-->

اجتهادات قضائية, مبدا موازاة الشكليات سكوت الادارة في القانون الاداري

المجلس الاعلى 
قرار رقم 1508 - الملف الاجتماعي رقم 8033/90


اذا كان سكوت الادارة في القانون الاداري يعتبر بمثابة رفض للتظلم او الطعن او الطلب الموجه اليها فان مرسوم 14 غشت 1967 المتعلق بالابقاء على نشاط المؤسسات الصناعية والتجارية يجعل من هذا السكوت قبولا ضمنيا للاغلاق بعد مرور ثلاثة اشهر من تاريخ طلبه لكون ذلك جاء بصريح النص .
على العكس، فان حالة الاعفاء الجماعي الكلي او الجزئي لبعض المستخدمين يستوجب اذنا صريحا لا ضمنيا بل وكتابيا من طرف عامل الاقليم او العمالة ما دام ان الطلب من اجل ذلك يكون كتابيا عملا بالنص وبمبدا موازاة الشكليات.
لا يمكن لاي قرار من نوع اخر يقوم مقام اذن عامل الاقليم او العمالة ولو كان محضرا لاجتماع حكومي يتضمن موقفا بذلك، فالقانون المغربي لا يعرف شكلا لقرارات تصدر عن اجتماعات الحكومة، اذ ان قرارات الحكومة يصدرها الوزير الاول على شكل مراسيم او كل وزير على حدة او بالاشتراك تحت اسم مرسوم.
لا يمكن الاعتداد بالاذن الصادر عن عامل الاقليم او العمالة بالاعفاء الجماعي اذ جاء مرخصا بذلك بعد تحرير رسائل الفصل .
لا يجوز قياس حالة التسريح الجماعي الكلي او الجزئي للمستخدمين على حالة الاغلاق .
ان قيام القرار المطعون فيه بهذا القياس في حيثياته يعد خطا في علة قانونية لا يبطل هذا الحكم ما دام للمجلس الاعلى حق تصحيح العلل القانونية الصرفة. وما دام المنطوق سليما.

شركة بيرلي
ضد
رملي رحال

باسم جلالة الملك
بناء على العريضة المرفوعة بتاريخ 24/8/1989 من طرف الطالبة المذكورة حوله في شخص ممثلها القانوني بواسطة نائبها الاستاذ عبد الحميد السميرس والرامية الى نقض قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الصادر بتاريخ 2/3/1989 في الملف عدد 862701.
وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ …………. من طرف المطلوب ضد النقض بواسطة نائب الاستاذ …………. والرامية الى رفض الطلب .
وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28 شتنبر1974.
وبناء على الامر بالتخلي والابلاغ الصادر في 6/5/1991.
وبناء على الاعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 3/6/1991.
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم .
وبعد تلاوة التقرير من طرف المستشار المقرر السيد محمد الغماد والاستماع الى ملاحظات المحامي العام السيد عبد الحي اليملاحي.

وبعد المداولة طبقا للقانون 
في شان الوسيلة الاولى :
حيث يستفاد من مستندات الملف ومن القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ان المطلوب في النقض تقدم بمقال امام ابتدائية الدار البيضاء يعرض فيه انه فصل عن عمله دون موجب من طرف مشغلته شركة بيرلي طالبا الحكم له بالتعويضات المشار لها في مقاله عن الاشعار والاعفاء والطرد التعسفي الخ …. وبعد جواب المدعى عليها بانه امام تفاقم الوضعية المالية اضطرت الى توجيه طلب الاعفاء الجزئي لمستخدميها الى السيد العامل وانه بعد مرور  ثلاثة اشهر على توصله بالرسالة وعدم جوابه اضطرت الى اعفاء المطلوب في النقض اصدرت المحكمة الابتدائية حكمها برفض الطلب، فاستانفت الاجير الحكم المذكور فقضت محكمة الاستئناف بالغاء الحكم الابتدائي والحكم من جديد على المستانف عليها بادائها للمستانف التعويض عن الطرد التعسفي بعلة " ان الفصل الثالث من مرسوم 14/8/67 والمتعلق بالاعفاء وان احال على الفصل الثاني فيما يخص استشارة السيد العامل قبل اتخاذ اللجنة المؤلفة بموجب مرسوم 31566 وتاريخ 14/8/67 فانه سكت عن الاجل الذي يبت خلاله العامل في الطلب كما سكت عن عدم جوابه خلال المدة المذكور هل يعتبر اذنا بالاعفاء مثل ما هو الحال في الاغلاق ام لا ؟.

