-->

للدائن الحق في اتخاذ جميع الاجراءات القانونية الكفيلة بضمان استيفاء دينه




القاعدة
ان للدائن الحق في اتخاذ جميع الاجراءات القانونية الكفيلة بضمان استيفاء دينه في مواجهة مدينه بما في ذلك ايقاع الرهون والحجوز على اموال هذا الاخير دون امكان المطالبة بضرورة اثبات عدم كفاية الرهون لتسديد الدين من اجل الاستجابة لطلب اجراء الحجز لدى الغير .


باسم جلالة الملك
ان محكمة الاستئناف التجارية بالبيضاء، وهي مؤلفة من السادة :
الاستاذة سعاد رشد : رئيسا ومقررا
الاستاذة فاطمة بنسي : مستشارا
الاستاذ عمر المنصور : مستشارا
وبحضور السيدة عكريط ميلودة : ممثلة النيابة العامة
وبمساعدة السيد حميد بونهير : كاتب الضبط .
اصدرت بتاريخ 2/3/1999 في جلستها العلنية القرار الاتي نصه :
بين : الشركة العامة المغربية للابناك .
شركة مساهمة مقرها الاساسي بالدار البيضاء 55 شارع عبد المومن
تنوب عنها الاستاذات الفاسي، العراقي والكتاني المحاميات بهيئة الدار البيضاء
بوصفها مستانفة من جهة
وبين : السيدة الحمري امل الصافي القاطن بالبيضاء 133 زنقة سيوسوتيس الحي المحمدي
نائبه الاستاذ ابن حجر مصطفى، المحامي بهيئة البيضاء
بوصفها مستانفا عليها من جهة اخرى
بحضور البنك التجاري المغربي ش م مقرها الاساسي 2 شارع مولاي يوسف الدار البيضاء في شخص ممثلها القانوني القاطن نفس العنوان .

بناء على مقال الاستئناف والامر الاستعجالي المستانف ومستنتجات الطرفين ومجموع الوثائق المدرجة بالملف .
وبناء على اشعار الطرفين بجلسة 16/2/99
وتطبيقا لمقتضيات المادة 19 من قانون المحاكم التجارية والفصول 328 وما يليه و429 من قانون المسطرة المدنية .

وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث انه بتاريخ 29/12/98 استانفت الشركة العامة المغربية للابناك بواسطة محامياتها الاستاذات العراقي، الفاسي والكتاني الامر الاستعجالي عدد 919/98 الصادر بتاريخ 24/11/98 عن قاضي المستعجلات للمحكمة التجارية بالدار البيضاء في الملف عدد 951/98 والقاضي برفع الحجز لدى الغير المامور به في الملف عدد 4209/3/98 بتاريخ 17/8/98 .

في الشكل : حيث ان الثابت من خلال غلاف التبليغ المرفق بمقال الاستئناف ان الطاعنة بلغت بالامر الاستعجالي المستانف بتاريخ 18/12/1998 وبادرت الى الطعن فيه بتاريخ 29/12/1998 اي داخل الاجل القانوني، كما ان المقال الاستئنافي مستوف لباقي الشروط الشكلية المتطلبة قانونا صفة واداء فهو مقبول شكلا .

وفي الموضوع : حيث يستفاد من خلال الرجوع لوثائق الملف ان السيد الحمري امل الصافي تقدم بتاريخ 2/10/98 بمقال الى السيد رئيس المحكمة التجارية بالدار البيضاء يعرض فيه ان المدعى عليها الشركة العامة المغربية للابناك استصدرت بتاريخ 17/8/98 امرا باجراء حجز لدى البنك التجاري له ما يبرره باعتبار  ان العارض زبون للمدعى عليها منذ عدة سنوات وان المدعى عليها تتوفر على ضمانات عينية تكفل بكثير حقوقها، وان الحساب الجاري للعارض مدين لها بمبلغ 7 مليون درهم بينما تفيد تقارير الخبرة الثلاث المنجزة من طرف الخبير السيد محمد بنكيران ان قيمة العقارات المرهونة 11.149.500 درهم اضافة الى القيم البنكية المدفوعة للاستخلاص لدى المدعى عليها. وانه من غير المعقول  ان تجري المدعى عليها حجوزات لدى الاغيار عن مبالغ تتوفر على رهونات تفوق مبلغ الحجز لذلك ونظرا لحالة الاستعجال القصوى المنصوص عليها في الفصل 151 من ق م م يتعين القول برفع الحجز لدى الغير المامور به في الملف عدد 98-3-4209 بتاريخ 17/8/98 مع النفاذ المعجل .

وحيث انه بعد جواب المدعى عليها وحجز القضية للتامل صدر الامر المستانف بعلة ان الفقه والعمل القضائي استقر على شروط ضرورية يجب توافرها لكي يؤذن بايقاع الحجز لدى الغير تتعلق بالدين الذي يبرر الحجز، وبوجود خطر مستمد من احتمال اعسار المدين، وان هذا الخطر يفترض عندما يبقى الدين بدون وفاء رغم حلول اجله، ولان انعدام  هذا الخطر يكون الحجز عديم الجدوى، وان السيد امل الصافي منح رهنا على ملكه موضوع الرسم العقاري عدد 18525 في حدود مبلغ 2.100.000 درهم. كما منح رهنا على الحقوق المشاعة التي يملكها في الرسم العقاري عدد 15058 في حدود مبلغ 2.900.000 درهم وان قيمة هذه العقارات حسب الخبرة المنجزة بلغت 11.149.500 درهم .
وان طالب الحجز له من الضمانات ما يكفي للحصول على حقوقه عند عجز المدين عن الوفاء بالنظر للرهونات المحصل عليها، وان طلب الحجز لم يبين للمحكمة انه تعد هذه الرهون لتسديد الدين، مما يكون معه الحجز الواقع على اموال المحجوز عليها حجزا تعسفيا يتعين رفعه .

وحيث جاء في مقال الاستئناف الذي يطلب منه رفع الحجز لدى الغير تقتصر صلاحيته مع التاكد مما اذا كان الحجز المامور به تتوفر فيه شروط الفصل 488 من ق م م وكلما كان الشرط الاساسي وهو ثبوت الدين متوفرا، فانه لا يستجيب لطلب رفع اليد عن الحجز ويقضي برفضه، وفي النازلة فان الدين الذي تم بسببه الحجز ليس غير مجادل فيه فسحب، بل سبق الاقرار به والتعهد بادائه دون جدوى، وان الامر المستانف عندما استجاب للطلب يكون قد خرق مقتضيات الفصل 488 و491 من ق م م وان الفصل 1241 من ق ل ع يعتبر كل اموال الدين تشكل الضمان العام لدائنيه ويوزع ثمنها عليهم بنسبة دين كل واحد منهم ما لم توجد بينهم اسباب قانونية للاولوية، وخلافا لما اعتبره الامر الابتدائي في تعليله، فان الفصل 1241 لا يطبق " الا في حالة عدم كفاية الضمانات وبعد اتخاذ الاجراءات القانونية للتحميلها …." وان التطبيق السليم للفصل 1241 م. ق. ل. ع يجيز لاي دائن يتوفر على دين ثابت ان يجري حجزا لدى الغير على اموال مدينه ولو كان متوفر على رهن عقاري، وهذا الجواز يخول له بسبب انه حقا في حالة طلب تحقيق الرهن العقاري فانه ليس له ما يضمن له انه سيستوفي كل دينه من منتوج بيع العقار المرهون، اما اذا استطاع استخلاص دينه في اطار احدى المسطرتين، فمن البديهي انه لن يطالب به في اطار مسطرة اخرى، وبذلك  يكون الامر المستانف قد اضاف الى الفصل 1241 من ق ل ع شروطا اخرى لا ينص عليها واساء تطبيقه .

وفيما يخص الادعاء بان قيمة العقارات المرهونة كافية بالنظر لما ورد في تقارير الخبرة الثلاثة المنجزة من طرف الخبير بنكيران محمد، فان هذه الخبرات ليس لها طابع قضائي ولا حضوري، وانما تمت بمبادرة من المحجوز عليه نفسه الذي اتصل بالخبير مباشرة وطلب منه انجازها،  ومعلوم ان الخبرة التي تفتقر الى الطابع القضائي والصبغة الحضورية تكون عديمة القيمة ولا يمكن اعتمادها، ولو كانت لها قيمة فان ذلك لا يبرر الاستجابة لطلب رفع الحجز لدى الغير مادام ان هذا الاخير تتوفر فيه شروط الفصل 488 من ق م م وان العارضة قامت بدورها بخبرة حددت القيمة الحقيقية للعقارات المرهونة بدون مجاملة، واثبت ان القيمة الاجمالية  لكل عقار لا تتعدى 1.500.000 درهم، وهي غير كافية، لذلك يتعين الغاء الامر الاستعجالي المستانف والحكم من جديد برفض الطلب وترك كل الصوائر على عاتق المحجوز عليه .

حيث انه بعد استدعاء الطرفين وادراج القضية بجلسة 16/2/99 ابدى الاستاذ مصطفى بن حجر نائب المستانف عليه ملاحظات شفوية جاء فيها ان الامر المستانف كان مصادفا للصواب وبني على وثائق دامغة تفيد انه زبون للطاعنة وتعامل معها بمبالغ مهمة، وان الدين محل منازعة وان البنك قد استصدر عدة حجوز لدى مجموعة من الابناك وان الخبرات المدلى بها ليست خبرات مجاملة لان البنك هو الذي ارسل المستانف عليه لتقييم العقارات المرهونة، وان المديونية مضمونة برهون وان هناك دعوى في الموضوع في مواجهة البنك من اجل الاداء، مؤكدا ان الامر المستانف مصادف للصواب ويتعين تاييده، وان الكشف الحسابي المدلى به في الملف لا يشير الى مديونية رغم تنفيذ الحجز .

وحيث عقب الاستاذ الحضيري عن الطاعنة بانه خلال سنة 1997 استفادت مقاولة خولة من تسهيلات بنكية حصلت بمقتضاها على عدة قروض، وان مدير الوكالة قد تجاوز سلطاته حيث وصل مبلغ الدين الى  10.000.000,00 درهم، وان الضمانات الممنوحة للبنك لا تغطي الدين المذكور مما ادى الى استصدار حجز لدى الغير  من المستانف عليه وان الخبرات انجزت مجاملة، وان الامر المستانف قد جانب الصواب وخرق بنود الفصل 491 من ق م م ملتمسا الحكم بالغائه والحكم من جديد برفض الطلب .
واكد الاستاذ ابن حجر مرافعته الشفوية، وبناء على ذلك تقرر حجز القضية للمداولة والنطق بالقرار في جلسة 2/3/99 .

محكمة الاستئناف
حيث تمسك الطاعن بمقتضيات الفصلين 488 و491 من ق م م اللذين يجيزان لكل دائن يتوفر على دين ثابت اجراء حجز بين يدي الغير في مواجهة المدين باذن من القاضي، مؤكدة ان طلب رفع الحجز يقتصر فيه فقط على التاكد من توفر شروط ثبوت الدين، ويعيب  على الامر الاستعجالي المستانف خرق وسوء تطبيق الفصل 1241 من ق ل ع واضافته الى نص الفصل المذكور شروطا اخرى لا يتضمنها .

وحيث يتضح بالرجوع الى الامر المستانف ان السيد قاضي المستعجلات اعتمد في تبريره للاستجابة لطلب رفع الحجز الى ان الفصل 1241 من ق ل ع يعتبر ان مال المدين ضمان عام لدائنيه الا في حالة عدم كافية الضمانات، وبعد اتخاذ الاجراءات القانونية لتحصيلها، وان طالب الحجر له ضمانات كافية للحصول على حقوقه عند عجز المدين عن الوفاء بالنظر الى الرهونات المحصل عليها، مستندا في ذلك على تقارير الخبرة المنجزة من طرف الخبير محمد بنكيران المدلى بها من طرف المحجوز عليه .

لكن حيث ان النص الصحيح للفصل 1241 من ق ل ع هو " ان اموال المدين ضمان عام لدائنيه يوزع ثمنها عليهم بنسبة دين كل منهم ما لم توجد بينهم اسباب قانونية للاولوية"، الامر الذي يستفاد منه ان للدائن الحق في اتخاذ جميع الاجراءات القانونية الكفيلة بضمان استيفاء دينه في مواجهة مدينه بما في ذلك ايقاع الرهون والحجوز على اموال هذا الاخير دون امكان المطالبة بضرورة اثبات عدم كفاية الرهون لتسديد الدين من اجل الاستجابة لطلب اجراء الحجز لدى الغير .
وحيث فضلا عن ذلك وحتى ولو سايرنا المحجوز عليه في طرحه الا انه في النازلة لم يستطيع اثبات كون الرهون الواقعة على عقارته كافية لسداد الدين بتمامه، وان الخبرات التي استدل بها في هذا الاطار لا يمكن اعتمادها قد انجزت بطلب من المحجوز عليه وحده وتفتقر الى الطابع الحضوري وبالتالي ليست لها اية قيمة قانونية .

وحيث ا نه اعتمادا على ذلك فان الامر المستانف حينما اعتبر الحجز لدى الغير الذي اجري بين يدي البنك التجاري المغربي على مبلغ 5.000.000,00 درهم حجزا تعسفيا وامر برفعه، يكون قد جانب الصواب ويتعين بالتالي الغاؤه، والحكم من جديد برفض الطلب .

لهذه الاسباب
فان محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، وهي تبت علنيا وانتهائيا حضوريا تصرح :
في الشكل : قبول الاستئناف
في الجوهر : باعتباره والغاء الامر الاستعجالي الصادر قاضي المستعجلات للمحكمة التجارية بتاريخ 24/11/98 في الملف عدد 951/98 وبعد التصدي الحكم من جديد برفض الطلب وبتحميل المستانف عليه الصائر .
و بهذا صدر القرار في اليوم والشهر والسنة واعلاه بنفس الهيئة التي شاركت في المناقشة .

الرئيس                 المستشار المقرر                 كاتب الضبط


* مجلة المحاكم المغربية، عدد 81، ص 164 .

محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء
قرار رقم 243/99 - بتاريخ 2/3/99 - ملف رقم 018/99/4
---------------------------------------------------------------
Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم :