يجوز له، ما لم يكن الامر قد احيل على قضاء التحقيق او الحكم، متى  قامت الدلائل الكافية على جدية الاتهام في جرائم الاعتداء على الحيازة، ان يامر باتخاذ أي اجراء تحفظي يراه ملائما لحماية الحيازة، وارجاع الحالة الى ما كانت عليه، على ان يعرض هذا الامر على المحكمة التي رفعت اليها القضية او سترفع اليها خلال ثلاثة ايام على الاكثر لتاييدها و تعديله او الغائه.
واذا كان الملف قد احيل على قاضي التحقيق، فيعرض الامر على الغرفة الجنحية".
وتصاغ الفقرة الموالية كما صيغت المادة40.
-------------------
14) كتاب : Code pénal annoté-ADOLFRUOLT " ص 83".
-------------------

ثالثا: المطالبة برد المحجوز امام قضاء التحقيق :
بمقتضى الفقرة  3 من المادة 104"اذ اجري حجز على نقود او سبائك او قيم او اوراق تجارية، لم يكن الاحتفاظ بها ضروريا لاظهار الحقيقة او المحافظة على حقوق الاطراف، فلقاضي التحقيق ان ياذن لكاتب الضبط في ايداعها، اما بصندوق الايداع والتدبير او بنك المغرب".
لقد اعطيت هذه الفقرة لقاضي التحقيق ان ياذن لكاتب الضبط في ايداع ما ذكر، الا ان المشرع لم ينص على منحه امكانية اتخاذ قرار ببيع الاشياء الموضوعة تحت يد العدالة عند خشية فسادها او تلفها، او عند تعذر الاحتفاظ  بها، وهذا السكوت غير مبرر ما دامت الفقرة الثالثة من المادة 366 تقضي بان المحكمة تبت عند الاقتضاء في ارجاع الاشياء الموضوعة تحت يد العدالة لمن له الحق فيها، او برد ثمنها اذا كانت هيئة الحكم او هيئة التحقيق قد قررت بيعها خشية فسادها او تلفها او نتيجة لتعذر الاحتفاظ بها، مما مؤداه ضرورة تخويل قضاء التحقيق هذه الامكانية.

كما ان المقطع الاخير من الفقرة 5 من المادة المشار اليها قد نص على انه : " لا يمكن لقاضي التحقيق ان يبقى تحت الحجز سوى الاشياء والوثائق المفيدة لاظهار الحقيقة والتي قد يضر الكشف عنها بسير التحقيق"، وهذا الامر برفع الحجز الذي قد يتخذه قاضي التحقيق تلقائيا لا يختلط بطلب الرد المنصوص عليه في المادة من 106 من ذات المشروع كما ان " للمعنيين بالامر ان يطلبوا تسليمهم نسخة من هذه الوثائق المستمر حجزها يصادق كاتب الضبط على مطابقتها للاصل ما لم يتعارض ذلك مع متطلبات التحقيق، وهذا الامر ليس هو الرد لتعلقه بمجرد نسخة، كحالة الوصية او الاوراق التي قد يتركها شخص مشكوك في وفاته( الفقرة الاخيرة من المادة 104).

وتنص المادة 106 من المشروع على انه:
" يجوز للمتهم وللطرف المدني، ولكل شخص اخر يدعي ان له حقوقا على شيء محتفظ به لدى العدالة، أي يطلب استرداده من قاضي التحقيق".
" يبلغ كل طلب قدمه المتهم او الطرف المدني او الغير للنيابة العامة ولكل الاطراف الاخرى".
" يجب على هؤلاء تقديم ملاحظاتهم داخل ثلاثة أيام من تاريخ التبليغ".
" يبت قاضي التحقيق بامر معلل داخل ثمانية ايام فيما قدم له من طلبات، وذلك بعد اخذ راي النيابة العامة، وله ان يامر برد الاشياء تلقائيا او بناء على ملتمس من النيابة العامة".

" يمكن للاطراف الطعن في قرار قاضي التحقيق امام الغرفة الجنحية خلال عشرة ايام من تاريخ تبليغه دون ان يترتب عن ذلك أي تاخير في سير التحقيق".
"عندما يكون الطلب صادرا عن الغير، فلمن صدر عنه ان يوجه مثل باقي الاطراف  الى الغرفة الجنحية ملاحظاته مكتوبة، لكن لا يحق له ان يطالب بوضع ملف الاجراءات رهن اشارته".

وتنص المادة107 على ما يلي :
" يبقى قاضي التحقيق مختصا بالبت في رد الاشياء المحجوزة، ولو بعد صدور قرار بعدم المتابعة" ( وهو المبدا الذي اكدته المادة 207/2).
" يمكن الطعن في قراراته امام الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف وفقا لما جاء في المادة السابقة".
يلاحظ بان الفقرة الرابعة من المادة106، قد جعلت صياغتها المعيبة النيابة العامة من بين الاطراف الذين يمكنهم التماس رد الاشياء ( بناء على ملتمس من النيابة العامة)، مع ان الامر هو محض ترجمة غير سليمة لمقتضيات المادة99 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي.

« Il Statut, par ordonnance motivée, soit sur réquisition du procureur de la République, soit aprés avis de ce dernier, d'office ou sur requête de l'inculpé, de la partie civile ou de toute autre personne qui prétend avoir droit sur l'objet ».

يلاحظ ان الفقرة الخامسة من المادة 106 تنص على امكانية الطعن في قرار قاضي التحقيق، كما تضمنت الفقرة الثانية من المادة 107 الاشارة ايضا الى عبارة الطعن في القرارات، مع ان الامر لا يتعلق بالطعن بالمعنى التقني لهذه الكلمة، بل هو مجرد احالة على الغرفة الجنحية، تتم في اطار مسطرة استعطافية خاصة،  تتميز عن الاستئناف المنصوص عليه في المواد 213 و214 و215، من حيث اطرافها ومن حيث اجل الطعن.
ويلاحظ في هذا الاطار ايضا بان المادتين المذكورتين قد استعملتا تعبير " قرار" قاضي التحقيق، في حين استعملت الفقرة الرابعة من المادة 106 تعبير "الامر"، وهو التعبير الذي استعملته مقتضيات الباب التاسع المتعلق باوامر قاضي التحقيق، مما يقتضي عدم استعمال تعبير قرارات قاضي التحقيق والاقتصار على الاوامر.

كما يلاحظ بان اجل عشرة ايام الذي نص عليه المشرع لا فائدة من طوله، ويستحسن الابقاء على اجل ثلاثة ايام  المحدد للطعن  في اوامر قاضي التحقيق بصفة عامة.
 كما ان المادة 106 قد سكتت عن اجراءات الطعن الاستعطافي، الامر الذي ينبغي معه سد هذا الفراغ، باقتباس الاجراءات المنصوص عليها في المادة214، مع التنصيص على ذلك.
كما يلاحظ ان المشرع قد اغفل عن ذكر الاثر المترتب عن الاجل المخول لمن يعنيهم الامر لممارسة الاحالة المذكورة، هل انه اجل موقف ام لا، والحال انه كذلك، استئناسا بالقواعد العامة التي تحكم تشريع المسطرة الجنائية، وما تقتضيه المصلحة العامة من ضرورة بقاء الاشياء رهن اشارة العدالة الى حين البت في شانها، واستئناسا بصفة خاصة بمقتضيات الفقرة الثالثة من المادة438 من المشروع المطابقة للفصل 493 من قانون  المسطرة الجنائية ( سياتي ذكرها).

وتنص المادة 133 على ما يلي :
" وله متى قامت دلائل كافية على جدية الاتهام  في جرائم الاعتداءات على الحيازة ان يامر بارجاع الحالة الى ما كانت عليه".
" يجوز له في حالة عدم وجود منازعة ان يامر برد الاشياء التي ضبطت اثناء التحقيق لمن له الحق  فيها ما لم تكن لازمة لسير الدعوى او خطيرة او محلا للمصادرة".

يلاحظ بان المادة المذكورة هي نقل لمقتضيات الفصل135 من قانون المسطرة الجنائية، الا ان المشروع اضاف اليه الفقرة التي تمنح قاضي التحقيق امكانية الامر  بارجاع الحالة الى ما كانت عليه ... كما اضاف فقرة اخرى تتعلق بالرد.
فاذا كانت عبارة " شيء  محتفظ به لدى العدالة" التي تضمنتها المادة 106 عبارة عامة تشمل العبارة التي تضمنتها المادة 133 " رد الاشياء التي ضبطت اثناء التحقيق، وكانت المادة الاولى تعطي ايضا لقاضي التحقيق حق رد الاشياء تلقائيا، فان الفقرة الثالثة من المادة المذكورة اخيرا زائدة، ولن يخلو اعمالها من مشاكل.

ذلك ان المادة 106 قد تضمنت امكانية احالة الاوامر التي يصدرها قاضي التحقيق في اطار الرد على الغرفة الجنحية، الامر الذي قد يطرح السؤال حول امكانية الطعن في الاوامر الصادرة في اطار المادة 133، هل تحكمه  القواعد العامة المنصوص عليها في المواد 231 و214 و215 بمعنى اعطاء النيابة العامة حق الطعن بالاستئناف، وكذا المطالب بالحق المدني متى  تم المساس بمصالحه المدنية، دون المتهم الذي حصرت المادة 214 الاوامر التي يمكنه الطعن فيها ( والتي ليس من بينها بطبيعة الحال ما تضمنته الفقرة الثانية من المادة 207، التي احالت عليها مقتضيات الفقرة الاولى  من المادة214، لان رد الاشياء تمت الاشارة اليه كجزء من الامر بعدم المتابعة)، ثم هل من حق الغير ان يحيل الامر الصادر عن قاضي التحقيق الى الغرفة الجنحية في اطار المادة 133 ما دامت تتعلق برد الاشياء الذي تضمنت المادة 106 احكامه.
بعد هذه الملاحظة التي من نتائجها حذف الفقرة الاخيرة من المادة 133، وحذف الفقرة الخامسة المتعلقة بجرائم الاعتداء على الحيازة، وجعلها فقرة اولى للمادة 106.

يستحسن صياغة المواد 106 و107 و133 على النحو التالي :
" يجوز لقاضي التحقيق ان يامر ببيع الاشياء الموضوعة تحت يد العدالة، عند خشية فسادها او تلفها، او تدهور قيمتها، او نتيجة لتعذر الاحتفاظ بها".
الباقي بدون تغيير.

" يبت قاضي التحقيق بامر معلل، بعد ان اخذ رأي النيابة العامة، او بناء على ملتمساتها، داخل ثمانية ايام في طلبات رد الاشياء الموضوعة تحت يد العدالة، المرفوعة اليه من طرف المتهم او المطالب بالحق المدني او الغير.
كما يمكنه ان يامر تلقائيا بذلك.

" يمكن للاطراف رفع امره الى الغرفة الجنحية خلال ثلاثة ايام من تاريخ تبليغه دون ان يترتب عن ذلك أي تاخير في سير التحقيق.
يوقف اجل المطلب المذكور، وكذا تقديم المطلب نفسه تنفيذ امر قاضي التحقيق.
يتم تقديم المطلب المذكور وفق الشكليات المنصوص عليها في المادة214.

وتعاد صياغة المادة107 على النحو التالي :
" يبقى قاضي التحقيق مختصا بالبت في رد الاشياء الموضوعة تحت يد العدالة، ولو بعد صدور امر بعدم المتابعة.
يمكن رفع اوامره الى الغرفة الجنحية لدى محكمة الاستئناف وفقا لما جاء في المادة السابقة".
كما ينبغي  حذف الفقرة  الخامسة والسادسة من المادة133.

رابعا : المطالبة برد المحجوز امام الغرفة الجنحية :
يمكن للغرفة الجنحية ان تنظر في موضوع الرد :
عندما تبت في طلبات ابطال اجراء من اجراءات التحقيق ( المادتان 202 و230).
عندما تحال عليها الطعون الاستعطافية المشار اليها في المادة 106.
عندما تبت في استئناف النيابة العامة او المطالب بالحق المدني لاوامر قاضي التحقيق الصادرة في موضوع الرد طبقا لمقتضيات المادتين 213 و215.
وبمقتضى المادة 237 فان الغرفة الجنحية تبت في رد الاشياء المحجوزة، ما لم تكن لازمة لسير الدعوى او خطيرة او محلا للمصادرة، عندما تستانف امامها اوامر قاضي التحقيق في غير الحالات المشار اليها.
ويلاحظ على صياغة هذه الفقرة ما سبقت ملاحظته بخصوص المادتين 40 و49 بشان عبارة "لازمة لسير الدعوى"، وعبارة "محلا للمصادرة"، كما ان المشرع لم يشر الى امكانية اتخاذ اجراءات تحفظية بالزام من ردت اليه الاشياء بارجاع ما يصلح منها كادوات اقتناع امام المحكمة، مع ان المشرع قد اتخذ هذا الاحتياط بالنسبة للمحكمة نفسها ( الفقرة الرابعة من المادة 366 والفقرة الثالثة من المادة 438 والمادة 452).

لذلك يستحسن صياغة الفقرة الاخيرة من المادة237 على النحو التالي :
تبت الغرفة في رد الاشياء الموضوعة تحت يد العدالة، ما لم تكن لازمة لاظهار الحقيقة، او خطيرة او قابلة للمصادرة.
يمكن للغرفة ان تامر من ردت اليه الاشياء بان يعيد تقديم الصالحة منها كادوات للاقناع امام المحكمة التي قد تعرض عليها القضية.

خامسا: المطالبة بالرد امام المحكمة
تضمنت  المادة 366 ما نصه:
" تبت المحكمة عند الاقتضاء في ارجاع الاشياء الموضوعة تحت يد العدالة لمن له الحق فيها، او برد ثمنها اذا كانت هيئة الحكم  او هيئة التحقيق قد قررت  بيعها خشية  فسادها او تلفها او نتيجة لتعذر الاحتفاظ بها".
" ويمكنها ان تامر في كل مراحل المسطرة  برد الاشياء ما لم تكن خطيرة او محل مصادرة، مع التزام المالك باعادة ما يصلح  منها كادوات اقناع امام المحكمة التي قد تعرض عليها القضية من جديد اذا قررت ذلك".
يلاحظ اولا ان هذه المادة هي نقل للفصل 348 من قانون المسطرة الجنائية، وقد اضيفت اليه الفقرتان المشار اليهما، مع ان مكانهما الطبيعي هو المادة 387 التي تقابل الفصل381 من قانون المسطرة الجنائية.
ذلك ان مقتضيات المادة 366 وردت ضمن القواعد العامة للاحكام والقرارات والاوامر واثارها المنصوص عليها في المواد من362 الى 372، وهي قواعد  تتعلق بكيفية تحرير الاحكام القضائية ومحتوياتها واثارها وكيفية امضائها، مما لا مجال معه لمناقشة كيفية بتها في موضوع الرد.
يلاحظ ان الفقرة الثالثة من المادة 366 قد اشارت الى عبارة "من له الحق"، في الوقت الذي اشارت فيه الفقرة التي تليها الى كلمة"المالك" ( سبقت مناقشة هذا الموضوع).
تشير الفقرة المذكورة الى اعطاء الاختصاص للمحكمة برد ثمنها، اذا كانت هيئة الحكم او هيئة التحقيق قد قررت  بيعها خشية فسادها او تلفها او نتيجة لتعذر الاحتفاظ بها، وكان يستحسن ان تضاف لهذه الحالات حالة الاشياء التي يخشى تدهور قيمتها، كما اشير اليها في المادة 438 المتعلقة بموضوع الرد امام غرفة الجنايات، اذ ان استثناء مثل هذه الاشياء امام المحاكم الجنحية ليس له أي تبرير.
كما يلاحظ بالمناسبة  نفسها بان المادة 438 قد اعطت للمحكمة حق الامر في كل وقت باتلاف الاشياء الفاسدة، وهو الحق الذي سكتت عنه المادة 366 بدون مبرر مقبول.
ونفس الملاحظة يمكن ابداؤها بخصوص عبارة "محل المصادرة" التي سبقت مناقشتها في اطار المادة40.
اما المادة 387 فتنص على انه : " اذا تم التصريح بادانة المتهم بارتكابه جنحة او مخالفة، فان المحكمة تحكم عليه بالعقوبة، وعند الاقتضاء، بالعقوبات الاضافية والتدابير الوقائية، وتبت ان اقتضى الحال، في المطالب المتعلقة برد ما يجب رده، وبالتعويض عن الضرر مع مراعاة مقتضيات المادة 366".
ويلاحظ بان كلمة"المطالب" التي تضمنتها المادة المشار اليها قد تسربت اليها من مقتضيات الفصل380 من قانون المسطرة الجنائية، والحال ان الرد لا يتوقف دوما على وجود طلب ممن يعنيهم الامر، بل يمكن للمحكمة ان تامر به تلقائيا، الامر الذي لا مجال معه لذكر كلمة"المطالب".
وهكذا يستحسن حذف الفقرتين 3 و4 من المادة 366، مع جعلها من مشمولات المادة 387 التي ينبغي اعادة صياغتها كالتالي :
" اذا تم التصريح بادانة الظنين ( المتهم  في الجنايات، وليس في الجنح والمخالفات)، بارتكابه جنحة او مخالفة، فان المحكمة تحكم عليه بالعقوبة، وعند الاقتضاء بالعقوبات الاضافية، والتدابير الوقائية، وتبت ان اقتضى الحال في التعويض عن الضرر".

