-->

عدم رجعية القوانين الاثر الفوري للقوانين

محكمة الاستئناف بفاس 
قرار غرفة المشورة عدد 1926/93 بتاريخ 2/12/93 - ملف عدد 1893/93


عدم رجعية القوانين 
الاثر الفوري للقوانين 
العلم بالقانون هو امكانية العلم به لا العلم  به فعلا، و هذه الامكانية تتأتى  عن  طريق  النشر لانه  يفترض  آنذاك  ان  الكافة  قد  علمت  بالقانون .
طلب التقييد في جدول المحامين  المتمرنين المقدم  في  ظل قانون 79-17، الذي  لم  يكن  يشترط  الادلاء بشهادة الاهلية،  يصبح  خاضعا لمقتضيات ظهير10/9/93 الذي يشترط الادلاء بها، ما دام انه لم يصبح جاهزا ولم يبت فيه مجلس الهيئة قبل نشر الظهير المذكور.
اداء اليمين ليس شرطا لقبول تطلب الترشيح للتمرين بل هو شرط للتقييد في لائحة المحامين المتمرنين.

باسم جلالة الملك
بتاريخ 02/12/1993 اجتمعت غرفة المشورة لدى محكمة الاستئناف بفاس وهي متركبة من السادة :
محمد بوصرغى ناهض بصفته رئيسا ……………
محمد بنزهرة بصفته مقررا ………..…………….
عبد العلي مجبر بصفته عضوا ……….………….
وبحضور السيد محمد إبراهيمي ممثلا للنيابة العامة .….
وبمساعدة السيد جمال الدين السلاوي كاتبا للضبط ……

وذلك للنظر في القضية المسجلة لدى هذه المحكمة غرفة المشورة تحت عدد 1839-92 والمتعلقة بالطعن المقدم من طرف السيد الوكيل العام للملك لدى هذه المحكمة ضد قرار مجلس هيئة المحامين بفاس الذي اتخذه في اجتماعه المنعقد  بتاريخ  06/10/1993 القاضي  بقبول  وتسجيل السيدة حياة بنكيران بلائحة المحامين المتمرنين بفاس .

في الشكل :
بناء على مقال الطعن المقدم من طرف السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس بتاريخ 21/10/1993 ضد مقرر مجلس هيئة المحامين بفاس الصادر بتاريخ 06/10/1993.
وبناء على مقتضيات الفصل 90 من الظهير الشريف رقم 1.93.261 الصادر في 22 ربيع الاول1414 الموافق 10/09/93 المعتبر بمثابة قانون يتعلق بتنظيم مهنة المحاماة والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 4222 بتاريخ 29/09/1993.
وحيث ان القرار المطعون فيه بلغ للطاعن بتاريخ 06/10/1993 وفق ما اقتضاه الفصل 89 من الظهير الشريف المشار اليه اعلاه .
وحيث انه تبعا للمعطيات المحددة اعلاه يكون الطعن مستجمعا لكافة اوضاعه القانونية. 

ملف مدني غرفة المشورة عدد 1839/93.
وفي الموضوع :
تفيد الوقائع التي انبنى عليها القرار المطعون فيه انه بناء على الطلب الذي تقدمت به السيدة حياة بنكيران الى مجلس هيئة المحامين بفاس من اجل تسجيلها بلائحة المحامين المتمرنين بفاس اصدر المجلس المذكور قراره القاضي بالقبول والتسجيل اعتمادا على مقتضيات الفصول 10-11-12-13 من الظهير الشريف المؤرخ في 06/11/1979 المتعلق بتنفيذ القانون رقم 19-79 الذي تنظم بموجبه نقابات المحامين ومزاولة مهنة المحاماة .

فطعن السيد الوكيل العام للملك في القرار المذكور مؤسسا طعنه على ان احكام القانون رقم 79-19 المنظم لنقابات المحامين الصادر بتاريخ 08/11/1979 قد نسخت حسب مقتضيات المادة 99 من الظهير الشريف الصادر بتاريخ 10/09/1993 والذي اصبح العمل جاريا به ابتداء من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية عدد 4222 أي 29/09/1993 وان مجلس الهيئة اتخذ قراره بتاريخ 06/10/92 وقبل تسجيل المعنية بالامر أي بعد دخول الظهير الشريف المشار اليه اعلاه حيز التطبيق وهو قرار جاء مخالفا لمقتضيات الفصل الخامس من نفس الظهير والذي ينص في فقرته الرابعة بان يكون المرشح حاصلا على شهادة الاهلية لممارسة المحاماة، وان طلب التشريح المقدم من طرف المعنية بالامر تنقصه الوثيقة المذكورة، ملتمسا الغاء القرار المطعون فيه والتصريح برفض الطلب المقدم من السيدة حياة بنكيران مرفقا مقال طعنه بنسخة من القرار المطعون فيه.

وادرج الملف بجلسة 11/11/1993 حضرها عن مجلس هيئة المحامين الاستاذ النقيب عبد الهادي بنجلون اندلسي والاستاذ حسن الجاي كما حضرت السيدة حياة بنكيران وألقيت بالملف مذكرة جواب الهيئة المؤرخة في 08/11/1993 جاء فيها ما ملخصه ان الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون الصادر بتاريخ 10/09/1993 كان وقت صدور مقرر المجلس غير موجود ولم يكن قد تم طبعه بعد ونشره في الجريدة الرسمية، وان كانت الجريدة التي تم نشره فيما تحمل تاريخ 29/09/1993 فان الاطلاع على هذا القانون وحصول المجلس عليه لم يتم الا بعد صدور القرار المطعون فيه، وان النيابة العامة التي تقدمت بالطعن الحالي كانت تعلم جيدا ان الظهير الشريف لم يكن قد خرج الى الوجود من الجريدة الرسمية، وان ذلك هو ما دعاها الى تقديم المقبولين لمحكمة الاستئناف لاستيفاء اليمين القانونية منهم على اساس القبول موضوع الطعن الحالي وان وضعية المحامي المطعون في قبوله بعد ادائه اليمين القانونية لم تعد كوضعية المرشح للتمرين بل اصبحت تكتسي صبغة محام متمرن كامل الصفة يمارس المهنة وفقا لمقتضيات الفصل 12 من الظهير الشريف الصادر بتاريخ 10/09/1993 وان الطعن في قرار المجلس اصبح متجاوزا بعد استيفاء اليمين واشهاد المحكمة على ذلك ملتمسا تاييد القرار المطعون فيه.

وسلمت نسخة من مذكرة الجواب للسيد ممثل النيابة العامة الذي اكد مقال الطعن، واعطيت الكلمة للسيد النقيب الذي اكد ما جاء بالمذكرة الجوابية واضاف انه يتعين معرفة الغاية التي توخاها المشرع من اصداره للقانون المنظم لمهنة المحاماة والتي هي خدمة مصالح الشباب المثقف بالاساس والمجتمع ككل وان شهادة الاهلية التي اعتمدتها النيابة العامة لا وجود لها في الحقيقة ولا للمعهد الذي يسلمها كما انه لا يمكن تطبيق قانون غير موجود ولم تستكمل بعد كيفية تنظيمه. وان سبب التاخير في الانجاز راجع لتاخر البحث الذي يجري بواسطة الضابطة القضائية عن طريق النيابة العامة، وان المحكمة امام اشكالية تطبيق القانون تفسيره وان كلمة النشر تفيد علم العموم وانه لا علم لمجلس الهيئة بصدور ظهير10/09/1993 وان الامر مطروح بحدة على الصعيد الوطني ملتمسا اعتبار الظهير قد صدر لصالح الدستور والقانون واكد الاستاذ الجاي دفوع زميله واضاف بان مجلس الهيئة لا يمكنه البث في طلبات بناء على ما يمكن توقيعه، وان قرار المجلس كان صالحا.

واعطيت الكلمة لممثل النيابة العامة فاكد مقال الطعن وبعد هذه الاجراءات وتاكيد السيد النقيب بانه ينوب كذلك على مقدمة طلب الترشيح المطعون في قرار قبولها قررت المحكمة وهي مجتمعة بغرفة المشورة حجز الملف للمداولة بعدما اعتبرته جاهز للبت فيه.

وبعد المداولة طبقا للقانون من نفس اعضاء المحكمة المذكورين اعلاه المكونين لغرفة المشورة اصدرت القرار الاتي :
حيث حصر السيد الوكيل العام للملك طعنه في القرار الصادر عن مجلس هيئة المحامين بفاس القاضي بقبول ترشيح السيدة حياة بنكيران بلائحة المحامين المتمرنين بفاس، في كون ملف الترشيح تنقصه شهادة الاهلية التي استوجبها الفصل الخامس من الظهير الشريف الصادر بتاريخ 10/09/1993 المنظم لمهنة المحاماة.

وحيث تركزت دفوع مجلس هيئة المحامين على محاور ثلاثة الاول انه لم يكن المجلس على علم بالظهير الشريف المعتمد كاساس للطعن كما هو الشان بالنسبة للنيابة العامة التي قدمت المقبول ترشيحهم لاداء اليمين، الثاني ان العبرة بالنشر هو علم العموم، الثالث انه في الحقيقة لا وجود لشهادة الاهلية ولا للمعهد الذي يسلمها، وان المحكمة امام اشكالية تطبيق القانون من حيث الزمان وتفسيره.

وحيث انه باستقصاء احكام الظهير الشريف الصادر بتاريخ 10/09/1993 نجد الباب الثاني منه يحمل عنوان ((الانخراط في المهنة)) والفرع الاول من الباب المذكور يتعلق (( بالشروط العامة)) وقد تضمنت المادة الخامسة من الباب والفرع المذكورين في معرض تحديدها للشروط الواجب توافرها في المرشح لمهنة المحاماة في الفقرة الرابعة قولها " ان يكون حاصلا على شهادة الاهلية لممارسة مهنة المحاماة منذ لا يزيد على سنتين" كما ان المادة 11 من الفرع الثالث المتعلقة بالتمرين اوجبت ارفاق طلب الترشيح للتقييد في قائمة المحامين المتمرنين بالوثائق المثبتة لتوفر المرشح على الشروط المنصوص عليها في المادة الخامسة ويتعلق الامر بالطبع بشهادة الاهلية والتي حددت المادة السادسة من الفرع الاول المندرج بالباب الثاني المعاهد التي تمنع تلك الشهادة.

وحيث ان الظهير الشريف الصادر بتاريخ 10/09/1993 اورد في القسم الرابع في معرض حديثه عن (المقتضيات الانتقالية) في المادة 90 الفقرة الثانية استثناء يتعلق بالمرشحين الذين قدموا طلبات التقييد في قوائم التمرين قبل صدور المرسوم المنصوص عليه في المادة السادسة الانفة الذكر واوجب عليهم الادلاء بشهادة النجاح في امتحان الاهلية الذي تجري اختباراته الشفوية والكتابية بواسطة لجنة متساوية الاعضاء من النقباء المزاولين او السابقين. وذلك وفق الكيفية التي تنظم بصفة انتقالية بمقتضى قرار لوزير العدل.

وحيث نص الظهير الشريف في القسم الخامس في معرض ذكره لمقتضيات ختامية في المادة 99 على احكام القانون رقم 79-19 الصادر الظهير الشريف الامر بتنفيذه بتاريخ 08/11/1979 وانتهى الى القول بانه يعمل بالظهير ابتداء من تاريخ نشره.
وحيث ان الجريدة الرسمية عدد 4222 التي نشر بها الظهير الشريف صدرت بتاريخ 29/09/1993 هو تاريخ بداية العمل به .

وحيث ان المبدا المحدد بالمادة 98 بالفقرة الثانية السالف تضمين محتواها، تنسحب احكامه على كافة المرشحين الذين يقدمون طلبات التقييد الصادر في 10/09/1993، وذلك نابع من ضرورة التسوية بين كل الذين يرغبون في الترشيح للمهنة، وبفضلها يمكن تدارك ما عسى ان يكون قد وقع من اخطاء في تقدير الامور والحكم عليها، وليس هناك من مبرر نزيه يجعل تلك الضمانات مقصورة على فئة دون اخرى.

وحيث انه تاسيسا على ما ذكر اعلاه يكون القرار الصادر عن مجلس هيئة المحامين بفاس والقاضي بقبول وتسجيل السيدة بنكيران حياة في لائحة المحامين المتمرنين والذي اعتمد مقتضيات قانونية تم نسخها بقانون لاحق واجب التطبيق فور نشره غير مؤسس قانونا بتجاهله المقتضيات القانونية الجديدة والطعن المقدم ضده مؤسس لاعتماده على اسباب قانونية تبرره. حيث ان الاساس الذي اعتمده مجلس الهيئة في اصدار القرار المطعون فيه لا يمكن اعتباره، ذلك ان ما تم ادعاؤه من كون المجلس لم تتح له الفرصة للاطلاع والعلم بصدور الظهير الشريف حال اصداره للقرار .

ملف مدني غرفة المشورة عدد 1893/93
المطعون فيه يتجافى مع وقائع القضية اذ ان الطلب المقدم للمجلس في ظل قانون 79/19 والذي لم يكن يشترط الادلاء بشهادة، لم يستكمل كافة الاجراءات الواجبة ولم يستنفذ كافة اثاره القانونية الا في ظل القانون الجديد، وان مبدا عدم رجعية القوانين المتشبث به، ليس وحده الذي يمكن ان يحكم موضوع تنازع القوانين في الزمان بل هناك مبدا اخر يوجد بجانبه وهو الاثر الفوري والمباشر للقانون والذي يقتضي ان يسرر القانون الجديد على المراكز القانونية التي تحدث اثارها في ظله وان كانت وليدة مراكز قانونية بدا تكوينها في ظل القانون القديم .
وحيث ان القاعدة القانونية تتصف بالعموم والفصول والتجريد وتتوجه لكافة.

وحيث ان المقصود بالعلم بالقانون هو امكانية العلم لا العلم الحقيقي، وان هذه الامكانية تتاتى عن طريق النشر لانه يفترض انذاك ان الكافة قد علمت بالقانون وبالتالي فانه لا عبرة بما قيل من كون مجلس الهيئة لم يكن على علم بصدور الظهير الشريف الذي اقتضى الزامية تعزيز طلب الترشيح للتقييد في لائحة المحامين المتمرنين بشهادة الاهلية اذ العبرة بالقانون والذي لا يعذر احد بجعله، كما انه لا عبرة بما تم ادعاؤه من كون المرشح بعد صدور قرار قبوله والذي هو موضوع الطعن قدم للمحكمة من طرف النيابة العامة لاستيفاء اليمين منه وقد تم ذلك وبالتالي اصبح من حقه التسجيل في لائحة المحامين المتمرنين ومبادرة شؤون المهنة، ما دامت العبرة بالواقع وكون المبني على باطل باطلا وان اليمين لا تعتبر شرطا في القبول وانما في التقييد في قائمة التمرين وممارسة المهنة بدليل التنصيص عليها في الفرع الثالث المتعلق بالمادة 12.
وحيث انه تاسيسا على المعطيات اعلاه مستند الطعن قائم على كتابة الضبط.

 لهذه الاسباب 
1) في الشكل : قبول الطعن.
2) في الموضوع : الغاء المقرر الصادر عن مجلس هيئة المحامين بفاس بتاريخ سادس اكتوبر1993 القاضي بقبول طلب الترشيح للتقييد في قائمة المحامين المتمرنين الذي تقدمت به السيدة حياة بنكيران والحكم من جديد برفضه وتحميل الطالبة الصائر.
وبهذا صدر القرار في اليوم والشهر والسنة اعلاه بغرفة المشورة.
الرئيس المقرر كاتب الضبط
ج محمد بوموغر ناهض محمد بنزهرة جمال الدين السلاوي

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 68-69، ص 124.

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : اجتهادات قضائية