-->

الصورة المادية للتبليغ و المكلف بإعدادها






ان إعداد الصورة المادية للتبليغ  مناط بموظفي المحاكم تحت إمرة القضاة  وإدارة  كتابة الضبط، لا يبدو  ان  هناك  نصا  يحدد  السلك  الذي  يختار منه الموظفون الذين تناط بهم هذه المهمة، وانما يعود ذلك فقط الى التنظيم الداخلي  للمحاكم وما تتوفر عليه من موظفين، على  ان   ما يهم  هو  ان  يكون الموظف الذي تم الإجراء تحت إمضائه مكلفا بمهمة إعداد الصورة المادية للتبليغ، والأوراق القضائية التي تستعمل لهذا الإجراء لدى  المحاكم هي اوراق كتب جزء منها وتخللت تلك الكتابات فراغات يتعين على الموظف ان يملأها ببيانات حسب الحال، وهذه البيانات منها  قسم  يتعلق  بطالب  تبليغ الإعلان وبالمعلن اليه وقسم يتعلق بالموظف المحرر وبالمحكمة المعنية وبالتاريخ على تفصيل ما يأتي :

أ‌- البيانات المتعلقة بطالب الإعلان  وبالمعلن اليه:
تؤخذ هذه البيانات أصلا من ملف الدعوى وخاصة من مقال او محضر الدعوى،  ولذا يوجب المشرع في الفصل 32 مسطرة مدنية ان يتضمن مقال رفع الدعوى البيانات التي تقتضيها صحة ورقة التبليغ، فقد نص الفصل المذكور على انه " يجب ان يتضمن المقال او المحضر برفع الدعوى  الى  المحكمة، الاسماء العائلية والشخصية وصفة او مهنة وموطن او محل اقامة المدعى عليه والمدعي، وكذا عند الاقتضاء اسماء وصفة وموطن وكيل المدعى، واذا كان احد الاطراف  شركة وجب ان يتضمن المقال او المحضر اسمها ونوعها ومركزها". وكم ظاهر من سياق النص فان المشرع لا يفرق في هذه  البيانات بين المدعى والمدعى عليه لكن هذا التساوي المفروض على المدعى هو غير عملي احيانا ولذا لا بد من بعض التسامح في البيانات المتعلقة  بالمعلن اليه، وتعليل  ذلك هو ان طالب الاعلان قد يجهل حقيقة اسم خصمه ومحله الحقيقي، ولكن لا يتصور جهله لها بالنسبة لشخصه هو.

وعليه تكون بيانات وافية اذا اقتصر فيها على ذكر لقب او كنية او صفة اشتهر بها المعلن اليه، واذا لم يكن طالب الاعلان عالما بمهنة  المعلن  اليه او وظيفته او لم يكن له واحدة  منها صح الاعلان مع الاشارة  لذلك، وكذلك يصح   الاعلان  اذا اقتصر فيه على   ذكر اسم الموطن المختار او المسكن او محل الاقامة  او الموطن الظاهر ما دام  لا يوجد للمعلن اليه موطن حقيقي معروف عند طالب  الإعلان، ويصح الاكتفاء بذكر الموطن الذي نسبه المعلن اليه لنفسه  في ورقة  صادرة منه للطالب.

وللصفة  او المهنة، وكذا للموطن او محل الاقامة بشان بالغ في هذه البيانات يقتضي التدبر في استعمال أي منها على توضيح ما يأتي  :

الصفة او المهنة :
يورد المشرع الصفة او المهنة بمعنى البدل، ويرى الشراح ان المهنة ضيقة  المدلول بخلاف الصفة التي هي ذات شمولية، لكن الاجتهاد القضائي  لا يعد هذا الموضوع جوهريا  يترتب عليه بطلان الإجراءات اذ ان  البطلان لا يتسبب الا عن نقص في البيانات يكون من شانه  التجهيل بالطرف، فاذا انتفت الجهالة فلا بطلان.

ومجمل النص  عن المهنة  ان يتوافر للطالب او للطرف  شيء منها، فاذا لم يكن له مهنة يكفي  الاقتصار  على ذكر الاسم  واللقب،   واذا  تعددت المهن  يكفي ذكر أي واحدة منها ولكن  اذا تعددت  الصفات وجب ذكر الصفة التي يخاصم بها الطالب وكذا بالنسبة الى الطرف الاخر.

الموطن  ومحل الإقامة  :
يجعل  المشرع الموطن محل الاقامة  في مستوى واحد يوجب ذكر الموطن او محل الاقامة  على اعتباره بيانا جوهريا يترتب عن إغفاله بطلان الورقة والا لما أمكن اجراء التبليغ، والموطن هو المكان  الذي  يقيم فيه  الشخص عادة ويجوز  ان يكون للشخص  في وقت واحد اكثر من موطن، كما يجوز الا يكون له موطن.

ويعتبر المكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة او حرفة موطنا بالنسبة الى إدارة أعماله المتعلقة  بهذه  التجارة او الحرفة وعليه اذا كان  التبليغ متعلقا بشيء من هذا  جاز الاكتفاء  بالاشارة الى محل العمل باعتباره موطنا يقره القانون.

والمقصود بالموطن  اصلا هو الموطن  الحقيقي لطالب  التبليغ لا الموطن المختار ولا المسكن ولا محل الإقامة، ولذلك لا يكفي ذكر الموطن المختار او  محل  الاقامة  او المسكن اذا كان لطالب التبليغ موطن حقيقي،  واذا لم  يكن له موطن جاز الاستعاضة  عنه بذكر واحد منها وذلك كله  ما لم ينص القانون على خلاف ذلك بتحديد.

ويجوز ان يكون لطالب  التبليغ  موطن مختار لتنفيذ عمل قانوني معين وعندئذ  يكون هو الموطن  بالنسبة الى  كل ما يتعلق  بهذا العمل ما لم يقصره صراحة على اعمال  دون اخرى. 

ويعتبر موطنا بالنسبة للموظفين  المكان الذي يؤدون فيه  وظائفهم بصفة دائمة، ولا يغير في شيء انتدابهم موقتا  في اماكن اخرى خارج البلاد ( انظر الفصل 526  م م).

وإذا كان موطن الطالب   في مدنية وجب ذكر البيانات التي تهدي اليه  كاسم الشارع ورقم المسكن وما الى ذلك، وللموطن او محل  الاقامة اهمية  بالغة  في صحة التبليغ حساب الآجال،  وقد نص قانون المسطرة المدنية في الفصول 518 الى 526  على توضيحات  بشان هذا الموضوع تعتبر غاية في الأهمية، وفيما يلي نصوص الفصول المذكورة :
" تراعى في المقتضيات التي تنظم الاختصاص المحلى  والموطن المنصوص  عليهما في المسطرة المدنية المقتضيات الاتية التي تحدد الشروط  القانونية للموطن ومحل الاقامة حسب  مدلول التشريع المدني المغربي  فصل 518 م م".

" يكون موطن كل شخص  ذاتي هو محل   سكناه  العادي ومركز اعماله ومصالحه اذا كان  للشخص  موطن بمحل ومركز اعماله بمحل اخر اعتبر مستوطنا بالنسبة لحقوقه العائلية وامواله الشخصية بمحل سكناه العادي وبالنسبة لحقوقه الراجعة لنشاطه المهني بالمحل الذي يوجد به مركز اعماله ومصالحه دون ان يتعرض للبطلان أي اجراء سلم لهذا العنوان او ذاك  - فصل 519 م م".

" يكون محل الاقامة هو المحل الذي يوجد به الشخص فعلا في وقت معين - فصل520  م م".

" يكون الموطن القانوني لفاقد الاهلية هو موطن حاجره، يكون الموطن القانوني للموظف هو المحل الذي يمارس به وظيفته - فصل 521 م م".

" يكون  موطن الشركة هو المحل الذي  يوجد به مركزها الاجتماعي ما لم تكن هناك مقتضيات  قانونية تنص على خلاف  ذلك - فصل 522 م م".

" يمكن لكل شخص  ذاتي له موطن ان يغير موطنه، ويتم هذا  التغيير بان ينقل بصفة فعلية وبدون غش لمحل آخر مسكنه العادي ومركز اعماله ومصالحه  - فصل 523  م م".

" يرجع الموطن  المختار الخاص بتنفيذ بعض الاجراءات  وانجاز أعمال والتزامات ناشئة  عنها على الموطن الحقيقي  والموطن القانوني - فصل 524 م م".

" يمكن ان يكون لكل  اجنبي موطن بالمغرب  مع التقيد بالضوابط الخاصة المتعلقة  بإقامته  بالمملكة  - تكون القواعد  التي تحدد محل موطنه ومحل اقامته هي نفس القواعد  التي يخضع لها المواطنون -  يفترض في الاجنبي  الذي تتوفر فيه هذه الشروط  ان يكون  له موطن او محل  اقامة بالمغرب  ما لم يقم الدليل   على خلاف ذلك - لا يطبق  هذا  الفصل على الاجنبي الذي يمارس وظيفة أسندت اليه من طرف منظمة وطنية او دولية - فصل 525  م م".

" لا يفقد المغربي الذي  يحدد ببلد اجنبي مقر اقامته  الاصلية موطنه بالمغرب  اذا كان  يمارس بالخارج وظيفة رسمية أسندت له  من طرف مؤسسة عمومية مغربية  او دولية - يعتبر موطنا له مركز المؤسسة  العمومية التي  تستخدمه او مركز إدارته  الأصلية،  او القسم القنصلي بوزارة الشؤون  الخارجية بالرباط اذا كان يعمل  بمنظمة دولية - فصل 526 م م".

ب‌-              البيانات المتعلقة بالمحرر وبالمحكمة
يجب ان تكون  صفة المحرر ظاهرة في ورقة التبليغ بما لا  يثير الشك في صحتها ويكون ذلك  تحت توقيعه   وطابع المحكمة، ويجب ان تكون الكتابة واضحة بحيث لا تتعذر  قراءتها او يلتبس مفهومها او يتسرب  الشك الى تاريخها او الى معرفة مقر المحكمة  التي ستنعقد فيه الجلسة.

وقد كانت قلة العناية  بهذه البيانات سببا في عرقلة  اجراءات التبليغ مما أدى بوزارة العدل لتعميم اكثر من منشور في هذا الصدد.

ج‌-               التاريخ :
يعتبر التاريخ بيانا  جوهريا، والحكمة في ذلك ترجع الى انه على التاريخ يتوقف :
معرفة ان كان التبليغ حصل في الوقت  المناسب أي قبل  انقضاء الاجل الذي  يسقط   الحق بانقضائه واذا كان الاعلان قاطعا للتقادم، فذكر التاريخ  يبين الوقت الذي حصل فيه  الانقطاع.
معرفة  ان كانت الورقة  اعلنت في يوم عطلة  رسمية او في ساعة يمنع فيها الاعلان.
معرفة ان كان المدعى عليه قد اعطى  الميعاد  القانوني  للحضور امام المحكمة.
تحديد الوقت  الذي يبدا فيه جريان الفوائد  القانونية  عن المبالغ  التي لم  يحصل بشانها  اتفاق  على الفوائد  عندما يكون الاعلان  مطالبة قضائية.
تحديد الامد الذي يفترض  فيه سوء  نية الحائز  والزامه من ذلك الوقت  برد ثمرات العقار لمن يحكم له به وذلك عند اعلان عيوب بمحل الحيازة.
تحديد الوقت الذي يحصل فيه اثبات تقصير المتعهد وجعل هلاك الملزم به في ضمانته.

ويوجب القانون ذكر يوم وساعة الحضور وتعبير يوم يجب ان يفهم منه يوم  كذا من شهر  كذا من سنة  كذا.
واذا نقص  بيان من بيانات التاريخ لحق  ورقة التبليغ  عيب  يجيز لمن اعلن بها ان يتمسك ببطلانها.

وليس من الضروري  ذكر التاريخ  بالكتابة  بل يكفي  بيانه بالرقم ولو ان  الحيطة تدعو الى  تفضيل  الكتابة  على الارقام، فاذا ذكر التاريخ  بالكتابة والرقم مما واختلفا  فالعبرة  بالكتابة  ما لم تكن قرائن الاحوال تفيد   عكس ذلك،  واذا كان  التاريخ معينا  بيوم الاسبوع  وتاريخه واختلفا وجب الاخذ بتاريخ اليوم دون اسمه  ما لم تفد قرائن  الاحوال غير  ذلك.

لكن هذه البيانات يكمل  بعضها  بعضا فلا يترتب البطلان ان كان ما  اثبت يبين غاية  الورقة بداهة، اما اذا  التبس القصد فان ذلك يكون  بدون شك سبب بطلان وتجوز مساءلة  المحرر عن ذلك في نظرنا  ما لم يثبت حسن نيته.


الأستاذ عبود رشيد عبود
* مجلة المحاكم المغربية، عدد 11، ص 48 .



Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم :