-->

اشكالات تجريم الشيك في ضوء التشريع الجديد الجزء الثاني

اشكالات تجريم الشيك  في ضوء التشريع الجديد الجزء الأول


مقتضيات مختلفة
1-    في العقوبة :
لقد نصت المادة 316 من مدونة التجارة على معاقبة الافعال الواردة بها بالحبس من سنة الى  خمس  سنوات،  وغرامة تتراوح بين 2000 الى 10.000 درهم، دون ان تقل قيمتها عن خمسة وعشرين في المائة من مبلغ الشيك او من الخصاص .
وقد عدل المشرع بذلك العقوبة المالية التي كانت في المقتضيات السابقة المنصوص عليها في الفصل 543 من ق ج  لا تقل عن  قيمة الشيك او الرصيد الناقص، واصبحت بمقتضى المادة 316 المذكورة لا تقل قيمتها عن 25 % من مبلغ الشيك او من الخصاص .

والتطبيق العملي لهذه المقتضيات من طرف المحاكم، اظهر انها عادة ما تحكم  بالغرامة الى جانب العقوبة السالبة للحرية،  المنصوص عليها في الفقرة الاولى من المادة 316، اي من 2000 درهم الى 10.000 درهم اذا  كانت قيمة الشيك  تقل عن 10.000 درهم،  واذا  ما  تجاوزت  قيمة  الشيك  المبلغ المذكور، بان كانت مبالغ مهمة، فانها كثيرا ما تعمد الى الحكم بغرامة متساوية  لخمسة وعشرين في المائة من  قيمة  الشيك  او من الخصاص، اذا ما ظهر لها بان نسبة 25 % تتعدى المبلغ الاقصى المقرر للغرامة والمحدد في 10.000 درهم، وذلك حتى تكون العقوبة المالية منسجمة مع اهمية المبلغ المسطرة بالشيك .

والمشرع في المادة 324 من مدونة التجارة نص صراحة على ان لا يمكن العمل  بايقاف التنفيذ  الا فيما  يخص العقوبات الحبسية، وبذلك يكون قد قضى على الخلاف الذي كان سائدا بين المحاكم بشان تطبيق العقوبة المالية، اذ كان الاتجاه الاول يجعلها نافذة  في  مجموعها،  والاتجاه الثاني يجعلها موقوفة التنفيذ، والاتجاه الثالث وهو اتجاه وسط يجعل جزءا مهنا نافذا والجزء الاخر موقوف التنفيذ،  في  حدود  نسبة  معينة،  اما الثلث او الربع او النصف من قيمة الشيك .

والمقتضيات الخاصة بالامتناع عن تطبيق ايقاف التنفيذ تشمل كل العقوبات المالية المقررة في الجرائم والمخالفات المنصوص عليها في مدونة التجارة، بالنسبة لمادة الشيك - مما يكرس الصبغة الاقتصادية التي تتميز بها تلك العقوبات .

2-    ظروف التخفيف :
تستطيع المحكمة ان تطبق ظروف التخفيف بشان الجرائم الخاصة بالشيك، المنصوص عليها في مدونة التجارة، اذ بامكانها ان تنزل عن الحد الادنى المقرر للعقوبة، وبان تجعل العقوبة السالبة للحرية موقوفة التنفيذ، باستثناء الغرامة التي لا يمكن ان يشملها ايقاف التنفيذ، بصراحة نص المادة 324 من مدونة التجارة المذكورة سلفا، والتي لا يمكن كذلك ان تقل عن 25  % من قيمة الشيك والخصاص .

كما ان المشرع وسعيا من على تشجيع المتعاملين بالشيك على الوفاء بقيمته، فقد اجاز للمحكمة تخفيض عقوبة الحبس او اسقاطها بالمرة سواء بالنسبة للساحب او المساهمين والشركـاء، اذا ما اقدم الساحب لشيك بدون مؤونة على توفيرها او اتمامها خلال اجل عشرين يوما من تاريخ تقديم الشيك الى المسحوب عليه، كما تقضي بذلك مقتضيات المادة 325 من مدونة التجارة .

3-    في محضر الاحتجاج
درجت  بعض الاحكام ومعها بعض النيابات العامة على اعتبار محضر الاحتجاج بعدم الدفع - البروتستو - اجراء ضروريا لاثبات عنصر عدم الدفع، وكذا تبعا للمقتضيات الصريحة والالزامية الورادة في المادة 299 من مدونة التجارة، التي تقضي بان لا اجراء من طرف حامل الشيك يغني عن الاحتجاج الا في الحالة المنصوص عليها في المادة 276 وما يليها، المتعلقة بفقدان الشيك وسرقته .

والمشرع في المادة 297 وما يليها من مدونة التجارة، حدد عدة اجراءات واجال لاقامة الاحتجاج ، التي يتضح منها بانها اجراءات تخص حامل الشيك، الذي يتعين عليه احترامها حتى يتاتى له بالرجوع على الموقعين، وبالتالي الملزمين، والا اعتبر حاملا مهملا، وقد يفقد حقه في اقامة الدعوى الصرفية، كما ان تلك الاجراءات لا تنسجم مع ما تتميز به الدعوى العمومية من اجراءات سريعة وفعالة، وان الاخلال بالاحتجاج بعدم اداء الشيك، انما يكون له مجال بالنسبة للدعوى  الصرفية، بحيث ان اثره يقتصر على حرمان المستفيد من الرجوع على المظهرين، ولم يكن فقط ليؤثر على المسؤولية الجنائية، لان من شان ذلك سيؤدي لا محالة الى فقدان الحماية القانونية للتعامل بالشيك - لان استلزام اثبات انعدام المؤونة بواسطة ( البروتستو) في مجال الدعوى الجنحية، امر عسير في كثير من الاحيان، اذ كثيرا ما يصطدم انجازه بعدة صعوبات عملية وقانونية، ناتج عن قلة الاطر العاملة بكتابة الضبط، ولعدم كفايتها لانجاز الاحتجاج ضمن الاجال القانونية، بالاضافة الى انه في حالة وجود بنك المسحوب عليه خارج الدائرة التي يقطن بها الحامل او المستفيد، يكون من الواجب عليه في هذه الحالة التنقل الى محل البنك المسحوب عليه، مع ما يترتب عن ذلك، من تعليل وعرقلة في انجاز اجراءات الدعوى العمومية، التي يبقى تحريكها مرهونا على وجود هذا الاحتجاج، وفي هذا المعنى يقول رؤوف عبيد في كتابه جرائم الاعتداء على الاشخاص والاموال - طبعة  87 ص 541 : " ان اختلاف مفهوم الشيك في التشريع الجنائي عن مفهومه في القانون التجاري، يرجع الى ذاتية القانون الجنائي واستقلاله عن غيره من القوانين، بحيث لا يصح تقييد القضاء الجنائي بأوضاع ونصوص غير جنائية - ومغرقة في الشروط الشكلية التي قد يؤدي التزمت في تطبيقها الى عجز القضاء الجنائي عن تحقيق الأهداف التي توخاها المشرع في التجريم .

وسيرا على نفس النهج، وتأكيدا لاستقلالية القانون الجنائي عن القانون التجاري، فقد اكد المجلس الأعلى في قراره الصادر بتاريخ 10/12/1959 المنشور بمجلة القضاء القانون العدد 28 بتاريخ ابريل 1960 ص 239 بان الشيك يحتفظ بصفته هذه ازاء قانون بالعقوبات، ولو فقد هذا الطابع ازاء القانون التجاري على اثر فساد لحقه في الشكل ".

بل ان المجلس الأعلى في قرار اخر، اعتبر الاحتجاج مجرد عنصر من عناصر اثبات الجريمة التي يضع تقديرها لقضاء النيابة العامة". ( مجلة المحاكم المغربية 10/12/81 صفحة 113 ) .
فاذا كانت المقتضيات المنظمة للاحتجاج تحتم اقامته في الدعاوى التجارية والمدنية، فان المشرع على غرار ذلك خلق وسيلة اخرى لاثبات عدم الدفع، وهي تتسم بالبساطة والسرعة وخلو التعقيد، ويمكن اعتمادها كحجة لاثبات جريمة اصدار الشيك بدون مؤونة، فقد نص في المادة  309 من مدونة التجارة : " بان كل مؤسسة بنكية ترفض وفاء شيك مسحوب عليها، ملزمة بتسليم العامل او وكيله شهادة رفض الاداء تحدد بياناتها من طرف بنك المغرب … الخ" .

وبالفعل فقد صدرت عن بنك المغرب دورية تحت عدد /5 ج 97/ وتاريخ 18/9/97 موجهة الى كافة البنوك، وفروع الخزينة، تتضمن شرحا اضافيا للبيانات الواجب توافرها بهذه الشهادة .
ويتضح من ذلك ان الدعوى العمومية لا تتوقف على الاحتجاج، ولا تسقط بعدم وجوده، وبكون الاحتجاج وسيلة من وسائل اثباتها، ولكن ليس بالوسيلة الوحيدة، ويبقى للحامل الخيار في اثبات عدم الدفع اما بمحضر الاحتجاج او بشهادة عدم الاداء، الصادرة عن البنك المسحوب عليه .

وفي حالة ادلاء المستفيد بشهادة البنك فقط ينبغي التاكد من استيفائها لكافة البيانات، الواجب توافرها قانونا، وبعدم الاعتماد على الوصل الذي عادة ما تسلمه البنوك رفقة الشيكات التي ارجعت بعدم الاداء، لكون تلك الوصلات تفتقر الى ابسط المقومات القانونية، ولا يمكن باي حال من الاحوال ان تنهض دليلا على اثبات عوارض الاداء .

4-    في التقادم :
تتقادم دعاوي الشيك باجال قصيرة تختلف باختلاف اطراف العلاقة فيه، حسب التفصيل المبين في المادتين 295 و296 من مدونة التجارة - فالمدة المنصوص عليها في المادتين المذكورتين تتعلق اساسا بتقادم عدوى الشيك الصرفية، ولا علاقة لا بالدعوى العمومية اذ لا يمكن الاحتجاج ضد الحامل بتقادم الستة اشهر عند المطالبة بالتعويضات، وبقيمة الشيك امام القضاء الزجري، نظرا للعلاقة الرابطة بين الدعوى المدنية التابعة والدعوى الجنحية، اذ تخضع الاولى لنظام تقادم الثانية - قرار محكمة بو Pau  بفرنسا بتاريخ 13 مارس 1961 المنشور بموسوعة دالوز ص 415 .

فالساحب يجب عليه ان يحتفظ بالرصيد الذي يمثل قيمة الشيك، لدى المسحوب عليه الى ان ينتهي بالوفاء .
وقد اقر الفقه ايضا هذا المبدا، جاء في الصفحة 375 من دليل القانون الجنائي : من منشورات المعهد الوطني للدراسات القضائية بالرباط بما يلي :
" انه يتوجب الحفاظ على ابقاء الرصيد، طالما ان الشيك المسحوب لم يقدم بعد، وحتى بعد انقضاء مدة تقديم الشيك القانونية وهي ستة اشهر فانقاص الرصيد حتى بعد انقضاء تلك المدة يشكل عنصرا مكونا للجريمة" .

وقد اصدرت محكمة التمييز السورية قرارا جزائيا تحت رقم 1026 بتاريخ 28/12/1963 المنشور بموسوعة القضاء والفقه للدول العربية ج ل20 ص 373 ب- لحسن الفكهاني - جاء في تعليلاته ما يلي :
وحيث ان المهل القانونية المنصوص عليها في المادة 532 من قانون التجارة او سواها، شرعت بالاصل لمصلحة المسحوب عليه، ولتقرير نتائجها بالنسبة للحامل، ولا علاقة للساحب بها - ولا يحق له التدرع بها لمصحلته" .
ولذلك فان الجرائم الجنحية المنصوص عليها في مدونة التجارة تخضع للتقادم  الجنحي المنصوص عليه في الفصل 1 من قانون المسطرة الجنائية و111 من القانون الجنائي .
ولو تقادم الشيك التقادم الصرفي ام لم يتقادم ، لان المشرع جرم الفعل وعاقب على ارتكابه، حماية للتعامل بالشيك حماية كاملة .
وبما ان جريمة الساحب للشيك الذي اغفل او لم يقم بتوفير المؤونة تصنف من ضمن الجنح التاديبية، فانها تخضع في تقادمها لمقتضيات تقادم الجنح المنصوص عليه في الفقرة 2 من الفصل الرابع من قانون المسطرة الجنائية الذي نص : " تتقادم الدعوى العمومية حسبما يلي : بمرور خمس سنوات ميلادية كاملة، تجرى يوم ارتكاب الجنحة، فيما يتعلق بالقضايا الجنحية"، وذلك على غرار الجرائم الاخرى، المنصوص عليها في مقتضيات زجرية خاصة تكون بطبيعتها خاضعة لاجراءات ومدد التقادم، المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية - اذ ليس من المنطق في شيء، بان تتقادم جريمة معاقب عليها بخمس سنوات، بمرور ستة اشهر فقط، فضلا على ان المشرع في المادتين 295 و296 من المدونة، لم يتحدث اطلاقا على احتساب امد التقادم، انطلاقا من تاريخ ارتكاب الجنحة، وانما استعمل صيغا اخرى تفيد دعاوي الرجوع - بالاضافة الى انه لم يورد المقتضيات الخاصة بالتقادم ضمن المقتضيات العامة والزجرية، المنصوص عليها انطلاقا من المادة 302 من مدونة التجارة .

ونفس الاحكام تطبق على الافعال الواردة بمدونة التجارة والتي تشكل مجرد مخالفة، كالمادة 308 التي تعاقب المسحوب عليه بغرامة 100 درهم عن كل مخالفة، يقوم بها بشان تسليم الزبون صيغ الشيكات على بياض، لا تتضمن اسم الشخص الذي سلمت اليه، وكذا متقضيات الفقرة الثالثة من المادة 271  - فمدة التقادم الواجب مراعاتها بالنسبة لمثل هذه المخالفابت تبقى محددة في سنتين، وطبقا لمقتضيات المقطع الاخير من الفصل الرابع من قانون المسطرة الجنائية  الذي ينص " تتقادم الدعوى العمومية حسبما يلي : مرور سنتين ميلاديتين كاملتين تبتدئان من يوم ارتكاب المخالفة، وحول استبعاد مدد تقادم الشيك كدعوى صرفية، واعمال مدد التقادم الجنحي، فقط اكد المجلس الاعلى في قراره الحامل لرقم 5827 بتاريخ17/9/87 في الملف الجنحي 12671/85 المنشور ب ق م ع عدد 41 ص 222 ما يلي : " ان ظهير 19/1/39 عرض فيما يخص المتابعة الجنائية بالفصل 543 ق ج ولهذا فان تقادم الدعوى العمومية يخضع للقانون المذكور، وليس لظهير الشيك، وان امد تقادم الجنح طبقا للفصل 4 من ق ج هو خمس سنوات من يوم ارتكابها لا ثلاث سنوات وفق ما ينص عليه الفصل 56 من ظهير الشيك" .

5-    في الاختصاص :
لقد ارتاى المشرع ضمن قواعد مدونة التجارة، توسيع الاختصاص المكاني ليشمل كذلك محكمة المكان الذي يجب ان يؤدي فيه الشيك، فلقد نصت المادة 327 من مدونة التجارة على انه بصرف النظر  عن تطبيق مقتضيات قانون المسطرة الجنائية، المتعلقة بالاختصاص، تنظر المحكمة التي يقع الوفاء بدائرتها في الجرائم المنصوص عليها في هذا الباب" .

وهكذا فقد اضيف اختصاص رابع، ينعقد للمحكمة التي يوجد بدائرة نفوذها مكان البنك المسحوب عليه، الذي سوف يؤدى فيه الشيك، بعدما كان الامر مقتصرا اما على محكمة مكان ارتكاب الجريمة واما مكان اقامة الفاعل، او احد مشاركيه ، واما محكمة مكان بقاء القبض، كما يقضي بذلك الفصل 41 و261 من قانون المسطرة الجنائية - وذلك على غرار المقتضيات المنصوص عليها في الفصل 28 من قانون المسطرة المدنية التي تسند الاختصاص للمحكمة التي يقع بدائرة نفوذها وجوب الوفاء في القضايا التجارية .

