-->

مدونة الجمارك اوردت نصوصا خاصة لمسطرة الاكراه البدني




القاعدة
رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للامور المستعجلة طبقا للفصل 683 ق م ج يبت في الخلاف للقول بصحة الاجراءات الاكراه البدني من عدمها
انه في سياق النصوص الخاصة التي تخرج عن  الاطار  العام  للمسطرة الجنائية فان مدونة الجمارك اوردت نصوصا خاصة لمسطرة الاكراه البدني، الفصل 254 مدونة الجمارك وكذا الفصل 264 .

المحكمة الابتدائية بعين السبع الحي المحمدي
امر رقم 1716/221 - بتاريخ 19/11/1996- ملف استعجالي رقم 1434/96
--------------------------------------------------------------------------------
 باسم جلالة الملك
نحن عبد الرحمان المصباحي نائب رئيس المحكمة الابتدائية بعين السبع  الحي  المحمدي  بالدار  البيضاء  بصفتنا  قاضيا للمستعجلات وبمساعدة السيدة شاهين كنبوشية كاتبة الضبط اصدرنا الامر الاتي نصه يوم الثلاثاء 7 رجب 1417 الموافق ل 19 نونبر 1996 .
بين : السيد احمد القادري الحسيني القاطن بالدار البيضاء رقم 12 زنقة جمال الدين السيوطي حي المعاريف  الموجود  حاليا رهن الاعتقال بسجن عكاشة تحت رقم 688-76 الجاعل محل المخابرة معه بمكتب الاستاذ عبد القادر القيسي المحامي العام بالدار البيضاء .
بصفته مدعي من جهة
وبين : 1- السيد وكيل بالمحكمة الابتدائية بعين السبع الحي المحمدي بالدار البيضاء .
2- ادارة الجمارك والضرائب غير المباشرة في شخص من يمثلها قانونا الكائن مقرها برقم 1.
ساحة محمد الخامس الدار البيضاء
بصفتها مدعى عليها من جهة اخرى

الوقائع
حيث انه بمقال مستعجل قدم واديت عنه الرسوم القضائية بتاريخ 12/11/1996 وبمقال ادخال مؤدى عنه بتاريخ 12/11/1996 عرض فيهما المدعي بواسطة محاميه الاستاذ عبد القادر القيسي بان محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ايدت حكما ابتدائيا صدر بادانته من اجل حيازة بضاعة بدون مبرر مشروع بعشرة اشهر حبسا نافذا، وكان رهن الاعتقال الاحتياطي منذ 10/1/1996 وبذلك انهى العقوبة الحبسية بتاريخ 10/11/1996 الا انه لم يطلق سراحه بسبب تطبيق الاكراه البدني في حقه لضمان اداء مبلغ الغرامة المحكوم بها لادارة الجمارك، لكن ما يجب لفت النظر اليه ان الاكراه البدني لا يلجا اليه الا اذا اصبح للحكم القاضي بالاداء قوةالشيء المحكوم به بصفة لا تقبل الرجوع طبقا لنص المادة 345 من ق م ج الذي يعطي الاختصاص لرئيس المحكمة لمكان الاعتقال للبت في صحة اجراءات الاكراه البدني، فان العارض بالنظر لما ذكر يلتمس اصدار الامر لرئيس مركز سجن عكاشة من اجل الافراج فورا عن السيد احمد القادري مع النفاذ المعجل على المسودة .

وادلى بالوثائق الاتية :
1.    مراسلة مؤرخة في 1/11/1996 موجهة للسيد مدير سجن عكاشة .
2.    عريضة النقض تحمل طابع الصندوق بتاريخ 22/8/1996 .
3.    محضر استنطاق يحدد بداية الاعتقال يوم 10/01/1996 .

واجابت ادارة الجمارك بمذكرة جاء فيها : بان مقتضيات الفصول 645 وغيره من ق م ج المتعلقة بالاكراه البدني تخص فقط التنفيذ الجبري للديون العادية. في حين يختلف الامر في الميدان الجمركي الذي تخضع فيه مسطرة الاكراه البدني لنصوص بدليل الفصل 254 من مدونة الجمارك الذي ينص على ان الاكراه البدني يطبق ولو لم يصبح الحكم نهائيا اي يمكن ذلك بمجرد صدور حكم ابتدائي، كما ان الفصل 264 من نفس المدونة اعتبر الاعتقال الاحتياطي نقطة بداية الاكراه البدني، وهذا يفيد امكانية حبس المحكوم عليه ولو كان في حالة سراح او حكم بعقوبة موقوفة التنفيذ، وسواء استانف الحكم وطعن فيه بالنقض فانه يبقى رهن الاعتقال ان لم يتم اداء مبلغ العقوبات المالية .

وبما ان السيد القادري محكوم عليه باداء مبلغ ( 65.656.260.00) درهم لادارة الجمارك، ولم يدل باية ضمانات للاداء طبقا للفصل 685 من ق م ج فان المجيبة تلتمس رفض ما ورد في المقال ومعارضة سراح الظنين احمد القادري الحسيني الى غاية انقضاء عقوبة الاكراه البدني المحكوم بها عليه .
* كما اجاب السيد وكيل الملك بمذكرة جاء فيها : بان مسطرة الاكراه البدني تنظم مقتضياتها الفصول 674 الى 687 من ق م ج وظهير 21 غشت 1935 المتعلق بالمتابعات في ميدان الضرائب المباشرة والاداءات المماثلة لها وكذا ظهير 20 فبراير 1961 بشان الاكراه البدني في القضايا المدنية اما اجراءات الاكراه البدني في المادة الجمركية فتخضع لنصوص خاصة تضمنتها مدونة الجمارك المنصوص عليها في ظهير 9/10/1977، كما هو الشان في قضايا التبغ الخاضعة لظهير 12/11/1932، ولذلك يعتبر الاعتقال الاحتياطي نقطة البداية لتنفيذ الاكراه البدني طبقا للفصل 264 من مدونة الجمارك الذي يفسر مقتضياته منشور وزير العدل عدد 975 المؤرخ في 8/4/1985 .

واعتبارا لما ذكر لكون تطبيق الاكراه البدني في الميدان الجمركي يخضغ لمسطرة خاصة تقدم على المبادئ العامة الوراد بها نص الفصل 645 من ق م ج فان السيد وكيل الملك يلتمس التصريح بصحة اجراءات الاكراه البدني في حق المسمى احمد القادري الحسيني .

وحيث انه بجلسة 14/11/1996 حضر نائب المدعي واكد المقالين وحضر السيدين مفهوم التهامي وعبد العزيز الناصري عن ادارة الجمارك واكد المذكرة الجوابية، كما اعطيت الكلمة للاستاذ حسن مطار ممثل النيابة العامة الذي اكد المذكرة الجوابية، مضيفا بان مقتضيات الفصل 681 من ق م ج بشان تطبيق الاكراه البدني على من كان في حالة اعتقال تهم المكرهين من اجل ديون عادية وهي غير صالحة التطبيق للواقعة الحالية، وبعد ان بسط وجهة نظره بالشرح والتعليل، استدل بما جاء في الصفحة 381 لكتاب قواعد تنفيذ العقوبات الزجرية لمؤلفه السيد ادريس بلمحجوب وكذا ما ورد في الصفحات 354 الى 360 من اطروحة نيل الدكتوراه التي قدمها الطالب السيد حفيظي الشرقي لكلية الحقوق بالرباط سنة 1991 في موضوع الطبيعة القانوني للمحاضر في القانون الجنائي الجمركي، وادلى بصور للمستندين .

وعقب الاستاذ القيسي بان الفصل 264 من مدونة الجمارك يهم كيفية احتساب مدة العقوبة حين تتوفر الشروط تطبيق الاكراه البدني ولا يستثنى هذا الفصل مقتضيات الفصلين 645 و681 من ق م ج والتمس حقظ حقه في الادلاء بمذكرة توضيحية خلال المداولة وضمنها ما يلي : ان منشور وزارة العدل واطروحة الدكتورة المستدل بهما لا يلزمان المحكمة في شيء، والواقع هو ان الغرامة المحكوم بها لادارة الجمارك لها صبغة تعويضات مدنية لذلك تبقى خاضعة لقواعد المسطرة الجنائية بشان الاكراه وهذا هو راي الاستاذ محمد غزيول برادة في كتابه مدونة وتنظيمات الجمارك والضرائب غير المباشرة، واضافة للفصل 645 المذكور فان مقتضيات الفصل 681 من ق م ج لم تحترم اذا لم يقدم اي طب من الدائنة ولم يحرر اي محضر ولم تحدد مدة الاكراه البدني، مما ينبغي معه معاينة هذه الاخلالات والتصريح بالافراج عن الظنين، اما مقتضيات الفصل 264 من مدونة الجمارك فلا تستثني تطبيق الشروط العامة لتنفيذ الاكراه، وكذلك مقتضيات الفصل 254 من نفس المدونة فبدورها لا تستثني المقتضيات المذكورة ولا علاقة لها باشكاليات التنفيذ وانما تنظم امتيازا منح لادارة الجمارك، ولاجله يلتمس العارض الحكم وفق طلبه .
هذا وبعد ان تقرر ادراج الملف بالتامل لجلسة 19/11/1996 صدر الامر الاتي نصه :

التعليل
حيث ان الطلب يهدف الى اصدار الامر بالافراج عن الظنين احمد القادري الحسيني نظرا لبطلان اجراءات الاكراه البدني المتخذة في حقه .
وحيث ان دور رئيس المحكمة الابتدائية المستقرة بمحل اعتقال المكره، ينحصر طبقا للفصل 683 من ق م ج في البت في الخلاف بطريقة المسطرة المستعجلة للقول بصحة اجراءات الاكراه البدني من عدمها .
وحيث ان ما يعيبه المدعي على مسطرة الاكراه البدني المتخذة في حقه هو عدم احترام مقتضيات الفصلين 645 و681 من ق م ج لان الحكم الصادر لم يصبح بعد مكتسبا لقوة الشيء المقضى به بصفة لا تقبل الرجوع، لانه طعن فيه بالنقض، ولان الفريق المطالب بالمتابعة لم يوجه له انذارا بالوفاء حتى يتمكن حارس السجن من تحرير محضر بعدم قدرته على الاداء ويامر تبعا لذلك السيد وكيل الملك بإبقائه رهن الاعتقال .

وحيث ان الاجراءات المذكورة تعد من النظام العام وتبقى واجبة التطبيق في الحالات العامة وكلما احيل عليها في احوال خاصة او عند سكوت النص .
وحيث انه في حالات تطبيق الاكراه البدني على المتقاعس عن اداء دين عادي والموجود في حالة اعتقال فانه يتحتم وجوبا احترام الشكليات المذكورة اعلاه، والا صرح بعدم صحة اجراءات الاكراه البدني .

وحيث ان ما ذكر من مقتضيات تحد منها النصوص الخاصة كما هو الشان بالنسبة للفصل 30 من ظهير 21 غشت 1935 المنظم للمتابعات في ميدان الضرائب والاداءات المماثلة، والذي يشترط صدور حكم بالاداء، وانما اكتفى بتوصل الملزم بالانذار واحجامه عن الاداء بعد مرور عشرين يوما، ليحرر بشانه القابض طلب اعتقال تؤشر عليه السلطة المحلية، ويسلم على اثره وكيل الملك امرا بالقاء القبض والزج بالغريم في السجن .

وحيث في سياق النصوص الخاصة التي تخرج عن الاطار العام للمسطرة الجنائية فان مدونة الجمارك اوردت بدورها نصوصا خاصة لمسطرة الاكراه البدني بشان الغراماء الطلقاء او مقيدي الحرية .
وحيث ان من هذه النصوص مقتضيات الفصل 254 من المدونة التي اعطت الحق في حبس المدين بعقوبات مالية ولو استنفدت مدة اعتقاله الاحتياطي مدة حبسه او استنفاد من ايقاف التنفيذ مادام لم يدل بضمان لاداء العقوبات المالية المستحقة .

وحيث ان مقتضيات الفصل 264 من نفس المدونة وخروجا عن نص الفصل 681 من ق م ج بشان المكره الموجود في حالة اعتقال، اعتبرت الاعتقال الاحتياطي نقطة بداية الاكراه البدني الذي قد يصدر به الحكم في حالة الادانة .

وحيث يستفاد من المسطرة المذكورة انه لاداعي للانتظار ليصبح الحكم مكتسبا قوة الشيء المقضي به لانه يكفي صدور حكم ابتدائي لتطبيق الاكراه البدني على المحكوم عليه بغرامة مالية لادارة الجمارك، فما بالك بصدور قرار استينافي في الادانة والاداء كما هو الحال في نازلتنا هذه .

وحيث انه تاسيسا على ما ذكر، ولكون  مقتضيات المادتين 645 و681 من ق م ج غير واجبة التطبيق بالنسبة للعقوبات المالية المحكوم بها لفائدة ادارة الجمارك، فانه ينبغي التصريح بصحة اجراءات الاكراه البدني المتخذة في حق المحكوم عليه السيد احمد القادري الحسيني والقول بالتالي برفض الطلب .

لهذه الاسباب
وتطبيقا للفصل 683 من قانون المسطرة الجنائية .
ونحن نبت ابتدائيا وعلنيا
نصرح بصحة اجراءات الاكراه البدني المتخذة في حق المحكوم عليه السيد احمد القادري الحسيني، ونعلن بالتالي برفض طلبه وابقاء صائره عليه .
وبهذا صدر الامر في اليوم والشهر والسنة اعلاه .

قاضي الامور المستعجلة                 كاتب الضبط

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 83، ص 216 .

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : اجتهادات قضائية