-->

نماذج من الاجتهاد القضائي في مادة مسؤولية الطبيب

اختيار وترجمة:  الناوي مصطفى

جراح ومبنج، مسؤولية تعاقدية عن فعل الغير، شروط
كان أحد المرضى قد اخضع لعملية جراحية في مركز استشفائي، أجراها عليه جراح متفرغ للعمل في هذا المركز بحكم النشاط الخصوصي  الذي يمارسه فيه. واثر العملية، وقع خطا خلال عملية نقل الدم التي أمر بها الطبيب المبنج الذي يعمل بصفته عونا عموميا للمركز الإستشفائي، بما ان  الضحية تقدمت بدعوى رامية الى جبر الضرر في مواجهة الجراح، امام القضاء المدني، فان دعواها لم تقبل شكلا بعلة ان الجراح المذكور لا يمكن مساءلته عن أخطاء الطبيب المبنج الذي وصف، وهو يتصرف بصفته عوناعموميا، العمل الطبي مصدر الضرر، فقاضت الضحية المركز الاستشفائي  امام  المحكمة  الادارية التي حكمت لفائدتها باعتبار ان الضرر ناتج عن خطاء مرتكب في تنظيم المرفق العام وسيره. غير ان المحكمة الادارية صرحت بعدم اختصاصها للبت في الطعن الذي تقدم به المركز الاستشفائي في مواجهة الجراح. ففي هذه الشروط سوف يضطر القضاء المدني من جديد الى البت في القضية بناء على طعن كل من المركز الاستشفائي ومؤمنه في مواجهة الجراح ومؤمنه. وقد رفضت محكمة الاستئناف الطلب، كما رفض الطعن في قرارها.

" حيث ان كلا من المركز الاستشفائي وشركة التامين يعيبان على القرار المطعون فيه بته على النحو الذي بت به بعلة انهما اعترفا بان مسؤولية السيد رومينيون لم تكن قائمة بالنسبة للضرر اللاحق بالسيدة جامي، والحال انهما حسب الوسيلة، قد دفعا، من جهة، بأنه في غياب خطا شخصي فان مسؤوليته كانت قائمة بسبب الأخطاء التي ارتكبها كل من المبنج والممرضة الذين ساعداه، وفي حين ان محكمة الاستئناف، من جهة أخرى،  قد  جردت قرارها من كل اساس قانوني بعدم تحريها فيما اذا لم يكن الجراح مسؤولا عن خطا المبنج الذي يعمل ضمن فريقه الطبي والذي لا تربطه بالضحية اية علاقة تعاقدية.

لكن ما دام الطبيب المبنج قد ساعد الجراح بصفته عونا عموميا، فان الجراح لا يمكنه ان يكون مسؤولا مسؤولية تعاقدية إزاء المريضة عن أعمال هذا الطبيب المبنج، وان محكمة الاستئناف قد عللت قرارها تعليلا قانونيا.

  نقض مدني1،20 يوليوز1988
 المركز الاستشفائي لفيينا ومن معه
    ضد رومينيون ومن معه ( رفض الطعن) 
  دورية: المسؤولية المدنية والتأمينات 
 السنة الاولى، العدد 2 نونبر1988

ممرضة، التزم ببذل عناية، حقن عضلي، شلل، غلط في التقدير، خطأ

قامت احدى الممرضات، تنفيذا لعلاج طبي مقرر لمعالجة دمل اسنان، بحقن مريضتها بسلسلة من الحقن العضلية، وفي حين لم تخلف الحقن العشرة الاولى أي رد فعل غير عادي، فان المريضة شعرت، عند الحقنة الحادية عشر، بآلام مباشرة وبفقدان التحكم في الرجل مما حال دونها ودون عودتها الى مسكنها. وما لبث ان ظهر في الأيام الموالية، شلل في العصب الوركي أدى الى شلل الأعصاب الداخلية للرجل، ولم تحسن العلاجات المقدمة لاحقا الحالة في شيء. صرحت احدى محاكم الاستئناف بمسؤولية الممرضة عن الضرر اللاحق بالمريضة، كما رفض الطعن، بالنقض المقدم ضد قرارها.

(…) لكن حيث ان القرار يصرح بحق ان علة الممرضة، الملزمة شانها شان الطبيب بواجب بذل العناية، ان تتخذ جميع الاحتياطات اللازمة، آخذة بعين الاعتبار، بوجه خاص،هيئة المريض وتكوينه وأذية المادة التي تحقنها له، وان القرار إذا كان يستنتج ان الحقنة قد تمت ( في الظاهر) وفقا للقواعد الفنية فيما يتعلق بوضعها ووضع المريض، فإنها تستخلص على العكس من ذلك ان السيدة لورو قد حقنت، ان لم يكن في العضل الوركي، فعلى الأقل بمحاذاته مباشرة، مادة انتشرت بالضرورة، ولم تكن (الممرضة) لتجهل طابعها العدواني المتميز بالنسبة للأنسجة العصبية، وان القرار يوضح، دون التصرف في تقرير الخبير، انه كان يتعين، بحكم صغر قامة المريضة وضعف وزنها، اما استعمال إبرة اصغر واما عدم إدخال الإبرة الاعتيادية الا جزئيا، وان محكمة الاستئناف، التي لم تتناقض مع نفسها، تكون - والحالة هذه - قد وضحت الخطأ الذي ارتكبته السيدة لورو وهي تنجز عملها، وان القرار معلل تعليلا قانونيا وان الوسيلة ليست قائمة على اساس في أي من فروعها.

 نقض مدني1،4 اكتوبر1988
   السيدة لورو هوبر ومن معها
( رفض الطعن)
دورية: المسؤولية المدنية والتأمينات 
 السنة الاولى، العدد3 دجنبر1988




طب استشفائي، توليد، سحب السابياء( غشاوة الجنين)، تعرض الجنين لأضرار، خطا جسيم

حول مبدأ المسؤولية:
حيث انه يتبين من التحقيق ان السيدة مارتن سانشيز أخضعت يوم 28 يوليوز1987، أي قبل الوضع بأربعة أيام، بمصلحة الولادة في المركز الاستشفائي العام لسان - دوني، لعملية سحب عينة من غشاوة الجنين أعقبها حقن الغشاوة بمادة التمييز اليودية بهدف إجراء فحص للغشاوة، وخلال هذا الفحص، أصابت الابرة المحتوية على المادة اليودية الجنين إصابتين في خده الأيسر، وان هذا الجرح العارض هو سبب الندبة التي يحملها الطفل على خده، وان السيدة مارتن سانشيز كانت قد اجرت، قبيل ذلك أيام مختلف الفحوص ولا سيما التصوير الإشعاعي للجنين داخل الرحم، وعلى هذا النحو فان الوضع العادي للجنين كان معروفا حق المعرفة، وان عدم تبصر الطبيب الذي أدى الى إيذاء الجنين يشكل خطا فادحا، بحيث يرتب مسؤولية المركز الاستشفائي.

مجلس الدولة، الشعبتان 5 و3،
14 اكتوبر1987
 مارتن سانشيز
  دورية: المسؤولية المدنية والتأمينات
 السنة الاولى، العدد 3 دجنبر1988


توليد، سوء تنظيم المصحة، علاقة السببية بين الخطأ وبين فقدان حظ الولادة بدون عواقب

ان ظروف النازلة هي الواردة في القرار الموالي المؤرخ بتاريخ 18/1/1989، ونضيف إليها ان المصحة دفعت بخرق حجية الشيء المقضي به بدعوى ان محكمة الاستئناف قالت ان غياب الطبيب كانت له علاقة سببية مباشرة مع فقدان حظ، والحال ان القضاء الزجري كان قد ارتأى، في باب تبرئة المولدة، ان الطرف المعني لم يثبت ان الأعمال التي قامت بها المولدة كانت خرقا، واقل فعالية من تلك التي كانت سيقوم بها الطبيب.

(…) لكن حيث ان محكمة الاستئناف بتحليلها للوثائق المدلى بها، تستخلص ان صعوبة إخراج الكتفين تستلزم اتخاذ تدابير دقيقة ومعقدة شتى، ومما لا جدال فيه ان معرف طبيب بعينه وممارسته تساهم في فعالية تلك التدابير، ما دامت المولدات غير مؤهلات لتنفيذها شانهن في تلك شان ممرضات المواليد اللواتي لجأت إليهن السيدة كامندون لممارسة عمليات الضغط الرحمية، وان المحكمة اذ ارتأت على هذا النحو انه كان من شان الطبيب ان يكون قادرا على إزالة المضاعفة التي حدثت خلال الوضع مع حظوظ نجاح افضل، قد تأتى لها ان تعتبر ان خطأ غياب الطبيب له علاقة سببية مباشرة مع حرمان الطفل من حظوظ الازدياد دون عواقب، وان قضاة الدرجة الثانية الذين لا يمكنهم، والحال هذه، الحكم على المصحة بجبر مخلفات العجز المتمسك به جبرا كليا، يكونون على هذا النحو- دون خرق حجية الشيء المقضي به المرتبطة بقرار البراءة الذي استفادت منه السيدة كامندون- قد عللوا قرارهم تعليلا قانونيا.

  نقض مدني1، 18 يناير1989
  مصحة ريليو المتعددة الاختصاصات 
 ضد زوج ت ( رفض الطعن)



مصحة ولادة، توليد عسير قامت به مولدة،
غياب الطبيب، خلل في التنظيم، خطاء ( نعم).
بينما كانت احدى المولدات تمارس عملية توليد، في عيادة خاصة، وجدت نفسها، ساعة فصل الجنين، امام مضاعفة ناتجة عن صعوبة إخراج الكتفين اضطرتهما القيام بعمليات جر من عنق الطفل. وقد عاين طبيب الحراسة الذي وصل بعد الولادة شللا في الضفيرة العضدية اليمنى ناتجا عما قامت به المولدة، وعندما توبعت هذه المولدة امام القضاء الزجري بتهمة الجرح غير العمدي، برئت ساحتها، فرفع والد الطفل، باعتبارهما وليين شرعيين له، في مواجهة المصحة دعوى مسؤولية، مؤاخذين عليها غياب الطبيب ساعة الوضع، فحكمت محكمة الاستئناف على المصحة باداء تعويضات عن ضياع حظ الطفل في الازدياد سليما من العواقب التي بقي يشكو منها. وقد رفض الطعن الذي تقدمت به المصحة في مواجهة هذا القرار.

حيث ان القرار يستخلص بحق انه يستفاد من الفصل369 من مدونة الصحة العمومية الذي يلزم المولدات بالاستنجاد بطبيب في حالة الولادة العسيرة، ومن الفصل23 من مدونة آداب المهنة الذي لا يرخص لهن بتقديم علاجات تدخل في نطاق اختصاص الطبيب الا في حالة القوة القاهرة وحدها، ان المولدات لسن مؤهلات طبعا لإجراء عمليات التوليد العسيرة، وان الطبيب هو المؤهل، حسب هذه الفرضية، لاتخاذ التدابير التي يقتضيها الموقف، وان محكمة الاستئناف باستنتاجها، من جهة ان طبيب الحراسة الملحق بالمؤسسة كان، يوم إجراء عملية الولادة يعمل أيضا في مصحة توجد في ضاحية أخرى بحيث انه لم يكن قادرا- نظرا لان المدة الزمنية اللازمة لقطع المسافة بين المنطقتين لا يمكن ان تقل عن 15 او20 دقيقة - على التدخل تدخلا ناجعا في حالة الاستعجال، وان ورقة المعلومات التي أنجزها، في اسم الزبونة، طبيبها المعالج كانت تبين، من جهة أخرى، ان احتمال الولادة العسيرة وارد لان  الزبونة كانت قد وضعت خلال السنوات الماضية طفلين يزنان4 و5 كيلو غرامات ، قد تأتى لها ان تستنبط، من هذه الملاحظات والمعطيات وحدها، ان مصحة ريليو المتعددة الاختصاصات قد أخلت بالتزامها بتقديم العلاجات التي يستلزمها عسر الولادة، وذلك لأنها لم تضع، في الوقت المناسب طبيبا رهن إشارة زبونتها.

   نقض مدني1،18 يناير1989
  مصحة ريليو المتعددة الاختصاصات
   ضد زوج ت ( رفض الطعن) المصدر السابق


عملية جراحية- جبر كسر العظم- توقف الدورة الدموية

عرضت امرأة خلال الليل، وهي  تحت الاستشفاء في مصلحة الجراحة، حيث أخضعت لعملية جراحية تتمثل في جبر كسر عظم الفخذ، لتوقف الدورة الدموية الحاد. وكانت قد اشتكت مرات عديدة من آلام مبرحة ومتفاقمة في الرجل غيران الممرضين الذين كانوا يؤمنون مراقبتها، لم يستنجدوا بطبيب الحراسة، بالرغم مما لاحظوه من عدم فعالية العلاج المسكن المقدم لها، بحيث انه لم يتح للطبيب تشخيص الحادث الذي أصاب الدورة الدموية الا في يوم الغد.

ان التأخر الذي في تقديم العلاجات المناسبة للمريضة يشكل نوعا من التسيير السيئ للمرفق العام ويرتب بالتالي مسؤولية الاستشفائي.  ويستفاد بالفعل من مستنتجات الخبير ان علاجا عاجلا بواسطة مادة NEPARINE المضادة لتجمد الدم كان من شانه، لو قدم للمريضة، ان يجنبها، ولو جزئيا مخلفات هذا الحادث.

  مجلس الدولة، الشعبتان5 و3 ، 20 يناير1989 
   مركز تولوز الاستشفائي الجهوي
  دورية: المسؤولية المدنية والتأمينات 
  السنة الثانية، العدد4 ابريل1989


طبيب أسنان، تركيب أسنان اصطناعية، علاجات غير ملائمة، اختلاف الأسنان وإصابتها بعيوب، التزام ببذل عناية، ظروف مكونة لخطأ

كان طبيب جراح للأسنان قد أنجز جسري أسنان فخارية معدنية وركبها. فأخذت، بعد ذلك، تظهر على فخار الجسر الأيمن علامات تفتت حاول الطبيب إصلاحها، غير ان المريضة رفضت عرض الطبيب الرامي الى استئناف عمله. وما لبث الجسر الأيسر ان تفكك كلية. فعهدت المريضة الى طبيب آخر بتقديم العلاجات وإنجاز الإبدال التي تقتضيها حالة فيها.

وقد رفضت المحكمة الطعن بالنقض الذي تقدم به الطبيب في مواجهة قرار قضى عليه باداء تعويضات لموكلته:
" حيث انه بصرف النظر عن الإحالة على الالتزام بالنتيجة، وهي خاطئة طالما ان الآنسة ف. لم تثر عيبا في الأسنان الاصطناعية ولكن عدم ملاءمة العلاجات، فان محكمة الاستئناف قد عللت قرارها تعليلا قانونيا عندما وصفت مختلف الأخطاء المنسوبة الى السيد بالبي، الذي لم يهيئ تجويف الفم كما ينبغي قبل تركيب الابدال، كما عمد  عند تركيبها الى اجراء شحذ " غير عادي " هو سبب التفتت والتفكك، وعزتها بالتالي الى هذا العمل المعيب وليس الى خطا الآنسة ف.، مما يترتب عنه عدم الالتفات للوسيلة"

 نقض مدني1،12 يونيو1990، بالبي ضد الآنسة ف.
  ( رفض الطعن) دورية المسؤولية المدنية والتأمينات،
 السنة الثالثة، العدد 10، اكتوبر1990


طبيب بيطري،1) المبدأ، مسؤولية تعاقدية، التزام ببذل عناية
2) التطبيقات، توليد بقرة

نظرا للفصلين 1134 و1147 من القانون المدني: 
وحيث انه تنشا بين الطبيب البيطري وموكله عقدة تتضمن بالنسبة للطبيب الالتزام، مقابل اتعاب، بتقديم علاجات دقيقة، متقنة ومطابقة للمعطيات العلمية المكتسبة، وان الإخلال بهذا الالتزام، حتى ولو كان غير عمدي، قد يقع تحت طائلة المسؤولية التعاقدية، ما دام ناتجا عن خطا، يجب عل الزبون بثباته.

وحيث ان الحكم المطعون فيه رفض الطلب الذي كان السيد ليبور قد تقدم به في مواجهة السيد بولان بشان أتعاب عملية التوليد، بتصريحه ان ميلاد عجل عملية معتادة لا تحتاج الى مساعدة طبيب في حالة وجود صعوبات، وباستخلاصه من هذه الملاحظة ان الدكتور ليبور لا يمكن المطالبة بأتعاب بما ان تدخله قد كان انتهى بموت كل من البقرة والعجل، والحال انه كان قد استدعي تحديدا بصفته طبيبا حتى يتم الوضع في احسن الظروف.
وحيث ان المحكمة، باتخاذها لقرارها على هذا النحو دون ان تبين في حق الدكتور ليبور، ارتكابه، وهو ينفذ الالتزام الملقى على كاهله ببذل عناية، لخطأ قد يكون هو السبب في الضرر الذي يكون من شان التعويض عنه ان يوازي الأتعاب المستحقة للطبيب، تكون قد خرقت النصوص المشار إليها اعلاه.

لهذه الاسباب
فان المحكمة تنقض وتلغي القرار المطعون فيه

  نقض مدني1،31 يناير1989
 ليبور ضد بولان
 دورية: المسؤولية المدنية والتأمينات
 السنة الثانية، العدد 4 ابريل1989


مجلة المحاكم المغربية، عدد 67، ص 207.



Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : القضاء الاجنبي