كما " تبت المحكمة عند الاقتضاء في ارجاع الاشياء الموضوعة تحت يد العدالة لمن له الحق فيها، او برد ثمنها اذا كانت هيئة المحكمة  او هيئة التحقيق قد قررت بيعها خشية فسادها او تلفها او تدهور قيمتها او نتيجة لتعذر الاحتفاظ بها".
يمكن للمحكمة ان تامر في كل وقت باتلاف الاشياء الفاسدة.

" ويمكنها ان تامر في كل مراحل المسطرة برد الاشياء  ما لم تكن خطيرة  او قابلة للمصادرة، مع التزام من استردها باعادة  ما يصلح منها كادوات اقتناع امام المحكمة التي قد تعرض عليها القضية من جديد اذا قررت ذلك".
اما غرفة الجنح الاستئنافية، فان طلب الرد امامها لم يخصصه مشروع القانون بنص معين، ويمكن بالتالي ان يتم تقديمه في اطار القواعد العادية، ( المادة412) ولو لاول مرة امام هذه الغرفة.

سادسا: المطالبة بالرد امام غرفة الجنايات
بمقتضى الفصل 438 من المشروع:
" يجوز لغرفة الجنايات ان تامر - ولو تلقائيا- برد الاشياء الموضوعة تحت يد العدالة، ما لم تكن خطيرة او محل مصادرة".
" غير انه اذا صدر حكم بالادانة فلا يقع رد الاشياء الا بعد ان يثبت مالكها ان المحكوم عليه لم يتقدم بطلب النقض او فاته اجل الطعن به، او انه قدم طلبه وبت فيه المجلس الاعلى بقرار مكتسب لقوة الشيء المقتضى به".
" اذا تم الطعن بالنقض، فيمكن لغرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف ان تامر برد الاشياء مع مراعاة التزام المالك او الحائز بان يعيد تقديم الاشياء الصالحة كادوات اقناع امام المحكمة التي قد تعرض عليها القضية من جديد".

" يمكن للغرفة ان تامر في كل وقت باتلاف الاشياء الفاسدة، كما يمكنها ان تامر ببيع الاشياء التي يخشى فسادها او تلفها او تدهور قيمتها، او التي يتعذر الاحتفاظ بها، وفي هذه الحالة لا يمكن سوى استرداد الثمن المحصل عليه من بيعها".
يلاحظ بان هذه المادة  قد تضمنت عبارة "محل مصادرة" التي سبقت مناقشتها، وتضمنت في فقرتها الثالثة عبارة "المالك" وعبارة "المال والحائز"، مما يقتضي توحيد المصطلحات بالاقتصار على عبارة "صاحب الحق"، وفق ما سبق بيانه.
ويلاحظ بان المقصود من الفقرة  الثالثة من المادة المذكورة بنصها على انه "اذا تم الطعن بالنقض " هي الحالة التي يبقى فيها الاختصاص لغرفة الجنايات، متى تم الطعن بالنقض ضد قرارها البات في الموضوع، دون ان تكون قد بتت في طلب الرد ( وهو تاكيد للمبدا المشار اليه في الفصل15 من ظهير الاجراءات الانتقالية) وقد كان مستحسنا لرفع اللبس الذي قد يحصل من قراءة الفقرتين الثانية والثالثة  من جهة، ولكي يكون النص شاملا من جهة  اخرى للحالة التي لا يتم فيها الطعن بالنقض، ان تنص الفقرة الاخيرة على انه : " وفي حالة عدم بت الغرفة الجنائية في رد الاشياء، فانها تبقى مختصة للامر بذلك، مع مراعاة التزام المالك ".

وتنص المادة 452 على انه:
" يمكن لغرفة الجنايات بعد الحكم على الحاضرين ان تامر برد الاشياء المودعة بكتابة الضبط بصفتها ادوات اقتناع، كما يمكنها ان تامر برد تلك الاشياء بشرط تقديمها من جديد اذا اقتضى الحال ذلك".
ويلاحظ ان هذه المادة هي نقل لمقتضيات الفصل 508 من قانون المسطرة الجنائية، مع اعادة صياغته، اعادة غير مستحسنة، اذ يلاحظ ان هذا الفصل ينص على ما يلي :

" ويمكن للمحكمة الجنائية بعد الحكم على الحاضرين ان تامر برد الاشياء المودعة بكتابة الضبط بصفة حجج الاثبات، كما يمكنها ان لا تامر برد تلك الاشياء الا بشرط تقديمها من جديد اذا اقتضى الحال ذلك".

لذلك يمكن صياغة هذه الفقرة على النحو التالي :
" يمكن لغرفة الجنايات، بعد الحكم على الحاضرين ان تامر برد الاشياء الموضوعة تحت يد العدالة، ولها ان تعلق ردها على شرط تقديمها من جديد اذا اقتضى الحال ذلك".
هذه بعض الملاحظات التي اطرحها كارضية للنقاش، ليعمل كل من جانبه على محاولة استصدار نصوص قانونية تصلح كاداة للعمل بدون غموض ولا اشكال.

