-->

"التزوير في المحررات"






احمد بنعجيبة مستشار

الكلمة  المكتوبة  كانت  منذ  خط  الانسان  القديم  حروفها  الأولى في مصر وفي الصين  وفي  بابل بالمسمار أو بالريشة، لونا من اكثر الوان الثقافة جاذبية وامتاعا للانسان، الذي ظل يتوارث احترام  الكلمة  المكتوبة جيلا بعد جيل ويجمع منها ما الف من كتب، هي ذخائر انسانية نفسية(1).

نعم لقد ادرك الجميع ان حقا مسجلا في الورق اقوى منه مصونا في الصدور، ومن هذا المثل  اللاتيني Verba volant scriptament أي ان هذه الكلمة الشفهية تطير والكلمة المكتوبة تبقى (2).
ولقد اضحى الافراد  يمنحون للاوراق المكتوبة ثقة عامة، ولحماية هذه  الثقة  العامة في المحررات سن المشرع جريمة التزوير.

وبالرجوع إلى الفصل 351 من القانون الجنائي نجده ينص على ما يلي : " تزوير الاوراق هو تغيير الحقيقة فيها بسوء  نية، تغييرا من شانه ان يسبب ضررا متى وقع في محرر باحدى الوسائل المنصوص  عليها في القانون".
ومن التعريف المذكور يتبين انه لقيام جريمة التزوير اطلاقا ينبغي تحقق الاركان التالية :
1 ـ الركن المادي وهو تغيير الحقيقة في المحرر باحدى الطرق التي نص عليها القانون.
  ان يكون من  شان هذا التغيير في الحقيقة ان يسبب ضررا.
3 ـ القصد الجنائي وهو سوء نية المزور

المبحث الأول
الركن المادي للتزوير

المطلب الأول
تغير الحقيقة
تغيير الحقيقة هو الفعل الجرمي الذي يقوم به التزوير ومن ثم فاذا انتفى تغيير الحقيقة انتفى التزوير حتما. وهكذا فانه لا تزوير إذا حصل التغيير بالفعل ولكن من صاحب الحق في احداثه،  كالمتعاقدين  الذين  يحرران  عقدا  ثم يغيران فيه الاتفاق والتراضي سواء قبل التوقيع أو بعده. ونرى ان تغير  الحقيقة لا يعني  ان  تكون  كل  بيانات المحرر كاذبة بل انه إذا لم يكن في المحرر غير بيان واحد مخالف للحقيقة كان ذلك كافيا  لقيام التزوير فاذا عهد شخص لاخر بان يحرر محرا املاه عليه فاثبت  جميع بياناته على  الوجه  الذي املي  عليه  عدا  تاريخ المحرر الذي غيره كي يجعله بذلك خاضعا لقانون غير القانون الساري وقت تحريره فان التزوير يعد متحققا.
ومما يتصل  بهذا البحث الصورية في العقود وتغيير الحقيقية في الاقرارات الفردية.

الصورية في العقود :
في الصورية يبطن المتعاقدان في العقد المستتر غير ما يعلنانه في العقد الظاهر.
ومن امثله الصورية ان ينقص المتعاقدان من ثمن المبيع كي يخفضا الرسوم المتوجب اداؤها.
والصورية تخرج بصفة عامة عن دائرة التزوير الجنائي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)  ثقافة الطفل العربي ـ جمال ابورية ـ سلسلة كتابك 41 دار المعارف ص 14.
(2)   جرائم التزييف والتزوير. الدكتور رؤوف عبيد. دار الفكر العربي الطبعة الرابعة 1984 ص 86.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والصورية التي لا تعد تزويرا هي تغيير الحقيقة في البيانات التي يتضمنها العقد وقت تحرير اما إذا تصرف قانوني ونشا به حق للغير ثم ادخل عليه تغيير صوري من شانه المساس بهذا الحق قام التزوير التغيير.
فمثلا إذا غير طرفا العقد من قيمته بعد تمامه وتعلق حق الغير به (كحق الخزينة العامة في  استيفاء معين) فان التزوير يقوم بذلك التغيير.
ويعد كذلك تزويرا(3) من باب اولى إذا صدر تغيير الحقيقة من احد المتعاقدين فقط دون رضى الاخر.

