-->

تعليق على قرار الحالة الصحية لولد قاصر متدهورة- حالة استعجال قائمة - نعم - غياب الأب في مكان مجهول - ولاية الأم محله بصفة مؤقتة على ولدهما القاصر - نعم- سحبها لأموال ولدهما القاصر من الصندوق الوطني للتقاعد والتامين بقصد علاجه - نعم -

أمر رقم 307/36 - تاريخ 07/02/2000
------------------------------------------
تعليق للأستاذ الطيب البواب
محام بهيئة الدار البيضاء

القاعدة
الحالة الصحية لولد قاصر متدهورة- حالة استعجال قائمة - نعم -
غياب الأب في مكان مجهول - ولاية الأم محله بصفة مؤقتة على ولدهما القاصر - نعم-
سحبها لأموال ولدهما القاصر من الصندوق الوطني للتقاعد والتامين بقصد علاجه - نعم -

باسم جلالة الملك
نحن سلام بوشعيب نائب رئيس المحكمة الابتدائية بالبيضاء آنفا بصفتنا قاضيا للمستعجلات .
وبمساعدة السيد : منيب سعيد كاتب الضبط.
أصدرنا الأمر الآتي نصه يوم الاثنين 01 ذو القعدة 1420 موافق 07 فبراير2000
بين : السيدة فاطمة مديدي الساكنة بالسور الجديد رقم 59 تجزئة الزرقطوني المدينة القديمة الدار البيضاء
ينوب عنها الأستاذ فدان الجيلالي المحامي بالبيضاء من جهة
وبين : 1- الصندوق الوطني للتقاعد والتامين
زنقة الجزائر الرباط
في شخص ممثله القانوني
2- السيد العون القضائي للمملكة بالرباط

الوقائع
بناء على المقال المسجل بتاريخ 4 نونبر1999 توصيل عدد 213493 من طرف المدعية بواسطة محاميها تعرض فيه بأنها تقدمت بل كانت زوجة السيد العامري مولاي محمد شرعا، وأنها أنجبت منه بنتا تسمى حنان وولدا يسمى عبد الحميد وان هذا الأخير تعرض لحادثة سير خطيرة كادت ان تؤدي بحياته ونظرا لكون الأب ليس له أي عنوان معروف فقد اتصلت والدة الضحية بالدفاع الموقع أسفله وكلفته بالدفاع عن مصالح ابنها وانه بتاريخ 26/1/90 أصدرت المحكمة الابتدائية حكما قضت فيه للضحية بتعويض إجمالي مبلغه 907.30 134 درهم، وبعد الاستئناف صدر القرار الاستئنافي بتاريخ 16/4/1999 الذي قضى برفع التعويض الى غاية مبلغ 385.2 208 درهم ونظرا لكون الضحية قاصر فقد وجهت شركة التامين المؤقتة التعويضات المستحقة له الى الصندوق الوطني للتقاعد والتامين وان هذا الاخير وجه للدفاع الموقع اسفله رسالة يخبره فيها بأنه توصل بمبلغ 145.19 219 درهم ويطلب منه موافاته بمجموعة من الوثائق من ضمنها كتاب صادر عن قاضي القاصرين  ينص على إمكانية مزاولة أم القاصر للنيابة الشرعية على ابنها بصفة مؤقتة نظرا لغيبة الأب، وانه نظرا لغيبة الأب وللحالة الصحية للضحية الذي لازال في حاجة الى اجراء عدة عمليات جراحية تحت طائلة تعرضه للهلاك ان لم يبادر الى العلاج في اقرب الاجال ونظرا لغيبة الأب واستحالة ممارسة الولاية الشرعية ملتمسا الاذن لام القاصر العارضة بمزاولة الولاية الشرعية مؤقتا مع ابنها حميد بهدف انقاذ حياته من الهلاك، والاذن للصندوق المدعى عليه بدفع التعويضات المودعة لديه مؤقتا للطالبة، مع سحب هذا الاذن في حالة ما اذا ظهر الأب وفقا للفصل 4 من ظهير 2/10/1984 والبت في الصائر وفق القانون وادلى بنسخة حكم بالتطليق وشهادة بعدم التعرض والاستئناف ومحضر اداء اليمين وموجب غيبة ورسم طلاق وموجب الحضانة ونسخة حكم ابتدائي ونسخة قرار استئنافي ورسالة صادرة عن صندوق المدعى عليه وصور فوتوغرافية للابن الضحية كما ادلى بمذكرة لجلسة 20/12/1999 برسم بينة بالعدم .

التعليل
وعليه نحن قاضي المستعجلات
بناء على ما جاء بالطلب ومضمون وثائق الملف
حيث ان الطلب يهدف الى الاذن للطالبة ام القاصر السيدة مديدي فاطمة بمزاولة الولاية الشرعية مؤقتا لابنها عبد الحميد يهدف انقاذ حياته من الهلاك والاذن للصندوق  الوطني للتقاعد والتامين بدفع التعويضات المودعة لديه ولو مؤقتا لفائدة والدة القاصر اعلاه مع سحب هذا الاذن في حالة ما اذا ظهر الأب وفق الكيفية المنصوص عليها في الفصل الرابع من ظهير 10/2/1984 والبت في الصائر وفق القانون.

وحيث استدعى المدعى عليهما وتخلفا عن الحضور رغم  التوصل القانوني.
وحيث انه تمت احالة الملف على النيابة العامة عملا بالفصل 9 من ق م م فالتمست بمقتضى مستنتجاتها النهائية المؤرخة في 30 نونبر1989 تطبيق القانون.

وحيث يتضح من ظاهر وثائق الملف بانه بتاريخ 26/1/96 صدر حكم ابتدائي لفائدة الولد المسمى حميد القاصر بواسطة والده السيد العامر مولاي عمر يقضي له بتعويض نتيجة حادثة سير التي تعرض لها، وانه بتاريخ 6/4/99 صدر قرار استئنافي بعد الطعن بالاستئناف يقضي برفع التعويض الى مبلغ 385.2 208 درهم لفائدة القاصر بواسطة والده المذكور، وعلى هذا الاساس  ادت شركة التامين المؤمنة التعويض المحكوم به للقاصر الى صندوق الوطني للتقاعد والتامين ووجه هذا الاخير الى نائب المدعية الذي ينوب في نفس النازلة عن الضحية بواسطة والده رسالة يخبره بموجبها بانه توصل بمبلغ 145.19 219 درهم، ويطلب منه فيها موافاته بمجموعة من الوثائق من ضمنها كتاب صادر عن السيد قاضي القاصرين ينص على امكانية مزاولة ام القاصر النيابة الشرعية على ابنها بصفة مؤقتة نظرا لغيبة الأب .

وتم استدعاء الاطراف المدعى عليهم وتخلف الصندوق الوطني للتقاعد والتامين رغم التوصل القانوني بتاريخ 17/11/99 وتوصل العون القضائي بتاريخ 29/12/99، وادلى الطرف المدعي بواسطة محاميه بمقال  اصلاحي مسجل بتاريخ 9 نونبر1999 بمقتضاه التمس استدعاء الاطراف المدعى عليها في الدعوى.
وبجلسة 20/12/99 حضر نائب الطرف المدعي، وبعد احالة الملف على النيابة العامة ألفيت بالملف مستنتجاتها النهائية الرامية الى تطبيق القانون واكد الحاضر الطلب تقرر حجز القضية للتامل للتاريخ اعلاه .

وحيث يتضح من الوثائق بان والدة الضحية المدعية قد حصلت على حكم بتطليقها من زوجها والد الابن السيد العامري مولاي عمر طلقة بائنة بمقتضى الحكم الشرعي المؤرخ في 23/7/1998 ملف عدد 787/86 وتم تنفيذ هذا الحكم بمقتضى الرسم العدلي عدد 249 صحيفة 149 صحيفة 160 كناش 39 وتاريخ 7/6/1999.
وحيث اعتمد الحكم المذكور على الموجب اللفيفي بالغيبة المؤرخة في 8/7/95 والتي يشهد شهود بان الزوج غاب عن زوجته غيبة انقطاع اتصال منذ نحو سبعة اعوام أي منذ تاريخ 1992.
وحيث يتضح من الحكم القاضي لابن المدعية بالتعويض بان ذلك كان بواسطة والده المذكور اعلاه

وحيث انه نظرا لغيبة الأب وللحالة الصحية للضحية الثابتة من الصور الفوتوغرافية المدرجة بالملف والذي يتبين منها بان الابن الضحية لا يزال في حاجة الى اجراء عدة عمليات جراحية على اساس ان صحته لا تزال متدهورة، فتكون بذلك حالة  الاستعجال قائمة في تمكينه من المبالغ المحكوم بها لفائدته طالما ان هذه المبالغ هي اصلا  تخصه جبرا للضرر اللاحق به.

حيث ان النزاع هو من سيتولى الولاية الشرعية في التوصل بالمبالغ المذكورة نيابة عن القاصر الضحية.
وحيث انه في نازلة الحال فانه اذا كانت الولاية للام بسبب فقد الأب اهليته هو مقيم فانه من باب القياس ان تكون لها الولاية على الابناء في حالة غيبته في مكان مجهول كما هو الحال في النازلة الحالية، ويكون هذا الانتقال لولاية مؤقتا ومحصورا وفق ما تقتضيه ظروف الضحية القاصر المعرضة للخطر.

حيث ان وقف الولاية لا يعني انتهاءها وانما ايقافها مدة زمنية تطول طالما بقي سبب الوقف قائما بحيث تمكن للولي الذي اوقفت ولايته طلب استرداد تلك الولاية، اذا ما زال سبب وقفها على النحو الذي هو مبين في موضوع استرداد الولاية ( انظر كتاب الولاية على الاعمال لمحمد كرال  محمدي رئيس محكمة الاستئناف، صدر سنة 1987 الصفحة 65).

حيث يتضح مما سبق بان مصلحة القاصر تقتضي تمكينه بواسطة والدته من سحب مبلغ التعويض فقط استجابة للطلب .
وتطبيقا للفصل 91 والمواد 37 و38 و50 و149 و153 ق م والفصل 147 وما يليه من مدونة الاحوال الشخصية .

لهذه الاسباب
نحيل الطرفين على المحكمة المختصة للبت في جوهر النزاع، ومنذ الان وبصفة  مؤقتة ونظرا لحالة الاستعجال  اذ نبت عليها ابتدائيا.
نامر بالاذن للصندوق الوطني للتقاعد والتامين بدفع التعويضات المودعة لديه مؤقتا لفائدة المدعية فاطمة مديدي والدة القاصر عبد الحميد  العامري مع سحب هذا الاذن  في سحب المبالغ المذكورة في حالة ظهور الأب وفق الكيفية المنصوص عليها في الفصل الرابع من ظهير 02/10/1984 مع شمول هذا الامر بالنفاذ حكم اصل قبل التسجيل وحفظ الصائر .
وبهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة اعلاه
قاضي الامور المستعجلة             كاتب الضبط .

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 90، ص 190.

تعليق على الأمر الاستعجالي
الصادر عن ابتدائية آنفا بتاريخ 07/02/2000

يتعلق الامر الاستعجالي المنشور اعلاه بحل مشكلة اجتماعية، مشكلة قاصر في حالة صحية متدهورة  يخشى  من  هلاكه  بسببها  ان  لم  تقع  المبادرة بعلاجها، وهو ذو مال يمكن معه  - فيما يظهر - تغطية المصاريف الطبية - ناتج عن التعويضات الممنوحة له عن اصابته في حادثة سير. غير انه مودع بالصندوق الوطني للتقاعد والتامين من طرف شركة التامين المؤمنة للمسؤول المدني عن الحادثة. ( الباب الرابع من ظهير 02/10/1984 بمثابة قانون بتعويض المصابين في حوادث السير) والمؤهل  لسحبه هو ابوه صاحب الدرجة الاولى في الولاية الشرعية عليه،  لكن  قد  ثبت  انه غائب في مكان غير معروف، وللقاصر ام رشيدة، لكن المشرع نص على ان الولاية الشرعية تكون للام على ولدها القاصر في احدى حالتين اثنتين :  عند  وفاة  الاب او فقد اهليته (الفصل 148 المغير والمتمم بظهير شريف بمثابة قانون صادر في 10/09/1993 من مدونة الاحوال الشخصية).
فما العمل في حالة ما اذا كان الاب غائبا غيبة مجهولة المكان ؟

لقد كان ضروريا هذه الحالة الثالثة الى الحالتين المذكورتين في الفصل 148 المذكور، لكن وقعت غفلة بدون شك عن استحضارها عند وضع هذا النص، وما على القضاء في هذه الحالة الا ان يلعب دوره فيجتهد ليجد الحل الدائم .

وقد يقال ان الفصل 148 المشار اليه اعلاه لم يسكت عن بيان حكم الاب الغائب  غيبة  مجهولة المكان، بل بين عن طريق دلالة مفهوم المخالفة على ان الولاية الشرعية التي للاب لا تنتقل الى الام في حالة غيبته المجهولة المكان،  فتكون الام  في  هذه الحالة غير مؤهلة  لسحب  مال  ولدها  القاصر  من المؤسسة المذكورة لتغطية مصاريف علاجه، وهذا يعني تركه يعاني من خطورة اصابته املا في ان يقدم ابوه من غيبته المجهولة،  وقد لا يعود، وقد يعود بعد ان يكون ولده لقد قضي وهلك .

غير ان هذه النتيجة الخطيرة من شانها ان تمنع الاخذ بمفهوم المخالفة، لان كل تفسير او تاويل يتنافى مع المبادئ التشريعية العامة والقائمة بصفة خاصة على المحافظة على الضروريات الخمس المجمع عليها، وعلى راسها حياة الانسان، وهو تفسير باطل، وعن تحقيق الهدف المتوخى من كل تشريع عاطل، وذلك فضلا عن الخلاف الشديد القائم بين الاصوليين، وفي مختلف المذاهب الفقهية في العمل او عدم العمل بمفهوم المخالفة وشروط  العمل به عند القائلين به. وقد انكرت العمل به الحنفية وجمهور كثير من جهابذة الفقهاء. وجاء في كتاب " اصول الفقه" للشيخ الخضري محمد الصفحة 126.
" وعدم الاحتجاج بمفهوم المخالفة هو المذهب المختار لعدة ادلته وعدم ما يدل على القول …."

وهذا ما حدا - فيما يظهر - بقاضي النازلة الى ترك الاخذ بمفهوم المخالفة في نص الفصل 148 المشار اليه، وعمد الى استخدام دليل القياس الذي يعد من اهم اصول الفقه المعتمدة، فاعتبر ان الاب الغائب في مكان مجهول، مثله مثل الاب المقيم الذي فقد اهليته والذي بفقده لها تنتقل الولاية الشرعية الى الام. وهو قياس سليم بجامع ان العلة واحدة في الحالتين معا، وهي ان الولاية الشرعية والمالية المسندة بقوة القانون للاب على ولده القاصر قد تعطل عملها وتوقف مفعولها واصبح ولده القاصر  مهملا اهمالا كليا من الرعاية وتدبير شؤونه الشخصية والمالية، فوجب اسنادها الى الام كاسنادها اليها عند وفاة الاب او فقد اهليته لتقوم وترعى بصفة مؤقتة الى حين ظهور الاب شؤون ولدهما القاصر، ويمكنها ان تسحب ماله المودع بالصندوق الوطني للتقاعد والتامين.

وهكذا استطاع  قاضي النازلة ان يجد حلا لمشكلة الولد القاصر بجعل الولاية الشرعية عليه لأمه بصفة مؤقتة، وذلك عن طريق اجتهاده الموفق فيما لم يرد فيه نص صريح ولجوئه الى استخدام دليل القياس استخداما سليما يهنأ عليه.

لكن الشيء الذي يثير التساؤل حقا ان النازلة لم تعرض على قضاء الموضوع، وانما عرضت على القضاء الاستعجالي. فاذا كان لقاضي الموضوع ان يفسر القانون ويجد ويجتهد في تاويله واستعمال الادلة الشرعية لاستنباط حكم نازلة لم يرد به نص تشريعي، فهل لقاضي المستعجلات مثل هذه الصلاحية التي لقاضي الموضوع في تفسير القانون الى درجة استعمال القياس لاستنباط حكم النازلة المعروضة عليه كما سلكه السيد قاضي المستعجلات في الامر المنقول اعلاه موضوع هذا التعليق ؟

وان قاضي المستعجلات، وكما هو معلوم فقها وقانونا وقضاء، يجب لكي ينعقد له الاختصاص،  توفر ثلاثة  شروط اساسية :
الاول : قيام حالة  استعجال يخشى معها من طول الوقت الذي تستلزمه اجراءات التقاضي لدى القضاء العادي - محكمة الموضوع -
الثاني : ان يكون المطلوب مجرد اجراء وقتي، لا فصلا في اصل الحق.
والثالث : عدم المساس باصل الحق الذي يجب ان يترك للقضاء العادي .

وفي نازلة الامر الاستعجالي المنقول اعلاه لا شك ولا ريب ان حالة الولد القاصر الضحية كما عرضت في الوقائع حالة خطيرة يخشى منها هلاكه ان لم تقع المبادرة بعلاجه لانقاذ حياته. وهذه المبادرة تتوقف على سحب المبالغ المالية المودعة لفائدته لدى الصندوق الوطني للتقاعد والتامين لتغطية مصاريف  العلاج. والمطلوب من السيد قاضي المستعجلات، حسبما جاء في مقال المدعية :
الاذن لها بصفتها ام الولد القاصر، نظرا لغياب ابيه وليه الشرعي  غيبة مجهولة المكان فتعطلت ممارسته لولايته الشرعية، بمزاولة الولاية الشرعية محله بصفة مؤقتة على  ابنها منه انقاذا لحياته، والاذن للصندوق الوطني للتقاعد والتامين بان يدفع اليها المبالغ المودعة لديه مؤقتا  لفائدة ولدها القاصر، مع اعتبار هذا الاذن مسحوبا في حالة ما اذا ظهر الاب .

وقد استجاب السيد قاضي المستعجلات لهذا الطلب فقضي بما يلي :
نامر بالاذن للصندوق الوطني للتقاعد والتامين بدفع التعويضات المودعة لديه مؤقتا لفائدة المدعية فاطمة مديدي والدة القاصر عبد الحميد العامري مع سحب هذا الاذن في حالة ظهور الاب .

فهل لقاضي المستعجلات، امام انعدام نص قانوني صريح بنقل  الولاية الشرعية ولو بصفة مؤقتة للام في حالة غياب الاب غيبة مجهولة المكان، الصلاحية باستخدام دليل القياس لكي يتمم به النص الذي جعل الولاية الشرعية للام في حالة موت الاب او فقد اهليته  - الفصل 148 - المقطع 2 من مدونة الاحوال الشخصية - لتكون لها الولاية الشرعية ايضا في حالة غياب الاب غيبة مجهولة المكان ؟

ان قاضي المستعجلات من حقه، بل من الواجب عليه، مثله مثل قاضي الموضوع، ان يجول بفكره في طائفة النصوص القانونية والقواعد الفقهية التي لها علاقة بموضوع النازلة المعروضة عليه والتي يمكن ان تساعده على الحل الصحيح لينتقي منها ما يراه ا ولى بتطبيقه  عليها، والتي يمكن ان لا يتجاوز هذا الحد ليرمي بنفسه  في مجال تفسير القانون او تاويله واللجوء الى بعض القواعد ليعتمد عليها في استنباط الحكم الذي يريد تطبيقه. ان هذا المجال خاص بقاضي الموضوع. وعندما يسمح قاضي المستعجلات لنفسه باقتحامه فانه يكون تعدى  اختصاصه ومس بالموضوع الممنوع عليه مسه.

يقول الاستاذ معوض عبد التواب رئيس نيابة النقض المصري في كتابه " الوسيط في قضاء الامور المستعجل" - الصفحة 36 ما نصه :
" والمقرر ايضا ان الجدل الفقهي حول تفسير نصوص  القانون ليس بذاته سببا لعدم اختصاص القضاء المستعجل او لاعتباره  ماسا باصل الحق، بل ان القضاء المستعجل في هذا الشان، ككل قضاء له ان يجتهد في تفهم المعنى الذي يقصده الشارع فيما نص عليه ثم انزال حكم القانون على عناصر النزاع المطروح عليه،  وانما الممنوع عنه / والذي يعتبر ماسا باصل الحق - هو تفسير العقود او الاحكام او التصدي لامر يحتاج الى تقدير او تحقيق موضوعي محل خلاف بين الطرفين : فطالما ان المسالة التي يراد من القاضي المستعجل البت فيها هي مجرد انزال حكم القانون على وقائع النزاع التي ليست محل خلاف بين الطرفين او التي هي محل خلاف غير جدي بحيث يمكن تعرف جلية الوضع الموضوعي الواقعي فيها من مجرد تحسس ظاهر المستندات، فاننا نكون امام تكييف قانوني صرف، وهو ما لا يمكن ان يمتنع على القاضي المستعجل مهما كان الحل القانوني فيه شائكا، ومهما احتدام الخلاف في صدده بين الفقهاء او القضاء، اذ هذا  يدخل في مجال النشاط الفقهي لقاضي الامور المستعجلة واجتهاده القانوني، فمن حقه ان يستظهر النصوص ليتبين حكم القانون في النزاع المطروح، وهو اذ يتجه هذا الاتجاه لا يحيد عن دائرة اختصاصه لانه وان كان يمتنع عليه تفسير العقود والاحكام حرصا على بقاء الحق بين طرفي الخصوم سليما لتقدير قاضي الموضوع الا ان له - بل عليه - ان يتعرف  حكم القانون في طبيعة العلاقة القائمة بين الطرفين ويفاضل بين الاراء المختلفة المتضاربة لتقدير الحماية التي يراها لاحد طرفي الخصومة باجراء تحفظي سريع لا يفيد قاضي الموضوع".

ومثله  في كتاب " قضاء الامور المستعجلة - الصفحة 42 - الجزء الاول - لمؤلفين : محمد علي ومحمد نصر الدين كامل رئيس محكمة الاستئناف القاهرة سابقا ومحمد فاروق راتب نائب رئيس محكمة النقض.
في كتاب " الحراسة القضائية في التشريع المغربي" للدكتور عبد الله هداية الله الصفحة 45.

ويخلص مما تقدم ان السيد قاضي الأمور المستعجلة المصدر للأمر المنقول أعلاه قد مس بالموضوع مسا واضحا عندما خول لنفسه، وقد اعوزه النص القانوني الذي يجعل للأم الولاية الشرعية ولو مؤقتا على ولدها القاصر في حالة غياب أبيه في مكان مجهول، استعمال القياس ليضيف الى حالتي الفصل 148 - المقطع 2 - من المدونة، حالة ثالثة يجري عليها نفس الحكم، الشيء الذي يدخل في اختصاص  قاضي الموضوع لا قاضي المستعجلات .

صحيح ان القضايا التي تعرض على محاكم الموضوع تعرف أحيانا  طولا قاتلا، ولو عرضت النازلة الحالية على محكمة الموضوع لتبت فيها بالروتينية التي تعرفها مختلف القضايا المعروضة عليها لهلك الولد قبل ان يصدر الحكم في قضيته. لكن هذا ليس مبررا لتجاوز قاضي المستعجلات لاختصاصه الذي يعد من النظام العام، على ان قاضي الموضوع المختص في امكانه، اعتبارا لكون النازلة تتعلق بإنقاذ حياة ولد قاصر، ان يخفف من الإجراءات ويقصر من الاجالات ليبت  في النازلة في وقت جد قريب، وللضرورة أحكام. وليس من شان هذا ان يجعل النازلة كأنها من قبيل القضايا التي نص المشرع على البت فيها بسرعة من طرف القضاء الموضوعي والتي لا يجوز القياس عليها نظرا لصبغتها الاستثنائية .

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 90، ص 190.


Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم :