-->

دراسة النص المؤسس للضريبة العامة على الدخل بالنسبة لمهنة المحاماة


للأستاذ محمد التبر المحامي بهيئة الدار البيضاء 

تتعلق هذه الدراسة بالمواضيع التالية :
I- الوضعية الضريبية للمحامي الناتجة عن ظهير 21 نونبر1989.
II- الالتزامات الضريبية للمحامي الناتجة عن هذا الظهير مقارنة مع التشريع السابق.
III- الآثار الناتجة عنها في الميدانين المهني والاجتماعي.
IV- إمكانيات معالجتها .
V- طبيعة ومحل وموضوع العلاج .

I- الوضعية الضريبية للمحامي الناتجة عن ظهير 21 نونبر1989
يتضمن هذا النص انشاء ضريبة عامة على الدخل، تسمى " ضريبة العامة على الدخل" وتشمل :
1) الدخول المهنية .
2) الدخول الناتجة عن المستغلات الفلاحية
3) الاجور 
4) دخول رؤوس الاموال المنقولة سواء كان منشأ هذه الدخول بالمغرب او الخارج. 
اذا كان هذا السرد لا يستبعد الاجور رغم تنافيها مع مهنة المحاماة طبقا لما قرره الفصل 70 من ظهير 9 نونبر1979  فذلك  لان  الفصل الاول من النص الضريبي لا يشير فقط، الى الاجور، ولكن ايضا الى الدخول التي في حكمها والمقصود بها التعويضات  كيفما  كان  اسمها التي يتقاضاها الحكام واعضاء المجالس الادارية للشركات المساهمة والنواب او الاعضاء بالغرفة الدستورية او بالمجلس الاعلى او بالمحكمة العليا، واساتذة القانون باحدى الكليات، لاي سبب كان بمناسبة ممارستهم لمهامهم، او وكالتهم او تكليفهم او وظيفتهم.

ومن الملائم كذلك التذكير بان الدخول الناتجة عن عمليات الاستثمار العقاري وتجزئ الأراضي تعد دخولا مهنية لتطبيق الضريبة العامة على
 الدخل ( الفصل 10).
ويتعين على كل محام قبل فاتح مايو من كل سنة ان يوجه رسالة موصى بها مع اشعار بالتسلم او بتسلم مقابل ايصال الى مفتش الضرائب المباشرة والرسوم التي في حكمها التابع لمحل اقامته الاعتيادية او مكتبه اقرارا بمجموع دخله خلال السنة السابقة محررا على  - او وفق - مطبوع نموذجي تسلمه الادارة مع بيان نوع او انواع الدخول التي يتكون منها ( مهني، عقاري، اجور، منقول).
وفحوى هذا الاقرار مضمن بالفصل 100.

واعتبارا لكون الضريبة العام على الدخل اصبحت سارية المفعول ابتداء من فاتح يناير1990 ولضرورة الادلاء بالاقرار عن مجموع الدخل قبل الفاتح من مايو بخصوص السنة السابقة، فانه يتعين على المحامي اذا ان يدلي لاول مرة بالاقرار المطابق للنظام الضرائبي الجديد قبل فاتح مايو1991 مع احترام :
أ‌- ان يمسك حساباته ابتداء من فاتح يناير1990 وفق الشروط الشكلية والجوهرية المأمور بها بظهير21/11/1989.
ب‌- ان يصرح كما في السابق برقم معاملاته عن سنة 1989 قبل فاتح ابريل1990.
ت‌- ان يدفع شهريا كما في السابق الاقتطاعات عن اجور مستخدميه بمختلف انواعهم بمن فيهم أولئك المرتبطين بمحل اقامته .
ث‌- ان يصرح في غضون شهر يبراير1991 بالاجور والتعويضات ومصاريف الخدمة والتنقل المؤداة سنة 1990 لمستخدميه مع البيانات المشار اليها بالفصل 77.

5) ان يحجر لحساب الخزينة مبلغ الضريبة على الدخل المستحق عن جميع المبالغ التي يتوصل بها لحساب زبنائه غير المقيمين عن المدة التي تبدا في فاتح يناير1990 مقابل لما قدموه من معلومات علمية او تقنية او غيرها وكذلك من الدراسات المنجزة داخل المغرب او خارجه.

