-->

الورثة وتضارب حقوقهم مع هبة سابقة / العقار المحفظ وشرط الحيازة في التبرعات / الحيازة المادية ومدى كفايتها في هبة العقار المحفظ.



ان تطبيق مقتضيات ق. التحفيظ وخصوصا المواد 66 و67 و106 يؤدي الى ان تكون الحيازة  المادية. المشترطة  في  قواعد  الفقه  الاسلامي،  غير كافية وحدها حين تقع الهبة على عقار محفظ. باعتبار ان مقتضيات هذا القانون، تفيد ان انتقال الملكية لا يتم بالتسجيل .
التقييد الاحتياطي السابق، لا يمكن ان يكون له اي اثر، لانه كان مؤقتا فانتهى  بانتهاء اجله، ولانه بصرف النظر عن ذلك لا يتعلق بحقوقه بين الورثة متزاحمة، وفي درجة واحدة ولكن بهبة لم تسجل قبل وفاة الواهب.
بناء عليه فان عدم تسجيل الهبة، قبل وفاة الواهب، يترتب عنه بطلان الهبة، من غير اعتبار لكون الموهوب لها، كانت  لها  حيازة مادية على العقار الموهوب، بقبض ريعه الكرائي،  ويكون القرار المطعون فيه، بقضائه بشطب إراثة الطالبين وتسجيل الهبة معيبا بما يوجب نقضه.

المجلس الاعلى
القرار عدد 3304 -  بتاريخ 25/12/91 - الملف عدد 1903/90
------------------------------------------------------------------

ورثة المرحومة فاطنة بنت محمد السوسي
ضد
جمعية علماء سوس
باسم جلالة الملك
بناء على العريضة المرفوعة بتاريخ 28/5/90 من طرف الطالب المذكور حوله بواسطة نائبه والرامية الى نقض قرار  محكمة الاستئناف بالرباط الصادر بتاريخ 6/8/81 في الملف عدد 616/78 .
وبناء على الاوراق الاخرى المدلى بها في الملف .
وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 24 شتنبر1974 .
وبناء على الامر بالتخلي والابلاغ الصادر في 10/7/91 .
وبناء على الاعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 23/11/91.
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهما :
وبعد تلاوة المستشار المقرر السيد محمد بوهراس تقريره .
وبعد الاستماع الى ملاحظات العام السيد محمد سهيل .

وبعد المداولة طبقا للقانون
وبناء على الوسيلة الاولى المبنية على ان الهبة لم تسجل على الرسم العقاري قبل وفاة الواهب .
حيث يتبين من محتويات الملف ويؤخذ من القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط في تاريخ 6/5/1991 تحت عدد 4395 في الملف ذي العدد 616/79، انه بعدما كان المرحوم الحاج عبد الله بن محمد  - فتحا - بن عبد الله بن احمد السوسي، قد وهب للمطعون ضدها ( جمعية علماء سوس) الملك ذي الرسم  العقاري عدد 10690، المسمى ابا الخير  ويوجد  بالرباط،  وذلك  بموجب  رسم  عدلي  مؤرخ في 22/6/1962  وبعدما  تم  في  تاريخ 20/7/1902 تقييد احتياطي للاحتفاظ بحقوق الجمعية الموهوب لها، وبعدما كان  الواهب،  قد  وجه  عن  طريق  البريد المضمون الى السيد المحافظ على الاملاك العقارية بالرباط، رسالة يعلن فيها تراجعه عن تلك الهبة وتعرضه عن تقييد الرسم، وبعدما توفى ووقع في تاريخ 9/1/1969 تقييد اراثته لفائدة ورثته الحاضرين ( زوجته فاطمة بنت محمد السوسي وبناته فاطمة وغيثة ورقية والباتول وام كلثوم وابني ابنه عبد الهادي وهما محمد وخديجة) .

 وبعدما تقدمت الجمعية الموهوب لها في تاريخ 9/11/1969 لدى السيد المحافظ، بطلب التشطيب عن اراثة الواهب وتقييد الهبة فاستجاب المحافظ لهذا الطلب اعتبارا من تاريخ التقييد الاحتياطي بعد كل ذلك سجل الطاعنون ورثة الواهب المذكورة في تاريخ 12/1/1971 مقالا لاحظوا فيه ان التقييد الاحتياطي كان بموجب اذن من رئيس المحكمة دون ان تتبعه اية دعوى فانتهى لذلك مفعوله بمضي ستة اشهر، ومن جهة اخرى لاحظوا ان رسم الهبة لم يقيد في الرسم العقاري الا بعد وفاة الواهب، وبعد تسجيل اراثته،  ويلتمسون بذلك التصريح بان تقييد رسم الهبة الواقع بتاريخ 19/11/1970 غير قانوني، والحكم بالتشطيب عليه، في حين ان الجمعية المدعى عليها، تقدمت في تاريخ 21/4/1971 بطلب مضاد تلتمس فيه بصفة احتياطية فيما اذا ارتات ان تسجيل رسم الهبة قد وقع بصفة غير قانونية وامرت بالتشطيب عليه، نظرا لوجود تسجيل سابق لاراثة الواهب - تلتمس تسجيل ذلك الرسم من جديد والتصريح بانه بمجرد ما يقع التشطيب على التسجيل الواقع بتاريخ 19/11/70 فان المحافظ يكون ملزما بتسجيله من جديد كما التمست الحكم لها على المدعين الاصليين بمبلغ الف 1000 درهم كتعويض،

 لاحظت المحكمة الابتدائية بالرباط كون تسجيل رسم الهبة اعتبارا من تاريخ التقييد الاحتياطي، لا يستند على اساس لان مفعول التقييد الاحتياطي، كان قد انتهى، مما يستوجب التشطيب عليه من الرسم العقاري ولاحظت من جهة اخرى، فيما يخص الطلب المضاد، الرامي الى اعادة تسجيل رسم الهبة، ان المدعين الاصليين، لا يطالبون بابطال هذا الرسم، وانما ببطلان تسجيله الذي تم في تاريخ 19/11/1969 هكذا، وانه لا يمكن الرجوع في الهبة اذا كانت لغير اولاد الواهب، واعتبرت ان ورثة الواهب ملزمون بالضمان تجاه الموهوب لها، فارتات لذلك الاستجابة لطلب اعادة تسجيل رسم الهبة على الرسم العقاري، فاصدرت بناء على هذه التعليلات في تاريخ 14/2/1972 حكما فيما يخص الطلب الاصلي بالتشطيب على التقييد الواقع بتاريخ 19/11/1979، وفيما يخص الطلب المضاد، باعادة تسجيل رسم الهبة، وامر المحافظ بتسجيله بمجرد الادلاء بنسخة من هذا الحكم، وبرفض طلب التعويض وبعد استئنافه من طرف المدعيين الاصليين صدر القرار المطلوب نقضه القاضي بتاييد الحكم الابتدائي فيما عدا ما قضى به من الزام المحافظ بالتسجيل فبالغائه فيه.

فيما يخص الدفع بعدم القبول :
حيث لاحظت الجمعية المطعون ضدها في مذكرة جوابها عن مقال طلب النقض كون هذا المقال قدم باسم ورثة فاطمة بنت محمد السوسي التي هي احد ورثة الواهب الواردة اسماؤهم في كل من المقال الافتتاحي والمقال الاستئنافي دون ادلائهم لا بما يفيد وفاتها ولا برسم اراثتها .
وحيث عقب الطاعنون بمذكرة ارفقوا بها رسما عدليا مفاده ان مورثتهم المذكور توفيت في تاريخ 20/9/1987 وانهم هم الوارثون لها مما يكونون معه قد اثبتوا صفتهم  في متابعة المطالبة بالحقوق التي كانت تطالب بها في المتنازع فيه.
وبالتالي يجب التصريح بقبول الطلب المعروض .

وفيما يخص الموضوع :
حيث يلاحظ الطاعنون في الوسيلة الاولى،  المتخذة من خرق القانون واحكام الفقه، كون العقار موضوع النزاع، بقي مسجلا في اسم مورثهم الواهب حتى تاريخ وفاته وكون التقييد الاحتياطي، الذي اتخذ لفائدة الجمعية المطعون فيها في تاريخ 30/7/1962، بموجب اذن من رئيس المحكمة، لم تتبعه اية دعوى، فانتهى بذلك امره بمضي ستة اشهر عملا بالفصل 86 من ظهير التحفيظ العقاري، كما لاحظوا ان الحيازة المشترطة شرعا لصحة التبرعات، لا تتحقق بالنسبة للعقارات المحفظة، الا بالتقييد في الرسم العقاري، مستدلين في هذا الصدد بالفصلين 66 و67 من الظهير المذكور، ولاحظوا كذلك، انه لا يكفي ادعاء بان الجمعية كانت تقبض غلة العقار الموهوب لها، معتبرين لذلك ان هذا العقار، الذي بقي في ملكية الواهب الى تاريخ وفاته، قد انتقلت ملكيته شرعا اليهم بصفتهم ورثة له، وان الهبة تبطل بمجرد وفاته، مستدلين بقول ابن عاصم في تحفته بباب الحبس،
والحوز شرط صحة التحبيس   ***      قبل حدوث موت او تفليس
وبباب الهبة والصدقة
ومن يصح قبضه وما قبض  ***  معطاه مطلقا لتفريط عرض
يبطــل حقـــــه بـلا خــــلاف  ***  ان فاتــــه لـذلــــك التلافــي

