-->

الاتفاق على التحكيم في قانون المسطرة المدينة


الأستاذ شعبي المذكوري

مقدمة :
1-  لقد تجاهل المشرع المغربي، التحكيم لمدة طويلة،  ولم  يظفر  بتنظيم  قانوني  من  طرفه الا بواسطة قانون المسطرة المدنية الصادر في سنة 1974، والتحكيم نوعان دولي او داخلي .
وحسب اجتهادنا الشخصي، فان مقتضيات قانون المسطرة المدنية، وخصوصا  الفصول  من 306 الى 327، تنطبق بالاساس،  على التحكيم الداخلي، ومن المراحل التمهيدية المهمة في مسطرة التحكيم، اتفاق الاطراف على اللجوء الى التحكيم، اي عدم سلوك طريق الخصومة القضائية، وترك الامر الى محكم واحد، او عدة محكمين للفصل في النزاعات، التي قد تثور بين الاطراف،  بمناسبة تفسير العقد او تنفيذه .

ويتخذ الاتفاق على التحكيم شكلين، فهو اما عقد للتحكيم، او شرط للتحكيم، كما  انه  يجب  تمييز عقد  التحكيم، عن العقود المسماة المشابهة له، مثل عقد  الوكالة، وعقد الشغل وعقد الاجارة على الصنعة .
ومن جهة اخرى يجب تحديد الطبيعة القانونية لعقد التحكيم، فهو عقد غير مسمى، وهو عقد رضائي،  او شكلي،  حسب  اراء  الفقهاء وهو عقد معاوضة، وهو عقد ثقة او حسن النية، وهو عقد ملزم للجانبين .

ومن جهة اخرى يجب تحديد شروط عقد التحكيم، سواء فيما يتعلق بالكتابة، او الاطراف الموقعة على العقد، او وجوب تعيين المحكمين، او تحديد موضوع النزاع المعروض على التحكيم .
ويجب اخيرا تحديد اثر الاتفاق  على التحكيم سواء فيما يتعلق بحقوق وواجبات المحكمين او المحتكمين، او ما يتعلق بالاثار القانونية التي تنجم عن سلوك مسطرة التحكيم، عوض الخصومة القضائية العادية.

2-  وهكذا يتبين لنا منهاج البحث، حيث سنقسم هذا الموضوع الى مبحثين، ندرس في المبحث الاول المبادئ  العامة  للاتفاق  على التحكيم في قانون م م، حيث سوف نبحث في انواع الاتفاقات التحكيمية وخصائصها، وتميزها عن باقي العقود المسماة المشابهة له .
ونخصص المبحث الثاني، لشروط واثر الاتفاق على التحكيم في ق م م.
المبحث الاول : مبادئ عامة
المبحث الثاني : شروط واثر الاتفاق على التحكيم
خاتمة .

المبحث الأول : مبادئ عامة
أولا : أنواع الاتفاقيات التحكيمية :
3-  يشترط الفصل 307 من قانون المسطرة المدنية، في عقد التحكيم، ان يكون ابرامه كتابة، ومع ذلك يمكن ان يكون موضوع محضر، يقام امام المحكم او المحكمين المختارين، او بوثيقة امام موثق اوعدلين، او حتى سند عرفي حسب ارادة الاطراف. كما ينص الفصل 309 من قانون المسطرة المدنية، على انه يمكن للاطراف، ان يتفقوا في كل عقد، على عرض النزاعات التي قد تنشا بصدد تنفيذ هذا العقد على المحكمين .
ويمكن لهم ان يعينوا علاوة على ذلك، مسبقا وفي نفس العقد اذا تعلق الامر بعمل تجاري، حكما او حكمين. ويتعين في هذه الحالة، ان يكون شرط التحكيم مكتوبا باليد، وموافقا عليه بصفة خاصة من لدن الاطراف،  تحت طائلة البطلان .

4-  ويتجلى من هذه النصوص القانونية، ان قانون المسطرة المدنية، يعرف شكلين من الاتفاقات التحكيمية : عقد التحكيم وشروط التحكيم. فعقد التحكيم (1) وهو وثيقة يتفق الاطراف بموجبها على عرض النزاعات، التي قد تنشا بصدد تنفيذ هذا العقد او تفسيره على المحكمين .
وعندئذ يرد التحكيم على اي نزاع يحدث في المستقبل فلا ينصب على نزاع معين كما قد يحدث نزاع معين بين الاطراف، بصدد تغيير او تنفيذ العقد، سواء كان
---------------------------
1) Le compromis
------------------------
مدنيا او تجاريا، فيتفق الاطراف في عقد لاحق، على اللجوء الى التحكيم، اي هذا الاتفاق، ياتي بعد حدوث النزاع وليس قبله، ويكون جوهر هذا الاتفاق بين الاطراف، هو عرض نزاع معين نشا بينهما على المحكم او المحكمين .

5-  والى جانب عقد التحكيم السابق الذكر، اشار قانون المسطرة المدنية الى شرط التحكيم (2) وهو قد يرد في نفس العقد الاصلي،  مصدر الرابطة القانونية، سواء كان عقدا مدنيا او عقدا تجاريا، فيتفق اطراف العقد، على ان ما ينشا من نزاع حول تفسير هذا العقد  او تنفيذه، يحل بواسطة محكم او محكمين عندئذ يرد التحكيم على أي نزاع يحدث في المستقبل، فلا ينصب على نزاع معين.

وفي هذا الصدد، تنص الفقرة الاولى من الفصل 309 من قانون المسطرة المدنية، على انه يمكن للاطراف ان يتفوا في كل عقد، على عرض المنازعات التي قد تنشئ بصدد تنفيذ هذا العقد على المحكمين.
وتشير هذه الفقرة الى ان العقد الاصلي،  مصدر الرابطة القانونية، قد يكون عادة، اما عقدا مدنيا او عقدا تجاريا، كما ان هذه الفقرة تشير ايضا الى حدوث نزاع بين اطراف العقد حول تنفيذه، ويمكن ان ينصب النزاع حول تفسير العقد .
ورغم  ورود شرط التحكيم في العقد الاصلي، فانه يجب القول باستقلاله عن هذا العقد، فهو تصرف قانوني مستقل وان تضمنه هذا العقد، ويترتب على هذا، انه قد يتصور صحة شرط التحكيم وبطلان العقد الاصلي الذي تضمن هذا الشرط وذلك الا اذا كان سبب البطلان، يشمل ايضا شرط التحكيم، كما لو كان العقد قد ابرم بواسطة شخص ناقص الاهلية(3)، وهذه النتيجة الهامة، تؤدي الى امكان عرض صحة او بطلان العقد الاصلي على المحكمين، وفقا للشرط الذي يتضمنه هذا العقد (4) .

6-  وتدق التفرقة ويصعب التمييز بين عقد التحكيم وشرط التحكيم، خصوصا وان قانون المسطرة المدنية مر على هذه المسالة مرور الكرام .
غير انه يمكن ملاحظة ان قانون المسطرة المدنية، خصص الفصلين 307 و308 لعقد التحكيم، وافرد لشرط التحكيم الفصل 309 .
-------------------------------
2) La clause compromissoire
3)  الفقرة الاولى من الفصل 306 ق م م
4)  راجع التفاصيل في مرجع فتحي والي " الوسيط في قانون القضاء المدني الطبعة الثانية 1981 فقرة 410.
--------------------------
فالفصل 307، يوجب ابرام عقد التحكيم كتابة، او ان يكون موضوع محضر يقام امام المحكم او المحكمين المختارين، او بوثيقة امام موثق او عدلين، او حتى سند عرفي، حسب ارادة اطراف .
اما بالنسبة لشرط التحكيم، فيقول الفصل 309 من قانون المسطرة المدنية، للاطراف ان يتفقوا في كل عقد، على عرض المنازعات التي قد تنشا بصدد تنفيذ هذا العقد على المحكمين.

وتوجب الفقرة الثانية من نفس الفصل، ان يكون شرط التحكيم تحت طائلة البطلان، مكتوبا باليد موافقا عليه بصفة خاصة من لدن الاطراف، ذلك في فرضيته التعيين المسبق في نفس العقد للمحكم، او المحكمين اذا تعلق الامر بعمل تجاري .
هذا من حيث شرط الكتابة، ويمكن ان نلاحظ ايضا، ان شرط التحكيم قد يكون في صلب العقد الاصلي، او قد يكون في عقد مستقل او لاحق عنه .
بينما يستنتج من منطوق الفصل 309 ان شرط التحكيم مدمج في صلب العقد الاصلي، اذ لا يمكن فصل الشرط التعاقدي، عن صلب العقد الاصلي  المدمج فيه .
والتفرقة الاخيرة بين عقد التحكيم وشرط التحكيم، هي ان العقد اتفاق بين الاطراف،  تطبق بشانه المقتضيات القانونية المتعلقة بالعقود (5)، بينما شرط التحكيم شرط تعاقدي، يخضع لما تخضع له الشروط التعاقدية، من مقتضيات قانونية خاصة بها (6) .

ثانيا : تمييز الاتفاق على التحكيم عن العقود المسماة المشابهة له :
7-  يتميز عقد التحكيم، بان محل العقد ينصب على عمل او خدمة، يقدمها المحكم الى الخصوم - وقوامها فصل النزاع المعروض على المحكم - وبذلك يتميز عن عقد اجارة الصنعة، وعقد الوكالة، عقد الشغل.
8-  أ- ويعرف عقد اجارة الصنعة بانه "عقد يلتزم بمقتضاه احد الطرفين بصنع شيء معين، في مقابل اجر يلتزم الطرف الاخر بدفعه له، ويتم العقد بتراضي الطرفين" (7) .
----------------------
5)  راجع الفصل 19 مدني وما بعده ثم الفصل 478 مدني وما بعده .
6)  راجع الفصل 107 مدني الى الفصل 126 القسم الثاني او صاف الالتزام الباب الاول : الشرط .
7)  الفصل 723 مدني .
---------------------
وتدق التفرقة بين عقد التحكيم، وعقد اجارة الصنعة، تاسيسا على اشتراك العقدين في جملة من العناصر - وهي :
التزام الصانع والمحكم، بتحقيق نتيجة وليس ببذل عناية، دون ان يكون أي منهما تبعا او نائبا عن الطرف الاخر .
ينطوي المحل في كلا العقدين، على تقديم خدمة أي باداء عمل .
وذلك مقابل اجر .
بيد انه يتميز عقد التحكيم، عن عقد اجارة الصنعة، في ان مقتضى عقد اجارة الصنعة، وجود جانب " الطرف في العقد" له وحده هدف، حتى لو كان متعدد الاشخاص،  وجانب اخر يقوم بتنفيذ العمل المنوط به - اما عقد التحكيم، فمقتضاه وجود جانب له مصالح تنازعه مصالح الجانب الاخر. وليس بمقدور المحكم اعمال مصالحهما، معا، بل يقتضي لمن يمكن الحق الى جانبه، وفي عقد اجارة الصنعة، يتحمل الصانع مسؤولية اهماله في تنفيذ العمل المنوط به(8) بينما يكون  المحكم محصنا من المسؤولية المدنية  - الى حد ما - اعتمادا على المهمة شبه القضائية التي يضطلع بها .

وليس للمحكم ان يطلب فسخ عقد التحكيم مع الخصوم، اذا لم يقدم احد طرفي النزاع دفاعه او مستنداته خلال المهلة التي حددت له - بل يجوز له الحكم بناء على مستندات الطرف الاخر(9) بينما اذا لم يقدم رب العمل، في عقد اجارة الصنعة الاداء المطلوب منه - يجوز للصانع الخيار بين ان يبقى على العقد، وبين ان يطلب فسخه مع التعويض في الحالتين اذا اقتضى الامر ذلك. (10)
ثم إنه لا يجوز للخصوم الامتناع عن تسلم الحكم الصادر عن المحكم  - متى صدر خلال مهلة التحكيم، حتى وان كان يعتريه عيب - ويستحق المحكم الاتعاب - بحسبان ان المشرع قد حدد مسطرة بطلان الحكم، في احوال وردت على سبيل الحصر (11) بينما في اجارة الصنعة، يجوز لرب العمل الامتناع عن تسلم العمل، اذا كان معيبا (12) .
--------------------------
8)  الفصل 738 مدني الذي يشير الى الاهمال والرعونة وعدم المهارة .
9)  لا يلزم الفصل 314 ق م م المحكمين بالبت الا فيما قدم اليهم .
10)    الفصل 764 مدني .
11)    الفصل 321 ق م م .
12)    الفصل 768 مدني .
-------------------------
9-  ب/ ويتشابه عقد التحكيم مع عقد الشغل، في انهما ينطويان على تقديم خدمة من قبل العامل او المحكم لقاء اجر .
بيد ان عقد الشغل يتميز عن عقد التحكيم بصورة واضحة ذلك ان التزام العامل هو ان يبذل عناية في القيام باعباء العمل، خلافا لالتزام المحكم المنبثق عن عقد التحكيم، وهو التزام بتحقيق نتيجة، قوامها اصدار الحكم خلال مهلة التحكيم.
وعلى ذلك لا يصح اعتبار المحكم عاملا لدى الخصوم ومن ثم يخضع عقد التحكيم لقانون العمل، لان المحكم ليس تابعا او نائبا عن الخصوم، كما هو الحال بالنسبة الى علاقة العامل برب العمل، اذ ان العامل ما هو الا تابع لرب العمل يأتمر باوامر وينفذ تعليماته (13) .

ويسال العامل عن النتائج المترتبة عن عدم مراعاة التعليمات التي تلقاها، ان كانت صريحة بما حاصله خضوع العامل للجزاءات التاديبية، اذا ما خالف اوامر صاحب العمل (14) .
علاوة على مساءلة العامل عن نتيجة العمل، طالما انه نفذها خلافا لتعليمات صاحب العمل  - وهذا ما يباعد بين العقدين - بحسبان ان المحكم، بما له من حصانة، غير مسؤول عن النتيجة التي خلص اليها،  حتى وان كان مخطئا، طالما كان يقوم بمهمة مستقلا عن الخصوم - وليس بمقدور الخصوم، توقيع الجزاءات التأديبية عليه، وذلك لطبيعة المهمة، شبه القضائية التي يضطلع بها .

