-->

خطة العدالة، وكيفية تحرير الشهادة

محكمة الاستئناف بالدار البيضاء غرفة المشورة 
قرار رقم 459 - صدر بتاريخ 28/2/92 - في الملف عدد 1830/91


حماية من المشرع،  للمتشهدين ولطبيعة العمل التوثيقي، فقد نص في الفصل 24 ظهير 5/5/82، والفصل 14 مرسوم 18/4/83، المتعلقين بتنظيم خطة العدالة، وكيفية تحرير الشهادة، على وجوب التلقي الفوري الثنائي للشهادة، وان تحرر فورا وتوقع من طرف متلقيها سواء ثم الاشهاد الثنائي في ان واحد، ام لا .
وان العدل الذي تلقى الشهادات، ولم يوقع عليها جميعها فور تلقي الاشهاد، يكون قد خرق مقتضيات الفصلين المذكورين، وتحدد في حقه عقوبة الفصل 18 من ظهير 6/5/82.

باسم جلالة الملك
بناء على ملتمس السيد الوكيل العام للملك لدى هذه المحكمة المؤرخ في 11/6/91 القاضي باحالة العدل المذكور اعلاه على غرفة المشورة لدى هذه المحكمة بقصد متابعته من اجل مخالفة عدم التوقيع باخر الشهادات المضمنة بمذكرة الحفظ رقم 5 الخاصة بالعدل السيد مولاي احمد الخليفة تحت الارقام 105-106-107-108-109-110-111-112-113-114- 115-116-117-118-119-120-121-122-123،
وبناء على الفصل 17 من ظهير 6 مايو1982 المتعلق بتنظيم خطة العدالة وتلقي الشهادة وتحريرها .
وبناء على تقرير المستشار المقرر الذي لم تقع تلاوته بالجلسة باعفاء من الرئيس وعدم معارضة الاطراف .
وحيث يؤخذ من ملتمس النيابة العامة والوثائق المرفقة به انه اثناء زيارة تفقدية انجزت من طرف وزارة العدل لقسم التوثيق بالمحكمة الابتدائية بعين الشق الحي الحسني بالدار البيضاء اكتشف ان العدل السيد احمد الغازي لم يوقع بمذكرة الحفظ رقم 5 الخاصة بالعدل السيد مولاي احمد الخليفة اسفل مجموعة من الشهادات وهي ذات الارقام المشار اليه اعلاه متتابعة من رقم 105 الى 123.

وحيث تم استدعاء العدل المذكور امام غرفة المشورة بتاريخ 13/9/91 واخرت القضية لعدم توصله لعدة جلسات اخرها جلسة 14/2/92 والتي حضر بها العدل المتابع مؤازرا بدفاعه الاستاذ محمد الغالي العلمي وسبق ان بلغ المتابع بنسخة من من ملتمس الاحالة وادلى الاستاذ محمد الغالي العلمي بمذكرة دفاعية تسلمت منها السيدة ممثلة النيابة العامة نسخة واكدت ملتمس النيابة العامة الرامي الى معاقبة العدل المتابع بالاقصاء المؤقت عن العمل لمدة سنتين.

واوضح الاستاذ الغالي العلمي بعض النقط الواردة في مذكرته الدفاعية، وقد جاءت هذه المذكرة متضمنة اوجه الدفاع التالية :
1) ان مقتضيات الفصل 14 من مرسوم 18/4/83 لا يمكن التوسع في تفسيرها وانها لم تحدد تاريخ توقيع العدلين، بدليل ان الفصل المذكور لم ينص على التوقيع الفوري حين نص على البيانات الواجب توفرها في الشهادة.
2) انه لا وجود لاي نص قانوني بالمرسوم المذكور يوجب التوقيع الفوري للعدل العاطف بمذكرة الحفظ للعدل المعطوف عليه - بدليل ان المشرع لم يشترط تقديم مذكرة الحفظ للقاضي المكلف بالتوثيق عند المخاطبة على كل رسم على حدة وان عدم استكمال مذكرة الحفظ للعدل المعطوف عليه يبقى المجال مفتوحا للعدل العاطف للتوقيع خاصة وان القانون نص على الصلاحيات المخولة لقاضي التوثيق لمراقبة تصرفات العدول، وان عدم تقديم أي تقرير بوقوع مخالفة يؤكد ان باب التوقيع لا يقفل الا عند ملء مذكرة الحفظ وختمها وان التوثيق لم يؤكد واقعة الانتهاء هذه فلا تكون هناك مخالفة.
3) ان الفصل 24 من ظهير 6/5/82 لا ينص على التوقيع الفوري للعدل العاطف في مذكرة الحفظ للعدل المعطوف عليه، كما ان الفصل 14 من مرسوم 18/4/83 لا يوجب التوقيع الفوري.
4) ان ظهير 6/5/82 ومرسوم 18/4/83 شرعا لحماية حقوق المتشاهدين، وهذه الحماية لا يوفرها التوقيع الفوري بقدر ما يوفرها الفصل 11 من المرسوم الذي يلزم القاضي المكلف بالتوثيق الخطاب على الشهادة المقامة في دائرة اختصاصه داخل اجل ثمانية ايام.

