-->

دعوى الإلغاء في القانون الإداري



الأستاذ محمد التبر المحامي بالدار البيضاء
ان دعوى الالغاء هي التي ترمي الى الحصول على ابطال عمل  صادر عن  سلطة ادارية وتتميز عن الطعن بالنقض  الذي  يرمي الى ابطال احكم قضائي وعن دعوى التعويض التي تكون من اختصاص القضاء الشامل،  وترمي  الى  مساءلة  الدولة او الجماعات ب الاخرى عن الاضرار الناتجة عن تسيير  مصالحها .

ان القواعد التي تسود شروط قبولها من ناحية الشكل والموضوع، وكذا حدود نطاقها،  لم  يرسمها  كلها  التشريع،  بل  قد  نتج  جلها  عن  تطور العمل القضائي لمجلس الدولة الفرنسي خلال القرنين الاخيرين. وقد كانت دعوى الالغاء  مقصورة في البداية على حالة تسلط الادارة على اختصاصات القضاء او تجاوز الاختصاصات بين السلطات الادارية ثم صارت تنصب على  مراقبة  القضاء  لمشروعية القرارات الادارية، أكانت تنظيمية او فردية، ثم اتسعت الى مراقبة مواقف الادارة حتى بالنسبة لتقدير الوقائع قصد التحقق من عدم الاساءة او الانحراف في استعمال السلطة .

وبينما كانت لها في البداية صبغة استثنائية بمعنى ان قبولها كان يشترط عدم توفر الطاعن على طريقة عادية تجيز له الحصول لدى القضاء الشامل على نفس النتيجة او ما يماثلها مما يحول دون جواز  رفعها ضد القرارات المتصلة بالعقود فان العمل القضائي  حد  من  الاستثناء  وذلك  باتجاهه الى نظرية الاعمال القابلة للانفصال عن مضمون العقود ذاتها مثل التي تتعلق بتحضيرها او تنفيذها واعتبرها في حالة صدورها من جانب  الادارة  ناتجة عن ارادة منفردة وبالتالي قابلة للطعن عن طريق دعوى الالغاء .

وقد تجاوز مجلس الدولة لهذه الحدود كلها، وبعدما كان يشترط في  قبول  الدعوى  ان  يكون  القرار المطلوب الغاءه قد اهدر بمركز الطاعن صار يكتفي بتوفر هذا الاخير على مجرد مصلحة مادية او معنوية في الحصول على الالغاء كما انه بعدما  كان  يعتبر الرسائل والانذارات غير قابلة للطعن لكونها لا تعدو ان تكون مجرد اعمال تحضيرية لا تسئ لمركز المعني بها الى حين صدور قرار ايجابي نافذ في حقه عدل عن هذا الراي وصار يجيز الطعن في تلك الوثائق كلما تضمنت تهديدا بانزال جزاء، بحيث يمكن القول انه في اخر المطاف اصبحت كل القرارات الادارية كيفما كانت طبيعتها او نوعها او شكلها قابلة للطعن عن طريق  دعوى الالغاء .

وينبغي التذكير بان هذه الدعوى لم تحدث في المغرب الا بمقتضى الظهير المؤرخ في 27/9/1957 المنشئ للمجلس الاعلى الذي توجد به غرفة ادارية تنزل منزلة مجلس الدولة بفرنسا، اما قبل هذا التاريخ فان الطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة لم يكن جائزا الا من طرف الموظفين العموميين بالنسبة لترقيتهم ومرتبتهم وتاديبهم. ولدى مجلس الدولة الفرنسي حسب التعديل الذي ادخل بتاريخ 1/9/1928 على الفصل 8 من الظهير المؤرخ في 12/8/1913 بشان التنظيم القضائي.

وبما ان القانون الاداري ليس مقننا فان اهم احكامه قد تولدت من عمل مجلس الدولة الفرنسي الذي يعتبر مهدا للقضاء الاداري .
مما حاصله ان كل القواعد التي تتعلق :
بقبول الدعوى بالنسبة لتوافر الصفة والمصلحة وبوصفها عينية لا ذاتية .
وببدء سريان ميعاد اقامتها ( مسالة النشر والاعلان والعلم اليقيني بالقرار المطعون فيه) .
وبعدم جواز سحب السلطات الادارية لقراراتها بعد انقضاء ميعاد الطعن .
وباثر الاحكام الصادرة بالالغاء .
وبتسبيب القرارات الإدارية .
وبشروط قبول طلب وقف التنفيذ
قد اقتبسها العمل القضائي المغربي من قضاء مجلس الدولة بفرنسا

I-    شروط القبول :
لا تكون دعوى الالغاء مقبولة الا اذا كانت مرفوعة ضد قرار اداري، ومعلوم ان القرار الاداري هو عمل قانوني من جانب واحد، يصدر بالارادة الملزمة لاحدى الجهات الادارية بما لها من سلطة بمقتضى القوانين بقصد انشاء وضع قانوني معين ابتغاء مصلحة عامة .

ورغم ما يستفاد من الفصل 21 من القانون 41/90 المحدث للمحاكم الادارية والمنفذ بمقتضى الظهير المؤرخ في 10/9/1993 فليس من الضروري ان يكون القرار الاداري مكتوبا اذ من المستساغ ان يكون كذلك كما ان يكون شفويا، وليست له صيغ او اشكال معينة لابد من انصبابه في احداها بصورة ايجابية، بل يكفي ان يثبت ان الادارة قد افصحت سواء صراحة او ضمنيا عن ارادتها  الملزمة ما لم يحتم القانون اتباع شكل خاص بالنسبة  لقرار معين .
( المحكمة الادارية العليا بالقاهرة :
طعن رقم 1369 لسنة 10 ق قرار صادر في 18/12/1965
طعني رقمي 444 لسنة 7 ق - 730 لسنة 8 ق قراران صادران في 26/3/1966
طعني رقمي 321 لسنة 9 ق - 730 لسنة 8 ق قراران صادران في 22/3/1973) .
وان الفصل 23 من القانون المشار اليه يسلم اذ يجيز الطعن في القرارات السلبية التي تترتب على عدم رد الادارة طوال ستين يوما على طلب قدم اليها .

ولا يكفي ان يصدر قرار اداري معيب لجواز اقامة دعوى الالغاء بل يجب اولا ان يكون خليقا ان يتسبب في احداث ضرر ما يستبعد المناشر والايضاحات وابداء الاراء والافصاح عن الرغبات والتاويلات التي لا صفة الزامية لها، بل يجب زيادة على ذلك ان تكون للطاعن مصلحة شخصية، مباشرة ومحققة، مادية او معنوية، فردية او جماعية، في البطلان وهذا ما يتوفر اذا مس القرار الاداري بمركزه الشخصي وفي هذا الصدد اجاز القضاء الاداري الحديث الطعن حتى في الانذارات التهديدية دون انتظار اتخاذ الجزاء المهدد بانزاله ومحاولة تنفيذه .

وقد ساير المجلس الاعلى هذا الاتجاه ذلك انه بعدما كان يقضي بعدم قبول الطعن في الانذارات ولو تضمنت تهديدا باتخاذ اجراءات قضائية بمقولة ان الامر لا يتعلق بقرار ذي صفة تنفيذية بل لا يعدو ان يكون مجرد اجراء تحضيري ليس من شانه التاثير مباشرة في المركز القانوني تجاه من وجه اليه ( قرار رقم 10 صادر في 30 يناير1970 منشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 15 مارس 1955) تراجع عن قضاءه هذا مثل مجلس الدولة الفرنسي وقضى بان الرسائل الصادرة عن الادارات العمومية التي  تتضمن تهديدا بانزال جزاء تعد قرارات ادارية قابلة للالغاء اذا كانت معيبة بما يوجب ابطالها لانها في الحالة تكون مسيئة بالمركز القانوني للموجه اليه .

قرار رقم 311 صادر بتاريخ 22/5/1990 في الملفين الاداريين عدد 7154/85 و7020/87 غير منشور .
قرار 672 صادر في 25/6/1998 في الملف الاداري عدد 914/5/1/97 غير منشور .
قرار 686 صادر في 17/10/1996 في الملف الاداري عدد 10/91 ( منشورات المجلس الاعلى في ذكراه الاربعين : المادة الادارية الصفحة 429 ) .
حكم صادر من المحكمة الإدارية بمكناس بتاريخ 26/12/1996 في الملف 62/95 غير منشور.
مجلس الدولة الفرنسي قرار 27/6/45 مجلة مجلس الدولة صفحة 143.
مجلس الدولة الفرنسي قرار 20/12/1944 مجلة مجلس الدولة صفحة 326 .
مجلس الدولة الفرنسي قرار 18/11/1950 مجلة مجلس الدولة صفحة 501 .
مجلس الدولة الفرنسي قرار 13/12/1957 مجلة مجلس الدولة صفحة 678 .

ان القرارات المتصلة بالعقود غير قابلة لدعوى الالغاء كما يتجلى في مؤلف دالوز الفرنسي ( القانون الاداري الطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة صفحة 686) مما سايره المجلس الاعلى حسبما جرى عليه قضاءه ( قرار صادر في 8/8/1985 ملف اداري عدد 7215/84 غير منشور) - المحكمة الادارية العليا للقاهرة 2/3/1968 طعن رقم 882 لسنة 10 نفس المحكمة 1/6/1963 طعن 838 لسنة 7 - نفس المحكمة 31/3/1962 طعن 1975 سنة 6  - نفس المحكمة 26/11/1966 طعن 1263 سنة ق 10 ) .

II-    ميعاد الطعن :
ترفع دعوى الالغاء داخل اجل 60 يوما ابتداء من نشر او تبليغ القرار المطلوب الغاءه  - ابتداء من  تاريخ النشر اذا كان القرار تنظيميا اي غير مشير لاي شخص معين والا فلا يسري الاجل الا منذ التبليغ لهذا الاخير ان لم يكن على علم شامل لكامل عناصر القرار علما يقينيا، لا ظنيا ولا افتراضيا .
وان المجلس الاعلى اكد هذه القاعدة في عدة قرارات منها القرار رقم 23 الصادر بتاريخ 8 مايو 1970 المنشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 17 ماي 1970 صفحة 74 .

ان الظهير المحدث للمجلس الاعلى المؤرخ في 27/9/1957 كان يشترط في قبول دعوى الإلغاء ان يرفع قبل انصرام اجل الطعن القضائي تظلم استعطافي الى السلطة التي اصدرت المقرر او اداري الى التي تعلوها مباشرة وفي هذه الحالة لا يسري اجل الطعن الا خلال ستين يوما ابتدا من تبليغ مقرر الرفض الذي ينبغي ان يتخذ في اجل ستين يوما من تاريخ التوصل بالتظلم والا فيعتبر عدم الجواب بمثابة الرفض الضمني، ان قانون المسطرة المدنية المصادق عليه بمقتضى الظهير المؤرخ في 28/9/1974 صار في فصله 360 يعتبر اللجوء الى التظلم جوازيا، بحيث لم يعد من الشروط الالزامية لقبول الطعن اما القانون المحدث للمحاكم الادارية فقد اكتفى في التظلم الاداري حسبما نص عليه فصله 23 ان يرفع  الى السلطة التي تعلو مصدره القرار متخليا عن اشتراط العلو المباشر .

ينبغي التذكير بان الفصل 25 من القانون المحدث للمحاكم الادارية ينص على ان ميعاد الطعن بالالغاء ينقطع اذا رفع الطعن الى جهة غير مختصة ولو كان المجلس الاعلى، ويبتدئ من جديد سريان الميعاد ابتداء من تبليغ الطاعن الحكم الصادر نهائيا بتعيين الجهة القضائية المختصة .

III-    اسباب الطعن :
يستفاد من مقتضيات الفصل 20 من القانون المحدث للمحاكم الادارية ان الالغاء بسبب تجاوز السلطة يترتب :
1)    على عدم الاختصاص ( اي اذا كان القرار صادرا عن جهة ادارية ليست مختصة لاتخاذه .
2)    او على عيب في الشكل ( اي اذا صدر مثلا القرار دون استشارة هيئة معينة اوجب القانون اتخاذ رايها قبل اصدار القرار) .
وقد استقر القضاء  على ان العيب في الشكل لا يستوجب البطلان الا اذا شاب ركنا من الاركان الجوهرية التي نص القانون على وجوب استيفائها بحيث اذا لم تكن له هذه الصفة فلا يؤثر في سلامة القرار، وبديهي ان العيب اذا لحق عملية النشر فانه لا يمس بصحة القرار اذ يسوغ للادارة تداركه وتقوم باصلاحه فيما وبعد بوصفه منفصلا عن القرار .
3)    او على مخالفة القانون، في معناه الواسع بما ينطوي عليه من تشريع ولوائح تنظيمية ومبادئ عامة .
4)    او على انحراف في السلطة ( اي ان تكون الجهة الادارية قد تنكبت وجه المصلحة العامة التي يجب ان يتغياها القرار واصدرته بباعث لا يمت لتلك المصلحة بحيث ان عيب الانحراف يكون من العيوب القصدية في السلوك الاداري، قوامه ان يكون لدى الادارة قصد اساءة استعمال السلطة كاداة قانونية في غير ما شرعت له كما هو الشان اذا اتخذت قرارا بدافع ناتج عن حقد او ميل حزبي .
5)    او على انعدام التعليل ( اي الا يكون القرار كاشفا صراحة عن مبررات اتخاذه من الوجهة الواقعية والقانونية ).

ان هذا الشرط الذي لم يكن واردا فيما قبل سواء في التشريع الفرنسي او المغربي اصبح مشكلا لحالة من حالات التجاوز في استعمال السلطة المبررة لرفع دعوى الالغاء حسبما نص عليه الفصل 20 من القانون المحدث للمحاكم .
وقد تجدر الاشارة الى ان قضاء المجلس الاعلى تمشيا مع عمل المحكمة العليا المصرية ومجلس الدولة بفرنسا كان جاريا على ان الادارة ليست ملزمة بتعليل قراراتها ويكفي ان تبين  اسبابها في مذكرة جوابها عن طلب الالغاء، وان لم تجب على ما ادعاه الطاعن من وقائع ضمن عريضة طعنه فانه يفرض فيها انها موافقة ضمنيا على صحتها طبقا للفصل 366 من قانون المسطرة المدنية .
قرار عدد 108 صادر بتاريخ 4/4/1991 م م د م ت عدد 2 و3 - 1993 صفحة 99 .
قرار صادر في 31/5/1968 منشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 10 الصفحة 114 .
قرار صادر في 17/7/1969 نفس المجلة عدد 12 الصفحة 95 .

وان عمل المحكمة العليا للقاهرة قد قد استقر بدوره على ان الاصل انه لا إلزام على الادارة بتسبيب قراراتها، غير انه اذا ذكرت اسبابا لها فانها تكون خاضعة لرقابة القضاء الاداري للتحقق من مدى مطابقتها او عدم مطابقتها للقانون واثر ذلك في النتيجة التي انتهت اليها :
قرار صادر في 17/3/1957 طعن 31 سنة 2
قرار صادر في 15/12/1957 طعن 1519 سنة 2
قرار صادر في 31/5/1964 طعن 1970 سنة 6

فهل ينبغي اعتبار لما نص عليه الفصل 20 الذي سبقت الاشارة اليه مغيرا لما اجمع عليه القضاء وموجبا الغاء كل قرار اداري خال من التعليل كما هو الشان بالنسبة للقرارات القضائية ؟ يكفي لاتجاه نحو هذا الراي استقراء الصيغة التي استعملها المجلس الاعلى في قراراته السابقة التي بنيت على ما يلي :
" بما انه لا يوجد اي نص قانوني يلزم الادارة بتعليل قراراتها فان الطعن المبني على انعدام التسبب يكون غير مقبول" .
( قرار صادر في 31/5/1968 منشور بمجلة قرارات المجلس الاعلى عدد 10 صفحة 114) .
( قرار صادر في 17/7/1969 منشور بمجلة قرارات المجلس الاعلى عدد 12 صفحة 95) .
وبمفهوم المخالفة فانه يستخلص من التعريف بالتجاوز في استعمال السلطة الوارد في الفصل 20 سالف الذكر ان الادارة اصبحت ملزمة بتعليل قراراتها لكي لا تتعرض للالغاء .

IV-    ضد من ترفع دعوى الالغاء
يبدو ان دعوى الالغاء حينما تكون رامية الى الغاء قرار متخذ من طرف سلطة ادارية تنوب عن الدولة تستوجب توجيهها ضد تلك السلطة مع ادخال الدولة في المخاصمة وذلك تحت طائلة عدم القبول في حين ان الاصل في الاختصام في دعوى الالغاء ان توجه ضد الجهة التي اصدرت القرار، فهي ادرى الناس بمضمونه او اعرافهم بالاسباب التي حدت اليه وان كل وزير يمثل الدولة في الشؤون المتعلقة بوزارته ( المحكمة العليا بالقاهرة قراران صادران في 27/5/1967 طعني 675 و797 لسنة 22) وبالتذكير ان الخصومة في دعوى الالغاء تقوم على اختصام القرار الاداري لا على من يصدره اذ لم يطلب احكام باي الزام او شيء عليه فان ادخال الدولة في المخاصمة لا يكون له مبرر قانوني ما دام الوزير الذي اصدر القرار هو المعني بالدفاع عن مشروعيته والملزم باستبيان اسبابه ودوافعه هو بالطبع يمثل بوصفه هذا الدولة في كل ما يتعلق بتسيير ما يدخل في دائرة اختصاصات وزارته، وهذا ما جرى عليه قضاء المجلس الاعلى منذ نشوءه .
( قرار رقم 299 صادر في تاريخ 17/10/1991 - ملف اداري عدد 10201/90  غير منشور ) .

V-    الاختصاص :
بينما كانت دعاوي الالغاء من اختصاص الغرفة الادارية للمجلس الاعلى التي كانت تبت فيها ابتدائيا ونهائيا اصبحت بمقتضى القانون المحدث للمحاكم الادارية من اختصاص هذه المحاكم ابتدائيا والغرفة الادارية للمجلس الاعلى استئنافيا (الفصلان 8 و45 وما يليه من القانون المذكور) باستثناء التي ترفع ضد المقررات التنظيمية والفردية الصادرة عن الوزير الاول وضد قرارات السلطات الادارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة الاختصاص المحلي لمحكمة ادارية والتي تظل من اختصاص المجلس الاعلى ( الفصل 9 من نفس القانون) هذا بالنسبة للاختصاص النوعي، اما فيها يتعلق بالاختصاص المحلي فان دعوى الالغاء تكون من اختصاص  المحكمة الإدارية التي يوجد موطن طالب الالغاء داخل دائرة اختصاصها او التي صدر القرار بدائرة اختصاصها ( الفصل 10 من ذات القانون) .

واذا اثير دفع بعدم الاختصاص النوعي امام جهة قضائية عادية او ادارية وجب عليها ان تبت فيه استثناء من احكام الفصل 17 من مدونة المسطرة المدنية، بحكم مستقل ولا يجوز لها ان تضمه الى الموضوع ويقبل هذا الحكم الاستئناف لدى المجلس الاعلى الذي يفصل فيه داخل اجل 30 يوما ( الفصل 12 من لقانون المذكور) .

VI-    الدعوى الموازية
كما هو الشان بفرنسا ومصر فان دعوى الالغاء تعد استثنائية لا تكون مقبولة اذا كان في وسع الطاعن ان يطالب بما يدعيه من حقوق بطريقة الطعن العادي امام القضاء الشامل ( الفصل 23 من نفس القانون والفصل 360 الفقرة الاخيرة من قانون المسطرة المدنية). ( المجلس الاعلى قرار رقم 15 منشور بمجلة قضاء  المجلس الاعلى عدد 8 ص 93 ) .
وكثيرا من تردد المجلس الاعلى  في تطبيق هذه القاعدة ذلك لانه بعد ما سبق له ان قضى بان المفصول عن عمله من طرف مكتب التسويق والتصدير - مثلا - لا يجوز له طلب الغاء القرار المتخذ في حقه لانه في استطاعته ان يحصل على ما يهدف اليه عن طريق اللجوء الى القضاء العادي على أتساس مقتضيات الفصل 6 من القرار المقيمي المؤرخ في 23/10/1948 المتعلق بالتنظيم النموذجي للعلاقات بين ارباب العمل ومأجوريهم ( قرار صادر بتاريخ 18/12/1986 ملف اداري عدد 123-85 منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 57) تراجع عن قضاءه هذا وصار يعتبر دعوى الالغاء مقبولة في هذا الصدد حينما فطن الى ان الفصل 6 المشار اليه يتعلق بالفصل عن العمل بسبب التاديب فقط وانه يجيز للقاضي المرفوعة اليه الدعوى داخل الشهر الموالي لقرار الفصل ان يقضي بارجاع الاجير الى عمله مما لا يحقق لهذا الاخير مثل ما يترتب على دعوى الالغاء التي تؤدي الى حالة اجابتها الى وجوب العودة الى العمل بدلا من الاكتفاء بجواز القضاء بها خاصة وان قضاء المجلس الاعلى جرى على انه حتى في حالة الحكم بالارجاع الى العمل فانه لا يمكن الزام المشغل بذلك وانما يسوغ للاجير ان يطالبه بالتعويض ( قرار 2182 صادر بتاريخ فاتح نونبر1989 ملف مدني عدد 4776/83 منشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 45 صفحة 17) ( قرار المجلس الاعلى الصادر بتاريخ 13/10/1988 في الملف الاداري عدد 8048/88 غير منشور) ويستنتج من هذا  انه على قاضي الالغاء الا يبادر الى تطبيق مقتضيات الفصل 23 المشار اليه للاستغناء عن الخوض في موضوع الدعوى الا بعدما يتحقق ان الطاعن بلجوئه الى القضاء الشامل سيستفيد من كل ما يترتب عن حالة الالغاء، خاصة وان مجلس الدولة، وهو كما سلف ذكره المصدر الاساسي عن تواجد الدعوى الموازية ما لم يكن من شانها ان توفر لصاحب الشان نتيجة مماثلة او مساوية بمجموع مميزاتها وخصائصها وتوابعها مما لا يتحقق الا نادرا .

VII-    الرسوم القضائية
ان دعاوي الالغاء تعفى من اداء الرسوم القضائية ( الفصل 22 من القانون رقم 90/41) وبما ان الفرع يتبع الاصل فان وقف التنفيذ تستلزم بدورها ذات الاعفاء مما لا ينطبق من لدن المحاكم الادارية خلافا لما جرى به العمل لدى المجلس الاعلى منذ نشوءه .

VIII-    القواعد والمبادئ المطبقة على سريان المخاصمة والبت فيها :
1)    من ناحية الشكل، ينص الفصل 7 من القانون المحدث للمحاكم الادارية ان القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية تطبق لدى هذه المحاكم .
2)    من ناحية الموضوع : انه سبق للمجلس الاعلى ان قضى في صراحة ووضوح انه عندما ينظر في القضايا المعروضة عليه في دعوى الالغاء يكون هو قاضي الموضوع لا قاضي النقض فله الصلاحية للبت في جميع نواحيها سواء منها ما يتعلق بالنقط القانونية وبالنقط الواقعية، شانه ذلك شان جميع قضاة الموضوع، سواء كانت القرارات المعروضة عليه خاضعة لقواعد القانون العام او لقواعد القانون الخاص اذ ان الفصل 353 من ق م م لا يقيم اي تمييز من هذه الناحية بين المقررات الادارية وعلى الخصوص فان المجلس الاعلى يتوفر في اطار دعوى الالغاء على حق النظر في الدعوى  الاصلية والدفوع المثارة والمسائل التبعية ومن جملة ذلك حق الملكية وصحة الوثائق المعروضة عليه ومن بينها ما يتعلق بصفة الطاعن ومصلحته في تقديم الطعن بالالغاء ( قرار صادر بتاريخ 23/8/1990 في الملفين الاداريين عدد 7154/85 و7020/87 غير منشور) .

ومن الوجهة القانونية فان القضاء الاداري يستنبط احكامه بصفة اساسية بما يعتبره مشكلا لمبادئ عامة تستوجب الانطباق ولو لم يوجد اي نص تشريعي او تنظيمي بشانها ومن بين هذه المبادئ ينبغي الاشارة الى :
مبدأ المساواة لدى القانون ولدى القرارات التنظيمية
مبدأ المساواة لدى المرافق العمومية
مبدأ المساواة لدى التكاليف العمومية
مبدأ القاضي بان الحرية هي الاصل والمنع او الحد هو الاستثناء
مبدأ حرية التعليم
مبدأ حرية ممارسة التجارة والصناعة
مبدأ وجوب حصانة الملكية والحريات الاساسية للمواطنين واستئثار التشريع في تنظيم ممارستها والمحاكم العادية في حمايتها .
مبدأ التقاضي على درجتين
مبدأ مراعاة حقوق الدفاع المتمثلة في وجوب تعليل الاحكام القضائية وذكرها أسماء القضاة الذين اصدروها وسرية المداولات وحظر حكم على من لم يكن طرفا في النزاع واستبعاد كل وثيقة قدمت للقاضي دون الاطلاع على فحواها من لدن الطرف الآخر في النزاع، إباحة تقديم الأطراف لملاحظاتهم الشفوية وحرية الدفاع لدى السلطات الادارية .
مبدأ عدم رجعية اثر القرارات الادارية
مبدأ عدم المس بالحقوق المكتسبة على أتساس القرارات الإدارية مما يترتب عليه عدم جواز سحب هذه القرارات ولو كانت معيبة بعد انقضاء ميعاد الطعن بإلغائها ( قرار المجلس الاعلى رقم 63 صادر في 2/3/1979 ملف اداري عدد 60862 منشورات المجلس الاعلى في ذكراه الاربعين المادة الإدارية صفحة 115) .
مبدأ وجوب مراعاة حجية الشيء المحكوم به .
مبدأ وجوب استمرار سير المرافق العمومية .
مبدأ الفصل السلطات .
ان هذه المبادئ تعد من مقومات كل حضارة، هي موروثة من قديم ومنذ عدة قرون، لا مشروعية بدونها، وقد اقرها بكل صراحة القضاء الاداري لمنحها حصانته وكفالته، اعتبرها بمثابة منارات صار يتجه نحوها كلما حدث تردد في تفهم ما عناه المشرع او السلطة التنظيمية فيما رسماه، بحيث اذا لوحظ تعارض بين مفاد قانونية فان القاضي يرجع النص المساير اكثر للمبادئ المذكورة. وقد سبق لمجلس الدولة الفرنسي ان وجد نفسه في حالة حرج بعد الحرب العالمية الاخيرة حينما صدر دستور 1946 الذي اعترف في مقدمته بحق الاضراب للكافة، وبما ان مجلس الدولة يعتبر ان مقدمة الدستور تنزل في التدرج القانوني منزلة مبدأ عام، شعر بان هناك تضارب بين مبدأين اولهما يخول حق الاضراب للكافة وثانيهما يقضي بوجوب استمرار سير المرافق العمومية، ولم يجد سبيلا للاصطفاء اي من المبدأين على الآخر فاضطر ان يلجا الى عملية استطلاع الراي استنتج منها اي الراي العام يرجح حق الاضراب على استمرار سير المرافق العمومية فسايره واعترف لموظفي المرافق بحق الاضراب مع الاعتراف للمشرع بتنظيم كيفية ممارسة حتى لا تؤدي الى اخلال بالنظام العام ( قرار صادر في 7/7/1950 منشور بمجلة جوريس كلاسور 1950-II- 5681 - وبمجلة سيري 109-3-1950) في حين انه قبل تاريخ هذا القرار كان يعتبر ان الاضراب من طرف الموظفين يشكل خطا جسيما يستوجب اعتباره مخلا بالواجبات الاساسية للموظفين وبالتالي تخليا عنها، وهكذا استبان انسجام عمل مجلس الدولة مع رغبات المجتمع اذ زيادة على الحرص على مساندته في التحرر من هيمنة السلطات الادارية اصبح يواكبه في اختياراته ومتمنياته ومطامحه، متميزا بموقفه من هذا عن محكمة النقض التي تركن برجها العالي الى المحافظة على ما استقر عليه قضاءها .
وانه يبين من الاطلاع على مجلة مجموعة قرارات المجلس الاعلى في الميدان الاداري التي صدرت حديثا بمناسبة ذكراه الاربعين للتاكد من انطواء تعليلات العديد من هذه القرارات على الاستناد الصريح الى المبادئ المذكورة .

XI- طلب وقف التنفيذ
ان  الاصل في القرار الاداري هو نفاذه وسريان حكمه الى ان تبطله الادارة نفسها استنادا الى سبب من اسباب البطلان، او تسحبه في الحدود التي يجوز السحب فيها، او يقضي بإلغائه لمخالفته للقانون او لفساد الباعث عليه فسادا بعيبه باساءة استعمال السلطة. وبهذه المثابة فان وقف تنفيذ القرار ينطوي على خروج عن الاصل بصفة وهذا ما اباحه الفصل 361 من قانون المسطرة المدنية الذي نص على انه يمكن للطاعن بصفة استثنائية ان يقدم طلبا صريحا راميا الى الامر بايقاف تنفيذ القرار المطلوب الغاءه. هذا بالنسبة للطعون المرفوعة الى المجلس الاعلى، اما التي تقام لدى المحاكم الادارية فان الفصل 24 من القانون رقم 41/90 قد نص على نفس الاباحة .

وبينما اوجب المجلس الاعلى ان يكون طلب ايقاف التنفيذ مرفقا لمقال الطعن بالالغاء ( قرار الغرفة الادارية عدد 15 صادر بتاريخ 14/11/1972) فان القضاء الاداري المصري اشترط في قبول الطلب ان يكون مقترنا بالطعن بالالغاء في عريضة واحدة ( المحكمة الادارية العليا طعن 620 لسنة 4 ق جلسة 12/7/1958) .
وقبل البت في الطلب يجب على المحكمة ان تفصل صراحة وعلى وجه قاطع في بعض المسائل الفرعية مثل الدفع بعدم الاختصاص النوعي او المكاني والدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد او لانعدام توفر الطاعن على الصفة او المصلحة او لان القرار المطعون فيه ليس نهائيا .

وقد استقر القضاء على ان الحكم بوقف تنفيذ القرار الاداري هو حكم مؤقت بطبيعته ينقضي وجوده القانوني ويزول كل اثر  له اذا قضى برفض الدعوى موضوعا وان الحكم الصادر بشان طلب ايقاف التنفيذ يعتبر حكما قطعيا له مقومات الاحكام وخصائصها ويحوز حجية الامر المقضى به بالنسبة الى ما وقع الفصل فيه في خصوصية الاختصاص وقبول الدعوى بحيث يقيد المحكمة عند نظر دعوى الالغاء .

لما كان هذا، وكان من شان المقضي به في طلب وقف التنفيذ بخصوص كل ما يتعلق بقبول الدعوى ملزما للمحكمة التي تفصل في دعوى الالغاء فانه من الواجب ان يعرض ملف هذه الدعوى على المحكمة عندما تكون تنظر في طلب وقف التنفيذ حتى يتيسر لها التحقق من استيفاء دعوى الالغاء لكامل اوضاعها الشكلية خصوصا وان قضاء استقر من جهة اخرى على ان وقف التنفيذ رهين بتوافر ركنين :
اولهما : ركن الجدية، ويتمثل في قيام الطعن في القرار - بحسب الظاهر - على اسباب جدية تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع .
ثانيهما : ركن الاستعجال وبان يكون من شان استمرار القرار وتنفيذه ترتيب نتائج قد يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغائه .
( حكم مجلس الدولة بالقاهرة صادر بتاريخ 5/7/1983 في الدعوى رقم 3949 لسنة 37 ق منشور بمجلة المحاماة المغربية عدد 24 ص 75) .

وباعتبار الارتباط القائم بين الطلبين : طلب وقف التنفيذ وطلب الالغاء. لكون الاول مشتق من الثاني ومستلزم جدية اسبابه اشترط القضاء الاداري المصري، اشتراطا جوهريا، ان يقترن الطلب الاول بالطلب الثاني في عريضة منفردة خلافا لما استنتجه القضاء المغربي  من منطوق الفصل 361 من ق م م .

يبدو ان اشتراط توافر ركن الاستعجال المتمثل في ان يترتب على التنفيذ نتائج يتعذر تداركها فيما اذا قضى بالغاء القرار يفيد ان كلما كان هذا القرار فارضا اداء مبالغ مالية فان تنفيذه يكون حصينا من وقفه لانه يجوز دائما للمنفذ عليه ان يسترجع في حالة الالغاء ما يكون قد سدده . مما يستخلص منه ان طلب وقف التنفيذ لا يكون سائغا وقابلا للاجابة، الا اذا ثبت انه اذا تم تنفيذ القرار المطعون فيه فانه يستحيل على الطاعن، استحالة موضوعية، ان يسترجع عينا ما كان له فيما قبل كما هو الشان بالنسبة لعمليات الهدم او الاغلاق او الافراغ او الطرد مما لا يساير ما جرى عليه قضاء المجلس الاعلى الذي اجاز وقف تنفيذ القرارات الادارية كلما اتضح له انه من شان تنفيذها ان يتسبب للطاعن في اضرار وخيمة تسيء بمركزه، سواء تعلق الامر باعباء مالية او بالتزامات اخرى ( قرار صادر بتاريخ 28/2/1985 في الملف الاداري عدد 7265/84 منشور بمجلة المحامي عدد 8 صفحة 141 معلل كما يلي :
" حيث ان الطالبة تلتمس ايقاف تنفيذ القرار المطعون فيه، القاضي برفع وجيبة الاحتلال المؤقت من 300 درهم الى 498 درهم للشهر، وحيث انه بعد الاطلاع على وثائق الملف وعلى ظروف النازلة وملابساتها ونظرا لكونها تكتسي الصبغة الاستثنائية التي يقتضيها الفصل 631 من ق م م ارتاى المجلس الاعلى الاستجابة للطلب المرفوع اليه" .

وان القضاء الاداري المصري سار نحو ذات الاتجاه ( قرار رقم 91 صادر عن المحكمة الادارية العليا بتاريخ 16 يبراير1985، طعن رقم 701 لسنة 29 حيث ورد ما يلي :
" ومن حيث انه عن ركن الاستعجال في طلب وقف تنفيذ قرار مصلحة الجمارك، فان هذا الركن يبدو ومتحققا لما ينبني عنه لما هو مستندات الشركة من تحملها باعباء جسيمة سواء بالنسبة التي عقدتها  بالدولار الامريكي او بالجنيه المصري او فيما يتعلق بما حققته من خسائر، واذا ما اضيف الى هذا العبء المالي قيمة خطابي الضمان المصادرين بمقتضى القرار المطعون فيه اولهما بمبلغ خمسمائة الف جنيه والثاني بمبلغ مائة وخمسون الف جنيه فان ذلك القرار يكون ولا ريب مؤثرا على المركز المالي للشركة بما يهدد قدرتها على الوفاء بالتزاماتها وعلى مباشرتها لنشاطها وفقا للاغراض التي انشئت من اجلها، الامر الذي مثل خطورة قد يتعذر تداركها فيما لو بقي القرار منفذا الى ان يقضي في طلب إلغائه " .

X- اثر الحكم الصادر في دعوى الالغاء :
تتميز دعوى الالغاء بانها خصومة عينية تقوم على اختصام القرار الاداري وان الحكم الصادر فيها بإلغائه يعدمه وبهذه المثابة يكون حجة على الكافة يضحى مع القرار الملغي كان لم يكن ولا يحتج به في مواجهة احد ويستفيد ذوو الشان جميعا من الإلغاء باعتبار ان القرار لم يعد موجودا باو قابلا للنفاذ، بينما دعوى غير الالغاء هي خصومة ذاتية ليس الحكم الصادر فيها الا حجية نسبية مقصورة على اطرافه .

اما الحكم القاضي بعدم قبول الدعوى او برفضها موضوعا فانه لا يفرض ان القرار المطعون فيه مشروع وغير مشوب بعيب من  العيوب المبررة لابطاله طالما ان المحكمة لا تبث الا في حدود الطلبات والدفوع المقدمة لها بحيث اذا رفضت هذه الطلبات وهذه الدفوع فهذا لا يعني انه لا وجود لدى افراد اخرين متضررين من ذات القرار لاي طلب او دفع مختلف عما سبق طرحه عليها من شانه في حالة اثارته ان يؤدي الى الغاء القرار. مما حاصله ان الحكم بالالغاء هو وحده الذي تكون له حجية مطلقة اما الحكم القاضي برفض طلب الالغاء فان حجيته تبقى مقصورة على طرفي الدعوى .

XI- تنفيذ الحكم في دعوى الالغاء :
انه من المقرر ان دعوى الالغاء تؤدي اما الى الغاء القرار الاداري المطعون فيه باعتباره باطلا وكانه لم يصدر واما الى رفض الطلب، بحيث لا يجوز للمحكمة ان تعدل القرار او ان تحمل الادارة اي عبء كيفما كان نوعه او شكله ( المجلس الاعلى قرار صادر بتاريخ 24/11/1967 منشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 6 ص 99 ) .

XII- تنفيذ الحكم الصادر ضد الادارات العمومية :
بان الادارة ملزمة بتنفيذ الحكم الصادر من القضاء الاداري ولا يجوز لها ان تمتنع عن ذلك والا كان الموظف الممتنع، سواء كان وزيرا او غيره، مسؤولا شخصيا عن تعويض صاحب الشان عما ناله من اضرار بسبب مخالفة القانون .
وقد اجمع الفقه والقضاء على هذا المبدا المنطوي على وجوب الادعان الى حجية المقضى به والذي، كما سبقت الاشارة اليه، يعد من المبادئ العامة المستوجبة التطبيق ولو لم ترد في نص خاص .
وقد سبق المجلس الاعلى ان قضى بان اخلال الادارة بحجية المقضى به وامتناعا من تنفيذ الحكم الصادر عليها يشكل شططا في استعمال السلطة وخرقا للقانون مبررا لرفع دعوى بالالغاء .
( قرار صادر بتاريخ 29/3/1969 منشور بمجلة المجلس الاعلى عدد 13 ص 80 )
( قرار صادر بتاريخ 3/1/1991 ملف اداري 8144/88 منشور بنفس المجلة عدد 45 صفحة 160 ).
( قرار رقم 132 صادر في 27/4/1979 ملف اداري عدد 55297 منشورات المجلس الاعلى في ذكراه الاربعين : المادة الادارية صفحة 119) وقد ورد في هذا القرار ما يلي :
" ان تجاهل السلطات الادارية للاحكام النافذة المفعول يشكل ما عدا في ظروف استثنائية، شططا في استعمال السلطة لخرقه القواعد الاساسية للتنظيم والاجراءات القضائية التي باحترامها يحترم النظام العام، وان هذا التجاهل يمكن ان يكون اساسا لدعوى الالغاء ولدعوى التعويض حسب القواعد الخاصة بكل واحدة منهما" .

وان مجلس الدولة الفرنسي ذهب الى ابعد من ذلك، اذ انه زيادة على اعتبار القرارات الادارية الغير مراعية للمقضي به مشوبة بتجاوز السلطة وبالتالي قابلة للالغاء، قد قضى بان السلطة التي تصدر عنها، سواء بصفة سلبية او ايجابية، ترتكب خطا جسيما يلزم الدولة او الجماعة المحلية حسب الظروف بتعويض الضرر الذي يلحق المستفيد من الحكم الذي امتنعت من تنفيذه ان كانت هي المحكوم عليها او عن تسخير القوة العمومية لتنفيذه ان كانت مسؤولة عن الامن بل انتهى في اخر المطاف الى الاعتراف للمستفيد من الحكم باختصام المسؤول عن الادارة قصد الزامه بالتعويض على أساس انه بسبب عدم مراعاته للمقضى به يكون قد اخل بالقانون اخلالا فادحا  تترتب عليه مسؤوليته الشخصية :
قرار صادر في 30/11/1923 ( دالوز الدوري 59/3/1923 )
قرار صادر في 27/1/1943 ( مجلة قرارات مجلس الدولة ص 19 )
قرار صادر في 7/5/1947 ( مجلة قرارات مجلس الدولة ص 180 )
قرار صادر في 11/12/1942 ( مجلة قرارات مجلس الدولة ص 344 )
قرار صادر في 11/5/1943 ( مجلة قرارات مجلس الدولة ص 128 )
وتجدر الاشارة الى ان السيد روكار الوزير الاول لفرنسا، سابقا، كان قد وجه للسادة الوزراء وكتاب الدولة بتاريخ 13/10/1988 منشورا ملحا عليهم ان يعطوا تعليماتهم للمصالح التابعة لهم قصد الحرص على تنفيذ الاحكام الصادرة عن المحاكم الادارية والا يستأنفونها الا اذا كان الاستئناف يحمل على ترجيح الالغاء .

نص المنشور:

circulaire du 13 octobre 1988 relative au respect des décisions du juge administratif 
(J. O. 15 Octobre 1988)
paris, le 13 octobre 1980
le Premier Ministre
à Mesdames et Messieurs
les Ministre et secrétaires d'Etats
le respect des décisions de justice est une exigence fondamentale de la démocratie. Il fait partie intégrante du respect de l'Etat de droit,  sur lequel ma circulaire du 25 mai 1988, relative de la méthode de travail du Gouvernement, attirait déja votre attention.

Cette exigences s'impose avec une force particulière s'agissant de la justice administrative. Celle - ci connait en effet des litiges opposant citoyens et collictivité publiques et se trouve ainsi amenée, le cas échéant, à censurer des irrégularités ou des abus de pouvoir auxquels l'opinion est légitimement sensible.
Le respect des décisions du juge administratif doit vous conduire, d'une part, à veiller à la pleine éxécution des jugements, arrêts et décisions, d'audre part, à n'interjeter qu'à bon escient.

1.    Exécution des décisions du juge administratif
Tout défaut d'éxcution, tout retard mis à l'éxécution, toute exécution incomplète ou incorrecte, par une collectivité publique, d'une décision de la justice administrative sont des offenses à l'Etat de droit Minant l'autorité du juge, ils peuvent conduire les citoyens  à désespérer  de la justice. Tout retard d'éxécution ne fait en outre qu'accroître les difficultés pratiques et la charges financières qui péseront en fin de compter sur l'Etat. Je vous rappelle à cet égard que le taux d'intérêt légal est aujourd'hui supérieur au taux d'inflation. L'inexécution expose enfin l'Etat à voir prononcer à son encontre une astreinte, en application de la loi n° 80-539 du 16 juillet 1980.

Or, le Conseil d'Etat est de plus en plus souvent saisi de réclamations de requérants qui se plaignent de l'inexécution de décisions de justice rendues en leur faveur. Le nombre de ces réclamations a plus que doublé en six ans pour atteindre le chiffre de 660 affaires par an en 1987. Trois mois avant la fin de la présente années judiciaire, ce chiffre est d'ores et déjà dépassé.

Cette évolution alarmante doit être enrayée. Les décisions judictionnelles revêtues de l'autorité de la chose jugée sont exécutoires par elles - mêmes, l'adminstration est tenue de s'y soumettre et de prendre spontanément toutes les mesures d'exécution que ces décisions impliquent. Aucune collectivité publique ne serait, par négligence ou lentour, se soustraire à cette obligation.

Aussi ai-je chargé la section du rapport la section du rapport et des études du conseil d'Etat de me proposer toute réforme législative , règlementaire ou administrative qui serait de nature à prévenir les difficultés d'exécution, et, en tout état de cause à accélérer le règlement de des dossiers don't cette section est saisie à ce titre.

Mais, sans attendre les conclusions de cette études, je vous demande de prendre toute les mesures qui relèvant de votre compétance pour assurer la bonne exécution des décisions  du juge administratif, en  rappelant notamment aux administrations centrales et aux cervices extérieurs placés ou sous votre autorité le caractère impératif d'une exécution correcte et rapide de la chose jugée. Je vous pris également de veiller à ce que les autorités de contrôle interviennent auprès des collectivités territoriales et de leur établissements publics que les obligations qui leur incombent  soient strictement respectées.

2.    Appel des jugements et arrêtés  défovorable à l'Etat
L'attitude observée par certains départements ministériels face aux décisions rendues par les juridictions administratives de premier ressort  en défaveur de l'Etat conduit en outre à vous adresser les directives qui suivent.
*
L'équité, la sécurité juridique de l'encombrement des tribunaux doivent vous inciter à ne jamais interjeter appel à la légère. La décision de faire appel sera donc subordonnée  la réalisation simultanée de deux conditions : probabilité suffisante pour L'Etat d'être victorieux en appel : réalité de l'atteindre portée par le jugement aux intérêts matériels moraux de l'Etat.

En application de cette règle, vous vous abstiendrez de faire appel lorsque, en l'état de la jurisprudence, celui-ci n'a que de chances minimes d'aboutir, je vous demande donc de vous incliner devant la décision du juge de première instance lorsque la question soulevée a été tranchée, dans une autre affaire, par le juge de dernier ressort .*

En sens inverse, l'appel est justifié, même si l'enjeu immédiat est limité, dès lors qu'il permet de trancher une question pratiquement au juridiquement importante pour la bonne marche des services.*

L'appel des jugements des tribunaux administratifs n'étant pas suspensif, la décision de faire appel ne peut vous dispenser d'assurer l'exécution diligente du jugement attaqués. Si l'exécution d'un jugement de tribunal administratif pose des problèmes particuliers et que la solution retenue par les premiers juges parait, selon toute probabilité, devoir être infirmée en appel, il vous est toujours loisible d'assortir l'appel d'une demande de sursis à exécution .

Si vous décidez de faire appel d'un jugement condamnant d'Etat à verser une somme d'argent à un particulier, vous voudrez bien en iformer ce dernier et lui rappeler qu'en cas de succés de l'appel, la somme qui lui a été allouée devra être restituée. Trop d'administrés, ayant obtenus, devant les premiers juges, la condamnation de l'Etat à leur verser une somme d'argent en réparation  d'un dommage, se trouvent, faute d'avoir été alertés en temps utile, dans l'impossibilité de restituer tout ou partie de cette somme en cas de succès de l'appel formé par l'Etat .

Les directives qui précèdent s'appliquent également, à compter du 1er janvier 1989, aux pourvoirs en cassation formés par l'Etat contre les arrêts rendus par les cours administratives d'appel crées par la loi n° 87-1127 du 31 décembre 1987.

وان السيد عبد الكريم العمراني الوزير الاول للمغرب سابقا قد اتخذ بدوره بتاريخ 17/3/1993 منشورا راميا الى نفس الغاية .
نص المنشور :

المملكة المغربية                                باسم الله الرحمن الرحيم        الرباط في 17 مارس 1993
الوزير الاول                                                منشور رقم د/ 80


الى السيدين وزيري الدولة والسادة الوزراء


الموضوع : تنفيذ الاحكام والقرارات القضائية

سلام تام بوجود مولانا الامام
وبعد، فقد لوحظ ان بعض الوزرات، بصفتها الاصلية او باعتبارها وصية، وكذا بعض الجماعات المحلية والوكالات التي تحت وصايتها لا تنفذ الاحكام والقرارات لنهائية الحائزة لقوة الشيء المقضى به .

ولا يخفى عنكم ان كل حكم بدون تنفيذ يعتبر عديم الجدوى ويجرد القضاء من فاعليته، وان اقتضاء الحق بعد اجتياز مراحل التقاضي يجب ان يتم بكل سرعة انصافا لارباب الحقوق وحفاظا على هيبة  الدولة وحرمتها .

فضمانا لتحقيق هذا المبتغى، اهيب بكم الى اعطاء تعليماتكم للمصالح المختصة بضرورة تنفيذ الاحكام القضائية الصادرة في مواجهة الادارة والمؤسسات التابعة لها حتى يتسنى للمحاكم القيام بمهامها على الوجه الاكمل، ويطمئن المتقاضون بربوع المملكة على حقوقهم، وتحتفظ العدالة بمصداقيتها وفقا للتوجيهات المولوية الرشيدة لسيدنا المنصور بالله

ومع خالص التحيات والسلام

الوزير الاول
محمد كريم العمراني

--------------------------------------------------------------------------------------------------------------
وان السيد عبد الرحمان اليوسفي الوزير الاول الحالي للمغرب قد اتخذ من جهته كذلك منشورا في نفس النطاق .
نص المنشور

المملكة المغربية             باسم الله الرحمن الرحيم             الرباط 8 جمادى الاولى
                                    1998 غشت 31 الموافق 1419
منشور عدد 98/37


الى السيدين وزيري الدولة والسادة الوزراء وكتاب الدولة

الموضوع : تنفيذ الاحكام والقرارات النهائية

سلام تام بوجود مولانا الامام،
وبعد، يرد على الوزير الاول يوميا عدد كبير من المراسلات يشتكي اصحابها من امتناع لبعض الوزارات اما اصليا او بحكم الوصاية، وكذا بعض المكاتب الوطنية والجماعات المحلية والوكالات المستقلة، من تنفيذ الاوامر والاحكام والقرارات القضائية رغم اكتسابها لقوة الشيء المقضي به .

وينبغي التذكير في هذا الصدد بان الامتناع عن تنفيذ حكم اصبح نهائيا واكتسب قوة الشيء المقضى به يعتبر في مفهوم القانون الجنائي ( تحقيرا لامر قضائي) ومع ما يترتب عن ذلك من جزاءات قانونية .

كما ينبغي التذكير بان تنفيذ الاحكام النهائية يعتبر اسمى تعبير من كل الأطراف المعنية عن تمجيد القضاء وتكريم السلطة القضائية، وفي ذات الوقت اعترافا بحقوق المواطنين واحتراما وتكريسا لحقوق الانسان .

لذا اهيب بكم الى اصدار تعليماتكم الصريحة للمصالح المعنية بوجوب تنفيذ الاوامر والاحكام والقرارات القضائية الصادرة في مواجهة ادارات الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية، والى السهر على تطبيق تعليماتكم من طرف المصالح المختصة حتى تسترجع للمشروعية سيادتها وللقضاء قدسيته وحرمته ويسود الاطمئنان في نفوس المتقاضين طبقا للتوجيهات الرشيدة السامية لصاحب الجلالة ايده الله واعز ملكه .

وتقبلوا خالص التحيات
الوزير الاول
عبد الرحمان اليوسفي

XII- الطعن في الحكم الصادر في دعوى الالغاء :
ان دعوى الالغاء الموجهة ضد المقررات الصادرة عن الوزير الاول والتي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة الاختصاص المحلي لمحكمة ادارية تكون من اختصاص المجلس الاعلى الذي طبعا يفصل فيها ابتدائيا ونهائيا بينما تكون في غير هاتين الحالتين من اختصاص المحاكم الادارية ابتدائيا والمجلس الاعلى استينافيا بحيث ان الحكم الصادر فيها وان لم يقبل النقض لان المجلس الاعلى هو الذي يبت فيها في اخر  مرحلة فانه يجوز الطعن فيه عن طريق  اعادة النظر طبقا لمقتضيات  الفصول 7 من القانون المحدث للمحاكم الادارية والفصلين 402 و379 من قانون المسطرة المدنية .

غير انه يلاحظ ان اسباب  هذا الطعن تختلف باختلاف الهيئة التي تبت في الدعوى بسبب عدم تماثل الحالات المشار اليها في الفصلين 402 و379  المذكورين ذلك لان طلب اعادة النظر في الاحكام الصادرة ابتدائيا ونهائيا عن المجلس الاعلى وكذا التي تصدر عنه استئنافيا لا يكون مقبولا الا في حالة توافر احد الاسباب المذكورة على سبيل الحصر في الفصل 379 بينما يستوجب، اذا كان مقدما ضد الاحكام النهائية الصادرة عن المحاكم الادارية، الارتكاز على احدى الحالات المبينة في الفصل 402 مما يشوبه انعدام الانسجام والتوازن .

ومعلوم ان الاحكام النهائية الصادرة عن المحاكم الادارية والقرارات الصادرة عن المجلس الاعلى سواء ابتدائيا ونهائيا او استئنافيا تقبل التعرض عليها من لدن الغير الخارج عن الخصومة اعمالا بمقتضيات الفصل 7 من القانون عدد 41/90 والفصلين 303 و379 من ق م م ولا يكون هذا التعرض معفي من اداء الرسوم القضائية وايداع الغرامة المنصوص عليها بالتوالي في الفصلين 305 و407 من ق م م وذلك بسبب مفهوم المخالفة لان القانون المحدث للمحاكم الادارية لا ينص على الاعفاء من تسديد تلك الرسوم الا بالنسبة لدعوى الالغاء المبتدئة وللاستئناف دون سواهما ( الفصلان 22 و48 منه).

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 80، ص 86 .
Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم :