-->

علاقة زوجية بدون اشهاد - جريمة الفساد - لا

محكمة الاستئناف بالدار البيضاء  الغرفة الجنحية 
قرار عدد 399 - بتاريخ 24 اكتوبر1985 - ملف عدد 6058/4546/84


علاقة زوجية بدون اشهاد - جريمة  الفساد - لا 
الزواج الذي يتم بين رجل وامراة بحضور الولي وبالصيغة  المعلومة وتسمية المهر  يعتبر عقدا  شرعيا  وزواجا  صحيحا  تترتب  عليه  كل  الحقوق والواجبات لانه يتوفر على كافة الاركان ولو بدون اشهاد عليه لان الاشهاد قبل الدخول غير واجب .
اذا تبين للمحكمة الجنحية ان العلاقة القائمة بين رجل وامراة  قد تمت بينهما على نية الزواج وعلى اساسه  وبواسطة  ولي  المراة  وبمحضر  كافة اقاربها واصدقاء الرجل وعلى مراى ومسمع من العموم فان  تهمة الفساد المنسوبة اليها  تنتفي انتفاء كليا  وبقوة القانون، لان القانون يعاقب على العلاقة الجنسية غير المشروعة التي تقع بغية الفساد وفي السر والخفاء .

قضية بدر سالم علي وعنزة زهرة بنت عبد القادر   ضد    النيابة العامة

باسم جلالة الملك
بناء على الاستئناف المقدم من طرف النيابة العامة المقابل والمتهمين معا والمسجل لدى كتابة الضبط بتاريخ 10/8/1983 ضد الحكم الجنحي الصادر عن المحكمة الابتدائية بالبيضاء بتاريخ 5/8/1983 والقاضي على كل واحد من المتهمين بشهرين اثنين حبسا  نافذا وبالمصاريف مع الاجبار لادانتهما بجريمة الفساد المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصل 490 من القانون الجنائي.

فرفعت القضية الى محكمة الاستئناف للنظر فيها في جلسة 6/12/1984 بعد استدعاء الظنينين طبقا للقانون فحضرت  الظنينة عنزة زهرة مؤازرة بدفاعها وتخلف الظنين بدر سالم وبعد ان سئلت الظنينة الحاضرة عن هويتها واخبرت بالتهمة المنسوبة اليها واعفى  المستشار  المقرر السيد الجرادي محمد من وضع تقريره في القضية واستنطقت الظنينة عنزة زهرة من طرف الرئيس عن التهمة المنسوبة اليها وقدم ممثل النيابة العامة ملتمساته وعرضت الظنينة دفاعها وكانت اخر من تكلم ونصب وكيل في حق الظنين بدر سالم وقررت المحكمة حينئذ تاخير القضية للمداولة لجلسة 24/10/1985 حيث اصدرت المحكمة الحكم التالي :

- المحكمة -
ان محكمة الاستئناف بعد تقديم ملتمسات النيابة العامة وبعد سماع اقوال الظنينة عنزة.
فشكلا :
حيث ان الاستئناف المقدم من طرف النيابة العامة المقابل والظنينين معا وقع داخل الاجل القانوني وجاء مستوفيا للمتطلبات القانونية ولذلك ينبغي التصريح بقبوله .
وموضوعا :
حيث تتلخص وقائع القضية حسبما هو مضمن بسجل الضابطة القضائية المؤرخ في 29/6/1983 تحت عدد 163/8 ان المسمى عنزة عبد القادر تقدم بشكاية لدى السيد عامل عمالة الحي الحسني عين الشق مفادها ان الظنين بدر سالم السعودي الجنسية طلب منه يد بنته عنزة زهرة ووافقه على الزواج بها وسلمها له ودخل بها دون كتابة عقد النكاح معها طالبا من السيد العامل النظر في شكايته كما صرح لدى الضابطة القضائية عند الاستماع اليه انه بعدما اتفق مع الظنين بدر سالم على كتابة عقد النكاح اتى الظنين صحبة اصدقائه الى منزله وقدم له كيسا من السكر وبقرة وكيسا من الدقيق وعلبا من الزيت وملابس خاصة بالعروسة ومعه العازفون واصحاب المزامير والطبول على العادة المعروفة وتلا ذلك حضور عدد من الفقهاء الذين تلوا ايات بينات من الذكر الحكيم من كتاب الله عز وجل .

وجاء كذلك في تصريح الظنينة عنزة زهرة لدى الضابطة عند الاستماع اليها انها ذات يوم تعرفت على الظنين بدر سالم ولم يمض وقت قليل حتى تقدم لدى والدها فطلب منه الزواج بها ووافقه على ذلك ثم دخل بها دون كتابة رسم النكاح مؤكدة كل ما جاء في شكاية والدها وتصريحه لدى الضابطة.