كيف يحدد مبلغ الدخل العام ؟
اشتمل النص على ثلاث انظمة :
الاول هو نظام الربح الجزافي 
وهو النظام الجاري به العمل حاليا بصفة عامة .
بيد انه لا يمكن ان يسري الا اذا كان رقم الاعمال السنوي المعني يقل عن 250.000 درهم .
غير ان القانون نص بكل أسف ( الفصل 20) على انه رغم تحقق هذا الشرط فان المكلف بالضريبة لا يستفيد من هذا النظام اذا ما استثنيت مهنته بمقتضى نص تنظيمي، وهذا هو الحال بالنسبة للمحامين بناء على مرسوم الوزير الاول المؤرخ في 4 دجنبر1989.
الجريدة الرسمية عدد 4025 بتاريخ 20/12/1989 الصفحة 1708.
وهكذا يبقى جميع المحامين كيفما كان رقم اعمالهم السنوي خاضعين لاحد النظامين التاليين :

الثاني هو نظام النتيجة الصافية الحقيقية.
تحدد النتيجة الصافية الحقيقية باعتبار ما زاد من الحاصلات والارباح والمكاسب الناتجة عن جميع الانشطة المهنية على التكاليف التي دفعها او تحملها المكلف بالضريبة.
ومن بين الحاصلات والارباح نعني الاتعاب المستحقة عن الاعمال المنجزة والخدمات المقدمة حتى ولو كان مبلغ تلك الاتعاب لم يؤد بعد ( الفصل 14).

ومن بين التكاليف القابلة للخصم التي نص عليها الظهير :
1) الاستهلاك خلال خمس سنوات للاموال التي تنقص قيمتها بمرور الزمن او الاستعمال ( كتجهيز المكاتب بالات الطبع، والناسخات والحاسوب، والمنقولات ….. الخ) الامر الذي يستتبع بان الصوائر التي لا تنجز عند فتح المكتب ولكن خلال فترة خدمته، من اجل اقتناء الالات او اجراء التحسينات لا تخصم مباشرة .

2) الاحتياطات المرصدة لمواجهة نقص في قيمة عناصر من الاصول .
وان مسك حسابات المكلف يجب ان تتم وفق مقتضيات قانون التجارة .
ويجب ان تسلم عن المداخيل فاتورات مرقمة ( الفصل 29).

الثالث هو نظام النتيجة الصافية المبسطة .
ولا يطبق هذا النظام الا بتوافر شرطين :
أ‌- اذا كان للمحامي عدة مصادر للكسب زيادة على المهنة يدر كل مصدر منها رقم اعمال يقل عن 500.000 درهم سنويا .
ب‌- اذا لم يجاوز رقم الاعمال المحقق في مزاولة كل نشاط الحد المقرر لكل منها ( الفصل 25).
وفي الحقيقة فان النظام الثالث ليس اقل تعقيدا من الثاني، بحيث لا يمنح النص في الواقع الا سرابا .
فالدخول والتكاليف القابلة للخصم في النظامين متماثلة بمقتضى الفصول 13، 14، 15، 24.

بل، اننا نجد في اختيار نظام النتيجة الصافية الحقيقية مزيتان، وذلك من جهة لانه يمكننا ان نخصم من الحاصلات والارباح احتياطات من اجل استبدال المنقولات والتجهيزات التي تنقص قيمتها بسب الاستعمال او مواجهة الخسائر المحتملة ( المقطع الثامن من الفصل 15) وهو الامر الذي يستبعده نظام النتيجة المبسطة بمقتضى الفصل 24 في فقرته الثانية ومن جهة اخرى فانه يمكن ان تنقل الى السنوات المالية اللاحقة الخسارات المسجلة في السنوات السابقة ( هو امر غير منصوص عليه في نظام النتيجة المبسطة).

وان البساطة في نظر المشروع تنتج عن كون مسك الحسابات في نظام النتيجة الصافية الحقيقية يجب ان يتم وفق القواعد المقرر بالقانون التجاري .
واعتبار ا لهذه البساطة الشكلية وللمزيتين المرتبطتين بنظام النتيجة الصافية الحقيقية، فان الاختيار بين النظامين يخضع لسن المحامي وتطلعاته المستقبلية واهمية تجهيزات مكتبه وثبات زبنائه واهميتهم ونوعيتهم وطبيعتهم، وكذلك تنوع نشاطاته خارج المهنة.
فعلى كل محام ان يقرر بحسب خصوصياته، ولا يمكن بالتالي موضوعيا ان ننصح بهذا النظام وبالاخر، لان الاختيار يجب ان ينتج عن تقدير ذاتي لا نظري.
فالمكتب المهم الذي هو طور الصعود والنماء قد يكون من مصلحته اختيار نظام النتيجة الصافية الحقيقية وجميع المكاتب الاخرى قد يصلح لها اختيار نظام النتيجة الصافية المبسطة ولو بصفة وقتية.

