-->

جواز الخلع بالإنفاق المحدود

محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الغرفة الشرعية
القرار رقم 756 - تاريخ 20/6/1990 - ملف شرعي عدد 1035/89


المبدأ:
إضرار الزوج بزوجته يثبت اما بشهادة عدلين او اكثر، او بالسماع الفاشي المستفيض، مع تضمين الشهود بشهادتهم كونهم لا يعلمون بان المضر رجع عن الاضرار بصاحبه، واقلع عنه
الشهادة الخالية من مثل هذا التضمين لا يعمل بها.
جرى العمل بجواز الخلع بالإنفاق المحدود الأجل كأربع سنين او خمس بعد مدة الرضاع او الى سقوط الفرض عنه شرعا، بدليل قول المتحف:

والخلع بالإنفاق محدود الأجل                        بعد الرضاع بجوازه العمل

من ادعى الملا و تحمل بدين او خلع، لا يقبل منه ادعاء الفقر، ولا تنفعه بينة العدم، إلا اذا اثبت ان هذا العجز قد حصل وطرأ عليه بعد ذلك.


قضية السيد مكوار محمد
ضد
السادة الادريسي امال وادريس

باسم جلالة الملك
في الشكل: 
حيث تقدم السيد مكوار محمد بواسطة محاميه الأستاذ الخالدي عبد العزيز بمقال استئنافي مؤدى عنه بتاريخ 10/3/89 يطلب فيه استئناف الحكم الصادر عن ابتدائية البيضاء بتاريخ 16/11/1988 عدد3994 والقاضي بالإشهاد على عسر المدعية ووالدها بتحمل نفقة الولدين عبد السلام وخالد وبأداء المدعى عليه للمدعية واجب نفقة الطفلين المذكورين بحسب سبعمائة درهم في الشهر لهما معا ابتداء من تاريخ المقال4/5/1987 الى تاريخ النطق بالحكم16/11/1988 مع النفاذ المعجل والصائر على المدعى عليه.

وحيث ان الحكم المذكور بلغ للعارض بتاريخ21/2/89 حسب طي التبليغ المرفق بالمقال.
وحيث ان الاستيناف المذكور جاء مستوفيا للشروط الشكلية المتطلبة قانونا وأجلا واداء ومصلحة مما يتعين معه التصريح بقبوله شكلا.

وفي الجوهر:
أولا- في المرحلة الابتدائية:
حيث تفيد وثائق الملف ان السيدة الدريسي أمال تقدمت بواسطة نائبها الأستاذ جعفر محمد بمقال افتتاحي الى ابتدائية البيضاء عرضت فيه انه سبق ان كانت زوجة للسيد مكوار محمد منذ تاريخ 27 دجنبر1974 الى تاريخ 15/8/1978، وقد أنجبت منه خلال مدة الزوجية المذكورة ولدين هما عبد السلام وخالد، وقد تعرضت طيلة تلك المدة لأضرار وتعسفات لم ينفع معها الا ان اختلعت منه بتاريخ15/8/1978  وتحمل والدها بالنفقة على الولدين، وان والدها كان وقت الخلع ميسور الحال نسبيا الا انه الآن تقاعد من الخدمة وتعرضت أجرته الى النقص ولم يعد قادرا على القيام بتوفير العيش له وللاقربين من أسرته فضلا عن ان ينفق على الولدين المذكورين، وان العارضة لا عمل لها ولا دخل، وقد اصبح الولدان في ضيق من العيش، وتضاعفت مصاريفهما، وتعرضت لنصوص الفصول126 و132 و65 و82 من مدونة الاحوال الشخصية، كما تعرضت لقول فقهاء المذهب في مسالة الخلع بالنفقة خاصة بعد الحولين، وخلصت في الأخير الا ان النفقة ساقطة عنها لإعسارها وان والد المحضونين ميسور الحال، والتمست التصريح بالإشهاد على اعسارها، والحكم بفرض نفقة الولدين على والدهما مكوار محمد في مبلغ خمسمائة درهم شهريا لكل واحد منهما، وذلك من تاريخ ما بعد حولي الرضاع كما التمست تبليغ المقال المذكور الى المدعى عليه مكوار وبحضور والدها الدريسي ادريس.

وأجاب والدها الدريسي ادريس بواسطة نائبه الأستاذ رشيد الصقلي بمذكرة جوابية، أوضح فيها انه صحيح ان الخلع قام على اساس تحمل العارض عن ابنته نفقة ابنيها وذلك عتقا لها من الاضرار التي تحملتها من زوجها مكوار محمد، وان ظروف الحال يوم ذاك كانت مساعدة للعارض على تحمل نفقة بنته ونفقة ابنيها سيما وهما لا يزالان في طور الرضاع، وان ظروفه قد تغيرت لتقاعده عن العمل وتقلص أجرته الى قدر لا يفي بأبسط تحملاته العائلية الخاصة، وان أقوال فقهاء الإسلام المعتمدة تقول بعدم جواز الاشتراط في الخلع على نفقة الولد بعد حولي الرضاعة، والعارض تولى الإنفاق- رغمه -  مدة عشر سنوات، وارفق مذكرته بشهادة تقاعد وشهادة أجرته كل ثلاثة اشهر وشهادة الإعفاء من الضرائب وتوصيل اداء الكراء لشهر يناير1988.

وأجاب المدعى عليه بان المدخل في الدعوى تحمل نفقة الولدين الى حين سقوط الفرض عليهما، وان من التزم شيئا لزمه، وان والد المدعية وان والد المدعية وان أدلى بما يفيد تقاعده لم يثبت عسره، ذلك ان العسر يعني عدم القدرة على الإنفاق بصفة مطلقة، وبالرجوع الى رسم الخلع يتبين منه ان والد المدعية لم يلتزم بالإنفاق الى حين إحالته على التقاعد او تعليق الإنفاق على شرط فاسخ.

وبعد ان تبودلت الردود واطلع كل واحد من الأطراف على الحجج، اصدر قاضي النازلة ابتدائيا حكمه المذكور منطوقه أعلاه بتاريخ16/11/1988 مستندا على ان العلاقة الزوجية بين الطرفين انتهت بطلاق خلعي حسب الرسم المضمن بعدد(11) ص72 تاريخ غشت سنة1978 توثيق البيضاء، والذي تحملت فيه المدعية صحبة والدها بالإنفاق على الطفلين وان المدعية أثبتت إعسارها عن الإنفاق بمقتضى لفيف الاحتياج عدد2404 ص 142 تاريخ 22/4/87 الذي يفيد شهوده بكون المدعية ليس لها أي ملك وأنها عاطلة عن العمل وليس لها أي دخل، كما ادلت بشهادة الإعفاء من الضرائب المؤرخة في 20/4/1987 وشهادة الاحتياج المؤرخة في 24/3/1987، وانه بالرجوع الى الفصل65 من م.ح. ش.

يتبين انه لا يجوز الخلع بشيء تعلق به حق الأولاد اذا كانت المرأة معسرة، وان والد المدعية المدخل في الدعوى الطالب تحلله من التزامه لطلبه هذا ما يبرره بالنظر الى انه لا يتقاضى سوى مبلغ : 2738,70 درهم) خلال كل ثلاثة اشهر حسب الشهادة الصادرة عن المدير العام لصندوق الضمان الاجتماعي والمؤرخة في 4/2/1988، وبالنظر كذلك الى ضعف حالته المادية حسبما يتبين من الموجب العدلي للضعف المسجل بعدد 3447 ص203 توثيق الأحباس البيضاء وحسب شهادة الإعفاء من الضريبة المؤرخة في 1/2/1988، وانه بذلك يدخل في عداد المعسر عن النفقة لكون  واجب التقاعد المذكور ان يفي حتى بأبسط متطلباته فبالأحرى متطلبات الطفلين.

ثانيا- في  المرحلة الاستينافية:
وحيث أفاد المستانف الأصلي مكوار محمد في اوجه استينافه الآنف الذكر انه بالرجوع الى نظير الخلع، يتضح ان المستانف عليها تحملت هي ووالدها بنفقتي الطفلين عبد السلام وخالد الى حين سقوط الفرض عنهما شرعا، وان ولي المال والد المستانف عليها وهو المتحمل بنفقة الولدين لم يثبت عسره انه لم يشترط بان يلتزم بالإنفاق الى حين إحالته على التقاعد، ثم انه أدلي ببيانات خاطئة للمحكمة، ذلك انه فعلا كان يشتغل لدى مطبعة النشر والتوزيع وتقاعد حسب تصريحه الا انه الآن يعمل ومساهم في مطبعة أخرى تحمل اسم المطبعة السريعة الكائنة ب33 زنقة بلاي الدار البيضاء ، وان تذرعه بالإعسار تفنده الوقائع وقد التزم فيلزمه ما التزم به، والتمس اساس إلغاء الحكم المستانف بعد التصدي الحكم برفض الطلب واحتياطيا وفي حالة اعتبار إعسار  الادريسي ادريس تحديد نفقة الطفلين وفق ما استقر عليه اجتهاد المحكمة، نظرا لكون العارض مجرد وسيط في بيع  الأحذية وله دخل محدود وغير قار.

