-->

يكفي تطابق الإيجاب والقبول لتمام وكالة المحامي

محكمة الاستئناف بالدار البيضاء  غرفة المشورة 
القرار رقم 1263 - الصادر بتاريخ 14/6/1991 - ملف عدد 186/91

يكفي تطابق الإيجاب والقبول لتمام وكالة المحامي ولتنتج اثارها.
تستوجب وكالة المحامي قيام التزامات متقابلة يتحملها كل من الطرفين، فالمحامي ملزم بتتبع قضايا موكليه الى نهايتها، وعلى النهج الذي تفرضه عليه مهنته وقوانينها واعرافها، والموكل هو الاخر ملزم بان يزود المحامي بالوثائق الضرورية، في الوقت المناسب، وان يؤدي الصوائر القضائية الواجبة.

باسم جلالة الملك
بناء على القرار الصادر عن مجلس الاعلى بتاريخ 21/6/90 تحت عدد 193 في الملف الاداري عدد 7126/87، القاضي بنقض القرار الصادر عن هاته المحكمة، بتاريخ 20/6/86 في الملف عدد 278/87، 
وبناء على المذكرة ما بعد النقض المدلى بها، من طرف محامي المستانف عليه، الرامية الى تاييد المقرر المستانف .
وبناء على تقرير المستشار المقرر الذي لم يقع تلاوته بالجلسة، باذن من الرئيس ودون معارضة الاطراف .
وبناء على تعيين القضية بالجلسة المؤرخة في 24/5/1991 حضر لها المستانف ومحاميه وبها حجزت القضية للمداولة بجلسة 7/6/1991 مددت بنفس الهيئة الى جلسة 14/6/1991.
حيث انه، من اثار نقض القرار الاستئنافي السابق، ارجاع الاطراف الى الحالة التي كانا عليها قبل صدور قرار المذكور .

من حيث الشكل :
حيث تقدمت النيابة العامة بمقال الاستئنافي ضد مقرر مجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء الصادر بتاريخ 19/9/1985، القاضي بعدم متابعة الاستاذ من اجل الافعال المنسوبة اليه، الموضوع بكتابة الضبط بتاريخ 27/1/86.
وحيث ان النيابة العامة بلغت بالمقرر المستانف، بتاريخ 21/1/1986 بواسطة كتاب السيد النقيب المؤرخ في 6/1/86، لذا يكون الاستئناف قد حاز اوضاعه القانونية وبالتالي فهو مقبول شكلا .

من حيث الموضوع 
حيث يستفاد من محتويات الملف، انه تبعا لكتاب السيد الوكيل العام للملك احيل المستانف على المجلس التاديبي، من اجل شكاية السيدة حادة بنت لحسن التي مفادها ان المشتكية المذكورة كلفت، بتاريخ 9/12/1979، المستانف لينوب عنها في دعوى حادثة سير التي كان ضحيتها ابنها المسمى طوطوس حمادي تسبب فيها سائق سيارة مجهول، وسلمته عقد إراثة ونسخة من محضر الشرطة الا انه بعد ذلك امتنع من تزويدها بمعلومات عن قضيتها، كما امتنع عن حيازة شهادة الكفالة بدعوى انها تاخرت عن احضارها في الوقت المحدد، واجاب الاستاذ عن طريق النقيب انه لم يتمكن من ابرام صلح او اقامة دعوى، لفائدة المشتكية، ضد صندوق مال الضمان في الاجل القانوني، بعدم ادلائها بالوثائق الضرورية، وخاصة شهادتي الاحتياج والكفالة، وعقبت المشتكية عن هذه الشكاية بانها سلمت للمستانف كل الوثائق الا انه لم يقم بواجبه.

وبعد التحقيق معه من طرف المحقق، اصدر المجلس التاديبي قراره القاضي بعدم متابعته، استؤنف من طرف النيابة العامة، وانتهت المسطرة بصدور القرار المنقوض، القاضي بالغاء مقرر مجلس هيئة المحامين، والحكم من جديد بادانة الاستاذ الناصري من اجل ارتكابه اخطاء مهنية ومعاقبته من اجل ذلك بعقوبة التنبيه .

وحيث طلب المستانف عليه نقض القرار الاستئنافي السالف الذكر، فاصدر المجلس الاعلى قراره القاضي بنقضه بالعلة التالية : " حيث ان قضاة الاستئناف، من اجل ادانة ومعاقبة الاستاذ، اعتبروا انه قد تم توكيله وكالة تامة، من طرف المعنية بالامر، الا انهم لم يبينوا كيف تم ذلك التوكيل، وما هي العناصر الدالة على وجوده، حتى ينسب اليه اهمال قضية المشتكية، وتفويت الفرصة على مقاضاة صندوق مال الضمان، وبه يكون القرار المطعون فيه ناقص التعليل الموازي لانعدامه ومعرضا للنقض".

وحيث جاء في مقال استئناف النيابة العامة ان الاستاذ، قد اهمل قضية موكلته ومحاولة منه للتملص من المسؤولية، فانه يتشبث بان موكلته لم تدل بالوثائق الضرورية في الوقت المناسب، دون ان يدلي بما يثبت انه سبق له ان طالب موكلته بتزويده بالوثائق الضرورية اقبل انصرام الاجل القانوني، او بما يفيد انه قد انذرها او اشعرها بسقوط حقها في الدعوى لعدم ادلائها بهذه الوثائق، مخالفا بذلك مقتضيات الفصل 45 من الظهير المنظم لمزاولة مهنة المحاماة، والتمسك الغاء المقرر المستانف والحكم بمؤاخذته، من أجل ما نسب اليه، ومعاقبته بالتوقيف عن مزاولة مهنة المحاماة لمدة سنة .

وحيث اثار المستانف، من خلال مذكرته بعد النقض، بانه طبقا لمقتضيات الفصلين 913 من قانون الالتزامات والعقود و50 من النظام الداخلي للهيئة، فان الوكالة بالنسبة للمحامي لا تعقد الا عند وفاء الموكل بالتزامه المقابل، وهو امداد المحامي بالنقود وهي التسبيق عن الاتعاب التي تناسب متطلبات اتعابه ومصاريف القضية، وكذلك بتزويده بجميع ما يلزم لتنفيذ الوكالة، وهي بطبيعة الحال، جميع الوثائق الضرورية لرفع الدعوى، وفي غياب تنفيذ الالتزامات المذكورة من طرف الموكل، لا يمكن البحث عن مسؤولية المحامي، لان الوكالة في هذه الحالة لم تنعقد بعد، لانتفاء شروط انعقادها، وفي هذه النازلة، فان العارض قد وجه رسالة الى المشتكية بتاريخ 11/11/90 ينبهها فيها لاجل سقوط الدعوى، ويطالبها بتقديم البيانات واحضار المستندات الضرورية لتكوين ملفها، مع الصوائر القضائية والمشتكية المذكورة في شكايتها المؤرخة في 2/4/83 لا تنكر ان العارض قد اشعرها باجل سقوط الدعوى، وطالبها بالادلاء  بالمستندات وتزويده بمصاريف الدعوى دون جدوى، لانه كان يستحيل عليها في ذلك الوقت احضار تلك الوثائق.

وفيما يخص الفصل 45 من القانون المنظم لهيئة المحامين، فان استعمال كلمة بتتبع في صياغة الفصل المذكور، تعني ان هناك تكليف تام او وكالة تامة وان هناك مسطرة قائمة ينبغي على المحامي ان يقوم بتتبعها الى نهايتها، لذا فان مقتضيات هذا الفصل لا تطبق على النازلة، والتمس تاييد المقرر المستانف.

المحكمة 
وحيث ان المحامي وكيل لزبونه، تنظم العلاقة التي تقوم بينهما القواعد العامة لعقد الوكالة المنصوص عليها في الفصول 879 وما بعد من قانون الالتزامات والعقود، الا ما استثني منها بسبب تعارضها مع القانون المنظم لمهنة المحاماة، لا من حيث الانعقاد وحسب، بل ايضا من حيث الاثار، وهكذا فان المحامي يسمى وكيلا بمجرد تراضيه مع زبونه ويكفي تطابق الايجاب والقبول لتمام الوكالة ولتنتج اثارتها.

وحيث انه، وعلى هدي من ذلك، فانه لا يسوغ القول بان وكالة المستانف لم تكن قائمة بسبب عدم ادلاء الموكلة بالوثائق الضرورية واداء مبلغ الرسوم اليه لان الادلاء بالوثائق واداء الرسوم لا يعتبر، بحال من الاحوال، شرط او ركن انعقاد بل هو لا يعدو ان يكون التزامات ناشئة بعد ابرام عقد الوكالة ويترتب عن الاخلال بها مسؤولية المخل.

وحيث انه، من الثابت في اوراق الملف وكذا تصريحات الاطراف، ان الوكالة قد انعقدت وبدا المستانف عليه في تنفيذها، لما بعث برسالة الى صندوق مال الضمان مؤرخ في 8/4/80، نيابة عن ذوي حقوق الضحية طوطوش حمادي بمن فيهم المشتكية، يقترح عليه تسوية حبية في شان ترميم الاضرار الحاصلة لهم من جراء الحادثة.

وحيث ان الفصل 45 من القانون المنظم لمهنة المحاماة الذي تتمسك به النيابة وتستند عليه، من اجل الغاء المقرر المستانف، يتعلق باثار الوكالة وما تمثله من التزامات متقابلة يتحملها كل من الطرفين، فالمحامي ملزم بان يتتبع قضايا موكليه الى نهايتها، وعلى النهج الذي تفرضه عليه مهنته وقوانينها واعرافها، والموكل هو الاخر ملزم بان يزود المحامي بالوثائق الضرورية في الوقت المناسب، وان يؤدي الصوائر القضائية الواجبة.

وحيث ان الاستاذ، حسب وثائق الملف، انذر المشتكية برسالة مؤرخة 11/11/1980، من اجل الاتصال به، مثيرا انتباهها الى ان اجل سقوط حقها على وشك الانصرام، غير ان المشتكية المذكورة لم تنجز الاراثة الا بتاريخ 28/5/82 ورسم الكفالة الا بتاريخ 13/7/82 في حين حل اجل سقوط الحق منذ 28/4/81.
وحيث يستخلص، مما سبق، ان المشتكية هي التي اخلت بالتزامها، مما ادى الى فوات الفرصة عليها، وان الاستاذ قام بتنفيذ الالتزام الملقى على عاتقه ولم يرتكب أي خطا يسال عليه.
وحيث انه تبعا لما ذكر، يكون المقرر المستانف في محله ويتعين تاييده.

فلهذه الاسباب 
فان محكمة الاستئناف وهي تبت سريا في غرفة المشورة ونهائيا تقضي :
في الشكل : بقبول الاستئناف .
في الموضوع : بتاييد المقرر المستانف وبتحميل الخزنية العامة الصائر .
بهذا، صدر القرار في اليوم والشهر والسنة اعلاه، بغرفة المشورة بمقر محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، وهي متركبة من نفس الهياة التي ناقشت القضية، اثناء حجزها للمداولة .
الرئيس المستشار المقرر كاتب الجلسة

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 63، ص 123.

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : اجتهادات قضائية