في أي تاريخ يتعين على المحامي الإعراب عن اختياره ؟
قبل الفاتح من مايو1990، ويبلغ قراره اما بواسطة رسالة موصى بها مع اشعار بالتسليم بواسطة تسليم مقابل ايصال موجه الى مفتش الضرائب المباشرة والرسوم التي في حكمها التابع له محل اقامته الاعتيادية او مكتبه ( الفصل 26)
وكيفما كان النظام الذي تم اختياره فانه يتعين عليه اداء نفس الضريبة المحررة حسب الجدول التالي ( الفصل 94).
جزء الدخل البالغ 12.000 درهم معفى من الضريبة .
جزء الدخل من 12.001 درهم الى 24.000 درهم تفرض عليه الضريبة بسعر 14% .
جزء الدخل من 24.001 الى 36.000 درهم تفرض عليه الضريبة بسعر 22%.
جزء الدخل من 36001 درهم الى 60.000 درهم تفرض عليه الضريبة بسعر36 %.
جزء الدخل من 60.001 درهم الى 90.000 درهم تفرض عليه الضريبة بعسر44 %.
جزء الدخل من 90.001 درهم الى 120.000 درهم تفرض عليه الضريبة بسعر 46 %.
جزء الدخل من 120.001 درهم الى 200.000 درهم تفرض عليه الضريبة بسعر 48 %.
ما زاد على ذلك تفرض عليه الضريبة بسعر52 % .

II- المستجدات في تطبيق ظهير21 نونبر1989 على المهنة .
اول او اهم ما جد هو اختفاء نظام الربح الجزافي بناء على المقتضيات المتكاملة للفقرة أ من الفصل 20 ومرسوم 4 دجنبر1989.
وحتى ولو لم يصدر هذا المرسوم فان نظام الربح الجزافي ما كان ليطبق الا اذا كان رقم الاعمال السنوي يقل عن 250.000 درهم والحالة انه بمقتضى ظهير 31 دجنبر1959 حول الارباح المهنية ارتفع هذا الرقم الى 500.000 درهم .
اما باقي المستجدات فما هي الا تبعات للاولى .
أ‌- مسك الحسابات خاضع لقواعد القانون التجاري في نظام الناتج الصافي الحقيقي.
ب‌- يسجل بين الارباح والمكاسب الأتعاب المستحقة ( ديون) حتى لو لم يتم تحصيلها، وذلك في النظامين (الفصل 14 الفقرة الاولى 24 الفقرة II) .
ت‌- الارتفاع الحاصل في جدول الضريبة.
ث‌- التصريح السنوي بقوائم الزبناء المدينين والدائنين مع بيان طبيعة ما لهم وما عليهم ومرجع ذلك ومبلغه بتفصيل وهو الامر الذي من شانه المساس في بعض الاحيان بالسر المهني ( الفصل 29 الفقرة II). 
ج‌- مسك سجل تقيد فيه اموال الاستغلال القابلة للاستهلاك، مؤشر من طرف رئيس المصلحة المحلية لربط الضريبة وتكون صفحاته مرقمة .
ح‌- مسك سجل خاص يتضمن الاسماء العائلية والشخصية وعناوين المستخدمين والمساعدين الذين يتقاضون اجورا او تعويضات والمكافآت، مع بيان مبلغ الاداءات والمنافع العينية او غيرها التي دفعت لهم ( الفصل 65.75 و77).
خ‌- ضرورة الادلاء باقرار  سنوي بالاتعاب او المكافآت المدفوعة لاشخاص خاضعين للضريبة المهنية "البتانتا" او للضريبة عن الشركات ( الفصل 32) 
د‌- ضرورة ان يحجز في المنبع لفائدة الخزينة الضريبية المستحقة على الاشخاص الطبيعيين غير المقيمين بالمغرب بسبب المكافآت المستحقة لهم في مقابل ما قدموه من معلومات علمية او تقنية او غيرها والقيام بدراسات منجزة في المغرب او الخارج وكذلك للاسباب الاخرى  الواردة بالفصل 19 ( انظر الفصل 34).
ذ‌- وجوب اداء جميع المصاريف المتعلقة بالتكاليف المهنية التي يساوي مبلغها او يتعدى 10.000 درهم بواسطة شيكات مسطرة غير قابلة للتظهير وذلك ابتداء من فاتح يناير1991 ( التعديل عن ظهير 230/12/1989).