وحيث ادلى الأستاذ جعفر محمد نيابة عن السيدة الدريسي امال بمذكرة جوابية صحبة استيناف فرعي مؤدى عنه بتاريخ 6/6/1990، وقد جاء مستوفيا للشروط الشكلية المتطلبة قانونا الشيء الذي يتعين معه التصريح بقبوله شكلا، وقد جاء  في وجه استينافها الفرعي الوحيد أنها تنعى على الحكم المستانف عدم كفاية مبلغ النفقة المقضى به لان الولدين اصبحا غلامين، وان  نفقتهما زادت من حيث سنهما ومن حين دراستهما، وان تقدير النفقة يراعي فيه يسر الزوج وحال الزوجة ( ف119 من م.ح. ش)، فالزوج موسر كما توضحه الحجج المدلى بها ابتدائيا واستينافيا، وسردت الحجج المذكورة  ثم خلصت الى انه يتعين الحكم بالنفقة عن المدة الفاصلة بين تاريخ الحكم المستانف وتاريخ القرار الاستينافي المنتظر صدوره.

وحول جوبها عن الاستيناف الأصلي أوضحت ان اختلاعها من المستانف لم يكن الا حيلة منها للفكاك  من الضرر المبرح الجسيم الذي كانت قد تعرضت له طيلة الأيام التي عاشتها زوجة له، وهو ما تؤكده الشكايات الجنحية المرفوعة به والشهادات الطبية المنجزة، والرسم العدلي المشهود فيه على المستانف نفسه بالتزامه بالامتناع عن الاضرار بالعارضة من حيث سجنه لها وإغلاق باب الدار عليها ومنعها من زيارة تهلها وزيارتهم لها، واستشهدت بنصوص فقهية في شرح قول خليل" ورد المال" وأضافت ان مفهوم التزام الزوج وإشهاده ان العارضة كانت سجينة الدار ممنوعة من الخروج لحاجتها او زيارة أقاربها لما عدا ما تشهد به الشهادات الطبية من ضرر مبرح، وأنها لما خالعت كانت معسرة إعسارا بينا وان تدخل والدها وتحمله بالإنفاق كان على وجه الرجوع، ومادام الخلع باطلا فان الضمان ساقط ثم ان الخلع - حسب أقوال الفقهاء  - لا يجوز بالنفقة على  الولد لما بعد حولي الرضاعة ، والفقه يقضي أيضا بان الحاضنة المتحملة بالفرض اللازم لمحضونها ان أعدمت يعود الفرض على ابيه.

وان تركيز المستانف دفوعه على ضمان الوالد للنفقة صحيح يوم كان للوالد فضل من المال، اما وقد تقاعد، وما صرف له من معاش لا يكفي أولاده وحاجاته، فانه لم يعد بمقدوره ان يشمل ابنته وولديها بالإنفاق، وما ادعاه  المستانف من يسر الوالد ومساهمته في مطبعة دعوى تحتاج الى بينة منه.

وحيث اجاب المستانف عليه الدريسي بواسطة نائبه بمذكرة جوابية بجلسة16/5/1990 أورد فيها ما جاء في جواب بنته الدريسي امال.

وحيث عقب نائب المستانف الآلي على الجوابين الانفي الذكر مركزا على ان الدريسي ادريس يتقاضى بسوء نية، بحيث ان ادعاءه العسر يكذبه محضر المعاينة المحرر في1/6/1990 الذي تضمن بان المعني بالأمر يعتبر مسيرا لمطبعة توجد بزنقة بلاي رقم 33 البيضاء.

وحيث انه بجلسة6/6/1990 حضر الأستاذ الخالدي عبد العزيز نيابة عن المستانف الاصلي وسلمت له نسخة من الاستيناف الفرعي المذكرة الجوابية فاسند النظر، كما حضر الأستاذ جعفر محمد عن الدريسي امال، وسلمت له نسخة من المذكرة التعقيبية المدلى بها من طرف أل أستاذ الخالدي فاسند النظر ولم يحضر الأستاذ رشيد الصقلي عن الدريسي ادريس رغم سبق إشعاره بالحضور بجلسة16/5/90 لجلسة6/6/1990.

