-->

التعريف بالاعتماد المستندي أهميته أنواعه القواعد الناظمة له و الالتزمات الناشئة عنه


 للمحامي الدكتور الياس حداد 
 أستاذ القانون التجاري في كلية الحقوق بجامعة دمشق 
وكيل كلية الحقوق للشؤون العلمية من فرع دمشق 



مقدمة :
قبل ان نتناول موضوع البحث بالدراسة، نرى انه من المفيد إلقاء نظرة عامة على النقاط التالية :
1- التعريف بالاعتماد المستندي.
2- اهميته 
3- انواعه 
4- القواعد الناظمة له.


أولا : التعريف بالاعتماد المستندي :

أدت الثورة الصناعية التي شهدها العالم في القرن الماضي الى تطور كبير في حجم التجارة الخارجية. وساهم في انماء هذا التطور سرعة الاتصالات بين كافة الدول عن طريق البرق والهاتف والتلكس، وسهولة المواصلات برا وبحرا وجوا. وقد رافقت هذه المبادلات التجارية حاجة ماسة لرؤوس اموال ضخمة لم تتمكن من تقديمها سوى مصارف كبيرة مؤسسة على شكل شركات مساهمة ذات فروع متعددة في مختلف البلدان. وقد مكنت هذه المصارف من بسط سيطرتها الاقتصادية ونفوذها الواسع مما جعلها ترتبط ارتباطا وثيقا بالاقتصاد القومي لكل بلد.

والوظائف التي تؤديها المصارف في مجال النشاط الاقتصادي والمالي تقوم على ممارستها لعمليات مختلفة ومتنوعة جرى الاصلاح على تسميتها بـ " العمليات المصرفية" وتشمل هذه العمليات : عمليات الصرف، قبول الودائع النقدية والصكوك، اجراء الحوالات، تاجير الخزائن الحديدية، وفاء الشيكات، خصم الاوراق التجارية او تحصيلها، تنظيم الكفالات، فتح الحسابات والاعتمادات.
هذا ويعتبر دور المصارف في انفاذ عمليات الائتمان (1) او الاعتماد من اهم ادوارها الاخرى.

وتظهر عمليات الائتمان بعدة اشكال. وهي كثيرة التنوع تبعا لما يبتكره فن العمل المصرفي وتقتضيه حاجات التجارة. فقد يكون الائتمان الذي يقدمه المصرف لزبونه قائما على تسليمه مبلغا من النقود، وهذا هو القرض المصرفي، او قد يكون الائتمان تعهدا من المصرف بوضع مبلغ معين من النقود تحت تصرف زبونه خلال مدة محددة، وهذا ما يطلق عليه فتح الاعتماد. ومن هنا يظهر الفرق واضحا بين عقد القرض المصرفي وعقد فتح الاعتماد. فعقد القرض يقتضي تنفيذه تسليم المبلغ محل القرض للمقترض فور التعاقد، بينما عقد فتح الاعتماد هو مجرد وعد  بالافتراض، فالمصرف لا يلتزم الا بوضع المبلغ المتفق عليه تحت تصرف الزبون ليقبضه كله او بعضه متى يشاء، بل يصح ان لا يلجا الزبون الى الاستفادة من هذا المبلغ مطلقا.

وعقد فتح الاعتماد على نوعين : عقد فتح الاعتماد البسيط، وعقد فتح الاعتماد المستندي.
ان عقد الاعتماد البسيط هو عقد بين مصرف وزبون يلتزم الاول بمقتضاه بوضع مبلغ معين من النقود تحت تصرف الثاني خلال مدة محددة، بحيث يكون للاخير تناوله دفعة واحدة او على عدة دفعات .
اما عقد فتح الاعتماد المستندي فهو، كما عرفته المادة الثانية من النشرة رقم 400 لعام 1984 المتعلقة بالاصول والاعراف الموحدة للاعتمادات المستندية، أي ترتيب مهما كانت 

تسميته او وصفه يلتزم بمقتضاه المصرف ( الفاتح للاعتماد) بناء على طلب العميل ( طالب فتح الاعتماد) ووفقا لتعليماته :
بان يدفع الى شخص ثالث ( المستفيد ) او لآمره، او بان يدفع او يقبل او يخصم سندات تجارية ( سند سحب) مسحوبة من قبل المستفيد. او …
بان يخول مصرفا اخر بالدفع، او بقبول او خصم سندات السحب المذكورة وذلك مقابل تسليم مستندات معينة يقتضي ان تكون مطابقة لشروط الاعتماد".

وبتعبير اخر، الاعتماد المستتندي هو عقد بين المصرف وزبونه الآمر بفتح الاعتماد، يتعهد المصرف بموجبه بان يدفع للمستفيد مبلغا معينا من النقود، او بان يقبل او يخصم لصالحه سندات سحب مسحوبة بقيمة معينة مقابل تسليم المذكور ( المستفيد) مستندات معينة (2).

ثانيا : أهمية الاعتماد المستندي :

يعتبر الاعتماد المستندي اسلوبا بارعا استنبطه الفكر المصرفي والتعامل التجاري استجابة لمتطلبات التجارة الخارجية، فقد اصبح هذا الاعتماد وسيلة هامة لتسوية البيوع الدولية وتمويلها وبخاصة البيوع البحرية منها (3).
ويمكننا ابراز الدور الهام الذي يقوم به الاعتماد المستندي من خلال هذه التسوية في انه يحقق المزايا التالية :
1- بالنسبة للبائع المصدر : حيث ان عقد البيع الدولي يقع غالبا بين اشخاص تفصل بينهم مسافات شاسعة، فان البائع يتردد في تنفيذ الالتزام الملقى على عاتقه بارسال البضاعة الى مشتر لا يعرفه قبل ان يقبض مقدما ثمنها،

ويتردد كذلك المشتري من جهته بدفع الثمن قبل ان يستلم البضاعة، ولرفع هذا الحرج بينهما، او لتحرير نفوسهم من الشك (4)، ابتدع العمل وسيلة ادخال مصرف ما عن طريق فتح اعتماد مستندي لديه من قبل المشتري. ليحل محل الاخير ويتعهد تعهدا لا رجوع فيه بدفع قيمة البضاعة الى البائع، وليس ثمة شك بان التزام المصرف المباشر تجاه البائع ادعى الى طمأنة البائع من التزام المشتري. وعلى هذا النحو يضمن البائع استيفاء الصفقة حال تقديم المستندات دون ان يخشى سوء نية المشتري او عدم ملاءته (5). لا بل يمكنه ان يحصل على تسهيلات مصرفية لتجهيز البضاعة المبيعة وشحنها او لتمويل علميات اخرى (6).

2- بالنسبة للمشتري المستورد : تظهر فائدة فتح الاعتماد المستندي بالنسبة للمشتري الآمر بفتح الاعتماد في انه بحصوله على تعهد المصرف بالوفاء تجاه البائع، أي بحصوله على ائتمان المصرف، لا يكون مضطرا لدفع قيمة الصفقة وقت التعاقد او قبل شحنها، فقد لا تكون لديه الاموال الجاهزة لهذا الغرض، بعبارة اخرى، يستفيد المشتري من هذه الناحية، كالبائع كما تقدم، من تسهيلات مصرفية تسير له عدم دفع قيمة البضاعة المشتراة الا بعد وصولها .

ثم عندما يقوم المصرف بدفع ثمن البضاعة فانه يتسلم المستندات التي تمثلها، وعملية الاستلام هذه عملية قانونية تحتاج الى كثير من الخبرة والدقة، فالتزام المصرف القيام بهذه المهمة لمصلحة زبونه المشتري سيكون عامل ثقة بالنسبة لهذا الاخير على ان البضاعة ستأتي مطاقة للشروط المتفق عليها (7).

3- بالنسبة للمصارف : يعتبر الاعتماد المستندي بالنسبة للمصرف الذي يفتحه او بالنسبة للمصرف الذي يبلغه او يؤيده في بلد البائع، مصدرا كبيرا لنشاطه، اذ تتفرع عنه عمليات متعددة في مجال التسليف والقطع والخدمات. وتشكل الارباح والعمولات الناجمة عن هذه العمليات موردا رئيسيا من موارد هذه المصارف. من هنا تبدو اهمية تركيز المصارف على تنمية عملية الاعتمادات المستندية لديها وتطوير تاهيل الاجهزة العاملة لديها في هذا الميدان لاهمية موارد هذه العمليات اولا ولدقتها ثانيا .

ثم ليس هناك من خطر على المصرف الذي يفتح امثال هذه الاعتمادات، فهو يستند الى ضمانة هامة ناتجة، وفقا للراي السائد في الفقه والقضاء، عن تمتعه بحق رهن على البضاعة بحيازة مستنداتها، فلو ان المشتري الآمر بفتح الاعتماد لم يدفع ما اداه المصرف للبائع الاجنبي، فان المصرف يستطيع ان يستلم البضاعة بموجب حيازته للمستندات التي تمثلها. وكدائن مرتهن يستطيع ان يبيعها بالمزاد العلني ويستوفي حقه من ثمنها بالاولوية وفقا للقواعد العامة، لا بل يمكنه ان يطالب بتعويض التامين في حال هلاك هذه البضاعة او تلفها. 

4- بالنسبة للتجارة الدولية : ان دور الاعتماد المستندي في التجارة الخارجية على غاية من الاهمية، فهو يعمل على تشجيع حركة هذه التجارة وتسهيل تمويلها، انه يساعد على انتشار وتطوير المبادلات التجارية بين اشخاص من جنسيات متعددة قد يجهلون بعضهم بعضا. والمصارف بفتحها هذه الاعتمادات تلعب دور الوسيط الذي يثق به كل من البائع المصدر والمشتري المستورد وهذا ما يؤدي بالتالي الى ازدياد العلاقات التجارية وتدعيم التضامن الاقتصادي بين الشعوب.

ثالثا : أنواع الاعتماد المستندي :

للاعتمادات المستندية صور مختلفة تبعا للغرض منها وللظروف التي تتم بها. ونميز في هذا الصدد الانواع الثلاثة الرئيسية التالية :
1- الاعتماد القابل للالغاء : وهو الاعتماد الذي يستطيع المصرف المشتري الغاءه والرجوع عنه في أي وقت وبغير حاجة الى اخطار المستفيد ودون مسؤولية عليه تجاه الآمر بفتح الاعتماد ( المشتري) او المستفيد  (البائع). وفي هذا الصدد تقضي المادة السابعة من الاصول والاعراف الموحدة للاعتمادات المستندية، النشرة 400 لعام 1984، بانه يجب النص بصراحة ووضوح في كافة الاعتمادات المستندية فيما اذا كانت قابلة للالغاء او غير قابلة للالغاء، وفي حال غياب النص فان الاعتماد يعتبر قابلا للالغاء (8). ان هذا النوع من الاعتمادات نادر الاستعمال في الحياة العملية لعدم اطمئنان البائع المستفيد اليه.

2- الاعتماد غير القابل للالغاء او القطعي : وهو الصورة العادية المألوفة في الاستعمال. اذ يتعهد فيه مصرف المشتري فاتح الاعتماد، تعهدا شخصيا وقطعيا تجاه المستفيد ( البائع) بان يدفع له نقدا ثمن البضاعة مهما آلت اليه احوال المشتري حتى ولو أفلس او توفي، او بان يقبل ان يخصم المستندات المسحوبة لتسوية ثمن الصفقة، ولذلك كله شريطة ان تكون المستندات المقدمة من قبله (البائع) مطابقة لاحكام الاعتماد وشروطه. وتعهد المصرف في هذا الشان تعهد بات قطعي. بحيث لا يجوز الغاء الاعتماد المفتوح او تعديله الا باتفاق جميع اصحاب العلاقة فيه ( مادة 10 من الاصول والاعراف الموحدة لعام 1984).

3- الاعتماد المعزز او المؤيد : قد يحدث الا يطمئن البائع لا الى المشتري ولا الى مصرفه فيشترط ان يتدخل مصرف ثان في العملية، وغالبا ما يكون المصرف المذكور هو المصرف الذي يتعامل معه في بلده. ويسمى هذا المصرف بالمصرف المراسل. والمصرف المراسل، اما ان يقتصر دوره على ابلاغ البائع بالاعتماد وشروطه دون التزام من جانبه، او ان يتدخل لاعطاء تعزيزه او تاييده (9) للاعتماد المذكور فيسمى الاعتماد في هذه الحالة بالاعتماد المعزز او المؤيد. ومتى تأيد الاعتماد، يصبح المصرف المؤيد ملتزما التزاما باتا وشخصيا تجاه المستفيد البائع. وهكذا يحصل المستفيد، في هذه الحالة، على ضمانتين مباشرتين تجاهه وتستقل كل منهما عن الاخرى : ضمانة فاتح الاعتماد، وضمانة المصرف المؤيد للاعتماد.

رابعا :  القواعد الناظمة للاعتماد المستندي :

لم ينشا الاعتماد المستندي، رغم اهميته، كنظام قانوني له جذوره واصوله القانونية، وانما نشئ كنظام مصرفي خلقته حاجة العمل لاستخدامه كوسيلة دفع في مضمار التجارة الدولية. وهو لم يخضع الى يومنا هذا الى تنظيم تشريعي الا في قليل من البلدان (10) فظل محكوما بطائفة من الاعراف والعادات تتبعها المصاريف ويقضي بها الاجتهاد (11).

لكن نظرا لما يثيره تطبيق هذه الاعراف والعادات المختلفة من بلد الى اخر من منازعات ومصاعب متعددة، الامر الذي من شانه ان يعرقل نمو التجارة الدولية وازدهارها، فقد سعت غرفة التجارة الى توحيد القواعد والاحكام التي يخضع لها نظام الاعتماد المستندي. وكانت الثمرة الاولى لجهودها في هذا المضمار اقرار القواعد والاعراف الموحدة المتعلقة بالاعتمادات المستندية لعام 1932 في فيينا، قد روجعت هذه القواعد وعدلت عدة مرات في اعوام 1951، 1962، 1974، والنص المعدل لعام 1974، النشرة رقم 290، صدرت له  ترجمة عربية تمت بمعرفة غرفة التجارة الدولية ذاتها تحت عنوان، " الاصول والاعراف الموحدة للاعتمادات المستندية" (12) اما اخر مراجعة وتعديل لهذه الاصول فقد كان عام 1983 حيث صدرت النشرة رقم (400) والتي وضعت موضع التنفيذ بدلا من 1/10/1984.

يلاحظ ان هذه الاصول والاعراف الموحدة لا تتمتع بطابع الالزام، بل تستمد قوتها من اتفاق المتعاقدين على الرجوع اليها في علاقاتهم (13).
ونشير في هذا الصدد الى ان معظم المصارف العربية تقر بخضوع الاعتمادات المستندية التي تفتحها او تبلغها او تعززها الى احكام الاصول والاعراف الموحدة المذكورة ولكل تعديل يطرأ عليها (14).

ننتقل بعد هذه المقدمة الى تحديد الخطة التي سنتبعها في عرض مختلف النقاط التي يتضمنها البحث.
خطة البحث : يترتب على فتح الاعتماد المستندي، في صورته الشائعة ( أي الاعتماد القطعي) نشوء عدة علاقات بين اطرافه، فهناك علاقة المصرف فاتح الاعتماد بالامر بفتح الاعتماد، وعلاقة المصرف فاتح الاعتماد بالمستفيد من الاعتماد. ولما كان ينتج عن هذه العلاقات عدة التزامات قانونية تتحملها الاطراف المذكورة بعضها ازاء بعض، فاننا سنحاول في هذه الدراسة بحث الاثار القانونية للعلاقات المذكورة في فصلين متتالين، نتكلم في الاول منهما عن علاقة المصرف فاتح الاعتماد بالآمر بفتحه، ونخصص الثاني للكلام عن العلاقة بين المصرف فاتح الاعتماد وبين المستفيد منه.


الفصل الأول
الاعتماد بين المصرف فاتح الاعتماد والآمر بفتحه

تستند علاقة الآمر بفتح الاعتماد بالمصرف فاتح الاعتماد الى عقد فتح الاعتماد المبرم بينهما تسوية لعلاقة اصلية سابقة بين الآمر هو عادة المشتري وبين المستفيد الذي هو البائع، وليس للمصرف شان بهذه العلاقة الاخيرة، بل الفرض انه يجهلها، ولذلك يبقى عقد الاعتماد قائما ومنتجا لاثاره كافة بالرغم من العيوب التي تعتري البيع وتشكل سببا لبطلانه.
وعقد فتح الاعتماد المستندي، بوصفه اساسا للعلاقة بين المصرف الفاتح للاعتماد وبين الآمر بفتحه، ينشئ إلزامات متقابلة، كما سنرى، في ذمة كل منهما تجاه الاخر.

الفرع الأول
التزامات الآمر بفتح الاعتماد اتجاه المصرف
يلتزم الآمر بفتح الاعتماد بعدم الرجوع فيما امر المصرف به، ويدفع العمولة المتفق عليها، وتحمل كافة المصاريف التي يتكبدها المصرف، وكذلك رد المبلغ الاعتماد الذي دفعه المصرف للمستفيد.
1- احترام الامر لتعليماته والابقاء عليها : يلتزم الامر بفتح الاعتماد الذي فتح الاعتماد بناء على طلبه، بعدم الرجوع عن تعليماته المتعلقة بفتح الاعتماد قبل انتهاء مدة صلاحية الاعتماد كما ليس له بعد فتح الاعتماد ان يوجه للمصرف تعليمات من شانها تعديل شروط الاعتماد مثلا، فالتزامه تجاه المصرف التزام نهائي لا رجوع او تعديل فيه، وتتاكد نهائية هذا الالتزام منذ اللحظة التي يصبح فيها تعهد المصرف نهائيا امام المستفيد بابلاغه كتاب الاعتماد. ومبرر الزام الامر بفتح الاعتماد الابقاء على الاعتماد المفتوح والتعليمات التي ضمنه إياها، هو ان الاعتماد ذاته ينشئ التزامات قطعيا وثابتا في جانب المصرف ازاء المستفيد. كما ان السماح للامر بفتح الاعتماد بالرجوع عن الاعتماد ولو كان له مصلحة في ذلك، يهدد، كما يقول الدكتور علي عوض، التجارة الدولية وبعدم الثقة التي يجب ان تسود اوساط المتعاملين بها.

2- دفع العمولة المتفق عليها : يلتزم الامر بفتح الاعتماد ان يدفع للمصرف العمولة المتوجبة. وتحسب هذه العمولة عادة بنسبة معينة من قيمة الاعتماد يراعى في تحديدها مخاطر المصرف ومدى مسؤوليته عن تنفيذ الاعتماد.
وحيث ان هذه العمولة هي مقابل تعهد المصرف بتقديم خدماته للامر بفتح الاعتماد، فهي تستحق لصالحه بمجرد ابلاغه الاعتماد للمستفيد سواء استخدم الاعتماد بعد ذلك ام لم يستخدم .

3- تقديم الضمانات التي طلبها المصرف : حيث ان المصرف قد يتعرض لبعض المخاطر عند تنفيذه للاعتماد، فهو يسعى الى الحصول على ضمانات تحقيقا لهذه المخاطر او احتياطيا لوقوعها. فاذا ما اتفق مع زبونه طالب فتح الاعتماد على تقديم مثل هذه الضمانات فان على الاخير الوفاء بالتزامه.
وهذه الضمانات متنوعة : فقد يكون الضمان مبلغا نقديا يؤديه الزبون للمصرف، او رهنا على عقار يملكه، او رهنا حيازيا لسندات تجارية محررة او مظهرة لصالحه، وبذلك من الضمانات .

4- تحمل مصاريف تنفيذ الاعتماد : على الامر بفتح الاعتماد ان يرد للمصرف كامل المصروفات التي تكبدها في سبيل تنفيذ عملية الاعتماد كالرسوم ومصاريف المراسلات والبرقيات والتلكس وغيرها.
وقد اكدت المادة 20/ج من الاصول والاعراف الموحدة هذا الالتزام بقولها : " يعد طالب فتح الاعتماد ملزما ومسؤولا عن تعويض المصارف لقاء كافة الالتزامات والمسؤوليات التي تفرضها القوانين والاعراف في البلاد الاجنبية".

5- رد مبلغ الاعتماد : يلتزم الامر بفتح الاعتماد اخيرا برد المبلغ الذي دفعه المصرف الى المستفيد في حدود قيمة الاعتماد المفتوح. ويتم رد المبلغ اما كلا او على اجزاء بحسب الاتفاق المبرم بين الطرفين .

الفرع الثاني
التزامات المصرف تجاه الآمر بفتح الاعتماد

تحدد التزامات المصرف فاتح الاعتماد ازاء الآمر بفتح الاعتماد بما يلي :
1- فتح  الاعتماد وابلاغ المستفيد به .
2- تلقي المستندات وفحصها .
3- نقل المستندات الى الامر بفتح الاعتماد.

البحث الأول
فتح الاعتماد وإبلاغ المستفيد به

أسلفنا ان عملية فتح الاعتماد المستندي تعترض تنفيذ عقد بيع دولي " ونتصور ان الطرف الاول في العقد (المشتري المستفيد) هو تاجر سعودي، وطرفه الثاني ( البائع المصدر) هو تاجر فرنسي وقد اشترط البائع في عقد البيع ان يتم الدفع بموجب فتح اعتماد مستندي لدى احد المصارف السعودية. في هذه الحالة يتقدم المشتري من المصرف الذي يتعامل معه لابرام العقد المذكور. وما يجري عليه العمل في ذلك، هو ان يملا المشتري طلب فتح الاعتماد، وهو نموذج مطبوع مسبقا، ويضمنه معلومات واضحة ودقيقة عن البضاعة موضوع الصفقة والمستندات المطلوبة وتعيين المستفيد وكيفية تبليغه ومدة نفاذ الاعتماد ويبلغه وصفته ان كان معززا ام لا، وكيفية تنفيذه بالدفع نقدا او بالقبول او بالخصم للسندات المسحوبة لهذا الغرض (15). في الواقع يفترض بهذه المعلومات انها تعكس وبكل دقة الشروط التي كان قد اتفق عليها المشتري مع البائع ووعده بتنفيذها.

وبمجرد توقيع المشتري العقد المطبوع وقبول المصرف به ينبرم عقد فتح الاعتماد المستندي بينهما، ويترتب على ذلك، كما مر معنا، التزام المشتري الامر بفتح الاعتماد بالابقاء على الاعتماد مفتوحا فلا يرجع فيه (16) او يعدله، ويدفع العمولة والمصروفات، وتقديم الضمانات المشترطة، ورد المبلغ الذي يدفعه المصرف عند تنفيذه للاعتماد.

اما المصرف فيلتزم من جهته بفتح الاعتماد طبقا للتعليمات التي تلقاها من المشتري الامر. وليس له ان يحيد عنها او يدخل عليها أي تعديل (17)، ولو تذرع في ذلك من اجل حماية مصالح زبونه المشتري، او من اجل ازالة التعارض بين هذه التعليمات والشروط الواردة في عقد البيع اذ لا شان للمصرف بالعقد الاخير، لكن اذا كانت تعليمات المشتري مخالفة لقواعد ملزمة او امرة او للعادات المصرفية والتجارية، او كانت غامضة او غير كاملة، فعلى المصرف في هذه الحالة الا يفتح الاعتماد وان يطلب تعليمات وايضاحات جديدة من الامر بفتح الاعتماد (18). وفور وصول هذه التوضيحات على المصرف ان يتحرك ويرسل كتاب الاعتماد الى البائع المستفيد .

ثانيا : إبلاغ المستفيد بالاعتماد 

يلتزم المصرف تنفيذا لعقد فتح الاعتماد المستندي بابلاغ الاعتماد الى البائع المستفيد منه. ويتم هذا الابلاغ برسالة او خطاب يطلق عليه " كتاب او خطاب الاعتماد". وباستلام المستفيد لهذا الكتاب يثبت تنفيذ المصرف للالتزامه اتجاه المشتري بفتح الاعتماد واعلام المستفيد به، كما يتحدد مضمون التزام المصرف تجاه البائع المستفيد، فحقوق المستفيد تنشا من تبليغ الاعتماد لا من عقد فتح الاعتماد.

1- طرق تبليغ الاعتماد : قد يحدد عقد فتح الاعتماد الطريقة التي يتم بها تبليغ الاعتماد سواء أكان ذلك بواسطة البريد او الهاتف او البرق او التلكس. وفي هذه الحالة يلتزم المصرف بتنفيذ عملية التبليغ بدقة ووفقا لتعليمات الامر بفتح الاعتماد بهذا الخصوص .
-------------------------------
16) ومع ذلك اذا كان المصرف لم يرسل بعد كتاب الاعتماد للمستفيد لابلاغه بفتح الاعتماد لصالحه، فلا شيء، على ما نرى يمنع المشتري من ان يطلب من مصرفه الغاء الاعتماد على ان يتحمل النفقات المتوجبة في هذه الحالة.
17) قرار محكمة تجارة بيروت رقم 104 تاريخ 17/2/1968، مجموعة حاتم، جزء 133، ص 36.
18) نصت المادة (14) من الاصول الاعراف الموحدة لعام 1984 على انه : " اذا استلم المصرف تعليمات غير كاملة او غير واضحة بشان اصدار او تثبيت او تبليغ اعتماد، فبامكانه عندما يطلب منه ذلك ان يرسل اشعارا اوليا بالاعتماد الى المستفيد لغرض الاطلاع فقط وبدون مسؤولية عليه. وفي هذه الحالة لا يمكن اصدار او تثبيت او تبليغ الاعتماد الا بعد ان يستلم المصرف التوضيحات الضرورية وان يكون مخزيا بالتصرف وفقا لهذه التوضيحات التي يتوجب عليه ايصالها دون تاخير".

وعلى المصرف ان لم يحدد عقد فتح الاعتماد موعدا للتبليغ، ان يبلغ المستفيد بالاعتماد في اسرع وقت ممكن (19). وقد حكم بان المصرف الموجود في باريس والذي تلقى برقية من الخارج بفتح اعتماد لديه لصالح مستفيد يقيم في مرسيليا، كان عليه ابلاغ المستفيد بالهاتف حتى ولو خلت تعليمات الامر من بيانات خاصة بشان طريقة التبليغ، لهذا اعتبر المصرف مسؤولا امام المستفيد الذي اخطره بفتح الاعتماد بواسطة رسالة عادية وصلته متاخرة بعض بالوقت والزم بدفع التعويضات له جبرا للضرر الذي لحقه من جراء حرمانه من الفائدة التي كان سيجنيها من الصفقة (20).

والغالب في العمل هو ان يستعين المصرف الفاتح للاعتماد بمصرف اخر يوجد في بلد البائع المستفيد، يسمى المصرف المراسل، كي يبلغ المستفيد بالاعتماد، وطبقا للاصول والاعراف الموحدة في صيغتها الجديدة لعام 1984، والمادة 12، فان المصرف فاتح الاعتماد، اذا كلف باية وسيلة اتصال كانت مصرفا اخر بتبليغ الاعتماد الى المستفيد، او بتبليغه تعديلا لاعتماد سابق، واكد ان كتاب التثبيت سيكون الاداة التي تمكن من استعمال الاعتماد او من اعطاء مفعول للتعديل، فوسيلة الاتصال يجب ان تشير بكل وضوح الى ان " التفاصيل سترد لاحقا" او اية عبارة مماثلة، وعلى المصرف فاتح الاعتماد في هذه الحالة ان يرسل الى المصرف المبلغ دون تاخير الاداة التي تمكنه من استعمال الاعتماد او تلك التي تعطي مفعولا للتعديل، وعلى هذا اذا قام المصرف بتنفيذ الاعتماد او التعديل المطلوب دون ان يكون قد سبق له تلقي التثبيت اللازم، يكون مخطئا ويتحمل وزر عمله. اما اذا لم تشر وسيلة الاتصال بين المصرف فاتح الاعتماد والمصرف المراسل الى عبارة " التفاصيل سترد لاحقا" او الى كتاب التثبيت يعتبر الاداة التي تسمح باستعمال الاعتماد او باعطاء التعديل مفعوله فان وسيلة الاتصال ذاتها تكون الاداة التي تمكن من استعمال الاعتماد او لحين اجراء التعديلات اللازمة، وقد اضافت المادة 12 المذكورة حكما جديدا على المادة المماثلة في النشرة 290 لعام 1984 هي المادة (4)، يقضي بانه اذا استعمل مصرف ما خدمات مصرف اخر للقيام بتبليغ الاعتماد الى المستفيد، فعلى المصرف الاول اللجوء الى المصرف الثاني دون غيره ليقوم بتبليغ المستفيد التعديلات التي تطرا على الاعتماد الاصلي، وقد حملت الفقرة الاخيرة من المادة (12)، المصارف مسؤولية اية نتائج قد تحدث عن عدم احترام الاجراءات المتقدم ذكرها.


2- مضمون كتاب الاعتماد : على المصرف ان يضمن كتاب الاعتماد المرسل الى المستفيد التعليمات المتعلقة بفتح الاعتماد كافة، ويجب ان تكون هذه التعليمات مطابقة حرفيا لتعليمات المشتري دون زيادة او نقصان، ودون ان يكون للمصرف حق تقدير اهمية أي بيان من بياناتها لان ذلك شان المشتري وحده وهو ادرى به. واذا ما حصل أي تحريف او تبديل او تغيير في البيانات التي حددتها تعليمات المشتري الامر، فان ذلك يكون على مخاطر المصرف ويرتب مسؤوليته، حتى اذا كانت تعليمات المشتري غامضة او ناقصة، فليس للمصرف ان يضمنها كتاب الاعتماد ويبلغ المستفيد بها الا بعد ان تصله توضيحات لما غمض او تكملة لما نقص (21).

من اهم البيانات التي يجب ان يتضمنها كتاب الاعتماد ما يلي :
اسم المستفيد من الاعتماد.
قيمة الاعتماد وطريقة دفعه.
نوع الاعتماد وكونه غير قابل للالغاء ومؤيد او غير مؤيد ( مادة 7، 8 من الاصول).
مدة نفاذ الاعتماد او مدة صلاحيته بالنسبة لتقديم المستندات ( مادة 46 اصول).

تجدر الاشارة هنا الى ان هذه المدة هي المدة التي يتوجب على المستفيد ان يقدم خلالها المستندات المطلوبة، وليست مدة تنفيذ الاعتماد. فالمصرف يستطيع ان يدفع او يقبل او يخصم السند المسحوب بعد انقضاء المدة المذكورة اذا كانت المستندات قد قدمت قبل انتهاء مدة صلاحية الاعتماد. كذلك لا تختلط هذه المدة بما يشترط احيانا من وجوب تقديم بعض المستندات، كوثيقة الشحن او النقل، خلال فترة محددة من انشائها كما سنرى. 

المستندات الواجب تقديمها : نصت المادة (22) من الاصول والاعراف الموحدة على ان كافة التعليمات المتعلقة باصدار الاعتماد والاعتمادات نفسها، عند الاقتضاء كل التعليمات ترمي الى تعديل هذه الاعتمادات، والتعديلات ذاتها، يجب ان تحدد بدقة المستندات التي بمقابلها يتم الدفع او القبول او الخصم. وقد حكم بان المصرف الذي يعمل في اطار نظام اعتماد مستندي عليه ان يحدد المستندات المطلوب تقديمها من المستفيد بالفاظ لا تترك مجالا لاي تفسير او تاويل. بتعبير اخر، يجب ان تكون الالفاظ المستعملة لهذه الغاية دالة بحد ذاتها على المستند المطلوب (22).
------------------------------
21) راجع المادة (14) من الاصول والاعراف الموحدة.
22) تمييز لبناني 26/5/1971، مجلة الاسبوع القانوني الفرنسية، 1972، 17126 شرح ستوفليه، ومشار اليه ايضا في مؤلف الاستاذ محمد ديب، ص 125 وما بعدها .
-----------------------------
وفي حال اغفال المصرف تحديد المستندات المطلوبة، فان الراي (23) على ان المستفيد يلزم بتقديم المستندات الرئيسية التالية : وثيقة الشحن، وثيقة الضمان "التامين" فاتورة البضاعة، وهي المستندات التي يطلب ابرازها دائما في البيوع البحرية سيف.

البحث الثاني
تلقي المستندات وفحصها

حيث ان اهمية الاعتماد المستندي ترتكز بالنسبة للبائع على انه سيقبض قيمة الصفقة التي باعها للمشتري بمجرد تسليم بعض المستندات الى المصرف فاتح الاعتماد او الى مراسله، دون ان يكون ملزما باثبات تنفيذه للالتزامات المترتبة عليه كبائع، لذا كان من الاهمية بمكان ان تتوفر ضمانة مقابلة للمشتري بحيث تكون هذه المستندات المقدمة مطابقة تماما لتعليماته الواردة في عقد فتح الاعتماد والتي تكرر ذكرها في كتاب الاعتماد.
وهكذا ليتمكن البائع من استعمال الاعتماد، عليه ان يقدم الى المصرف المستندات المطلوبة في خطاب الاعتماد. ويقابل هذا الالتزام التزام المصرف باستلام هذه المستندات منه وفحصها لتنفيذ تعهده الوارد في كتاب الاعتماد بالدفع اذا ما كانت المستندات المذكورة مطابقة للتعليمات الواردة في الكتاب المذكور .

ولاشك ان اخطر التزامات المصرف واكثرها دقة هو التزامه بفحص المستندات والتحقق من مطابقتها لتعليمات المشتري، مسؤوليته في هذا المجال مزدوجة : فهو مسؤول اذا دفع الثمن للبائع نظير مستندات غير مطابقة، ومسؤول ايضا اذا رفض مستندات مطابقة وامتنع عن دفع الثمن (24).

والمستندات التي ينبغي على المصرف فحصها ومطابقتها تشكل بشكل اساسي : وثيقة الشحن المثبتة لنقل البضاعة والممثلة لها، والفاتورة التي تتضمن وصف البضاعة وبيان قيمتها ووثيقة التامين على البضاعة عندما يكون البيع سلفا، وقد يشترط المشتري تقديم مستندات اخرى كشهادة المنشا، والشهادة الصحية، وشهادة الوزن والمراقبة، وغير ذلك من المستندات التي قد تفرض القوانين المحلية ضرورة الحصول عليها، وقد تعرضت الاصول الموحدة لهذه المستندات في المواد من 222-24.
----------------------------
23) استئناف باريس 30/11/1927، مجلة القصر، 1928، ص 208، وانظر ايضا : فياض عبيد :  المحامون، 1982، ص 489، د. محسن شفيق : القانون التجاري الكويتي، 1972، بند 278، د. مصطفى كمال طه، بند 588، د. علي عوض : بند 135.
24) انظر : د. علي البارودي : ص 379، د. إدوارد عيد : العقود التجارية وعمليات البنوك، ص 589،  د. احمد حسني، البيوع البحرية : ص 407، د. علي عوض : بند 203.
--------------------------
سنتناول في بحثنا لالتزام المصرف بفحص المستندات وتدقيقها عرض النقطتين التاليتين :
1- موضوع الفحص والتدقيق .
2- القواعد التي تحكم المصرف اثناء عملية الفحص .

اولا : العناصر الخاضعة للفحص :

ان التعامل في الاعتماد المستندي بين الاطراف ذات العلاقة كافة يتم بالمستندات وليس بالبضائع او الخدمات (المادة 4 من الاصول الموحدة). ولذا كان على المصرف ان يتحقق خلال فحصه لهذه المستندات من الامور التالية : أ- تقديم المستندات خلال فترة سريان الاعتماد. ب- توافر جميع المستندات المطلوبة. ج- مطابقة مضمون المستندات لشروط الاعتماد. د- تطابق المستندات المقدمة فيما بينها.

أ- تقديم المستندات خلال مدة صلاحية الاعتماد : اوجبت المادة (46) من الاصول والاعراف الموحدة على ان ينص في كل اعتماد على تاريخ اقصى للصلاحية بالنسبة لتقديم المستندات لغرض الدفع او القبول او الخصم. كما قضت بانه اذا ذكر المصرف ان الاعتماد صالح لمدة شهر او لمدة ستة اشهر او اية عبارة مماثلة دون ان يحدد تاريخ بدء هذه المدة، فان تاريخ فتح الاعتماد يعتبر بداية سريان المدة المذكورة، واوصت اخيرا بالا تشجع المصارف أي اتجاه لتحديد مدة صلاحية الاعتماد وفق الطريقة الاخيرة (25).


وهكذا فان اول ما يجب على المصرف ان يفعله حين تلقيه المستندات هو ان يتحقق من تقديمها خلال المدة المحددة للاعتماد والا كان مسؤولا اذا قبلها بعد (26) انتهاء مدة الصلاحية وحق للمشتري رفضها بدون أي تبرير من جانبه " فالمشتري اذا كان قد حدد مدة قصوى لتقديم المستندات لفان له مصلحة في احترامها اذ تكشف عن مدى سلامة تنفيذ عقد البيع من قبل البائع.
--------------------------
25) يلاحظ ان حكم هذه المادة يختلف عن حكم مثيلتها المادة 37 في النشرة 290 لعام 1974، فالفقرتان الاخيرتان جديدتان وليس لهما ما يماثلهما في النشرة السابقة .
26) ومع ذلك انفرد بعض الاجتهاد بجواز قبول المستندات اذا قدمت خلال مهلة معقولة بعد انقضاء عدة الاعتماد، سيما اذا ثبت ان البضاعة قد شحنت خلال المهلة المحددة في عقد البيع : الحاكم المنفرد التجاري في بيروت 24/6/1955، مشار اليهما في مؤلف الدكتور ادوارد عيد ص 590 هامش رقم 1.
--------------------------
والمشتري، بدوره، لا يجوز له ان يمد فترة صلاحية الاعتماد دون موافقة المصرف المسبقة على ذلك. لان المصرف حين فتح الاعتماد ، فانه قبل الالتزام به فترة معينة، وبانتهاء هذه الفترة يتحلل من أي التزام بالاعتماد (27)، لكن اذا صادف ان كان اخر يوم لتقديم المستندات، هو يوم عطلة للمصارف، فان فترة صلاحية الاعتماد تمتد عندئذ الى اول يوم عمل لاحق .. وفي هذه الحالة، وبغية مراقبة احترام الالتزام بتقديم المستندات خلال مدة نفاذ الاعتماد وتبرير قبول استلامها بعد انقضاء هذه المدة، الزمت الاصول والاعراف الموحدة (مادة 48) المصرف الذي تقدم اليه المستندات بعد انتهاء فترة النفاذ، فان يلحق بالمستندات شهادة تثبت ان المستندات قد قدمت ضمن مهلة التاجيل المنصوص عنها في المادة (48/أ) من الاصول الموحدة، تعديل عام  1983، النشرة رقم 400.

اما اذا كانت اسباب الانقطاع عن العمل في المصارف بسبب قوة قاهرة، او اعمال الشغب او الفتن الاهلية او التمرد او الثورات او الجرب والاضرابات او لاية اسباب اخرى خارجة عن نطاق ارادتها، فان المصارف، بعد ان تعاود نشاطها وما لم تفرض بذلك صراحة من الامر بفتح الاعتماد، لا يجوز لها تمديد اجل الصلاحية بان تدفع او تقبل او تخصم بعد انتهاء مدة سريان الاعتماد التي يقع تاريخ انتهائها خلال فترة انقطاع اعمالها (مادة 19 من الاصول الموحدة).

يبقى ان نشير الى ان المادة (47) من الاصول والاعراف الموحدة قضت بانه يتعين ان ينص في كل اعتماد مستندي على فترة محددة بعد تاريخ اصدار وثيقة الشحن او وثائق النقل الاخرى، بحيث يجب ان يتم خلالها تقديم هذه الوثائق بعد تاريخ اصدار وثيقة الشحن او وثائق النقل الاخرى، بحيث يجب ان يتم خلالها تقديم هذه الوثائق لغرض الدفع او القبول او الخصم، واذا لم يرد في الاعتماد تحديد لفترة من هذا القبيل، فللمصارف ان ترفض الوثائق التي تقدم اليها في تاريخ لاحق يتجاوز (21) يوما بعد اصدار بوالص الشحن. وقد حددت المادة المذكورة فقرة جديدة لا مثيل لها في نشرة عام 1974، على وجه مفصل من أين تبدأ مدة الـ (21) يوما في مختلف وثائق النقل. وعلى ذلك للمصرف ان يرفض استلام وثيقة الشحن التي يتاخر تقديمها عن المدة المحددة في الاعتماد ( عشرة ايام من تاريخ اصدارها مثلا)، او في حال خلو الاعتماد من ذلك، عن مدة الـ (21) يوما من تاريخ اصدارها، ويستتبع هذا الرفض، حق المصرف بعدم قبول المستندات الاخرى .
--------------------------------
27) انظر : جورج ماريه : الاعتماد المستندي، باريس، 1952، بند 12.
--------------------------------
ب- توافر جميع المستندات المطلوبة : يلتزم المصرف بان يتحقق من ان المستندات المقدمة مطابقة للمستندات المطلوبة في كتاب الاعتماد من حيث العدد. فاذا أوفى قيمة الاعتماد دون اكتمال عدد هذه المستندات ترتبت مسؤوليته (28). ويجب ان تكون هذه المطابقة كاملة وحرفية بحيث ليس للمصرف اية سلطة تقدير بصددها، فليس له ان يطلب مثلا مستندا لم يلحظه الاعتماد استنادا الى استقراء نصوص الاعتماد، وليس له ان يقدر هذا المستند جوهري او غير جوهري، لان هذا التقدير يعود للمشتري وحده، كما ليس له ان يعتقد بان المعلومات التي يؤمنها سند ما يمكن استنتاجها من سند اخر (29).

وللمحاكم الإنجليزية قول معبر في هذا الشان بخصوص قضية لاند بنك وسيمور لعام 1955. فبالنسبة لها، ليس للمصرف المراسل الذي ينفذ عقد الاعتماد ان يقدر بنفسه ما هو المستند الذي يحقق الغرض المقصود من عقد البيع وما هو الذي يحققه. وليس له ان يقبل مستندات يقدر المصرف بانها مشابهة او مماثلة تقريبا للمستندات المطلوبة في الاعتماد او انها تؤدي الغرض نفسه (30).

لكن اذا كانت مهمة المصرف التحقق من المستندات المقدمة اليه لمعرفة مدى انطباق اوصافها وعددها على المستندات الواردة في كتاب الاعتماد، فانه لابد ان يكون المستند المطلوب محددا تحديدا دقيقا. وبعبارة ادق، كما تقول محكمة التمييز اللبنانية بقرارها المذكور لعام 1971، يجب فيما هو مطلوب من مستندات، حتى يولد عند الاقتضاء، مسؤولية المصرف الناشئة عن عدم فحصه اياها او من عدم ارفاقها. يجب ان يكون مستندا، وان تكون الالفاظ المستعملة لهذه الغاية دالة بحد ذاتها على هذا المستند، فاذا كان المطلوب صورة. برقية، يجب في طلب هذه الصورة ان يقرا في كتاب الاعتماد. لا ان يستقرا منه (31).
---------------------------
28) محكمة تجارة مرسيليا 1/6/1928 مشار اليه لدى ستوفليه، بند 53.
29) جاء في قرار محكمة التمييز اللبنانية رقم 39 تاريخ 4/4/1968، مجموعة حاتم، جزء 83، ص 24، ما يلي:
" يترتب على المصرف الذي يفتح الاعتماد المستندي ان يتقيد بالشروط الموضوعة من جانب المشتري دون ان ياخذ على عاتقه تقدير ما اذا كان الخروج عن هذا او ذاك فهما ليس من شانه ان يضر بالمشتري، فان فعل لهذا الاخير حق رفض البضاعة.
30) انظر في ذلك : ذ. علي عوض، بند 141.
31) ان اساس القضية، موضوع قرار المحكمة، يرتكز على ان اعتماد مستنديا فتح لدى المصارف اللبنانية، وتضمن كتاب الاعتماد ملاحظة ورد فيها ما يلي : " تاريخ السفر والباخرة يجب تعيينهما من قبل الشاحن برقيا الى فاتح الاعتماد". كما تضمن كتاب الاعتماد ايضا بيانا بالمستندات المطلوبة مع التاشير امامها بعلامة ×. ولدى استلام المصرف المراسل المستندات من المستفيد وتحققه من مطابقتها للمستندات المشار اليها في كتاب الاعتماد بعلامة × دفع قيمة الاعتماد. ثم ارسل بعد ذلك المستندات الى المصرف اللبناني فاتح الاعتماد فرفض استلامها وتسديد قيمة الاعتماد لعدم احتواء المستندات على نسخة من البرقية المشار اليها في الملاحظة .
---------------------------
ج- مطابقة مضمون المستندات لشروط الاعتماد : على المصرف عند تلقيه المستندات وفحصها ان يتحقق من ان مضمونها مطابق للتعليمات المذكورة في كتاب الاعتماد. وعملية المطابقة تتمحور حول الامور التالية :
1- نوع المستندات : على المصرف الا يقبل المستندات الا بالشكل الذي طلبه المشتري، فعليه ان يرفض وثيقة الشحن الاسمية فيما اذا كانت تعليمات المشتري تنص على تحريرها للامر او للحامل، وعلى المصرف ان يرفض ايضا صورة المستند Duplicata التي تقدم بدلا من المستند الاصلي (32).
2- بيانات المستندات : كثيرا ما يعمد المشتري، اذا ما طرات ظروف ادت الى هبوط اسعار البضاعة المستوردة، او الى جعل الصفقة غير مناسبة، الى الادعاء باهمال المصرف لقبوله مستندات غير مطابقة لتعليمات فتح الاعتماد، بغرض التخلي عن الصفقة من جهة، والتحلل من الالتزامات المترتبة عليه تجاه المصرف من جهة اخرى، لذلك يكون لزاما على المصرف ان يتاكد من كون بيانات كل مستند متفقة مع تعليمات المشتري الواردة في عقد فتح الاعتماد والمكرر ذكرها في كتاب الاعتماد .

