-->

مركز القانون امام القاضي الاداري


الدكتور محمد الكبشور

يشرفني ويسعدني ان اساهم في الايام الدراسية الخاصة  بالقضاء  الاداري  التي  تنظمها  المحكمة الادارية بمعية هيئة المحامين بالدار البيضاء بمناسبة مردود خمس سنوات على احداث المحاكم الادارية ببلادنا .
الموضوع الذي طلب منا ان نتدخل فيه يتعلق بمركز القانون الخاص امام القانون الاداري ،  وهو موضوع كنا نعتقده سهلا بسيطا غير انه قد اتضح لنا بعد التقصي والبحث انه من اعقد المواضيع القانونية ولربما هذا ما يفسر حتى في فرنسا - مهد القانون الاداري - قلة الدراسات التي رصدت له هناك .
نشير في البداية الى ان المغرب بلد مسلم بالتاريخ وبالهوية وبنصوص الدستور .

الجدل الذي سوف نخوض فيه لم يعرفه فقه الشريعة الاسلامية لسبب موضوعي اولا وهو ان  هذا  الفقه  لا يحتوي على احكام  قانونية متميزة تطبق على الادارة وبعبارة اوضح فان الفقه الاسلامي لا يعرف قانونا اداريا الى جانب قانون عام يهم الخواص وحدهم، ولسبب اجرائي  ثانيا  حيث ان الفقه الاسلامي لا  يعرف قضاء اداريا متخصصا في النزاعات الادارية انما هنالك قاضي شرعي يطبق فقها اسلاميا واحدا من خلال مسطرة شرعية واحدة .

وعلى الرغم من ذلك، فان الجدل الذي سوف نخوض فيه لا يعد جدلا غير  مشروع  لان اقتباس فكرة القانون الاداري وفكرة المحاكم الادارية في فلسفتهما العامة في نظرنا مما تستدعيه مصالح الناس ومن ثم فهو يندرج ضمن المصالح المرسلة  التي  تعد  من  ضمن  اهم اصول الفقه الاسلامي عموما والفقه المالكي على وجه الخصوص .
ومن الملاحظ ان الجدل الذي يتضمنه  الموضوع  الذي  هياناه  غير مطروح بالمرة بالنسبة لبعض القوانين المقارنة، ومن ذلك القوانين الانجلو سكسونية عموما .
فهذا الجدل هو وليد اعتبارات تاريخية عرفتها فرنسا قبل ان يتحول الى جدل قانوني وهو عندنا وليد تبني المشرع المغربي للنظم القانونية الفرنسية .

تمهيد
جرت العادة، من الناحية الاكاديمية على تقسيم  القانون  الى  عام  وخاص ،  القانون العام  يحكم العلاقات التي تكون الدولة فيها طرفا وصاحبة سيادة اي ممثلة للمصلحة العامة، والقانون الخاص بحكم العلاقات التي تنشا بين الافراد الخصوصيين، او بينهم وبين الدولة في احوال معينة .
من الناحية التاريخية ظهر هذا التقسيم في صورته المبسطة الاولى في القانون الروماني، ثم سرعان ما اكتنفه الغموض في العصر الوسيط .
غير انه سرعان ما بدا يتوضح من جديد مع ظهور فكرة الدولة في مفهومها الحديث، وقد ساهمت مبادئ الثورة الفرنسية الى جانب اتضاح مفهوم الدولة الليبرالية كما تبلورت خلال القرن التاسع عشر في جعل ذلك التمييز اكثر انضباطا .
وفي الوقت الراهن، ونحن على اعتاب القرن 21، فان انفتاح القانون العام على العلاقات الخاصة وانفتاح القانون الخاص على العلاقات العامة قد جعل انه من الصعب احيانا وضع حدود فاصلة وواضحة بين القانون العام والخاص، وهو ما دفع بجانب من الفقه الى مهاجمة هذا التقسيم من اساسه : KELSEN Duguit
وعلى الرغم من كل ما سبق بيانه فان التمييز بين القانون العام والخاص تبقى له اهميته الخاصة والعملية، انطلاقا من الاهداف التي يتوخاها كل قانون على حدة وانطلاقا من مختلف الاثار التي يرتبها .

اولا : من الناحية الموضوعية .
1-    القانون العام يستهدف تحقيق مصالح عامة بينما القانون الخاص يستهدف تحقيق مصالح خاصة، ويترتب عن ذلك عدة نتائج، من اهمها :
أ‌-    القانون الخاص قانون المساواة والقانون العام قانون لا مساواة .
ب‌-    القانون الخاص مجال خصب القواعد المكملة ولا توجد في القانون العام الا القواعد الامرة .
ت‌-    ولان الدولة تستهدف من خلال نشاطها القانوني تحقيق مصلحة عامة فقد خولها الشرع العديد من الامتيازات التي تساعدها على تحقيق تلك المصلحة .
نزع الملكية والاحتلال المؤقت،
التنفيذ المباشر للقرارات الادارية،
تغيير بنود العقد الاداري،

ثانيا : من الناحية الاجرائية :
توجد في المغرب في الوقت الراهن محاكم عادية تنظر مبدئيا في النزاعات التي تهم الخواص وحيث تطبق احكام القانون الخاص وتوجد الى جانبها محاكم ادارية تنظر في النزاعات التي تكون الدولة طرفا فيها حيث تطبق احكام القانون الاداري .
ويمثل القانون الاداري، الى جانب القانون المالي والقانون الدستوري جوهر القانون العام  الداخلي .
ومن البديهي ان تاسييس محاكم ادارية قد ظهر ارهاصات اولى مع الثورة الفرنسية الكبرى التي اندلعت سنة 1789، وكان الهدف من ذلك سد الطريق امام المحاكم العادية حتى لا تعكر او تعرقل السير العادي للمرافق العمومية .
وقد وضع على راس القضاء الاداري بفرنسا مجلس للدولة لعب دورا بارزا واساسيا في بلورة قواعد القانون الاداري ( كما تم تاسيس محكمة للتنازع تتمثل وظيفتها اساسيا في فض تنازع الاختصاص الوظيفي الذي قد يثار بينه القضائيين العادي والاداري .

وبعدما عاش المغرب ومنذ صدور ظهير 12 غشت 1913 بشان اول تنظيم قضائي عرفه المغرب بعد وضعه مباشرة تحت الحماية الفرنسية - في ظل ما يسمى بوحدة القضاء وازدواجية القانونين المدني والاداري، التحق المشرع المغربي جزئيا بالتجربة الفرنسية في هذا المجال عندما اصدر القانون 90/41 الذي وافق عليه مجلس النواب في 11 يوليوز1991 ثم دخل الى حيز التنفيذ بظهير 10 شتنبر1993 .

المبحث الاول
التنازع بين القانون الاداري والقانون المدني
تمهيد :
وقع التساؤل حول مفهوم القانون الاداري ؟
قال بعض الفقه انه قانون الادارة، والادارة هي الجهاز الذي بواسطته تمارس الدولة مختلف انشطتها فتقرر وتتعاقد وتدير مختلف مرافقها العمومية .
ونحن انما نقصد هنا الدولة بمفهومها العام والشامل بحيث تشمل الحكومة والجماعات المحلية والعمالات والاقاليم والجهات والمؤسسات العمومية .
وبعد تقرير هذا الجانب من الفقه ان القانون الاداري متميز بقواعد خاصة تلائم طبيعة موضوعه ووظيفته واهدافه، تساءل بعد ذلك عن مكنة تطبيق القانون الخاص على الادارة من طرف قاضي خاص هو القاضي الاداري .
تلقى هذا السؤال عدة اجوبة من الفقه الفرنسي هي عبارة عن مواقف : تنطلق عادة من  بعض مواقف

الموقف الاول : رفض تطبيق القانون الخاص على الادارة
انن القانون الاداري في عرف هذا الموقف هو قانون مستقل تمام الاستقلال عن القانون الخاص، فالاول قانون الادارة بامتياز والثاني قانون الخواص بامتياز. وقد صيغت قواعد القانون الاداري بكيفية تلائم مركز ووظيفة الادارة. ومن هذه الناحية وجب استبعاد القانون الخاص - وبكيفية مطلقة - من مجال النزاعات الادارية فبعضهم يصف القانون الاداري بانه :
Un corps de règles autonome répudiant en bloc le….." ومن المعلوم ان هذا الموقف ينطلق عادة من قرار بلانكو الشهير ومن قرارات اخرى نسجت على منواله .
..."la responsabilité qui pleut incomber à l'Etat pour les dommages causés aux particuliers par le fait des personnes qu'il emploie dans le service public, ne peut être régie par les principes qui sont établis dans le code civil pour les rapports des particulier à particulier,
« Que cette responsabilité  n'est ni générale, ni absolue qu'eux a ses règles spéciales que varient suivant les besoins du service et la nécessité de concilier les droits de l'Etat avec les droits privés..
فعلى الرغم منت ان هذا القرار  يهم مسؤولية الدولة، فقد تمت قراءته قراءات متعددة لم تخطر على بال محرريه، واستخرجت منه مبادئ مثلت مبادئ للقانون الاداري نفسه وفي مقدمتها تقرير استقلالية هذا القانون نفسه. قرار -R.A.C.A.R Ben hamou.

الموقف الثاني : القانون الاداري اصل والقانون الخاص استثناء

  ينطلق هذا الموقف من مبدا علام يتردد كثيرا في احكام القانون الخاص مفاده ان القانون المدني يمثل شريعة عامة  un droit commun  بالنسبة للقانون عموما والقانون الخاص على موجه  التحديد  يجب على القاضي الرجوع اليه لسد مختلف الثغرات العالقة بالقانون الاداري في حالة عدم تنافر القاعدة المدنية مع روح القانون  الاداري .
وبطبيعة الحال، فان هذا الموقف الفقهي قد تاسس انطلاقا من رصد الحالات المختلفة التي يرجع من خلالها القاضي الاداري الفرنسي الى القانون الخاص .
الموقف الثالث : القانون المدني اصل والقانون الاداري استثناء
يرى جانب من الفقه الفرنسي ان الموقف الذي يجعل القانون الاداري مستقلا كلية عن القانون الخاص او الموفق الذي يجعل القانون الاداري اصلا والقانون المدني استثناء كلها موافق مجانبة للصواب .

القاضي الاداري يطبق القانون الخاص - من الناحية العملية - بكيفية مباشرة او غير مباشرة وموسعة بل ومن هذا الفقه من شكك في استقلالية القانون الاداري عن القانون المدني واقف بالخصوص عند E. Esemman وwaline وRivero .

الموقف الرابع : تطبيق القانون الخاص في النزاع الاداري اعتمادا على السلطة التقديرية للقاضي الاداري.
 من القواعد السائدة في هذا المجال ان القاضي الاداري الفرنسي يتمتع بسلطة تقديرية واسعة تسمح له احيانا بتطبيق احكام القانون الخاص او باستبعادها كلية في بعض المجالات التي تدخل ضمن اختصاصه في المادة التعاقدية على وجه الخصوص .
ومن البديهي ان هذا الموقف يجد اساسه بدوره في بعض الاجتهادات الصادرة عن القضاء الاداري الفرنسي عموما وفي مقدمته مجلس الدولة .

المبحث الثاني
مجال تطبيق القانون المدني امام القاضي الاداري
تمهيد :
القراءة المتانية في النصوص وفي احكام القانون الاداري وبعد التحري بشان مواقف الفقه الاداري نفسه، وباستعمال المنطق القانوني المجرد كل ذلك جعلنا نخرج باعتقاد راسخ مفاده ان المحاكم الادارية سواء في فرنسا ام في المغرب تطبق احكام القانون الخاص بكيفية مباشرة وبكيفية غير مباشرة احيانا في العديد من الحالات ونقف عند امثلة توضح ما نقول .

اولا : من الناحية الاجرائية
تساءل جانب من الفقه الفرنسي عن مدى امكانية تطبيق قانون الاجراءات المدنية الفرنسي امام القضاء الاداري، قراءة في النصوص وفي بعض القرارات الصادرة عن مجلس الدولة الفرنسي والاستعانة بتحليلات الفقه الفرنسي جعلتنا نخرج بالاستنتجات الاتية :
1-    وضع المشرع الفرنسي نصوصا تشريعية خاصة تتضمن الاجراءات القضائية الواجبة الاتباع امام القضاء الاداري الفرنسي - بعضها خاص بمجلس الدولة الفرنسي وبعضها خاص بالمحالكم الادارية الاخرى وتكون في مجموعها جانبا من المسطرة الادارية - قواعد خاصة بالمجلس الاعلى للحسابات - المجلس التاديبي للميزانية والمالية .
2-    المبادئ العامة للقانون وهي قواعد سامية غير مقننة في نصوص يفرضها المنطق وتعززها قواعد العدل والانصاف ومن ذلك احترام حقوق الدفاع وسرية المداولات ووجود تعليل الاحكام القضائية مبدا التقاضي عنها علما بان هذه القواعد تجد اساسها الحقيقي في ق م م اصلها قانون خاص - بلورها التقاضي الاداري بموقف خاص .
3-    تطبيق قواعد مضمنة في ق م م غير ان المراجع الفقهية لا تشير اليها وانما يكتفي بالاشارة الى اجتهادات مجلس الدولة الفرنسي التي تكرسها - الدفع بحجة الامر المقضي - واجراءات التحقيق كالخبرة والزور الفرعي .
4-    المبادئ او القواعد المتعلقة بالجزاءات المدنية الفرنسية، اما لان المشرع قد فرض ذلك واما لان فلسفة النزاع الاداري وخصوصيته قد حتمت ذلك .
5-    الرجوع الى قواعد قانون الاجراءات المدنية بكيفية صريحة في حالة غياب اجراءات ادارية شريطة الا تتعارض تلك القواعد مع مبادئ المادة الادارية ( الاستئناف امام مجلس الدولة الفرنسي نظم بكيفية جد مقتضبة الاستعانة بالاجراءات المدنية .

وفي المغرب، ان فالمشرع قد فضل - فيما لا نص فيه - الاستعانة بقانون المسطرة المدنية فقد نص الفصل 7 من قانون المحاكم الادارية على انه : " تطبق امام المحاكم الادارية القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص قانون على خلاف ذلك" .
ومن ابرز القواعد التي تخالف ما ضمن بقانون المسطرة المدنية تلك الخاصة بالمفوض الملكي وبطبيعة الدفع بعدم الاختصاص النوعي وبمسطرة الطعون الانتخابية والدعاوي الرامية الى تحصيل ديون الدولة .
وتجب الاشارة الى قانون المسطرة المدنية يحتوي على نصوص لا تهم الا الدولة من ذلك الفصول 306-356-360-362-366-367 .

ثانيا : من الناحية الموضوعية
 الوقت المخصص للعرض لا يسمح بالتعمق لذلك سنقف عند بعض الامثلة :
1-    في مادة العقود الادارية

يعرف فقهاء القانون المدني العقد عادة بانه توافق ارادتين لاحداث اثر قانوني ويكون العقد مدنيا متى ابرم بين الخواص ويكون اداريا متى كان احد طرفيه سلطة ادارية .
وبخصوص تطبيق احكام القانون الخاص على العقود الادارية، تقرر انطلاقا من واقع القضاء الاداري نفسه ما يلي :
أ‌-    هناك عقود تخضع للقانون المدني .
الصلح : Code civil .
التحكيم : Code de procédure  .
العقود التي تبرمها المؤسسات العمومية الاقتصادية مع عمالها  - ( القانون الاجتماعي) ومع زبنائها - ( التجاري).
ب‌-    هناك عقود تخضع للقانون الخاص لارادة الادارة مادام ان لهذه الاخيرة ان تدرج في بعض العقود شروطا غير مالوفة في القانون الخاص فتخضع العقد من تمتة للقانون الاداري او تخلي سبيله من تلك الشروط فيخضع من تمتة للقانون المدني .
ج- التنظيم العام للعقود :
لا يهتم القانون الاداري عادة بتنظيم العام للعقود من حيث اركانها وشروط هذه الاركان وبطلانها وابطالها واثرها بالنسبة للمتعاقدين وبالنسبة لخلفهم العام والخاص وبالنسبة لتفسيرها وتطبيق بنودها .
وفي هذه الحالة تبقى القواعد المدنية العامة المضمنة في القانون المدني بالنسبة لفرنسا والمضمنة فيه ق ل ع، بالنسبة للمغرب هي الواجبة التطبيق. ففكرة الشرط والاجل وتنفيذ الالتزام طبقا لقواعد حسن النية ونسبية اثار العقد يجب البحث عنها في المادة المدنية وليس في المادة الادارية .

الاختلافات :
عندما تتاكد الطبيعة الادارية للعقد او عندما يقرر المشرع ذلك،
1)    حق الرقابة والتوجيه، 2) حق تعديل العقد، 3) حق توقيع الجزاءات ( المالية+ وسائل الضغط والاكراه - فسخ العقد = الفصل 259 ق.ا.ع) .
1) الحصول على المقابل النقدي 2) اعادة التوازن المالي للعقد 3) حق اقتضاء التعويض.

1-    في مادة القرارات الادارية :
اذا كانت مادة العقود الادارية المجال الخصب لتطبيق احكام القانون المدني، فان مجال القرارات الادارية يسمو بطبيعته عن تطبيق تلك القواعد. كيف ذلك؟
القرار الاداري حسب جانب من الفقه يتمثل في افصاح الادارة عن ارادتها المنفردة والملزمة بمقتضى مالها من سلطة خولها لها المشرع بقصد ترتيب  اثر قانوني .
ويرادف القرار الاداري من حيث فكرته الاساسية التصرف القانوني المعروف في القانون المدني باعتبار مصدر الالتزام ( الفصل الاول ق.ا.ع ) .
فالتصرف الانفرادي - كما تحدده احكام القانون المدني يرتب حقوقا شخصية مالية لصالح الطرف الدائن الذي له ان يقبلها او ان يرفضها حسب ارادته .
ويتجاوز القرار الاداري من حيث نطاقه المفهوم المدني،  فهو ينشئ مراكز قانونية وقد يعد لها وقد ينهيها، حسب الاحوال .

والقرارات الادارية توضع من طرف سلطة مختصة لذلك فهي قد تاتي في صورة ظهير او في صورة مرسوم او في صورة قرار وزاري وقد تكون عبارة عن قرار اداري صادر عن سلطة مختصة ( العمال والولات ورؤساء المؤسسات العمومية ورؤساء مختلف المصالح الادارية) .
ومن ابرز خصائص القرارات الادارية ان بعضها يقبل التنفيذ المباشر عندما يسمح المشرع بذلك، ودون الاستعانة بسلطة القضاء، وعلى المنفذ عليه متى نازع في سلامة القرار ان يراجع القضاء ان راد وتتميز القرارات الادارية بميزتين :
أ‌-    قرينة السلامة - قرينة بسيطة .
ب‌-    ان الادارة تكون غالبا مدعى عليها لا مدعية .
ونظرا لخطورة الاثار التي تترتب عادة على القرارات الادارية فان المشرع سواء في فرنسا او في المغرب قد افرد بها طعنا خاصا لا نظير له في القانون الخاص تساوي الطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة Recours pour ex de pouvoir .

1-    اموال الادارة :
يقصد بالاموال العامة كل ما تملكه الدولة وسائر الاشخاص المعنوية العامة الاخرى من اموال عقارية او منقولة وتخصص عادة لتحقيق المنفعة العامة سواء بطبيعتها او بتهيئة الانسان لها او بنص تشريعي صريح .
ومن امثلة الاموال العقارية المملوكة للدولة الشوارع والطرق والميادين العامة ومباني الوزارات والمصالح الحكومية والاراضي والمباني التي تؤجرها الدولة … ومن امثلة الاموال المنقولة التي تملكها الدولة اثاث المرافق العامة وادواتها المكتبية وكتب المكتبات العامة وسيارات الدولة ونقودها واوراقها المالية المودعة بالبنوك .

وتتنوع اموال الدولة الى اموال خاصة واموال عامة فالاموال الخاصة لا تختلف ملكية الدولة بها عن ملكية الافراد لاموالهم. وتخضع كقاعدة عامة لنفس الاحكام القانونية التي تخضع لها : وهي قواعد القانون المدني . ويختص بنظر المنازعات المتصلة بها القضاء العادي. اما اموال الدولة العامة فتخضع لنظام قانوني متميز وتحكمها قواعد قانونية مختلفة تدخل في اطار القانون الاداري ويفصل في المنازعات المتصلة بها القضاء الاداري .
ظ- فاتح يوليوز1914 المعدل بظ 2 اكتوبر1919 .
الفصل الرابع : عدم جواز التصرف او التملك عن طريق التقادم .

2-    في مادة المسؤولية المدنية :
تفيد فكرة المسؤولية المدنية عموما انه يجب على الشخص في علاقاتها الاجتماعية الا يضر بالغير - وقوع الضرر - المسؤولية - التعويض .
والمسؤولية اما عقدية تجدها اساسا في عقد صحيح واما تقصيرية تجد اساسها في مبدا عام مفاده عدم الاضرار بالغير .
والمسؤولية التقصيرية اما مبنية على خطا شخصي، واجب الاثبات واما مسؤولية مبنية على خطا مفترض واما مسؤولية موضوعية مبنية على نظرية المخاطر اي تحمل تبعة ( او في القانون الاداري احيانا المساواة امام الاعباء العامة) .
والمسؤولية التقصيرية اما شخصية او عن فعل الغير .
هذه القواعد المدنية تتجسد في المسؤولية الادارية .
فمسؤولية الادارة كانت منعدمة تم بدات محتشمة تحتاج الى نص قانوني يفرضها تم تخلى القضاء عن ذلك بواسطة قرار Tomasi Gréyco 10/2/1905 .

ثم جاءت مرحلة لا تبنى فيها مسؤولية الادارة الا على اثبات عنصر خطا في جانبها وقد فرض في البداية ان يكون هذا الخطا جسيما ثم صار اي خطا مرتبا للمسؤولية ثم جاءت حالة مرحلة قرينة المسؤولية وخاصة في مادة حوادث السير .
واخيرا تم الاعتراف بمسؤولية الادارية بدون خطا في اطار ما يصطلح على تسميته بنظرية المخاطر .
ومن الملاحظ ان هذا التطور يحاكي التطور الذي عرفته المسؤولية التقصيرية عموما. يقول الاستاذ عبد الرزاق احمد السنهوري في هذا الصدد : ويمكن القول بوجه عام ان تاريخ تطور المسؤولية التقصيرية هو تاريخ توسع مستمر في هذه المسؤولية" .

فمن حالات معينة محدودة لا تتحق مسؤولية الا فيها، الى توسع تدريجي في هذه الحالات اي شمول وصل بالمسؤولية تقصيرية الى ان تكون قاعدة عامة. وهذا ما وصل اليه التطور في القانون الفرنسي القديم. وانتقل منه الى التقنين الفرنسي في سنة1804 .

ومنذ التقنين الفرنسي اخذت القاعدة العامة ذاتها تتطور. فهي قد قامت على فكرة جوهرية هي فكرة الخطا La faute ثم اخذت هذه الفكرة تتقلص فبعد ان كان الخطا لابد من اثباته، قامت حالات صار الخطا فيها مفترضا وما نحن نشهد في الوقت الحاضر فكرة تحمل التبعة Risque تقوم الى جانب فكرة الخطا ثابتا كان او مفترضا …." .

1-    نزع الملكية لاجل المنفعة العامة :
موضوع نزع الملكية من اجل المنفعة العامة هو موضوع مسجل باسم القاضي الفاضل الاستاذ جعفر حسون لذلك سوف لن نقف عنده طويلا ونكتفي بابداء ملاحظة جوهرية تهم تطبيق احكام القانون الخاص في اطاره .
يمثل نزع الملكية لاجل المنفعة العامة نموذجا للامتيازات التي خولها القانون للادارة والذي يمكنها من نزع ملكية الخواص لصالحها، رغما عنهم، مقابل تعويض بعد تحقق شروط معينة واتباع اجراءات محددة منها ما هو اداري ومنها ما هو قضائي وان تطبيق قانون نزع الملكية يرفض في كثير من جوانبه اللجوء الى قواعد القانون المدني .
أ‌-    ينص الفصل الاول من القانون 81-7 : " ان نزع ملكية عقارات كلا او بعضا او ملكية الحقوق العينية العقارية لا يجوز الحكم به الا اذا اعلنت المنفعة العامة …." .
ب‌-    ينص الفصل 42 من القانون 81-7 :
" اذا اتفق نازع الملكية والمنزوعة ملكيته على الثمن الذي حددته اللجنة بعد نشرها مقرر التخلي وعلى كيفيات تفويت العقار او الحقوق العينية المنزوعة ملكيتها، فان هذا الاتفاق يدرج في محضر اما اذا كان المنزوعة ملكيته غير مقيم بذلك المكان فان هذا الاتفاق يبرم وفق مقتضيات القانون الخاص بواسطة عقد عرفي او عدلي …" .
أ‌-    ينص الفصل 44 من القانون 81-7 :
" يجوز لاوصياء ممثل القاصرين او المحاجير او المعينين بعد الاذن من القاضي المختص عند الاقتضاء وبالرغم من جميع الاحكام المنافية، ابرام اتفاقات بالمراضات تتعلق بالعقارات والحقوق العينية المنزوعة مليكتها" .

1-    الاعتداء العادي :
قيام الادارة بممارسة مادية تمثل اعتداء ماديا كالاستيلاء على عقار مملوك لاحد الخواص دون اتباع الاجراءات المنصوص عليها في قانون نزع الملكية .
أ‌-    يجرد الادارة من امتيازاتها .
ب‌-    تعامل كشخص عادي وتخضع من تم لقانون خاص .
ت‌-    وفي فرنسا تكون المحاكم العادية هي المرجع القاضي برفع الاعتداء .
هذا الموضوع هو بدوره يسجل باسم القاضي الفاضل ادريس فجر لذلك سنقتصر بشانه الى هذه الاشارات العابرة .

خاتمة
« L'autonomie du droit administratif n'est pas complète dans de nombreux secteurs le juge a transposé dans le droit administratif la règle du droit privé. Le droit administratif est né postérieurement du droit privé. Ce dernier a été un pole des référence dont il s'est largement inspiré... » .
واختم فاقول ان العديد من الفقهاء المتخصصين في مواد قانونية اخرى غير القانون المدني، واقصد القانون الاداري - ق التجاري - ق الشغل مثلا يحلو لهم ترديد ان هذه القوانين هي مستقلة تمام الاستقلال عن القانون المدني. هذه الاستقلالية هي مسالة نفسية اكثر من كونها قانونية وعملية .

ان القانون المدني هو القاعدة والاساس، هو بمثابة العمود الفقري بالنسبة للقانون كله وان الفروع التي تسند اليه برباط هي بمثابة الضلوع من ذلك العمود .

ان مبادئ القانون المدني تحلق في سماء القانون كله مهيمنة عليه من اعلى وحسب جانب من الفقه الاداري فان استقلالية القانون تمام الاسقتلال عن القانون الاداري هو مجرد وهم .

واعتقد ان القضاء الاداري في المغرب اذا كان قد حالفه بعض النجاح، فانه يتواجد على راسه قضاة تشبع بمبادئ القانون الخاص عموما والقانون على وجه التحديد .
والسلام .
* مجلة المحاكم المغربية، عدد 81، ص 34 .
Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : القانون الاداري