حيث انه بالجلسة أعلاه وبناء على ما راج فيها تقرر جعل القضية في المداولة بجلسة 20/6/1990 وبها صدر القرار الاتي من طرف نفس الهيئة التي ناقشت القضية.

المحكمة:
حيث ان المحكمة بعد مناقشتها للقضية واطلاعها على أوراق الملف وخاصة الحجج المدلى بها من الطرفين تبين لها ان الوسائل المعتمدة في الاستيناف الأصلي والاستيناف الفرعي والمذكرات الجوابية ينحصر مجموعها في ثلاث:

1) الرجوع في الخلع لكونه وقع نتيجة الضرر بها.
حيث ان المدعية ووالدها المدخل في الدعوى اعتمدا على عدة شكايات وصور من الشواهد الطبية وعلى التزام الزوج في الرسم العدلي عدد288 ص132 كناش عدد 526 المتضمن إشهاد الزوجة امال الدريسي ووالدها العدلين على انهما توصلا بجميع الصداق المذكور برسم النكاح، والمتضمن آيا التزام الزوج المدعي عيه بان لا يغلق على زوجه المذكور باب دار سكناهما حيث أنها اشتكت من ذلك وان يسلم لها مفتاح الدار ويساعدها على الخروج وان لا يمنع عائلتها من زيارتها، اعتمدا على ما ذكر للقول بان الخلع بنفقة الولدين عبد السلام وخالد الواقع من طرف المدعية ووالدها بتاريخ 9/8/1978 والمضمن بعدد111 ص72 ك2 عدد564 مردود لكونه حصل نتيجة الاضرار بها.

لكن حيث ان الاضرار المدعى لا يثبت بمجرد الشكايات المقدمة من طرف مدعيه ولا بالالتزام المضمن بالرسم العدلي الآنف وانما يثبت كما قال المتحف:

ويثبت الاضرار بالشهود                             او بسماع شاع في الوجود

وان تكن قد خالعت وأثبتت أضراره ففي اختلاع رجعت.

قال شراحه: يعني ان الاضرار من الزوج لزوجته يثبت بأحد أمرين اما بشهادة عدلين فاكثر، او بالسماع الفاشي المستفيض بان فلانا يؤدي زوجته فلانة بضرب او يشتم بغير ذنب ارتكبته، ولا بد ان يضمن الشهود في الوجهين انهم لا يعلمون ان المضر رجع عن الاضرار بصاحبه واقلع عنه والا لم تعمل، فان ضربها لموجب ارتكبته ولو ضربا وجيعا او ضربها ضربا خفيفا ولو بغير موجب لا يعد أضرارا شرعا وليس لها القيام بذلك.  

وان الزوجة المخالعة المثبتة بعد ذلك اضراره اياها بلا موجب شرعي واستمرار اضراره إياها ليوم الخلع ترجع عيه فيما اختلعت به يمين.

وحيث ان وثائق الملف خالية من البينة الشرعية المتحدث عنها آنفا لإثبات الضرر المزعوم مما تكون معه الوسيلة مجردة ويتعين ردها.

2) عدم جواز الخلع الواقع لانه وقع التحمل فيه بالنفقة بعد حولي الرضاعة.
حيث ان المدعية ووالدها اعتمدا فيما ذكر على نصوص من فقهاء المذهب  المالكي وهو رواية ابن القاسم عن مالك انه لا يجوز، ويسقط الزائد على الحولين.
لكن العمل جرى على خلاف ذلك هو المشار اليه بقول المتحف:

والخلع بالإنفاق محدود الاجل                       بعد الرضاع بجوازه العمل

قال التسولي: والمعنى ان العمل جرى بجواز الخلع بالإنفاق المحدود الاجل كأربع سنين او خمس بعد مدة الرضاع او الى سقوط الفرض عنه شرعا ونحو ذلك، وظاهره كان الإنفاق منها او من غيرها وهو كذلك … ومقابل العمل هو مذهب المدونة.

وحيث انه بمقتضى الفصل82 م.ح. ش الذي أحال في باب الخلع وغيره من أبواب الطلاق على الراجح او المشهور او ما جرى به العمل من مذهب مالك فيما لم يشمله هذا القانون.
وحيث انه من المعلوم المقرر في حال تعارض ما جرى به العمل مع غيره من الأقوال يقدم العمل على غيره.

وقدم العمل حيثما جرى                           على سواه مطلقا بلا  مرا

لذلك تكون هذه الوسيلة أيضا غير مؤسسة ويتعين ردها.

3) عسر المدعية ووالدها بعد الخلع المبرم:
حيث ان المدعية ووالدها اعتمدا على ما أدليا به من موجب احتياج الزوجة وموجب ضعف والدها وشهادة الإعفاء من الضرائب، وشهادة التقاعد بالنسبة الى الوالد، وشهادة أجرته في ثلاثة اشهر بعد تقاعده، وشهادة عدم الشغل الادارية وتوصيل الكراء، اعتمدا على ذلك لإثبات عسرهما، وسايرهما في ذلك قاضي النازلة ابتدائيا، ونازعهما المدعى عليه المستانف الأصلي وادلى بمحضر معاينة يثبت ان والد المدعية الدريسي ادريس هو مسير لمطبعة أخرى بعد تقاعده.

لكن حيث ان المحكمة بعد رجوعها الى الوثائق الآنفة الذكر و ما ورد على لسان المدعية ولسان والدها بأنه كانت ميسورا ثم طرأ عليه الأعسر لتقاعده ونقص اجرته تبين لها انه تطبيقا للقواعد الفقهية المعمول بها في هذا الصدد، ان كل من ادعى الملا وتحمل بدين او خلع، لا يقبل منه ادعاء الفقر ولا تنفعه بينة العدم الا اذا اثبت ان  هذا العجز قد حصل وطرأ عليه بعد ذلك، وان العدم لا يثبت الا بحجة عدلية، وعليه فما أدلى به من شهادة الاحتياج الادارية وشهادة التقاعد وشهادة الأجرة لا تنهض دليلا على عسر المدعية ووالدها لضرورة ان المال منه الظاهر والباطن، ولا ينحصر في أجرة الشخص ولا في كونه يؤدي الضرائب او هو معفى منها، وبالنسبة الى الموجب عدد2404 ص142 ك 5/86 تاريخ 22/4/1987 فان شهوده بغض النظر عن كونهم شهدوا بالجزم وان الموجب غير مستفسر- شهدوا بان الدريسي امال ليس لها أي ملك وأنها عاطلة عن العمل وليس لها أي دخل، وهذا لا يدل على كونها معسرة  اذ لم يشهدوا بفقرها وعدمها ولم يشهدوا بأنهم لا يعلمون لها مالا ظاهرا ولا باطنا، وبالنسبة الى الموجب عدد3447 ص203 كناش عدد 26 تاريخ 5/10/88.

فبغض النظر عن كون شهوده شهدوا بالجزم وان الموجب المذكور غير مستفسر- فشهود شهدوا بأنه متقاعد ولا مال ولا دخل له عدا الواجب الذي يتقاضاه من صندوق التقاعد، وانه لا عمل له وان المحل الذي يسكنه بالكراء ويؤدي عنه مبلغ ستمائة وخمسين درهما شهريا، ولا عقار له داخل المدينة ولا خارجها، وهذه الشهادة مع إقراره السابق باليسر وادعائه الملا غير عاملة لأنها لم تبين طروء الحالة المشهود بها بعد يسره، يضاف الى ما ذكر فهي معارضة بمحضر المعاينة الدال على ان الدريسي ادرييس يعتبر مسيرا لمطبعة أخرى بعد تقاعده، وهو لم يعارضه بشيء رغم اطلاعه عليه.

وحيث انه بناء على ما ذكر فان الحكم المستانف لم يكن مصادفا للصواب لما اعتمد ما اعتمده في الإشهاد بإعسار المدعية ووالدها المتحملين بنفقة الولدين، وقضى تبعا لذلك بالحكم على والدهما بنفقتهما الشيء  الذي يتعين معه الحكم بإلغائه وبعد التصدي الحكم برفض الطلب.
وحيث ينبغي تحميل الطرف المدعي الصائر

لهذه الاسباب
ان محكمة الاستئناف وهي تقضي علنيا حضوريا غيابيا انتهائيا (1).
شكلا:
قبول الاستئنافين الأصلي والفرعي.
وفي الجوهر:
إلغاء الحكم الابتدائي فيمت قضى به وبعد التصدي الحكم برفض الطلب وعلى الطرف المدعي الصائر.
بهذا صدر القرار في اليوم وفي الشهر وفي السنة أعلاه بالقاعدة العادية للجلسات بمقر محكمة الاستئناف دون ان تتغير الهيئة الحاكمة أثناء الجلسات.

*مجلة المحاكم المغربية عدد، 64-65، ص 180.


Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : اجتهادات قضائية