وعلى هذا يتعين على المصرف ان يرفض المستندات المقدمة اليه في الحالات التالية مثلا : 
اذا كان الميناء الذي شحنت منه البضاعة هو غير الميناء المنصوص عليه في كتاب الاعتماد (33) حتى ولو كان ميناء الشحن يجعل طريق الرحلة اقصر ويخفف من اجرة النقل (34). او كان الشحن من الميناء المطلوب متعذرا لظروف طارئة (35).
اذا كانت وثيقة الشحن تحمل اسم سفينة غير السفينة المبينة في كتاب الاعتماد (36). 
اذا كانت وثيقة الشحن تتضمن بعض تحفظات الناقل بشان حالة البضاعة وكان المطلوب في كتاب الاعتماد وثيقة شحن نظيفة (37)،
-----------------------------------
32) محكمة تجارة السين 31/3/1953، مجلة البنك 1953، ص 456 شرح سوفاج، جورج ماريه : ص 83 ستوفليه : بند 57، روديير وريف لانج : بند 362.
33) نقض مصري 15/4/1954، مجموعة احكام النقض في 25 عاما، ص 220، استئناف اكس 8/2/1951 المجلة الفصلية للقانون التجاري : 1951، ص 332.
34) محكمة تجارة بوردو 2/1/1930، مشار اليه لدى الدكتور علي عوض، ص 144، هامش رقم 1.
35) محكمة جنوا 2/7/1926، مشار اليه لدى الدكتور علي عوض ص 144، هامش رقم 2.
36) محكمة السين التجارية 6/2/1949، مجلة الحقوق البحرية 1950، ص 519، وقد حكم انه : " إذا كان طالب الاعتماد قد اوضح في عقد فتح الاعتماد انه يجب ان يتبين المستندات شحن البضاعة على بواخر معينة، من قبله، فان المصرف يكون مسؤولا اذا قبل مستندات لا تشير الى هذا التعيين الذي له فائدة اكيدة بتحديد تاريخ وصول البضاعة ومقدار الناولون والمخاطرة. محكمة تجارة بيروت في 24/5/1965، عن فابيا صفا، ص 711.
37) محكمة تجارة مرسيليا. 1/3/1948، نقلا عن جورج ماريه ص 20.
-----------------------------------
فالمشتري، كما يقول الدكتور علي عوض (38)، يفضل ان يرفض المصرف المستندات غير النظيفة بدلا من ان يتحمل بنفسه متاعب قيامه بملاحقة البائع لكونه خالف شروط العقد، كما ان المصرف نفسه ليس في مركز يمكنه من الحكم على مدى خطورة التحفظات والاضرار التي قد تلحقها بمصالح زبونه المشتري. لكن اذا كان المفروض ان تكون وثيقة الشحن نظيفة كما تقضي به الاصول والاعراف الموحدة، فانه ليس لزاما ان. تحتوي هذه الوثيقة على كلمة نظيفة. او Ner او Clean (39).
اذا خلت المستندات من مصطلحات وتعابير ورد ذكرها في كتاب الاعتماد، فقد قضى بانه كان على المصرف ان يرفض المستندات التي لم تتضمن التعابير التالية الواردة في كتاب الاعتماد " بضاعة سالمة وجيدة تجاريا" (40)
اذا كانت وثيقة الشحن تشير الى شحن جزء من البضاعة على سطح السفينة عندما لا ينص الاعتماد صراحة على ذلك (41).
اذا كانت وثيقة الضمان تشمل على مخاطر تختلف عن المخاطر المحددة في كتاب الاعتماد كأن يكون الاتفاق على ان تكون وثيقة الضمان تشمل كل المخاطر فتقدم وثيقة من نوع F.P.A. أي ان وثيقة الضمان المقدمة تتضمن الاعفاء من الخسائر الخاصة Free particulor average (42).

لكن ليس للمشتري ان ينعي على المصرف قبوله مستندات لا تتضمن وصفا كاملا للبضاعة. فالمادة (41) من الاصول الموحدة لا توجب ان يتطابق وصف البضاعة مع وصفها المذكور في الاعتماد تماما الا بالنسبة للفاتورة فقط. اما بالنسبة للمستندات الاخرى، ومنها وثيقة الشحن فيكفي ان توصف البضاعة في المستند بشكل عام ودون تفصيل، شريطة الا يتعارض هذا الوصف العام مع الوصف الوارد في الاعتماد (43).

ويحق للمصرف ايضا في ان يقبل المستندات ولو كانت هناك فروق اذا كانت هذه الفروق زهيدة بين كمية البضاعة الواردة في المستندات والكمية المنوه عنها في عقد فتح الاعتماد (44). وقد اشارت المادة الثالثة والاربعون (45) من الاوصول الموحدة بهذا الخصوص الى ما يلي : " ما لم يشترط في الاعتماد على ان كمية البضاعة المطلوبة ينبغي الا يتم تجاوزها ارتفاعا او انخفاضا،
----------------------------------
38) د. علي عوض : بند 178، ص 163.
39) نقض فرنسي 2/12/1974، مجموعة احكام النقض 1974، 4، رقم 307، ص 253.
40) استئناف باريس 17/6/1967، مجلة القانون البحرية الفرنسية، 1968، ص 93، شرح بولوا.
41) استئناف بوردو 9/11/1959، مجلة الحقوق البحرية الفرنسية، 1960، ص 116.
42) نقض فرنسي 13/1/1954، دالوز، ص 130، وانظر ايضا جورج ماريه : ص 29.
43) نقض فرنسي 15/12/1975، الاسبوع القانوني 1976، 2، 2801، استئناف باريس 31/3/1966 الاسبوع القانوني، 1967، 2، 14956 شرح ستوفليه .
44) محكمة بيروت التجارية : قية قاسم واولاده ضد الجزائري وكيالي، نقلا عن فابيا وصفا، ص 709.
45) نشير الى ان هذه المادة تختلف في مضمونها عن مثيلتها المادة (34) في النشرة السابقة رقم : 29 اذ اصبحت نسبة السماح 5 % بدلا من 3 %، كما اضيفت فقرة جديدة تتضمن ان مقدار السماح جائز ولو لم يؤذن بتجزئة ارساليات البضاعة المتعاقد عليها.
----------------------------------
فان سماحا بنسبة 5 % بالزيادة او النقصان يكون مقبولا حتى في مجال عدم السماح بتجزئة الارساليات شريطة الا يتجاوز المبلغ المدفوع قيمة الاعتماد. لكن هذا السماح لا يسري عندما تحدد الكمية في الاعتماد بعدد من وحدات الرزم المدرجة فيه او المواد المفردة" (46).

3- اداء كل مستند لوظيفته بذاته : ان مطابقة مضمون كل مستند لتعليمات الاعتماد يجب ان تكون مستمدة من المستند ذاته، فلا يجوز للمصرف خلال فحصه للمستندات يفرض المطابقة ان يعتمد على عناصر خارجة عن المستندات التي طلب منه المشتري استلامها (47).

كما لا يجوز للمصرف ان يكمل نقص احد البيانات بما ورد في مستند اخر، لان تعدد المستندات مع كون كل مستند كاملا يعتبر ضمانة اضافية للمشتري (48). وعلى هذا اذا تضمن كتاب الاعتماد ما يشير الى ضرورة تقديم فاتورة تحتوي على رقم وثيقة الشحن ورقم وثيقة الضمان مع بيان بالوفاء باجرة النقل، فان على المصرف ان يرفض الفاتورة التي تخلو من ذكر هذه البيانات. ذلك انه يجب ان يكون تطابق المستندات مع تعليمات المشتري واضحا من ذات كل مستند على حدة (49)

د- تطابق المستندات المقدمة فيما بينها : قضت المادة (15) من الاصول والاعراف الموحدة بلزوم كون بيانات المستندات المقدمة من المستفيد مطابقة بعضها لبعض، وقد حكم بعدم قبول المستندات للتناقض بين وثيقة الشحن التي تذكر ان البضاعة شحنت من مرفأ معين في حين تتضمن شهادة المنشا انها تتعلق ببضاعة محمولة من مرفأ اخر (50) وفي قرار حديث لمحكمة النقض المصرية نقرا : " اذ ان الثابت من الحكم المطعون فيه ان البنك رفض صرف قيمة الاعتماد للطاعن بناء على ما اكتشفه من مخالفة بيانات الشهادة الزراعية الصحية لبيانات البضاعة في باقي المستندات المقدمة من حيث عدد الصناديق المعبأة فيها ووزن كل منها.. فان الحكم اذا انتهى الى ان البنك محق في عدم الصرف لالتزامه بتعليمات الامر بفتح الاعتماد لا يكون قد اخطا في فهم الواقع" (51).
-----------------------------
46) انظر تطبيقا لهذا النص : نقض فرنسي 6/2/1967، الاسبوع القانوني 1968،2، 15364، شرح ستوفليه .
47) حكم انه ليس للمشتري ان ياخذ على المصرف ان هو دفع للبائع المستفيد بمقولة ان شحن البضاعة قد تم في تاريخ لاحق على التاريخ المذكور في وثيقة الشحن المقدمة اليه، ما دامت المستندات تخلو من اية اشارة لتاريخ الشحن غير هذا التاريخ، وهو ما تطلبه تعليمات المشتري الآمر، استئناف باريس 31/5/1966، مجلة الحقوق البحرية الفرنسية 1966 ع ص 192.
48) د. مصطفى كمال طه : بند 588، د. علي عوض : بند 144.
49) محكمة السين التجارية 16/4/1953، غازيت القصر 1953، 2، ص 121.
50) استئناف اكس 8/2/1951، المجلة الفصلية للقانون التجاري 1951، ص 331 شرح شلوجل .
51) نقض مصري 26/1/1976، مجموعة احكام النقض، سنة 27، ص 292.
-----------------------------
ثانيا : قواعد فحص المستندات :

يخضع المصرف في فحص المستندات الى القواعد التالية :
أ‌- التقيد بالنظر الى بيانات كتاب الاعتماد دون غيرها :  ان التزام المصرف بفحص المستندات تدقيقها هو التزام مقيد. فعليه الا يعتمد من اجل قبولها في حال المطابقة الا على بيانات كتاب الاعتماد وعباراته، فقد حكم بانه لا تثريب على المصرف اذا قبل مستندات دون ان يجري فحصا دقيقا للبضاعة المرسلة (52). فالتعامل بين الاطراف كافة في عمليات الاعتماد المستندي يتم بالمستندات وليس بالبضائع. ثم ان المصرف غريب عن عقد البيع ولذلك يجهل مضمونه الحقيقي، كما ليس له الوسائل التي تمكنه من مراقبة تنفيذه ولا المقدرة الفنية اللازمة لذلك (53). وحكم ايضا بعدم مساءلة المصرف الذي نفذ الاعتماد ولو اتضح فيما بعد ان البضاعة غير مطابقة للمستندات ما دامت المستندات متطابقة مع شروط كتاب الاعتماد، الا اذا كان هناك غش في البضائع وكان المصرف على علم بذلك (54).

ب‌- التنفيذ الحرفي لتعليمات الامر بفتح الاعتماد :  ان مهمة المصرف بالفحص والتدقيق تتصف بالحرفية والشكلية، فعقد الاعتماد القطعي هو بطبيعته من القانون الضيق ويجب تطبيقه حرفيا في علاقات جميع الاطراف ذوي الشان (55).

وعلى هذا المصرف الا يقبل المستندات اذا لم تكن مطابقة تماما لشروط الاعتماد. فيكتفي بمجرد الاختلاف الشكلي في الالفاظ للحكم برفض المستندات لعدم المطابقة. فقد حكم ان للمصرف الحق في رفض المستندات اذا كانت البضاعة قد اشير اليها في المستندات المطلوبة بانها " عنب مجفف" بينما وضعت في المستندات المقدمة بانها " زبيب" (56). 

وكذلك على المصرف ان يلتزم حدود عبارات تعليمات الامر بفتح الاعتماد. فليس له في هذا المجال اية سلطة في تقدير اهمية بعض البيانات عن غيرها او في تفسيرها (57) والتحري عن نية كاتبها، فقواعد الاعتمادات المستندية توجب عليه ان يتقيد بحرفية بيانات الاعتماد دون ان يتجاوزها ابدا مقتصرا بذلك على القراءة دون الاستقراء، فالتقدير او التفسير قد يعرض المصرف للخطا، 
-----------------------------------
52) استئناف الرباط 26/4/1951، مجلة الحقوق البحرية الفرنسية، 1952، ص 387.
53) ستوفليه : بند 52، روديير وريف لانج : ص 424، هامش رقم 2.
54) نقض فرنسي 15/12/1975، الاسبوع القانوني 1967، 2، 2801.
55) استئناف باريس 19/2/1960، مجلة الحقوق البحرية 1961، ص 89، وباريس 17/6/1967 مشار اليه سابقا .
56) انظر في الاشارة الى ذلك : د. مراد فهيم : ص 202، هامش رقم 27.
57) نقض مصري 26/1/1976، مشار اليه سابقا، وانظر ايضا : جورج ماريه : بند 63، روديير وريف لانج : بند 362، د. علي عوض : بند 214، علي البارودي : ص 380، دة إدوارد عيد : ص 590 فابيا وصفا: ص 707، د. مصطفى طه : بند 588.
-----------------------------------
اذ يحتمل ان يكون لبعض شروط الاعتماد معنى فنيا لا يدركه هو فتفوت بذلك مصلحة المشتري التي هو ادرى بها من غيره (58).

ج- التحقق من مطابقة المستندات الظاهرية لبنود الاعتماد : تنص المادة (15) من الاصول والاعراف الموحدة على ما يلي : " على المصارف ان تفحص كافة الوثائق بعناية معقولة للتاكد من انها تبدو مطابقة في ظاهرها لشروط الاعتماد". كما نصت المادة (6/أ) على انه " اذا قام المصرف المخول بالتنفيذ فدفع او التزم بالتسديد المؤجل، او قبل او خصم مقابل وثائق تبدو في ظاهرها مطابقة لشروط الاعتماد فان على المصرف الذي اعطى التخويل ان يستلم المستندات من المصرف المفوض وان يرد له ما دفعه".

وعلى هذا فان ما يلتزم المصرف به عند تلقيه المستندات هو ان يتحقق من ان هذه المستندات مطابقة بحسب ظاهرها او شكلها الخارجي للمستندات المطلوبة في كتاب الاعتماد. وللبائع الزام المصرف بها في حال هذا التطابق اذا ما تم تقديم المستندات خلال مدة صلاحية الاعتماد (59).
ثم انه ليس على المصرف ان يتحرى عن مدى صحة البيانات المدونة في المستندات المقدمة لمعرفة ما اذا كانت مطابقة للحقيقة ام لا (60).

كما لا يسال عما قد يكون بالمستندات من تزوير ببياناتها اذا كان كشف التزوير يحتاج الى تحريات او خبرة خاصة لم يكن باستطاعته القيام بها، وقد اكدت المادة (17) من الاصول الموحدة ذلك بقولها: " لا تتحمل المصارف اية تبعة او مسؤولية فيما يتعلق بشكلية او كفاية او دقة او صحة او زيف او أي اثر قانوني لاي مستند من المستندات" (61).
------------------------------
58) نقض فرنسي 13/7/1954، مجلة الحقوق البحرية 1954، ص 648، وحكم ايضا انه اذا كان الامر بفتح الاعتماد لم يشترط سوى الحصول على شهادة مراقبة من شركة معينة، فليس على المصرف سوى التحقق من ان الشهادة المقدمة له هي صادر عن تلك الشركة دون التدقيق في قيمتها وما تنطوي عليه من ضمانات للمشتري اذ ان ذلك يخرج عن مهمة المصرف وطبيعة عمله المصرفي : استئناف بيروت 15/12/1962، النشرة القضائية 1963، ص 583.
59) نقض فرنسي 2/12/1974 مشار اليه سابقا.
60) نقض فرنسي 13/1/1954، دالوز 1954، ص 630.
61) انظر تطبيقا لهذا النص : نقض فرنسي 21/6/1961، المجلة الفصلية للقانون التجاري 1962، ص 94، محكمة تجارة مرسيليا 20/5/1975، مجلة الحقوق البحرية 1975، ص 676، شرح لافاج.
------------------------------
وبالمقابل يخطئ المصرف وتترتب بالتالي مسؤوليته اذا قبل مستندات مزورة وكان عالما بذلك او قبل مستندات يدل ظاهرها على تزويرها او الشك في صحتها بحيث لا يخفى عليه اكتشاف ذلك كشخص محترف (62).

د- التقرير خلال فترة معقولة بقبول المستندات او رفضها : نصت المادة (16/أ) من الاصول والاعراف الموحدة على ما يلي : اذا وجد المصرف فاتح الاعتماد عند استلامه للمستندات انها لا تبدو مطابقة ظاهريا لشروط الاعتماد ، فعليه ان يقرر بناء على تلك المستندات وحدها ما اذا كانت سيستلمها او يرفضها باعتبارها لا تبدو مطابقة ظاهريا لبنود الاعتماد". كما قضت الفقرة (ج) من نفس المادة بانه : " تتاح للمصرف فاتح الاعتماد فترة زمنية معقولة لفحص المستندات حتى يقرر، كما ذكر اعلاه، ما اذا كان سيستلم المستندات او يرفضها".

يتضح من ذلك ان النص اعطى المصرف فترة زمنية معقولة لفحص المستندات. وتقدر هذه الفترة في ضوء ظروف كل حالة، وتبعا للامكانات والعادات السائدة، وبحيث لا يملك المصرف اطالتها بشكل مغالى به (63).
واذا ما تبين للمصرف خلال فترة فحص المستندات ان هناك عدم توافق ظاهري ما بين المستندات المقدمة وشروط كتاب الاعتماد. فان النص اعطاه الخيار بان يرفض هذه المستندات او يقبلها، لكن العمل جرى على ان المصارف لا تقدم على رفض المستندات مباشرة وبشكل نهائي، بل تحاول ان تجد الحلول المناسبة وفق معطيات كل قضية. واهم هذه الحلول :
1- استشارة الامر بفتح الاعتماد (64) :  اذا وجد المصرف ان المستندات المقدمة غير مطابقة ظاهريا لشروط الاعتماد فانه، قبل رفضها، يستشير زبونه بانه يطلعه عليها مادامت النصوص تخلو مما يحول دون اخذ هذه الاستشارة. فاذا حظيت هذه المستندات على قبول الامر بفتح الاعتماد، كان تكون المخالفة في بيانات ثانوية لا قيمة جوهرية لها، واستحصل المصرف على موافقة عليها، تعين على الاخير ( المصرف) قبولها رغم ما بها من مخالفة. اما اذا لم يقبل الامر هذه المستندات فان على المصرف ان يمارس خيار المادة (16) المذكورة في المستندات المقدمة تحت طائلة المسؤولية.
-----------------------------------
62) د. جاك الحكيم : الحقوق التجارية، الجزء الثاني، دمشق 1979، بند 646، د. مراد فهيم : بند 293، د. علي عوض :  بند 208، بودينو :  تطبيقات الاعتماد المستندي، ص 57، ستوفليه : بند 83، وقد حكم بمسؤولية المصرف الذي نفذ اعتمادا مقابل استلام وثيقة نقل تحمل خاتما مزورا تزويرا فاحشا لمؤسسة الخطوط الحديدية لا يخفى بفحص عادي : استئناف اكس 1956، مجلة المصرف 1956، ص 479.
63) وقد اقر القضاء الانجليزي هذا الاتجاه عام 1951 في قضية بنك ايران ضد بنك بار كليز، حيث استبقى بنك ايران مستندات ارسلها اليه بنك بار كليز مدة شهرين تقريبا ثم اعلن رفضها، وقال ان هذا التاخير يجب الا يفهم منه انه قبول للمستندات، لكن المحكمة رفضت هذا القول واكدت ان اساس التعامل بين المصارف ان تسوى الموضوعات محل الخلاف فيها فورا : عن الدكتور علي عوض .
64) ايزمان، بونتو، رو : الاعتماد المستندي في التجارة الخارجية، بند 160، د. مراد فهيم : بند 293.
-----------------------------------
2- تصحيح المخالفة : حرصا على مصلحة المستفيد من الاعتماد الذي قد يضره رفض المستندات لعدم المطابقة، وعلى مصلحة المشتري الذي يريد ان يحصل على البضاعة، خاصة اذا كان سوقها رائجا فان المصارف قد تعمد الى ابلاغ المستفيد بنوع المخالفة كي يقوم بتصحيحها او اكمالها ثم عرض المستندات عليها مجددا لقبولها ما دامت مدة صلاحية الاعتماد ما زالت سارية ( كان تكون الشهادة الصحية المطلوبة غير موجودة فيعمل على ارفاقها مجددا) (65). لا بل ان بعض الفقه يجعل من هذا الابلاغ لزاما على المصرف تحت طائلة تعرضه للمسؤولية اذا ما نتج عن عدم تنفيذ الاعتماد ضرر لحق بطالب الاعتماد او مقدم المستندات (66).

لكن حيث ان المستندات المقدمة اولا، كانت تتضمن نقصا او مخالفة فيها، وخوفا من احتمال الغش اثناء عملية التصحيح او الاكمال، فان على المصارف ان تزيد من حرصها في مراقبة التصحيح، لا بل لها، عندما تحدد موقع المخالفة او النقص، ان تبين كيفية تصحيحه او استكماله (67).

3- قبول المستندات المخالفة مع التحفظ (68) : لقد لا يعمد المصرف الى مراجعة الامر بفتح الاعتماد لاستشارته حول قبول المستندات المخالفة للشروط الاعتماد، ولا الى الطلب من المستفيد تصحيح المخالفة الموجودة اذ قد يكون ذلك متعذرا لضيق الوقت مثلا، فيقبل هذه المستندات على ما هي بعد ان يقرنها بتحفظات دقيقة ومحددة بشانها، ان انه يقوم بتسوية مشروطة للاعتماد، وهذه التسوية معلقة على شرط فاسخ، بحيث اذا رفض المشتري استلام المستندات، جاز للمصرف المنفذ ان يعود على المستفيد ليسترد منه ما كان قد دفعه اليه.
--------------------------------
65) محكمة تجارة لييج 3/3/1951، مجلة المصرف 1951، شرح ليزون، انظر ايضا : ايزمان، بونتو، رو : بند 148، بودينو : ص 136.
66) فابيا وصفا : ص 711، د. إدوارد عيد : ص 591.
67) استئناف باريس 17/6/1967، مجلة الحقوق البحرية 1968، ص 93 شرح بولوا.
68) انظر في ذلك : روديير وريف لانج : بند 363، بودينو : ص 178، ستوفليه : بند 134، د.علي عوض : بند 243 .
-------------------------------
ويرجى العمل عادة لدى المصارف على ان تستكتب المستفيد في حالة التسوية المشروطة اقرارا يتضمن ظروف العملية باكملها، منعا للمنازعات التي قد تنشا مستقبلا بهذا الخصوص (69).

4- قبول المستندات المخالفة مع تقديم ضمانة : اذا كانت المخالفة في المستندات المقدمة بسيطة ويعتقد المستفيد ان الامر بفتح الاعتماد سيتغاضى عنها ويقبل المستندات، فانه يعرض على المصرف تعهدا خطيا يضمن شخصيا بموجبه اعادة المبالغ المسلمة اليه للمصرف وتعويضه عن الضرر حين الاقتضاء فيما اذا رفض الامر المستندات. لكن المصارف تجنبا لكل خطر ينجم عن عدم ملاءة المستفيد فانها تطلب بدلا عن ضمانة المستفيد الشخصية، كفالة مصرفية. وحيث ان الضمانة تقدم عادة الى المصرف المنفذ للاعتماد، وهو على الغالب، المصرف المراسل الموجود في بلد البائع، فالراي الراجح على خلاف الفقه الانجليزي، على ان المصرف فاتح الاعتماد يستفيدان ايضا من هذه الضمانة والا كانت فرصة قبول الضمانة وتنفيذ الاعتماد ضئيلة (70).