ملاحظات حول بعض مواد المشروع
ملاحظات أولية:
المرجو التفضل بقراءة الملاحظات التالية مع مواد المشروع في الوقت نفسه، للوقوف على الغاية من كل ملاحظة.
الملاحظات تتعلق في اغلبها بالصياغة او بتقنية التحرير او بعض ما اعتبر من الهفوات، دون ان تنفذ الى صلب السياسة الجنائية التي ارادها المشروع.
الملاحظات تتعلق- كمرحلة اولى - بالمواد  من1 الى 166 فقط.

1-  يلاحظ بان التسمية"مشروع قانون يتعلق بمدونة المسطرة الجنائية"، قد لا تكون تسمية صحيحة، لان الامر لا يتعلق فعلا بمدونة لمت شتات باقي النصوص الخاصة الاخرى المتعلقة بمحكمة العدل الخاصة  مثلا والمحكمة العسكرية وغيرهما، ولتاكيد عدم استجماع نصوص المشروع لكل الاجراءات المسطرية، اشارت الى النصوص الخاصة الاخرى( المواد 24 و27 و35 على سبيل المثال).
لذلك فان التسمية الصحيحة هي : مشروع قانون يتعلق بقانون الاجراءات الجنائية، ما لم يتم التفكير في انجاز مدونة واحدة  تطبق امام كافة المحاكم العادية والاستثنائية.

2-  ينبغي التفكير في ضبط وتوحيد المصطلحات القانونية المستعملة في المشروع، اذ يلاحظ مثلا استعمال عبارة "الامر بالاحالة" وعبارة " قرار الاحالة" ( المواد 209 و218 و235 و407 و524) واستعمال عبارة "تحريك" الدعوى العمومية وعبارة "اقامتها"، والمشروع يقصد امرا واحدا (المادتان 3 و6 على سبيل المثال).

3-  تنص المادة الرابعة على ان الدعوى العمومية تسقط  بنسخ القانون الجنائي.
حقا ان النسخ يقتضي الالغاء، ولكن  قد يفهم منه ايضا وضع نص مكان اخر، والحال ان المشرع يقصد الالغاء أي ازالة الطابع الجرمي عن الفعل، لذلك يبقى النص الحالي ابعد عن التاويل.

4-  تنص الفقرة الاخيرة من المادة 5 على ما يلي :
" غير انه اذا كان الضحية قاصرا وتعرض لاعتداء جرمي ارتكبه في حقه احد اصوله او من له عليه رعاية او كفالة او سلطة، فان امد التقادم يبدا في السريان من جديد لنفس المدة ابتداء من تاريخ بلوغ الضحية سن الرشد المدني".
فبصرف النظر عن كون هذا المقتضى يبدو غريبا في موضوع التقادم الجنائي الذي يهم المتهم والمجتمع وسلطة الدولة في العقاب، فان المكان الطبيعي للفقرة المذكورة هو المادة 6 المتعلقة بانقطاع التقادم.

5-  تنص الفقر الاولى من المادة 7 على ما يلي :
" ان حق اقامة الدعوى المدنية للتعويض عن الضرر " ويستحسن استعمال عبارة : ان حق اقامة الدعوى المدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر، لان موضوع الحق في اقامة الدعوى هو المطالبة بالتعويض.
كما تنص الفقرة نفسها على ان من لحقه شخصيا ضرر تسببت فيه الجريمة مباشرة يمكنه اقامة الدعوى المدنية التابعة امام القضاء الزجري،  واستثنت الفقرة الثانية الدولة والجماعات المحلية التي بامكانها ان تتقدم بصفتها طرف مدنيا لمطالبة مرتكب الجريمة بان يرد لها المبالغ التي طلبت منها دفعها ( أي ان الضرر غير مباشر) لموظفين او ذوي حقوقهم طبقا للقانون الجاري به العمل، ويبدو ان هذا الاستثناء وحده دون تعديل الفصل108 من القانون الجنائي، قد يخلق بعض اللبس اذا كان اصدار هذا القانون سيتاخر كثيرا عن اصدار قانون المسطرة الجنائية.

6-  لا تحتاج المادة 8 الى كلمتي" يمكن ان" اللتين استهلت بهما.

7-  تنص الفقرة الاولى من المادة 9 على انه: " يمكن اقامة الدعوى المدنية والدعوى العمومية في ان واحد امام المحكمة الزجرية المحالة اليها الدعوى العمومية".
ويبدو ان هذه الصياغة قد لا تكون سليمة، اذ ليست هناك حالة تقام فيها الدعوى المدنية وحدها دون الدعوى العمومية، الامر الذي يكون معه النص الحالي للفقرة الاولى من الفصل 9 اسلم من حيث التعبير.

8-  المقطع الاخير من المادة 13المتعلق بسقوط الدعوى العمومية  تطبيقا للفقرة الثالثة من المادة الرابعة، يبدو ان مكانه هو المادة12، لتعلقه بسقوط الدعوى العمومية وليس بانقطاع سيرها او توقفها، وهكذا يمكن ان تصاغ المادة 12 على النحو التالي :
" اذا رفعت الدعوى العمومية والدعوى المدنية الى المحكمة الزجرية، فان وقوع سبب مسقط للدعوى العمومية يترك الدعوى المدنية قائمة، وتبقى خاضعة لاختصاص المحكمة الزجرية، الا اذا سقطت الدعوى العمومية تطبيقا للفقرة الثالثة من المادة4.
كما تصاغ المادة13 على النحو التالي :
" مع مراعاة مقتضيات المادة 355 الاتية بعده، يمكن للطرف المتضرر ان يتخلى عن دعواه او يصالح بشانها، او يتنازل عنها، دون ان يترتب عن ذلك انقطاع سير الدعوى العمومية او توقفها".