وفضلا عن ذلك، فان احكام قانون العمل، تتصف بالصيغة الامرة حفاظا على مصلحة الطرف الضعيف، من غلواء وتسلط الطرف القوي وهو رب العمل، بينما عقد التحكيم عقد غير مسمى، تتساوى فيه تقريبا، المقدرة القضائية لاطراف العقد، لذا فان المشرع، يوسع من دائرة المسائل غير المنظمة، تاركا اياها لاتفاق الطرفين بما يحقق مصالحهما .
وهكذا ينص الفصل 306 ق م م على انه يمكن للاشخاص الذين يتمتعون بالاهلية، ان يوافقوا على التحكيم، في الحقوق التي يملكون حق التصرف فيها .
------------------------
13)    عبد الرسول عبد الرضا - الوجيز في قانون العمل الكويتي ص 4 مشار اليه في مقال احمد عبد الرحمان الملحم حول عقد التحكيم المبرم بين المحكمين والخصوم منشور بمجلة الحقوق جامعة الكويت السنة 18 العدد الثاني يونيو1994 الصفحة 200.
14)    الفصل 738 مدني .
------------------------
ثم انه يجوز في بعض الاحوال، ابرام عقد العمل مع من لم يبلغ سن الاهلية القانونية بمساعدة من له الولاية عليه (15) خلافا للمحكم الذي يتعين ان يبلغ سن الاهلية الكاملة .

10-    ج/ ان المحكم يستمد ولايته في التحكيم، من الارادة المشتركة لكل من المتحكمين، وليس من طرف بعينه، حتى وان كان ذلك الطرف هو الذي اقترح تعيينه، وهو عندما يباشر بمهمة الفصل بالدعوى، لا يكون نائبا او وكيلا عن الخصم الذي عينه - ومن باب اولى - وكيلا عن كلا الخصمين، وذلك خلافا للاصل العام في عقد الوكالة الذي هو عقد بمقتضاه، يكلف شخص شخصا اخر، باجراء عمل مشروع لحسابه (16)، وعقد التحكيم المبرم بين المحكم والخصوم، يختلف تماما عن العلاقة التي تربط الخصوم، مع اولوه مهمة الدفاع  عنهم امام هيئة التحكيم، وهي هنا عقد وكالة، وتنطبق عليه القواعد العامة، المتعلقة بعلاقة الزبون مع المحامي، وعلى الخصوص امكانية الموكل ان يجرد محاميه من التوكيل المسند اليه،  في اية مرحلة من المسطرة تحت شروط خاصة (17) .

وبطبيعة الحال تتميز هذه العلاقة عن علاقة الخصوم مع المحكم. فالخصم يستطيع ان يعزل بارادته المنفردة المحامي الذي اوكل له مهمة الدفاع عنه، وهو ليس بمقدوره ذلك بالنسبة الى المحكم، بحسبان ان المحكم قد عين بارادة مشتركة من الخصوم، وليس بارادة احدهم فقط، ومن ثم يتعين اجماع الخصوم على عزل المحكم، وهكذا ينص الفصل 310 ق م م انه لا يمكن عزل المحكمين خلال مدة التحكيم، الا بارادة جميع الاطراف على ذلك، ويمكن ان يخص هذا العزل احد المحكمين فقط .

وفضلا عن ذلك فالقول بان المحكم وكيل عن الخصم الذي عينه، يعني انه يأتمر بما يملي عليه الخصم، وهذا يتنافى مع طبيعة المهمة المناطة بالمحكم، وهي فصل النزاع وفقا لمقتضيات العدالة مع الحياد والاستقلال، وينبني على ذلك، ان المحكم قد يرفض طلبا مقدما من احد الخصوم، ولو كان وكيلا لما حق له ذلك، ولا يكون المحكم مسؤولا تجاه الخصوم، حتى ولو اهمل في دراسة  الدعوى، وكان الحكم خاطئا، لانه يتمتع بحصانة قضائية،
--------------------
15)    الفصل 725 مدني .
16)    الفصل 789 مدني .
17)    الفصل 47 من قانون المحاماة الجديد .
--------------------
منبثقة من المهمة شبه القضائية التي يضطلع بها (18)، بينما يكون الوكيل مسؤولا، اذا لم يتبع اوامر الموكل لانه يقوم بمهمة قانونية (19) .
وفي هذا الاطار ينص الفصل 903 مدني على مسؤولية الوكيل، اذا لم ينفذ اختياريا مقتضى الوكالة او التعليمات التي تلقاها .
ومن باب اولى، لا يعتبر المحكم وكيلا مشتركا عن الخصوم، لان مصالح الخصوم متعارضة، ولا يجوز للوكيل ان يمثل طرفين مصالحهما متنازعة، اذ ان كل واحد منهما مدع ومدعى عليه .
ومن ثم يغدو تكييف عقد التحكيم، على انه عقد وكالة غير منضبط، ويتميز عقد التحكيم على عقد الوكالة ومن الصعوبة ادراجه ضمن نطاقه .

ثالثا : خصائص الاتفاق على التحكيم
يتميز اتفاق التحكيم بالخصائص التالية :
11-    أ/ تنص الفقرة الاولى من الفصل 307  على وجوب ابرام عقد التحكيم كتابة ثم تتساهل الفقرة الثانية في صور الكتابة، فقد يكون العقد رسميا، امام موثق او عدلين، وقد يكون عقدا عرفيا حسب ارادة الاطراف، وقد يكون موضوع محضر يحرر امام المحكم او المحكمين المختارين .
فهل شرط الكتابة هذا شرط صحة ووجوب، ام شرط اثبات فقط ؟ والجواب حسب راينا الشخصي، انه شرط صحة ووجوب ويفهم ذلك من الصيغة التي حررت بها الفقرة الاولى من الفصل 307 .