حيث تعيب الطاعنة شركة بيرلي على القرار المذكور خرق مقتضيات الفصلين الثاني والثالث من المرسوم الملكي 31466 الصادر في 14 غشت 1967 وانعدام الاساس القانوني ذلك ان القرار المطعون فيه بعد ما تاكد لديه ان السيد عامل الحي المحمدي عين السبع توصل بتاريخ 25 يوليوز1984 بطلب العارضة التي تلتمس بمقتضاه منحها الاذن من اجل تسريح جزء من مستخدميها بسبب الازمة الاقتصادية وانه لم يجب على ذلك الطلب بعد انصرام اجل ثلاثة اشهر ذهب الى القول الى ان سكوته لا يمكن اعتباره اذنا بقبول طلب الاعفاء لان المشرع اكتفى بالاذن الضمني في حالة اغلاق المؤسسة دون حالة الاعفاء في حين ان الفصل الاول من المرسوم استلزم اذن العامل في الحالتين معا والمشرع عرض في الفصل الثاني مسطرة طلب الاذن وطريقة البت فيها كما عرض في الفصل الثالث مسطرة طلب اذن الاعفاء واورد في الفقرة الثانية من الفصل الثاني الاجل الذي ينبغي للعامل ان يبت داخله في الطلب وهو ثلاثة اشهر ولم يورد هذه الفقرة في الفصل الثالث لعدم التكرار وعليه يكون القرار المطعون فيه باعتباره ان الفصل الذي تعرض له المطلوب في النقض كان تعسفيا لعدم اذن العامل الكتابي واستبعاده الاذن الضمني قد خرق مقتضيات النصين المشار لهما في الوسيلة ولم يجعل لقضائه اساسا من القانون ما يعرضه النقض.

لكن حيث انه بالرجوع الى الى مقتضيات فصول المرسوم الملكي 66-314 الصادر بتاريخ 14 غشت 1967 بمثابة قانون والمتعلقة بالاعفاء على نشاط المؤسسات الصناعية والتجارية واعفاء مستخدميها يلفى انه ينص في فصله الاول على ان اغلاق مؤسسة تجارية او صناعية كلا او بعضا او اعفاء مستخدميها كلا او بعضا يتوقف على اذن عامل العمالة أو الاقليم ونص في الفصل الثاني على ان طلب الاغلاق يوجه رسالة مضمونة الى عامل العمالة او الاقليم مشفوعا بالإثباتات والذي عليه ان يبت في الطلب في اجل لا يتعدى ثلاثة اشهر وعند عدم الجواب في الاجل المحدد يعتبر الاغلاق ماذونا به بينما نص في الفصل  الثالث على ان طلب اعفاء المستخدمين يوجه برسالة مضمونة الى العون المكلف بتفتيش الشغل الذي يرفعه الى عامل العمالة او الاقليم صحبة رايه.
وحيث انه من خلال تنصيصات المرسوم الملكي المذكورة اعلاه يتبين ان المشرع قد جعل لكل من الاغلاق والاعفاء مسطرة خاصة ذلك ان طلب الاغلاق يوجه مباشرة الى عامل العمالة او الاقليم الذي عليه ان يجيب في ظرف ثلاثة اشهر والا اعتبر سكوته اذنا ضمنيا بنص القانون بينما طلب الاعفاء لا يوجه مباشرة الى العامل بل يوجه الى مفتش الشغل الذي يسلمه بدوره الى عامل العمالة او الاقليم مشفوعا برايه ولم يحدد المشرع لمفتش الشغل اجلا معينا لرفع الطلب الى العامل وكل ما اشترطه هو ابداء رايه ولم يحدد لعامل العمالة او الاقليم اجلا  للجواب كذلك حتى يمكن اعتبار عدم الجواب اذنا ضمنيا ولذلك لا يمكن قياس طلب الاعفاء على طلب الاغلاق والقول بان سكوت عامل العمالة او الاقليم عن الجواب خلال ثلاثة اشهر هو اذن بالاعفاء   - كما ذهبت الى ذلك الطاعنة - ما دام المشرع لم ينص على ذلك في الفصل الثالث من المرسوم وما دامت المسطرة مختلفة ومن تم ونتيجة لما تقدم فالمشغل الذي يقوم باعفاء مستخدميه قبل توصله باذن العامل يعتبر طردا تعسفيا لاجرائه وبذلك جاء القرار المطعون فيه الذي اعتبر عمل الطاعنة التي طردت اجراءها قبل التوصل باذن العامل طردا تعسفيا استنادا للفصل الثالث من مرسوم 14/8/1967 مرتكزا على اسس قانونية سليمة ومطابقا لروح التشريع وبذلك فالوسيلة غير مرتكزة على اساس.

وفي شان الوسيلة الثانية :
حيث تعيب الطاعنة على القرار خرق القانون خرق الفصل 360 من ق م م والفصل 43 من ظهير 30 شتنبر1967 المتعلق بالتنظيم الجماعي وسوء تطبيق القانون وانعدام الاساس القانوني وانعدام التعليل ذلك انه اعتبر ان الاصل في سكوت الادارة ومنها السيد العامل عن الطلبات المقدمة لها ومنها طلب المشغل باعفاء جميع او بعض مستخدميه خلال 60 يوما يعد رفضا لها طبقا للفصل 360 من ق م م وان كل استثناء يجب ان ينص عليه صراحة كما هو الحال في الفصل الثاني من مرسوم 14 غشت 1967 والفصل 366 من ق م م والفصل 43 من ظهير 30 شتنبر1976 المتعلق بالتنظيم الجماعي في حين المشرع اورد الفصل 360 من ق م م في الباب الثاني من القسم السابع المتعلق بالمسطرة امام المجلس الاعلى بخصوص الطعن في مقررات السلطة الادارية بسبب الشطط في استعمال السلطة وهذا النص يعتبر نصا خاصا كما انه بالنسبة للفصل 43 من ظهير 30/9/76 يتحدث عن اختصاصات رئيس الجماعة وعن عدم مقاضاة الجماعة الا بعد ارسال مذكرة الى سلطة الوصاية ولا يتحدث اطلاقا على سكوت الادارة هل يعتبر قبولا او رفضا كما ان الامر هنا يتعلق بنص خاص.

والقرار المطعون فيه بإيراده في الفصل 360 من ق م م والفصل 43 من ظهير 30/9/76 وقياسا على ذلك عدم جواب العامل على طلب الاعفاء واعتبر ذلك رفضا للطلب في حين انه لا يلجا الى القياس الا اذا توفرت شروطه وحالة الاغلاق تحدث مع حالة الاعفاء لان كل منهما له علة واحدة هي تلافي الكارثة الاقتصادية واغلاق المؤسسة ينتج عنه حتميا تسريح العمال والقرار المطعون فيه باستبعاده قياس حالة الاعفاء على حالة الاغلاق قبوله قياسها على حالة الفصل 360 من ق م م يكون قد خرق النصين المشار لهما في الوسيلة واساء تطبيق القانون ولم يجعل لقضائه اساسا من القانون مما يعرضه للنقض.

لكن حيث ان الشق الثاني من الوسيلة الذي يعيب على محكمة الاستئناف عدم قياسها حالة الاعفاء على حالة الاغلاق قد اجيب عنه في الجواب على الوسيلة الاولى باختلاف مسطرة الاغلاق عن مسطرة الاعفاء وكون طلب الاعفاء يوجه مباشرة لعامل العمالة او الاقليم الخ …. وفيما يخص الشق الاول من الوسيلة فانه بمقتضى الفصل الاول من مرسوم 1967 فان اعفاء الاجراء يتوقف على اذن عامل العمالة او الاقليم ونتيجة لذلك فان اعفاء الاجراء قبل التوصل باذن العامل يعتبر فصلا تعسفيا.

وحيث ان الطاعنة التي قامت باعفاء اجرائها قبل توصلها باذن عامل الحي المحمدي عين السبع  - على اعتبار ان مرور اجل ثلاثة اشهر على ارسال الطلب اليه  - قد خرقت مقتضيات الفصل الاول من مرسوم 14/8/1967، وبذلك فاعفائها لإجرائها يعتبر فصلا تعسفيا لهم.
وحيث ان هذا التعليل يقوم مقام التعليل المنتقد من طرف الطاعنة والمتعلق بتطبيق مقتضيات الفصل 360 من ق م م وظهير 30/9/76 المتعلق بالجماعات على حالة الاعفاء .

وحيث انه اذا كان الحكم المطعون فيه سليما في منطوقه ولم يشبه سوى خطا في علة قانونية فان ذلك لا يبطله ما دام للمجلس الاعلى حق تصحيح العلل القانونية الصرفة وبذلك فالوسيلة غير منتجة في شقها الاول وغير مرتكزة على اساس في شقها الثاني .

وفي شان الوسيلة الثالثة :
حيث تعيب الطاعنة القرار بالتناقض في التعليل القائم مقام انعدامه ذلك ان القرار المطعون فيه بعدما ثبت له حصول العارضة على الاذن الضمني للعامل بسكوته ثلاثة اشهر على توصله بطلبها وبعد ان استبعد ان يكون الاذن الضمني كافيا للترخيص اورد في الصفحة السابقة " انه وان كان محضر مجلس الحكومة ورسالة السيد العامل المذكورين لا يأذنان للمستانف عليها بصفة صريحة باعفاء بعض مستخدميها فانه فضلا عن ذلك فقد توصلت بهما بعد قرارها بفصل العمال" وفهم من هذه الحيثية ان محضر المجلس الحكومي المؤرخ في 24 اكتوبر1984 ورسالة السيد العامل المؤرخة في 25/12/1985 يأذنان للعارضة بصفة ضمنية باعفاء بعض مستخدميها الشيء الذي استبعده القرار المطعون فيه بان يكون كافيا كما جاء في القرار " وحيث ان المحضر المذكور ارسل الى الوزارة الاولى بالرباط بتاريخ 6/11/84 … وتوصلت بهما بعد قرارها بفصل العمال وتوجيه رسالة بذلك الى كل اجير مفصول بتاريخ 26/10/1984" بمعنى ان القرار استبعد الاذن الضمني كاساس لاعفاء المستخدمين وعاد وقبله لولا ان العارضة قامت بتوجيه رسائل الفصل قبل توصلها، بمحضر المجلس الحكومي الذي اتخذ فيه قرار الترخيص للعارضة باعفاء 180 من مستخدميها وهذا يشكل تناقضا، كما انه بالرجوع الى محضر المجلس الحكومي نجد انه كان يضم عامل الحي المحمدي عين السبع والرئيس العام للشركة ومديرها ولا يوجد ما يمنعها من تنفيذ القرار المتخذ بحضورها على الفور باعفاء 180 عاملا اذ العبرة بتاريخ القرار بالفصل لا بتاريخ الاعلام به ولذلك فالقرار المطعون فيه باعتباره الطرد الذي تعرض له المطلوب تعسفيا بسبب تبليغ القرار المتخذ بشانه قبل التوصل بالمحضر الذي يثبته يكون متسما بالتناقض والقصور في التعليل ومعرضا للنقض.

لكن حيث انه لا تناقض في تعليلات القرار حول محضر المجلس الحكومي ورسالة عامل الحي المحمدي عين السبع اذ كما يتجلى من حيثياته التي جاءت في الوسيلة انه اكد ان رسالة العامل ومحضر مجلس الحكومة لا يأذنان بصفة صريحة باعفاء مستخدميها علاوة على توصلها بهما بعد قرار الفصل فالتعليل الاخير انما زيادة في التاكيد على ان اعفاء الطاعنة لاجرائها لم يكن بصفة قانونية مرسوم 14/8/67 كما سبق الاشارة الى ذلك في الجواب على الوسيلة الاولى يجعل الاعفاء متوقف على اذن عامل العمالة او الاقليم وهذا الاذن الذي لا يمكن ان يكون الا كتابة ما دام الطلب يوجه له كتابة والطاعنة لا تنكر انها لم تتوصل برسالة عامل الحي المحمدي عين السبع الا بتاريخ 25/2/1985 بينا إعفائها لإجرائها كان بتاريخ 26/10/84 ولذلك على فرض ان المجلس الحكومي المنعقد بتاريخ 24/10/1986 اذن في الاعفاء بحضور رئيسها ومديرها فان ذلك لا يغني عن اذن عامل العمالة او الاقليم المنصوص عليهما في القانون وبذلك فهذه الوسيلة لا تستند على اساس .

لهذه الاسباب
ترفض الطلب، وتحمل الطالبة الصائر .
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور اعلاه في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الاعلى بساحة الجولان بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة السيد عبد الوهاب عبابو،  والمستشارين السادة : محمد الغماد مقررا، عبد الرحمن بنفضيل، عبد الله الشرقاوي، ادريس المزدفي وبمحضر المحامي العام السيد عبد الحميد الحريشي، وكاتب الضبط السيد الجزولي الحسين.

*مجلة المحاكم المغربية،  عدد 66، ص 156.

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : قرارات محكمة النقض