-->

المنازعات الضريبية



 من اعداد ذ/ محمد انتك
 محامي بهيئة الدار البيضاء


السادة النقباء الاجلاء، السادة رؤساء المحاكم المحترمين، زميلاتي، زملائي الاعزاء، ايها الحضور الكريم …
اود في البداية ان اقدم بالشكر والامتنان الى المحكمة  الادارية  بالدار البيضاء  في شخص رئيسها، وهيئة المحامين بها في شخص نقيبها على تنظيم هذه التظاهرة الثقافية الهامة، والتي اتاحت لزمرة من رجال القانون ممارسين وباحثين  مغاربة  واجانب بتقديم عروض قيمة سوف يكون لها الاثر البليغ على قضائنا الاداري .

اما بخصوص عرضي المتواضع " المنازعات الجبائية" فان محاولتي معالجة هذا الموضوع لن تكون باليسيرة نظرا لاتساع وشساعة المادة الجبائية من حيث الكم ولشتات النصوص الضريبية وعدم جمعها في مدونة موحدة ونظرا كذلك لتنوع واختلاف المساطر من ضريبة لاخرى .

كل هذه العوامل تجعل من موضوع المنازعات الجبائية موضوعا يتسم بنوع منا لتعقيد مما حدا بي  الى  سلوك منهجية عملية اكثر منها نظرية مستندا في ذلك على تقنيات المنازعة الضريبية سواء منها الادارية او القضائية مستشهدا بحالات تطبيقية تساعد دون شك على الاستيعاب وتغني لامحال النقاش .

في البداية يتعين التمييز بين المنازعة في التحصيل والمنازعة في الوعاء .
فالمنازعة في التحصيل تنصب اساسا حول الطعن في اجراءات المتابعة  التي  يقوم بها القابض من اجل استخلاص الدين الضريبي عملا بمقتضيات ضهير 21/8/1935، فطرفي العلاقة في منازعات التحصيل هما الملزم والخازن العام  ( القابض )  وموضوع النزاع  كما اسلفت ليس هو اصل الدين ومقداره بل طريقة تحصيله واستيفائه .

اما المنازعة في الوعاء فتستهدف اساسا التطبيق السليم للقانون من حيث  تحديد  الاسس  المفروضة عليها الضريبة والمسطرة المتعبة في ذلك، فطرفي العلاقة في المنازعة في الوعاء هما مديرية الضرائب والملزم .
ويشكل هذا النوع من المنازعات المحور الرئيسي في الطعون الضريبية .

لذا ستقتصر مداخلتي علىالمنازعة الجبائية بشان الوعاء الضريبي بخصوص اهم الضرائب التي غالبا ما تثار المنازعات بصددها والتي حاول المشرع توحيد القواعد المسطرية بشانها وهي الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات والضريبة العامة على الدخل .
المنازعة التي تهمنا اذا هي تلك التي تنصب على مبلغ الضريبة ذاتها او على المسطرة المتبعة بخصوص فرضها .

فهناك من المنازعات ما يقتضي سلوك مسطرة التظلم او ما عبر عنه المشرع بمصطلح المطالبة او الشكاية التي يقدمها الملزم امام الجهة المصادرة للضريبة وهي مديرية الضرائب .
وهناك من المنازعات ما لا يستلزم سلوك مسطرة المطالبة بل يتعين اتباع مسطرة خاصة ابتداءا من مسطرة التصحيح التواجهية ما بين الادارة والملزم مرورا من اللجن الضريبية، وختما بالمسطرة القضائية .
وقد ارتاينا في منهجية مناقشتنا لهذا الموضوع تقسيمه الى محورين اساسيين :

سوف نتطرق في المحور الاول الى :
1-    المرحلة الادارية للمنازعات الضريبية وتشمل :
المنازعة الضريبة في اطار مسطرة المطالبة .
المنازعة الضريبية خارج مسطرة المطالبة .
·   
ونخصص المحور الثاني الى :
2-    المرحلة القضائية للمنازعات الضريبية وتشمل :
موضوع الدعوى وطبيعتها القانونية .
اشكاليتي اداء الرسم القضائي ومسطرة ايقاف التنفيذ .
·   
I-    المرحلة الادارية للمنازعات الضريبية :
ويشمل هذا الباب المنازعات الضريبية الخاضعة وجوبا لمسطرة المطالبة وتلك التي تتم خارج اطار هذه المسطرة .

1-    المنازعة الضريبية في اطار مسطرة المطالبة :
يحق للملزم ان ينازع في الاسس التي اعتمدتها الادارة لفرض الضريبة وتحديد مقدرها كما يحق له ان يطعن في سلامة المسطرة المتبعة من طرفها للقيام بفرض الضريبة سيكون بذلك قد تقدم بمطالبة نزاعية Réclamation Contentieuse .
ويمكن للملزم وان كان لم ينازع في اصل الضريبة ان يتقدم بطلب استعطافي الى السيد مدير الضرائب من اجل الحصول على تخفيض جزئي او اسقاط كلي للغرامات وزيادة عن التاخير المفروضة عليه فيكون بذلك قد تقدم بمطالبة استعطافية "Réclamation Gracieuse"

أ‌-    المطالبة النزاعية : RECLAMATION CONTENTIEUSE
يكون تقديم المطالبة النزاعية ( شكاية) امام ادارة الضرائب الزاميا في بعض الحالات قبل عرض النزاع على انظار القضاء تحت طائلة عدم قبول الدعوى .
والغاية المتوخاة من الزامية سلوك مسطرة المطالبة قبل اللجوء الى القضاء هي فض هذه النزاعات على مستوى الادارة المصدرة للضرائب لما تتوفر عليه هذه الاخيرة من معطيات بخصوص النازلة موضوع النزاع، ولتمكين الادارة من وضع يدها على الاخطاء الصادرة عنها بغية تصحيحها وتفادي وقوعها لاحقا .

كما ان سلوك مسطرة المطالبة يؤدي في غالب الاحيان الى الفصل في النزاع من غير ان يلجا الملزم الى الجهة القضائية الامر الذي يساعد على السرعة في فض النزاعات وعلى التخفيف مما تعاني منه المحاكم من تراكم في الملفات .
يمكن حصر الحالات التي اوجب فيها المشرع سلوك مسطرة المطالبة فيما يلي :
حينما تكون الضريبة المفروضة من قبل الادارة مشوبة بخطا مادي في تحديد وعاء الضريبة او مقدارها .
حينما تفرض الضريبة من غير تمكين الملزم من الاستفادة بحق معترف به بنصوص قانونية او تنظيمة .
حينما يؤدي الملزم تلقائيا مبالغ ضريبية غير مستحقة .
حينما تفرض الادارة الضرائب بصفة تلقائية (Taxe d'office) اما بسبب عدم ادلاء الملزم باقراره بالرغم من اعذاره بصفة قانونية او بسبب امتناعه عن تقديم محاسبته للفحص والتحقيق بالرغم من انذاره بذلك .
·   
ففي هذه الحالة لا يجوز للملزم ان ينازع قضائيا في الضرائب المفروضة عليه الا بعد سلوكه مسطرة المطالبة امام مديرية الضرائب .

كيفية تقديم المطالبة :
·    يتم تقديم المطالبة من طرف الملزم شخصيا او من ينوب عنه في شكل رسالة مؤرخة وموقعة من طرف الشخص المؤهل لذلك.
وتتضمن هذه المطالبة البيانات التالية :
نزع الضريبة الضريبة المتنازع بشانها .
السنة المعينة بالمنازعة .
رقم الجدول الذي قيدت به الضريبة .
الاسباب التي يعتمدها الطاعن في مطالبته مع تبيان ملتمساته .
·    وتوجه هذه المطالبة الى مديرية الضرائب او المصالح الجهوية المكلفة بالمنازعات وفي حالة تقديم المطالبة الى جهة غير مختصة نوعيا او محليا فان هذه الاخيرة تعمل على احالتها على من له الحق في النظر .

اجال تقديم المطالبة :
·    ويجب ان تقدم المطالبة داخل الاجل المنصوص عليه في قانون الضريبة المنازع بشانها .
بالنسبة للضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات :
·    يجب تقديم المطالبة داخل اجل الستة اشهر الموالية للشهر الذي وضع خلاله الامر بالتحصيل او تم خلاله ايداع الاقرار في حالة الاداء التلقائي .

بالنسبة للضريبة العامة الدخل :
·    يتعين على الملزم ان يقدم طعنه امام الادارة داخل اجل 4 اشهر التالية للشهر الذي تم فيه اصدار الامر بالتحصيل المنازع فيه .
وتجدر الاشار  في هذا الصدد بان المشرع اعتمد تاريخ اصدار الجدول كنقطة بداية احتساب اجل تقديم المطالبة من غير ان يلتفت الى تاريخ تبليغ الملزم بالانذار الضريبي. ومن المعلوم ان الامر بتحصيل يوجه للملزم عن طريق البريد العادي الشيء الذي من شانه ان يتسبب في ضياع حقوق الملزم في حالة ما اذا لم يتوصل هذا الاخير بالاعلام الضريبي المتضمن لتاريخ اصدار الجدول مما قد يؤدي الى فوات اجل الطعن .
وتعتبر هذه الوضعية شادة بالنسبة للملزم لكونها تتنافى والقواعد العامة المتعلقة بممارسة مختلف الطعون .
لذا، كان على المشرع ان ياخذ بتاريخ تبليغ الملزم تبليغا صحيحا بالاعلام الضريبي عوض تاريخ اصدار هذا الجدول كبداية احتساب اجل الطعن .

مآل المطالبة :
·    بعد دراسة مللف من طرف المصالح المختصة يمكن للادارة بقرار معلل اما ان ترفض الطلب او تستجيب له جزئيا او كليا.
باطلاعنا على النصوص المتعلقة بالمنازعات نلاحظ ان المشرع يلزم الادارة بالبت في المطالبة داخل الاجل المحدد .
وحتى لا يبقى الملزم في انتظار ما لا نهاية، خول له المشرع حق اللجوء الى القضاء داخل اجل الشهر الموالي لستة اشهر من تاريخ تقديم المطالبة معتبرا سكوت الادارة بمثابة رفض ضمني .
اما اذا اصدرت الادارة قرارها بخصوص المطالبة فان الملزم له حق الطعن فيه اما القضاء خلال الشهر الموالي لتاريخ تبليغه بهذا القرار، وفيما يخص الخاضعين للضريبة العامة على الدخل الغير المقيمين بالمغرب يرفع اجل تقديم المطالبة الى شهرين .
ب‌-    المطالبة الاستعطافية : "Réclamation Gracieuse"
تختلف هذه المطالبة عن سابقتها ( المطالبة النزاعية) باعتبار ان الملزم لا ينازع في مشروعية الضريبة المفروضة عليه وانما يستعطف لادارة بغية الاعفاء او التخفيف من الغرامات والجزاءات، وعليه لكي يستجاب لمطالبه ان يثبت عجزه عن الاداء نتيجة ظروفه المالية المعسرة التي حالت دون تمكينه من تسديد مستحقاته الضريبية .
ولا تخضع هذه الطلبات فئة معينة وهي من اختصاص وزير المالية او الشخص المفوض من قبله ولا يقبل القرار الصادر في هذا الشان اي طعن اداري او قضائي لكن ليس هناك ما يمنع الملزم باعادة طلبه الاستعطافي متى توفرت لديه وسائل جديدة من شانها ان تعزز طلبه .

2-    المنازعة الجبائية خارج اطار مسطرة المطالبة :
قد يتبادر الى الدهن ان المنازعة الجبائية تنحضر في المطالبة امام ادارة الضرائب او الطعن امام الجهة القضائية .
الا ان هذا الامر ليس بهذا الوضوح باعتبار ان المنازعة الجبائية تبتدا منذ انطلاق مسطرة التحقيق والتصحيح مرورا بلجن التحكيم وختما بالمسطرة القضائية .
فالسؤال الذي يطرح نفسه هو متى تبتدئ المنازعة الجبائية واين تنتهي ؟

فبالرجوع الى المقتضيات القانونية المنظمة لمسطرة التصحيح يتضح ان المنازعة الجبائية تنطلق منذ بداية مسطرة التحقيق عندما  تقترح الادارة القيام بتعديل اسس فرض الضريبة والتي سرعان ما ينقلب الحوار الى نزاع جدي .

أ‌-    مسطرة التحقيق والمراقبة :
مسطرة التحقيق والمراقبة مسطرة كتابية حضورية تواجهية، تتسم مبدئيا بالمساواة بين الادارة والملزم وتتميز هذه المسطرة كذلك بتدخل اللجن الضريبية ثم القضاء .
سوف نتطرق في البداية الى عملية المراقبة التي تقوم بها ادارة الضرائب، ثم الى عمل اللجن التي تتولى البث في المنازعات المعروضة على اثر عملية الفحص والتحقيق التي خضع لها الملزم .

عملية المراقبة :
·    اوكل المشرع لادارة الضرائب القيام بعملية الفحص والمراقبة وفق مسطرة دقيقة توخى من ورائها المشرع حماية وصيانة حقوق الملزم كما سيتضح من خلال عرض ومناقشة هذه المسطرة .
فحفاظا على حقوق دفاع الملزم، اوجب المشرع على الادارة حينما تعتزم القيام بعمليات المراقبة، ان تخبر المعني بالامر بذلك بما لا يقل عن 15 يوما وكل اخلال بهذا الاجراء يعرض مسطرة التحقيق الى البطلان .

بعد مضي الاجل القانوني ينتقل مفتش الضرائب الى مقر المعني بالامر للقيام بمهمته فيطلع على جميع الدفاتير التجارية والوثائق المحاسبية المعتمدة من طرف الملزم للتاكد من صحتها ومصداقيتها. ان لا يجوز للمفتش المكلف بالتحقيق ان ينقل الوثائق خارج المؤسسة الا بعد حصوله على اذن صريح من طرف الملزم ومقابل وصل يتضمن لائحة الوثائق المسلمة اليه .
وفي حالة عدم احترام هذه الاجال تتعارض المسطرة لالغاء، كما ان المشرع حدد مدة التحقيق في اجل اقصاه ستة اشهر، وكل تجاوز لهذه المدة يعرض مسطرة التحقيق للبطلان .

اما السنوات التي تخضع للمراقبة فهي تلك التي يسري عليها امد التقادم والذي حدده المشرع في السنة الرابعة الموالية للسنة المستحقة عنها الضريبة بحيث يمكن للادارة ان تقوم خلال سنة 1999 بمراقبة محاسبة سنوات 1995 الى 1998 .
كما يمكن للادارة ان تقوم بمراقبة السنوات الخمس المتقادمة بالنسبة للضريبة على القيمة المضافة في حالة ما اذا كان لنتائج هذه السنوات انعكاس على السنوات الغير المتقادمة بفعل عمليات الاستنزال، ويمكن للادارة كذلك ان تقوم بمراقبة السنوات الاربع المتقادمة بخصوص الضريبة على الشركات والضريبة العامة على الدخل حينما يكون لنتائج هذه السنوات المتقادمة تاثير على نتائج السنوات الغير المتقادمة بفعل استنزال العجز " Report Déficitaire" .
وتجدر الاشارة انه حينما تطالب المراقبة السنوية المتقادمة لا يمكن ان تتجاوز التعديلات المبالغ المستزلة او بعبارة اخرى لا يمكن ان تفرض اي ضريبة اضافية بخصوص السنوات المتقادمة .

وبعد انتهاء المفتش من عملية التحقيق نكون امام احتمالين :
اما ان الفحص لم يؤدي الى كشف اي نقصان وهنا يخبر المفتش المعني بالامر بذلك وهذه حالة نادرة جدا ان لم نقل منعدمة .
واما ان الفحص قد ادى الى كشف اخلالات موجبة للتصحيح وفي هذه الحالة يوجه المفتش للملزم بواسطة رسالة مضمونة مع الاشعار بالتوصل اسباب التصحيح المزمع القيام به وطبيعته وتفاصيل مبلغه، وذلك بخصوص كل اقتراح تعديل على حدة ويدعوا المعني بالامر بالادلاء بملاحظاته خلال اجل ثلاثين يوما من تاريخ التوصل .
واذا انصرم الاجل المضروب من غير ان يدلي الملزم بملاحظاته فان موقفه هذا يعتبر قبولا ضمنيا وتفرض الضريبة وفق الاسس المحددة من طرف الادارة ولا يمكن الطعن فيها الا عن طريق المطالبة ( وليس امام اللجن ) .
·   
اما اذا اجاب الملزم داخل الاجل القانوني مبديا ملاحظاته بخصوص كل اقتراح تعديل على حدة يقوم المفتش بدراسة هذه الملاحظات فياخذ بما يراه مرتكزا على اساس ويواصل المسطرة بالنسبة لنقط الخلاف الاخرى فيوجه للملزم رسالة ثانية داخل اجل لا يتعدى 60 يوما  من تاريخ توصله بجواب الملزم تحت طائلة بطلان المسطرة .
ويجب ان تتضمن هذه الرسالة الثانية ملاحظات المتفش بخصوص جواب الملزم والاشارة الى ان الضرائب ستفرض عليه تلقائيا ان لم يقدم طعنه امام اللجنة المحلية داخل اجل ثلاثين يوما من تاريخ توصله بهذه الرسالة الثانية .

ب- الطعن امام اللجان :
اللجنة المحلية لتقدير الضريبة :
·    حينما يرفض الملزم اقتراحات الادارة الموجهة اليه في الرسالة التبليغية الثانية، يتعين ان يتقدم بطعن في الموضوع امام اللجنة المحلية داخل اجل ثلاثين يوما من تاريخ توصله بالرسالة التبليغية الثانية .
توجه هذه الرسالة الى المفتش الذي قام بالتحقيق قصد احالتها على اللجنة المحلية .
وتتشكل هذه اللجنة من :
قاضي رئيسا
رئيس المصلحة المحلية للضرائب مقررا
ممثل عامل اقليم او العمالة وممثل للخاضعين للضريبة وبعد توصلها بالملف تقوم اللجنة باستدعاء طرفي النزاع الادارة والملزم قصد مناقشة الملف .
·   
تبت اللجنة المحلية بصفة صحيحة اذا حضر على الاقل ثلاثة من اعضائها من بينهم الرئيس وممثل الخاضعين للضريبة .
تبت للجنة بصفة صحيحة خلال اجتماع ثان بحضور الرئيس وعضوين اخرين .
وتتداول اللجنة باغلبية اصوات الاعضاء الحاضرين فان تعادلت الاصوات يرجح صوت الرئيس .
تبت اللجنة المحلية في نزاع المعروض عليها بخصوص المسائل الواقعية والقانونية ويجب عليها ان تصرح بعدم اختصاصها حينما يتعلق الامر بتفسير النصوص القانونية او التنظيمية .
وتجدر الاشارة الى ان المشرع لم يلزم اللجنة المحلية بتعديل مقرراتها .

بعد صدور مقرر اللجنة المحلية وتبليغه للطرفين يجوز لكل من الملزم والادارة الطعن فيه امام اللجنة الوطنية داخل اجل 60 يوما، وفي حالة عدم تقديم الطعن داخل الاجل القانوني تصبح الاسس المحددة من طرف اللجنة المحلية نهائية ولا يمكن الطعن فيها بالنسبة للملزم الا عن طريق المطالبة .

اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة :
·    تختص هذه اللجنة في النظر في الطعون ضد مقررات اللجنة المحلية .
مقرها بالرباط وهي تابعة مباشرة لسلطة الوزير الاول يراسها قاضي يعنيه الوزير الاول باقتراح من وزير العدل .
تبت في النزاعات المعروضة عليها وتصرح بعدم اختصاصها كلما تعلق بتفسير نصوص تشريعية او تنظيمية .
تنقسم هذه اللجنة الى لجن فرعية تتشكل كل واحدة منها من :
قاضي : رئيسا
موظفين من وزارة المالية
ممثلين : للملزم
كاتب مقرر : من الموظفين المنتمين لوزارة المالية الملحقين باللجنة الوطنية لا يتوفر على صوت تداولي في اتخاد القرار.
·    يشترط لصحة مداولاتها ان يحضر الرئيس وعضوان من بينهم ممثل الادارة وممثل الخاضعين للضريبة وان لم يتوفر هذا النصاب يمكن للجنة ان تبت بصفة صحيحة اثر جلسة ثانية بحضور الرئيس وعضوين اخرين .

على عكس اللجنة المحلية فان اللجنة الوطنية ملزمة بتعليل مقرراتها ويجب عليها ان تتخذ مقررها في القضايا المحالة عليها داخل اجل سنة من تاريخ الطعن المقدم لها والا سقط حقها في البت في نزاع معروض عليها وفي هذه الحالة لا يجوز ادخال اي تصحيح على اقرار الملزم ما لم يكن هذا الاخير قد وافق جزئيا او كليا على مقرر اللجنة المحلية وتبلغ مقررات اللجنة الوطنية  الى الملزم والى مديرية الضرائب معا .
ويمكن للملزم ان يطعن قضائيا في الضرائب المفروضة عليه بمقتضى مقرر اللجنة الوطنية داخل اجل الشهرين المواليين لتاريخ صدور الجداول الضريبية .

وتجدر الاشارة الى ان مقررات اللجنة الوطنية تكون نهائية بالنسبة للادارة كلما تعلق الامر بمسائل واقعية، في حين يمكنها ان تطعن قضائيا في مقررات اللجنة الوطنية داخل نفس الاجل اذا بتت هذه الاخيرة بغير حق في مسائل قانونية او في مسائل تتعلق بتفسير نصوص تشريعية او تنظيمية .
وبالرغم من الاهمية البالغة للدور الذي تلعبه هذه اللجن لا سيما اللجنة الوطنية التي تتوفر على سلطة واسعة في اتخاذ القرار خاصة وان مقررها يعتبر نهائيا بالنسبة للادارة حينما يتعلق الامر بمسائل واقعية والتي تشكل الجزء الاوفر من نقط النزاع
التي تعرض عليها .

وبالرغم من ذلك، فان المشرع لم يحدد طبيعتها القانونية فهل يمكن اعتبارها هيئات ادارية ام قضائية ؟
باستقرائنا للنصوص القانونية المنظمة لهذه اللجن، يستنتج انها لا تكتسي طابعا قضائيا وذلك بالنظر لتشكلتها ولطريقة تعيين اعضائها وللمهام الموكولة لها باعتبار ان المشرع الزمها بتصريح بعدم اختصاصها كلما تعلق الامر بتفسير نصوص قانونية او تنظيمية.
كما انه لا يمكن تصنيف هذه اللجن وخاصة اللجنة الوطنية من قبيل الهيئات الادارية باعتبار انها لا تخضع لاي تسلسل اداري بالرغم من تبعيتها للوزارة الاولى ولا تتلقى اي تعليمات من اي كان بخصوص المنازعات المعروضة عليها .
وفي الختام يمكن اعتبار هذه اللجن من نوع خاص لا هي بالقضائية ولاهي بالادارية شاء لها المشرع ان تكون كذلك حتى تلعب دورها كاملا خدمة لمصالح الخاضعين للضريبة .

II-    المرحلة القضائية للمنازعات الضريبية :
تعتبر المرحلة القضائية هي المحطة الحاسمة في فض النزاعات الجبائية .
ويحق للملزم ان يلجا للقضاء للدفاع عن حقوقه في الحالتين التاليتين :
الحالة الاولى : عندما يتقدم الملزم بمطالبة امام الادارة الضريبية ولم يرضه قرارها او لم تجب عن مطالبه خلال الاجل المضروب لها .
الحالة الثانية : حينما يتعرض الملزم لمسطرة التصحيح وتفرض عليه الضريبة على اثر مقرر اللجنة الوطنية .
·   
اما بالنسبة لادارة الضرائب فلا يمكن لها اللجوء الى القضاء الا اذا تبين لها ان اللجنة الوطنية بتت بغير حق في مسائل قانونية بما في ذلك تفسير نصوص تشريعية او تنظيمية وسوف نتعرض في هذا الباب الى اجال الطعن وموضوع الدعوى من جهة، والى الطبيعة القانونية للدعوى الضريبية واشكاليتي الرسم القضائي ومسطرة ايقاف التنفيذ .

1-    اجال الطعن وموضوع الدعوى :
أ‌-    اجال الطعن :
فيما يخص الطعن ضد القرار الاداري الفاصل في المطالبة يتعين على الملزم تقديم الدعوى داخل احل الشهر الموالي لتبليغه بالقرر المذكور او خلال الشهور الموالي لستة اشهر من تاريخ تقديم المطالبة في حالة عدم جواب الادارة .
فيما يتعلق بالطعن في الضرائب المنازع بشانها على اثر مسطرة التصحيح وبعد صدور مقرر اللجنة الوطنية، يتعين على الملزم ان يقدم دعواه داخل اجل الشهرين المواليين لتاريخ اصدار الجداول الضريبية .

اما بالنسبة للادارة فقد خول المشرع للادارة حق الطعن ضد مقررات اللجنة الوطنية امام القضاء داخل نفس الاجل الممنوح للملزم ( شهرين من تاريخ وضع الجداول ) .
ويلاحظ من خلال استقرائنا للنصوص المتعلقة لمسطرة الطعن امام القضاء في الضرائب الصادرة على اثر مقرر اللجنة الوطنية ان المشرع قد اغفل التطرق الى الحالات التي لم تسفر على فرض ضرائب اضافية بالرغم من تعديل الاسس والارقام المصرح بها وذلك اما بسبب استمرار وجوب عجز ( Déficit) بالنسبة للضريبة على الشركات والضريبة العامة على الدخل، او بسب استمرار وجود دين قابل للخصم والتنزيل (Crédit de taxe) بخصوص الضريبة على القيمة المضافة .
وفي هذه الحالات فان الادارة لاتصد ر اي امر بالتحصيل .

فالسؤال المطروح هو كيف ومتى يمكن للملزم ان يتقدم بدعواه والحال انه لم تفرض فيه حقه اي ضريبة اضافية ولم يتوصل باي اعلام بخصوص اصدار الاوامر بالتحصيل .
فاذا تقدم الملزم بدعواه ضد مقرر اللجنة الوطنية فان مصير هذه الدعوى يكون لا محالة عدم القبول باعتبار ان مقرر اللجنة ليس بقرار اداري صادر عن سلطة ادارية وليس بقابل للتنفيذ على حالته بل يمكن اعتباره مجرد اجراء تحضيري تفرض على اساسه الضرائب بمقتضى اوامر بالتحصيل وان تاريخ وضع الاوامر بالتحصيل هو المعتمد عليه بصريح النص التشريعي كانطلاقة لاحتساب اجل الطعن .

فما هو السبيل اذن لتمكين الملزم من ممارسة حقه المشروع امام القضاء ؟
اعتقد ان المخرج من هذه الوضعية الشادة يقتضي من الملزم الرجوع الى الادارة لاستصدار قرار نهائي بخصوص تعديلات الاسس الجديدة التي ستؤخذ بها الادارة استنادا الى مقرر اللجنة الوطنية .
وبذلك يكون الملزم قد استدرج ادارة الضرائب لاتخاذ قرار اداري قابل للطعن بوجه صحيح امام القضاء يقوم مقام الامر بالتحصيل .

ب‌-    موضوع الدعوى الضريبية :
تقدم الدعوى امام المحكمة الادارية بواسطة المحامي في صيغة عريضة تتضمن الوقائع النازلة والاسباب المتعمدة في الطعن والملتمسات .
وتعتبر الدعوى المرفوعة الى المحكمة الادارية ضد ادارة الضرائب على اثر مقرر اللجنة الوطنية امتدادا طبيعيا لمسطرة التصحيح والتحقيق بمفهوم الفصل 39 من قانون الضريبة على الشركات والفصل 43 من قانون الضريبة المضافة والفصل 107 من قانون الضريبة العامة على الدخل ومن تم يبقى المدعي اسير طلباته المثارة اثناء المسطرة السابقة للمرحلة القضائية، بمعنى انه لا يحق للملزم ان يتقدم لاول مرة امام المحكمة  بطلبات جديدة لم يسبق له ان كانت محط نزاع في اطار المطالبة او مسطرة التحقيق .

على انه يمكن ان يثير ولو لاول مرة امام المجلس الاعلى على جميع الدفوع المسطرية باعتبارها من النظام العام .
ولا يفوتنا ان نشير بان المشرع بمقتضى قانون المالية لسنة 1997/1998 استثنى من هذا المبدا الدفوع المتعلقة بمسطرة التحقيق بخصوص الاعلام بالفحص وباجل 60 يوما المخول للادارة للرد على الملاحظات المضمنة بالرسالة الجوابية الاولى المدلى بها من طرف الملزم .
فبمقتضى هذا التعديل لم يعد في امكان الملزم اثارة هذين الدفعين لاول مرة امام اللجنة الوطنية او اثناء المرحلة القضائية .

2-    الطبيعة القانونية للدعوى الضريبية واشكاليتي اداء الرسم القضائي ومسطرة ايقاف التنفيذ :
أ‌-    طبيعة الدعوى يبقى الاشكال مطروحا حول الطبيعة القانونية للدعوى الضريبية هل من صميم دعاوي الالغاء ام قبيل دعاوي الالغاء الشامل ؟
للجواب على هذا التساؤل، نقول ان موضوع الدعوى هوالذي يمكننا من تحديد طبيعة المنازعة وتصنيفها .
فاذا كانت الدعوى تهدف الى الغاء الضريبة بسبب عدم مشروعيتها كان يخضع بغير حق شخص لضريبة معينة او تطبق في حقه مقتضيات قانونية تم الغاؤها، ففي هذه الحالة تنحصر سلطة القاضي الاداري في البت في مشروعية او عدم مشورعية القرار الضريبي موضوع الطعن والتصريح عن الاقتضاء بالغائه .

كما ان موضوع الدعوى يمكن ان ينصب على الاسس المفروضة عليها الضريبة على اثر عملية التصحيح بعد استنفاد المسطرة الادارية .
وفي هذه الحالة يكون الملزم مضطرا لسلوك المسطرة القضائية للدفاع عن حقوقه في اطار القضاء الشامل بحيث يمكن لقاضي الموضوع الغاء القرار الاداري موضوع الطعن واستبداله بقرار اداري ملائم .
ومن تم نلاحظ ان دعوى الضريبة تتارحج بين دعوى الالغاء ودعوى القضاء الشامل .
وانه بعد احداث المحاكم الادارية اصبح التمييز بين دعوى الالغاء ودعوى القضاء الشامل امرا متجاوزا، باعتبار ان الاختصاص في الدعوتين معا  ينعقد لنفس القاضي الاداري .

ومع ذلك، فان جل المحاكم الادارية تابى الا ان تصنف الدعاوي الضريبية ضمن دعاوي القضاء الشامل وبالتالي تخضعها لاداء الرسوم القضائية لاعتبار قيمة المبلغ المنازع بشانه، وان سند المحاكم في ذلك يرجع الى كون المشرع قد نص صراحة في المادة 22 من القانون 90/41 على اعفاء دعاوي الالغاء بسبب تجاوز السلطة من اداء الرسم القضائي، وتبعا لذلك استنتجت هذه المحاكم بان باقي الدعاوي بما فيها الدعاوي الضريبية تخضع لاداء الرسم القضائي وفقا لمقتضيات المادة 24 من الملحق الاول من مدونة التسجيل والتنبر المتعلق بالمصاريف القضائية ( ظهير 27 ابريل 1984 بمثابة قانون المالية لسنة 1984 الجريدة الرسمة عدد 3730 مكرر بتاريخ 27 ابريل 1984) .
وتجدر الاشارة الى ان الدعاوي الضريبية هي دعاوي من طبيعة خاصة لا يهدف المتقاضي من ورائها الحصول على حق معين، وانما يتوخى منها رفع العبء الضريبي المطبق عليه بصفة خاطئة

ب- اشكاليتي اداء الرسم القضائي ومسطرة ايقاف التنفيذ :
فيما يتعلق باخضاع الملزم لاداء الرسم القضاءي فاننا نرى خلاف ما داب اليه  اتجاه المحاكم بهذا الخصوص وذلك للاعتبارات التالية :
1- انه بالرجوع الى الفقرة الثانية من المادة 24 من قانون الرسوم القضائية، نلاحظ ان الرسم القضائي لا يفرض الا على الطلبات الرامية الى تنفيذ التزامات مترتبة على سند او على القانون او على الابراء منه 
وبالنظر الى خصوصيات الدعوى الضريبة فان الملزم لا يطالب بتنفيذ ولا بالابراء منه وذلك لعدم وجود هذا الالتزام اصلا .
2- واذا كانت المحاكم تعتبر الاعلام المتعلق بالضريبة المتنازع بشانها بمثابة التزام، فاننا لا نشاطرها الراي باعتبار ان تلك الضريبة لا زالت محط نزاع امام القضاء وفقا لمسطرة محددة قانونا، بحيث يمكن للمحكمة ان تلغيها كليا او جزئيا .
3-    اذا كانت الغاية من فرض الرسوم  القضائية هو منع المتقاضين من تقديم دعاوي بدون مبرر بقصد  التماطل في تنفيذ التزاماتهم، فان الامر يختلف تماما بالنسبة للدعوى الضريبية لان الملزم لا يلجا للقضاء عن طواعية بل في اطار مسطرة معينة وفق شروط محددة قانونا والا اهدرت حقوقه  .
وفضلا عن ذلك فان فوائد التاخير عن الاداء تبقى سارية طيلة سريان  المسطرة القضائية .
4-     بالرجوع الى المادة 48 من قانون  41.90 المنظم للمحاكم الادارية نلاحظ انها اعفت جميع الاستئنافات المرفوعة الى المجلس الاعلى من اداء الرسم القضائي .
واننا نعتبر بان هذا الاعفاء يكرس وجهة نظرنا بخصوص الاعفاء من اداء الرسوم القضائية، اذ لا يعقل منطقيا ان يعفى المشرع الدعاوى الضريبية في المرحلة الاستئنافية من اداء الرسم القضائي ويخضعها له المرحلة الابتدائية .
5- ان اخضاع الملزم لاداء الرسم القضائي يرفع من كلفة الدعوى سيما حينما تكون الضرائب المتنازع بشانها مبالغ فيها، الامر الذي يكون عائقا حقيقيا يحول دون تمكين الملزمين من مقاضاة الادارة والدفاع عن حقوقهم المشروعة .
6- ان المشرع لم ينص صراحة في قانون 90-41 على اخضاع الدعاوي الضريبية الى اداء الرسم القضائي، ونعتقد ان ما دابت عليه بعض المحاكم الادارية يعتبر من قبيل الاجتهاد، لم تراع فيه نية المشرع ولا روح النص لان الغاية من خلق المحاكم الادارية هو تمكين المواطن من مقاضاة الادارة من غير تعرضه لاية مضايقة مادية او معنوية تحول دون الدفاع عن حقوقه المشروعة. اما بخصوص اشكالية مسطرة ايقاف التنفيذ فلا تقل هي الاخرى اهمية وخطورة عن سابقتها واخص بالذكر مسالة اجبارية الملزم باداء الضريبة خلال سريان مسطرة التصحيح والمراقبة المنصوص عليها سواء في قانون الضريبة على القيمة المضافة(TVA)او الضريبة على الشركات وكذا الضريبة العامة للدخل .

فاذا كان المشرع قد احاط الملزمين في هذا الاطار بضمانات واسعة قل نظيرها في الانظمة الجبائية المتطورة، فان هذه الحماية لم تواكب الملزم على ارض الواقع الى غاية انتهاء مسطرة الطعن بحيث انه بمجرد انتهاء المسطرة الادارية، بصدور مقرر اللجنة الوطنية واصدار الجداول  الضريبية، تحرك مسطرة الاستخلاص من طرف القابض في مواجهة الملزم مع ما يترتب عن ذلك من حجز وبيع واكراه بدني بالرغم من سلوك الملزم مسطرة المنازعة القضائية التي تعتبر امتدادا طبيعيا لمسطرة المنازعة الجبائية المتبعة في اطار عملية التصحيح والتحقيق .

فالسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الشان هو كيف يتاتى التخلص من متابعة القابض الى حين استنفاذ طرق الطعن المخولة له قانونا؟
فالملاذ الوحيد الذي يمكن اللجوء اليه هو سلوك مسطرة ايقاف تنفيذ تحصيل الضريبة امام القضاء .
الا ان المحاكم الادارية لا تستجيب في غالب الاحيان لطلب الايقاف لعلة عدم تقديم الضمانات الكفيلة لتغطية الدين الضريبي، الامر الذي يجعل الملزم يتساءل عن الجدوى من سلوك المسطرة القضائية ما لم تقيه من متابعة القابض الى حين البت نهائيا في جوهر النزاع .

فهل يتعلق الامر والحالة هاته بفراغ تشريعي ام بتقصير في تفسير القانون؟
فبالرجوع الى القانون90-41 المحدث للمحاكم الادارية، نلاحظ ان المشرع اوكل صراحة للقضاء حق البت في طلبات وقف التنفيذ في اطار الفصلين 19 و24 من نفس القانون .
لكن المحاكم الادارية غالبا ما تستجيب لدفوعات الخازن العام الذي يتمسك بمقتضيات المادتين 11 و15 من ظهير21 غشت 1935 المتعلق بتحصيل واستخلاص الضرائب وغيرها من الديون العامة .

وباستقرائنا للفصل 11 يتبين ان تطبيق مقتضياته تقتصر على الموظفين المعنيين بالتحصيل الذين يمنع عليهم تاجيل استخلاص الضرائب ولا يجوز لهم قبول ادائها بالتقسيط الا بشرط تقديم ضمانات بشانها .
كما ان هذا الفصل لا يطبق الا في الحالة التي يتوجه فيها الملزم مباشرة الى القابض لمطالبته بتمديد اجل اداء الضرائب المستحقة .

اما بخصوص المادة 15 فان مقتضياتها لا تنطبق على مقتضيات مسطرة ايقاف التنفيذ المعروضة على انظار القضاء، وانما تخص الملزمين الذين يتوجهون مباشرة الى القابض لمطالبته بتاجيل اداء الضرائب بدعوى انها محط منازعة ادارية او قضائية .
وبالاطلاع على الفصل 15 يلاحظ انه ميز بين المطالبة والمرافعة .
وان المقصود بالمطالبة هي مسطرة المنازعة الادارية وبالمرافعة مسطرة المنازعة القضائية .

واذا اوجب المشرع استنادا الى ذات الفصل شرط تقديم الضمانات للاستفادة من ايقاف تنفيذ الامر بتحصيل الضريبة المنازع بشانها، فان هذا الشرط لا يطبق الا في مرحلة المطالبة الادارية وليس خلال المرحلة القضائية، وهذا ما يستشف من الشروط الخمسة المنصوص عليها في المادة 15 والتي تفيد ان الامر يتعلق بالمطالبة ليس الا .

وان عدم استجابة المحاكم لطلب ايقاف تنفيذ الاداء الى حين البت في جوهر النزاع يتعارض من جهة مع الضمانات الفعلية والقانونية الممنوحة للملزمين بمقتضى القوانين الضريبية الجاري بها العمل، ويتنافى من جهة اخرى والاهداف المنشودة من احداث المحاكم الادارية باعتبارها اداة فعالة في صيانة الحقوق .

وان تنفيذ الامر بتحصيل الضريبة قبل البت في جوهر النزاع يؤدي حتما الى حجز وبيع اموال الملزم، الامر الذي من شانه ان يتسبب في مضايقات وصعوبات مالية خانقة تحول دون استمرارية استغلال مؤسسته بصفة طبيعية ودون تمكينه من تنفيذ التزاماته ازاء مختلف دائنيه بما في ذلك تسديد اجور مستخدميه .

وان الاضرار الناجمة عن تنفيذ الامر بالتحصيل سوف لن تقف عند هذا الحد بل قد يتسبب في بعض الحالات في افلاس الملزم مع ما يترتب عن ذلك من عواقب وخيمة يصعب بل يستحيل الرجوع عنها او استدراكها اذا ما صرحت محكمة الموضوع بالغاء الضرائب المنازع بشانها .

ومن خلال مناقشاتها لمسطرة التنفيذ يمكننا القول بان النهج الذي سارت عليه المحاكم الادارية بخصوص شرط  تقديم الضمانات المنصوص عليها في المادة 15 من ظهير 21/8/35 لا ينطبق والتوجيهات الملكية السامية المضمنة في خطاب 8 ماي 1990 بمناسبة انشاء المجلس الاستشاري بحقوق الانسان حيث قال جلالته :
"…هناك الملفات الجبائية يجب ان يكون لكل مغربي الحق في ان يلجا الى الغرفة الادارية باقليمه ويقول اللهم ان هذا منكر لقد فرضوا علي ضرائب اكثر ما يلزم "
واضاف جلالته في نفس الخطاب : " ونطلب من المستثمرين ان ياتوا ليستثمروا عندنا ولكن اذا لم يعرفوا ان بلادنا تنعم بالسلم والضمان الجبائي فانهم لن ياتوا، وبقطع النظر عن الخارج والاجانب علينا على الاقل ان ننصف قبل كل شيء رعايانا ومواطنينا " .

هذا من جهة ومن جهة اخرى وباطلاعنا على مناقشات مجلس النواب لمشروع احداث المحاكم الادارية، اتضح لنا بكل جلاء ان تدخلات جميع الفرق البرلمانية بدون استثناء تصب في اتجاه اعطاء الملزمين امكانية ايقاف تنفيذ  استخلاص الضريبة عند وجود نزاع جدي في الموضوع (الجريدة الرسمية عدد 83 وتاريخ 30/9/1991 نشرة مداولات مجلس النواب دورة ابريل 1991).

من كل ما سبق عرضه يمكننا القول بان الملزم بالضريبة محق في الاستفادة من مسطرة ايقاف التنفيذ المنصوص عليها في المادتين 19 و24 من قانون 90-41 المحدث للمحاكم الادارية كلما تقدم بدعوى في الموضوع وفق الشروط المحددة قانونا وذلك بصرف النظر عن تقديم الضمانات المنصوص عليها في المادة 15 من ظهير 21 غشت 1935 .

وختاما لا يفوتني هنا ان انوه بالعمل الجبار الذي قامت به المحاكم الادارية خلال فترة وجيزة وذلك في مختلف انحاء المغرب، باصدارها احكاما تتسم بالجراة والانصاف ترسيخا لدولة الحق والقانون .

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 81، ص 47 .
Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : القانون الاداري