12-    ب/ ينص الفصل 231 مدني على ان كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية، فالعقود كاصل عام، تتطلب في تنفيذها، التقيد بما تتضمن من احكام،  وبطريقة تتفق مع ما يقتضيه حسن نية وشرف التعامل، الا ان بعض العقود توجب على طرفيها اثناء وبعد ابرام العقد، التحلي بحسن النية، من افصاح من جانب وكتمان من جانب اخر، اذ انه يتعين على طرفي عقد التحكيم، الافصاح عن جميع الظروف التي تؤهل الطرف الاخر تقدير مدى ملاءمة ابرام العقد من عدمه .
--------------------
18)    عزمي عبد الفتاح - هامش رقم 16 ص 184. مشار اليه في مقال احمد عبد الرحمان السابق ص. 199.
19)    الفصل 903 مدني .
--------------------
ومن هنا يلزم الخصوم بالافصاح والايضاح،  عن طبيعة النزاع وما يتضمنه اتفاق التحكيم، بينهما، كي يقرر المحكم مدى اهليته  للقيام بالمهمة - وفي الوجه المقابل يتعين على المحكم، الكشف  عن الظروف التي قد تقدح في استقلاله وحياده في نظر الدعوى.

ومقتضى واجب الكتمان - حفاظ المحكم على سرية التحكيم وعلى المعلومات التي افضى بها الخصوم اليه، اثناء جلسات التحكيم - كي تمكنه من الفصل بالدعوى لذا - فلا غرابة اذا ما اصطلح على تسمية هذا النوع من العقود سلامة النية المثلى او الامانة والصراحة الخالصة (20) .
وعليه اذا لم يلتزم اي من طرفي العقد بواجب الافصاح - حق للمتعاقد الاخر طلب ابطال العقد - حتى ولو بعد اصدار الحكم - كما لو ان المحكم لم يكشف عن علاقة القرابة بينه وبين احد الخصوم (21).

13-    ج/ ويقوم عقد التحكيم على مبدا عام، قوامه ان يمنح الخصوم مقابلا لما ياخذونه من المحكم .
فالمحكم يقوم باداء عمل الى الخصوم - وهؤلاء يقومون باداء المقابل المادي للمحكم .
ويستحق المحكم المقابل المادي من جراء الخدمة التي اداها حتى وان لم يقض عقد التحكيم صراحة بذلك فهو ليس وكيلا مجانيا (22) ثم ان الاجر دائما يكون لقاء العمل .
واذا كان التحكيم تجاريا وقضى اتفاق التحكيم بتعيين محكم تاجر - استحق المحكم المتاجر المقابل المادي، حتى ولو لم يقض عقد التحكيم صراحة بذلك .
ذلك ان الاصل في التصرفات اذا كانت تجارية، ان تكون بمقابل خلافا للتصرفات المدنية التي تقوم على التبرع .
ولما كان عقد التحكيم يبرم على اساس تعدد الاطراف فمن جانب الخصوم - يتعين ان يكون اكثر من واحد - ومن جانب المحكم - على الاقل واحد - فان الخصوم مسؤولون شخصيا وتضامنيا تجاه المحكم،
-----------------------
20)    Financiary relation ship
21)    راجع التفاصيل في مقال احمد عبد الرحمان الملحم السابق الذكر .
22)    عزمي عبد الفتاح - هامش رقم 16 ص 189 المشار اليه في مقال الملحم السابق ص 195 .
-----------------------
عن اداء المقابل ما لم يقض الاتفاق بخلاف ذلك (23) .

14-    د/ وعقد التحكيم عقد غير مسمى - اذ ان المشرع لم يتناوله بالتنظيم الخاص، لا في القانون المدني ولا في القانون التجاري - وعليه يغدو المصدر الذي تنبثق منه الاحكام المنظمة لهذا العقد، هي المبادئ العامة للعقد الموضحة في القانون المدني، وارادة طرفي عقد التحكيم تطبيقا لمبدا حرية التعاقد - طالما انها لا تصطدم باعتبارات النظام العام، والتي يتعين على الكافة احترامها (24) .

بقيت الاشارة الى ان قانون المسطرة المدنية، نظم التحكيم في الفصول من 306 الى 327 ولم يخصص لعقد التحكيم سوى الفصول 307 و308 و309، ثم تطرق بعد ذلك الى المحكمين، وخصوصية التحكيم والاجراءات، وحكم المحكمين وطرف الطعن الخ .

15-    وينشئ، عقد التحكيم التزامات متقابلة في ذمة طرفي العقد - ومن الصعب حصر حقوق والتزامات طرفي العقد، لانها تتعدد بتعدد المصالح التي ينبغي على كل واحد منهم حمايتها- بيد ان الالتزام الجوهري للمحكم، هو تنفيذ اتفاق التحكيم المبرم بين الخصوم، ومحصلته النهائية اصدار الحكم خلال مهلة التحكيم، والتزام الخصوم الجوهري، هو تمكين المحكم من اداء التزامه، من حيث تقديم مستندات الدعوى ودفاعهم، ومن ثم اداء مقابل للخدمة التي قدمها المحكم. وترتيبا على ذلك اذا تقاعس احد الخصوم عن تقديم مستنداته او دفاعه - خلال الاجل الذي ضربه المحكم - فلا يحول ذلك دون استمرار المحكم، في اداء مهمته واصدار الحكم  - تطبيقا لنص الفصل 314/ الفقرة الاولى،  التي تشير الى ان كل طرف يلتزم بتقديم مستنداته ووسائل دفاعه، قبل انقضاء اجل التحكيم، بخمسة عشر يوما على الاقل، ولا يلزم المحكمون بالبت الا فيما قدم اليهم .
واذا لم يحترم احد اطراف عقد التحكيم التزاماته، جاز للطرف الاخر التحلل ايضا من التزاماته العقدية، وكل ذلك تطبيقا لنص الفصل 235 مدني التي تنص على ما يلي :
-----------------------
23)    مقال الملحم السابق ص 195.
24)    عبد الفتاح عبد الباقي - مصادر الالتزام في القانون المدني الكويتي دار الكتاب الحديث الكويت - 1988 - ص 51.
----------------------
" العقود الملزمة للطرفين يحق لكل متعاقد منهما، ان يمتنع عن اداء التزامه الى ان يؤدي المتعاقد  الاخر التزامه المقابل" .

المبحث الثاني : شروط واثر الاتفاق على التحكيم
أولا : شروط الاتفاق على التحكيم :
تتعلق هذه الشروط بالاهلية والكتابة وموضوع التحكيم واجاله.

16-    الشرط الأول : بالنسبة لشرط كتابة يجب ان نفرق بين عقد التحكيم وشرط التحكيم .
أ‌)   فبالنسبة لعقد التحكيم ينص الفصل 307/1 ق م م على وجوب ابرام عقد التحكيم كتابة، وهكذا لا يجوز اثبات عقد التحكيم بالقرائن او شهادة الشهود. ويبقى  التساؤل مطروحا حول امكانية اثبات عقد التحكيم بالاقرار واداء اليمين القانونية، من جهة ويطرح تساؤل اخر من جهة اخرى، حول هل الشرط شرط اثبات، ام ان الشرط شرط وجود وصحة.
ومع ذلك يمكن ان يكون عقد التحكيم، موضوع محضر امام المحكم او المحكمين المختارين، او بوثيقة امام موثق  او عدلين، او حتى بسند عرفي حسب ارادة الاطراف (25) .

ب‌) اما بالنسبة لشرط التحكيم فيوجب الفصل 309/2 ق م م، ان يكون شرط التحكيم مكتوبا باليد، وموافقا عليه بصفة خاصة من لدن الاطراف تحت طائلة البطلان .
وفي سياق هذا النص، يمكن ان يفهم ان المشرع قد اضاف شرطا جديدا وهو ان يكون العقد الاصلي يتعلق بعمل تجاري.

17-    الشرط الثاني : يوجب الفصل 306/1 ق م م، ان يتمتع الاشخاص بالاهلية،  لكي يوافقوا على التحكيم، في الحقوق التي يكون التصرف في الحق المتنازع عليه،
----------------------
25)    الفصل 307/2 ق م م .
---------------------
ذلك ان الاتفاق على التحكيم يعني التنازل عن رفع النزاع الى قضاء الدولة، وهو ما قد يعرض الحق المتنازع عليه للخطر، وتطبيقا لهذا الشرط، لا يجوز للمحجور عليه ابرام عقد التحكيم، كما لا يجوز للوكيل بغير اذن خاص، ابرام هذا العقد (26) .
وهكذا ينص الفصل 894 مدني على انه لا يجوز للوكيل ايا كان مدى صلاحيته بغير اذن صريح من الموكل قبول التحكيم .

18-    الشرط الثالث : وينص الفصل 306/2 ق م م، "لا يكون الحق محلا للتحكيم اذا كان مما لا يجوز التصرف فيه". وتتولى الفقرة الثانية من نفس الفصل، بيان الاموال التي لا يجوز الصلح فيها، وهي تلك المتعلقة بالحالة الشخصية او بالنظام العام. وتطبيقا لهذا الشرط، لا يجوز التحكيم على حق الزوج في الطلاق، او على حق الزوجة في النفقة، او على حق المواطن في الانتخاب، وعلة اخراج المنازعات التي لا يجوز الصلح فيها، هو رغبة المشرع بمنع الصلح، في بسط ولاية القضاء العام على هذه المنازعات، وهو ما يقتضي ايضا منع التحكيم بشانها .

والمسائل المتعلقة بالنظام العام، مثل النزاعات المتعلقة بعقود او احوال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام، والنزاعات المتعلقة بتطبيق قانون جبائي، والنزاعات المتعلقة بقوانين تتعلق بتحديد الاثمان،  والتداول الجبري والصرف، والتجارة الخارجية والنزاعات المتعلقة ببطلان وحل الشركات (27).