9-  تنص المادة 14 على انه " اذا تقادمت الدعوى العمومية، فلا يمكن اقامة الدعوى المدنية الا امام المحكمة المدنية".
ويبدو ان هذه الفقرة، بعد ادماجها في الفقرة التي قبلها، والناصة على ان الدعوى المدنية تتقادم طبقا للقواعد المعمول بها في القانون المدني، تجدان مكانهما كاستثناء من الاصل المنصوص عليه في المادة 12، وتصاغان كفقرة ثانية ضمن هذه المادة على النحو التالي :
" اذا تقادمت الدعوى العمومية، فلا يمكن اقامة الدعوى المدنية، التي تتقادم طبق قواعد القانون المدني، الا امام المحكمة المدنية".

10-  يستحسن تغيير كلمة " يمكنهم" الواردة في الفقرة الرابعة من المادة 21 بكلمة" يتعين"، اذ لا يمكن لضابط  الشرطة القضائية ان يستمع لشخص يتكلم لغة او لهجة لا يحسنها، او يستمع لاصم او ابكم باشارات لا يفهمها، وينجز مع ذلك محضرا قد يؤدي الى ادانته.

11-  نصت المادة 37 في فقرتها الاولى على انه " تمثل النيابة العامة لدى كل محكمة زجرية، وتحضر مناقشات هيئة الحكم".
وهذه المادة هي نقل شبه حرفي لمقتضيات الفصل 35 من القانون الحالي، الا ان المشروع اتى بامر جديد هو امكانية حضور النيابة العامة امام قضاء التحقيق اثناء استنطاق المتهم  ومواجهته مع الغير، وكذلك اثناء الاستماع للمطالب بالحق المدني ( المادة5/130) الامر الذي كان ينبغي معه ان تضاف للمادة 37 عبارة تتعلق بحضورها امام قضاء التحقيق.

12-  وتنص الفقرة الثانية من المادة 37 على " ان النيابة العامة تقوم باشعار الوكيل القضائي للمحكمة بالمتابعات المقامة في حق القضاة او الموظفين وتشعر كذلك الادارة التي ينتمون اليها".
" تتولى الادارة  اشعار الوكيل القضائي للمملكة بالمسؤولية التي يمكن ان تترتب عن الدولة بسبب الدعوى" ( المسؤولية لا تترتب عن الشخص، بل عليه، ويستحسن استعمال تعبير"التي يمكن ان تتحملها الدولة.").
وتنص الفقرة الرابعة من المادة 336 على انه:
" اذا وجهت الدعوى المدنية ضد قاض او موظف عمومي او عون تابع للسلطة او القوة العمومية، وتبين احتمال قيام مسؤولية الدولة عن اعمال تابعها، فان هذه المطالبة لا تقبل الا اذا اثبت الطرف المدني انه قام قبل 24 ساعة على الاقل من تقديم دعواه بتبليغها الى الوكيل القضائي للمملكة، وفقا للشكل المنصوص عليه في الفصول38-37-39 من قانون المسطرة المدنية".
فاذا كانت النيابة العامة تشعر الوكيل القضائي للمملكة  وتشعر الادارة كذلك، وكانت هذه الاخيرة تتولى اشعار الوكيل القضائي بالمسؤولية التي يمكن ان تتحملها الدولة بسبب الدعوى، فلماذا يتم ارهاق كاهل المطالب بالحق المدني بتبليغ دعواه الى الوكيل القضائي للمملكة تحت طائلة عدم قبولها.
نعم يمكن قبول هذا المبدا اذا كانت الدعوى قد حركت من طرف المطالب بالحق المدني امام قضاء التحقيق (الفقرة الثانية من المادة95) او من طرفه امام المحكمة مباشرة، وفي هذا الاطار ينبغي ان تضاف للمادة368 فقرة ثالثة تتضمن نفس الجزاء الذي رتبته المادتان 95 و336، وذلك لكون المادة المذكورة اخيرا تتعلق فقط  بوضعية المطالب بالحق المدني الذي ينضم الى الدعوى العمومية بعد تحريكها، دون ان يكون هو الذي حركها.
وبالمناسبة  نفسها يلاحظ بان المادة 37 قد اقتصرت على القضاء والموظفين في حين اضافت المادتان95 و336 العون التابع للسلطة او القوة العمومية، ويستحسن التوحيد.

13-  لقد استحدثت المادة 40 امكانية امر  النيابة العامة كتابة، لضرورة البحث، بالتقاط  المكالمات وكافة المراسلات المرسلة بواسطة وسائل الاتصال المختلفة وتسجيلها، وذلك تحت سلطتها ومراقبتها.
وحيث انه بصرف النظر عن دستورية هذا النص من عدمه، وعن صعوبة تقبله بالطريقة التي تم بها اذ ان المواطن  المغربي قد ترسخ في فكره عدم  اخلاقية بل عدم قانونية التصنت على المكالمات الهاتفية او التقاط المراسلات، ويعتبر ان اسناد هذا الامر لا يليق به، اضافة الى ان الاوربيين ان كانوا قد ادخلوا هذا المقتضى في تشريعاتهم، فذلك لكونهم اولا قد مهدوا لذلك بسن  تقنيات تتعلق بانظمة الاتصالات المختلفة، ثم ان الشريعة الاسلامية لا تسمح بالتجسس وباقتحام حرمة المكالمات وسرية المراسلات، الامر الذي ينبغي معه التنصيص على بعض الجرائم الخطيرة التي يمكن القيام بسبب ارتكابها بالاجراء المذكور.