III- التبعيات الناتجة عن تطبيق ظهير 21/11/1989
ان تاسيس ضريبة عامة على الارباح والمكاسب التي يحققها المكلف في جميع النشاطات المهنية والفلاحية والعقارية وغيرها، وتحديد مقادرها باعتبار مازاد من الحاصلات والارباح والمكاسب عن التكاليف التي تم دفعها او تحملها يقتضي من جهة تضمين جميع الحاصلات والتكاليف المرتبطة بهذه النشاطات في اقرار واحد، يقدم سنويا  لمفتش الضرائب ومن جهة اخرى استخراج الدخل الخاضع للضريبة عن كافة الدخول الناتجة عن مختلف النشاطات مجتمعة وهو الامر الذي يؤدي الى خلق ترابط واختلاط حسابي، ومن جهة ثالثة فان القواعد المطبقة لحساب الدخل الاجمالي هي واحدة بالنسبة لجميع النشاطات الممارسة، وهو الامر الذي ينسجم دوما مع الالتزامات الخاصة التي يفرضها القانون على بعض المهن المنظمة ومن بينها المحاماة.
فاستقلال هذه المهنة ودقة المبادئ والقواعد المنظمة لممارستها لا تتلاءم مع التبعات السالف ذكرها.
وتاكيدا لذلك سنورد بعض الامثلة على سبيل البيان لا الحصر.

1) يتعين على المحامي في نظام النتيجة الصافية الحقيقية مسك الحسابات وفق مقتضيات القانون التجاري، وان يسلم فواتير مرقمة تتضمن تفريدا لجميع العمليات المتعلقة بالمداخيل، والحال انه بمقتضى التشريع المنظم لممارسة المهنة ( ظهير 8 نونبر1979) يمنع على المحامي تعاطي كل نوع من انواع التجارة (الفصل 70) ويجب ان تخضع حساباته لقواعد خاصة تظهر بصفة جلية ما لديه من ودائع وامانات وما توصل به من اموال على سبيل الاتعاب وان تكون دفاتره مؤشر عليها من طرف النقيب  وليس من طرف مفتش الضرائب، صيانة للسر المهني المرزم به ( الفصل 59) بل انه حتى في حالة ما اذا قرر الوكيل العام عند الضرورة الاطلاع على حسابات المحامي فانه لا يسوغ  له ذلك الا بواسطة النقيب ( الفصل 63).
فكيف يمكن للمحامي ان يلبي في ذات الوقت مقتضيات الفصل 29 من ظهير 21 نونبر1989 ومقتضيات الفصل 55 من ظهير 8 نونبر1979 ؟
وفي الاخير كم دفترا حسابيا  يتعين عليه مسكه ؟
وكيف يمكنه ان يمزح في نفس  الدفتر الحسابي  وفي نفس الاقرار  السنوي بين المكاسب والودائع والامانات والصوائر والاتعاب وبين ما يتحصل عليه من اكرية عقاراته الشخصية وما ينفقه من شراء الاسمدة وعلف الماشية المتعلق بممتلكاته الفلاحية ؟
أليست هناك مجازفة في ان يخلط بين اعماله الشخصية وقضايا مكتبه التي تهم بالخصوص زبنائه لاسيما المتقاضين ؟

2) يسمح ظهير 21 نونبر1989 للمكلفين بخصم ما تحملوه من صوائر بسبب الاشهار من المداخيل وهو ما يعني جلب الزبائن لما فيه من ربح  والحالة ان هذه المزية ممنوعة عن المحامي ( الفصل 68 من ظهير 8 نونبر1979).

3) يمكن للمكلف ان يفوت تجارته بمقابل، وان تشمل عملية التفويت الاستثمارات المنجزة  والزبناء  المكتسبين والحالة ان تفويت مكتب المحامي غير جائز.

4) ان اصول المكلف سواء كان تاجرا او صناعيا او حرفيا تحميها مقتضيات ظهير 24 مايو1955 و31 دجنبر1914 والحالة ان المحامي لا يستفيد من الضمانات التي تمنحها هذه النصوص من اجل دوام العلاقة الكرائية ووحدة الاصل .

5) بحسب مقتضيات الفصل 14 من ظهير 21 نونبر1989 فانه يتعين على المحامي ان يدمج في ارباحه ومكاسبه مبالغ الاتعاب المتعلقة بما انجزه من اشغال حتى ولو لم تكن أديت له بعد، والحالة انه حسب القواعد الخاصة المنظمة للمهنة لا يتوصل المحامي الا بتسبيقات عن الاتعاب التي تصبح مستحقة له بصفة نهائية الا عند نهاية القضية او انتهاء التوكيل.

6) بيع المكلف منتوجاته بالاثمان المعلنة :
وما توصل به من مداخيل يكون له بصفة نهائية اما المبالغ التي يتوصل بها المحامي على سبيل التسبيق فانها تكون دائما قابلة لاعادة التقييم بواسطة النقيب عن طريق مسطرة تحديد الاتعاب التي يمكن ان تحدث بمناسبة أي نزاع .
فكيف يمكن التوفيق بين استحقاق الضريبة على دخل المحامي عن فترة معنية والحالة انه لا يتوصل الا بتسبيقات لا تعترف له القواعد المنظمة للمهنة باي حق مكتسب عليها.

7) ان ما تضمنه الفصلان 34 و19 من حجز في المنبع لفائدة الخزينة للضريبة على الدخل المستحقة على اشخاص طبيعيين غير مقيمين تسبب متاعب للمحامي  وقد تخلق تشككا فيه من طرف زبنائه غير المقيمين، فهؤلاء لا يمكنهم ان يفهموا او يسلموا بان المحامي يحل محل القابض في اقتطاع ما يمكن ان يكونوا مدينين به للخزينة المغربية من ضريبة على الدخل عن المبالغ المستحقة لهم بمقتضى احكام. كما ان النقصان  في الحجز او مجرد التاخير في الاداء الذي يجب ان يتم خلال الشهر الموالي للشهر الذي وقع فيه الاداء ( الفصل 35) يقحم المسؤولية الشخصية للمحامي الذي يتعين عليه تحمل الخصاص او الذعائر عن التاخير حسب الحالة ( الفصل 37) ومما يزيد في خطورة الامر ان بعض العمليات الخاضعة للحجز بالمنبع الوارد تعددها بالفصل 19 يكتنف تعريفها الغموض. فضلا عن انه لا حق للمحامي تاويل هذا التعريف .
وزيادة على ذلك، اذا ما تاخر المحامي في دفع المبالغ المحصل عليها لفائدة زبنائه بسبب الحاجة الى البحث عن الوصف الحقيقي للعملية ولو عن طريق الاتصال بمفتش الضرائب، فانه قد يؤاخذ بمخالفة الاحتفاظ بمبالغ مالية لمدة تزيد عن الشهرين وهي المخالفة المنصوص عليها بالفصل 56 من ظهير 9 نونبر1979 المنظم للمهنة.

8) ان حالة المحامين الشركاء، الذين يمارس احدهم نشاطات اجنبية عن المهنية هي اكثر اشكالا اعتبارا لما تضمنه الفصل الثامن من ظهير 21 نونبر1989.
فالضريبة تطبق على مجموع دخول الشركاء وتفرض في اسم الشريك الرئيسي اللهم الا اذا قسم الشركاء مبلغها فيما بينهم بشرط الادلاء بعقد مصحح الامضاءات يتضمن نصيب كل واحد منهم في الشركة.
واذا كان احد الشركاء يباشر نشاطات خارج المهنة يتعين عليه اضافة دخولها الى نصيبه في الدخول التي حققتها الشركة .

9) ثم هناك مسالة اساسية لم يفصل فيها صراحة ظهير 21 نونبر1989 وتتعلق بالتداخل بين المداخيل الناتجة عن مختلف نشاطات المكلف.
فمنطقيا، واعتبارا لان الامر يتعلق بضريبة عامة على الدخول، فان المحامي الذي يمارس نشاطا موازيا بلغت خسائره قدرا يعادل دخله الصافي من مهنته الرئيسية يجب ان يعفى من الضريبة، ما دامت المقاصة بين النتيجتين تعد مهما معا.
واذا ما استبعدنا هذه النتيجة فانه يصبح من العسير فهم الفائدة من تاسيس الضريبة على الدخل العام.

وبكل يسر نتنبأ بما يمكن ان ينتج عن هذا الخلط، ستفقد مهنة المحاماة في المجال الضريبي وحدتها وخصوصياتها ونوعيتها واستقلالها وسلطاتها.
10) أليس من شان الزام المحامي بمسك حساباته وفقا لقواعد القانون التجاري في نظام النتيجة الصافية الحقيقية، ان نعرضه، في حالة وجود عيوب بدفاتره الحسابية، الى المتابعة من اجل التزوير في المحررات التجارية طبقا لمقتضيات الفصل 357 من القانون الجنائي ؟

11) ثم أليس من حق المحامي الذي يفضل لاسباب معنية، اعداد ابحاثه ومذكراته ببيته، ان يدمج تكاليف استعمال الخط الهاتفي واستهلاك الكهرباء المنزلي ضمن صوائره المهنية أليست التكاليف التي يتحملها المحامي من اجل توفير اسباب الراحة والهدوء داخل بيته مرتبطة في الواقع ولو بصفة تقريبية بنشاطه المهني وهو الامر الذي قد يبرر ادماجها ضمن تحملاته المهنية الخاضعة للضريبة ؟ وكذلك الشان بالنسبة للتكاليف التي يتحملها في عطله بما فيها صوائر السفر والفندق والاكل .

والى أي حد ينظم المحامي كيفية معيشته ليستعد اكثر لممارسة مهنته بدلا من تنظيم عمله للمزيد من جودة معيشته.
وهو غالبا ما يعود الى بيته من اجل الراحة واسترداد القوة لمواصلة العمل من جديد. 
وعندما يكون شغوفا بمهنته، فانه يتأمل في ملفاته ويفكر في اجال الطعون التي سيسلكها، ويبحث عن الحل لتسوية الحالات  المعروضة عليه أينما كان، فهو في حالة تركيز مستمر، وغالبا ما ينبثق حل الاشكال الذي اختمر عدة ايام في ذهنه خارج مكتبه، فمن الطبيعي اذن ان يخصم على الاقل جزء من هذه الصوائر التي تظهر انها غير مهنية من ناتج مكتبه.

فالنظام الجزافي كان يشكل وسيلة مناسبة لتفادي كل هذه الانشغالات الذاتية بدون شك، لكن مشروعة في جميع الاحوال ولها ما يبررها بصفة عامة.
فاعطاء مهنة المحامي طابعا تجاريا عن طريق القانون الضريبي، وحصرها في مستوى باقي النشاطات المهنية الاخرى سيسحب منها كافة صفاتها التقليدية بما فيها تنافيها مع كل روح هدفها الوحيد قصد تحقيق الربح المادي .

12) ان شغف المحامي بالدفاع في القضايا التي يعتبرها عادلة يجعله في كثير من الاحيان يتقمص شخصية زبونية ويصبح الجانب المادي لملفه ثانويا.
في بعض الاحيان يعطي المحامي لقضية لا مقابل له فيها وقتا وجهدا اكثر مما يتحمله في قضية جد مربحة .
فهل ستعتبر الضريبة ما  تحمله المحامي من جهد ووقت مستلزما التثمين وبمثابة دين ثابت خاضع للضريبة حسب ما تضمنه الفصل 14 من ظهير 21 نونبر1989 ؟ هل ستحل ادارة الضرائب محل النقيب لتحديد مقداره رغم انه لم يقع التوصل به بل ولا حتى المطالبة بادائه،  متذرعة في سبيل ذلك  بالغش او بالاداء اللامشروع ؟
فالمحامي الذي الف ان يشارك زبناءه في مشاكلهم وهمومهم وان يحتفظ بعلاقات حسنة مع زملائه وان يعني بتقدير للقضاء سيصبح مضطرا الى تغيير عقليته وان يتحمل الهاجس المستمر الذواتي او في القليل المعنوي للقابض.

ان عليه ان يتذكر بمناسبة كل عمل مهني مكاسب مكتبه وصوائره، والا يؤدي أي شيء  ولا يتوصل باي مبلغ بدون وثائق ثبوتية، وان يباشر شؤون حياته المهنية لا كمساعد للقضاء  ولا كرجل علم وانما كبائع للخدمات ومورد للافكار لا يهمه الا تحقيق الربح وتجنب الخسارة .
وانه تحول حقيقي يهز كل المعاني التي استنبطت منها مهنة المحاماة نبلها وسخاء مساعدتها كم هي ضرورية لضمان حقوق وحريات المتقاضين هذا الضمان الذي يوجبه كل أمن وكل استقرار اجتماعي .

فالضريبة المؤسسة بمقتضى ظهير 21 نونبر1989 بعموميتها ووحدة قواعد تطبيقها تبدو اكثر مطابقة لمبدا تساوي المواطنين امام التكاليف العمومية ولكنها بسب اغفالها للشرائح الاجتماعية والقواعد والاكراهات المعنوية الخاصة بمختلف انواع الوظائف والمهن والانشطة التي أخضعتها لنفس النظام، تكون في الحقيقة غير عادلة وتحمل في طياتها بذرة التقهقر الذي ستظهر نتائجه الوخيمة في الميادين الاقتصادية وعلى مستوى الخصال الانسانية والاجتماعية، على الامد البعيد .

VI- حول العلاج الواجب بذله عند تطبيق ظهير 21/11/1989.
مهما يكن فان الامر يتعلق بقانون، وكان من اللازم السعي، في الوقت الملائم قبل التصويت، للحد من اثره، وما دام لم ينسخ من طرف المشرع، وهو الامر البعيد الاحتمالي في الظرف الراهن، فان الوسيلة الوحيدة للتخفيف من اثر عواقبه يجب ان تنبسط من مقتضيات فصله 27 الذي ينص على ما يلي : " يجوز للخاضعين للضريبة العامة على الدخل الانضمام فرادى او جماعات الى الاتفاقيات التي يحق للادارة ان تبرمها مع المنظمات المهنية التي تطالب ذلك بغية اتخاذ  اجراءات خاصة لتحديد النتيجة الضريبية باعتبار طبيعة كل مهنة.

الا ان النص اضاف بكل اسف " ويجب الا تحيد الاتفاقات باي حال من الاحوال عن القواعد العامة للانظمة المنصوص عليها في هذا القانون وان يقتصر الغرض منها على مراعاة اعراف المهنة او نظامها الخاص في تطبيق القواعد المذكورة".
فلنلاحظ ان المشرع يعترف بان عمومية الضريبة ووحدة قواعدها لا تاخذ بعين الاعتبار، كما ذكرنا سالفا، الاعراف والانظمة الخاصة بمختلف المهن التي تضمها الضريبة المنشاة حديثا.

ان المسعى الاول الواجب القيام به يتمثل في اقناع الوزير الاول بضرورة حذف مهنة المحاماة من لائحة المهن المستبعدة من تطبيق نظام الربح  الجزافي بمقتضى مرسومه عدد 590-89-2 بتاريخ 3 دجنبر1989 وذلك لان هذا المسعى يتعلق بالاغلبية العظمى للمحامين خاصة الشباب الذين هم في طور البحث عن الاستقرار او الذين استقروا ولكنهم لا يتوفرون على زبناء دائمين مرتبطين بمكاتبهم والذين يعيشون بحكم الظرف العام الراهن الغير مناسب حالة من الخصاص.
وان هذا المسعى معقول خاصة وان الاستفادة من هذا النظام لا تكون في جميع الاحوال، حسب ظهير 21 نونبر1989 الا للمكلفين الذين يقل رقم اعمالهم السنوي عن 250.000  درهم ( الفصل 20 الرقم 3 والفصل 10 الرقم 1 ج)

انه من اللازم تحرير هؤلاء المحامين الشباب، القليلي الدراية بالقضايا بوجه عام وبنظام الحسابات التجارية بوجه خاص، من المشاق والهموم  اليومية الناتجة عن مسك عدد من الدفاتر والسجلات التي يفرضها في ذات الوقت النظام الضريبي والمتطلبات المهنية، وان ترفع عنهم الاعباء الناتجة عن التجديدات المضمنة بالنص الجديد والتي ذكرت اعلاه على سبيل البيان فقط، من اجل البحث على وضعية اجتماعية ملائمة تنسجم مع الاعباء والاكراهات والشرف الذي تقتضيه المهنة .

اما المسعى الثاني فيكون موضوعه، وكما حدث ذلك مرات متعددة في السابق ابرام اتفاقية بين مجلس الهيئة باعتباره نائبا عن جميع المحامين التابعين له ومديرية الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة لها ترمي الى تكييف القواعد والالتزامات المضمنة بالتشريع الضريبي الجديد وجعلها مسايرة لنظام مهنة المحاماة ومتطلباتها التقليدية، بحيث يتم تعميم نظام الربح الجزافي على جميع المحامين مع حفظ الحق في اعادة تقييم الجداول الجاري بها العمل حاليا بمقتضى الاتفاقات السابقة وان تكون التصريحات السنوية مبسطة وتفترض صحتها ومصداقيتها ما دامت مطابقة للجداول المعاد تقييمها بمقتضى الاتفاقية الجماعية التي سيتم ابرامها .
ومن الطبيعي ان ينحصر هذا النظام على مهنة المحاماة، وهذا ما يتطلب من المحامي عند الاقتضاء تحرير اقرارين سنويين مفصلين، الاول يتعلق بدخله المهني الجزافي والثاني بدخله الصافي الحقيقي او البسيط ويتعلق بنشاطاته الاخرى الثانوية.

IV- ميدان العلاج 
في حالة عدم موافقة ادارة الضرائب على تعميم نظام الربح الجزافي، فانه يكون من الملائم اخذ موافقتها على الاقتراحات التالية :
1) اعادة تعريف محتوى رقم الاعمال كما هو منصوص عليه بالفصل 14 من المقطع الاول وذلك باستبدال الديون المستحقة بالاتعاب المحصل عليها بصفة نهائية .

2) عدم مسك الحسابات وفق مقتضيات قانون التجارة حسب ما نص على ذلك الفصل 19 من مقطعه الاول، لكن وفق مقتضيات الفصل 55 وما بعده من ظهير 8 نونبر1979 المنظم لمهنة المحاماة .

3) حذف مسالة تسليم الفاتورات المرقمة واعداد اللوائح السنوية للدائنين والمدينين، وقوائم المنتجات والمواد  القابلة للاستهلاك وسجل تقييد الاستغلالات القابلة للاستهلاك المنصوص عليها بالفصل 29- المقطع الاول في الفقرتين الاخيرتين والمقطع الثاني تحت أ، ب وج.

4) اعفاء المحامين من الالتزام بان يحجزوا بالمنع الضريبة على الدخل التي قد تكون مستحقة على زبنائهم غير المقيمين بسبب الاموال التي يتوصلون بها لحسابهم ( الفصل 34 و19).

5) جعل الخاضعين لنظام النتيجة الصافية المبسطة يستفيدون من مسالة نقل الخسارة المحققة الى سنوات المالية الموالية حسب ما نص على ذلك الفصل 17.

6) تمكين المحامين من ان يخصموا من دخولهم ثمن ما يقتنوه من اليات ضرورية لاستغلال مكاتبهم استغلالا مطابقا للمتطلبات وفق قواعد ملائمة وعصرية، بحسب جدول اداء ثمنها الفعلي، وان لا تطبق على هذا الخصم قواعد الاستهلاك كيفما كان النظام الذي تم اختياره، والا فانه يتعين بسط مبدا تاسيس الاحتياطات المرصدة لمواجهة نقص قيمة التجهيزات الى نظام النتيجة المبسطة عن طريق حذف الاستثناء الوارد بالفصل 24 - II .
7) تخويل المحامين الشركاء حق الادلاء بصفة انفرادية باقرارات تتضمن دخل كل واحد منهم من الشركة، خاصة وان هذه الشركات ليس بها شريك رئيسي وليست لها الشخصية المعنوية .

8) الاعتراف للمحامي بالحق في ان يدمج ضمن تكاليفه المهنية نصف ثمن فاتورات الهاتف والماء والكهرباء المتعلقة بسكنه المعتاد، وكذلك تكاليف السفر والغذاء والفنادق التي يتحملها  خلال تنقلاته ولو لخارج الوطن، زيادة على كلفة استهلاك الوقود لسيارته او سياراته وصائر صيانتها.

9) اعفاءه من الالتزام بالتصريح بالاتعاب والمكافآت المقدمة للغير ( الفصل 32) وعلى كل تلك المقدمة لزملاء، بكون المحامي الذي يرافع في قضايا تروج بمحكمة خارج الدائرة القضائية للجهة التي يوجد بها مكتبه مضطر الى اختيار محل المخابرة لدى زميل مستقر في دائرة تلك المحكمة من اجل تمثيله بالجلسة وتبليغه باوراق المسطرة مقابل اداء مبالغ بسيطة تسمى " واجب المخابرة" فان كان المحامي مضطرا الى التصريح بهذه الاداءات، فانه سيصبح من العسير عليه العثور على من يقبل تقديم هذه الخدمات .

10) اعادة النظر في بعض الحالات في الالتزام بانجاز الاداءات بواسطة شيكات مسطرة غير قابلة للتظهير ( ظهير 30/12/1989) .

11) ضرورة وجود تفهم واسع ومرونة كبيرة من طرف الادارة في تطبيق القواعد المنصوص عليها في القانون وفي مقتضيات الاتفاقية التي سيتم ابرامها، لان قيمة النصوص ليست في محتواها ولكن في طريقة تطبيقها .
هذه هي التعديلات التي تبدو لاول وهلة ضرورة اجراءها للحفاظ لمهنة المحاماة على ذاتيها وخاصياتها وضوابطها التي رسمها واستقاها المشرع من اجل الصالح العام.
حرر بالدار البيضاء  في 15/2/1990
الأستاذ محمد التبر
المحامي بهيئة الدار البيضاء

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 60، ص 25.

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : المحاماة