5- رفض المستندات المخالفة أ- اذا قدر المصرف ان المخالفة الموجودة في المستندات وجيهة وعلى قدر كبير من الاهمية حيث لا يعتقد بان المشتري الامر بفتح الاعتماد سيقبل بها، فانه يقرر رفض استلام المستندات لعدم المطابقة. لكن يجب ان يكون هذا الرفض مؤسسا على ان المستندات المقدمة لم تتطابق مع شروط الاعتماد وتعليماته وليس مع شروط اخرى واردة في عقد البيع مثلا .

كما يلتزم المصرف فاتح الاعتماد بان يشعر دون إبطاء (71). المصرف المراسل الذي قدم المستندات والمستفيد مباشرة ان كان هو الذي قدم المستندات، بقراره بالرفض. واشترطت الاصول والاعراف الموحدة ان يكون هذا الاشعار برقيا او باية وسيلة سريعة اخرى ( مادة 16/ د).
---------------------------------
69) ستوفليه : بند 133، بودينو : ص 178.
70) د. علي عوض : بند 244 وما بعد، ستوفليه بند 133، بودينو : ص 178.
71) استئناف باريس 22/1/1981، مجلة الحقوق البحرية 1981، ص 479.
---------------------------------
ويجب ان يتضمن الاشعار بيانا بالمخالفات التي بسببها رفض المصرف المستندات، وليس له ان يلجا الى اسباب اخرى لتبرير رفضه اذا ما ظهر ان الاسباب الاولى غير مقبولة (72). وعلى المصرف ايضا ان يذكر في الاشعار بان المستندات المرفوضة محفوظة لديه تحت تصرف مقدمها او انها في طريقها اليه .

فان نفذ المصرف فاتح الاعتماد هذه الالتزامات حق له ان يطالب المصرف المراسل بكل المبالغ التي كان قد اداها اليه سابقا، اما اذا لم يعمل المصرف بالالتزامات المذكورة، كأن يتاخر في اعلان قراره بالرفض، او يرسل الاشعار بطريقة غير سريعة ( بالبريد مثلا )، او يرسله دون بيان الاسباب، او بدون ان يذكر فيه بان المستندات محفوظة لديه، او انها في طريقها الى مقدمها، فانه يفقد حقه بالادعاء بان المستندات لا تبدو مطابقة ظاهريا لشروط الاعتماد ويلتزم بالتالي بتسوية الاعتماد ( مادة 16/ و).

البحث الثالث
نقل المستندات الى الآمر بفتح الاعتماد

على المصرف ان يتلقى المستندات من البائع ويفحصها ويتاكد من مطابقتها لشروط الاعتماد، ان ينقلها الى المشتري الامر بفتح الاعتماد، وعليه  ان ينفذ هذا الالتزام على وجه السرعة وفي اقرب الاجال تحت طائلة تعرضه للمسؤولية عن التاخير (73).

ومصلحة المشتري في تسلم هذه المستندات بشكل عاجل ظاهرة، فبمقتضى المستندات يتمكن من استلام البضاعة في الوقت المناسب، ويتفادى ايضا دفع نفقات ورسوم اضافية بشانها، كرسوم الخزن والحراسة وغيرها. كما ان استلامه للبضاعة، عن طريق المستندات التي تمثلها، تمكنه من التحقق فيها اذا كان البائع قد نفذ الالتزامات المترتبة عليه بموجب عقد البيع ام لا حيث يخف عندئذ لاتخاذ ما يراه مناسبا للدفاع عن مصالحه في هذا الشان. 
-----------------------------
72) ايزمان، بونتو، بند 163، د. علي عوض : بند 299، وقد اكدت ذلك محكمة التمييز اللبنانية بقرارها المذكور سابقا، تاريخ 26/5/1971 بقولها : " وبما انه من الرجوع الى القرار المميز يتبين ان البنك العربي المحدود لم يثر مسالة عدم ارفاق بوليعة ضمان قبل اقامة الدعوى من قبل ستانتي بتكا، ولم يرسل بشانها، لا برقيا ولا باية طريقة سريعة اخرى، الاعلان المعلل الذي كان من واجبه ان يرسله بحسب ما تقتضي به القواعد والاعراف الموحدة، فان المصرف المذكور يكون قد فقد حق الاحتجاج بوسيلة الدفع هذه". انظر : محمد ديب : ص 144.
----------------------------
لكن قد يحدث ان يرفض المشتري استلام المستندات رغم مطابقتها لشروط الاعتماد، بسبب انخفاض قيمة البضاعة مثلا، او لانه لا تتوافر لديه السيولة النقدية التي تمكنه من تادية مبلغ الاعتماد والعمولة المتوجبة. فمن حق المصرف عندئذ ان يحتفظ بالمستندات بحوزته، كرهن، ضمانا لاسترداد كافة الحقوق التي تنشا له في ذمة المشتري نتيجة تنفيذه عملية الاعتماد المستندي، والفقه (73) والقضاء (75) مستقران على ان للمصرف، في حال عدم وصوله الى استيفاء حقه من المشتري الامر بفتح الاعتماد، وكأي دائن مرتهن، ان ينفذ على البضاعة ليستوفي حقه من ثمنها بالامتياز على من عداه، اما اذا هلكت البضاعة او تعيبت، فان حق الراهن ينتقل الى مبلغ الضمان ويستطيع المصرف ان يطالب شركة التامين به بموجب وثيقة الضمان التي يحوزها.

لكن ان يمارس المصرف حقه كدائن مرتهن، عليه ان يحتبس المستندات ولا يتخلى عنها للمشتري والا فقد حقه كدائن ممتاز (76) ومع ذلك نظرا لثقة المصرف بطالب الاعتماد او للضمانة التي يقدمها له، فان المصرف يعمل في اغلب الاحيان على تسليم المشتري المستندات كي يمكنه من استلام البضاعة وبيعها وتادية مبلغ الاعتماد بالتالي من قيمتها.

بقي ان نشير اخيرا الى ان مجرد حيازة المصرف للمستندات وحدها لا تخوله حق الرهن عليها. فهذا الحق يجب ان يستخلص من النص صراحة اثناء فتح الاعتماد، او من الاتفاق عليه ضمنا بحسب ما تدل عليه ظروف التعاقد، او بحسب ما جرى العرف عليه بذلك .

الفصل الثاني
العلاقة بين المصرف فاتح الاعتماد والمستفيد

ينشا عن وصول كتاب الاعتماد المرسل من المصرف فاتح الاعتماد الى المستفيد من الاعتماد التزامات متبادلة بينهما فالمستفيد يلتزم بتقديم المستندات المطلوبة، لان الدفع هو نظير المستندات ( فرع اول)، اما الصرف فيقع عليه التزام دفع قيمة الاعتماد. ( فرع ثاني).
----------------------------
73) استئناف باريس 22/1/1981 مشار اليه سابقا.
74) د. مصطفى كمال طه : بند 585، د. علي البارودي : بند 263، الاستاذ فياض عبيد : المحامون لعام 1982، ص 490.
75) جاء في قرار محكمة النقض السورية رقم 1098 تاريخ 13/10/1977، المحامون لعام 1977، ص 481 ما يلي : " وطالما انه يحق للمصرف احتباس البضاعة على سبيل الرهن وبيعها لاستيفاء مطلوبه من طالب فتح الاعتماد بصورة ممتازة من اصل ثمن البيع ……".
76) د.د. رزق الله انطاكي ونهاد السباعي : بند 440، حسن النجفي : ص 28، محمد ديب : ص 190.
-----------------------------

الفرع الأول
التزامات المستفيد إزاء المصرف فاتح الاعتماد 

الاصل ان المستفيد لا يحمل بأي  التزام تجاه المصرف فاتح الاعتماد. فله مطلق الخيار بألا يستعمل الاعتماد المفتوح لصالحه فيترك المدة المحددة لسريانه تنقضي دون ان يقدم على اية خطوة ايجابية باتجاه تنفيذه. كل ما في الامر انه قد يساءل على موقفه هذا من قبل الامر بفتح الاعتماد على اساس العلاقة التي تربطهما ( عقد البيع مثلا) والتي من اجل نفاذها تم فتح الاعتماد. وقد يعفى من هذه المسؤولية فيما اذا وجد ان المستندات المطلوبة في كتاب الاعتماد مغايرة لتلك التي تم الاتفاق عليها مع الامر بفتح الاعتماد، لا بل يكون له الحق بان يرجع على الاخير بمقتضى العلاقة التي تربطه والتي لا شان للمصرف بها (77).

اما اذا اراد المستفيد استعمال الاعتماد، فعليه ان يحترم الشروط الواردة في كتاب الاعتماد وذلك بان ينظم المستندات المطلوبة ويقدمها الى المصرف كاملة وسليمة خلال المهلة المحددة لذلك. وهذا مبدا ينطبق بشكل صارم لا مجال للتسامح فيه، فلو تخلف المستفيد عن تقديم المستندات خلال الاجل المضروب او تخلف عن تقديم احدها ولو كان ثانويا، او قدمت المستندات قبل بداية نفاذ الاعتماد، فانه يمتنع على المصرف تنفيذ الاعتماد .

وكذلك يلتزم المستفيد، باعتبار الاعتماد مفتوحا باسمه شخصيا، بعدم نقل حقه الناشئ عن كتاب الاعتماد الى شخص اخر. فتحويل مبلغ الاعتماد الى الغير، يجب ان ينص عليه بتعليمات صريحة في عقد فتح الاعتماد وكتاب الاعتماد. وان تم النص على ذلك، فالتحويل لا يقع الا مرة واحدة ( المادة 54 من الأصول والأعراف الموحدة ).

الفرع الثاني
التزامات المصرف فاتح الاعتماد تجاه المستفيد

في الاعتماد المستندي القطعي يلتزم المصرف فاتح الاعتماد التزاما مطلقا بان يدفع للمستفيد مبلغ الاعتماد عند تقديم المستندات المطلوبة في كتاب الاعتماد، والعبرة في نشأة هذا الالتزام هي بعلم المستفيد بمضمون كتاب الاعتماد حين وصله اليه.
----------------------------
77) حكم انه " اذا اشترط البائع ( المستفيد) ان الاعتماد يجب ان يبلغ برقيا ويجب ان تذكر فيه قابلية التقسيم والتحويل، فارسل في البريد ولم يتضمن شرط قابلية التقسيم والتحويل، فان الشاري ( الامر بفتح الاعتماد) يكون قد خالف شروط الاعتماد ويتحمل مسؤولية عدم التنفيذ". قرار محكمة استئناف بيروت رقم 1198 تاريخ 14/11/1970، مجموعة حاتم، جزء 113، ص 20.
----------------------------
ويتميز التزام المصرف اتجاه المستفيد بانه التزام مستقل عن العلاقة التي تربط الامر بفتح الاعتماد والمستفيد منه ( عقد البيع مثلا)، ومستقل ايضا عن علاقة عقد فتح الاعتماد بين الامر بفتحه ( المشتري) والمصرف.
1- استقلالية التزام المصرف عن عقد البيع : لما كان من اهم مبررات التعامل بالاعتمادات المستندية ضمان استيفاء البائع ثمن بضاعته المبيعة الى مشتر قد تفصله عنه الاف الكيلومترات، فان هذه الضمانة قد تتعطل اذا تم ربط تنفيذ الاعتماد بتنفيذ عقد البيع، اذ للمشتري في هذه الحالة ان يحول دون إتمام تنفيذ الاعتماد باثارته أي نزاع سواء أكان جديا ام غير ذلك .

في الواقع ان اساس نظام الاعتماد المستندي القطعي هو يبقى المصرف فاتح الاعتماد غريبا تماما عن عقد البيع. واستقلالية المصرف عن عقد البيع فرضتها الحاجة العملية لظروف المبادلات التجارية الدولية واقرتها، تبعا لذلك، الاصول والاعراف الموحدة في مادتها الثالثة بقولها : " الاعتمادات - بطبيعتها - تعتبر عمليات تجارية مستقلة عن عمليات البيع او العقود الاخرى التي تستند عليها، ولا تعتبر المصارف باية حال ذات علاقة بهذه العقود او الالتزام بها" وتطبيقا لذلك حكمت محكمة النقض المصرية بان " البنك الذي يقوم بتثبيت اعتماد مصرفي لوفاء ثمن صفقة تمت بين تاجرين لا يعتبر وكيلا عن المشتري في الوفاء للبائع بقيمة الاعتماد كما لا يعتبر ضامنا او كفيلا يتبع التزامه التزام عملية المشتري، بل يعتبر التزامه في هذه الحالة التزاما مستقلا عن العقد القائم بين البائع والمشتري يلتزم بمقتضاه الوفاء بقيمة الاعتماد متى كانت المستندات المقدمة اليه من البائع المفتوح لمصلحته الاعتماد مطابقة تماما لشروط الاعتماد (78).

ان ولاية المصارف محدودة في تلقي الوثائق والمستندات المشروطة في عقد فتح الاعتماد والمكررة بكتاب الاعتماد، وابداء الدفوع المتعلقة بها فقط، فالاعتماد يؤدي الى تطهير الدفوع المتعلقة بعملية البيع (79) التي كانت اساسا لفتح الاعتماد. وعلى هذا يظل التزام المصرف قائما تجاه المستفيد البائع ولو شاب عقد البيع عيبا يؤدي الى بطلانه او فسخه (80)، لانه لو امتنع المصرف عن الدفع للبائع في هذه الحالة فانه سيكون ذلك تنفيذا لتعليمات جديدة وردته من المشتري وهو الامر الذي يمتنع على الاخير القيام به بعد فتح الاعتماد وارسال الاعتماد للمستفيد منه (81). ويختلف الامر عن ذلك فيما لو تقرر بطلان عقد البيع مثلا قبل تقديم المستفيد المستندات الى المصرف، اذ يحق للاخير في هذه الحالة الامتناع عن قبول هذه المستندات وعن دفع قيمة الاعتماد، فالبطلان المذكور لا يؤدي الى حل المشتري من التزامه بدفع الثمن فقط بل وكذلك المصرف ايضا، اذ ان التزامه يصبح والحالة هذه بدون سبب (82) .

2- استقلالية التزام المصرف تجاه المستفيد عن عقد فتح الاعتماد : لا يتاثر تنفيذ التزام المصرف تجاه المستفيد بما قد يطرا من ظروف في علاقة المصرف بزبونه القائمة على عقد فتح الاعتماد. فالمصرف يلتزم بمقتضى كتاب الاعتماد الذي ابلغه للمستفيد منه. لذلك ليس له ان يرجع تعهده بالدفع متعللا ببطلان فتح الاعتماد او فسخه(83) او تلقيه تعليمات صدرت اليه من زبونه بتعديل الاعتماد او الغائه، او بسبب حقوقه تجاه الاخير اصبحت مهددة بسبب افلاسه. ويذهب الاستاذ الفرنسي جورج ماريه الى انه في حالة افلاس المشتري، يستطيع المصرف ان يقيد في حساب المذكور مبلغ الاعتماد الذي تعهد بدفعه ولو ان البائع لم يستعمله بصورة فعلية (84).

تجدر الاشارة اخيرا الى ان المستفيد قد يشترط على الآمر بفتح الاعتماد ان يقوم مصرف مراسل بتاييد الاعتماد المفتوح. وحينئذ ينشا في ذمة المصرف المراسل المؤيد التزام شخصي ومباشر على عاتقه تجاه المستفيد الى جانب التزام المصرف الاصلي الفاتح للاعتماد. ويتميز التزام المصرف المراسل بذات خصائص المصرف الفاتح من حيث عدم الرجوع فيه والاستقلالية. كما يتميز باستقلاله عن التزام المصرف الاخير ذاته. وهكذا يعد الاعتماد المستندي المؤيد اقوى انواع الاعتمادات المستندية ضمانة بالنسبة للمستفيد منه، بحيث يمكنه من مطالبة المصرف المراسل مباشرة وهو الوضع الايسر له باعتبار المصرف المراسل يكون عادة في بلده، او مطالبة المصرف فاتح الاعتماد وذلك بحسب الاحوال .

1) تستعمل كلمة الائتمان او الاعتماد للتدليل على ثقة المصرف بزبونه بمنحه قرضا او وعدا بقرض او بكفالته بدين عليه للغير، انظر مصطفى كمال طه : القانون التجاري، الاسكندرية، 1980، بند 571.
2) عرف قانون التجارة في العراق ( مادة 381) والكويت ( مادة 367) عقد الاعتماد المستندي بانه " عقد يتعهد المصرف بمقتضاه بفتح اعتماد بناء على طلب احد عملائه ( الآمر بفتح الاعتماد) لصالح شخص اخر (المستفيد) بضمان مستنفدات تمثل بضاعة منقولة او معدة للنقل".
قارن تعريفات اخرى : د. د رزق الله انطاكي ونهاد السباعي : المصارف والاعمال المصرفية، دمشق 1958، بند 420، د. علي عوض : الاعتمادات المستندية، القاهرة، 1982، بند رقم 5، د. علي البارودي : العقود وعمليات البنوك التجارية، بند 262، د.د فابيا وصفا شرح قانون التجارة اللبناني الجزء الاول، ص 689، محمد ديب : الاعتماد المستندي، البيع سيف ومسؤولية الناقل البحري، طرابلس 1980، ص 69.
3) ومع ذلك فلا شيء يمنع من استخدام الاعتماد المستندي لتسوية بيوع على بضاعة تنقل بغير طريق البحر، او بيوع تتعلق بالتجارة الداخلية ما دامت سندات النقل المعدة في هذه الحالات تمثل البضاعة المنقولة. انظر : رينيه روديير وريف لانج، الحقوق المصرفية، الطبعة الثانية، باريس 1975، ص 416، هامش رقم 2، د. علي البارودي،  ص 372، هامش رقم 1، د. علي عوض، ص 12، هامش رقم 1.
4) فياض عبيد : الاعتمادات المستندية بين العرف والقانون. مجلة المحامين، دمشق، العدد 5 لعام 1982، ص 483.
5) د. مصطفى كمال طه : الاوراق التجارية، العقود التجارية، عمليات البنوك، الافلاس، الاسنكدرية، 1980، بند 579 .
6) د. زياد رمضان : ادارة الاعمال المصرفية، دراسة تطبيقية في الاردن، عمان 1977، ص 144 وما بعدها.
7) د. علي البارودي : بند رقم 262، محمد ديب : ص 75. 
8) بخلاف ذلك، ذهب المشرع التجاري العراقي عندما قضى في الفقرة الثانية من 383 بان الاعتماد يكون باتا ما لم يتفق صراحة على قابليته للالغاء .
9) لكن نظرا لما يوحيه تعزيز الاعتماد من عدم الثقة بالمصرف فاتح الاعتماد. فان بعض المصارف العالمية الكبرى لا تقبل بسهولة ان يؤيد اعتماداتها مصارف اخرى، انظر في ذلك : د. علي البارودي، ص 377 هامش رقم 1.
10) من التشريعات العربية التي قننت احكام الاعتماد المستندي، انظر القانون التجاري التونسي لعام 1959، المواد من 320 -727، القانون التجاري العراقي لعام 1970، المواد 381 وما بعدها، القانون التجاري الكويتي لعام 1980، المواد من 367-377.
11) ذكرت محكمة التمييز اللبنانية بقرارها رقم 39 تاريخ 4ء4ء1968 ما يلي : " ان العقد الناشئ عن فتح اعتماد مصرفي عقد مبني على اعراف التجارة الدولية التي ترعى كيفية انشائه واثاره، وهذه الاعراف تقرها جميع المحاكم عبر العالم دون حاجة لها بان تردها الى تشريعاتها الداخلية، او تستنبط بالضرورة من هذه التشريعات ما يبررها، اذ انه يتكون من الاعراف بحد ذاتها قانون غير مكتوب يفترض بالقاضي ان يعلم به العمل الذي له بسائر القوانين، مشار اليه في مؤلف الاستاذ محمد ديب، ص 79.
----------------------------
12) لمزيد من التفصيل حول هذه التعديلات، انظر الاستاذ حسن النجفي، التطبيقات الجديدة للاعتمادات المستندية، طبعة ثانية، بغداد، 1976، ص 5 وما بعدها.
13) لكن نظرا لشيوع سريان الاصول والاعراف الموحدة في كثير من البلدان، فان بعض الفقه والاجتهاد يرى بانطباق الاعراف المذكورة على كل اعتماد ما لم يتفق صراحة على استبعادها عملا بنص المادة الاولى من هذه الاصول : انظر جوتردج ومجرا، مشار اليهما من قبل الدكتور علي عوض، ص 31، هامش رقم 6، ومحكمة التجارة باريس 8/3/1967، مجلة الحقوق البحرية الفرنسية، 1976، ص 558، قارن مع ذلك روديير وريف لانج : بند 353، ستوفليه : بند 8.
14) انظر مثلا مطبوعات المصرف التجاري السوري، باللغتين العربية والاجنبية التي تحيل بكل صراحة ووضوح الى هذه القواعد الموحدة، وانظر كذلك على سبيل المثال مطبوعات البنك الاهلي التجاري بالمملكة العربية السعودية التي تقدمها لزبائنها بشان طلب فتح اعتماد مستندي والتي تشير الى : " اننا نقر ان هذا الطلب والاعتماد الذي يصدر بموجبه يخضعان للقواعد والعادات المرعية للاعتمادات المستندية المتفق عليها في الغرف التجارية العالمية".

15) اذا كان الاصل ان المصرف لا يتدخل في هذه المعلومات، فان العمل قد جرى، تفاديا لاي سوء فهم في التنفيذ، على الزام المصرف بتوجيه الزبون الى عدم الاغراق في التفاصيل اثناء فتح الاعتماد او اثناء اجراء أي تعديل عليه ( انظر المادة الخامسة من الاصول والاعراف الموحدة لعام 1984).
19) مع ذلك يجوز للمصرف الا يتاخر في عملية التبليغ ريثما يتقاضى من المشتري الامر بفتح الاعتماد العمولة المتوجبة، او ريثما تقدم اليه الضمانات التي اشترطها في عقد فتح الاعتماد، او حتى تصله الايضاحات التي طلبها منه المشتري او كان في تعليماته نقص او غموض، انظر د. علي عوض : ص 63، هامش رقم (2).
20) استئناف اكس 28/5/1957، مجلة الحقوق البحرية الفرنسية 1958، ص 334.
78) نقض مصري رقم 402 تاريخ 20/2/1928، ورقم 414 تاريخ 15/4/1954، انظر د. احمد حسني النقض التجاري في خمسين عاما، الإسكندرية، 1982، ص 33.
79) د.د. رزق الله انطاكي ونهاد السباعي : بند 441.
80) ينتقد البعض هذا الاتجاه بقوله : ان الغرض من فتح الاعتماد هو تعهد المصرف بدفع الثمن للبائع، فاذا كان هذا الثمن غير مستحق، فان تعهد المصرف بالدفع يفقد سبب وجوده، أي انه اذا زال البيع زال الاعتماد. من اصحاب هذا الراي : هينن وآخرون ثم ذكرهم لدى الدكتور علي عوض : هامش رقم 4، ص 107، والدكتور احمد حسني : هامش 802، ص 399.
81) د. احمد حسني : بند 438، مصطفى كمال طه : بند 589.
82) ريبير وروبلو : بند 2464، د. إدوارد عيد : ص 601.
83) د. علي البارودي : ص 384، د. احمد حسني : بند 359، د. إدوارد عيد : ص 599.
84) جورج ماريه : ص 11.
-----------------------------

 * مجلة المحاكم المغربية، عدد 66، ص 13.

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : مقالات قانونية عربية