-->

الكراء الوارد على رخص سيارات الاجرة ( قضية واجتهادات)



جرى العمل على تاجير الرخص  المخولة  لاستغلال  سيارات الاجرة، حيث يقوم صاحب الرخصة بكرائها لشخص اخر يقوم بتشغيلها، يكون عمليا صاحب خبرة او قدرة ليست لدى مالك الرخصة.

وكما هو معلوم، فان هذا النوع من المعاملة داخل في كراء  المنقول ،  المحكوم  بالقواعد  العامة الواردة في باب الكراء من قانون العقود والالتزامات، ومنها بالخصوص مقتضيات الفصل 687 و890.

وغالبا ما يكون الكراء موثقا بعقد محدد المدة يترتب انتهاؤه بقوة القانون، بعد تنبيه او بدونه  حسب  صيغة  الاتفاق ،  ويترتب عن ذلك ان يكون المكتري ملزما بالتخلي عن الرخصة للمكري، وان يكون قاضي المستعجلات مختصا باجباره على ذلك، طبقا لمقتضيات المادة 149 من ق م م.

وكل هذا سليم لا اشكال فيه، لو لا ان ما فرضه الواقع، في هذه المعاملة بضغط من كثرة الطلب ام يشترط المكري على المكتري اداءا ماليا جزافيا، يؤديه هذا لذاك ثمن لابرام الصفقة ( زيادة على الوجيبة الشهرية التي يؤديها بانتظام بطبيعة الحال). وهذا الاداء  يشبه المبلغ الذي يؤديه المكتري في العقارات ويسميه العامة بثمن او مقابل "الساروت".

واذا كان هذا الاجراء لا يثير أي مشكل في كراء العقارات، بالنظر  لكون  مكتري  الدار ، او المتجر، محميا بالقوانين الخاصة، التي تمنع الفسخ التلقائي بانتهاء المدة، فانه يثير اشكالا كبيرا في المعاملة التي نحن بصددها، حين تنتهي مدة كراء الرخصة،  فيجد  المكتري نفسه ملزما بالتخلي عنها، وفي وقت يشعر فيه بانه يحق له ان يظل محتكرا لها على اساس ان المبلغ الذي دفعه يعطيه الحق في ذلك.

وهذا هو السبب في ان المكتري لرخص استغلال  سيارات  الاجرة ،  يمتنعون  عن  قبول  الفسخ  التلقائي للعقد بانتهاء مدته، وعن رد الرخصة، فيضطر المكرون لمقاضاتهم بمسطرة الاستعجال لاستصدار سند تنفيذي يجبرهم على ذلك.

وهذا هو السبب ايضا في ان هؤلاء المكترين ينازعون في الدعوى بالدفع بكونهم ادوا مقابلا ماليا، وان لهم الحق في استرداده، طالبين الحكم بعدم الاختصاص، على اساس ان هذا دفع يغل يد القاضي عن تطبيق مسطرة الاستعجال.

ويمكن ان نقول انه كلما اثير هذا الدفع شعر قاضي المستعجلات بان في النازلة شيئا ما يجعله، بمنطق العدالة  الطبيعية، اميل الى مطاوعة المدعى عليه فيما يريده، الا ان عدة قواعد ومقتضيات قانونية وخصوصا منها قواعد الاثبات ترده عن السير في هذا الاتجاه.

وهذا لان الدفع يحتاج الى اثبات. ونظرا لان المبلغ يصل في قدره دائما الى الملايين، فانه يحتاج الى حجة كتابية تثبت دفعه وتثبت زيادة على ذلك، انه مدفوع على سبيل الضمان فقط، بحيث يحق استرداده كما يدعي المكترون عادة.

والذي يحدث دائما ان المكترين حيث يشترطون هذا الاداء،  يشترطون ان يكون بغير وثيقة، تهربا من المطالبة باسترداده، ولذلك فان القاضي  لا يجد مفرا من اهمال الدفع، وعدم الاعتداد به، وان احس في نفسه بميل الى مجاراة المدعى عليه.

وهذا كله هو ما تبرزه الاجتهادات التي تضمنها هذا الملف، ويتضح منها انها كلها ذهبت الى اهمال الدفع، لعدم ثبوته وان واحدا منها اراد ان يخرج عن هذا ليراعي حالة الإذعان، التي يكون عليها المكتري، ويرفع عنه الغبن اللاحق به، مبررا ذلك بان هذا الاداء تكرر حتى اصبح عادة اتفاقية، الا ان محكمة الاستئناف سرعان ما ردته، على اساس ان الدفع غير ثابت لانه لا سبيل لتجاوز عليه القواعد العامة المعروفة، لنستخلص من ذلك ان الاجتهاد القار الذي يجب التعويل عليه من المدعى عليهم في هذه الدعاوى، هوان دفعهم المذكور غير منتج ولا يمكن ان يحقق لهم المراد باي وجه.
                                                                                          ذ. احمد باكو
* مجلة المحاكم المغربية، عدد76، ص 123.

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : كراء سيارة الأجرة