-->

خصومة التحكيم الدولي في المادة التجارية



الاستاذ شعيب المذكوري محام بهيئة المحامين بالدار البيضاء
دكتور في الحقوق واستاذ بكلية الحقوق بالدار البيضاء

مقدمة:
تثور منازعات دولية في المادة التجارية، ويحتاج الاطراف الى وسيلة فعالة لحل هذه الخلافات، فيلجاون الى التحكيم الدولي الذي يشغل  موقعا  هاما بين سائل فض المنازعات الدولية في المادة التجارية. ولكي يحقق التحكيم غايته في تسوية النزاع على نحو يرضي  الاطراف  يجب  تحديد  مسطرة  خصومة التحكيم وتحديد اختصاص المحكمين.
ومن جهة اخرى ورغم تعدد الموضوعات التي تشملها دراسات التحكيم، الا ان الدراسات التي تتناول خصومة التحكيم  لها  اهمية  خاصة ترجع الى انها  السبيل الاخير لفض هذه النزاعات.

وان التحكيم باعتباره نوعا من العدل الخاص المبسط المتحرر من اغلال الاجراءات القانونية الصارمة. يعتمد  في نجاحه  على  عدة  امور، اهمها،  ثقة اطراف النزاع وتفادي اوجه الغموض حينما يحتمل ظهورها من ناحية اخرى.
والطابع الرضائي للتحكيم ينبغي الا يؤثر على حياده، ولذلك فان من واجب اعضاء هيئة  التحكيم  الحكم  بالموضوعية  والبحث عن حلول للنزاع باساليب مقبولة لدى طرفيه.
وعلاقة بحياد الحكم واستقلاله اوكنتيجة طبيعة لذلك يطرح موضوع لايخلو من اهمية  ويتعلق بتجريح الحكم او تنحيته من تلقاء نفسه اوعزله من طرف المحتكمين. وهنا يبرز التشابه بين المحكم والقاضي فيما يخص  التجريح والتنحية تاكيدا للطبيعة القضائية للتحكيم،  غيران الامر  يختلف  بالنسبة  لعزل المحكم  الذي يخضع، عكس القاضي، لاتفاق الاطراف واراداتهم، مما يؤكد الطبيعة  التعاقدية للتحكيم في نفس الوقت.
وخصومة التحكيم هي جميع الاجراءات  التي تتم بين المحتكمين منذ عرض النزاع على المحكمين الى حين تنفيذ القرار التحكيمي.
واول ما يجب دراسته  في خصومة التحكيم هوالتساؤل الدولي حول سلطة المحكمين وحدود صلاحياتهم ومدى اختصاصهم.
ومن اهم ميزات التحكيم التي تساعد على كثرة  اللجوء اليه، المرونة في الاجراءات والسهولة في المسطرة، حيث يمكن للمحتكمين الاتفاق على تبسيط مسطرة خصومة التحكيم، وتثار في هذا الصدد النظرية التعاقدية للتحكيم، أي ان التحكيم ليس مثل القضاء العادي ، بل وليد ارادة الاطراف لحل النزاعات الناشئة بينهم بطرق حبية دون اللجوء الى القضاء.
ومما يؤد هذا الراي هوامكانية ان يبت المحكمون كوسطاء بالتراضي، أي ان يتحللوا من تطبيق القانون الوضعي والفصل وفق قواعد العدالة  وقانون الانصاف، بل ويحق للمحكمين اني يبتوا في صحة وحدود صلاحياتهم ومدى اختصاصاتهم عند التصدي لتفسير شرط اوعقد التحكيم.
وهكذا يتضح ان سلطات المحكمين واسعة خصوما اذا ا تفق الاطراف على ذلك.

ويجب الرجوع في تعيين  سلطات المحكم في خصومة التحكيم الدولية الى القواعد العامة للتحكيم الدولي بين الدول خصوصا فيما يتعلق بمدى تقيد المحكم باتفاق التحكيم، اللهم الا فيما يتناقض  والطبيعة الخاصة للنوع الاول من التحكيم.
كما يتعين تحديد مدى سلطة المحكم في مواجهة التدابير الانفرادية في عقود الاستثمارات الدولية وسلطة المحكم المفوض بالصلح الخاصة بتطبيق قواعد العدالة ومبادىء الانصاف. واخيرا لابد من التطرق الى سلطة هيئة التحكيم في مواجهة قرارات المهندس الاستشاري في مادة عقود البناء والتشيد الدولية.
وبهذا ننتهي من النقطة الاولى من ا لموضوع والتي خصصنا لها المبحث الاول وهي سلطات المحكم.
ييقى ان سلطة المحكمين هذه تمارس  في نطاق خصومة التحكيم فما هي مسطرة خصوة التحكيم الدولي في المادة التجارية؟
هذا هوا لجزء الثاني من هذه الدراسة  ونخصص لها المبحث الثاني تحت عنوان مسطرة خصومة التحكيم في المادة التجارية.
واول نقطة يجب دراستها  في هذا الموضوع هي ا لقواعد العامة لمسطرة خصومة التحيكم: ونتناول قواعد التحكيم وتحديد مسطرة خصومة التحكيم خصوصا في ميدان خاص مثل منازعت عقود البناء وا لتشييد الدولية، كما يطرح مشكل قانون الشكل والموضوع الواجب التطبيق، وكذلك قضاء الامور المستعجلة  في اطار خصومة التحكيم الدولي في المادة التجارية.
ومن جهة اخرى يمكن ان يتم التحكيم عن طريق منظمات اومكاتب او هيات اولجان دائمة  متخصصة، وهذا هوالطريق الاكثر استخداما في ا لوقت الحالي.
على اننا سوف نختار نماذج للتحكيم  المؤسسي وندرس مسطرة خصومة التحكيم الدولي في المادة التجارية وفق نظام اليونسترال والمركزالدولي لتسوية  المنازعات الاستثمارية وغرفة التجارة الدولية.
وهكذا يتجلى لنا منهاج البحث  حيث سوف نقسم الموضوع الى مبحثين وخاتمة على الشكل التالي:
المبحث الاول: سلطات المحكم في التحكيم الدولي في المادة التجارية.
 المبحث الثاني: مسطرة خصومة التحكيم الدولي في المادة التجارية.
خاتمة:
المبحث الاول: سلطات المحكم
يجب ان يتصف المحكم بالحياد والاستقلال، وان يكشف على الظروف التي قد تقدح باستقلاله وبعد ابرام عقد التحكيم الدولي في المادة التجارية. وعليه قبل ان ندرس سلطة المحكمين يجب التعرض لفرضية تجريح المحكم.

اولا: تجريح المحكم:
طالما ان المحكم يباشر مهمة قضائية قوامها الفصل بموضوع النزاع المعروض عليه، فيتعين والحال كذلك ان يكون مستقلا ومحايدا. وليس ثمة اتفاق في الفقه حول مفهوم الاصطلاحين. فاتجاه يرى ان الاستقلا ل (1) هو بالضرورة عدم ميل عاطفة المحكم تجاه احد الخصوم بعداوة اومودة يرجح معها عدم استطاعته الحكم بين الخصوم بالعدل والانصاف مما يقتضي تحرر المحكم من تاثير ا لخصوم مهما كان مصره سواء صداقة او قرابة اوحالة تبعية بين المحكم والخصم الذي اختاره، بينما الحياد (2) هو صفة تتصل بالعلاقة بين ا لمحكم وموضوع النزاع، أي لايكون للمحكم مصلحة بموضوع النزاع. ويذهب راي اخر الى ان الحياد هو موقف ذهني بينما الاستقلال يتعلق بالعلاقة بين الخصوم.
--------------------
Indépendance
Impartialité
المحكم المتصلة مثلا بالعلاقة التجارية او الاجتماعية وغيرها، وعلى ذلك فمن المتصور ان يكون المحكم مستقلا ولكنه منحار ضد احد الخصوم بسبب عقيدته ا لسياسية او كراهيته لجنسيته (3).
ومن زاوية اخرى المحكم محايدا في مجال التحكيم التجاري الدولي اذا كان يحمل  جنسية تختلف عن جنسية الخصوم مثال ذلك قواعد التحكيم بغرفة التجارة الدولية التي  تشترط ان يكون المحكم المرجح في حال التحكيم  ا لثلاثي يحمل جنسية تختلف عن جنسية  الخصوم.
7) ومن الصعوبة بمكان استنباط معيار يمكن الاستهداء به للوقوف على الحالات التي  اذا ما طرات تخول الخصم تجريح المحكم، وتوقع اجابة  الخصم اورفض طلبه من قبل ا لقضاء وكل ما يمكن القطع به لتجريح  المحكم  هوتوافر عنصرين : اولهما وضع يرجح عدم استقلال الحكم اوانحيازه، وثانيهما الانحياز الفعلي للمحكم ضد اولمصلحة احد الخصوم. بيد ان بعض الفقهاء (4) حاول التمييز بين الاستقلال والحياد في ان الاستقلال يكفي به الظهور بمظهر الانحياز وليس الانحياز  الفعلي على ا عتبار ان المعيار هو موضوعي يسهل تبينه. اما الحياد فيكفي فيه ا لظهور بمظهر المنحاز بل يتعين اثبات الانحياز الفعلي على اعتبار ان المعيار شخصي يصعب اثباته.
وازاء صعوبة استنباط المعيار المتقدم. فقد تبين من الوا قع العملي ازدياد الدعاوى المرفوعة من الخصوم بتجريح المحكمين،ويعزى ذلك الى انه في  كثير من الاحيان لايعين المحكم باسمه اوبصفته عند ابرام اتفاق التحكيم . ويتفق الطرفان على اسماء ا لمحكمين بعد نشوب النزاع  مما يحفز عملية عدم الثقة بالمحكم وخاصة المحكم المعين من الطرف الاخر، وفضلا عن ذلك فان الخصم الذي يتوقع ان يصدر الحكم ضده يتمسك بانحياز المحكم حتى يتفادى صدور الحكم ضده من اجل  ان تحال الدعوى على محكم جديد قد تكون فرصته معه افضل.

 وتقضي مهمة التحكيم الفصل بالدعوى متحليا باعتبارات العدالة والنزاهة، وبقدر رفعة مهمة المحكم  بقدر تساهل المشرع بالشروط المتعين توافرها  به (شخص طبيعي كامل الاهلية- مستقل ومحايد) ومن جانب اخر فهو محصن من دعاوي الاهمال المرفوعة عليه 
----------------
راجع التفاصيل بمرجع محيي الدين اسماعيل علم الدين حوله (( منظمة التحكيم التجاري)) الجزء الاول 1986 ص 57.
 راحع التفاصيل في مقال احمد عبد الرحمان حول عقد التحكيم التجاري المبرم بين المحكمين والخصوم منشور بمجلة الحقوق جامعة الكويت السنة 18 العدد 2 يونيو 1994 ص 214.
من الخصوم، وحكمه كقاعدة عامة لايستانف. ومما زاد الامر صعوبة انه ليس ثمة مستوى مهني يتعين توافره في المحكم. وعليه فان هذه الشروط العامة لا تشكل ضمانة كافية للخصوم، ذلك ان تشريعات الدول المتحضرة تستوجب حصول من يمارس عملا مهنيا. 
كالمحامي والطبيب والمحاسب والقاضي- على شهادة اوخبرة باعتبارها دليلا على مؤهلاته وكفاءته حتى اذا ما قدم  الخدمة الى الجمهور تكون حائزة على الحد الادنى من المستوى المطلوب، فاذا كان ذلك فانه من باب  اولى يتعين تطلب شروط اكثر في المحكم حتى تتوافر ضمانة كافية  لمستوى الخدمة التي تقدم للخصوم.
8) وتعتبر الشروط العامة المطلوب توافرها في المحكم متعلقة بالنظام العام، ومن ثم لايجوز الاتفاق على خلافها، بيد انه يحق للخصم التنازل عن حقه بطلب تجريح المحكم على اعتبار ان المحكم مثلا ولئن كان يعمل لدى الخصم الذي اقترح تعيينه. الا ان ذلك  في نظرالخصم الاخر قد لايقدح باستقلال اوحياد المحكم. وعليه يكون باطلا كل اتفاق يقضي بحرمان الخصم من طلب تجريح المحكم اذا ما ظهربمظهر منحاز، وهذه الشروط العامة تنطبق على جميع المحكمين بغض النظر عن طبيعة عملهم (تحكيم بالقضاء او بصلح) اوطريقة تعيينهم (5).
9) ومن الظواهر التي كثر حدوثها  اخيرا ظاهرة تجريح المحكم، فكلما وقع خلاف بين المحكم او هياة التحكيم وبين احد الخصوم لجا الخصم الى تجريح المحكم او الهياة. ومن الاسباب التي يطلب لاجلها التجريح وقوع المحكم في خطا في الاجراءات، اورفض المحكم السبب بالذات، دون الاسباب السابقة  يصلح وجها مقبولا لتجريح المحكم. وقد كان النظام الساري في غرفة التجارة  الدولية (6) طبقا للائحة المحكمة- ان تجريح المحكم يخضع لتقدير محكمة التحكيم العليا وهي تتخذ قرارها فيه دون ان تضع له اسباب ولا تذاع مداولاتها في شانه.
10) ويمكن القول ان المحكم يتمتع بسلطة تقدير الظروف التي تقدح باستقلاله وتستدعي الكشف عنها واضعا بالاعتبار طبيعة مصدر هذا الالتزام، للوقوف على المعيار الذي يستهدف به لتمييز الظروف الجوهرية التي يتوجب الكشف عنها، فقد يكون المعيار شخصيا خاصا بالمحكم وبالخصوم مثل ذلك ماورد في قواعد غرفة التجارة الدولية (7) 

---------------------------
الملحق بمجلة الحقوق ص 215 
 I.C.C. بالانجليزية.
 اسماعيل علم الدين مقال احكام التحكيم التجاري الدولي منشور في مجلة الميادين، كلية الحقوق، وجدة سنة 86 1 ص 147 
ظروف من المحتمل ان تكون ذات طبيعة  من شانها  ان تثير استقلال المحكم في نظر الخصوم.
وقد يكون معيارا موضوعيا بحتا خاصا بطبيعة تلك الظروف ولا شان لها بشخص المحكم، ومثل ذلك ما ورد في قواعد جمعية  المحامين الدولية ان معيار الرجل العادي في تقديرالظروف الذي لايعرف المحكم.
ومن المحتمل ان تؤدي الظروف في حد ذاتها  الى ظهور المحكم بمظهر الانحياز في تقدير الخصوم، الا ان الواقع العملي وحسب ماتعارف عليه الناس في بلد معين في معاملاتهم يدحض ذلك (8).

11) ويثير المحكم المرشح بالكشف عن الظروف التي قد تقدح في استقلاله اشكالا قوامه كيفية تبين المحكم ان طرفا يقدح باستقلاله في نظر الخصوم؟ الا يفترض ذلك على المحكم المسبق بالخصوم، وهوما يتوافر في ا غلب الاحوال، ولعل هذا المنهج يقود المحكم والمرشح في نهاية المطاف الى ا لكشف عن جميع الظروف والوقائع، مهمة اوتافهة،  في علاقته مع الخصوم اوموضوع الدعوى. ذلك ان الاخفاق في ذلك الكشف يوحي بالانحياز وربما يغدو ذلك سببا لتجريح المحكمين  حتى وان كانت الظروف غير المكشوفة في نظر الخصوم لا تبرر ا لتجريح.
واذا ما كشف المحكم المرشح على الظروف التي قد تقدح باستقلاله، فيكون للخصوم بعد ذلك تقرير اذا كان المرشح في نظرهم محكما مستقلا من عدمه، فاذا كان الرد بالايجاب- عين المحكم تعيينا نهائيا، وان كان الرد سلبيا بالنسبة لاحد الخصوم اوكليهما فيصار الى ترشيح محكم بدلا عنه. ويتعين على الخصوم معارضة تعيين المحكم او تجريحه بعد تعيينه بوقت معقول بعد معرفة تلك الظروف 
وان الاعتراض على وجود سبب من اسباب تجريح المحكم من احد الخصوم بعد صدور الحكم يفضل عدم التوسع فيه. بل ا لتضييق منه لصالح المحكم، خاصة اذا كانت الظروف التي لم يكشف عنها تتعلق بعلاقة غير مباشرة بين الخصم والمحكم او موضوع الدعوى اوكانت مؤقتة غيردائمة، اوفات عليها وقت طويل، وكان المحكم ذا سمعة حسنة اواذا كان المحكم غير عالم بها.
----------------------
الملحم ص 237.
ثانيا: سلطات المحكم
12) يجب الرجوع في تعيين سلطات المحكم في خصومة  التحكيم الدولية في المادة التجارية الى القواعد العامة للتحكيم الدولي بين الدول. خصوصا فيما يتعلق بمدى تقيد الحكم باتفاق التحكيم.
كما يتعين تحديد مدى سلطة المحكم في مواجهة التدابير الانفرادية في عقود الاستثمارات الدولية، وسلطة المحكم المفوض بالصلح الخاصة بتطبيق قواعد العدالة ومبادىء الانصاف.

واخيرا لابد من التطرق الى سلطة  هيئة التحكيم في مواجهة قرارات المهندس الاستشاري في مادة عقود البناء الدولية.
13) وفيما يخص مدى تقييد المحكم باتفاق التحكيم يمكن الاسترشاد بالتحكيم الدولي بين الدول:
فمن المجمع عليه في الفقه وا لعمل الدولي، ان دور المحكم الدولي ينحصرفي تسوية الخلاف وفقا للقواعد التي رسمها اتفاق التحكيم: بمعنى انه لايملك الفصل الا في المسائل محل الخلاف التي عرضها عليه هذا الاتفاق، وعلى اساس من تطبيق المبادىء القانونية التي اوضحها الاطراف في اتفاقهم. وهذا المبدا ياتي نيتجة لقاعدة ان الاطراف لاتلجا الى التحكيم الا بمحض رضائها.

وقد فسر ذلك بان محكمة التحكيم هيئة انشئت لتحقيق غرض معين، وان المصدر المنشىء لها هوارادة الاطراف المعبر عنها في اتفاق التحكيم، الذي حدد فيه دائرة المسائل التي تدخل في سلطة المحكمة، وعلى ذلك ليس لمحكمة أي وجود خارج هذه الدائرة.
واذا كانت القاعدة ان المحكم  مقيد بمراعاة حدود اتفاق التحكيم فان من المتفق عليه، الى جانب هذا ضرورة الاعتراف له بقدر من الحرية  في  تطبيقه لهذا الاتفاق اذا ما اقتضى ذلك حسن مباشرته لوظيفته القضائية، فقد يحدث ان يكون من شان التقيد المطلق بما ورد في اتفاق التحكيم من شروط واجراءات، اعاقة المحكم عن انجاز مهمته القضائية على خيروجه. لذلك فانه في مثل هذه الحالة  ينبغي الاعتراف له بحق تجاوزها بالقدر الضروري للقيام بعمله، دون ان يكون في حاجة الى الرجوع الى واضعي اتفاق التحكيم، أي اطراف الخلاف، ذلك لان المحكم قاض (9) وليس بوكيل (10).
-------------------------
Juge 
10) Mandataire
14) ويجب على الاطراف ان يقدموا للمحكمة كافة العناصر والتسهيلات الضرورية بمافي ذلك سلطة الفصل وفقا لمبادىء العدل والانصاف، وذلك تجنبا لاضطرار المحكمة الى رفض القضية معلنة لعدم كفاية الوقائع اوالقانون (11).
وذلك تطبيقا للقاعدة  العرفية التي تقر للقاضي والمحكم سلطة الفصل في اختصاصه الخاص (12) ومقتضاه ان يقوم المحكم تبفسير اتفاق التحكيم لاجل تطبيقه ويكون له الفصل فيما اذ كانت مسالة معينة متنازع فيها تداخل في اختصاصه ام لا.

ويحدد في اتفاق التحكيم مدىاختصاص وسلطات المحكمة،فتتضمن تعريفا للخلاف الذي ستفصل فيه المحكمة وبيانا  للمسائل المطلوب منها تقديرها، ويحدد فيه القواعد اوالمبادىء التي تطبقها المحكمة في تسوية  الخلاف، وقد يكون ذلك ببيان هذه القواعد اوالمبادىء التي تطبقها المحكمة في تسوية  الخلاف، وقد يكون ذلك ببيان هذه القواعد والمبادىء بالتحديد  اوقد يقتصر  على الاشارة، بصفة  مجردة الا ان المحكمة تفصل  وفقا لقواعد القانون، وقد يضاف الى ذلك  ايضا امكانية الفصل وفقا لمبادىء الانصاف والعدالة.

وقد ينص في ا تفاق التحكيم على تخويل المحكم  سلطات واسعة بان يفصل كحكم طليق، أي ان يعطى امكانية اصدار حل تصالحي مستوحى من اعتتبارات غيرقانونية  اوسياسية  اواقتصادية اواعتبارات الملاءمة عل سبيل المثال. وقد يعهد الى المحكمة الى جانب سلطاتها في تسوية الخلاف في السلطة في وضع لائحة نظامية للمستقبل  ويسمى التحكيم في هذه الحالة في نظر البعض  بالتحكيم  التنظيمي، ويعتبر المحكم مخولا سلطة تشريعية.
وينبغي ان يذكر بوضوح في الاتفاق، طبيعة السلطة المخولة  للمحكم، هل هي اصدار حكم نهائي فاصل في الخلاف، ام مجرد اصدار راي استشاري؟ وان تحدد فيه المدة التي تمارس فيها  المحكم سلطاته (13). ويمكن تطبيق هذه المقتضيات الخاصة بالتحكيم الدولي بين الدول على التحكيم الدولي  في المادة التجارية خصوصا فيما يخص مدى تقيد سلطات المحكم باتفاق التحكيم الدولي في المادة التجارية.
15) وفيما يخص مدى سلطة المحكم في مواجهة التدابير الانفرادية في عقود الاستثمارات الدولية قد تقدم الدولة الطرف في اتفاق الاستثمار على تاميم اونزع ملكية 
---------------------
وقد اقرنموذج قواعد اجراءات  التحكيم الذي وضعته لجنة القانون الدولي التابعة للامم المتحدة، الاخذ بهذه الفكرة، فقد اعطت المادة الثالثة  عشر منه  للمحكمة سلطة ان تضع بنفسها  نماذج اجراءاتها في حالة ما اذا كانت الاجراءات التي وضعها الاطراف من المستحيل على المحكمة اصدار الحكم.
compétence de la comlpétence
العناني ابراهيم محمد ((اللجوء الى التحكيم الدولي )) طبعة 1973 ص 113.
المشروع محل هذا الاتفاق، فهل تحول اعتبارات السيادة التي دفعت الدولة الى اتخاذ هذه التدابير دون عقد الاختصاص بسلطة التحكيم بالنظر في المنازعات الناشئة عنها؟ هل يجوز لهذه السلطة التحكيمية ان تراجع بواعث هذا العمل السيادي وان تحكم عند الاقتضاء بالغائه؟ افضحت العديد من الحكومات عن رفضها لاختصاص هيات  التحكيم  بالنظر في هذه الاجراءات ا لانفرادية التي تتخذها دولها بهدف تحقيق الصالح العام او في  اطارتحقيق برنامج  اقتصادي ذي نفع  عام (14).

هذا الاتجاه في ا لواقع، قابل للمناقشة،اذ حتى لو  سلمنا  بان المنازعات التي تدور حول هذه الاجراءات لا تقبل بطبيعتها ان تكون محلال للتحكيم، فالوجه الاخر لهذه الاجراءات انها تتضمن اغفالا للالتزامات التي ارتضتها الدولة والمتولدة عن العقد نفسه الذي ابرمته مع الطرف الاخر(15).
16) وفي مجال القضاء التحكميي، فلم يكن شاغل هذا القضاء في قا بلية اوعدم قابلية المنازعات الناجمة عن التدابير اوالاجراءات الانفرادية التي تتخذها  الدولة للتسوية بطريق التحكيم، وانما تركز البحث اساسا حول ما اذ كان لجهة التحكيم المعنية سلطة الحكم على هذه الدولة بتنفيذ عين التزاماتها التي جاءت تلك الاجراءات  ناقضة لها، او معدلة فيها، ام ان الاختصاص هنا ينحصر في جبر الضرر الناجم عنها بطريق التعويض وتحديد مداه؟
هذه المسالة  كانت احد المحاورالهامة التي دار حولها قضاء التحكيم في قضايا التاميمات الليبية (16).
والاجراءات  الانفرادية التي تتخذها الدولة بهدف وضع حد للالتزامات او تعديل هذه الالتزامات، لا تخرج بطبيعتها من اختصاص قضاء التحكيم. وان مبادىء القانون الدولي لا تحول دون تقرير حق الطرف المضرور في ان  تقوم الدولة، الطرف ا لاخر في العقد، بتنفيذ عين التزاماتها التي  يرتبها هذا العقد، ما لم يكن ذلك التنفيذ بطيبعته اوبحسب ظروف الحال  يتصف بالاستحالة المطلقة.
-------------------------
فقد ذهبت الحكومة اللبنانية الى ان المنازعات بهذه الاجراءات لا تدخل في اطار شرط التحكيم المنصوص عليه في عقد الامتياز، فالجهة المانحة للامتيازتستطيع، بما لها من سلطات سيادته، تعديل شروط العقد بارداتها المنفردة.
وقد نحت هذا المنحنى ايضا الحكومة الاريانية امام محكمة العدل الدولية بحجة ان تاميم صناعة البترول المرتبط بممارسة الدولة الايرانية لسيادتها من السمائل الغير قابلة للتحكيم.
عصام الدين القصبي ((خصومة التحكيم في مجال منازعات الاستثمارات 1993 ص 171.
 عصام الدين رقم  76
--------------------------
اما فيما يتعلق بسلطة المحكم بالصلح، فمن خصائص التحكيم مع التفويض بالصلح والمميزة له عند التحكيم العادي، ان المحكم لايكون ملزما باعمال حكم القانون على المنازعة المختص بالفصل فيها، فهو يكون في حل من تطبيق أي قانون وضعي.
وهذا ما يفهم مباشرة من النصوص التشريعية المنظمة لهذا النوع من التحكيم. 
فالمادة 1474 من قانون المسطرة المدنية الفرنسية الجديد تنص صراحة على ان الذي يلتزم بالفصل في النزاع (طبقا  لقواعد القانون) هوفقط  المحكم العادي، دون المحكم المفوض الذي نص في المادة 377 على انه  يمكن للاطراف ان يقرروا الفصل بانصاف كوسطاء، بالتراضي دون التقييد بالقوعد القانونية.

والتحكيم مع التفويض بالصلح ثغرة في جدار التطبيق الملزم للقوانين الوضعية، ومن خلالها يزدهر نجم العقد الحر، الذي يستمد قوته  الملزمة من ذاته، ومن ارادة المحكم لانه عندما يكون المحكم، مفوضا بالصلح فهو لايكون ملزما بتطبيق القواعد القانونية، واذا قرر، عند وجود المنازعة، اعتبار العقد صحيحا، فان ارادته تكون هي اصل القوة الملزمة للاتفاق (17).

وقد جاء باحد العقود الدولية المبرمة بين مشتري مغربي وبائع من احدى الدول الاوربية (البند 12 من العقد ) ، انه "يجب على محكمة التحكيم ان تقضي كمفوضة بالصلح، ولا تكون ملزمة بتطبيق لا تشريع البائع ولا تشريع المغرب (18)، وعقد كهذا لابد انه خارج عن سطوة كل القوانين التي على صلة بها، وذلك لانه خاضع لنظام التحكيم مع التفويض بالصلح اوعلى مايعبر البعض (19) من الفقه، فانه، (اذا كان يبدو مستحيلا) من الناحية القانونية، ان عقدا يمكن ان ينتزع من كل تشريع وضعي، فان الرجوع او الالتجاء، الى محاكم التحكيم التي تقضي كمفوضة بالصلح يظل مؤديا الى  نتائج معادلة من الناحية العملية أي الى انتزاع العقد من كل قانون اوتشريع وضعي وذلك نتيجة طبيعية لتحلل المحكم المفوض بالصلح من اعمال حكم القانون، والاستناد في قضائه، الى فكرة العدالة.

واذا كان التحكيم مع التفويض بالصلح يخرج العقد الدولي من نطاق سلطات القوانين الوطنية ويخضعه لمبادىء العدالة، فان العدالة كفكرة، قد تبدوغامضة والرجوع الى العدالة ، يعني  الرجوع الى عادات التجارة الدولية وسائر القواعد التي تشكل القانون المادي للتجارة الدولية. 
---------------------
 17) Fouchard, Arbetrage commercial international, p 40
18)E. Loquin, l'amiable composition en droit  comparé et enternatinal n° 552
19)Loussouar  et Bourel. Droit du Commerce inteternational, p. 603
-------------------------------------------------
فالمحكم بالصلح المعفي من اتباع قواعد القانون لايؤسس الا نادرا قراره على اعتبارات بحتة تتعلق بالعدالة، بل وان كان لابد من القول من ان قضاء المحكم المفوض بالصلح يقوم على اساس على العدالة، فان "العدالة تحيل الى مجموعة من قواعد القانون ملائمة للقضية، وهي تشمل عادات واعراف انشاتها الاوساط المعنية " (20).

واذا كان العقد الدولي الطليق، هوذلك الذي يفلت، فقط من قواعد القانون الوضعي  الوطني للدول المختلفة، وان ظل خاضعا لقواعد قانونية اخرى، مصدرها عادات واعراف التجارة الدولية، وا لقواعد الموضوعية ذات النشاة التلقائية، فانه يمكن القول بان هناك نظاما قانوناي جديدا، غير نظام القانوني  للدولة، يخضع له ا لعقد الدولي، المحرر من سلطان هذا النظام الاخير(12).

اما فيما يخص سلطة هيئة التحكيم في مراجعة قرارات المهندس الاستشاري في مادة عقود البناء الدولية، فقد يطرح النزاع على هيئة من هيئات التحكيم ، في حالة عدم موافقة احد طرفي النزاع على قرارات المهندس الاستشاري، وايا كانت جهة التحكيم المعروض عليها النزاع، فان ايا من الطرفين لا يكون مقيدا بالشهادة اوالحجج التي طرحت على المهندس الاستشاري للحصول على قراره، لذلك فان للمحكمين السلطة الكاملة في فحص ومراجعة أي قرار يكون المهندس الاستشاري قد اتخذه، واي تقديم قدمه يكون متصلا بالنزاع. ولايتعتبر صدور قرار سابق، من المهندس في شان النزاع المطروح على المحاكم مانعا من سماعه كشاهد.

وفي هذا لصدد تختلف شروط الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين (22) عن القواعد المقررة للجنة الامم المتحدة  للقانون التجاري الدولي بشان العقود الدولية لتشييد المنشات الصناعية (23) ذلك ان شروط الفيدك تفترض تدخل المهندس الاستشاري في تصفية النزاع في مرحلة سابقة على عرضه على التحكيم ، وبالتالي فانه يمتنع عليه الاشتراك في هيئة التحكيم، ولكن يجوز سماعه كشاهد، اما اذا لم يتدخل المهندس في تسوية النزاع قبل عرضه على التحكيم، وفقا للنظام المذكور، فانه يجوز تعيينه حكما (24).
-----------------------
سلامة احمد عبد الكريم (( نظرية العقد الدولي الطليق)) 1989 ص 249
 سلامة رقم 264
F.I.D.I.C
 Uniciral
24)لدليل القانوني للجنة الامم المتحدة للقانون التجاري الدولي بشان صياغة العقود الدولية لتشييد المنشات الصناعية 1988 ص 219 مشارا ليه في مرجع احمد شرف الدين حول (( درسات في التحكيم في منازعات العقود الدولية ص 19/20.
المبحث الثاني: مسطرةا لتحكيم الدولي في المادة التجارية
20) توجد قواعد عامة تطبق على التحكيم الدولي في المادة التجارية خصوصا فيما يتعلق بمسطرة التحكيم كمرحلة من مراحل خصومة التحكيم.
والى جانب هذه القواعد العامة، توجد قواعد خاصة بالتحكيم المؤسسي الدولي في المادة التجارية، قد تتفق وقد تختلف، فيما بينها من جهة، وبنيها وبين القواعد العامة من جهة اخرى.
وعليه سوف نقسم المبحث الى نقطتين اثنتين:
اولا- القواعد العامة لمسطرة التحكيم الدولي  في المادة التجارية
ثانيا: القواعد الخاصة لمسطرة التحكيم الدولي في المادة التجارية.

اولا: القواعد العامة لمسطرة التحكيم الدولي في المادة التجارية:
21) تتناول القواعد العامة للتحكيم الدولي  في المادة التجارية ادوارا عدة منها قواعد التحكيم، وتحديد اجراءات خصومة التحكيم خصوصا في مجال خاص مثل منازعات عقود البناء والتشديد الدولي، كما يطرح مشكل قانون الشكل  والموضوع الواجب التطبيق، وكذلك قضاء الامور المستعجلة في اطار خصومة التحكيم الدولي  في المادة التجارية.
22) فالبنسبة لقواعد التحكيم يعد الحكم من الوسائل التي يهتم اتفاق التحكيم، عموما بتنظيمها، فيحدد في اتفاق التحكيم المواعيد التي يجب صدور الحكم خلالها، والشكل الذي يصاغ فيه والاغلبية اوالعدد اللازم لصدروه. ونظرا لان المبدا المستقر الان هو ضروة تسبيب الاحكام. لذلك يجب على الاطراف اذا راوا عدم ضرورته، النص على  ذلك صراحة في اتفاق التحكيم، وقد يهتم الاطراف كذلك، بتوضيح مدى اتفاقهم حول مسالة علانية او سرية اصدارالحكم، وما اذا كان يمكن للمحكمة ان تصدر حكما تفسيريا بناء على طلب من جانب احد الاطراف، وما اذا كان التفسير يمتد الى تحديد الشروط التي تراعى في تنفيذ الحكم.
وينبغي توضيح مسالة نهائية الحكم ومدى امكانية مراجعته  والطعن فيه والاجراءات التي تتبع  في هذا الطعن، والجهة التي يتم الرجوع والطعن امامها والمدة المسموح بالرجوع اوالطعن خلالها.
ومن المبادىء المستقر عليها في قانون التحكيم الدولي، انه ا ذا لم يوجد نص مخالف في اتفاقات التحكيم، يتبع في اجراءات المداولة والحكم فانه يتم اتباع القواعد العامة التي سارعليها العمل القضائي والعمل الاتفاقي الدولي في هذا الخصوص، أي تلك القواعد التي تم تقنينها في الاتفاقات العامة الدولية بخصوص التحكيم.
ومن المسائل  التي يهتم اتفاق التحكيم  عادة بتوضيحها، تعيين ممثلي الاطراف ووكلائهم وكذلك تعيين المحامين والمستشارين وبيان دورهم وسلطاتهم، وايضا تحديد مصاريف ونفقات اجراءات التحكيم واجور المحكمين (25).
ويجب تحديد اجراءات خصومة التحكيم الدولي في المادة التجارية واولى المسائل الهامة في الاجراءات في تحديد لغة العمل صراحة في ا تفاق التحكيم، وفي هذه الحالة يجب اختيارمحكمين يعرفون هذه اللغة، والغالب ان يترك اتفاق التحكيم تحديد لغة العمل لتقدير المحكمة نفسها.
واجراءات التحكيم بالمعنى الدقيق، هي مجموعة القواعد التي يجب على المحكمة اتباعها في سير التحقيق وادارة المناقشة واصدارالحكم، وتختلف هذه الاجراءات تبعا لنموذج محكمة التحكيم.
وكقاعدة عامة، اتفاق التحكيم هو الذي يجب ان يبين قواعد الاجراءات التي تسير عليها المحكمة في نظرالخلاف، واحيانا يترك للمحكمة حرية تحديد  الاجراءات التي تسير عليها.

وتقضي القاعدة العامة بان يحدد اتفاق التحكيم نماذج الاجراءات، فيوضح الشكل الذي على اساسه يتم تبادل الاوراق والمستندات ومواعيد ذلك، ويهتم الاطراف ايضا، ببيان ما اذا كانت توجد ضرورة لاجراءات شفوية ثم بيان شروط ومواعيد سيرها وكذلك قد يعتني الاطراف ببيان مدى التزام المحكمة بمراعاة وقبول كافة وثائق الاثبات التي يستعين بها الاطراف.
واذا كان توجد ضرورة للامر باجراءات تحفظية فيجب ان ينص على ذلك في اتفاق التحكيم، اوينص على تخوي المحكمة امكانية اصدارهذا الامر اذا ما طلب منها ذلك، ويوضح كذلك في اتفاق التحكيم اجراءات الادخال  في الدعوى اوتدخل  الغير، حيث لا يمكن قبول ذلك الا اذا وجد نص صريح في الاتفاق يبين شروط الممارسة، ويحدد فيه كذلك مدى امكانية التعديل في القضية اوتقدم طلبات ودعاوي  فرعية (26)
--------------------
احمد شرف الدين ((درسات في التحكيم في منازعات العقود الدولية )) ص 117.
26) شرف الدين ص 114. 115 
---------------------------
24) وتوجد شروط خاصة لتحديد اجراءات اللجوء الى التحكيم في منازعات عقود البناء والتشيد الدولية، ويعد التحكيم في هذه المنازعات طريقا شائعا لتسويتها، وتنص قواعد الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين، الاعمال المدنية (27) على خضوع اجراءات التحكيم لقواعد التحكيم التي وضعتها لجنة الامم المتحدة للقانون التجاري الدولي (28).
وطبقا لشروط الفيدك (29) اذا اخفق المهندس الاستشاري في ان يوجه اخطارا بقراره الى طرفي النزاع خلال 48 يوما من طلب تدخله، اواذا لم يرتض ايا من طرفي النزاع قراره، فيجوز لايهما طلب احالة النزاع الى  التحكيم، ولكن يشترط  للبدء في ا لتحكيم ان يقوم طرف النزاع، الذي لي يقبل قرا ر المهندس الاستشاري، بابلاغ الطرف الاخر خلال سبعين يوما من المهندس برغبته في ا للجوء الى التحكيم (30)، ومتى تم هذا الابلاغ في المدة المحددة جاز للطالب ان يرفع الامر الى هيئة التحيكم دون التقيد باي مدة اخرى.
ويراعى ان عدم الاخطار بالرغبة في التحكيم خلال المدة المحددة، وان كان يجعل قرارالمهندس الاستشاري نهائيا وملزما للطرفين، الا ان لايمنع ايا منهما من اللجوء الى ا لتحكيم. ولكن لا يجوز لمحكمة التحكيم ان تنظر في ا لنزاع قبل مضي السبعين يوما المشار اليها (31).
ويجب ان يكون الاعتراض في الشكل المقرر قانونا نهائيا وقاطعا في رفع دعوى التحكيم (32). ومتى استوفى اللجوء الى التحكيم شروطه، فان اختصاص هيئة التحكيم بنظر النزاع يمتد الى كل ما يتعلق به بما في ذلك ما اصدره المهندس الاستشاري من قرارت اوتعلميات اوشهادات او تقديرات مما يتعلق بتنفيذ الاعمال حتى ولو لم تكن المنازعة فيها قد سبق عرضها عليه (33).
--------------------------------
شروط الفيدك
 اليونسترال 
مادة 67/1
 وخلال (70) يوما من انقضاء مدة (84) يوما السابقة التي كان ينبغي ان يصدر خلالها قرار المهندس.
 شرف الدين نص 17
 وقضي بانه لايكفي ان يقوم الطرف المتضرر بانذار الطرف الاخر بوجوب ايجاد حل للنزاع والا فانه سوف يلجا الى التحكيم ( حكم هيئة تابعة لغرفة التجارة الدولية بتاريخ  21/8/1958 منشور ملخصه في علم الدين ص 293 ).
 حكم صادر من هيئة تحكيم تابعة لغرفة التجارة الدولية صدر بتاريخ 21/8/1985 (منشورملخصه في علم الدين ص 293 ).

---------------------
25) وتطرح مشكلة قانون المسطرة الواجب التطبيق، فيلاحظ في هذا الصدد ان القوانين الوطنية المختلفة في تنظيمها لاجراءات التحكيم تخول محاكمها الوطنية سلطات واسعة فيما يتعلق  بالتحكيمات التي تتم على ارضها سواء ما يتعلق باسلوب اختيار الحكمين اوتعيين رئيس هيئة التحيكم، خاصة في حالات انتهاك احد الاطراف لافاق التحكيم اواحجامه على تعيين محكمة. كما قد توجب هذه القوانين ضرورة ايداع حكم المحكمين لدى كتابة  ضبط المحكمة كما قد يخول القانون محاكم الدولة سلطة الفصل في الطعن ببطلان الحكم سواء لاسباب خاصة باحكام التحكيم او لنفس  الاسباب الخاصة بالطعون في الاحكام القضائية ……. الخ.
هذه السلطات الواسعة يجب ان تقوم القرينة  القاطعة على ان الدول الطرف في النزاع قد ارادت اوارتضت الخضوع لها حتى يمكن القول بتنازلها عن حصانتها القضائية الكاملة، ولا يكفي للتدليل على ذلك رضاؤها بمجرد شرط التحكيم .
هذه الاعتبارات قد دفعت ببعض محاكم التحكيم الى البعد عن ربط التحكيم بقانون مسطري وطني معين ولجات الى تدويل التحكيم تمهيدا لاخضاعه مباشرة لاحكام القانون الدولي (34).

حقيقة الامر ان اللجوء الى قواعد القانون الدولي لتنظيم الجانب المسطري في التحكيم لايخلو من فوائد محققة، فبعيد عن مشكلة النفاذ الدولي للاحكام التي تستلزم بطبيعتها ضرروة مساندة الاجهزة القضائية الرسمية في الدولة المراد تنفيذ الحكم فيها، فان تطبيق القواعد المسطرية الدولية يخول لهيئة التحكيم حرية واسعة في تحديد اجراءات قانون مسطري وطني معين قد يترتب على اعماله، وخاصة ما يتعلق منه بالنظام العام، اهدار كل قيمة لاتفاق التحكيم، علاوة على تجنب للحساسيات الخاصة بالحصانة السياسية التي يمكن التذرع في مجال العلاقات التي تكون الدولة احد اطرافها.
وهذا ما يؤكد من ناحية اخرى على اهمية الاتفاقات الدولية تنشا اليات متكاملة للتحكيم الدولي كاتفاقية واشنطن 1965، كما يبين ايضا مدى الحاجة الى وضع صيغة دولية ملزمة لتنظيم الجانب المسطري في ا لتحكيم (35).
--------------------------
عصام الدين ص 17.
 عصام الدين ص 18 .
-------------------------
26) ومن الطبيعي ان تجد فكرة العقد الدولي  الطليق ارضا خصبة في مجال التحكيم التجاري الدولي، فالمحكم ليس حارسا على نظام وطني معين، حيث تكون له حرية كبيرة، في تفادي قواعد قانون الدولة التي قد تكون غير ملائمة (36).
وقد حاول نفر من الفقه الاعتراض على ذلك، فيقول الاستاذ (( مان)) (37) ان التحكيم كاي نظام من نظم القانون الداخلي لايوجد ولا تكون له الصفة القانونية ان لم يكن له اساس قانوني يرتكز عليه. وهذا الاساس لايوجد الا في نطاق قانون دولة مكان التحكيم، ولما كان القانون الدولي الخاص هو من نظم القانون الوطني فكذلك التحكيم، الذي لابد ان يكون تحكيما وطنيا، أي يخضع لنظام خاص في قانون وطني معين.
ان كل تحكيم يخضع بالضرورة لقانون احدى الدول الخاص لدولة محل التحكيم (38) فان البعض الاخر، قد مال الى القول بان القانون واجب التطبيق على موضوع النزاع، يجب ان يتم تحديده استنادا الى قواعد القانون الدولي الخاص، السارية في الدولة التي تنعقد فيها محكمة التحكيم للنظر في النزاع المعروض (39 ).
على ان هذا الراي، ليم يلق قبولا لدةى الدوليين (40) من انصار التحكيم التجاري، وا لقانون الموضوعي للتجارة  الدولية.
فالواقع الذي يعيشه التحيكم، يشجع على القول بان المحكم ليس له نظام اسناد معين (41) وعلى هذا، فان المحكم ليس تحت تصرفه مايمكن تسميته بقانون القاضي (42) اوقانون  لتحديد الاختصاص التشريعي (43) يستمد منه قواعد تنازع القوانين. باعبتاران التحكيم ليس من خلق الدولة (44) ولا يسهر على العمل على احترام القواعد الامرة في نظام قانون معين، يؤدي الى ترك مجال واسع، وحرية كبيرة في اختيار النظام القانوني     
-------------
Fouchaud op cit n° 580
راجع التفاصيل في مرجع سلامة احمد عبد الكريم (( نظرية العقد الدولي الطليق 1989 رقم 240
Lex internationalistes
سلامة احمد عبد الكريم (( نظرية العقد الدولي الطليق رقم 226/227 

Les internatinalistes 
 Systéme de rattachemment 

Lex Fori

 Loi de compétence législative 

Création étatique 

الملائم لحكم المنازعة  المطروة غيرمقيد بهذا اوذلك ، من انظمة القانون الدولي الخاص، او قواعد الاسناد فيها (45).
27) ويعرف التحكيم الدولي، بانه ذلك النظام الذي يفصل في المنازعات المتعلقة بالتجارة، والمبادلات الاقتصادية الدولية، اوهو كما عرفته المادة 1492 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي الجديد لعام 1981، فانه التحكيم الذي يتصل بمصالح التجارة الدولية.
بيد ان مفهوم التحكيم، على هذا النحو، يقود المحكم الى العمل ، دائما على اختيار القواعد القانونية التي تفصل من ناحية في النزاع، وتخدم من ناحية اخرى المصالح الحيوية للتجارة الدولية بغض النظر عن النظام القانوني، الذي يمكن ان تستقى منه تلك القواعد، وقد يشجعه على ذلك افتقاره لنظام اسناد اوقواعد تنازع تلزمه بتطبيق قانون وطني معين.
ولايخفي الفقه (46) التحليل السابق، فهو يرى ان (( الالتجاء الى التحكيم الدولي يعتبر في حد ذاته وبصفة  عامة اداة للرجوع الى المبادىء العامة للقانون الدولي حتى ولو كان تطبيق هذه المبادىء لم يكن محلا لشرط صريح )) كما يعتبر ادراج شرط التحكيم في عقود التجارة  الدولية، دليلا على الرغبة  في تطبيق قانون ذاتي ومستقل يلائم تلك العقود.

ان المحكمين لاسيما اذا كانوا من رجال القانون يفضلون عندما يكون ذلك مستطاعا بناء قراراتهم على تدليل قانوني مجرد اوعلى افكار وقواعد معترف بها عموما، اوعلى الاقل مشتركة من مختلف النظم القانونية المعنية بالنزاع، وهذا يعطي حلولهم طابعا اكثر عالمية من من ناحية، ويجنبهم اتخاذ موقف من قانون وطني محدد، يمكن ان يكون مختصا، من ناحية اخرى (47).
فلا شك ان الالتجاء الى ا لتحكيم، وتعيين الاطراف لقضائه له دلالات في اتجاه الاطراف الاخضاع النزاع للقانون الذاتي للتجارة الدولية، والذي يتكون من عادات واعراف، وقواعد تعاونية (48) تنشا بطريقة تلقائية داخل المجتمع الدولي للتجارة ورجال الاعمال، فكان من يختار قاضيا معينا يختار قانونه (49).
------------------------------------------
Loussouan et Bourel, droit du commerce inter n° 34.
راجع التفاصيل في مرجع سلامة السابق ص 230 و231 
Fouchard op cit n° 624.
 Normes corporatives.
Qui éligit judicem eligit jus
-------------------------------------------
بل ان البعض يقول بان تطبيق تلك القواعد الذاتية المكونة للقانون الموضوعي اوالمادي للتجارة الدولية (50)(( يصبح واجبا بمجرد اللجوء الى التحكيم التجاري الدولي، وعلى نحو اكثردقة، بمجرد تضمين العقد الدولي شرطا للتحكيم،فبمقتضاه يوضع العقد، حتما وبطريقة ضمنية، في دائرة بعض المبادىء وبعض القواعد الواجبة التطبيق تلقائيا وبنحو كامل عل مثل هذا النوع من العلاقات القانونية.
ويلاحظ ان ا لاطراف في العقود الدولية يرغبون، عادة في تخطي اوالعلو على، كل نظام قانوني محدد لدولة، وللعمل على تسوية مايتولد بينهم من منازعات، بواسطة محكم دولي حقيقي، يطبق مباشرة نظاما قانونيا فوق وطني (51) يستمد من اعراف وعادات التجارة الدولية.
واذا كان التحكيم يعد اداة فعالة في تقليص نفوذ النظم القانونية الوطنية، على هذا النحو، فلا غروانه يعد من صناع العقد الدولي الطليق، اوعلى الاقل فهو قد فتح الطريق امام نزع العقد الدولي من نظم القانون الوطني، كي يخضع للقانون المادي للتجارة الدولية (52).

28 ومن التطورات الحديثة في موضوع التحكيم التجاري الدولي ضرورة انشاء "نظام قضائي للامور المستعجلة في التحيكم"، ولايزال هذا النظام يلقى معارضة من مندوبي بعض الدول اثناء دراسته - فمثلا المانيا الاتحادية تعارضه تماما والسويد تشك في جدواه ، كما تشكك كثيرون في دراسته في امكان تنفيذ القرارات المستعجلة سواء اختيارا اواجبارا.
وتثور حول قضاء الامور المستعجلة في التحكيم مشاكل عديدة وتساؤلات نطرح هنا بعضها.
اذا قام احد الاطراف بتنفيذ اجراء امر به المحكم وترتب عليه ضرر للطرف الاخر، هل يكون ذلك الطرف مسؤولا عن الضرر؟ 
ان الاجراء المستعجل يكون عادة سابقا على نظر الدعوى الموضوعية فهل يفقد الاجراء المستعجل الذي امر به المحكم قيمته عندما يبدا المحكم الذي ينظرالدعوى الموضوعية عمله، ام يظل محتفظا بقيمته رغم سيرالدعوى الموضوعية امام محكم اخر؟ وهل يكون الراي واحدا بالنسبة لجميع انواع الاجراءات المستعجلة ام يختلف حسب طيبعة 
----------------------------
La lex mercatoria
 Supra national
سلامة رقم 248.
اونوع الاجراء ؟ واذاكان المقرر ان يفقد الاجراء المستعجل قيمته فماذا يكون الحال اذا صدر حكم في موضوع التحكيم ولكن الغته  المحكمة.
ان بعض القوانين تجعل اتخاذ الاجراءات المستعجلة من سلطة محاكم الدولة، فكيف يمكن المواءمة بين هذه القوانين وبين النظام المقترح؟ وهل يجوظز الجمع بين النظامين اوان يلجا احد الطرفين الى جهة، ويلجا الطرف الاخر الى الجهة الاخرى؟
ويثير نظام الامورالسمتعجلة في التحكيم مشكلة خطيرة اذا امرالمحكم المستعجل باداء قيمة خطاب ضمان صادر من بنك الى مستفيد، ثم اتضح عند نظر الموضوع امام محكم اخر ان المستفيد لم يكن على حق في اقتضائها، وتعذر على ا لبنك استرداد القيمة منه لسبب او لاخر، فما هوالاخر؟
ان المحكم المستعجل يعتبر من حيث الاثر كما لو كان حكما نهائيا باداة ذلك المبلغ، ولاشك في انه يجب وضع ضمانات لازالة اثر الحكم المستعجل اذا لزم عند نظرالموضوع، مثل الزام من صدر لصالحه الحكم المستعجل بان يقدم ضمانا كافيا للطرف الاخر(53).
ثانيا: القواعد الخاصة لمسطرة التحكيم الدولي في المادة التجارية:
29) يمكن ان يتم التحكيم عن طريق منظمات اومكاتب اوهيات اولجان دائمة متخصصة، وهذا هوالطريق الاكثر استخداما في الوقت الحالي، وتوجد هذه المنظمات في الدول العربية والدول الشرقية (الاشتراكية) سابقا على السواء.
فمن امثلة الهيات الموجودة بالدول العربية:
1)محكمة التحكيم بغرفة التجارة الدولية بباريس
2) محكمة التحكيم بلندن
3) محكمة التحكيم لدى غرفة التجارة بزيوريخ.
4)هيئة التحكيم بغرفة التجارة في استكلهم.
المعهد الهولندي للتحكيم
 المعهد السويسري للتحكيم الفني - الصناعي (54).
وسوف ندرس قواعد التحكيم وفق نظام اليونسترال والمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثماروغرفة التجارة الدولية.
----------------------------
علم الدين المقال السابق ص 146
 ابو زيد رضوان (( الاسس العامة للتحكيم التجاري الدولي 1981 ص 11 ه 20و 29.
------------------------------  
(ا) المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار
30) انشىء هذا المركز بمقتضى اتفاقية البنك الدولي لتسوية منازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الاخرى لتقديم خدمات التوفيق والتحكيم في المنازعات الاستثمارية اذا كان احد طرفيها دولة وافقت على اختصاص المركز بنظر النزاع، ولاتلزم أي دولة بفرض منازعاتها على المركزحتى ولو كانت موقعة على الاتفاقية المذكورة، الا اذا قبلت اختصاصه بنظر النزاع بعد حدوثه ويجوز للدولة ان تشترط لاختصاص المركز بنظر النزاع استنفاد وسائل التقاضي الداخلية لديها، ويقتصر اختصاص المركز على المنازعات القانونية الناشئة مباشرة على استثمارمعين .
واذا اتفق المتنازعون على احالة النزاع الى تحكيم المركز الدولي فان هيئة التحكيم تتكون من عدد فردي من المحكمين يعينهما الاطراف، وفي حالة عدم اتفاقهم على عدد المحكيمن اوعلى طريقة تعينهم، فان الهيئة تتكون من ثلاثة محكمين يعين كل طرف واحدا ويختار الثالث باتفاقهما خلال مدة معينة والا قام رئيس المجلس الاداري للمركز بتعيين المحكمين من القوائم التي يحتفظ بها المركز، ويتطلب النظام ان يكون اغلبية المحكمين من جنسيات اخرى غيرجنسية المتنازعين (55)
31) والنسبة لتكاليف التحكيم فان تحديدها يتم في حدود ما قرره المجلس الاداري، ويجوز للاطراف الاعتراض على التحديد الذي تقوم به السلطة المختصة به في شان النزاع المطروح، وتملك هيئة التحكيم سلطة توزيع النفقات والمصاريف بين الاطراف ما لم يكن هناك اتفاق بينهم على ذلك.
وبالنسبة للقواعد الاجرائية المتبعة امام هيئة التحكيم فان نظام المركز يتضمن قواعد يمكن لاطراف النزاع الاخذ بخلافها والا طبقت قواعد المركز النافذة في تاريخ اتفاق الاطراف على احالة النزاع الى التحكيم، واذا استجدت أي مسالة اجرائية لم تتناولها القواعد المذكورة اوالتي اتفق عليها الاطراف، فتختص هيئة التحكيم بالفصل فيها (56)
اما فيما يتعلق بالقانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع فهو يتمثل فيما اتفق عليه الاطراف، فاذا فشلوا في تحديد هذا القانون فانه الهيئة تطبق قواعد القانون الداخلي للدولة المتعاقدة الطرف في النزاع بما فيها قواعد تنازع القوانين اضافة الى قواعد القانون الدولي الممكن تطبيقها في النزاع (57) ولا يجوز للمحكمة ان تمنع عن الفصل في أي 
-----------------------
شرف الدين ص 40
 شرف الدين ص 41
 الفصل 42/1
---------------------------
موضوع من موضوعات النزاع بمقولة عدم  وجود قواعد قانونية تحكم الموضوع لغموض القواعد الموجودة (58) ولايجوز للهيئة ان تفصل في النزاع وفقا  لقواعد العدالة والانصاف، الا اذا وافق الاطراف على ذلك (59).
32) وكما هو ظاهر فان نظام المركز يتيح الفرصة لهيئة التحكيم لكي تطرح القانون الداخلي للدولة المضيفة للاستثمار وتطبيق قواعد القانون الدولي، ربما كان هذا هو السبب في عدم انضمام بعض دول امريكا اللاتينية الى اتفاقية المركز الدولي التي ترى في نظامه  انحياز لوجهة النظر الغربية، فالذي يستفاد من نص المادة 42/1 من الاتفاقية المذكورة ان لهيئة التحكيم ان تدخل تعديلات تقتضيها مبادىء القانون الدولي على مضمون القانون الذي اختاره الاطراف لكي تطبق على النزاع.
ويصدر قرارالتحكيم باغلبية اصوات اعضاء هيئة التحكيم، ويجب ان يكون مسببا ولا يجوز نشره بدون موافقة الاطراف، والقرار نهائي لايجوز الطعن فيه بغيرالطرق المنصوص عليها في الاتفاقية وتحت اشراف المركز (60)، والقرار لا يخضع لمراجعة المحاكم الداخلية في الدول المتعاقدة، كما ان القرار ملزم لاطراف النزاع، وتلتزم الدولة المتعاقدة بتنفيذه كما لو كان حكما نهائيا صادرا من محاكمهما طبقا لقواعد تنفيذ الاحكام النافذة فيها (61).
(ب) قواعد التحكيم وفقا لنظام اليونسترال:
33) اذا اتفق طرفا المنازعة على احالة المنازعات الناشئة  عن العقد بينهما الى التحكيم وفقا لنظام التحكيم الذي وضعته لجنة المتحدة للقانون التجاري الدولي، وجب تسوية هذه المنازعات  وفقا لهذا النظام مع مراعاة التعديلات التي قد يتفق عليها الطرفان كتابة، وتحكم قواعدالنظام  التحكيم الا اذا وجد تعارض بين قاعدة فيها مع  نص من نصوص القانون الواجب التطبيق على التحكيم مما لا يجوز للطرفين مخالفته، ففي هذه الحالة يطبق هذا النص.
34) وتقوم قواعد اجراءات التحكيم وفقا لنظام اليونسترال على اساس ان لهيئة التحكيم ممارسة مهمتها التي تراها شريطة ان تعامل الطرفين على قدم المساواة وان تهيء لكل منهما في جميع مراحل الاجراءات، فرصة كاملة لعرض وجهة نظره 
---------------------------------
الفصل 42/2
 الفصل 42/3
 في شان تعديل القراروتفسيره واعادة النظر فيه والغائه.
شرف الدين ص 42
----------------------------------
  واذا لم يتقدم أي من الطرفين بطلب لعقد جلسات لسماع شهادة الشهود والخبراء وسماع المرافعات الشفوية، فان هيئة التحكيم تقررها ما اذا كان من الاوفق عقد تلك الجلسات او السير في الاجراءات على اساس الوثائق وغيرها من المستندات، وتكون جلسات المرافعات الشفوية وسماع المقدمة اورفضها وتقدير وجود صلة بينها وبين موضوع الدعوى اوانتفاء هذه الصلة واهمية الدليل المقدم. واذا لم يتفق الطرفان على امكان اجراء التحكيم تتولى هيئة التحكيم تحديد هذا المكان مع مراعاة ظروف التحكيم ويصدر قرار التحكيم في مكان اجراء الحكيم (62).

35) وبالنسبة للتدابير الوقائية المؤقتة يجوز لهيئة التحكيم ان تتخذ بناء على طلب احد الطرفين، ماتراه ضروريا منها في شان الموضوع محل النزاع، ووفقا لقواعد اليونسترال لايعتبر الطلب الذي يقدمه احد الطرفين الى سلطة قضائية باتخاد تدابير مؤقتة مناقضا لاتفاق التحكيم اونزولا عن حق في التمسك به.
36) وتطبق هيئة التحكيم على موضوع النزاع القانوني الذي يعينه الطرفان، فاذا لم يتفق على تعيين هذا القانون تطبق هيئة التحكيم القانون الذي تعينه قواعد تنازع القوانين التي ترى الهيئة انها الواجبة التطبيق في الدعوى.
ولايجوز لهيئة تحكيم الفصل في النزاع وفقا لمبادىء العدل والانصاف اوكحكم  غيرمقيد باحكام القانون الا اذا خولها الطرفان ذلك صراحة وكان القانون الواجب التطبيق على اجراءات التحكيم يجيز هذا النمط من ا لتحكيم، وفي جيمع الاحوال  تفصل هيئة التحكيم في النزاع وفقا لشروط العقد وبمراعاة الاعراف التجارية السارية  على المعاملة.
37) وتصدر هيئة التحكيم القرارات والاحكام باغلبية المحكمين في حالة وجود ثلاثة محكمين، فيما عدا مسائل الاجراءات حيث يجوز ان يصدر القرار من المحكم الرئيسي وحده اذا لم تتوافر الاغلبية او اذا اجازت هيئة التحكيم ذلك، ويصدر قرار التحكيم كتابة ويكون نهائيا وملزما للطرفين ويتعهد الطرفان بالمبادرة الى تنفيذه دون تاخير، ولا ينشر قرارالتحكيم الا بموافقة الطرفين.
38) واذا اتفق الطرفان قبل صدور قرارالتحكيم على تسوية تنهي النزاع كان لهيئة التحكيم اما ان تصدر امرا بانهاء، الاجراءات واما ان تبت التسوية، بناء على طلب احد الطرفين وموافقتهما على هذا الطلب، في صورة قرارتحكيم بشروط متفق عليها (63).
-----------------------------
شرف الدين ص 38.
------------------------------
(ج) نظام التحكيم وفقا لقواعد التجارة الدولية:
39) - يقوم هذا النظام على ثلاثة اجهزة : محكمة تحكيم وامانة عامة و لجان وطنية (64) ويمكن تطبيق قواعد هذا النظام على منازعات جيمع طوائف المعاملات التجارية الدولية دون تخصيص. فلا توجد قيود تتعلق بنوع النزاع التجاري الذي يخضع لتحكيم الغرفة اوبصفات اطراف النزاع. ويستهدف النظام اصدار قرار تحكيم تتوفر له مقومات الفاعلية، والنفاذ، ويلاحظ  ان محكمة التحكيم لا تبث بنفسها في النزاع بل ان ذلك يتم عن طريق المحكمين الذين يعينهم اطراف النزاع، اما محكمة التحكيم فهي تشرف على سيرنظر النزاع وتنظر في اعتماد الحكم الصادر فيه. ويتمتع الاطراف بحرية واسعة في عدة مجالات اهمها اختيار المحكمين ومكان التحكيم وتحديد القواعد المطبقة عن موضوع النزاع. وبذلك فان نظام الغرفة يزاوج بين ضمانات ومقومات التحكيم المؤسسي ومرونة التحكيم الخاص (65) فعلى سبيل المثال فان تحديد عدد المحكمين واختيارهم متروك لاطراف النزاع، فاذا اتفقا على تعيين محكم وحيد فان محكمة التحكيم تقوم باختياره، اما اذا تفقا على تشكيل التحكيم من ثلاثة، فان كل طرف يختار محكمه، وتقوم محكمة التحكيم باختياره الرئيس، ويجري الاختيار في الحالتين عن طريق اللجان الوطنية لدول اخرى غير دول المتنازعين. كما تقوم التحكيم سلطة تغيير المحكم في الحالات المنصوص عليها في اللائحة كما على نظام التحكيم بوضع مواعيد الاجراءات واصدار الحكم (66).
40- وبالنسبة لتكاليف التحكيم (67) وهي تتضمن اتعاب المحكمين ومصاريفهم والنفقات  الادارية، فانها تتحدد في ضوء قيمة النزاع ويتحدد نصيب كل طرف في الاتعاب والنفقات الادارية عند انتهاء التحكيم وفقا للجداول المعمول بها بالغرفة، ويتعين على المحكم ان يوضح طريقة توزيع تكاليف الاجراءات بين الاطراف وفي جميع الاحوال يتعين على كل طرف ان يودع تامينا كدفعة مقدمة من مصاريف الاجراءات واتعاب المحكمين.
41- وفيما يتعلق بقواعد الاجراءات، فانها تستمد من لوائح الغرفة ومما اتفق عليه اطراف النزاع، فان لم يوجد شيء من ذلك طبق المحكم لقواعد التي يراها الانسب،     
------------------------
شرف الدين ص 39                                                                    
مرشد الحكيم ص 28
شرف الدين ص 36
ادخلت تعديلات على المصروفات الادارية واتعاب المحكميين لتسري من اول ناير1993.
----------------------------
ويحق للاطراف اختيار هذه القواعد سواء من قانون مقر التحكيم اوقانون دولة اخرى او قواعد يضعها الاطراف بانفسهم ولاتنتسب الى قانون وطني معين. واذا لم يقم الاطراف بشيء من ذلك قام المحكم بتحديد قواعد الاجراءات مع مراعاة ان تكون مستقة مع لوائح الغرفة، ويستطيع  المحكم ان يستعير القواعد من قانون وطني معين اوان يضعها هواستقلالا عن أي قانون وفي جميع الاحوال يجب لضمان فعالية وقانونية قرار التحكيم احترام القواعد الاخرى في قانون مقر التحكيم (68).

42- اما القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع، فلا يوجد نص في النظام يتعلق بهذه المسالة، ولذلك فان امره متروك لتقدير الاطراف، فاذا لم يتفقوا على تحديد هذا القانون قام المحكم بتحديده مع مراعاة اختيار القانون الاكثر اتصالا اوارتباطا. بوقائع النزاع. وفي جميع الاحوال يتعين على المحكم، وفقا لنظام الغرفة، ان يضع في اعتباره شروط العقد والعادات التجارية.
43- واخيرا فان قرارالتحكيم نهائي وملزم، ولاينشر وتسلم نسخة منه الى كل طرف في النزاع.
ويراعي ان احالة النزاع لدى الغرفة ليجري تحت رعايتها هواحد الاختيارات المتاحة لطرفي النزاع ولكن يجوز لهما اشتراط تطبيق قواعد ولوائح نظام هذه الغرفة فقط امام هيئة تحكيم اخرى (69).
خاتمة:
44- يشكل التحكيم نوعا من العدل الخاص، ويعتمد في نجاحه على تحلي هيئة التحكيم بالموضوعية والحياد والنزاهة والاستقلال.
وهكذا طرحنا مشكل تجريح المحكم وتنحيته من تلقاء نفسه اوعزله من طرف الاطراف.
وبعد حل هذا المشكل بحثنا في سلطة المحكمين وحدود صلاحياتهم ومدى اختصاصهم في خصومة التحكيم الدولي في المادة التجارية.
فقد يطبق المحكمون القانون الوضعي اويبتون وفق قواعد العدالة والانصاف، وهكذا اتضح لنا ان سلطات المحكمين واسعة خصوصا اذا اتفق الاطراف على ذلك.
-------------------------------
68)مرشد التحكيم ص 39
69) شرف الدين ص 37-38.
-----------------------------
ورجعنا في تحديد سلطات المحكمين في خصومة التحكيم الى القواعد العامة للتحكيم  الدولي بين الدول خصوصا فيما يتعلق بمدى تقيد المحكم باتفاق التحكيم اللهم الا فيما يتناقض والطبيعة الخاصة للتحكيم الدولي  في المادة التجارية.
كما حددنا مدى سلطة المحكم في مواجهة التدابير الانفرادية في عقود الاستثمارات الدولية وسلطة المحكم المفوض بالصلح الخاصة بتطبيق قواعد العدالة ومبادىء الانصاف وتطرقنا اخيرا الى سلطة هيئة التحكيم في مواجهة قرارات المهندس الاستشاري في مادة عقود النباء والتشييد الدولية.
45- وهكذا انهينا دراسة البحث الاول من مادة الدراسة والمتعلق بسلطات المحكمين، وخصصنا البحث الثاني لسمطرة خصومة التحكيم في المادة التجارية، حيث درسنا القواعد العامة ثم القواعد الخاصة. فالبنسبة للقواعد العامة بحثنا في قواعد التحكيم وتحديد مسطرة التحكيم، خصوصا في ميدان خاص مثل منازعات عقود البناء والتشييد الدولية، كما طرحنا مشاكل قانون الشكل والجوهر الواجب التطبيق وكذلك قضاء الامور المستعجلة في اطارالتحكيم .
وبالنسبة للقواعد الخاصة درسنا نماذج للتحكيم المؤسسي وفق نظام اليونسترال والمركز الدولي لتسوية المنازعات الاستثمارية وغرفة التجارية الدولية.

46- ويمكن ا نورد على هذه الدراسة المختصرة بالملاحظات التالية:
يشغل التحكيم موقفا هاما من بين وسائل فض المنازعات الدولية في المادة التجارية.
 يجب تحديد مسطرة خصومة التحكيم وتحديد اختصاصات وسلطات المحكمين لكي يحقق التحكيم غايته في تسوةي النزاع عل نحو يرضي الاطراف.
 تشكل الدراسة الخاصة بخصومة التحكيم اهمية خاصة لانها السبيل الاخير لفض هذه النزاعات.
 يعتمد التحكيم في نجاحه على عدة امور اهمها ثقة اطراف النزاع وتفادي اوجه الغموض، ولذلك فان من واجب اعضاء هيئة التحكيم الحكم بالموضوعية والبحث عن حلول للنزاع باساليب مقبولة لدى اطرافه.

يخضع عزل المحكم، عكس القاضي لاتفاق الاطراف وارادتهم بما يؤكد الطبيعة التعاقدية للتحكيم.
 يمكن للمحتكمين الاتفاق على تبسيط مسطرة خصومة التحكيم بل يمكن للمحكمين ان يبتوا كوسطاء بالتراضي أي ان يتحللوا من تطبيق القانون الوضعي والفصل وفق قواعد العدالة وقانون الانصاف، بل ويحق للمحكمين  البت في صحة وحدود صلاحياتهم ومدى اختصاتهم عند التصدي لتفسير شرط اوعقد التحكيم.

 يتضح مما سبق ان سلطات المحكمين واسعة خصوصا اذا اتفق الاطراف على ذلك .
تحتل الاتفاقيات الدولية مكانة خاصة ضمن اليات متكاملة للتحكيم الدولي مثل اتفاقية واشنطن لسنة 1965 .
 تظهر الحاجة قوية لوضع صيغة دولية ملزمة لتنظيم الجانب المسطري في التحكيم.
10-يطرح قانون الجوهر الواجب التطبيق مشكلا عويصا في التحكيم الدولي.
11-يثير قضاء المستجلات التحكيمي عدة اشكاليات على صعيد الواقع يصعب التغلب عليها.
12- ظهور ميل قوي للتحكيم المؤسسي الذي انتشر كثيرا في الآونة الاخيرة.

مجلة المحاكم المغربية عدد 72، ص 78

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : التحكيم التجاري