-->

طلب مراجعة الايراد الممنوح للمصاب قرار قضائي مغربي

المجلس الاعلى  الغرفة المدنية
قرار رقم 2359 - بتاريخ 15/10/1990 - ملف اجتماعي عدد 9238/88


يمكن للمصاب او ذوي حقوقه او مشغله او الضامن، طلب مراجعة الايراد الممنوح للمصاب داخل 15 سنة بدايته تاريخ امر قاضي الصلح المحدد للايراد، ولا يوجد بالمقتضى القانوني القاضي بذلك ما يشير الى ان المقصود بالقرار هو القرار الاول المانح للايراد .
وبالتالي فان كل حكم يقضي بتحديد جديد للايراد بناء على طلب من يعنيه الامر يعتبر حكما جديدا ينطلق منه الاجل المذكور .



باسم جلالة الملك
بناء على العريضتين المرفوعين اولاهما بتاريخ 16/1/88 من طرف شركة التامين " الوفاق" ممثلة في شخص مديرها العام وشركة مفاحم المغرب ممثلة كذلك في شخص مديرها العام النائب عنها الاستاذ حسن الفتوح المحامي المقبول للترافع امام المجلس الاعلى وذلك بما لهما من مصلحة مشتركة وثانيتهما من طرف شركة مفاحم جرادة في شخص مديرها العام النائب عنها عنها الاستاذ اقويدر قنطري الراميتين الى نقض القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بوجدة بتاريخ 7/5/1987 تحت عدد 838.
وبناء على الامر بتعيين القيم القضائي عن المطلوب ضدها النقض وعلى نتيجة البحث التي اسفرت عن عدم العثور عليها .
وبناء على الاوراق الاخرى المدلى بها في الملف .
وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28 شتنبر1974.
وبناء على الامر بالتخلي والابلاغ الصادر في 17/9/1990 .
وبناء على الاعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 15/10/1990.
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم .
وبعد تلاوة التقرير من طرف المستشار المقرر السيد عبد الله الشرقاوي والاستماع الى ملاحظات المحامي العام السيد عبد الحي اليملاحي .

وبعد المداولة طبقا للقانون
في شان وسائل النقض الاولى والثانية وهذه الاخيرة بفرعيها في الملفين : 9238/9727/88.
حيث يستفاد من عناصر الملف ومن القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بوجدة بتاريخ 7/5/88 تحت عدد : 838 ان المرحوم هداجي الجيلالي تعرض للاصابة بمرض السليكوز المهني وهو في خدمة "مفاحم المغرب" وقد وقع التصريح بهذا المرض بتاريخ 6/4/64 معززا بشهادة طبية تثبته، وبتاريخ 27/11/68 حرر امر بالاتفاق على ايراد سنوي عمري قدره 488 درهم استنادا الى عجز جزئي مستمر قدره 20  % واجرة سنوية قدرها 4884 دهـ واستمر تفاقم المرض الذي كان موضوع عدة مراجعات الى ان توفي المصاب بتاريخ 17/2/84 بسبب هذا المرض كما تشهد بذلك الشهادة الطبية المحررة بنفس التاريخ من طرف الدكتور حميمصة علي، فتقدمت ارملته بطلب ايراد عمري سنوي مبني على وفاة زوجها بسبب المرض المهني المشار اليه، وبعد جواب الشركة المشغلة ومؤمنتها بتقادم الطلب بناء على مقتضيات الفصل 17 من قرار 3/2/60 اصدرت المحكمة الابتدائية حكمها برفض الطلب لوروده خارج اجل المراجعة، استانفته الارملة فاصدرت محكمة الاستئناف قرارها بالغاء الحكم المستانف وحكمت على " شركة مفاحم المغرب" وفي محلها مؤمنتها شركة التامين  "الوفاق" باداء ايراد سنوي للارملة مبلغه ( 1465 دهـ) ابتداء من 18/2/1985.

حيث تعيب الطاعنتان على القرار المطعون فيه نقصان التعليل والتطبيق الخاطئ للقانون وخرق الفصل 281 من ظهير 6/2/1963 اذ وقع التباس في التفريق بين القواعد العامة في نطاق الالتزامات والعقود، وبين التقادم في ميدان حوادث الشغل والامراض المهنية التي تنظمها تشريعات خاصة هي من النظام العام وفي هذه النازلة فان التصريح بالمرض كان بتاريخ 6/4/64 واول قرار مانح للايراد كان بتاريخ 27/11/1968 والمرحوم وافاه الاجل بتاريخ 17/2/1985 فتقدم ورثته من بعده بطلب الحكم لهم بايراد، وقضاة الاستئناف لكي يكونوا متمشين مع روح نص الفصل 281 كان عليهم ان يصرحوا بتاييد الحكم الابتدائي واعتبار طلب الورثة قد قدم خارج الاجل القانوني المحدد في خمس سنوات التي تعقب الحادثة، وفي جميع الاحوال ابتداء من تاريخ الخبرة الجماعية التي كانت بتاريخ 15/9/1967 كما ان قضاة الاستئناف خرقوا مقتضيات الفصل 17 من قرار 3/2/1963 ذلك ان جميع حقوق الورثة في مثل هذه النوازل ما هي الا امتداد لحقوق مورثهم، فلو بقي الهالك قيد الحياة وتقدم بطلب المراجعة ضمن الكيفية المذكورة وفي نفس التاريخ لووجه بنفس الدفع على اساس الفصل 17 المذكور، كما يتجلى انعدام التعليل في حيثيات القرار المطعون فيه حينما اورد بان المراجعة في الامراض المهنية التي تبتدئ من تاريخ القرار المانح للايراد لا يمكن الاعتراض بها على الضحية وذوي حقوقه من بعده لان طلبهم بعد وفاته هو بمنزلة طلب مراجعة يطبق عليها نفس القانون طالما ان حالته الصحية قد استقرت ولم يطرا عليها أي تغيير طيلة مدة المراجعة اما اذا كانت هناك عدة تفاقمات فانه ينبغي الاعتماد على عنصر الشفاء الظاهر المنصوص عليه في الفصل 276 من ظهير 6/2/1963 لاحتساب اجل المراجعة الاخيرة من الضحية لو كان حيا او من ورثته من بعده، وهكذا يتضح ان القرار اعتبر ان التقادم لا يسري الا اذا كانت الحالة الصحية للمصاب مستقرة اما اذا انتكست فانه ينبغي الاعتماد على عنصر الشفاء الظاهر انطلاقا من اخر طلب للمراجعة وليس انطلاقا من اول تصريح بالمرض، ومن جهة اخرى فان القرار المطعون فيه خرق الفصلين 278.276 من ظهير 6/2/1963 اذ جاء في حيثياته انه ينبغي الاعتماد على الشفاء الظاهر المنصوص عليه في الفصل 276 من الظهير المذكور في حين ان مرض السيلكوز المهني افرد له المشرع تنظيمات ومقتضيات خاصة، هذا فضلا عن ان ظهير 6/2/1963 لم يحدد تاريخ الشفاء الظاهر او برء الجرح وانما جعلها تاريخا واحدا اذ نص في فصله  278 على ان الاجال المنصوص عليها في الفصلين 276، 277 تبقى سارية المفعول ولو صدر الامر بعلاج طبي جديد، وباعتبار ان الخبرة الاولية كانت بتاريخ 2/7/1964 والخبرة الجماعية كانت بتاريخ 15/9/76 فيكون تاريخ الشفاء الظاهري هو تاريخ الخبرة الاولية او على ابعد تقدير هو تاريخ الخبرة الجماعية .

لكن حيث انه اذا كان الفصل 281 من ظهير 6/2/1963 ينص على انه يمكن لذوي الحقوق ان يطالبوا بتحديد جديد للتعويضات الممنوحة اذا توفي المصاب على اثر الحادثة في غضون الخمس سنوات الاخيرة الموالية لتاريخها فان الفصل 17 من قرار وزير العدل المؤرخ في 3/2/1960 المتعلق بالتعويض عن الاصابات بالامراض المهنية والمطبق على النازلة اكد ان لذوي  الحقوق حق طلب مراجعة الايراد وبدون ان يمس ذلك بمقتضيات الفصل 19 من ظهير 25 يوليوز1927 الذي حل محله الفصول 276 وما بعده الى 308 من ظهير 6/2/1963 وحدد فترة اجل طلب المراجعة في 15 سنة بدايتها امر القاضي الابتدائي الذي حدد الايراد، وبما ان هذا الفصل يكمل مقتضيات الفصل 281 من الظهير المذكور لتقديم طلب تحديد الايراد يلزم العمل بها فيما اذا ان الاجير لم يتقدم باي طلب للمراجعة الى ان توفي وهذا ما جعل المشرع يعبر بكلمة تحديد الايراد، اما اذا كان المريض قد تقدم بطلب مراجعة الايراد قيد حياته ثم توفي فان حق الورثة مستمد من حقه ويعتبر الطلب المقدم من طرفهم تابعا للطلب المقدم من طرف موروثهم ويطبق في حقهم الفصل 17 من قرار وزير الشغل المشار اليه اعلاه والذي حدد اجل المراجعة في 15 سنة مما تكون الوسيلتين لا تبنيان على أي اساس .

وفيما يتعلق بالوسيلة الثالثة في الملف 9238 والفرع الثالث من الوسيلة الثانية في الملف 9729.
حيث تعيب الطاعنتان على القرار المطعون فيه الخرق والتطبيق الخاطئ للفصل الثالث من ظهير 31/5/1943 والفصل 19 "أ"، 19 "ب" من ظهير 25 يونيو1927 والفصل 276 من ظهير 6/2/1963 ذلك انه بالرجوع الى حيثيات القرار المطعون فيه يتجلى الخرق الواضح للفصل 3 مكرر " ثانيا" من ظهير 31/5/1943 الذي يعتبر ان شهادة الشفاء الظاهري للجرح هي الشهادة المرفقة بالتصريح بالحادثة او بالمرض المهني، او على الاقل ابتداء من تاريخ انجاز الخبرة التي انجزت على الضحية عقب التصريح الاولي والتي نصت على وجود نسبة عجز دائم وعليه واستنادا على النص المذكور فقد كان على قضاة الاستئناف ان ياخذوا كنقطة لبداية التقادم شهادة الشفاء الظاهري للجروح بالنسبة للتصريح الاولي وان لا يتخذوا سندا اخر لاحتساب اجل المراجعة ما دام ملف النازلة يتوفر على تصريح اولي مرفق بشهادة الشفاء الظاهري للجروح، وهو ما ذهب اليه الفصل 276 من ظهير 6/2/63 ومن جهة اخرى فان القرار الاستئنافي تطرق الى احكام الفصل 19 من ظهير 25/6/1927 والذي تضمنه الفصل 276 من ظهير 6/2/1963 واثاره تلقائيا ومطبقا إياه تطبيقا خاطئا ذلك ان الفصل المذكور نص على ان ابتداء سريان اجل التقادم يحتسب من تاريخ الشفاء الظاهري ذلك التقادم الذي رفع الى 15 سنة بمقتضى قرار 3/2/1960 متى تعلق الامر بمرض السيلكوز المهني ونفس الفصل يميز بين حالة العامل المستفيد من التعويض عن تغيير الوظيفة، وبين الذي يستفيد من ايراد سنوي، وهذه الحالة الاخيرة هي التي تهمنا على اعتبار ان موروث المطلوبين كان يستفيد من ايراد سنوي .

لكن حيث انه اذا كان الفصل 17 من قرار 6 فبراير1960 المتعلق بتحديد الايراد بالنسبة للامراض المهنية والمطبق على النازلة لوقوعها قبل صدور قرار1967 قد نص على انه بدون مساس بمقتضيات الفصل 19 من ظهير 25/6/1927 ( الذي حل محله الفصل 276 وما بعده من ظهير 6/2/1963 المتعلق بحوادث الشغل) فانه يمكن للمصاب او ذوي حقوقه او المشغل او الضامن طلب مراجعة الايراد الممنوح للمصاب داخل 15 سنة بدايتها تاريخ امر قاضي الصلح المحدد للايراد فانه لا يوجد بالنص المذكور ما يشير الى ان المقصود بالقرار هو القرار الاول المانح للايراد ولذلك فان كل حكم يقضي بتحديد للايراد بناء على طلب من يعنيه الامر يعتبر حكما جديدا ينطلق منه اجل 15 سنة المشار اليها في الفصل المذكور، وبما ان اخر امر قضائي قضى بايراد جديد كان بتاريخ 20/3/82 فان طلب الايراد المقدم من طرف ارملة هداجي قد وقع داخل الاجل القانوني،  وبهذه العلة المحضة التي تحل محل العلة المنتقدة والمبنية على العناصر الواقعية التي تبتت لقضاة الموضوع بحكم سلطتهم يستقيم القرار المطعون فيه، وتكون الوسيلتان بسبب ذلك غير مبنيتين على أي اساس .

لهذه الاسباب 
وبعد ضم الملفين عدد : 9238 - 9729/88.
ترفض الطلب وتحمل الطاعنتين صائر طلبهما.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور اعلاه في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الاعلى بساحة الجولان بالرباط وكانت الهيئة متركبة من رئيس الغرفة السيد عبد الوهاب عبابو والمستشارين السادة : عبد الله الشرقاوي،  عبد الرحمان بنفضيل، محمد المسطاسي، محمد الغماد وبمحضر المحامي العام السيد عبد الحي اليملاحي وكاتب الضبط السيد عبد الرحيم اليوسفي .

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 66، ص 99.

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : اجتهادات قضائية