الاقرارات الفردية :
الاقرار الفردي بيان أو مجموعة من البيانات يثبتها شخص في محرر وتكون متعلقة بمركزه القانوني غير متضمنة ما يمس مركز غيره.
فالكذب الذي يتضمنه اقرار فردي لا يعد تحريفا للحقيقة في مدلول جريمة التزوير، فالمدين الذي يحرر سندا بالدين الذي عليه فغير من رقمه بالانقاص منه لا يرتكب تزويرا، ولكن إذا تعلق الاقرار بامر خاص بغير المقر فان جريمة التزوير تقوم، فيعتبر تزويرا تغيير الحقيقة في سجلات الازدياد، والوفيات فمن يقر كذبا في سجل الازدياد والوفيات، ان طفلا ولد من امراة هي ليست امه الحقيقية، ومن يقر ان شخصا معينا قد توفي في حين ان المتوفى شخص اخر كل اولئك يسألون عن التزوير.

المطلب الثاني
المحررات (4)
يشترط ان يقع تغيير(5) الحقيقة في محرر سواء اكان موجودا من مبدا الامر، ام انشأ خصيصا لذلك فاذا انتفى المحرر انتفى ذاته لذلك (6) فان وجود محرر عنصر أساسي من عناصر الجريمة. اما تغير الحقيقة الذي يحصل بقول أو بفعل وبغير كتابة فلا يدخل في حكم التزوير،  ومما ملاحظته وفي هذا الصدد ان صفة المحرر تنتفي عن كل مكتوب لا يكشف في صورة ما عن شخصية صاحبه بحيث لا يمكن من الاطلاع عليه تحديد شخص ينسب إليه الارتباط بفحواه، فالمحرر الذي يكتب فيه عل سبيل الرواية ان شخصا معينا مدين لاخر مثلا دون ان يظهر منه من كاتب هذه العبارة لا يصلح باي حال ان يكون محررا ولا يمكن ان يكون هناك تزوير مهما كان مضمونه مخالفا  للحقيقة. هذا كما لا يعتد باللغة التي كتب بها العقد ولا المادة التي كتب عليها ولا نوع الكتابة، فيستوي ان يكون محررا باللغة العربية او الاسبانية أو الانجليزية وان يكون مسطرا على ورقة أو جلد وغير ذلك، وان يكون مكتوبا بخط اليد أو مطبوعا أو على الة الرقن وفيما يخص صورة المحررات فليس لها قوة ثبوتية الا اذا صودق عليها من طرف السلطة  المختصة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3)  جرائم التزييف والتزوير، الدكتور رؤوف عبيد، دار الفكر العربي، الطبعة الرابعة 1984 م ص85.
(4)  نفس المرجع.
(5)  القانون الجنائي في شروح المعهد الوطني للدراسات القضائية نشر منشورات جمعية البحوث والدراسات
       القضائية، ص 454.
(6)  وقد ذهب المجلس الأعلى في قراره رقم 144 بتاريخ 22/1/1990 م المنشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى
      عدد 45 ص 212 انه لكي تكون هناك جريمة تزوير في محرر رسمي يجب ان يكون هناك محرر رسمي
       وفق الشكل الذي  يحدده القانون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المطب الثالث
طرق التزوير
حد المشرع طرق التزوير على سبيل الحصر وهكذا يشترط للمعاقبة على جريمة التزوير ان يقع باحدى الطريقتين وهما التزوير المادي أو التزوير المعنوي.
ويترتب هذا الحصر التزام محكمة الموضوع ببيان الوسلية التي استعان بها المتفهم على تغيير الحقيقة حتى يتاح للمجلس الأعلى ان يتحقق من صحة التطبيق القانوني وذلك بتاكده من دخول الطريقة التي استعملها المتهم في عداد الطرق التي حددها القانون الا تعرض الحكم للنقض.