كما جاء في تصريح كل من الظنين بدر سالم ووالدة الظنينة نصير الهاشمية والشهود عند الاستماع اليهم لدى الضابطة القضائية تمام الانسجام وكل التاييد والتاكيد لما صرح به والد الظنينة ولما صرحت الظنينة كذلك حسبما هو مضمن بمحضر الضابطة القضائية .
وحيث ان الظنينين توبعا بجريمة الفساد.
وحيث ان الحكم الابتدائي قضى بمؤاخذة الظنينين وادانتهما معا بشهرين اثنين حبسا نافذا.
وحيث اوضحت الظنينة عنزة زهرة امام المحكمة ان الظنين بدر سالم خطبها من والدها طالبا منه الزواج بها ووافقه على ذلك وانها تنكر تهمة الفساد .
وحيث ان الوكيل العام لجلالة الملك التمس تاييد الحكم الابتدائي المستانف .
وحيث اكد دفاع الظنينة ان هدف منوبته كان شريفا وانها عديمة السوابق والتمس الاخذ بعين الاعتبار ظروفها الاجتماعية.

- التعليل -
وحيث ان النيابة العامة تابعت الظنينين على اساس انهما يعترفان بالفساد .
وحيث ان محضر الضابطة القضائية الذي اعتبرته النيابة العامة واستندت اليه في متابعة الظنينين لا يتضمن أي اعتراف بالفساد بل ان ما يتضمنه محضر الضابطة هو اقرار الظنينين معا بالعلاقة الزوجية التي ربطاها بينهما بحسن نية وبصفة شرعية حسب ظاهر تلك التصريحات التي يتضمنها المحضر المذكور وحيث يتعين التركيز على ما ينص عليه القانون الجنائي وهو العلاقة الجنسية التي تكون جريمة الفساد بين رجل وامراة والتي يعاقب عليها كجنحة بشرط عدم وجوب العلاقة الزوجية بينهما والتي من اركانها القصد غير السليم والنية السيئة في ممارسة هذه العلاقة الجنسية .

كما يتعين التعريف بالعلاقة الزوجية وبيانها وهي وجود رابطة شرعية بين الرجل والمراة وهذه الرابطة هي عقد الزواج الحاصل بينهما الذي انعقد وتم بواسطة ولي المراة بالفاظ تفيد معنى النكاح كأنكحت زوجت بما يعبر عنه في الفقه بالصيغة وذلك بعد اتفاق وتراض بينهم جميعا وبالكيفية المطلوبة شرعا وهي :
ان يتقدم الرجل الى ولي المراة ويطلب منه ان يزوجه وليته التي يريدها ويجيبه الولي بانه زوجها له بعد اذنها او تفويضها له ويحصل الاتفاق التام بينهم على هذا الزواج الذي قد يسمى فيه الصداق او لا يسمى كنكاح التفويض .

فهذا الزواج الذي تم بين الرجل والمراة على هذه الكيفية يعتبر عقدا شرعيا وزواجا صحيحا تترتب عليه كل الحقوق والواجبات لانه يتوفر على جميع اركان النكاح وشروطه المطلوبة ولانه ثابت وصحيح ولو بدون اشهاد عليه لان الاشهاد قبل الدخول غير واجب كما هو معلوم وكما هو واقع في نازلتنا هذه التي انعقد النكاح فيها بين الظنينين وتوفرت فيه جميع الاركان والشروط طبق ما نص عليه ناظم التحفة حيث قال :
- ( والمهر والصيغة والزوجان ثم الولي جملة الاركان) -

وعلى هذا فاذا تبين للمحكمة الجنحية ان هذه العلاقة القائمة بين رجل وامراة ظنينين قد تمت بينهما على نية الزواج وعلى اساسه وبواسطة ولي المراة وبمحضر كافة اقاربها واهلها وكذلك بمحضر اصدقاء الرجل والمراة وعلى مرآى ومسمع من العموم .
والحال ان الرجل والمراة الظنينين معا يقران بذلك الزواج ولا يختلفان فيه كما يقر به ويوافق عليه ولي المراة ويؤكده للمحكمة كذلك الشهود الحاضرون .

فانه تهمة الفساد المنسوبة الى الظنينين تنتفي انتفاء كليا وبقوة القانون ويتعين على المحكمة ان تصرح ببراءة الظنينين معا منها نظرا لان القانون انما يعاقب على العلاقة الجنسية غير المشروعة التي لا تقع الا بنية الفساد وفي السر والخفاء بخلاف العلاقة الزوجية التي لا تقع الا بواسطة الغير وعلى سبيل الاشهار والوضوح وبنية حسنة .

ولا يعاقب على عدم الاشهاد على عقد الزواج لان الاشهاد على عقد النكاح ليس ركنا من اركانه ولا شرطا فيه وانما هو شرط في الدخول فقط كما نص عليه ناظم التحفة حيث قال :
( وفي الدخول الحتم في الاشهاد - وهو مكمل في الانعقاد)

كما ان الفقه في الشريعة الاسلامية نفى عقوبة حد الزنا على الرجل والمراة اللذين يدعيان الزوجية بينهما وليس بيديهما اشهاد عليها بشرط ان يكون هذا الزواج قد اشتهر بينهما بالوليمة والدف والدخان كما هو منصوص عليه في مختصر الشيخ خليل حيث قال :
- ( وفسخ ان دخلا بلاه ولا حد ان فشا ولو علم) -
يعني انه اذا دخل الزوج بالزوجة قبل الاشهاد بعدلين على عقد النكاح فان النكاح يفسخ بينهما بطلقة بائنة ولا حد عليهما اذا فشا نكاحهما واشتهر بين الناس ولو علما بوجوب الاشهاد قبل الدخول ولماذا يفسخ بطلقة بائنة لانه عقد نكاح صحيح. وفي شرح التسولي على التحفة في باب النكاح قال: 
-( تنبيه)-

فهم مما مر ان الطارئين اذا تقاررا على النكاح واتفقا عليه قبل قولهما وان كانا من اهل البلد ففي قضية البرزلي لا يقضي القاضي بقولهما انهما زوجان الا بعد اثبات اصل النكاح قال والعمل اليوم انهما لابد ان يثبتا عند قاضي الانكحة انه يحوزها بحوز الزوجية .

وهذا ما ذهبت عليه مدونة الاحوال الشخصية حيث اباحت للقاضي بصفة استثنائية في حال نزاع الزوجين سماع دعوى الزوجية واعتماد بالبينة الشرعية في اثباتها طبقا للفقرة الثالثة من الفصل الخامس من المدونة .
وحيث ان هذه النازلة لا تتعلق قطعا بجريمة الفساد التي ينص عليها القانون الجنائي في الفصل 490 بل تتعلق بعلاقة زواج مشروع اشتهرت علانية وبوضوح امام العموم من بدايته.

ومما يؤكد هذه العلاقة الزوجية المشروعة ببين الظنينين هو اقامة حفل الزفاف بحضور الاقارب والعموم بدليل وجود عدد من الصور للظنينين معا في الحفل بلباس الزفاق صحبة الاقارب والاصدقاء وهي موجودة بالملف ضمن اوراقه تشهد على ذلك وتؤكده كما تؤكد تلك العلاقة الزوجية تصريحات والدي الظنينة وتصريحات الشهود واكثر من ذلك تصريحات الظنين بدر سالم التي جاءت كلها تؤيد وتدعم تصريحات الظنينة عنزة زهرة الواردة في المحضر والتي لا تقول كلها بغير العلاقة الزوجية وحيث ان القانون المطبق في شان هذه النازلة هو الذي يامر الزوجين المتنازعين في اصل الزوجية باثباتها بشهادة الشهود التي هي البينة الشرعية وهو الذي يقرر صحة تلك البيانات او عدم صحتها ولا عقاب جنائيا في ذلك خصوصا اذا كان الزوجان الظنينان متفقين على هذا الزواج ولا خلاف بينهما في اصله كما هو حاصل وواقع للظنينين في هذه القضية .

وحيث تبين ان تصريحات الظنينين معا لدى الضابطة القضائية ليس فيها ما يدل على الاعتراف بالفساد بل ان ل ما صرحا به هو الانكار التام والنفي الكلي لتهمة الفساد .

كما تبين من تصريحات الظنينين وتصريحات والدي الظنينة والشهود ان تهمة الفساد المنسوبة الى الظنينين غير مرتكزة على اساس وغير قائمة في حقهما معا خصوصا وان هذه العلاقة المشروعة بينهما قد نتج عنها ولد.

وحيث اتضح وتاكد بعد ذلك ان الحكم الابتدائي المستانف القاضي بالادانة ضد الظنينين معا كان غير مصادف للصواب وغير صحيح فيتعين الغاؤه والحكم من جديد بعدم مؤاخذتهما معا بجنحة الفساد .

- لهذه الأسباب -
فان المحكمة تحكم علنيا ونهائيا وحضوريا في حق عنزة زهرة وغيابيا بوكيل في حق بدر سالم وهي تتركب من نفس الهيئة التي جعلت القضية في المداولة.
في الشكل :
بقبول الاستئناف المقدم من طرف الظنينين والنيابة العامة .
وفي الموضوع : 
بالغاء الحكم الابتدائي والحكم من جديد بعدم مؤاخذة الظنينين معا بجنحة الفساد والتصريح ببراءتهما منها وابقاء الصائر على الخزينة العامة.
هذا ما حكمت به محكمة الاستئناف بالبيضاء في جلستها العلنية المتركبة من السادة :
الاستاذ محمد مبخوت رئيسا
الاستاذ محمد الجرادي مستشارا مقررا 
الاستاذ اتليوة محمد مستشارا 
وبمحضر السيد الحنفي عبد الله ممثل النيابة العامة 
وبمساعدة السيد العامل الطاهر كاتب الضبط

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 68-69، ص 102.

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : اجتهادات قضائية