وانه حتى في حالة وفاة العدل او زوال صفة الانتصاب عنه من خطة العدالة او اذا ما عاقه عائق  - فان قاضي التوثيق - بناء على طلب ذوي المصلحة - يكلف عدلين للتعريف به مع تضمين المستندات وهي الشهادة في رسم التعريف بناء على الفصل 17 من المرسوم  - وان هذه الحماية مكفولة بنص القانون وان العدل المتابع سلم الرسوم لاصحابها بعد خطاب القاضي عليها - ويدلي بصور الرسوم المسلمة لاصحابها والمتعلقة بموضوع المتابعة .

5) ان مقتضيات الفصل 18 من ظهير 6/5/82 تدرجت في العقوبات من الانذار الى العزل، وان العارض له ثقافة مهمة وزوال خطة العدالة ببلاد الهجرة وداخل وطنه، وان له وضعية اجتماعية خاصة اذ هو اب لخمسة ابناء على نفقته ويسكن في شقة بالكراء.

واكدت مذكرة الدفاع في الاخير الى ان صاحبها يطالب برفض ملتمس النيابة العامة للاسباب اعلاه، واحتياطيا الحكم بالاكتفاء بانذاره او توبيخه نظرا لعدم سوابقه ولوضعيته الاجتماعية والثقافية وسلوكه القويم.
وحيث انه بعد ان اكد الاستاذ العلمي محمد ما جاء في مذكرته بتفصيل تقرر اعتبار القضية جاهزة حيث ادرجت في المداولة لجلسة 28/2/92.

وبعد المداولة طبقا للقانون من طرف نفس الهياة المكونة لغرفة المشورة والتي شاركت في مناقشة القضية وادرجتها في المداولة .
حيث ثبت من صورة مذكرة الحفظ عدد 5 للعدل السيد مولاي احمد الخليفة المدلى بها من طرف النيابة العامة صحبة ملتمسها الرامي الى الاحالة عدم توقيع العدل المتابع بصفته كعاطف في اسفل الرسوم المشار اليها في الملتمس المذكور، وان اوجه الدفاع التي تقدم بها العدل المتابع بواسطة محاميه تسلم بثبوت هذه الواقعة مادامت تناقش مسالة التوقيع الفوري من عدمه، مما كانت معه واقعة عدم التوقيع اسفل الرسوم قبل الزيارة التفقدية لوزارة العدل ثابتة في حق العدل المتابع .

وحيث تذرع العدل المتابع بواسطة دفاعه بكون ظهير 6/5/82 ومرسوم 18/4/83 المتعلقين بتنظيم خطة العدالة وكيفية تحرير الشهادة لا يوجبان توقيع العدل العاطف الفوري مع العدل المعطوف عليه عند تلقي هذا الاخير للاشهاد وتضمينه بمذكرة الحفظ الخاصة به وبنى دفاعه على اسباب اربعة ذكرت اعلاه، ترى غرفة المشورة بالنظر لسبق تقريرها في قرارات سابقة صادرة عنها ضرورة التوقيع الفوري البت فيها على الشكل التالي :
1- ان عدم ذكر التوقيع الفوري من جملة البيانات الواجبة التضمين في منطوق الفصل 24 من المرسوم لا يعني ان التوقيع الفوري غير واجب ذلك ان فصول القانون تكمل بعضها للبعض فيما يتعلق بكل نازلة تعرض على القضاء.
2- ان عدم تقديم أي تقرير بمخالفة العدل المتابع من طرف السيد القاضي المكلف بالتوثيق عند المخاطبة على كل رسم على حدة لا تعنيان ان القانون - لم يشترط التوقيع الفوري للعدل العاطف، ذلك انه بالنسبة للنقطتين اعلاه المستدل بهما من طرف العدل المتابع، فالفصل 29 من ظهير 6/5/82 ينص على تكتب الشهادة تحت عهدة العدلين في وثيقة واحدة، ومعنى ذلك ان عدم التوقيع الفوري او غيره مما يمكن ان يكون قد تخلل الوثيقة رغم عدم تقديم التقرير بالمخالفة او تقديم المذكرة للقاضي يبقى على عهدة ومسؤولية العدلين .
3- ان احكام الفصلين 24 من ظهير 6/5/82 و14 من مرسوم 18/4/83 توجبان بصريح النص ضرورة التوقيع الفوري المستفادة من العبارات الواضحة للنصين المذكورين وذلك حسبما سياتي بيانه فيما بعد .
4- ان ضرورة التوقيع على الشهادة المقامة من طرف القاضي المكلف بالتوثيق في ظرف اجل ثمانية ايام من تاريخ تلقيها لا يوفر وحده الحماية الواجبة للمتشاهدين، ذلك ان الثمانية ايام المذكورة لا تمنع من وفاة العدل العاطف، كما ان التعريف بالعدل المتوفى او الذي زالت عنه صفة الانتصاب او عاقه عائق عن الاداء لا يكون الا اذا اثبت العدل المذكور الشهادة بصفة قانونية واثبتها في مذكرة الحفظ. أي ان يكون تضمين الشهادة بمذكرة الحفظ بخط يمينه هو لا بخط يمين المعطوف عليه.

وحيث انه بعد ان تبين ان اوجه الدفاع المشارة لا تنفي وجوب التوقيع الفوري للعدل العاطف بمذكرة الحفظ للعدل المعطوف عليه يتعين البت في مدى ثبوت المخالفة المنسوبة للعدل المتابع من حيث مدة وجوبية التوقيع الفوري.
وحيث ان الفصل 24 من ظهير6 مايو1982 المنظم لخطة العدالة وتلقي الشهادات وتحريرها ينص على ما يلي " يتلقى الشهادة عدلان منتصبان للاشهاد في ان واحد".
غير انه يسوغ للعدلين عندما يتعذر عليهما تلقي الاشهاد مثنى في ان واحد يتلقاه فرادى في آماد متفاوتة، الا اذا نصت مقتضيات خاصة على خلاف ذلك.
يجب على العدلين في حالة التلقي الفردي ان ينصا على تاريخ تلقي الاشهاد بالنسبة لكل منهما مع الاشارة الى سبب ذلك .
وحيث ان هذا الفصل يتضمن القاعدة التالية : " وجوب التلقي الفوري الثنائي وفي حالة العكس بيان الاسباب الواجبة التي لم تمكن العدل من هذا التلقي مثنى وفي ان واحد".

وهذه القاعدة اكدها وبين كيفية سلوكها من طرف العدول مرسوم 18/4/83 بشان تعيين العدول ومراقبة خطة العدالة وحفظ الشهادات وتحريرها وذلك في فصله 14 الذي نص : في فقرته الاولى على ما يلي :
يتلقى العدلان الشهادة اولا في مذكرة الحفظ على ان تدرج في مذكرة احدهما فقط اذا وقع التلقي في ان واحد، وفي مذكرة كل واحد منهما اذا وقع التلقي فرادى في آماد متفاوتة.

وحيث ان ادراج الشهادة بمذكرة الحفظ معناه تحريرها وتوقيعها من طرف صاحبها فور تلقي الاشهاد ذلك في مذكرة الحفظ هي نقطة البداية بالنسبة للشهادة واساسها فيتعين حماية لحقوق المتشاهدين لان تحرر فورا وتوقع من متلقيها سواء ثم الاشهاد الثنائي في ان واحد ام لا وهو عين ما يرميه المشرع في الفصلين المذكورين اعلاه. وذلك حماية منه للمتشاهدين ولطبيعة العمل التوثيقي.

وحيث تحمل الحيثيات اعلاه في تفسير الفصلين 24 من ظهير 6/5/82  و14 من مرسوم 18/4/83 من ان المشرع اوجب التوقيع الفوري من طرف العدلين معا حال تلقي الاشهاد بصفة ثنائية .
وحيث ان العدل المتابع يؤكد ان تلقي الشهادات موضوع المتابعة بعدم توقيع العدل العاطف قد تم الاشهاد فيها كلها بصفة ثنائية وبتالي فهي لم تحرر الا بمذكرة الحفظ .

وحيث انه كان عليه والحال هذه وحسب مقتضيات الفصلين 24 و41 المذكورين اعلاه ان يوقع فور تلقي الاشهاد عليها جميعها وبالتالي وبعدم قيامه بذلك يكون قد خرق مقتضيات الفصلين 24 من ظهير 6/5/82 والفصل 14 من مرسوم 8/4/83.
وحيث ان المخالفة المنسوبة للعدل المتابع ثابتة في حقه .
وحيث يتعين تحديد العقوبة في حقه طبقا للفصل 18 من ظهير 6/825.

لهذه الاسباب 
ان محكمة الاستئناف بالدار البيضاء وهي تبت سريا في غرفة المشورة نهائيا تقضي بمؤاخذة السيد احمد الغازي بما نسب اليه ومعاقبته بالاقصاء المؤقت عن العمل لمدة شهرين وبتحميله الصائر .
بهذا صدر القرار بغرفة المشورة في اليوم والشهر والسنة اعلاه دون ان تتغير الهيئة التي كانت متكونة منها .

* مجلة المحاكم المغربية،  عدد 66، ص 189.

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : اجتهادات قضائية