وهكذا لا يصلح الحق محلا للتحكيم، اذا كان النزاع بشانه مما يجب تدخل النيابة فيه، اذا عرض على قضاء الدولة. وعلة اخراج المنازعات التي يجب على النيابة العامة التدخل فيها، هي ان اجازة التحكيم فيها، يؤدي الى عدم تحقيق رغبة المشرع في وجوب حدوث هذا التدخل، اذ ان النيابة لا تعمل امام المحكمين .
كما لا يمكن الاتفاق على التحكيم في الهبات والوصايا المتعلقة بالاطعمة والملابس والمساكن (28) .

19-    الشرط الرابع : ولضمان السرعة في اصدار القرارات التحكيمية خصوصا في الميدان التجاري، نص ق م م على اجل خاص بالتحكيم، وهكذا نص الفصل 308 ق م م على وجوب ان يتعين عقد التحكيم،
-------------------
26)    فتحي والي المرجع السابق رقم 410.
27)    الفصل 306 المذكور.
28)    الفصل 306 المذكور .
------------------
تحت طائلة البطلان، الاجل الذي يتعين على المحكم او المحكمين، ان يصدروا فيه الحكم التحكيمي، واذا لم يحدد السند اجلا يستنفذ المحكمون صلاحيتهم بعد ثلاثة اشهر من تاريخ تبليغ تعيينهم .
وينص الفصل 312 على ان التحكيم ينتهي بانصرام الاجل المشترط، او ثلاثة اشهر اذا لم يحدد اجل خاص .
وينص الفصل 316 على انه اذا لم ينص على اي شرط في عقد التحكيم، او في العقد الذي عين فيه من يحكم من الغير، التزم هذا الاخير بالبت خلال الشهر الموالي لقبوله .

وتطبق هذه المقتضيات المتعلقة باجل التحكيم، على عقود التحكيم والشروط التحكيمية على حد سواء، بدليل ان الفقرة الاخيرة من الفصل 309 المتعلق بشرط التحكيم، تحيل على نفس المقتضيات القانونية، المتعلقة بعقد التحكيم، والواردة في الفصل 308 وذلك على الشكل التالي :
" يمارس المحكمون المعينون من الاطراف، او بامر الرئيس سلطاتهم ضمن الاجال المقررة في الفصل 308" .
وواضح ان السرعة في اصدار قرار التحكيم، تحتمه مقتضيات التجارة، ومستلزمات الاقتصاد الحديث، في حسم النزاع بسرعة، طلبا للاستقرار الذي يؤدي الى الازدهار التجاري والرخاء الاقتصادي .

ثانيا : اثر الاتفاق على التحكيم :
20-    من المسلم به  ان العلاقة بين المحكم والخصم  - علاقة تعاقدية تنبثق منها حقوق وواجبات المتعاقدين. وكاصل عام، فان واجب المحكم الاساسي،  ينحصر في تنفيذ اتفاق التحكيم المبرم بين الخصوم، بما يستتبع من اصدار الحكم خلال مهلة التحكيم، وما يندرج تحته من التقيد بطبيعة المهمة الموكلة اليه،  والفصل بالدعوى مقيد بموضوع النزاع، وباتباع اجراءات نظر الدعوى المتفق عليها مع الخصوم، ونظام الجلسات، والاخطارات والمواعيد، والالتزام بالقواعد المتعلقة بالنظام العام، بيد انه ولئن كانت عقود التحكيم تتماثل، من حيث ضرورة تنفيذها لاتفاق التحكيم المبرم بين الخصوم، الا ان حقوق والتزامات الخصوم والمحكمين المنبثقة عنها، تختلف باختلاف العقود المبرمة بينهم ( المحكمون والخصوم) وذلك لاختلاف المصالح، التي يسعى كل منهم الى تحقيقها، ومن ثم يتضمنها عقد التحكيم، وذلك على شكل التزام او واجب على اطراف العقد وحقوق وواجبات اطراف عقد التحكيم بما يلي :

أ‌-   واجب الخصوم وحق المحكم في تقاضي اتعاب وما انفق من مصروفات .
ب‌- حق الخصوم وواجب المحكم، بالكشف عن الظروف التي قد تقدح باستقلاله قبل وبعد ابرام العقد.
ت‌- حق الخصوم وواجب المحكم، باصدار الحكم خلال مهلة التحكيم.
ث‌- حق المحكم بالحصانة القضائية (29).

21-    وهكذا نصت الفقرة الاخيرة من الفصل ق م م، على انه يتحمل الاطراف دون المحكمين، مصاريف ايداع المقالات المتعلقة بالصيغة التنفيذية للقرارات التحكيمية ونص الفصل 310 ق م م على انه لا يمكن عزل المحكمين خلال مدة التحكيم، الا باجماع الاطراف على ذلك، ويمكن ان يخص هذا العزل احد المحكمين فقط.
وفي المقابل نص الفصل 313 ق م م، على انه لا يمكن للمحكمين ان يتخلوا على مهمتهم اذا شرعوا في عملياتهم، تحت طائلة تعويض الاطراف عن الضرر، الذي احدثه خطؤهم، ولا يمكن تجريح المحكمين الا لسبب نشا او اكتشف بعد تعيينهم.
ونص الفصل 308 على وجوب تحديد الاجل، الذي يتعين على المحكم او المحكمين ان يصدروا فيه حكمهم التحكيمي اذا لم يحدد عقد التحكيم اجلا يستنفذ المحكمون صلاحيتهم بعد ثلاثة اشهر من تاريخ تبليغ تعيينهم.
ونصت الفقرة الاخيرة من الفصل 309 ق م م على تطبيق نفس المقتضيات على شرط التحكيم .
وبالنسبة للمحكم من الغير نص الفصل 310 الفقرة الاولى من ق م م على انه اذا لم ينص على اي شرط في عقد التحكيم، او في العقد الذي عين فيه من يحكم من الغير، التزم هذا الاخير بالبت خلال الشهر الموالي لقبوله .
--------------------
29)    الملحم ص 225 - 228.
-------------------
22-    ويترتب على الاتفاق على التحكيم - ايا كانت صورته - اثر ان هامان اثر ايجابي هو الحق في الالتجاء الى التحكيم. واثر سلبي هو منع قضاء الدولة من نظر المنازعة محل التحكيم. فاذا رفعت الدعوى امام القضاء بخصوص هذه المنازعة كان للمدعى عليه ان يدفعها بوجود اتفاق على التحكيم (30).
والراجح ان الدفع بالتحكيم يمكن ادخاله في عداد الدفوع بعدم القبول (31). والخصم وقد ارتضى عرض النزاع على محكم، يكون قد نزل عن حقه في الفصل في الدعوى، عن طريق الخصومة العادية، والتمسك بهذا النزول يعتبر دفعا بعدم قبول الدعوى من الناحية الاجرائية امام هذا القضاء (32) .

خاتمة
يتوخى الخصوم عند ابرام عقد التحكيم، انهاء النزاع الناشب بينهما - وذلك بتخويل شخص عادي، وهو  المحكم او المحكوم مهمة القيام  بهذا العبء. وعليه ينبثق عن عقد التحكيم، السلطة التي يركن المحكم اليها للفصل في الدعوى، بما حاصله  ترتيب التزام على  المحكم، بالاضطلاع بالمهمة التي انيطت به، من قبل ارادة طرفي الخصومة .
ويمكننا القول بان عقد التحكيم من العقود غير المسماة، وبانه لم ينل ما يستأهله من الدراسة والتمحيص بما يتناسب مع اهميته التي يتوخاها المشرع منه، بحسبان ان سياسة المشرع، تتجه نحو تشجيع التحكيم، ومن الاهمية بمكان التفات الفقه والتشريع الى هذا العقد لارساء قواعده، تحسبا من نشوب المنازعات بين اطراف العقد، مما يؤدي الى تفويت فرصة الاستفادة من التحكيم، كنظام مواز للقضاء يعمل على تلافي عيوبه (33) .

ويتجلى الخصاص التشريعي فيما يلي :
لم يحدد قانون م. م. طبيعة التحكيم، هل هو داخلي ام دولي، كما لم يحلل طبيعة شرط الكتابة، هل شرط اثبات ام شرط وجود وصحة. كما يحدد المشرع  المغربي طبيعة العلاقة بين شرط التحكيم والعقد الاصلي صحة وبطلانا،
----------------------------
30)    فتحي والي رقم 412.
31)    احمد ابو الوفاء التحكيم الاختياري والاجباري 778 ص 122.
32)    فتحي والي رقم 412.
33)    عبد الحي حجازي : النظرية العامة للالتزامات وفقا للقانون الكويتي.
----------------------------
ولم يحدد قانون م م طبيعة الاتفاق على التحكيم هل هو عقد من نوع خاص ام اجراء من الاجراءات المسطرية، وبالتالي، هل ينظم بطلانه قانون الالتزامات والعقود ام قانون م م. ؟
وما هي طبيعة الدفع بالتحكيم، ثم ما هي الاثار القانونية التي  تنجم عن التصريح ببطلان الاتفاق على التحكيم .

كما لم يحدد قانون م م. حقوق والتزامات المحكمين والمحتكمين بالتفصيل الكافي، وواضح ان المشرع المغربي، رغبة منه في عدم استباق الاحداث، لم يفصل في هذه النقاط، تاركا امرها الى الاجتهاد القضائي، وما يستجد من احداث وقضايا ثم الى ارادة اطراف عقد التحكيم، تكريسا لمبدا سلطان الارادة .

وعلى ذلك يبقى الامر منوطا بالدرجة الاولى باطراف الاتفاق على التحكيم، ثم بيد القرارات التحكيمية، وموقف القضاء منها .
الله الموفق

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 74، ص 42 .




Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : أبحاث قانونية مغربية