حقا فانه اذا كانت احكام الفقه الملكي المتعلقة بالتبرعات، تشترط لصحتها ان يتم تحويز المتبرع عليه بالشيء الملتزم به، قبل حصول المانع من موت المتبرع او افلاسه، فان المعتبر هنا بالحيازة هو نقل الملكية، وليس مجرد الظهور المادي على  العقار، وانه اذا كان التحويز ينقل الملكية بالنسبة للعقار الغير المحفظ، فان هذا الاجراء لا يكفي بالنسبة للعقار المحفظ حيث يقرر الفصل 66 من ظهير التحفيظ، ان كل حق عين يتعلق بعقار محفظ، يعتبر غير موجود الا بتسجيله على الرسم العقاري كما يقرر الفصل 67 الموافق له، ان الافعال الارادية،  كالتبرع في النازلة والاتفاقات التعاقدية، الرامية الى تاسيس حق عيني او نقله الى الغير، لا تنتج اي اثر ولو بين الاطراف، الا بتسجيلها على الرسم العقاري، ومن تاريخ هذا التسجيل، وانه نظرا لهذا التعارض بين هذه المقتضيات، فانه يجب اعمال نص الفصل 106 من نفس الظهير، الذي يقرر تطبيق احكامه وحدها في حالة تعارض احكام الفقه معها، ولهذا فانه مادام اي الواهب قد توفي قبل تسجيل الهبة على الرسم العقاري، فانه يجب اعمال القاعدة التي يقررها الفصل 67 من الظهير، والقول بان الهبة قد بطلت، لان الواهب توفي قبل ان تنتقل ملكية العقار الى الموهوب له، وان هذا العقار، اصبح من عناصر تركة المالك التي انتقلت الى الورثة بحكم القانون، ولا مجال لالزام الورثة في النازلة، اخذا باحكام الفصل 229 من ق زع، لان طبيعة الهبة لا تسمح بذلك، وهو الشرط الذي يشترطه الفصل لذلك الالزام وفيما يتعلق بالقيد الاحتياطي وامره، فالى جانب ان هذا القيد كان قد تم بناء على امر قضائي، وليس بناء على مقال الدعوى، وان اثره انتهى بمضي ستة اشهر، فان هذا الاجراء لا اثر له في النازلة، لان الامر لا يتعلق بالتفاضل بين حقوق متزاحمة على التركة وعلى درجة واحدة من الصحة، وانما بهبة لم تسجل على الرسم العقاري قيد وفاة الواهب، فاصبحت منعدمة الوجود قانونا، ازاء الورثة، وان المحكمة لما قضت مع كل هذا بتشطيب اراثة الطاعنين من الرسم العقاري وتسجيل الهبة موضوع النزاع مكانها، تكون قد خرقت المقتضيات المذكورة وعرضت قرارها للنقض.

لهذه الاسباب
قضى المجلس الاعلى بنقض القرار المطعون فيه، وباحالة الطرفين في النزاع على نفس المحكمة، لتبت فيه من جديد، طبقا للقانون، وهي متركبة من هيئة اخرى وعلى المطعون ضدها الصائر.
كما قرر اثبات حكمه هذا في سجلات محكمة الاستئناف بالرباط اثر الحكم المطعون فيها وبه صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور اعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الاعلى، الكائن بساحة الجولان بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة رئيس الغرفة السيد احمد عاصم، والمستشارين محمد بوهراس مقررا، ومحمد الاجراوي وعبد العزيز توفيق واحمد بنكيران، وبحضور المحامي العام السيد محمد سهيل بمساعدة كاتب الضبط السيد لحسن الغرفي .
الرئيس                                       المستشار المقرر                                      كاتب الضبط

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 74، ص 79 .



Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : أبحاث قانونية مغربية