14-  تنص المادة 40 بخصوص ارجاع الحالة الى ما كانت عليه في جرائم الاعتداء على الحيازة، وتشير الى ان النيابة العامة  تعرض هذا الامر على المحكمة او هيئة التحقيق التي رفعت او سترفع اليها القضية، خلال ثلاثة ايام على الاكثر لتاييده ( أي الاجراء التحفظي المامور به) او تعديله او الغائه، ويستحسن ضمانا لكافة الحقوق ان يتم النص على ضرورة اشعار الاطراف بذلك، أي باحالة الامر على الجهة المختصة.

15-  يستحسن ان يضاف الى  الفقرة الثانية من المادة 45 مقطع كالتالي : كما يسهر على احترام الكرامة الانسانية من حيث  ظروف المبيت والتغذية".

16-  يلاحظ ان المادة 49 وغيرها تستعمل كلمة "مرفقة" او "مرفوقة" مع ان المقصود بهاتين الكلمتين هو اضافة وثيقة الى اخرى joindre،  كما هو الشان في الحالة المنصوص عليها في ختام المادة 131، او المادة141، وهو ما لم يرده المشروع في بقية المواد.
وهكذا فان الفقرة 5 من المادة المذكورة  تنص على  ان"السيد الوكيل العام للملك يتلقى الشكايات او يرسلها مرفقة بتعليماته"، فالاصوب ان يقال او يرسلها مع تعليماته، والقول نفسه يصدق على المادة 225، كما ان الفقرة الاخيرة من المادة 84 تنص على انه :" في حالة تقديم شكاية مرفوقة بالمطالب المدنية  للمشتكي"، والمقصود هو في حالة تقديم شكاية مقرونة بمطالب مدنية للمشتكي، والقول نفسه يصدق على الفقرة الثانية من المادة 109، والفقرة 3 من المادة 169.

17-  ما لوحظ في اطار المادة 40 بخصوص التقاط المكالمات يصدق على المادة49.

18-  يلاحظ ان الفقرة الاخيرة من المادة 49 زائدة، لان المادة 73 ستطبق دون حاجة الى التنصيص عليها قبل موقعها في القانون.

19-  تنص الفقرة الاخيرة من المادة 67 على ان ضابط الشرطة القضائية يقوم باشعار عائلة  المحتجز فور اتخاذ قرار  وضعه تحت الحراسة النظرية، ويستحسن تقييد هذا المبدا، اما بشرط موافقة المحتجز، او بتخويله هو حق الاتصال تحت مراقبة الضابطة القضائية بطبيعة الحال، وذلك حفاظا على كرامته، اذ قد لا يرغب في ان يعلم احد بوضعه تحت الحراسة النظرية، لاسيما  في بعض الجنح البسيطة التي قد يفرج عنه بسببها متى احيل على القضاء، او بخصوص جنحة  الخيانة الزوجية، التي متى قام الضابط باشعار عائلة المحتجز بشانها، زالت كل فائدة  من اشتراط وقف تحريك المتابعة على شكاية من الزوجة او الزوج، علما بان الفقه الجنائي يشترط في اطار المحافظة على الاسرة ان ترفع الشكاية بصفة  تلقائية، دون تنبيه او اشعار من احد.

20-  تنص المادة 73 على  ان "الوكيل العام بعد استنطاقه للمتهم عن هويته يشعره بان من حقه تنصيب  محام عنه حالا، والا عين له تلقائيا من طرف رئيس غرفة الجنايات".
وتنص الفقرة الثانية من المادة  نفسها على انه " يحق للمحامي المختار او المعين ان يحضر هذا الاستنطاق".
فالواضح بطبيعة الحال ان المحامي الذي سيعينه رئيس غرفة الجنايات لا يمكنه ان يحضر هذا الاستنطاق (أي الاستنطاق الذي يجريه السيد الوكيل العام للملك)، ويستحسن حذف كلمتي "المختار" و " المعين" لرفع هذا اللبس.
كما يلاحظ بان دور المحامي يبقى  باهتا وقت هذا الاستنطاق، باعتبار جهله لمحتويات المحاضر المحالة على النيابة العامة، الامر الذي يقتضي تمكينه من الاطلاع عليها، متى طلب ذلك، ليتأتى  له فعلا مؤازرة المتهم في هذه المرحلة من مراحل المسطرة.
وفي هذا الاطار، لا يبدو صحيحا القول بان النيابة العامة لا يمكنها ان تتلقى الملاحظات الشفوية التي يدلى بها الدفاع، لان السيد الوكيل العام للملك، يساعده كاتب دوما  عند الاستنطاق، بل ان المادة41 فيما يتعلق بالسدد اشارت الى تحرير محضر يوقعه وكيل الملك والاطراف، فاذا كان هذا الامر متاتى في الجنح البسيطة، فكيف لا يمكن تسييره في الجنايات والجنح التي لا تتسم بالبساطة.

21-  تشير الفقرة الاخيرة من المادة 73 الى انه يتعين على الوكيل العام للملك اذا طلب منه ذلك، او عاين، بنفسه اثارا تبرر ذلك ان يخضع المشتبه فيه الى فحص يجريه طبيب، فالملاحظ اولا ان الفقرة الاولى من المادة قد استعملت تعبير "المتهم" بينما استعملت الفقرة الاخيرة تعبير " المشتبه فيه"، كما يلاحظ ثانيا بان كلمة "اثار" قد تهضم حقوق المشتبه فيهم، اذ يشتكي هؤلاء احيانا من كونهم  قد تعرضوا لتعذيب نفسي، كالحرمان من النوم، او ارهابهم عن طريق الاعتداء  على غيرهم امام اعينهم، واحيانا على ذويهم من نسائهم وبناتهم، فما دام الطبيب  المقصود قد يكون طبيب جسد او طبيب نفس، فان كلمة"اثار" قد تعني فقط ما يدل على التعذيب الجسدي، مما يستحسن معه ان تصاغ هذه الفقرة على النحو التالي".
" يتعين على الوكيل العام للملك عند الطلب، او تلقائيا ان عاين بنفسه ما يبرر ذلك ان يخضع المشتبه فيه الى فحص يجريه طبيب".
والقول نفسه يصدق على الفقرة الاخيرة من المادة 74.

22-  يلاحظ ان المادة74 وغيرها من مواد المشروع تستعمل كلمة المتهم في الجنايات وفي الجنح مع ان الامر يتعلق بالنسبة لهذه الاخيرة "بالظنين" وبالنسبة للمخالفات" بالمتابع"، وقد كان مستحسنا توحيد هذه الصيغ، بل تخصيص نص خاص لها، بدل المادة 618 التي لا حاجة للمشروع بها، لكونها مجرد تكرار للمادة1 من القانون رقم 98.23 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية.

23-  يلاحظ ان بعض المواد كالمادة 87 تتضمن تكرار لا فائدة منه، كتكرار عبارة قاضي التحقيق في الفقرة الاولى، فيكفي بعد الفاصلة الثانية القول" كما يقوم ايضا".

24-  يلاحظ بان الفقرة الاولى من المادة111 قد اعطت امكانية الاستعانة  بكل شخص قادر على الترجمة، للسيد قاضي التحقيق تلقائيا، او بناء على طلب من المتهم، مع ان اعطاء الحق نفسه للنيابة العامة، وللمطالب بالحق المدني اضمن  لكافة الحقوق.

25-  تضمنت الفقرة الثانية من المادة 112 الاشارة الى عبارة "... هذا الترجمان ." دون ان تسبقها ضمن الفقرة الاولى اشارة الى أي ترجمان، الامر الذي يقتضي لهذا السبب ولمحاولة الوصول الى صياغة قد تكون احسن، تحرير المادة112 على النحو التالي :
" اذا كان الشاهد اصم او ابكم، توجه الاسئلة اليه كتابة، ويجيب عنها كذلك، وان كان لا يعرف الكتابة، يساعده ترجمان اعتاد التحدث معه، او أي ترجمان بامكانه التفاهم معه.
يضمن في المحضر الاسم العائلي والشخصي لهذا الترجمان، وسنه ومهنته ومحل سكناه، ويمضي المحضر، او يبصمه،  والا فيشار الى تعذر ذلك".

26-  تنص المادة 125 في فقرتها3 على انه : " يحق للمحامي ان يحضر الاستجواب المتعلق بالتحقيق في هوية المتهم"، الامر الذي قد يفهم منه بان الحضور مقصور  على الاستجواب المتعلق بالتحقيق في الهوية المنصوص عليه في الفقرة الاولى من المادة، دون التصريح  الذي قد يدلي به المتهم بخصوص الافعال المنسوبة اليه، والتي تمت الاشارة اليه في الفقرة الرابعة، الامر الذي يقتضي تقديم الفقرة الرابعة على الفقرة الثالثة وصياغتها على النحو التالي :
" يحق للمحامي ان يحضر هذا الاستجواب"

27-  مع ملاحظة ان عبارة "خبيرا في الطب" تعني الطبيب المشار اليه في المادتين 73 و74، فان ما قيل عن الاثار المشار اليها في  هاتين المادتين يصدق على كلمة"علامات" المشار اليها في المادة 125.

28-  المادة115 تحتاج الى اعادة الصياغة

29-  ما قيل عن المادة 40 يصدق بالنسبة للمادة133.

30-  انسجاما مع التغيرات التشريعية التي تمت سنة 1993،  ينبغي ان يضاف للمادة140 مقتضى قانوني يتعلق بحق المتهم في مؤازرة  محامي، لان قاضي النيابة العامة سيستمع اليه، ويتلقى منه الحجج التي يستظهر بها لابعاد التهمة عنه.
كما ينبغي تحديد اجل يتخذ اثناءه قاضي التحقيق قراره بنقل المتهم الى المقر الذي يوجد فيه.

31-  يصدق على المادة 147 ما قيل عن حضور المحامي، وعن الاجل بخصوص المادة 140.

32-  يبدو ان المقصود في الفقرة  الرابعة من الفصل 148 هو حرف " و" وليس حرف"أو" ( اكتفى ببصمتيهما، واذا رفضا التوقيع).

33-  اشارت المادة152 الى تدابير الوضع تحت المراقبة القضائية، واشارت المواد 153 وما يليهما الى كيفية تطبيق هذه التدابير والجهات الموكول اليها ذلك، الا ان ترتيب المواد لا يبدو سليما، واقترح ما يلي :
بعد المادة 153 تاتي المادة 157، ثم 158 و159 و160 ثم المادة 164، ثم 161، ثم162 ثم 163 ثم 165،  ثم 154 وما يليها الى 156. وذلك ليتم احترام نفس التسلسل الذي اتت به المادة 152، ولتكون المواد 154 و155 و156 كمقتضيات ختامية للفرع الاول.
كما ان المقصود بالشخص المادي المشار اليه في المادة 153 هو الشخص الطبيعي.

33-  تشير المادة 166 الى " المتهم المتمتع بالاستفادة من الوضع تحت المراقبة القضائية" مع انه غير متمتع باية استفادة، بل انه خاضع لالتزامات وتدابير معينة، كما عبرت عن ذلك المواد 152، 154، 156، 160، مما يقتضي اتباع نفس المنطق والقول لاستهلاك المادة المذكورة"، يمكن اصدار امر بالاعتقال الاحتياطي في اية مرحلة من مراحل التحقيق، ولو ضد منهم خاضع لتدابير او اكثر من تدبير الوضع تحت المراقبة القضائية(يتبع).

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 89، ص28.
Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم :