-->

الغرامة التهديدية - معناها - تصفيتها - شروطها.


الغرامة التهديدية وسيلة للضغط على المدين لاجباره على تنفيذ التزامه والقاضي الذي يقوم بتصفية الغرامة التهديدية يتاكد اولا مما اذا كان التنفيذ ممكنا وما اذا كان تدخل المدين ضروريا، 
الاستحالة الفعلية او القانونية واسبابها يكون اثباتها على  مدعيها ومجرد امتناع المكترين من السماح لعون التنفيذ بهدم البناء تنفيذا للحكم الصادر على المالك بالهدم لا يمكن اعتباره سببا اجنبيا يؤدي الى استحالة التنفيذ لان تنفيذ الالتزام ما زال ممكنا وتدخل المالك المحكوم عليه ضروري.
مجرد ذهاب  المحكوم  عليه  مع  عون  التنفيذ  للمرة  الثانية غير كاف لاثبات رغبته في تنفيذ حكم الهدم مادام يستفيد من كراء المحل ولم يتخذ اي اجراء قانوني في مواجهة المكترين لتيسير التنفيذ.
الحكم الابتدائي الذي قضى بالغرامة التهديدية مراعاة للاعتبارات المذكورة يكون مصادفا للصواب ويتعين تاييده.

محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الغرفة المدنية الاولى 
قرار عدد 1316 - بتاريخ 28 يونيو1991 - ملف مدني عدد 1497/89


السيد الحسيني ادريس  ضد  السيد سعيد الهاشمي

بناء على مقال الاستئناف والحكم المستانف ومستنتجات الطرفين ومجموع الوثائق المدرجة بالملف.
وبناء على تقرير السيد المستشار المقرر 
وبناء على الامر بالتخلي الصادر بتاريخ 
والمبلغ قانونا الى الطرفين 
وتطبيقا لمقتضيات الفصل 134 وما يليه والفصل 328 وما يليه والفصل 429 من قانون المسطرة المدنية .
والفصول 
وبعد الاستماع الى مستنتجات النيابة  العامة والمداولة طبق القانون 

في الشكل .
حيث انه بتاريخ 12 ماي1988 تقدم السيد حسيني ادريس الماذون له بالترافع بمقال مؤدى عنه بنفس التاريخ يستانف بمقتضاه الحكم الصادر عن ابتدائية البيضاء، بتاريخ 8 نونبر1987 تحت عدد 16056 في الملف عدد 7880/86 والقاضي بادائه للمدعى تعويضا قدره ( 12.000 ردهم) وتحديد مدة الاكراه البدني في الادنى ورفض ما عدا ذلك .
وحيث انه بتاريخ 8 نونبر1989 تقدم السيد سعيد الهاشمي بواسطة محاميه الاستاذ جلال الطاهر باستئناف فرعي مؤدى عنه يستانف بمقتضاه الحكم المشار اليه اعلاه .
وحيث انه لا يوجد بالملف ما يثبت تبليغ الحكم للمستانف اصليا، وان تقديم الاستئنافين الاصلي والفرعي جاء مستوفيا للشروط الشكلية المتطلبة قانونا مما يتعين معه التصريح بقبولهما شكلا.

في الموضوع :
حيث يتجلى من وثائق الملف انه بتاريخ 14 يوليوز1986 تقدم السيد حسيني ادريس بمقال يعرض فيه انه صدر لفائدته حكم بتاريخ 29 مارس82 في الملف عدد 21921 قضى على السيد سعيد الهاشمي بادائه له مبلغ 2500 درهم كتعويض وهدم البناء المشيد على الرسم العقاري عدد 16097 د الكائن بزنقة لالبيسير تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 150 درهم عن كل يوم تاخير وايد ذلك الحكم استئنافيا وانه تم تبليغ الحكم للمحكوم عليه بتاريخ 18 ماي1982 ولكنه امتنع عن التنفيذ امتناعا كليا والتمس تصفية الغرامة التهديدية والحكم له بمبلغ 222.800 درهم واجب الغرامة التهديدية ابتداء من 18 ماي1982 الى يوليوز1986 اي لمدة 49 شهرا وادائه له مبلغ 10.000 درهم كتعويض عن التماطل.

وحيث جاء في اسباب استئناف السيد حسيني ادريس بان البنايات التي قضى الحكم بهدمها لازالت قائمة وان الضرر اللاحق به لم يرفع وان الغرامة التهديدية هي الوسيلة الوحيدة للضغط على المدعى عليه للقيام بتنفيذ منطوق الحكم وان المبلغ المحكوم به ضئيل والتمس الغاء الحكم المتخذ والحكم من جديد وفقا لطلباته.

وحيث جاء في مذكرة جواب مع استئناف فرعي للسيد سعيد الهاشمي بان المحكمة التي تنظر في تصفية  الغرامة التهديدية غير مرتبطة بالحكم الاصلي المتضمن لتلك الغرامة بل تستعمل سلطتها التقديرية وفقا لظروف كل نازلة ومدى تعنت المنفذ عليه وانه لا يمكن تطبيق مقتضيات الفصل 448 ق م م على النازلة لان تصفية الغرامة يقتضي وجود التزام قابل للتنفيذ امتنع المحكوم عليه من تنفيذه وحصول واقعة الامتناع من التنفيذ التي لابد من تضمينها في محضر امتناع من طرف مامور اجراءات التنفيذ وان الشرط الثاني غير متوفر لكون المحضر المؤرخ في 9 يناير1987 يثبت توجهه رفقة التنفيذ لتنفيذ الحكم وان المكترين هما اللذان حالا دون تنفيذ الحكم وادينا من اجل ذلك جنحيا وان عدم تنفيذ الحكم بذلك راجع لتدخل عنصر اجنبي عن التنفيذ وبذلك فان التنفيذ لم يعد ممكنا بسبب استحالة مادية ولا مجال لتصفية الغرامة التهديدية والتمس رد الاستئناف الاصلي والغاء الحكم المستانف والحكم من جديد برفض الطلب.
وحيث تم ادراج القضية في المداولة بجلسة 6 يونيو1991 بعد اعتبارها جاهزة.

المحكمة :
حيث ان الغرامة التهديدية هي وسيلة للضغط على المدين لاجباره على تنفيذ التزامه .
وحيث ان تطبيق التهديد المالي يقتضي وجود  التزام امتنع المنفذ عليه من تنفيذه مع ان تنفيذه ممكن وان يكون تنفيذ الالتزام يتطلب تدخل المدين الشخصي من اجل القيام بذلك ولكنه يمتنع من ذلك.
وحيث بالتالي فان القاضي الذي يقوم بتصفية الغرامة التهديدية عن طريق تحويلها الى تعويض يلاحظ ما اذا كان الالتزام ممكن التنفيذ ام لا وما اذا كان تدخل المدين الشخصي في التنفيذ ضروريا ام لا ولا يستجيب لطلب التعويض في حالة ما اذا اصبح التنفيذ مستحيلا اذ يصبح التعويض في هذه الحالة غير ذي موضوع.

وحيث انه اساسا فان على من يدعي ان التنفيذ اصبح مستحيلا ان يثبت ذلك وعليه بذلك اثبات ان تنفيذ الالتزام مستحيل لحالة فعلية او قانونية اي غير ممكن التنفيذ بصفة نهائية وان تلك الاستحالة راجعة لسبب خارجي او اجنبي مثل القوة القاهرة او الحادث الفجائي وفعل الغير وليس بسبب المدين .
وحيث ان مجرد امتناع المكترين من السماح لعون التنفيذ بهدم البناء تنفيذا للحكم الصادر على المالك بهدم البناء لا يمكن اعتباره كسبب اجنبي يؤدي لاستحالة التنفيذ الناتج عن فعل الغير لان تنفيذ الالتزام ما زال ممكنا وتدخل المحكوم عليه ضروري لتنفيذ الحكم .

وحيث ان ذهاب المستانف فرعيا مع عون التنفيذ في المرة الثانية غير كاف لاثبات رغبته في تنفيذ الحكم القاضي بالهدم وعدم امتناعه من التنفيذ ما دام يستفيد من كراء المحل ولم يثبت حسن نيته باتخاذه اي اجراء قانوني في مواجهة المكترين للمحل لتيسير تنفيذ الحكم وحصل الامتناع عقب ذلك.
وحيث يحق بذلك للمستانف اصليا المطالبة بتصفية الغرامة التهديدية المقضي بها عن طريق تحويلها لتعويض والذي يؤخذ فيه بعين الاعتبار مدى الضرر اللاحق بطالب التنفيذ.

وحيث ان المحكمة اعتبارا لظروف القضية ارتات ان المبلغ المحكوم به من تصفية الغرامة التهديدية في الفترة من 18 ماي1982 الى متم يونيو1986 غير كاف وقررت رفعه الى مبلغ 80.000 درهم. وحيث يتعين بذلك تعديل الحكم المستانف ورقع المبلغ المحكوم به الى حدود المبلغ المذكور .

لهذه الاسباب 
ان محكمة الاستئناف وهي تقضي علنيا حضوريا انتهائيا :
شكلا : قبل الاستئنافين الاصلي والفرعي .
وموضوعا : برد الفرعي وابقاء صائره على رافعه واعتبار الاصلي جزئيا وتاييد الحكم المتخذ مع تعديله وذلك برفع المبلغ المحكوم به من تصفية الغرامة في الفترة من 18 ماي1982 الى متم يونيو1985 الى 000 30 درهم والصائر بالنسبة .
بهذا صدر القرار في اليوم والشهر والسنة اعلاه بالقاعة العادية للجلسات بمقر محكمة الاستئناف بالبيضاء دون ان تتغير الهيئة الحاكمة اثناء الجلسات.
      الرئيس المستشار المقرر   كاتب الضبط
السيد محمد فركت        السيدة زوبيدة التكلانتي            السيدة خديجة عماد الدين 
                                         الدفاع : الاستاذ جلال الطاهر 

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 71، ص 85 .

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : اجتهادات قضائية