-->

مذكرة من وزارة الداخلية بشأن الحالة المدنية

حول تحديد معيار التمييز بين القضايا التي تدخل ضمن اختصاص القضاء، والقضايا التي هي من اختصاص اللجنة العليا للحالة المدنية في موضوع تغييرالاسم العائلي

ان الفصل 3 من القرار الوزيري الصادر في 3 ابريل1950 في تطبيق  الظهير الشريف الصادر في  8  مارس  1950 ، يقضي بان كل مواطن مغربي أراد الخضوع لنظام الحالة المدنية يتعين عليه اختيار اسم عائلي يحمله  هو وأبناؤه من بعده ويبقى هذا الاسم ملزما له  ولجميع  أفراد  عائلته ،  اذ  لا  يمكن تغييره الا استثناء بواسطة مرسوم صادر عن السيد الوزير الاول.
الا انه لا بد للاسم ان يمر بين اختياره وحمله بمسطرة يمكن إيجازها فيما يلي:

مرحلة الاختيار:
وتتم  على  مستوى  ضابط  الحالة  المدنية اذ يختار طالب التسجيل في الحالة المدنية  اسما مطابقا لمقتضيات الفصل السادس من ظهير 8 مارس 1950، المشار اليه أعلاه، أي الا يكون الاسم  المختار  كنية  او اسما  للسخرية  او  ماسا  بالأخلاق او الأمن العمومي او اسما أجنبيا او اسما لا يكتسي صبغة مغربية الخ ...
مرحلة الإثبات
تبعث الأسماء التي تم اختيارها لدى جميع مكاتب المملكة الى مقر اللجنة العليا للحالة  المدنية  التي  تظهر  في صلاحية الأسماء المختارة ومدى تطابقها ومقتضيات الفصل السادس من الظهير المشار إليه اعلاه، فتثبت ما تراه صالحا منها وترفض الباقي.

النشر في الجريدة الرسمية
تنشر الإماء المثبتة من طرف اللجنة العليا بالجريدة الرسمية، حيث يمكن لأي شخص له مصلحة التعرض على اسم من الأسماء المنشورة.

صيرورة الاسم العائلي نهائيا:
بعد ان يمر اجل التعرض وهو شهران كاملان تبتدئ من تاريخ النشر بالجريدة الرسمية دون حصول أي تعرض او بعد ان ترفض اللجنة المختصة تعرضا رفع إليها بشان عائلي، يصبح آنذاك هذا الاسم نهائيا، وملزما لصاحبه ولسلالته على النحو الذي أثبتته اللجنة العليا، يستحيل إدخال أي تعديل له دون ترخيص في ذلك بواسطة مرسوم رفقا لما جاء به الفصل الثالث المكرر من المرسوم المؤرخ في 3 ابريل1950، الصادر في تطبيق ظهير 8 مارس 1950.

والان بعد ان حددنا المسطرة الخاصة بحمل الأسماء العائلية وحددنا المسطرة القانونية لمباشرة تغييرها يحق لنا ان نتساءل عن اختصاص المحاكم الابتدائية في ميادين تنقيح الأسماء العائلية.
من خلال ما نص عليه الفصل219 من قانون المسطرة المدنية، يتضح ان اختصاص المحاكم الابتدائية في تنقيح رسوم الحالة المدنية، يمكن ان يصنف الى ثلاثة أنواع، الاول يخص اضافة بيان ناقص، والثاني يتعلق بتغيير بيان من بيانات، والثالث يهتم بإصلاح خطا مادي.

اولا: إضافة بيان من بيانات رسوم الحالة المدنية:
ان الأمر باضافة بيان اغفل عن تضمينه برسم من رسوم الحالة المدنية يرجع الاختصاص فيه الى المحكمة الابتدائية التي حرر الرسم في دائرة نفوذها، والتي بعد ان  يرفع لها طلب في الشان تأمر عن طريق حكم قضائي بمباشرة الإضافة.

الا ان السؤال المطروح هو هل يدخل الاسم العائلي - في حالة ما اذا اغفل عن تضمينه برسم من الرسوم-في اطار مشمولات الإضافة المذكورة؟
الملاحظ ان ظهير8 مارس 1950، نص على مسطرة إثبات الاسم العائلي وكذا مسطرة تغييره. لكنه لم يتطرق الى حالة الإغفال عن تضمين الاسم العائلي برسم من رسوم الحالة المدنية.
ففي هذا الصدد لا يسعنا الا ان نذهب الى ضابط الحالة المدنية، في حالة ما ذا اغفل تضمين اسم عائلي برسم من الرسوم وبعث نظير السجل الحالة المدنية، في حالة ما اذا اغفل تضمين اسم عائلي برسم من الرسوم وبعث نظير السجل الذي يتضمن هذا الرسم الى السيد وكيل الملك - يصبح في وضعية يستحيل معها عليه إضافة البيان المغفل تضمينه، الا بعد ترخيص من المحكمة الابتدائية المختصة بواسطة حكم قضائي.

الا انه يتعين التمييز في هذا المجال بين ثلاثة أنواع من الإغفال
النوع الاول:
الإغفال عن تضمين اسم عائلي تم اختياره واثبت من طرف اللجنة العليا او لا يزال في طريق الاثبات، ففي هذه الحالة لا يمكن للمحكمة ان تأمر باضافة اسم مخالف للاسم الذي اثبت او بعث الى اللجنة قصد الإثبات اذ ان الحكم بإضافة اسم مخالف يخرج عن نطاق الإضافة ويصبح تغييرا لهم.

النوع الثاني :
ويخص حالة الشخص الذي طلب التسجيل بالحالة المدنية لكنه لم يقم باختيار اسم عائلي بحيث يحرر رسم ولادته دون إشارة الى الاسم العائلي، ففي هذه الحالة يتعين ان يصدر الحكم في صيغة الأمر الى ضابط الحالة المدنية بان يعرض على المعني بالأمر اختيار اسم عائلي يضمنه بالسجل بناء على الحكم ويقوم بإخضاعه لمسطرة الإثبات.

النوع الثالث :
ويخص الطفل الذي صرح به والده المسجل بالحالة المدنية، لكن الضابط بعد ان تلقى التصريح حرر رسم الولادة لكنه اغفل عن إثبات الاسم العائلي للأب في رسم الابن المصرح به.

ففي هذه الحالة:
يتعين ان يصدر الحكم في صيغة أمر الى الضابط بإثبات اسم الأب في رسم ابنه دون أي إضافة فيه، او تغيير في شكله، ذلك لان الابن يتبع اباه في الدين والنسب.

ثانيا:
تغيير بيان من البيانات :
اذا حرر رسم من رسوم الحالة المدنية، واتضح بعد ذلك لمن يعنيه الأمر ان احد بيانات الرسم مخالف للحقيقة والواقع، أمكنه رفع الأمر الى محكمة الابتدائية قصد استصدار حكم بتغيير البيان المعيب.
وهنا لا مجال لأي شك او تأويل، اذ يمكن للمحكمة ان تأمر بتغيير جميع بيانات الرسم ماعدا الاسم العائلي الذي لا يغير كما رأينا سوى بمرسوم من الوزير الاول.

ثالثا: 
إصلاح خطا مادي:
ان إصلاح الأخطاء المادية التي تقع في رسم من رسوم الحالة المدنية عند تحريرها يرجع الاختصاص في مباشرته الى المحكمة الابتدائية التي حررت هذا الرسم في دائرة نفوذها.

والملاحظ في هذا الصدد ان جميع بيانات الرسم التي وقع فيها خطأ مادي عند التحرير تكون قابلة بمقتضى حكم قضائي صادر عن المحكمة الابتدائية المختصة. بما في ذلك الاسم العائلي، حيث ان اختصاص السيد الوزير الاول في مجال الاسم العائلي لا يخص سوى التغيير، اذ يبقى إصلاح الخطأ المادي من اختصاص القضاء.

لكن متى يتعلق الأمر بتغيير في الاسم العائلي، ومتى يتعلق الأمر بإصلاح خطا مادي به؟
اذا كان التغيير لا يطرح مشكلا من حيث تحديده، فان إصلاح الخطأ المادي قد يصل أحيانا الى درجة يصعب معا التمييز بينه وبين التغيير.
الشيء الذي حدا بوزارة الداخلية نظرا لما لمسته من تضارب في اجتهاد بعض المحاكم الى اقتراح المعيار المحدد أدناه.
لقد لوحظ من خلال الأحكام التي ترد على هذه الوزارة في مجال تغيير الأسماء العائلية ان اغلب المحاكم تذهب الى اعتناق معيار حرفي لتحديد اختصاصها، حيث تعتبر انه كلما تعلق الأمر بإدخال تغيير طفيف على الاسم العائلي بإضافة حرف او نقصانه او زيادة نقطة لحرف من حروفه او نقصانها كان ذلك من قبيل الإصلاح لخطأ مادي في حين الأمر استدالا اذا تجاوز التغيير الحرف او النقطة ليصبح ماسا بالشكل العام للاسم.
الا ان هذا الاجتهاد يخالف الواقع والقانون في نفس الوقت، ذلك ان إضافة نقطة لاسم معين تؤدي في غالب الأحيان الى تغييره بشكل جذري كإضافة نقطة لاسم، العبادي، ليصبح (العيادي) كما ان إقامة المعيار على اساس الحرف او النقطة لا يتفق والسبب الذي سمح على اساسه للمحكمة بالبت في ميدان الاسم العائلي والذي هو الخطأ المادي.

إننا عندما نتكلم عن اختصاص المحكمة في اصلاح خطأ مادي بالاسم العائلي، يتعين علينا ان نحدد قاعدة اساسية تقوم على ان لا اختصاص للمحكمة اذا لم يكن قد حصل في الاسم المراد بصلاحه، خطأ مادي، بحيث يكون مناط اختصاص المحكمة في ميدان الاسم العائلي هو وجود خطا مادي به، الا ان السؤال الواجب طرحه عندئذ هو بالنسبة لماذا يوجد الخطأ بالاسم العائلي؟

-  بالنسبة للنطق الصحيح للاسم؟ عندها ستقع في مشكل أعوص مما نحن بصدده يتعلق بإيجاد معيار موحد لاعتبار صحة الأسماء العائلية، ونحن نعلم ان كثيرا من الأسماء العائلية تستقي اصلها من لهجات غاية في الاختلاف، حيث يكون منها مقبولا في لهجة دون الاخرى حسب النطق الأصلي.

وحتى اذا سلمنا بان للمحكمة الاختصاص في إصلاح الخطأ الحاصل في الاسم العائلي ليطابق ما ينبغي ان يكون عليه النطق الصحيح بالاسم فإننا سنكون قد منحنا للمحكمة بابا على جزء من اختصاص اللجنة العليا  للحالة المدنية، والمتمثل في دراسة الأسماء العائلية المختارة وإثباتها كما نكون قد جنبنا الاسم المثبت النشر بالجريدة الرسمية، وحميناه من إمكانية التعرض المخولة لكافة المواطنين من اولى المصلحة.

ان هذه الوزارة ترى الخطأ المادي يمكن ان يعلق بالاسم العائلي والذي يكون أمر البت في إصلاحه موكلا للقضاء، ولا يمكن ان يقوم الا بالنسبة للشكل الذي أثبتته به اللجنة العليا للحالة المدنية او بعث لها عليه قصد الإثبات.


فكما سبق ان وضحنا لا يحمل الاسم العائلي بصفة نهائية إلا اذا تم اثباته من طرف اللجنة العليا للحالة المدنية نشر بالجريدة الرسمية دون ان يحصل أي تعرض بشأنه خلال مدة التعرض.
فعلى ضوء هذه المسطرة يعتبر الأمر متعلقا بخطأ مادي في اسم عائلي اذا تمت كتابته برسم الحالة المدنية على خلاف الشكل الذي أثبتته به اللجنة العليا ونشر على هذا الشكل بالجريدة الرسمية، كان يختار الشخص اسم " العبادي" ويبعث الاسم على هذا الشكل الى اللجنة العليا فتصادق عليه وينشر بعد ذلك بالجريدة الرسمية، لكن الكاتب الذي حرر رسم ولادة صاحب الاسم عوض ان يكتب الاسم العائلي على النحو الذي اثبت عليه، كتبه بطريقة مخالفة،العيادي مثلا، ففي هذه الحالة يمكننا ان نقرر بان الأمر يتعلق بخطأ مادي وللمحكمة وحدها ان تصدر حكما بإصلاحه من "العبادي" الى "العيادي"

اما اذا كان المعني قد صرح باسم العبادي واثبت الاسم ونشر على هذا النحو الا ان المعني به تقدم بطلب لإصلاحه من "العبادي" الى "العيادي" فلا اختصاص للمحكمة في هذا الإصلاح ذلك ان الامر هنا يتعلق بتغيير للاسم العائلي وليس بإصلاح لخطا مادي، والمسطرة القانونية لمباشرة التغيير هي استصدار مرسوم من السيد الوزير الاول على الرغم هنا من ان الأمر لا يتعلق سوى بإضافة نقطة.

ومما سبق يظهر أمامنا المعيار جليا ويمكن تلخيصه في ان المحاكم الابتدائية تكون مختصة في الحكم باصلاح كتابة اسم عائلي، اذا كتب في رسم ولادة المعني به على خلاف الشكل الذي اثبت به من طرف اللجنة العليا للحالة المدنية، حتى يحصل التطابق في حين لا يكون من اختصاصها مطلقا تعديل اسم عائلي ليصبح على شكل مخالف للشكل الذي اثبت به ونشر بالجريدة الرسمية الشيء الذي يفرض على المحكمة التي تعرض عليها نازلة في موضوع إصلاح خطا مادي باسم عائلي ان تعمل في مرحلة أولى على اثبات وجود الخطأ المادي أولا، وذلك بالرجوع الى الشكل الذي نشر عليه الاسم المراد إصلاحه بالجريدة الرسمية، لذا وبعد خلاف بين الشكلين كان من حقها ان تصدر حكمها بإصلاح حتى تطابق الاسم الذي سيحمله الطالب مع الشكل الذي نشر عليه، اما اذا كان هناك تطابق بين الاسمين، فإننا نكون امام تغيير في الاسم يستدعي لمباشرته استصدار مرسوم يأذن بذلك.

والسلام .
وزير الداخلية
الإمضاء: إدريس البصري
* مجلة المحاكم المغربية، عدد 67، ص257.

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : مناشير