أولا : التزوير المادي :  le faux matériel
هو عبارة عن تحريف الحقيقة في محرر موجود، وذلك بحذف بعض البنود منه أو تعديل بعض منها أو زيادة كتابة لمحرر لا يتضمن هذه الزيادة ابتداء.
كما يعتبر تزويرا(7) ماديا بالاحرى خلق محرر لم يكن موجودا من قبل بالمرة ونسبة ما جاء به إلى الغير.
وطرق التزوير المادي جاءت على سبيل الحصر في الفصل 352 من القانون الجنائي وهي :
1) التوقيع المزور :
التوقيع هو تلك الاشارة أو العلامة التي توضع غالبا في اسفل الاوراق المحررة من طرف الذي يكون قد صدر منه المحرر.

ويكتفي المشرع بوضع الامضاء ولا يتطلب تقليده، واذا قلد المزور امضاء المجني عليه فسواء  ان يكون قد اتقن التقليد أو لم يتقنه.
ويكون التوقيع(8) مزورا إذا وقع من امضى السند باسم ليس اسمه من اجل التغليط حول هوية صاحب التوقيع ويرى الدكتور(9) حومد ان التوقيع باية اشارة غير الكتابة المعروفة لا يعتبر توقيعا، كما لو وقع الشخص باشارة زائد أو اشارة ضرب حسابية.
ونرى غير هذا الرأي وان التوقيع لم يحدد له المشرع شكلا معينا، ولذلك يمكن اعتبار التوقيع اية اشارة أو علامة تصدر من شخص اراد اعتبارها هو توقيعا.

ونرى كذلك ان البصمة تعتبر توقيعا رغم سكوت الفصل عن ذلك فبصمة اليد هي بديل الامضاء لدى شخص لا يستطيع التوقيع وهي من اكبر المميزات للأشخاص واكبر انباء على شخصه من اسمه مكتوب بخطه ويرتكب التزوير بهذه الطريقة من يضع في محرر بصمة اصبعه أو بصمة شخص سواه ثم ينسبها إلى غير صاحبها.
ويعتبر الامضاء مزورا إذا صدر عن شخص ونسب إلى شخص اخر ويعتبر الامضاء مزورا ايضا ولو كان في ذاته صحيحا صادرا عمن ينسب إليه ولكن ارادته لم تتجه إلى وضعه في المحرر، كما لو اكره على ذلك أو اخذ منه مباغتة ومثال ذلك ان يدس المحرر بين اوراق ذات فحوى مختلف  فيوقعه المجني عليه دون ان يدرك حقيقته.
ويقع التزوير ولو كان الامضاء متعذر القراءة أو كان غير مقروء بالمرة.