وان غاية المشرع من هذا الامتداد الترابي هي توسيع دائرة تعقب مرتكبي الجرائم الخاصة بالشيك، حتى يوفر الحماية الكاملة للتعامل به، وليفسح المجال ايضا لامكانية ملاحقة البنك، الذي قد يخل بالالتزامات التي فرضت عليه والتي رتب عليها المشرع عدة جزاءات زجرية - ومحاكمته من طرف المحكمة التي قد يوجد بدائرة نفوذها .
كما ان انعقاد الاختصاص للمحكمة التي يوجد بها محل البنك المسحوب عليه قد حسم النقاش، الذي كان مثارا من ذي قبل بشان الجهة المختصة، للنظر في بعض التصرفات التي كان يقوم بها الساحب كارسال شيك بدون مؤونة، بواسطة البريد، او تعرضه على الاداء بصورة غير صحيحة عن طريق المراسلة او الهاتف ...

وكما وسع المشرع الاختصاص المكاني فقد وسع ايضا من مجال ( الاختصاص النوعي ) من خلال الصلاحية الواسعة التي اعطيت للقاضي الزجري الذي يمكنه اثناء النظر في الدعوى العمومية، ان يحكم على الساحب ولو تلقائيا بان يؤدي لحامل الشيك اضافة الى مصاريف تنفيذ الحكم مبلغا يعادل قيمة الشيك .

فقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 326 من مدونة التجارة على ما يلي :
يجوز للقضاء الزجري، في حالة عدم بانتصاب الطرف المدني وعدم استخلاص ما يثبت وفاء الشيك من عناصر الدعوى، ان يحكم على الساحب ولو تلقائيا بان يؤدي لحامل الشيك اضافة الى مصاريف تنفيذ الحكم، مبلغ يعادل قيمة الشيك، وتضاف له عند الاقتضاء الفوائد ابتداء من يوم التقديم، وفقا للمادة 283 وكذا المصاريف الناتجة عن عدم الوفاء، ان لم يتم تظهير الشيك، اذ لم يكن ذلك لتحصيل قيمته وكان اصله بالملف .

فهذه المقتضيات تعتبر من اهم المستحدثات التشريعية التي جاءت بها قواعد المؤونة، والتي تعتبر عملا تشريعيا جريئا في مجال منح التعويض، الذي اصبح الحكم به تلقائيا ويدخل في عداد السلطة التقديرية للقضاء الزجري، من دون ادنى مطالبة به، ودونما استيفاء لاية رسوم مقابل ذلك، وذلك استثناء من القواعد العامة المعمول بها في هذا الشان .

وقد احسن المشرع صنعا بتبنيه لهذا النهج لما فيه من تبسيط للاجراءات ، وتخفيف العبء على المتضرر في استيفاء حقه بسرعة من الساحب، واعفائه من المصاريف والنفقات التي يستلزمها تقديم الطلب، والمحكمة الزجرية باعطائها هذه الصلاحية تكون في الحقيقة قد تعرفت جيدا على وقائع القضية، وبامكانها اكثر من غيرها التعرف على وجود الضرر، وتقدير التعويض الذي يلائم المستفيد .

وتجدر الاشارة اخيرا، الى ان خطا ماديا، تسرب لصياغة مقتضيات المادة 326 اذ بدلا من التنصيص على ان الحكم بالتعويض يمكن الحكم به على الساحب، جاءت الصياغة، على انه يحكم به على المسحوب عليه، وبقراءة النص الفرنسي يتاكد ذلك من حيث العبارة التالية :
"La Juridiction pénale peut même d'office condamner le tireur à payer au porteur ".
هذه مجمل الجوانب التشريعية، والعملية التي حفل بها التشريع الجديد للشيك، وما يتصل به من جرائم، حاولت من خلالها ان افرز اهم الاشكاليات المثارة بشان هذا التجريم، وسوف تكون هذه المساهمة لامحالة قاصرة، ولن تخلو من بعض الثغرات، الا انها قد تكون نواة صالحة لنقاش مجد وبناء، يصيب جوانب الضعف فيها، ويثري مضمونها ومحتواها .

ومنه تعالى نلتمس السداد والتوفيق

مراكش في 26/2/98

عبد الاله المستاري
الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بمراكش 
 * مجلة المحاكم المغربية، عدد 83، ص 37 .
Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : القانون الجنائي المغربي