-->

قراءة في كتاب " القانون العقاري"


 
مجلة المحاكم المغربية، عدد 83 

                                                          

بمناسبة القاء بعض المحاضرات بالمعهد الوطني للدراسات القضائية، على  السادة  الملحقين  القضائيين الفوج "27" بخصوص مادة التحفيظ والعقارات المحفظة، كنت استوقف احيانا من طرف بعض هؤلاء : حول عدم وجود نص قانوني - سبق ان اشير اليه  بالمحاضرة -   بكتاب  القانون العقاري مع اخر التعديلات تقديم وتهيئ عبد العزيز توفيق دار الثقافة للنشر والتوزيع، سلسلة، نصوص التشريعية المغربية، طبعة 1995-1415 او الغاء نص بهذا الكتاب لم تتضمن المحاضرة الغاءه هذا الاستيقاف المتكرر دفعني الى قراءة الكتاب بدقة، فوجدته لبنة اضيفت. اضيفت الى بناء المكتبة القانونية المغربية الا انه ككل عمل بشري تسربت له عدة اخطاء اثرت  توضيحها  واعتراه  نقص  ابتغيت  استكماله  من  باب التناصح، وبعد تردد كبير ولولا تيقني من اتساع صدر مؤلفه - صديقي المحترم - لما خرج هذا العمل  من  طي  الكتمان  خصوصا  بعد  ان  سبقني  لهذا العمل النقيب الاستاذ  شاطر فيما يخص كتاب المسطرة الجنائية لنفس المؤلف .

هذه المثالب يمكن تصنيفها الى اعطاء بعض التسميات بدون سند قانوني والتسليم بالغاء بعض النصوص رغم عدم ثبوت الغاءها صراحة او ضمنا واخيرا اغفال بعض النصوص التي صدرت بعد سنة 1964 .
لكن  وقبل  التطرق  الى هذه المثالب وتوضيح التصويبات لابد من ان ابسط للقارئ الكريم الطريقة التي مكنتني من اكتشاف هذه الاخطاء وبعبارة اخرى ما هي المطبوعات المعتمدة بخصوص قانون التحفيظ التي يجب التطابق معها ؟ ثم ما هي المصادر التي اعتمدها الكتيب موضوع التعليق ؟

اولا : المطبوعات الرسمية المعتمدة :
صدر ظهير بتاريخ  12/08/1913  ونشر  بالجريدة  الرسمية  بتاريخ  12  شتنبر  1913  صحيفة  206  وذلك باللغة الفرنسية فقط ومن هذا الاصدار اخذ المشتغلون بالقانون، نصوص القانون العقاري :   قضاة  و محامون واساتذة للحقوق ،  وفيه اعيد  طبع  القانون  المذكور  في  الموسوعات  المتخصصة كمجموعة Juris classeur  وغيرها. وقد اعتمد قضاء الحماية وبعده القضاء المغربي على هذا النص والتزاميته بالقضاء والمتقاضين(1)  وقد ساند الفقه المغربي هذه النظرية بحجة ان جل النصوص القانونية التي صدرت في بداية الحماية والتي اصبحت مطبقة لدى القضاء الموحد  بمقتضى  قانون التوحيد لم تترجم الى العربية (2) .

الى انه بعد صدور قانون 1526-1965 المسمى بقانون توحيد القضاء ومغربته وتعريبه اصبحت الحاجة ماسة الى تعريب مجموعة من القوانين بطريقة رسمية لان توظيف عدد هائل من القضاة المغاربة الذين درسوا باللغة العربية ليس من المفروض فيهم على الاقل اتقان اللغة الفرنسية لغة القوانين الواجبة التطبيق .
واعتمادا على الفصل السادس من هذا القانون الذي تضمن ما يلي : " يعهد لوزير العدل بتطبيق هذا القانون على ان تتم اجراءات هذا التطبيق في جميع انحاء المملكة قبل انتهاء سنة 1965" .

فسرت وزارة العدل على صواب هذا النص تفسيرا واضحا فاعتبرت من جملة المهام الملقاة على عاتقها بمقتضى الفصل المذكور هو تفويض المشرع لوزير العدل لترجمة مجموعة من القوانين الاساسية من الفرنسية الى العربية. ولعل هذا التوسع في التفسير كان ضروريا لانه بعد صدور قانون التوحيد اصبح فقط القضاة المغاربة اللذين تلقوا تكوينهم باللغة العربية هم المؤهلون لتقلد المناصب القضائية والذين كان من المفروض على الاقل انهم لا يتقنون اللغة الفرنسية، اذ اصبح لزاما تعريب وسائل العمل ان مجموعة القوانين الاساسية التي اضحت مطبقة لديهم والتي ورثها المغرب عن عهد الحماية .

وهذا التوسع في التفسير للنص المذكور لم يكن نوعيا فقد استرشدت وزارة العدل بخطب جلالة الملك التي جاء في احداها ما يلي : " وقد عهدنا لوزيرنا في
---------------
قرار المجلس الاعلى بتاريخ 03/11/1972 منشور ب م. ق. س. ص عدد 13-14 ص 147 .
2- جلال السعيد المدخل لدراسة القانون باللغة الفرنسية ص 200 .
---------------
العدل باتخاذ جميع التدابير التي تسير للاخذ بتطبيق قانون توحيد المحاكم غير غافلين عما قد يعترض ذلك التطبيق من صعوبات لابد من التغلب عليها بحسن الارادة وصادق التفهم(3) .
وفي هذا الاطار عينت وزارة العدل في اوائل سنة 1964 لجنة لتعريب القوانين المذكورة اعلاه التي كانت مطبقة لدى المحاكم العصرية بمنطقة الجنوب (4) .

وهي ما سميت في بداية الحماية بالقوانين الاساسية وهي ق ل ع، والقوانين العقارية وقانون المسطرة المدنية والقوانين التجارية وقد استقبلت اللجنة المذكورة من طرف جلالة الملك يوم 21/10/1964 وحدد مهمتها في مراجعة وتعريب تلك القوانين واكد على هاتين المهمتين وزير العدل لدى استقباله لنفس اللجنة وجاء في خطابه ما يلي : " تعريب القوانين وافراغها في قالب مغربي صرف يكون مراة للغتنا القومية ومبادئنا الاسلامية وواقع مجتمعنا المغربي … اي قانون عربي لفظا وروحا لا قانون معرب منقول (5) .

وقد اجتمعت اللجنة المذكورة بتاريخ 13/10/1964 ووزعت الاعمال بين اعضائها في اطار لجان فرعية وسميت اللجنة التي كلفت بتعريب القوانين العقارية بلجنة فاس وقد كانت تتكون من السادة : ( ابراهيم قداره - علال بنموسى - عبد السلام حجي - عبد اللطيف التازي - احمد بن شقرون - جعفر العراقي - محمد شدادي - جواد السقلي - عبد الله الداودي ) .

ومع الاسف الشديد فان اللجان الفرعية جميعها قصرت مهمتها على تعريب تلك القوانين فقط الشيء الذي حذا بجلالة الملك بعد الاطلاع على النصوص المعربة الى اعطاء تعليماته لوزير العدل ليعاد النظر في تلك النصوص المعربة وتدخل عليها بعض الاصلاحات على ان يعاد نشر تلك النصوص المعربة رسميا في شكلها الجديد بمقتضى مراسيم ملكية تشريعية نظرا لاعلان حالة الاستثناء اذ ذاك .
------------------
3- خطاب ملكي مؤرخ ب 25/09/1964 .
4- تم تحديد هذه القوانين الوارد النص عليها في الفصل 3 من قانون التوحيد على الظهير .
5- مجلة القضاة والقانون عدد ص 31 .
-----------------
وقد ذكرت مصادر وزارة العدل اذ ذاك ان هذه الاخيرة كلفت لجنة من المشتغلين بالقانون برئاسة الاستاذ حماد العراقي للقيام بهذه المراجعة الا ان عمل هذه اللجنة لم ير النور كما ان القوانين المعربة اول الامر لم تنشر في شكل مراسيم ملكية، ولعل السبب في ذلك راجع الى موقف الامانة العامة للحكومة التي لم تشاطر وزارة العدل في تفسيرها الموسع لنص الفصل 6 من قانون التوحيد واعتبرت هذا الفصل مجرد مقتضى روتيني تذيل به جل القوانين التي يعهد تطبيقها الى الوزير المختص .

ولعل وزارة العدل وامام تصلب موقف الامانة العامة للحكومة اكتفت بنشر هذه النصوص المعربة باعداد خاصة من مجلة القضاء والقانون، وقد تم نشر القانون العقاري بالعدد الخاص 82 في المجلة لكن ما هي قيمة هذا النشر من الناحية القانونية ؟
يرى معها القانون ان نشر القوانين بالجريدة الرسمية للبلد شرط اساسي لجعلها قابلة للتنفيذ بذاك البلد (6) .

ورغم ان القانون المغربي بدا بالدستور الحالي لسنة 1996 باستثناء الفصل 45 منه المتعلق بنشر بعض المراسيم التشريعية وانتهاء بقرار المقيم العام المؤرخ ب 2 شتنبر 1912 الذي احدث الجريدة الرسمية، لم يتضمن شرط النشر لقابلية القانون للسريان، فان الاجتهاد القضائي اكمل هذا النقص .
فقد جاء في قرار قضائي لمحكمة الاستئناف بالرباط بان النشر بالجريدة الرسمية شرط ضروري لالزامية القانون، وقابليته للتطبيق على الجميع اعتمادا على مبدا عام من مبادئ القانون (7) .
وقد ايدت محكمة النقض الفرنسية هذا الاتجاه في عهد الحماية (8) .

وفي عهد الاستقلال اكد المجلس الاعلى نفس المبدا (9) وقد اعتمد المجلس في تقريره لهذا المبدا على ان قرار المقيم العام المؤرخ ب 02/09/1912 الذي انشا الجريدة الرسمية ولو انه لم يفرض صراحة نشر القوانين بهذه الجريدة الا انه اوضح بتدقيق بان الهدف من احداث هذه الجريدة هو نشر مجموع القوانين والمراسيم والقرارات التي
--------------
6- جلال السعيد المرجع السابق. ص 135 .
7- مؤرخ ب 18/05/1936 ومنشور بمجلة محكمة الاستئناف بالرباط سنة 1936. ص 106 .
8- قرار مؤرخ ب 28/05/1951 منشور بمجلة المحاكم المغربية 2/02/1951 .
9- قرار مؤرخ ب 10/11/1960 منشور بمجلة قرارات المجلس الاعلى في الميدان المدني ج 2 ص 11 بالفرنسية .
--------------
تصدر اعتمادا على المادة الاساسية للقانون العام التي تجعل من نشر القوانين شرطا اساسيا لجعلها ملزمة للافراد والمحاكم (10) .
لكن هل يمكن الاستعاضة بوسائل اخرى عن النشر بالجريدة الرسمية كما سلم بذلك الفقه والقضاء بالنسبة لفرنسا في بعض حالات الضرورة ؟ (11) .
لقد ذهب الفقه المغربي الى ان النشر كشرط لسريان القانون يمكن ان يتم بشتى الطرق التي من شانها ايصال صدور القانون والاطلاع على محتواه من طرف العموم كالصحافة مثلا والاذاعة والتلفزة او حتى عن طريق المنادي ( البراح ) (12) .

وقد تابع القضاء المغربي هذا التفسير الموسع للشرط المذكور فمثلا محكمة العدل : ( ذهبت الى ان خطاب الملك عن طريق الاذاعة يعطيه قوة القانون ويجعله قابلا للتطبيق دون ضرورة لنشره بالجريدة الرسمية، وكان ذلك بخصوص الزيوت المسمومة ) (13) .

كما قضت المحكمة الابتدائية بالبيضاء بتاريخ 22/10/1959 في حكمها بحل الحزب الشيوعي المغربي على خطاب العرش ليوم 18/11/1959 وايد هذا الحكم من طرف محكمة الاستئناف بالرباط وقد تبنى المجلس الاعلى هذا الموقف وجاء في قراره المؤرخ ب 28/05/1964 ما يلي :
    la référence faite par la cour d'appel à un discours de feu S.M. Mohamed V est       pratiquement fondée" .(14)  
وعليه وفي اطار ذلك كله يمكن اعتبار الترجمة التي صدرت بخصوص القوانين الاساسية في اعداد خاصة من مجلة القضاء والقانون، هي ترجمة رسمية باعتبارها صدرت عن وزارة العدل وفي اطار قانون التوحيد والمغربة والتعريب الذي خول فصله السادس لوزير العدل القيام بجميع الاجراءات اللازمة لجعل هذا القانون قابلا للتطبيق قبل نهاية سنة 1965، وهذه الاعداد الخاصة وزعت على مجموع محاكم المملكة وعرضت بدون شك للبيع بالنسبة لباقي المهتمين بالقانون .
---------------
10- قرار مؤرخ ب 13/11/1972 منشور بالمجلة المغربية للقانون والسياسة، والاقتصاد عدد 13 .
11) جلال السعيد 14 ص 147 المرجع السابق ص 201 .
12) جلال السعيد المرجع السابق. ص 201 .
13) اشير الى هذا الحكم بالمرجع السابق ص 201 .
14) المرجع السابق ص 201 .
----------------
وهي بذلك تكون ملزمة للقاضي المغربي الذي لا يتقن اللغة الفرنسية .

ثانيا : المصادر التي اعتمدها مؤلف الكتاب
يظهر من خلال الاطلاع على الكتيب موضوع التعليق ان صاحبه اعتمد فقط في نقله لنصوص القانون العقاري على كتاب واحد وهو يسمى " القانون العقاري المغربي" نشر دار الكتاب بالدار البيضاء وتوزيع مكتبة الوحدة العربية بنفس المدينة .

وهو كتاب مجهول النسب : فهو لا يتضمن اسم المحقق والمعد والمطبعة مع العلم انه لم يقتصر على نشر النصوص القانونية فقط بل تضمن في بدايته مذكرة ايضاحية احتوت الغاءات لفصول قانونية وتعديلات اخرى وتسميات مغايرة وقد جاءت هذه المذكرة شانها شان الكتاب مجهولة لم تتضمن عن من صدرت ومن وقعها وقد ذكرني هذا الكتاب بواقعة حصلت باقليم الصويرة سنة 1979 لما كنت قاضيا مكلفا بالجنحي بالمحكمة الابتدائية بنفس الاقليم اذ قام احد الاشخاص بالكتابة على ظهر ورقة سفر ذات لون ازرق عبارة " فلان مطلوب من طرف الدرك الملكي" في اشارة الى احد اصدقائه وابناء بلدته ولما صادفه جالسا يلعب الورق مع بعض شباب القبيلة خاطبه بقوله : " يا فلان انك مطلوب من طرف الدرك الملكي، ماذا فعلت ؟ وسلمه ورقة السفر " الاستدعاء" المذكور وانصرف، فاصفر وجه الضحية فاقتفى اثر  الجاني مستقرا ومستنجدا، فاقترح الجاني على الضحية التوسط له لدى الدرك الملكي مقابل 500 درهم يسلمها للدرك لحل المشكلة فقبل وانصرف لاحضار المبلغ المقترح، وبمنزله لما قص على اهله الخبر المفزع مستدلا بالاستدعاء المزعوم قراها احد اقاربه فاوضح له بانها مجرد ورقة سفر وتهم النقل العمومي وذهبا معا لدى الدرك الملكي لاشتكاء بالجاني، ولدى استنطاق هذا الاخير من طرف الضابطة القضائية اعترف بالواقعة وقدم للمحكمة عن طريق النيابة العامة بجنحة محاولة النصب في حالة اعتقال فاصدرت محكمة الصويرة حكمها في القضية بالبراءة وجاء في اهم حيثيات هذا الحكم ان محاولة الجنحة لا يعاقب عليها وبعد تنبيه من طرف السيد الوكيل الملك وجدت انني كنت بدوري صحبة كتاب مجهول النسب اسمه " القانون الجنائي المغربي" اسقطت منه الفقرة الاخيرة من الفصل 546 من ق. ج الذي عاقب على محاولة النصب ومن تم راودتني فكرة احتكار طبع القوانين من طرف الدولة .

وقد اتصلت بمؤلف الكتاب موضوع التعليق حول المذكرة الايضاحية التي اوردها هو ايضا مستفسرا عن مصدرها فاجاب بانه يتوفر على منشور ملحق لهذه المذكرة، صدر عن وزارة العدل وموقع من طرفها تم اتصلت بمسؤولي وزارة العدل خلال سنوات 64-65-1966 الذين واكبوا عمليات التوحيد والمغربة والتعريب فنفوا صدور اي منشور او اية مذكرة ايضاحية في هذا الشان .

ودليل على ان الكتيب موضوع التعليق منسوخ عن المجهول فهو حداثة عهد الاول اذ طبع سنة 1995 في حين ان الثاني طبع في عقد الستينات ووقوع الاول في نفس الاخطاء التي وقع فيها الثاني واخيرا فهو نسخة مطابقة لاصل المجهول وعليه فان هذا الكتيب موضوع التعليق وكذا الاصل أي الكتاب المجهول الذي تم النقل عنه لا سند شرعي له وبهذه الصفة فقط فان هذين الكتيبين لا يجوز اعتمادهما نظرا للاسباب الاتية :

ان فقهاءنا الاجلاء افتوا بعدم جواز الافتاء من الكتب المجهولة، وهكذا جاء في كنان الاحكام في تمييز الفتاوى عن الاحكام للامام القرافي ما يلي : " الاصل يقتضي الا يجوز الافتاء الا بروية العدل عن العدل المجتهد وعلى هذا تحرم الفتوى من الكتب الغريبة التي لم تستشهر حتى تتظافر عليها الخواطر ويعلم صحة ما فيها (15) .

وقد صنف العلماء كتيبا وافردوا بابا خاصا للتنبيه الى الكتب التي لا يجوز الافتاء منها كالتقرين والتفويت والتثمين المنسوب لابن ابي زيد القيرواني والفصول والدلائل المنسوبة له ايضا غير ذلك (16) .

ثالثا : الاختلالات او الاختلافات المكثفة على الكتب .
لقد تم رصد عدة اختلافات على الكتيب موضوع التعليق ومع النص الرسمي الصادر بالفرنسية والمنشور بالجريدة الرسمية وكذا الترجمة الرسمية المنشورة بمجلة القضاء والقانون .
-------------
15- ص 261 .
16- رياض محمد اصول القبولي والقضاء في المذهب الملكي ص 598 .
------------
ويمكن تصنيف هذه الاختلافات الى ثلاثة انواع :
1-    تفسير تسمية القانون فقد صدر هذا الاخير بمقتضى ظهير الا ان الكتيب فضل تسميته بالمرسوم الملكي ظل وفيا لهذه التسمية القانونية التي صدر بموجبها القانون العقاري وهي تسمية ظهير. فالى حدود هذا العقد الاخير من هذا القرن اي عقد التسعينات ظل المشرع يؤكد على هذه التسمية فقد جاء في قانون المالية لسنة 1991 الصادر بتاريخ 30/12/1991 في فصله 16 مكرر ما يلي : " ان العلاوة المترتبة عن التاخير المنصوص عليها في الفصل 65 مكرر من الظهير الشريف المؤرخ ب 12/08/1913 المتعلق بتحفيظ العقارات …." .

2-    الغاء بعض الفصول من قانون 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري .
أ‌-    عدم ايراد مصدر الالغاء :
وقد جاء في هذا الفصل في اصله الصادر بالفرنسية ما يلي :
Sauf codification, les dispositions du droit muslman qui ne sont contraires ni au présent Dahir, ni au statut personnel ou aux règles de succession des titulaires de droit réels, s'appliquent aux immeubles immatriculés et aux droits qui s'y rapportent, en tant qu'elles sont conciliables avec la nature des droits et charges spécifiés au titre de propriété .
وجاء في ترجمته الرسمية ما يلي :
" ان مقتضيات القانون الاسلامي التي لا تتعارض مع هذا الظهير ولا مع قانون الاحوال الشخصية ولا مع قواعد العرف (17) لاصحاب الحقوق العينية تطبق على العقارات المحفظة .
وعلى الحقوق الراجعة لها في حالة ما اذا كانت متلائمة مع نوع الحقوق والتحملات المبينة في الرسم العقاري هذا ما لم يصدر تشريع جديد فيما بعد" .
هذا الفصل هو ذا اثر مهم جدا : فمن قال بالغائه ذهب الى انه عند انعدام النص في قانون العقارات المحفظة يتعين الرجوع الى قانون الالتزامات والعقود باعتباره الشريعة العامة .
--------------
17- لعل خطا تسرب للترجمة ويظهر ان الصواب هو قواعد الارث .
-------------
في حين ان من قال بعدم الغاءه اعتبر الفقه الاسلامي هو القانون الاحتياطي عند عدم وجود نص قانوني ينظم مسالة ما، تهم عقارا محفظا .

ويظهر ان هذا الفصل لم يتم الغاؤه لا بكيفية صريحة ولا بكيفية ضمنية نظرا للاسباب الاتية :
ان ظهير 2/6/1915 لم يتضمن أي مقتضى نص على الغاء الفصل 106 المذكور وهو القانون الذي اشار الى هذا الفصل والذي كان من المفروض ان يتضمن فعلا الغائه .
ان هذا الظهير الاخير لم يستوف تنظيم جميع المشاكل المتعلقة بهذه العقارات فلم يستوجب حتى الجانب العيني، فاحرى بقية الجوانب، وبالتالي فقد اضحى ضرورة ملحة لمعرفة المرجعية الثانوية او الاحتياطية للعقار المحفظ .
ان الكتابين الوحيدين الذين اسقطا هذا الفصل وسلما بالغائه هما الكتيب موضوع التعليق والكتاب الاصل الذي اخذ عنه الاول وهما معالم موردا مصدر هذا الالغاء .
ان الكتاب موضوع التعليق ثبت نقله عن الاخر وان هذا الاخير مجهول النسب لا يجوز الاعتماد عليه كما مر معنا .
ان كل الكتب القانونية المعتمدة الصادرة عن كبريات دور النشر اثبتت في طبعاتها الجديدة وجود هذا الفصل دون الغائه .
ان القضاء المغربي ممثلا في قمة هرمه استشهد بهذا الفصل، فقد جاء في قرار صدر عن المجلس الاعلى عدد 304 بتاريخ 26/11/1976 ما يلي : (18)
" بناء على الفصل 106 من ظهير 12/08/1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري .
وبناء على نصوص الفقه الاسلامي المبنية لحكم ما يجريه الشريك من البناء والغرس في الملكية المشتركة" .
----------------
18- منشور بمجلة المحامي عدد 3 ص 91 .
---------------
ورد في الكتيب كذلك الغاء للفصلين 108 و109 دون ايراد لمصدر هذا الالغاء، في حين ان باقي الكتب القانونية المعتمدة وكذا الترجمة الرسمية لقانون التحفيظ لم تورد اي الغاء لهذين الفصلين .

3-    عدم تحيين القانون المذكور اي عدم ايواء التعديلات او الاضافات التي ادخلت على القانون بعد سنة 1965 ولعل هذه النقطة هي اهم ما لوحظ على الكتيب موضوع التعليق من خصاص رغم ان عنوان الكتيب تضمن ما يلي : " القانون العقاري مع اخر التعديلات" وقد طبع الكتاب سنة 1995 وجاء في الاهداء بخط يد المؤلف ان تاريخ 05/02/1993 هو تاريخ الانتهاء من اعداد هذا المؤلف، وعليه فان اي تعديل او اضافة حصلت قبل هذا التاريخ من المفروض ان يتضمنها الكتيب .

الا اننا من خلال الاطلاع على الكتيب يتبين ان جميع التعديلات التي حصلت منذ سنة 1965 الى تاريخ طبع الكتيب تم اهمالها .
وهكذا :
لم يتضمن الكتيب مقتضيات الظهير الصادر بتاريخ 12/04/1976 (19) الذي جاء في فصله الاول ما يلي : " ان نشر العقود او ملحقاتها والاعلانات بالجريدة الرسمية المقرر في الظهير الشريف المؤرخ ب 12/08/1913 بشان التحفيظ العقاري لا ينجز الا باللغة العربية وحدها .

لم يتضمن الكتيب كذلك الفصل 52 مكرر والذي تمت اضافته بمقتضى مرسوم 05/01/1965 (20) وقد جاء في فصله الاول ما يلي : " ان الفرع السادس من ظهير 12/08/1913 بشان التحفيظ العقاري يتمم بالفصل الثاني والخمسون مكرر الاتي :
الفصل 52 مكرر : " اذا كان الرسم الذي وقع به تحفيظ العقار اجنبيا او ذا نطق اجنبي امكن للمالك المسجل ان يطلب تغييره، وفي حالة الشياع تكون الموافقة الصريحة للشركاء المسجلين ضرورية .
-------------
19- ظهير عدد 243-75-1 نشر بالجريدة الرسمية عدد 3312 بتاريخ 21/04/1976 ص 1355 .
20- مرسوم عدد 2828-64-2 نشر بالجريدة الرسمية عدد 2720 بتاريخ 17/02/1965 ص 285 .
-------------
" ونشر الطلب بالجريدة الرسمية، بعد انصرام اجل شهر واحد على هذا النشر والتقييد في سجل الايداع ينص في الرسم العقاري وفي نظيره على الاسم الجديد الذي يثبت استقبالا في التسجيلات والمستندات" .

واخيرا لم يتضمن الكتيب كذلك نص الفصل 65 مكرر الذي احدث بمقتضى مرسوم ملكي بمثابة قانون عدد 0868-05/08/1968 (21) تم عدل بمقتضى قانون المالية سنة 1985 (22) بمقتضى الفصل 16 منه والذي جاء فيه ما يلي :
الفصل 16 : " يتمم الفصل 65 المكرر من الظهير الشريف الصادر في 12/08/1913 بشان التحفيظ العقاري ويستعاذ عنه بالاحكام التالية :
الفصل 65 مكرر : " يحدد ب 18 شهرا الاجل المضروب للقيام باجراء الاشهار المشار اليه في الفصل 65 اعلاه ويبتدئ سريان الاجل الانف الذكر :
1-    فيما يخص الاحكام القضائية من التاريخ الذي تصير فيه نهائية .
2-    فيما يخص العقود الرسمية من تاريخ تحرير العقد .
3-    فيما يخص العقود الرسمية من تاريخ اخر تصديق الامضاء .

غير انه فيما يتعلق بالعقود المشار اليها في البندين 2 و3 اعلاه لا يطبق الاجل المذكور على : العقود محل تقييد احتياطي وفقا للفصل 85 بدون عقود الايجار او المخالصات او عقود حوالة ايجار المزارع او غيرها المنصوص عليها في الفصل 65 اعلاه .

عقود نقل وايجار السندات المنجمية التي تظل خاضعة لاحكام النصوص التنظيمية الخاصة بالمناجم واذا لم يتم طلب انجاز التقييد في السجلات العقارية داخل الاجل المقرر اعلاه تفرض على الطالب غرامة تساوي مبلغ الرسم النسبي المستحق .

غير انه يجوز للمحافظ ان يمدد الاجل المقرر اعلاه لفترة ستة اشهر من اجل استفاء الاجراءات التي قدم طلبها اليه بصورة قانونية ولكن تعذر تقييدها لعدم توفر الاثباتات اللازمة للقيام بهذا التقييد .
------------
21- نشر بالجريدة الرسمية عدد 2911 بتاريخ 14/08/1968 ص 1803 .
22- نشر بالجريدة الرسمية عدد 3766 بتاريخ 02/01/1985 ص 10 .
-----------
وفي حالة طروء قوة قاهرة يجوز لوزير الفلاحة والاصلاح الزراعي ان يقرر بعد استشارة وزير المالية الاعفاء من الغرامات المشار اليها اعلاه شرط ان تقدم اليه جميع الوثائق التي تثبت ذلك" .
ثم عدل هذا الفصل بمقتضى قانون المالية لسنة 1992 والمؤرخ ب 30 دجنبر 1991 بمقتضى الفصل 16 مكرر منه والذي جاء فيه ما يلي : " ان العلاوة المترتبة عن التاخير المنصوص عليها في الفصل 65 المكرر في الظهير الشريف المؤرخ ب 12 غشت 1913 المتعلق بتحفيظ العقارات لن يتم تحصيلها بالنسبة لكل تقييد بدفاتر المحافظة العقارية لم يطالب به او لم يباشر داخل الاجل المنصوص عليه في الفصل 65 المكرر المذكور شريطة ان يكون هذا التقييد قد تمت المطالبة به او يؤشر قبل فاتح يناير 1993" .

رابعا : اقتراحات
من خلال استظهار النقائص والاختلالات السابقة المكتشفة على الكتيب احتوى قوانين مغربية جاري بها العمل يحق لنا اقتراح ضرورة فرض احتكار الدولة لطبع واخراج النصوص القانونية وفرض عدم جواز طبعها من طرف الخواص لتضمن لهذه القوانين حرمتها والزاميتها .
فاذا كان الاصدار الاول للقانون هو حكر على الدولة فان اعادة طبع هذا القانون ينبغي ان يبقى كذلك حكرا على الدولة او تحت مراقبتها على الاقل تطبيقا لمبدا الاستصحاب .
وتحضرني لهذه المناسبة فتوى فقهاء الشريعة الاسلامية الاجلاء الذين افتوا بخصوص المصحف الكريم بوجوب استنساخه من طرف الدولة وتوزيعه مجانا على المسلمين .

فاذا كان الجيل السابق قد ناضل من اجل استقلال المغرب وبعد نيله ناضل من اجل توحيد القانون والقضاء الى ان نالوا شرف هذا المبتغى باستصدار قانون 26 يناير1965 المتعلق بتوحيد القضاء وتعريبه ومغربته فان هذا المكتسب سيضيع اذا تركنا للخواص مهمة اعادة طبع القوانين .

فالقضاة الذين يتوفرون فقط على الكتب موضوع تعليق يتوفرون على قانون مختلف عن القانون واجب التطبيق ان لم يجرا على وصفه بالمحرف. واذا كانت الموضة الحالية لوسائل الاعلام المقروءة هي الحديث عن اداء القضاء المغربي .

واذا كان اختلاف الاحكام والاجتهادات في الواقعة الواحدة من جهة هذه الاضواء المتحدث عنها هذا الاختلاف الذي  لا يخدم استقرار المعاملات فان اهمال الوزارة الوصية على العدل واضح في السهر على الاقل على توفير وسائل عمل رسمية ومد القضاة والمحاكم بالقوانين المطبوعة تحت اشراف الدولة وسد الباب امام الخواص بملء الفراغ الناتج عن الاهمال واذا كانت وزارة عدل الجيل السابق قد اجتهدت محمودة واحتمت بنص عام او غامض وهو الفصل 6 من قانون التوحيد في القيام بترجمة القوانين الاساسية فان وزارة العدل لهذا الجيل اهملت هذه الوظيفة الاساسية .

ذ. الرافعي عبد القادر
                                                                                                                                                       رئيس غرفة بالمجلس الاعلى 
 * مجلة المحاكم المغربية، عدد 83، ص 24 .

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : القانون العقاري المغربي