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(7) شرح القسم الخاص من القانون الجنائي المغربي للعلمي عبد الواحد، مطبعة النجاح الجديدة ـ الدار البيضاء،
      الطبعة الأولى 1992 م، ص123.
(8) القانون الجنائي  في شروح الدراسات القضائية، نشر منشورات جمعية البحوث والدراسات القضائية،
      ص 455.
(9) القانون الجنائي المغربي القسم الخاص لعبد الوهاب حومد، مكتب التومي، الرباط، ص417.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2) وضع اشخاص موهومين أو استبدال اشخاص باخرين:
وتعني هذه الطريقة ايراد اسم خيالي في المحرر في حين انه لا وجود حقيقي لهذا الاسم:
ومن الضروري (10) بطبيعة الحال ان يكون محرر العقد واعيا مدركا لاستبدال الشخص بشخص اخر، ولا مكن ان نجعله مسؤولا اذ اتخذ  كل  الاحتياطات  اللازمة،  ووقع   تضليله  بواسطة  المناورات  والدسائس
ج) كتابة اضافية أو مقحمة في السجلات أو المحررات العمومية  بعد  تمام  تحريرها  أو اختتامها :  تتحقق هذه الطريقة باضافة كتابة في سجل أو محرر بعد الفراغ من تحريره،اما  التغيير  الحاصل  اثناء التحرير فهو تزوير معنوي لا مادي، ويستهدف المزور بهذه الطريقة الابهام  بان  كاتب  المحرر  قد  ادخل  عليه  التعديلات  لحظة  كتابته، ومما تجدر الاشارة إليه في هذا الصدد انه إذا كان التغيير لا يتعارض  مع  ارادات الموقعين على المحرر فلا يقوم بذلك التزوير فاذا ادخل المتهم على المحرر تعديلا ماديا لا يمس معناه كما لو وضع خطا تحت بياناته فلا يعد الفعل تزويرا.

كما ان التغيير إذا وقع بعلم ذوي الشان وموافقتهم فلا تزوير كاتفاق المتعاقدين على زيادة عبارات في عقد عرفي أو على حذف شيء فيها، ولو بعد تحريره والتوقع عليه من طرفهما.

ثانيا : التزوير المعنوي : le faux intellectuel
التزوير المعنوي هو تغيير الحقيقة في موضوع المحرر أو ظروفه اثناء التحرير .
وطرق التزوير المعنوي هي :
1) تغيير اتفاقات الطرفين :
يعني المشرع  بهذه الطريقة ان من عهد إليه تدوين المحرر قد اثبت فيه بيانات تختلف عن تلك التي طلب دون الشان منه اثباتها، كان يثبت الموظف ان العقد عقد عارية مع ان الطرفين صرحا امامه بانه عقد رهن.
والتزوير بهذه الطريقة معنوي، اذ لم تنم عنه اثار مادية في المحرر، ولا يتيسر اكتشافه الا بالرجوع إلى صاحب الشان ومعرفة البيانات التي كان يريد اثباتها ومقارنتها بما اثبته كاتب المحرر ولا يعفي الموظف من العقاب(11) ان يعيد قراءة العقد عليه في الشكل الذي اثبته لانه من الممكن ان لا ينتبه صاحب المصلحة إلى القراءة. ومن باب أولى ان يقدم الموظف المحرر للطرفين ليوقعا عليه دون ان يقرآه بدافع من الثقة التامة في الموظف.
ويعتبر تزويرا معنويا تغيير اتفاقات الطرفين التغيير المعتمد في المعنى عندما يرتكبه مترجم كلف بترجمة محرر من لغة الى اخرى.

2) اثبات صحة وقائع يعلم المحرر انها غير صحيحة :
هذه الطريقة هي اوسع طرق التزوير المعنوي واكثرها وقوعا في الحياة العملية ويعني المشرع بهذه الطريقة كل اثبات لواقعة على غير حقيقتها.
فالعدل الذي يثبت في رسم البيع بان فلانا باع اخر عقارا في ملكه بثمن معين والحال ان المالك لم يسبق له ان مارس هذا التصرف أمام هذا العدل، والموثق  الذي يضع في المحرر  تاريخا غير التاريخ الحقيقي يرتكب جريمة التزوير المعنوي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(10) القانون الجنائي في شروح، المعهد الوطني للدراسات القضائية، نشر منشورات جمعية البحوث والدراسات
       القضائية. ص 456
(11) القانون الجنائي المغربي القسم الخاص لعبد الوهاب حومد، مكتبة التومي، الرباط، ص426.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ج) اثبات الفاعل لوقائع على انها اعترف بها لديه أو حدثت امامه بالرغم من عدم حصول ذلك هذه الوسيلة من وسائل التزوير المعنوي تشبه الحالة السابقة  ومثالها  ان يذكر الموثق في العقد على ان البائع للعقار قد اعترف امامه بانه تسلم الثمن من المشتري في حين ان الواقعة لم تحدث قط.

د) حذف أو تغيير عمدي في التصريحات المتلقاة :
هذه الوسيلة من وسائل التزوير المعنوي تنصب على تغيير التصريحات ومثاله ان يغير ضابط الشرطة القضائية في التصريحات التي فاه بها احد الشهود امامه فينسب إليه انه صرح  بكذا في حين انه لم يصدر  منه ذلك.
ويجب ان يكون الهدف (12) الذي يسعى  إليه المزور هو اضفاء طابع ومظهر الحقيقة على واقعة كاذبة.

المبحث الثاني
الضرر
لقيام جريمة التزوير لابد ان ينشا عن تغيير الحقيقة ضرر (13) أو احتمال وقوعه شرط من شروط التزوير والضرر انواع (14) فمنه المادي والمعنوي والاحتمالي والاجتماعي.
1) الضرر المادي :
الضرر المادي هو الذي يصيب الذمة المالية للمجني عليه وهو اوضح انواع الضرر وهو الغالب في العمل لان المزور لا يغامر عادة الا إذا كان يقدر(15) انه سيحصل على منفعته، ومثال الضرر المادي صنع سند دين من طرف مدين ونسبته زورا إلى دائن. واي قدر من الضرر المادي يكفي لقيام التزوير فيعد تزويرا اضافة إلى سند دين  شرط يجعله مستحق الوفاء في مكان أو في زمان غير ما اتفق عليه، واهم مشكلة طرحت في اطار الضرر المادي هي التالية : إذا زور شخص سندا ليحصل على دين هو في الواقع  من حقه هل يعتبر مزورا؟
الاجتهاد الفرنسي(16) وبعد تردد طويل انتهى من لزوم المعاقبة وقررت محكمة النقض الفرنسية بان المدير الذي سدد دينه ونسي ان يطلب ايصالا به أو ضاع هذا الايصال فزور صكا يشعر بدفع الدين يعتبر مزورا.
ونحى القضاء المصري منحنى اخر فقرر انه(17) لا محل للقول بتوفر الضرر إذا تم التزوير لاثبات صحيح ثابت غير متنازع فيه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(12) القانون الجنائي في شروح، المعهد الوطني للدراسات القضائية، نشر منشورات جمعية البحوث والدراسات
       القضائية ص458.
13)  القانون الجنائي المغربي القسم الخاص لعبد الوهاب حومد، مكتبة التومي، الرباط، ص 400، وجاء في
       كتاب القانون الجنائي في شروح، ص 454، انه لا ضرورة للتمييز بين الضرر المالي والمادي والمعنوي
       اذ كان المتضرر من الخواص،
(14) اصدر المجلس الاعلى قرارا عدد475 بتاريخ 19/05/77 منشور بمجلة القضاء والقانون عدد129، ص91،
        قرر فيه ان جرائم التزوير والنصب وخيانة الامانة لا تتم عناصرها الا بحدوث الضرر.
(15) القانون الجنائي المغربي القسم الخاص لعبد الوهاب حومد، مكتبة التومي، الرباط، ص401.
(16) نقض فرنسية 4132 ـ 1831، النشرة رقم 111 اورده حومد في كتابه الانف الذكر، ص 404.
(17) نقض 22/05/1923 القواعد القانونية ج 3 رقم 125، ص182، اورده الدكتور رؤوف عبيد في كتابه 
       جرائم التزييف والتزوير، دار الفكر العربي، الطبعة الرابعة 1984 م، ص107.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2) الضرر المعنوي :
الضرر المعنوي لا يسمح  الذمة المالية للمجني عليه وانما يمس شرفه وسمعته في الناس ومن تطبيقات التزوير تزوير عقد زواج بسيدة، أو ان يصنع شخص محررا وينسبه إلى شخص ويضمنه اعترافه بارتكاب جريمة.

ج) الضرر الاحتمالي :
الضرر الاحتمالي ضرر لم يتحقق فعلا ولكن السير الطبيعي للامور يجعل تحققه منتظرا في غالب الاحوال، وهكذا فان عنصر الضرر يبقى متوفرا في تزوير سند بدين للحصول على حق غير واجب الاداء حالا.
والعبرة (18) في تقدير احتمال الضرر من عدمه هي بوقت ارتكاب التزوير، فان كان الضرر وقتئذ محتملا دخل الفعل في دائرة التزوير المعاقب عليه ولو جدت بعد ذلك ظروف لاحقة تنفي هذا الاحتمال فيعتبر ركوب الضرر متوفرا في واقعة تزوير سند رغم تنازل ممن انشأ لصالحه السند المزور عن التمسك به.

د) الضرر الاجتماعي :
هو الضرر الذي يصيب المصالح المادية أو المعنوية للدولة باعتبارها هي التي تمثل المجتمع وهو نوعان ضرر اجتماعي مادي وضرر اجتماعي معنوي.
فالاول من اهم حالاته تزوير محرر يستهدف التخلص من ضريبة أو غرامة. والثاني من اظهر حالاته تحريف الحقيقة في المحررات الرسمية اذ يغلب ان يترتب عليه ضرر اجتماعي يتمثل بالاخلال بالثقة التي يجب ان يحظى بها  هذا النوع من المحررات.
ولذلك فان الاخلال بهذه الثقة كاف وحده لتكوين ركن الضرر في تزوير المحررات الرسمية.

المبحث الثاني
القصد الجنائي
جرائم التزوير من الجرائم العمدية لذلك يجب ان يتوافر لدى الجاني عند ارتكابه لجريمة التزوير القصد الجنائي أي يجب ان يكون المزور عالما  بانه يغير الحقيقة  وان فعله ينصب على محرر ويرتكب عن طريق احدى الوسائل المحصورة قانونا وانه يترتب عليه ضرر فعلي أو احتمالي. ولكن القصد العام لا يكفي فلا بد من توافر القصد الخاص ايضا واختلفت الاراء في تحديد مفهومه. فذهب جانب(19) من الفقه ان نية الفاعل يجب ان تنصرف عند تغييره للحقيقة إلى الاضرار بالغير. وبالمقابل فان انتفاء القصد الجنائي الخاص يتوفر عندما لا يكون في نيته عند تغييره للحقيقة الاضرار باحد من الاغيار.

وهكذا ابرات (20) محكمة الاستئناف بمصر ساحة متهم في القضية التالية : حكم على شخص بالسجن فطلق زوجته وهو سجين بناء على طلب منه وبتوسط احد اقربائه وكلف هذا القريب ان يكون وكيله في تحرير وثيقة الطلاق فاخذ الزوجة إلى بلدة اخرى وتسمى باسم الزوج أمام الماذون وخالع الزوجة وتحررت الوثيقة بذلك،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(18) جرائم التزييف والتزوير للدكتور رؤوف عبيد، دار الفكر العربي، الطبعة الرابعة 1984 م، ص109.
(19) شوفو وهيلي اشار إلى ذك عبد الوهاب حومد في كتابه القانون الجنائي المغربي القسم الخاص، مكتبة التومي الرباط، ص 430، والعلمي عبد الواحد في كتابه شرح القسم الخاص من القانون الجنائي المغربي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء الطبعة الأولى 1992 م، ص140، والدكتور علي حسن عبد الله الشرفي في كتابه الباعث واثره في المسؤولية الجنائية، ص388 بالهامش.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فاقيمت دعوى التزوير على هذا القريب الذي انتحل شخصية الزوج ولكن المحكمة قررت براءته لعدم وجود القصد الخاص وقالت بانه : " لا اهمية لكون المتهم تسمى باسم الزوج زورا فانه في اصطلاح بسطاء الفلاحين يجوز ان ينتحل الاب أو الخال اسم ابنه أو ابن اخته.
ويتصف بصفة من صفاته وهذا امر شائع  لا يرى فيه احد منهم مكروها أو محرما ومادامت واقعة الطلاق ثابتة فتغيير الحقيقة حصل بدون قصد سيئ".

وهناك راي (21) اخر يرى ان القصد الجنائي يتحقق كلما اتجهت نية مغير الحقيقة إلى استعمال المحرر الذي وقع تزويره ونرى ان الراي الثاني هو الجدير بالاتباع في القانون المغربي ذلك ان هدف المتهم لا يتحقق بمجرد التزوير بل لا بد لذلك من فعل تالي وهو استعمال المحرر بعد تزويره فلو اصطنع شخص محررا قلد فيه خط وامضاء الغير لمجرد اثبات براعته في التقليد، وبدون ان يهدف إلى استعمال ذلك المحرر أي التمسك به على ذلك الغير فلا تتحقق بفعله جريمة التزوير.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
20) القانون الجنائي المغربي القسم الخاص لعبد الوهاب حومد، مكتبة التومي، الرباط ص 433 وشرح القسم الخاص من القانون الجنائي المغربي للعلمي عبد الواحد، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الاولى 1992 ص: 141وانظر  الطبعة الأولى 1992 ص 141، وانظر كذلك حكم محكمة النقض المصرية 15/2/1913 وقد كان هذا الحكم بمناسبة تزوير في محرر رسمي يهدف  إلى اصلاح ذات البين، وقد استبعدت المحكمة فيه القصد نظرا لعدم توفر سوء النية القائم على قصد الاضرار اشار إليه الدكتور علي حسن عبد الله الشرفي في كتابه الباعث واثره في المسؤولية الجنائية، الناشر الزهراء للامام العربي، الطبعة الأولى 1986، ص391.
(21) القانون الجنائي الخاص لاحمد الخمليشي، الجزء الأول، مكتبة المعارف بالرباط، الطبعة 1981، ص302.
وانظر كذلك البحث المعنون ب : " الركن المعنوي في جريمة التزوير ليوسف احمد عبد العزيز الرقم المنشور بمجلة الحقوق الصادرة عن كلية الحقوق بجامعة الكويت العدد الرابع دجنبر 1987 م ص216.
وتجدر الاشارة ان المشرع  المغربي قد  فصل بين جريمتي التزوير واستعمال وثيقة مزورة مع العلم بزوريتها وجعل لكل منهما كيانا مستقلا، ولكن التزوير لا يكون خطرا على المجتمع الا اذا ارتكب بنية استعمال الوثيقة بعد تزويرها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مراجع هذا البحث
1 ـ جريمة التزييف والتزوير. الدكتور رؤوف عبيد. دار الفكر العربي، الطبعة الرابعة 1984 م.
2 ـ القانون الجنائي في شروح. منشورات جمعية البحوث والدراسات القضائية.
3 ـ شرح القسم الخاص من القانون الجنائي. للعلمي عبد الواحد، مطبعة النجاح الجديدة. الطبعة الاولى 1992 م.
4 ـ القانون الجنائي المغربي القسم الخاص، لعبد الوهاب حومد. مكتبة التومي ـ الرباط.
5 ـ الباعث واثره في المسؤولية الجنائية. الدكتور علي حسن عبد الله الشرفي.
6 ـ القانون الجنائي  الخاص، احمد الخمليشي، الجزء الاول، مكتبة المعرف
ـ الرباط 1981 م.
7 ـ ثقافة الطفل العربي، جمال ابورية سلسلة كتابك 41 دار المعرف.
وللتوسع في هذا البحث يمكن الرجوع الى كتاب الموسوعة الجنائية جندي عبد المالك.
المجلد الثاني.

مجلة الاشعاع، عدد23، ص71.

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم :