-->

الحصانة البرلمانية في التشريع المغربي




السيد محمد عبد النباوي

الحصانة اصطلاحا هي المناعة،  وقد عرفها بعض الفقه (1) بكونها :"اعفاء بعض الناس اوبعض الحلات من تطبيق القواعد العامة عليهم في المسائل القضائية" .
والحصانة القضائية نوع من الحماية اوجدها المشرع لتجنيب فئات معينة من الاشخاص او المؤسسات من الخضوع للاجراءات القضائية .

وفي نظر القانون الجنائي، هي امتياز يجعل هؤلاء الاشخاص بمناى عن كل او بعض الاجراءات الجنائية.وهي تعتبر لذلك خروجاعن مبدا المساواة امام القانون اذ ان يد القضاء لا تطال الشخص المتمتع بها .
و الحصانة  القضائية على انواع  :      حصانة دبلوماسية ممنوحة  للدبلوماسيين بمقتضى اعراف واتفاقيات دولية (2)  وحصانة قنصلية (3)  وحصانة برلمانية (4)،  وهذه الاخيرة هي محل  هذه الدراسة . وهناك حصانات  اخرى  تكفلها القوانين الداخلية كحصانة الدفاع (5)، بالاضافة لبعض الامتيازات التي منحتها المسطرة الجنائئية لبعض اصناف الموظفين او رجال الدولة (6) .
______
1 ) ابراهيم نجار، احمد زكي بري ويوسف شلالا : القاموس  القانوني - فرنسي عربي - مكتبة لبنان، 1983 ص 156.
2)  اتفاقية فيينا المؤخرة في 18 ابريل 1961 بشان العلاقات  الدبلماسية  التي صادق عليها المغرب بمقتضى  الظهير الشريف 1.69.46 بتاريخ
     14/07/69، بالاضافة  لاتفاقيات اخرى  مثل اتفاقية  امتيازات و حصانة جامعة الدول العربية ( ج. رسمية 3213/76 ) و الاتفاقية  المتعلقة 
     بامتيازات  وحصانة  منظمة المؤتمر الاسلامي ( ج . رسمية 3513/80 )،  واتفاقية حول امتيازات  وحصانات  الوكالة الدولية  للطاقة الذرية (ج.
     رسمية  3420/78) .
3) اتفاقية فيينا بشان  العلاقات القنصلية ل 24/4/63 المصادق عليها  بمقتضى الظهير الشريف 1.77.196 بتاريخ 05/08/78 .
4) انظر الفصل 39 من الدستور المغربي لسنة 1996.
5 )الفصل 57 من قانون الصحافة المغربي .
6) انظر الفصول من 266 الى 270 من قانون المسطرة الجنائية .
---------
ويختلف مدى هذه الحصانة او الامتيازات وحددوها،  فقد تشمل ذات الشخص المتمتع بها واقاربه وعائلته وامتعته و مسكنه(7)،  كما قد تحميه من القضاء المدني والاداري والجنائي، وتعفيه من اداء الضرائب والرسوم، او قد ينحصر اثرها في نوع معين  من الاجراءات فحسب .  فهي قد  تضيق وقد تتسع  تبعا للنص الذي يمنحها  و للغاية التي  قررت من اجلها .
ونحن لن نستعرض كافة اوجه  الحصانة القضائية،  و حسبنا في هذه الدراسة ان نتناول  الحصانة البرلمانية .

فصل تمهيدي
الفرع الاول : تعريف الحصانة البرلمانية  :
تعتبر الحصانة البرلمانية كذلك  امتيازا منحه المشرع لاعضاء البرلمان  يوفر لهم حماية من  مقاضاتهم امام القضاء(8)، فهي قيد على حرية ممارسة الدعوى العمومية، واحيانا تمنع من اقامة الدعوى المدنية .
وهذا القيد  قد  يكون  مطلقا لا يمكن ابدا التحرر منه باية وسيلة،  فوجوده يمنع من اقامة الدعوى و ممارستها امام القضاء و احيانا اخرى  يكون هذا القيد مجرد مانع مؤقت،  يمكن  التحلل منه و ممارسة الدعوى بشكل عادي اثر رفعه او زواله .
ولذالك يميز  الفقهاء  الفرنسيون بين نوعين من الحصانة البرلمانية  :
1- انعدام المسؤولية Irresponsabilitè
2- الحرمة البرلمانية Inviolabilitè parlementaire (9) وهم يمعنون بذلك ان انعدام المسؤولية تتجلى في الحالة التي لا يمكن فيها مساءلة  البرلماني مطلقا، و ان  الحرمة تقتضي عدم مساءلته الا بعد اللجوء الى مسطرة رفع  الحصانة .
----------
7) من ذلك ما نصت عليه  المواد 29 الى 39 من اتفاقيات فيينا المؤرخ في 18/04/1961 حول العلاقات الدبلوماسية.
8) عرفها الاستاذ المختار  مطيع في مقالته  " وضعية النائب البرلماني في المغرب : احوال التنافي، حصانته، الضمان الاجتماعي " المنشورة بمجلة
     دراسات ووقائع دستورية و سياسة العدد الاول 1998 ( ص 17) - مطبعة المعارف الجديدة بالرباط،  بكونها : " ضمانة تمنح للعضو البرلماني
     يحددها الدستور و القانون الداخلي للبرلمان، و الهدف منها هو حماية هذا العضو من متابعات القضاء التي يكون مصدرها  خواص او حكومة" .
9) ترجمها ابراهيم نجار ومن معه في القاموس القانوني بالحصانة النيابية .
----------
الفرع الثاني : الاساس التاريخي للحصانة البرلمانية :
يعود تاريخ اقرار الحصانة البرلمانية الى سنة 1397 حين صوت مجلس العموم ببريطانيا (10) على مشروع  قانون يدين سلوكات  ملك بريطانيا ريتشارد  الثاني حول بعض الامور المالية، الشيء  الذي ادى الى محاكمة النائب توماس هاكسي Tomas HAXEY الذي اخد المبادرة في الموضوع،  وحكم عليه بالاعدام من اجل الخيانة، و هي العقوبة التي منح بشانها  عفو ملكي نتيجة ضغط الجماعات.  وقد قاد هذا الحدث مجلس  العموم الى مناقشة  مسالة حق البرلمانيين في الحديث و التداول بكل حرية دون تدخل من البلاط . واعترف بحق  التعبير في مجلس العموم  في بداية القرن  السادس عشر،  وتم تاكيده بمقتضى الفصل 8 من قانون الحقوق "Bl of Rights " لسنة 1689 الذي حظر ان  تكون مناقشات و افعال البرلمانيين محل اي تدخل او مجادلة خارج البرلمان .

واقرت الحصانة البرلمانية في فرنسا مع ثورة 1789 بمقتضى مرسوم 23 يونيه 1789 المصادق عليه بمبادرة من ميرابو،  مما حدا بالملك الى الغاء هذا المرسوم و امر النواب بفض الاجتماع فكان جوابهم "اننا هنا بارادة الشعب ولن نخرج الا بقوة العصا".  وبتاريخ 27 يونيه 1789  اذعن الملك لقرار  الجمعية بكون  شخصية كل واحد من النواب لا تنتهك (11) .

وبعد ذلك تضمنت كل الدساتير الفرنسية باستثناء دستور الامبراطورية بتاريخ 4 يناير 1852، مقتضيات خاصة بالحصانة البرلمانية (12) واولها دستور 3 شتنبر 1791 ( الفصل 7 ) (13) .
واما في المغرب فان الحصانة البرلمانية تم تنظيمها منذ اول دستور  صدر بعد الاستقلال  سنة 1962 (14) بمقتضى الفصل ، 38 كما ابقى عليها الفصل 37  من دستور
---------------
10)Chambre des communes
11)     Christian BIGAUT : La responsabilite des hommes politiques - L. G. D. J - 1996 (Page 81) .
12)      واما الفصل 7 من دستور 3/9/1791 فقد تم تحريره كالتالي :
13) "Les representants de la Nation sont inviolables : ils ne pourront etre recherches. Accuses. Ni juges en   aucun  temps pour ce qu'ils
auront dit ecrit ou fait dans l'exercice de leur fondtilons de representants". 
14) صدر الامر بتنفيذه بموجب ظهير شريف بتاريخ 17 رجب 1382 موافق 14/12/1962 ج. ر. عدد 2616 مكرر بتاريخ19/12/1962.
---------------
1970 (15) الذي ادخل استثناء على حالات اللامسؤولية البرلمانية Irresponsabilitè parlementaire يتمثل في زوال الحصانة اذا كان الراي الذي عبر عنه البرلماني يجادل في النظام الملكي او في الدين  الاسلامي او يخل  بالاحترام الواجب للملك . واحتفظت دساتير 1972 (16) و 1992 (17) و 1996 (18) بنفس الصياغة مع تعديلات طفيفة ( الفصول 37 و 39  على التوالي )  .

الفصل الاول
خصائص الحصانة البرلمانية ونطاقها
ان مبدا الحصانة البرلمانية - كما اسلفنا - ليس دائما  مانعا من العقاب،  فهو لا يحول  دون اقامة الدعوى  العمومية الا في حالة معينة - كما سوف نرى -  ويظل في باقي الاحوال مجرد مانع مؤقت  يؤخر اقامتها  لحين الحصول على اذن من المجلس النيابي الذي ينتمي اليه العضو . وبمجرد  الحصول على الاذن تصبح الجهات الموكول اليها البحث الجنائي حرة في اتخاذ الاجراء القانوني الملائم  على شخص العضو البرلماني اسوة بسائر المواطنين .

وقبل الحديث عن مختلف صور واوجه الحصانة البرلمانية،  نرى ان نلم ببعض خصائصها،  ثم نطلع  على نطاقها  الزمني و الموضوعي  :
فهي تخصتص بكونها من النظام العام،  و كونها  شخصية ممنوحة  لذات العضو  البرلماني،  وهي من حيث  نطاقها  الموضوعي  محصورة  في بعض الجرائم  دون غيرها، ومن حيث  مداها الزمني فهي مرتبطة بالحالة البرلمانية .
_______________
15) صدر الامر بتنفيذه بموجب الظهير الشريف رقم 177-70-1 بتاريخ 27 جمادى الاولى 1390 موافق 31/7/1970 ج. ر. عدد 3013 مكرر بتاريخ
      01/8/1970.
16) صدر الامر بتنفيذه  بموجب الظهير الشريف رقم 061-72-1 بتاريخ 23 محرم 1392 موافق 10 مارس 1972 ج.ر. عدد 3098 بتاريخ
       15/03/1972 .
17) صدر الامر بتنفيذه بموجب  الظهير الشريف رقم 155-92-1 بتاريخ 11 ربيع الاخر 1413 موافق 9 اكتوبر 1992 ج. ر. عدد 4172 بتاريخ
      14/10/1992 .
18) صدر الامر بتنفيده بموجب  الظهير الشريف رقم 157-96-1 بتاريخ 23 جمادى الاولى 1417 موافق 07/10/1996 ج. ر. عدد 4420 بتاريخ
      10/10/1996 .
________________

الفرع الاول :  خاصيات الحصانة البرلمانية
الحصانة البرلمانية من مقتضيات النظام العام لانها  مقررة لفائدة الوظيفة البرلمانية،  ولا يملك عضو البرلمان التنازل  عنها. وهي بالاضافة الى ذلك خاصة بشخص البرلماني،  لا توفر الحماية الا له وحده دون افراد اسرته او بيته .

المبحث الاول :  الحصاة البرلمانية  من النظام العام

اوجدت الحصانة البرلمانية لحماية اعضاء البرلمان من كل متابعة قد تؤثر على ادائهم لمهامهم البرلمانية . فهي ليست منحة شخصية و هبها المشرع لفائدة اعضاء البرلمان، ولكنها عبارة عن قواعد  دستورية  غايتها حماية الصالح العام و تامين الاستقلال الكامل للبرلمانيين،  و توفير الجو الملائم لسير المجالس البرلمانية و حمايتهما من تاثير الحكومة او الافراد .

وقد راى القضاء في فرنسا ان يؤكد على طابع  النظام  العام للحصانة البرلمانية في عدة مرات،  فقد قضت الغرفة  الجنائية لمحكمة النقض منذ 1882 ببطلان كل الاجراءات  المسطرية المجراة خرقا لمبدا الحصانة (19) ثم مضت المحاكم  على هذا الاتجاه . وقد اضافت محكمة نيفير في قرار لها ان البرلماني نفسه لا يمكنه التنازل عن حصانته، وان تنازله لا يمكن ان يعوض اذن المجلس الذي ينتمي اليه (20) .

فالحصانة ليست مقررة لفائدة عضو البرلمان،  بصفته الشخصية، وانما لفائدة وظيفته لان الغاية منها هي توفير الحرية اللازمة و المناخ الملائم لممثلي الامة لاداء  المهام البرلمانية التي وكلوا للقيام بها . فهي تعبير عن تكريم المشرع للمؤسسة الدستورية التي ينتمي اليها العضو المذكور ولذلك فلا يمكن لعضو  البرلمان ان يتنازل عنها .
وقد كتب PIERRE .E حول الحرمة البرلمانية  التي رسمتها  الجمعية العمومية الفرنسية بتاريخ 23/06/1789 حينما  تنازعت في الامر مع محكمة النقض : " انها ( اي الحصانة)
------------------
19) قرار 05/08/1982 ( دالوز جنائي 1968 - حصانة فقرة 41 ) .
20) المحكمة الجنحية ل : NEVERS بتاريخ 15/06/1956 ( دالوز نفس الفقرة ) .
----------------
ليست  امتيازا انشئ لفائدة  طائفة من الافراد،  و لكنها تدبير  من النظام العام من شانه  ان يجعل السلطة التشريعية  بمناى عن خروقات السلطة التنفيذية" (21) .

وقد اتيح لرئاسة الجمعية الوطنية  الفرنسية في عدة مناسبات  ان ذكرت اعضاءها الذين صرحوا بتنازلهم عن الحصانة البرلمانية ان ذلك ليس من حقهم، لان هذه الحصانة ليست ممنوحة لهم  وانما للجسد الوظيفي الذي يمثلونه او للولاية التي ينهضون بها (Le mondat) . وقد حدث هذا للسيد كاتاي CATAYEE بتاريخ 6 مايو 1960 و للسيد ريفس هنريس Rives - Henrys بتاريخ 22/11/1971، و للسيد مارسيل داسو Marcele dassault بتاريخ 26/05/1976 و للسيد كريستيان نوتشى   Christiane Nucciفي 11 غشت 1986 .

ولعل تشدد القانون و الفقه و المجتمعين المدني و السياسي في فرنسا في اعطاء صبغة  النظام  العام للحصانة البرلمانية يجد اصوله في الفترة التاريخية التي اقرت فيها الجمعية الفرنسية نظام الحصانة البرلمانية،  اذ حدث ذلك في خضم الثورة  الفرنسية حيث اصدرت الجمعية الوطنية قرارها التاريخي في  23 يونيه 1789 الذي صرحت فيه ان كل فرد او محكمة او لجنة تقوم خلال  او بعد  الدورة الحالية بمتابعة او ملاحقة او بابقاء  القبض او اعتقال برلماني من اجل اقتراح او راي او خطاب يقدم للحكومات العامة يعتبر جاحدا وخائنا للامة ومرتكبا للخيانة العظمى ( 22) .

وينتج عن اعتبار الحصانة البرلمانية من النظام العام انه  يتعين على القاضي  اثارتها تلقائيا  (23) كما تمكن اثارتها في كل مراحل القضية ، وقد اكد القضاء الفرنسي
---------------
21)   "ce n'est pas un privélège créé au profit d'une catégorie d'indvidus; c'est une mesure d'ordre public- pour mettre le pouvoire législatif au dessus des atteintes du pouvoir exécutif ".                                               
22) Tout  particulier… cour ou commissoin qui oseraient ¸ pendant ou aprés la présente seccion ¸ poursuivre ¸ rechercher ¸ ou faire arrêter ¸ détenir ou faire détenir un député pour raison d'aucun proposition avis ou discours fait par lui aux Etats - généraux (…) sont infâmes et traîtres envers la Nation et coupables de crime capital. 
                                                                                                                                        
(23 ) محكمة باريس 18/05/1953 : انظر GAZETTE DU PALAIS .انظر ايضا :  ص 88 من كتاب كريستيان بيكو   La responsabilité pénale des hommes politiques  وقد اورد هذا الكتاب في هامش الصفحة 91 من نفس الكتاب قرارا  للغرفة الجنائية  لمحكمة النقض بتاريخ 05/08/1822 صرحت فيه ان كل الاجراءات المسطرية المنجزة خرقا لمبدا الحصانة تعتبر باطلة .
 وكذلك داولوز الجنائي 1968 الحصانة فقرة 42 .
----------
انه يمكن اثارتها لاول مرة  امام محكمة الاستئناف او امام محكمة النقض (24) ولذلك فان كل الاجراءات  التي تتخذ خرقا  لمبدا  الحصانة  تعد لاغية،  بل ان المشرع الجنائي عاقب على ذلك الخرق بالتجريد من الحقوق الوطنية وهي عقوبة جنائية  نص عليها  الفصل 229 من القانون الجنائي المغربي (25) . غير ان هذا الاتجاه ليس مطلقا،  اذ ان بعض الدساتير الحديثة قد حادت عنه كالمادة 110 من الدستور  الجزائري ل28 نونبر 1996 التي اباحث لنواب مجلس  الامة التنازل عن الحصانة البرلمانية (26) .

المبحث الثاني : الحصانة البرلمانية شخصية .

لان الحصانة البرلمانية  قررت من اجل منح نواب الامة الاحترام الكامل خلال اداء مهامهم،  في جو يحقق لهم الامن و الطمانينة للدفاع عن مصالح الامة التي وكلتهم (27)،  فان هذه الحصانة  شخصية خاصة باعضاء البرلمان،  ولذلك لا يستفيد منها ذووهم ولا اقاربهم .
كما انها لا تمتد لمنزل البرلماني  ولا لسيارته ولا لمكان عمله حيث يمكن للعدالة ان تباشر ابحاثا وتفتيشات او تجري حجزا دون  ان يكون ذلك خرقا لمبدا الحصانة البرلمانية او تعديا عليها (28) .
-----------
(24) قرار الغرفة الجنائية لمحكمة النقض 3 فبراير 1955 - انظر دالوز الجنائي - الحصانة بند 41 وقد نقل نفس الاجتهاد جندي عبد الملك  في المجلد
الثالث من الموسوعة الجنائية ص 545 .
(25) القانون الفرنسي ايضا  يعاقب عن ذلك  بمقتضى  المادة 121 من القانون الجنائي .
(26) المادة 110 من الدستور الجزائري : (( لا يجوز الشروع في متابعة  نائب او عضو  مجلس الامة  بسبب جريمة او جنحة  الا بتنازل صريح منه او باذن، حسب الحالة،  من المجلس الشعبي الوطني  او مجلس الامة،  الذي يقرر رفع الحصانة عنه باغلبية اعضائه)) .
(27) اورد جندي عبد المالك  في الصفحة 620 بند 272 من الجزء الخامس من الموسوعة  الجنائية  ما يلي (( وهذه الحصانة البرلمانية  تضمن  لنواب الشعب الطمانينة التامة و الحرية الكامنة  اللذين هم في حاجة اليهما  للقيام بمهمتهم،  وتكفل الاستقلال التام للسلطة  التشريعية في علاقاتها  بالسلطة القضائية  و السلطة  الادارية  الذين هما فرعان من السلطة التنفيذية)) .
(28) انظر البند 44 من دالوز  الجنائي  1968 Infra  44 -  Immunités : Dalloze pénal. وقد ورد هذا المعنى  كذلك لدى جندي عبد المالك  في الجزء الثالث من الموسوعة  الجنائية ص 555 بند 184 : ثانيا و ثالثا، وورد كذلك في الصفحة 91 من كتاب المسؤولية الجنائية لرجال السياسة لكريستيان بيكو .
-----------
ولا يستفاد مطلقا  من مقتضيات الفصل 39 من الدستور المغربي ما يفيد امتداد الحصانة البرلمانية  خارج شخص  العضو البرلماني، فهي كما سنرى مقتصرة على منع الاجراءات الماسة بحرية النائب كالاعتقال والقاء القبض .
ولا يستفيد من الحصانة البرلمانية شركاء عضو البرلمان ولا المساهمون معه في ارتكاب الفعل الجرمي اذا لم يكونوا  هم ايضا اعضاء في البرلمان .

الفرع الثاني  :  نطاق الحصانة البرلمانية
سنرى ان الحصانة المقررة لفائدة اعضاء البرلمان نوعان . حصانة بمثابة لا مسؤولية يتوفر عليها البرلماني بمناسبة ابدائه لارائه او قيامه بالتصويت،  وهي حماية تكاد تكون مطلقة تشمل كافة انواع الجرائم ماعدا الاستثناءات المنصوص عليها في الفقرة الاولى من  الفصل 39  من الدستور المغربي وتحول دون مسؤوليته المدنية. وحصانة ضد الاجراءات  القضائية  تهم الافعال  الجرمية المرتكبة من قبل  عضو البرلمان بعيدا عن مهامه البرلمانية،  وهذه توفر  له حماية  خاصة  بشان  الجنايات و الجنح دون المخالفات .

كما ان الحصانة البرلمانية مرتبطة بالحالات البرلمانية،  وتوجد خلال فترة زمنية محددة ( الحصانة ضد الاجراءات او الحرمة البرلمانية)، او تستمر في توفير التغطية  لعضو البرلمان بالنسبة للجرائم المنسوبة اليه  خلال اداء مهامه التمثيلية   الامسؤولية البرلمانية) حتى بعد انتهاء نيابته .

المبحث الاول : النطاق الموضوعي للحصانة البرلمانية

لا تعني الحصانة البرلمانية عصمة النائب من ان يكون مدعى  عليه في دعوى مدينة او تجارية،  اذ يمكن متابعة اعضاء  البرلمان امام القضاء المدني دون قيد خاص، و من غير حاجة  للحصول على اذن  من المجلس النيابي  الذي  ينتمون اليه،  ولو كانت الدعوى  تهدف الحصول على تعويض مدني ناتج عن فعل جرمي. وقد مضى الاجتهاد القضائي في فرنسا في هذا الاتجاه منذ اكثر من قرن (29)،  وقرر القضاء  الفرنسي ايضا ان الحصانة لا تمنع من استدعاء البرلماني بوصفه مسؤولا مدنيا عن
------------
(29) حكم محكمة مونبولي بتاريخ 14 يوليوز 1873 - انظر دالوز الجنائي بند 49 من الحصانة .
-----------
جرم . وقد صرحت الغرفة  الجنائية  لمحكمة النقض الفرنسي في قرارها  بتاريخ 3 غشت 1893 (30) : (( ان هذا الحل متاح سيما ان المسؤولية  المدنية (للبرلماني) لا تؤدي الى  اعتقاله ولا حبسه ولا حتى  تطبيق الاكراه  البدني في حقه)) .

ولذلك فان البرلماني لا يتمتع باية حصانة امام القضاء المدني  سواء تعلق الامر بدعوى  مدنية  اصلية  او تابعة اذ تمكن مقاضاته  دون حاجة لاذن من المجلس البرلماني  الذي ينتمي  اليه باستثناء  الحالة المنصوص عليها في الفقرة الاولى من الفصل 39 من الدستور  كما سنرى .

ولا تحول الحرمة البرلمانية  كذلك دون المتابعات  التأديبية  التي قد  يتعرض لها البرلماني، كما لو تعلق  الامر ببرلماني ينتمي لهيئة مهنية منظمة كهياة المحاميين او الاطباء مثلا فلا تمنحه صفته البرلمانية اية حصانة ازاء القرارت التاديبية لهياته  الا اذا تعلق  الامر  بمقتضيات الفقرة  الاولى  من الفصل 39 من الدستور المتعلقة باللامسؤولية البرلمانية .

كما لا تحول الحصانة البرلمانية دون مقاضاة البرلماني  امام محكمة ادارية  سواء من اجل الطعن  في قرار اداري  صدر عنه  بصفته  الادارية او من اجل المطالبة بالتعويض عن تصرفه  الاداري، وكثيرا  ما يمارس  البرلمانيون  مهام ادارية  بالجماعات  المحلية مثلا .

واما بالنسبة للمتابعة  الجنائية فان الحصانة  تمتد فقط الى الجنايات و الجنح دون المخالفات . فالفصل 39 من الدستور  نص صراحة في الفقرة  الثانية على عدم متابعة  عضو البرلمان او القاء القبض عليه  (( من اجل جناية  او جنحة غير  ما سبقت  الاشارة اليه في الفقرة الاولى ... )) .
وهذا هو نفس المنحى  الذي كان  قد نهجه الدستور الفرنسي للجمهورية  الخامسة ( فصل 26 ) (31) .
----------------
(30) انظر دالوز الجنائي 1968 - الحصانات فقرة 49،  وقد اشير به  لعدة اتجاهات قضائية .
(31) "Aucun membre  du parlement ne peut faire l'objet en matiére criminelle ou correctionnelle¸ d'une arrestation ou toute autre mesure privative ou restrictive de liberté qu'avec l'autorisation …"                    
كما تبنى الدستور التونسي لفاتح جوان 1959 نفس المعنى في الفصل 27، والدستور الجزائري ل 28/11/96 في المادة 110، وكذلك الشان بالنسبة للمادة 50 من الدستور الموريطاني المصوت علية في 12 يوليوز 1992 .
----------------- 
واما في مصر فان المادة 99 من الدستور تنص على انه "لا يجوز اتخاذ اية اجراءات جنائية"  ضد اعضاء البرلمان .
ويستفاد من هذا النص ان الحصانة  البرلمانية في مصر تشمل كافة الدعاوى  الجنائية و الاجراءات المرتبطة  بها، وان مجال الحصانة  يتسع لحماية البرلماني المصري من سلطة القضاء الزجري  بسبب اتهامه  بجريمة كيف ما كانت  خطورتها  جناية  او جنحة  او مجرد مخالفة . و بالموازة مع ذلك فان البرلماني لا يتوفر على اية حماية  تقيه من الدعاوي المدنية .

ويرى  البعض ان قصر الحصانة البرلمانية على الجنايات و الجنح دون المخالفات  يجد تفسيره  في كون العقوبات  المقررة لهذه الاخيرة بسيطة وليس من شانها التاثير على استقلال البرلماني  او تهديد في اداء مهمته النيابية التي كانت السبب في منحه الحصانة .

و الواقع انه اذا كان هذا الراي يعتبر وجيها  في مبدئه، الا ان بعض المخالفات  يعاقب عنها  بعقوبات سالبة  للحرية. فالفصل 18 من القانون الجنائي  المغربي يعتبر مخالفات الجرائم المعاقب عنها بغرامة تقل عن 1200 درهم وبالاعتقال لمدة تقل عن شهر واحد، وهذه ليست عقوبة بسيطة (32) .

ولذلك فان الاساس المعتمد لاقصاء المخالفات من دائرة الحصانة البرلمانية لم يعد صالحا  طالما ان عقوبة الاعتقال تترصد النائب الذي يرتكب مخالفة معاقبة بتلك العقوبة،  في حين انه بمناى عن كل حد من حريته متى تعلق الامر بجناية او جنحة وهما جريمتان اشد خطرا. وبالاضافة لذلك فان القصد من تقرير الحصانة البرلمانية، وهو تحقيق الاستقلال البرلماني وتمكينه  من القيام بواجبه النيابي دون  خوف او تخوف من انتقام السلطة التنفيذية او الخصوم السياسيين، يقتضي تمديد الحصانة الى المخالفات المعاقب عليها بعقوبات سالبة للحرية حتى لا يقع استغلالها للحد من حرية اعضاء البرلمان في اداء مهامهم في الدفاع عن الناخبين .
------------
(32) لم يعد القانون الفرنسي يعاقب عن المخالفات بعقوبات سالبة للحرية منذ التعديل الذي طال المادة 12-132 من القانون الجنائي والذي دخل حيز التطبيق في فاتح مارس 1994 اكتفى المشرع الفرنسي بالغرامة والحرمان من ممارسة بعض الحقوق لمدة معينة  كحق القنص او السياقة : انظر المادة 14-132.
----------- 
 ولا بد ان نلاحظ،  من جهة اخرى، ان قصر الحصانة على الجنايات والجنح انما يهم فقط مقتضيات الفقرتين الثانية و الثالثة من الفصل 39 من الدستور المغربي دون مقتضيات الفقرة الاولى التي تهم  موضوع اللامسؤولية البرلمانية كما سوف نرى في الفصل الثاني من هدا البحث .

المبحث الثاني : النطاق الزمني للحصانة البرلمانية
(او ارتباطها بالحالة البرلمانية)
ان كون الحصانة مقررة لفائدة المهام البرلمانية، يؤدي بالضرورة الى كونها تلازم عضو البرلمان
خلال فترة نيابته، تنطلق بانطلاقها وتنتهي بنهايتها .
- بداية الحصانة البرلمانية :
 بيد ان الاختلاف يطرا في  تحديد بداية النيابة البرلمانية،  وهل يتعين احتسابها منذ تاريخ الاعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية ام اعتماد  مقياس اخر ؟ .
في تاريخ القضاء المغربي واقعة شهيرة اثير فيها  هذا النزاع امام محكمة العد ل الخاصة تعرف بقضية النائب محمد حمادي اضبيب (33)
انتخب السيد محمد حمادي اضبيب نائبا  عن دائرة تاركيست اقليم الحسيمة بمجلس النواب في الانتخابات العامة التي جرت بتاريخ 3 يونيه 1977.
وبتاريخ 6 اكتوبر من نفس السنة القي عليه القبض من طرف الضابطة القضائية وتمت متابعته  بتاريخ 8 نونبر، بينما افنتحت اشغال مجلس النواب المنتخب يوم 14 اكتوبر 1977 .

وخلال سير اادعوى تقدم دفاع النائب المذكور بدفع للمحكمة قصد التصريح ببطلان اجرائي القاء القبض والمتابعة اعتبار لكون الاجرائين مخالفا مقتضيات الفصل 37 من دستور سنة 1972 (34) ولكونهما  تما دون  رفع الحصانة البرلمانية عن النائب اضبيب من قبل مجلس النواب ومن غير توفر حالة التلبس .
---------------
(33) الحكم منشور بمجلة المحاماة (جمعية هيئات المحاميين بالمغرب) العدد 15 سنة 1979 ص 87 . ويتعلق الامر بالحكم عدد 773 الصادر بتاريخ 13 ابريل 1979 في القضية 449 .
 (34) اصبح يحمل رقم 39 في الدستور الحالي للمملكة الصادر سنة 1996 .
---------------
وقد ردت المحكمة هدا الدفع معتبرة ان الحصانة مرتبطة بالحالة البرلمانية، وان عبارة خارج مدة دورات المجلس الواردة في الفقرة الثالثة من الفصل 37 من دستور سنة1972 تفيد ان مجلس النواب "قد افتتح رسميا واصبح يزاول اعمال بكيفية منتظمة خلال فترات معينة"، وهذا المعنى تؤكده الفقرة التي تنص على ان  "القاء القبض على اي عضو (لا يمكن) … الا باذن من مكتب المجلس"،  مما  يستخلص منه- تقول المحكمة في حكمها- "ان مقتضيات هذه الفقرة لا تنصب الا على الفترة الزمنية الموالية لافتتاح اول دورة لمجلس النواب اي خلال ممارسة النواب للسلطة  التشريعية التي انتدبوا لها والمحددة مدتها في اربع سنوات (35) تنتهي  في اليوم  السابق لافتتاح دورة اكتوبر  في السنة االرابعة التي تلي الانتخابات حسب ما نص عليه  الفصل 43 من الدستور (36) والفصل 3 من القانون التنظيمي  المتعلق بمجلس النواب وانتخاب اعضائه" .

واقرت المحكمة ان القاء القبض على النائب المنتخب في اقتراع 3  يونيه 1997  والذي تم يوم 6 اكتوبر 1977 قد حدث قبل افتتاح اول دورة للبرلمان يوم 14 اكتوبر 1977، واعتبره لا يتضمن خرق أي نص تشريعي .
وعن متابعة النائب التي تمت بامر مكتوب لوزير العدل يوم 8 نونبر 1977 (37) رات المحكمة انها لا تشكل خرقا لمبدا الحصانة لانها استندت لالقاء  القبض الذي  تم بصفة مشروعة " في وقت لم يكن المتهم قد مارس فيه بعد مهام النائب داخل مجلس النواب، فان القيام بمتابعته بعد  ذلك لم يكن بالاحرى في حاجة للحصول على  اذن خاص من المجلس المذكور ". ولم يفت المحكمة   ان تلاحظ ان الفقرة الثالثة من
---------------
(35) كان البرلمان المغربي بمقتضى دستور 1972 الذي صدر الامر بتنفيذه  لمقتضى ظهير 10 مارس 1972  بالجريدة الرسمية عدد 3098 المؤرخة في 15/03/1972  يتكون  من غرفة واحدة هي  مجلس النواب الذي كان بنتخب  لمدة اربع سنوات .
(36) اصبح البرلمان المغربي بمقتضى الدستور المراجع لاستفتاء 13  شتنبر 1996 (الجاري به العمل حاليا)  يتكون من غرفتين : مجلس النواب ينتخب اعضاؤه  بالاقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات ومجلس المستشارين  الذي ينتخب اعضاؤه  بكيفية غير مباشرة  (من قبل هيئات ناخبة تتكون من ممثلي الجماعات  المحلية و ممثلي المنتخبين في الغرف المهنية وممثلي الماجورين) لمدى تسع  سنوات  (الفصلا ن  37 و 38  من دستور 1996) .
  (37) تبعا للفصل  الثامن من القانون المنظم لمحكمة العدل الخاصة بتاريخ 06/10/1972، فان المتابعة لا يمكن  ان تتم الا بناء لى امر كتابي لوزير العدل.
------------------
الفصل 37 من دستور 1972 عندما اوجبت الحصول على اذن لالقاء  القبض على احد النواب خارج مدة دورات المجلس "لم تتعرض لوجوب اذن خاص لاجراء المتابعة وذلك اعتمادا على ان القاء القبض الماذون فيه او المشروع لا تتوقف المتابعة المترتبة عنه على اذن خاص مع العلم ان المتابعة من اجل جناية او اجنحة اجراء يمكن ان يمارس منفردا دون القيام حتما بالقاء القبض على الشخص المعني بالامر وهي الحالة التي نصت  عليها الفقرة الثانية من الفصل 37  من الدستور" .

وقد جاء في دالوز الجنائي في باب الحصانات، بند رقم 51 ان "الحصانة تكتسب في الانتخابات الجزئية من يوم اعلان النتائج، وفي حالة الانتخابات العامة "من اول اجتماع للمجلس الجديد" (38) .
ويبدو ان النظامين الداخليين لمجلسي النواب والمستشارين اللذين اقرهما المجلسان بتاريخ 14 ابريل 1998 قد تبنيا هذ المفهوم حين نصا في  المادة 84  بالنسبة  للنظام الداخلي لمجلس النواب والمادة 98 من النظام  الداخلي لمجلس  المستشارين على ان الاعلان  عن العضوية بالمجلسين يتم وفقا للمادتين 8 و9 من النظامين المذكورين . وقد ورد في المادة الثامنة من النظامين الداخليين ان رئيس المكتب المؤقت يعلن عند افتتاح اول دورة تشريعية"عن  اسماء المستشارين (او النواب) المنتخبين حسب اللائحة الرسمية المعلقة من لدن
السلطة المختصة، ثم يامر بتعليق تلك اللائحة ونشرها في الجريدة الرسمية واثباتها في  محضر الجلسة
(الافتتاحية)".                                                                                                                        
 
وكان النظامين يعنيان بذلك ان صفة برلماني لا تكتسب الا مع انطلاق الجلسة الافتتاحية للسنة التشريعية الاولى .  وبالنسبة لمجلس المستشارين الحالي، الذي من المقرر ان يجدد ثلثه الثاني سنة 2003 بعدما تم تجديد ثلثه الاول بتاريخ 15 شتنبر 2000، فان انطلاق  المهام البرلمانية
------------
38 ) يتعلق  الامر بقرار للغرفة الجنائية لمحكمة النقض الفرنسية صدر بتاريخ 30 يناير 1903 (بالنسبة للحالة الاخيرة) : en cas d'élections partielles l'inviolabilé est acquise au jour de la proclamation de l'élection : (soulier, Op. Cit, page 237) en cas d'élection générales elle s'applique à partir de la premiere réunion de la nouvelle chambre (crim. 30/01/1903,d.p.1905.1.507,Rapport Roulier, Paris 18/05/1953, Gaz.pal .1953.2.178. SOULIER, OP.ait, page 237 ).
------------------
لاعضائه المنتخبين لاول مرة يتم في يوم افتتاح الدورة الموالية لذلك الانتخاب . وهكذا فقد اكتسب البرلمانيون بمجلس المستشارين الذين انتخبوا لاول مرة خلال استحقاق 15 شتنبر 2000 صفهم البرلمانية بتاريخ يوم الجمعة 10 اكتوبر 2000 الذي صادف افتتاح السنة البرلمانية الرابعة للبرلمان الحالي المنمتخب سنة 1997 (39) .

- نهاية الحصانة البرلمانية : 
وادا كان تاريخ بداية تمتع اعضاء البرلمان بالحصانة البرلمانية قد اثار هذا الخلاف، فان انتهاء مفعول الحصانة لا يتم باخر دورة من دورات البرلمان، ذلك  ان الفقرة الاولى من الفصل 37 من الدستور الحالي تنص على ان اعضاء مجلس النواب ينتخبون لمدة خمس سنوان "وتنتهي عضويتهم عند افتتاح دورة اكتوبر من السنة الخامسة التي تلي انتخاب المجلس " . وقد تبنت هذا المعنى محكمة العدل الخاصة في قرارها المشار اليه سابقا (40) .
واذا تعلق الامر بانتخابات جزئية فان الحصانة تكتسب من تاريخ اعلان النتيجة اذا كانت الولاية البرلمانية جارية
والبرمان قد افتتح اشغاله، ففي  هذه الحالة لا يتعلق الامر سوى بملء مقعد اصبح  شاغر ابعد افتتاح البرلمان (41) .

اما اذا جرت الانتخابات الجزئية قبل افتتاح البرلمان -  كما لو شغر مقعد برلماني خلال الفترة التي تلي اعلان  النتائج وقبل افتتاح  البرلمان وتم تجديده بانتخابات جزئية، فان حصانة البرلمان المنتخب لا تنشا الا مع افتتاح البرلمان .
-----------
 39) بعقد البرلمان المغربي دورتين في  السنة، الاولى تبتدئ يوم الجمعة الثانية من شهر اكتوبر والثانية يوم الجمعة الثانية من شهر ابريل .
وينتخب اعضاء مجلس النواب لمدة خمس سنوات، واعضاء مجلس المستشارين لمدة تسع سنوات، وبالنسبة لهذا الاخير يجدد ثلث اعضائه كل ثلاث سنوات، وقد نص الفصل 38 من الدستور على انه بالنسبة للتجديدين الاول والثاني يتم تعيين المستشارين الذين يتم تجديدهم بالقرعة .
  "خلال ممارسة النواب السلطة التشريعية التي انتدبوا لها في اربع سنوات تنتهي في  اليوم السابق لافتتاح  (40)
دورة اكتوبر  من السنة الرابعة التي تلي الانتخابات حسبما نص عليه الفصل  37 من الدستور" . علما ان فترة ولاية اعضاء مجلس النواب  ارتفعت لخمس سنوات بمقتضى دستور 1996 .
 قبله .  انظر الهامش رقم 38(41)
-----------
وقد راينا ان اعضاء مجلس المستشارين الذين عينتهم القرعة المجراة لتجديد الثلث الاول لمجلس المستشارين ظلوا يمارسون مهامهم (وعلى راسهم رئيس مجلس المستشارين السابق السيد محمد جلال السعيد) الى غاية يوم الخميس تاسع اكتوبر2000 وهو اليوم السابق لافتتاح دورة البرلمان الخريفية، التي صادفت يوم 10 اكتوبر 2000، أي الجمعة الثانية من شهر اكتوبر، وذلك رغم ان القرعة التي عينتهم لمغادرة البرلمان كانت قد اجريت يوم 11 يوليوز 2000، ان من خلفوهم انتخبوا بتاريخ 15 شتنبر 2000 .

الفصل الثاني
حالات الحصانة البرلمانية

يقسم الفقه المقتضيات الدستورية المنظمة   لحصانة اعضاء البرلمان الى نوعين :
 ، ويسميها بعض الفقهاء والدارسيين بالحصانةIrresponsabilitè parlementaire الاول : اللامسؤولية البرلمانية
 الموضوعية وتعني عدم مسؤولة البرلمانين عن الاراء التي يعبرون عنها خلال ممارسة مهامهم البرلمانية (42).
، ويسميها البعض بالحصانة الاجرائية، وتفيد عدم Inviolabilitè parlementaire الثاني :  الحرمة البرلمانية  جواز اتخاد الا جراءات  الجنائية في حق البرلمانيين الا بعد رفع الحصانة  عنهم (43) .

 ويتضح من قراءة الفصل 39 من الدستور المغربي (الموازي للمادة 26 من دستور الجمهورية الخامسة الفرنسية)  انه يمكن من هذا الفصل كذلك استقراء هذين النوعين من الحصانة (44) :
--------
(42) الفقرة الاولى من الفصل 39 من الدستور  المغربي لسنة 1996
(43) الفقرتان الثانية والثالثة من الفصل 39 من الدستور المغربي لسنة 1996
(44) تسمية الحصانة الموضوعية والحصانة ضد الاجراءات استعملت بكثرة لدى الفقه المصري :
 انظر مثلا رمضان محمد   بطيخ :  الحصانة البرلمانية وتطبيقاتها في مصر نشر دار النهضة العربية 1994  كما استعملت في المغرب : انظر  مقالة اللاستاذ خالد الشرقاوي  السموني تحت عنوان : الحصانة البرلمانية في القانون الدستوري المقارن نشرتها المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية العدد 29 اكتوبر -  دجنبر 1999 .
-------
الفرع الاول :  اللامسؤولية البرلمانية او الحصانة الموضوعية للبرلماني
( l'irresponsabilitè parlementaire)

 تنص الفقرة الاولى من الفصل 39 من الدستور المغربي : "لا يمكن متابعة اي عضو من اعضاء البرلمان  ولا
البحث عنه ولا القاء القبض عليه ولا اعتقاله ولا محاكمه  بمناسبة ابدائه لراي او قيامه بتصويت خلال مزاولته لمهامه ما عذا اذا كان الراي المعبرى عنه يجادل في النظام الملكي او الدين الاسلامي او يتضمن ما يخل بالاحترام الواجب للملك" .
ويتضح من هذه الفقرة ان الامر يتعلق بابداء عضو البرلمان لرايه او قيامه بالتصويت خلال مزاولته لمهامه البرلمانية .
فالامر يرتبط ارتباطا وثيقا  "بوظيفة" البرلماني النيابية لانه  يهم الاقوال التي تصدر من خلال أداء  مهامه والتي قد تتضمن ما يعتبر  فعلا جرميا (كالقذف او السب او الاهانة)، او يهم ما قد يصدر منه خلال  ممارسته لحق التصويت فلا مجال هنا لمؤاخذة البرلماني عن هذه الاقوال (45) .

وبديهي ان ا لامر لايهم جلسات ا لبرلمان العامة وحدها، وانما يمتد  لكافة انشطة البرلمان المرتبطة  بمهامه النيابية، ومن بينها ما يصدر عنه خلا ل عمل اللجان البرلمانية (46) او مكتب المجلس (47)، او ندوة الرؤساء (48)، او خلال جلسات الاسئلة  الشفوية،  او في سؤال كتابي موجه للحكومة .
---------
(45) في حياة البرلمان الحالي تصدى النائب العربي قرورو خلال جلستين للاسئلة الشفوية بمجلس النواب بتاريخ 19/08/1998 (الجلسة رقم 46) و 09/09/1998 (الجلسة رقم 49) لاحد القضاة ولرئيس مجلس بلدي بانتقاد لاذع تضمن اقوالا وصفها المتتبعون بالقذف والسب  .  ولم يكن النائب محلا لاية متابعة بسبب حصانته رغم ان الجلسة البرلمانية التي صدرت فيها تلك الاقوال كانت منقولة على شاشة التلفزيون . وقد تقدم رئيس المجلس البلدي المعيي بالامر بشكاية تم حفظها بالنيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بوادي زم تحت عدد 4885/98 .
   ينص النظامان الداخليان لمجلسي النواب والمستشارين على 6 لجان دائمة وعلى لجان خاصة مؤقتة(46)
 . (انظر المادتين 48 من ق ت لمجلس المستشارين و52 من ق ت لمجلس النواب)
  تتكون من رئيس كل مجلس وخلفائه ورؤساء اللجن الدائمة ورؤساء الغرف .(47)
 انظر المادة 11 من ق ت لمجلس النواب والمادة 11 من قت لمجلس المستشارين . (48)
-----------------
وليس ضروريا ان يتعلق الامر بافعال ارتكبت داخل بناية البرلمان،  فالامر لا علاقة له بالمكان وانما يرتبط 
بالمهام، حتى ولو كانت مهام مؤقتة كلفته بها الحكومة  كما ورد ذلك في تقرير م،  ماصو باسم اللجنة  الخاصة المكلفة بفحص طلب رفع الحصانة عن النائب م. ا. فيفيان سنة 1985 (49) بالجمعيةالوطنية الفرنسية .

  ويعفي هذا النوع من الحصانة عضو البرلمان من كل متابعة او بحث اواعتقال او  القاء القبض او محاكمة .  وقد استعمل الفصل  39  عبارات  لا يمكن  متابعة  البرلماني ولا البحث عنه ولا القاء القبض عليه ولا اعتقاله ولا محاكمته .

  ويبدو ان الامر يهم عدة مصطلحات قانونية يتعين ا لتذكير بمفهومها للوقوف على حقيقة الحماية التي  اعطاها المشرع الدستوري للبرلماني خلال اداء مهامه .
(La poursuite) : المتابعة -1      
المتابعة اجراء مسطري ترفع بمقبضاه الخصومة الاجنائية امام القضاء وهي تتم وفقا لعدة اشكال نصت عليها الفصول 366، 393، 419، 435 من قانون المسطرة الجنائية والفصلان 2 و 3 من ظهير الاجراءات  الانتقالية الجنائية بتاريخ 28 /09 /1974 .
  وتختلف  كيفية المتابعة تبعا لنوع الجريمة  وللطر ف المثير للدعوى العمومية ولكن يمكن اختصار طرقها في الاتي(50) :
بواسطة استدعاء لحضور الجلسة توجهه النيابة العامة او المطالب بالحق المدني للشخص المتهم والمسؤول عن الحق المدني عند الاقتضاء .
-  بواسطة الاستندعاء  الذي  يوجه بناء  على طلب لادارة المياه والغابات- في قضايا  الغابات
-----------------
Rapport M. MASSOT au nom de la commission "Ab - hoc" chargée d'examiner la demande de levée (49)
D'Immunité parlementaire de M. A. VIVIEN no 2930, 25 juillet 1985 : "L'irresponsabilité couvre le parlememtaire  auquel le gouvernement confie une mission temporaire pour les opinions émises à l'occasion de cette mission, qui n'est  pas détachable de ses (fonction) au sens de l'articl 26 de la  constitution française" . cit . DROIT PARLEMENTAIRE - Le mondat parlementaire .

 والجدير بالذكر  ان الفصل 41 من قانون الصحافة الفرنسي 29 /07/1881 يمنع اقامة اي دعوى بشان الخطب الملقاة بالبرلمان ولا عن نشر مداولات الجلسات العامة للبرلمان بالصحف اذا تم النشر بحسن نية .
(50) لا يتضمن هذا  السرد كافة طرق المتابعة : انظر مثلا قانون محكمة العدل الخاصة،  وقانون المحكمة العسكرية وكذا بعض التفاصيل عن الاحالة من طرف هيئة الحكم او هيئة التحقيق في الفصول (274 و 272 و 295 و 234 و345 من قانون المسطرة الجنائية ...) .
---------------
- بالاحالة الفورية على المحكمة  في حالة تطبيق مسطرة التلبس-الفصول 76 و 325     من قانون المسطرة الجنائية و2  من ظهير  الاجراءات الانتقالية - .
- بالاحاالة من طرف  هيئة الحكم  او هيئة التحقيق .
 و لذلك فان الاجراء المسطري الذي  تمنع الحصانة القيام به هو متابعة البرلماني امام المحكمة الزجرية من اجل فعل جرمي حتى ولو وصف بكونه مجرد مخالفة (51)، ما دام النص ورد  على اطلاقه في الفقرة الاولى من الفصل 39 .

 : (Reherche)  2- البحث عن البرلماني :
 فالامر هنا يهم اجراء كل التحريات  عن مكان وجود البرلماني وتتبعه ورصد حركاته لما في ذلك من تقييد لحريته في التنقل والتجول .
3- القاء القبض : (Arrestation) :
وهو اجراء يحد من حرية البرلماني،  ويتلعق الامر بايقافه .  وقد عرفت المسطرة الجنائية الامر بالقاء القبض  في فصل 147  بكونه  "الامر الصادر للقوة العمومية بالبحث عن المتهم وسوقه الى مؤسسة السجن المبينة في الامر…"  ونرى انه يجب التوسع في مفهوم تعبير القاء القبض الوارد في الفصل 39  من الدستور واعتباره كل اجراء من شانه ان يحد من حرية البرلماني . ولذلك فانه لا يمكن للسلطات القضائية المختصة اصدار هذا النوع من الاوامر  من اجل الافعال المشار اليها في الفقرة الاولى من الفصل  39 من الدستور لكونها محمية بالحصانة البرلمانية .

4- الاعتقال : (Détention)
 هو الحد من الحرية بعد القاء القبض، وقد يكون من اجل  تنفيذ   حكم   نهائي بالعقاب او مجرد اعتقال احتياطي او مؤقت . ومن اهم صوره الاعتقال الاحتياطي  الذي يامر به قاضي التحقيق وفقا للفصول 152 ، 153 و154  من قانون المسطرة الجنائية .
---------------
(51) وفقا  للفصل 357 من  قانون المسطرة الجنائية،  يمكن في حالة ارتكاب مخالفة لا يعاقب عنها بعقوبة سالبة للحرية ولا يظهر فيها مطالب بالحق المدني وكانت المخالفة مثبتة بواسطة محضر او تقرير يمكن للقاضي ان يصدر في غيبة المخالف امرا باداء الغرا مة استنادا الى  ملتمس تقدمه النيابة العامة  .
-------------
5- المحاكمة : (Jujement )
 المحاكمة هي مناقشة القضية امام المحكمة . وعادة  ما ينصرف مفهوم هذا  اللفظ الى المحاكمة الجنائية  . وقد استعملت المسطرة الجنائية هذا المصطلح  كعنوان للفرع السادس من الباب االرابع من الكتاب الثاني : " في  المحاكمة من اجل الجنح المرتبطة بالجنايات" .
ولكن الحقيقة تؤدي الى ان لفظ المحاكمة يعني نظر القضاء في الخصومة جنائية  كانت ام مدنية او تجارية  او ادارية، و قد استعملت اللفظة من قبل الفقه  في هذا الصدد ومن ذلك  مؤلف  لرزق الله الانطاكي بعنوان "اصول المحاكمة في المواد المدنية والتجارية"، كما ان بعض التشريعات تطلق على قانون المسطرة المدنية  اسم "اصول  المحاكمةالمدنية"  و على قانون المسطرة الجنائية "اصول المحاكمة  الجزائية" (52) .

ولذلك ينبغي فهم لفظة محاكمة الواردة في الفقرة الاولى من الفصل 39  من الدستور بمعنى عد م امكانية مقاضاة البرلماني لا امام القضاء الجنائي فحسب، وانما كذلك امام القضاء المدني  حيث لا يمكن مطالبته بالتعويض عن اضرار نجمت بسبب ابدائه لرايه او قيامه بالتصويت خلال مزاولة مهامه النيابية .
ونكاد نقول ان الفقرة الاولى من الفصل 39   تمنح العضو البر لماني حصانة تكاد تكون  مطلقة  ولا يمكن مؤاخذته  عن الاراء التي يعبر  عنها خلال مهامه او عند  قيامه بالتصويت وتمتنع  متابعته ومحاكمته او الحد من حريته او البحث عنه  او حتى  مجرد  مقاضاته امام القضاء المدني لمطالبته  بالتعويض .
ونقول  تكاد  تكون حصانة مطلقة لان المشرع  الدستوري اوجد لها استثناءات  ثلاث،  يصبح البرلماني  في  حالة   ارتكابها، مجردا  من كل حصانة.  وهذه الاستثناءات  هي :
-------------
(52) انظر القاموس القانوني : فرنسي عربي - ابراهيم نجار، احمد زكي بدوي ويوسف شلالا مكتبة لبنان طبعة 1983 ص 320 - ومعجم عبد النور الحديث لجبور عبد النور - عربي فرنسي -  دار العلم للملايين بيروت 1983 ص 901 . وجاء في المعجم العربي الاساسي "لاروس" نشر  المنظمة العربية للعلوم والثقافة ALESCO سنة 1989 ص 340 و 342 ان محاكمة هي مصدر حاكم يحاكم محاكمة ويقال حاكمه الى القضاء أي خاصمه ودعاه الى حكمه .
------------
1 -  اذا كان   الراي المعبر عنه يجادل  في النظام الملكي .
2- او الدين الاسلامي .
3-  او يتضمن  ما يخل  بالاحترام  الواجب للملك .
ويجدر بالذكر ان تصدير الدستور المغربي نص على كون المملكة دولة اسلامية . كما ان الفصل  الاو ل  حدد  نضام الحكم بالمغرب  بكونه  "ملكية دستورية ديمقراطية  واجتماعية" . ونص الفصل السادس على ان  الاسلام  هو دين  الدولة . ووصف الفصل  التاسع عشر الملك بكونه امير المومنين والممثل الاسمى للامة ورمز وحدتها … واعتبر الفصل 23 شخص الملك مقدسا لا تنتهك حرمته .

ولذلك فان النائب او المستشار البرلمانيين  لا يتوفران على اية حصانة اذا كان الراي الذي عبرا عنه  خلال مزاولتهما  لمهامهما  يجادل في نظام  الملك  بالمغرب  (الفصل  الاول  من الدستور)  او في الدين الاسلامي  (التصدير والفصل6)  او يتضمن  ما يخل  بالاحترام  الواجب للملك (الفصل 23  من الدستور) (53) .

وباستثناء   هذه  الحالات  فان البرلماني  يتمتع خلال ادائه لمهامه (عند ابداء  الراي او القيام بالتصويت)  بحصانة  مطلقة تحول دون كل متابعة  مدنية او ز جرية . وقد اورد كريستيان بيكو في كتابه  المسؤولية  الجنائية لرجال السياسة (ص 88) : "ان هذه  الحصانة  تحول دون  كل  متابعة جنائية او  مدنية، وتحمي البرلماني بكيفية مطلقة  خلال فترة  نيابته ويستمر مفعولها الى  ما بعد   تلك الفترة…  فهي  لا مسؤولية  قضائية مطلقة تستجيب لضرورة توفير حماية كاملة لاعنضاء  البرلمان من كل متابعة مدنية او جنائية (54)" .
------------
(53) ادخل هذا الاستثناء بمقتضى دستور 1970، لان الدستور المغربي الاول لسنة 1962 لم يورد أي استثناء على حالة اللامسؤولية، وقد احتفظت الدساتير الموالية المعتمدة سنوات 1972 و 1992 تم 1996 بنفس الصيغة معتمدة استثناء الجدال  في المقدسات (الدين والملكية واحترام الملك) من الحصانة .
(54) "Cette immunité s'oppose à toute poursuite tant pénale que civile et protége d'une maniére absolue le parlementaire pendant son mondat et aprés l'expiaration de celui-ci . les parlementaires nationaux bénéficient d'une irrésponsabilité juridique absolue . elle correspond à la nécessité de porotéger de façon compléte les membres du parlement de toute poursuite civile ou pénale. Inputable à l'accomplissement du mondat qui leur a été confié par le suffrage universel".
---------
 وقد ورد في دالوز  الجنائي : "اللامسؤولية  البرلمانية صبغة مطلقة  في مجال  تطبيقها، فهي تحول دون جميع الدعاوى الجنائية او المدنية . انها دائمة تمنع  المتابعات  حتى بعد انقضاء  الفترة  النيابية (55)" .
 وخلاصة القول ان هذا  النوع  من الحصانة يشكل  ضمانة  حقيقية لنواب  الامة  تتيح لهم جوا  من الثقة يكفل لهم العتبير عن اراء  ناخبيهم دون تخوف مما يشكل اداة ناجعة  بيدهم لمراقبة عمل الحكومة لانها تضمن لهم الطمانينة في الحاضر والمستقبل  اذ لا يمكن مؤاخذتهم  خلال نيابتهم او بعد انتهائها  بمضي  المدة  او بالاستقالة او  حتى لاسباب اخرى  كالغاء  الانتخابات  او حل البرلمان .
 
الفرع  الثاني : الحرمة البرلمانية  او  الحصانة  الاجرائية
(L'inviolabilité parlementaire)
 يقصد بالحصانة الاجرائية، حماية البرلماني من الخضوع  للاجراءات  المسطرية امام القضاء الجنائي ما لم يكن في حالة تلبس  وما لم يصد ر اذن  من البرلمان او مكتبه برفع الحصانة .
في مجرد مانع مؤقت   يحول  دون  تطبيق الاجراءات  الجزائية ما لم  ياذن  البرلمان او  مكتبه بذلك،  وما لم تتوفر حالة  التلبس   بالجناية  او الجنحة .
فهذا النوع من الحصانة  لا يهدف الى عدم مساءلة  البرلماني عن الجرم الذي يرتكبه وانما يقتصر على اخضاع تلك المساءلة  الى  الموافقة المسبقة للبرلمان .

  فالحرمة البرلمانية تتعلق باجراء  مسطري  خلافا  لانعدام  المسؤولية  المنصوص  عليه  في الفقرة  الاولى  من الفصل  39  من الدستور المغربي  التي  تمس موضوع المسؤولية وجوهرها .  فالامر هنا يتعلق  بامر اجرائي  يقتضي  الا تتم المساءلة  القضائية  الا  بعد الحصول على اذن  المجلس النيابي الذي ينتمي اليه  العضو  البرلماني في حالة انعقاد  دورات  البرلمان  او اذن مكتب ذلك المجلس  اذا كان الامر خارج الدورات  . فهي اذا  "ضمانة دستورية بعدم  اتخاد اي من الاجرا ءات  الجنائية - في غير  حالة التلبس
----------
(55) "L'irresponsabilité a dans son domaine d'application un caractère absolu a toute action pénale ou  civile. Elle est perpétuelle et s'oppose aux  poursuits même aprés l'expiration du mondat" . Dalloz pénale (بند 38) 1968 IMMUENITE 
-----------
بالجريمة-  ضد احد اعضاء البرلمان  اثناء انعقاده  بغير اذن من المجلس  التابع له  ذلك العضو .  فهذه الضمانة  اذا اجرائية بحتة (56) " .
وقد كانت  غاية المشرع  اللدستوري  من اقرار   هذه  الحماية ان يتيح لممثلي الامة امكانية ممارسة مهامهم دون حرج ولا تهديد،  وحمايتهم من كل الاكراهات التي تصاحب المتابعة القضائية  والتي قد تؤدي  الى عرقلة عملهم . وقد اراد لها المشرع  بعدا  مزد وجا فهي  اما ان تحول دون المتابعة القضائية او الاجراءات  الجنائية المقصودة بمقتضى الفصل  39 من الدستور،  او تؤثر على سير الدعوى العمومية  المقامة  ضد البرلماني ، فهي كما يرى كريستيان بيكوC. BIGAUT  استنثناء  من مبدا   فصل السلط (57) .

 والحرمة البرلمانية - كانعدام  المسؤولية- من النظام  العام يثيرها القاضي   تلقائيا وتثار في كل مرحلة من مراحل المسطرة القضائية،  وهي ذات طابع نسبي لانها  لا تمس الجريمة في حد   ذا تها  وانما تمس الاجراءات،  ولا يستفيد منها سوى  شخص  البرلماني نفسه، ولا تحمي بيته ولا مكتبه،  وهي - على عكس اللامسؤولية البرلمانية - خاصة بالجنايات والجنح دون المخالفات سواء ارتكبها البرلماني خلال  ممارسته عمله او بعيدا عن مهامه ما لم يتعلق  الامر بالحالة المشار اليها في الفقرة  الاولى من الفصل 39 .

وبالرجوع الى نص  الفصل  39  من الدستور المغربي سنة 1996  يمكن تقسيم الحرمة البرلمانية - او الحصانة الاجرائية - الى قسمين،  او لنقل ان الامر تفرضه مرحلتان زمنيتان تتعلقان بانعقاد دورات البرلمان او عدم انعقادها . ولذلك  ميز المشرع الدستوري بين الحالة التي تكون فيها دورة البرلمان منعقدة، والحالة التي لا يكون فيها البرلمان منعقدا .
------------
(56) رمضان محمد بطيخ : الحصانة البرلمانية وتطبيقاتها في مصر 1994 ص 15 و 16. والجدير بالذكر هنا ان الامر في  المغرب له خصوصية عن النص الدستوري المصري . فهذا الاخير يحول دون اتخاذ أي اجراء جنائي ضد البرلماني، مما يجعل الامر يشمل كافة الاجراءات الجنائية، وهو ما لا ينص عليه الدستور المغربي الذي اكتفى بتحديد مجموعة من الاجراءات كما سنرى .
(54) Chrestian BICAUT . la responsabilité pénale des hommes politiques . L. G. D. I Page 90.
-------------

المبحث الاول :  الحرمة البرلمانية خلال انعقاد دورات  البرلمان

نصت الفقرة الثانية من الفصل 39  من الدستور المغربي على ما يلي :
"لا يمكن  اثناء  دورات البرلمان متابعة أي عضو من اعضائه ولا القاء القبض عليه من اجل جناية او جنحة  غير  ما سبقت الاشارة اليه  في الفقرة  الاولى من  هذا الفصل الا باذن من المجلس  الذي ينتمي اليه  ما لم يكن العضو في حالة تلبس  بالجريمة… " .

 والملاحظ من قراءة  هذه الفقرة انها تتعلق بتوفير حماية اجرائية لعضو البرلمان في الفترة التي يكون فيها البرلمان منعقدا في احدى  دوراته .
وبمقتضى الفصلين 40 و 41  من الدستور (58)،  فان البرلمان المغربي  يعقد  جلساته اثناء دورتين عاديتين كل سنة كما يمكنه ان يجتمع في  دورة استثنائية .
وتنعقد الدورتان العاديتان في تاريخ حدد الدستور نفسه، الاولى في يوم الجمة الثانية من شهر اكتوبر، والثانية في  يوم الجمعة الثانية من شهر ابريل. وجرى العرف على تسمية الدورة الاولى بالدورة الخريفية والثانية  بالدورة الربيعية،  ولم يحدد الدستور تاريخا لاحتتام  الدورتين العادديتين، وانما اجاز ختم الدورة بمرسوم اذ استمرت جلساتها ثلاثة  اشهر (59) .

 واما  الدورات الاستثنائية للبرلمان فانها  تنعقد اما بناء  على  طلب من الاغلبية المطلقة لاحد المجلسين (60) او بمرسوم . وتعقد الدورة  الاستثنائية على اساس جدول اعمال محددة  وتختتم بمرسوم  بعد  اتمام  مناقشة المسائل  التي تضمنها جدول  الاعمال .
----------------
(58) راجع في نفس الصدد المواد من 1 الى 4 من النظاميين الداخليين لمجلسي النواب والمستشارين اللذين اقرهما المجلسان بتاريخ 14 ابريل 1998 .
(59) الفصل 40 من الدستور .
(60) يتكون مجلس النواب المغربي من 325 نائبا، ويتكون مجلس المستشارين من 270 مستشارا  . والجدير بالذكر ان الاغلبية المطلقة هي نصف الاعضاء زائد واحد، فهي اذن بالنسبة لمجلس النواب 163 نائبا، وبالنسبة لمجلس المستشارين 136 مستشارا . راجع في تكوين مجلس النواب القانون التنظيمي رقم 31.97 وعن تكوين مجلس المستشارين القانون التنظيمي رقم 32.97 .
--------------
 وسواء  تعلق الامر بدورة  عادية او دورة استثنائية، فان البرلماني  يتوفر خلال انعقاد احدى هذه  الدورات  بالحماية  المنصوص عليها  في الفقرة 2 من الفصل  39  من  الدستور.
وان كان بعض الباحثين يرى ان  المراد من النص هو الدورات العادية فقط لان اجتماع البرلمان في دورة استثنائية محصور بجدول اعمال محدد  على سبيل الحصر، وانه بالرغم من وجود البرلمان في دورة استثنائية 
"فانه  لا يسترد جميع  اختصاصاته ولا يمارس كافة  صلاحياته الدستورية  على النحو  اللذي  يحدث  عندما يكون
منعقدا  في دورته العادية"(61)،  فاننا نرى ان الهدف الاساسي الذي قررت من اجله الحصانة وهو حماية البرلماني لاداء مهامه على احسن وجه وفي اطمئنان وامان تام، وهو يجب ان يتوفر على تلك الحماية خلال  جلسات  البرلمان سيان ان  تكون تلك الجلسات في دورة عادية  او في  دورة استثنائية . بل ان المنطق يفترض  الزيادة  في الحماية خلال الدورات  الاستثنائية لانها عادة ما تخصص لدراسة مسائل مستعجلة او شائكة، ولا  يجوز- اثناء دراسة مثل هذه الامور- التقليص من حماية البرلماني  ما دامت الحماية  التي توفرها له الحصانة البرلمانية خلال انعقاد الدورات  اوسع مما يتوفر له خارجها كما سوف نرى .

وبما ان الفصل 39 تحدث عن "دورات البرلمان" دون توضيح  ما  اذا  كان يقصد منها الدورات العادية او الاستثنائية، وان الفصل  40  نص  على ان البرلمان يعقد "جلساته في اثناء  دور تين في السنة" والفصل 41 نص على امكانية جمعه " في  دورة  استثنائية بطلب من الاغلبية المطلقة   لاعضاء احد المجلسين  او بمرسوم"،  فان عدم تخصيص  الفصل 39  انما يقصد منه كافة دورات  البرلمان عادية كانت او استثنائية .  
 وان الحماية المقررة للبرلماني خلال انعقاد الدورات الاستثنائية لا علاقة  لها بجدول اعمال الدورة الاستثنائية، لان المشرع  لم يربط بين ارتكاب البرلماني للجرم خلال الدورة والبث في رفع الحصانة عنه خلال تلك الدورة،
فالمراد هو تحقيق الحماية الكافية له  لجعله  بمناى  عن كل تاثير يمكن ان يمارس عليه ويحد من
---------------
(61) انظر مقالة للدكتور مصطفى قلوش الاستاذ بكلية الحقوق جامعة محمد الخامس نشرتها له جريد المنعطف بتاريخ 22/23 يناير 2000 العدد 730 .
----------
استقلاله او يحول دونه واداء مهامه التمثيلية في اطمئنان . واذا وجد تهديد بالمتابعة  خلا ل انعقاد دورة استثنائية فان البرلماني  يكون موضوع تاثير . ولذلك يجب ان يتوفر  له خلال الدورة الاستثنائية من الحماية ما يتوفر له خلال الدورة العادية . فالعبرة هي حماية البرلماني خلال اجتماع المجلس الذي يتنمي اليه وليست عدم امكانية رفع الحصانة عنه من  قبل المجلس في دورة استثنائية لان جدول اعماله محدد مسبقا  و" انها تختم بمرسوم عندما تتم المناقشة في المسائل التي يتضمنها  جدول الاعمال " (62) . لان الحماية مقررة للمهام البرلمانية وليس  لشخص البرلماني الذي انما يستفيد  منها بسبب مهامه البرلمانية، وهو يتوفر على الحصانة ذاتها خلال كافة الدورات بما فيها الاستثنائية فلا يمكن متابعته ولا الحد من حريته الا بعد الحصول على اذن من المجلس الذي  ينتمي اليه وفقا للاجراءات العادية-  كما سوف نرى- (63) .

 ويتجلى من قراءة هذه  الفقرة انه لا يمكن متابعة البرلماني ولا القاء القبض  عليه دون اذن المجلس الذي  ينتمي
اليه ما لم يكن في حالة تلبس بجناية او جنحة .
البحث التمهيدي : 
ويلاحظ هنا ان المشرع اقتصر على عدم  جواز المتابعة - اي تحريك الدعوة العمومية - ، وكذا عدم القاء القبض اي اتخاد تدبير يحد من حرية  البرلماني، وهو ما يطرح التساؤل حول امكانية  اجراء بحث تمهيدي مع النائب او المستشار البرلماني، ولا سيما استدعاؤه من قبل الضابطة القضائية والاستماع اليه وتفتيش منزله او سيارته او مكان عمله، بالاضافة الى باقي مقتضيات البحث التمهيدي، اخدا بعين اللاعتبار ان كل هذه الاجراءات ممكنة في حالة التلبس دون اذن من مجلس البرلمان الدي ينتمي  اليه العضو المعني بالامر .
-----------------
(62) الفصل 41 من الدستور .
(63) يرى الاستاذ مصطفى قلوش  في مقالته المشار اليها ان البرلمان لا يمارس خلال الدورة الاستثائية كافة صلاحياته الدستورية على النحو الذي يحدث عندما يكون منعقدا في دورته العادية، لان الدورة الاستثائية تكون مجتمعة على اساس جدول اعمال محدد مسبقا . وفي راينا ان هذا ليس مبررا للتقليص من حماية البرلماني لان تحديد جدول الاعمال هو مسالة تنظيمية قررها الدستور، واما صلاحيات البرلماني التي تحميها الحصانة وهي اساسا الحرية في ابداء الراي والتصويت والتعبير دون خوف عن ارادة الراي العام، فانها تظل قائمة خلال الدورة الاستثنائية وبذلك تجب حمايتها كما تحمى في الدورة العادية .
-------------  
  كما يثار السؤال حول ما اذا كان يمكن محاكمة البرلماني خلال  انعقاد البرلمان دون اذن من المجلس الذي ينتمي اليه .
ونرى ان المشرع الدستوري منع القيام باجرائين  اثنين في حق البرلماني -  خلا ل انعقاد دورات البرلمان -  دون الحصول على اذن من مجلس الغرفة  البرلمانية التي ينتمي اليها العضو البرلماني المعني بالامر، وهذان الاجراءان هما المتابعة والقاء القبض .

 وقند راينا معنى كلا الاجرائين، ولذلك نرى ان  احالة قضية البرلماني على  قضاء الحكم باي شكل من اشكال الاحالة ( استدعاء مباشر او احالة فورية على الجلسة، او احالة من  طرف هيئة الحكم او التحقيق، وحتى الاحالة من  طرف هيئة الحكم في جرا ئم الجلسات المنصوص عليها في الفصل 345 من قانون المسطرة  الجنائية ما لم يتعلق الامر بحالة التلبس (64) )،  وكذلك التماس اجراء تحقيق معه من  طرف قاضي التحقيق لان الغاية من اجراء التحقيق وان كانت هي البحث عن الحقيقة،  فان هدفها هو اصدار امر بالاحالة على المحكمة، نقول ان هذه الاجراءات  لا يمكن ان تتم خلال انعقاد دورات البرلمان الا بعد الحصول على اذن من مجلس البرلمان الذي ينتمي اليه العضو .

 بيد ان مجرد البحث التمهيدي لا  يعتبر من اعمال المتابعة،  فغايته هي التثبت من وقوع الجريمة وجمع الادلة عنها والبحث عن مرتكبيها (الفصل 18 من قانون المسطرة الجنائية معه )، ولذلك فان كل اجراء من اجراءات البحث التمهيدي التي لا تمس حرية العضو البرلماني لا تشملها الحصانة ولذلك فانها لا تحتاج، في نظرنا ، لاذن من مجلس البرلمان للقيام بها . ويندرج ضمن هذه الاجراءات الاستماع الى البرلماني وتفتيش منزله واستدعاءه .

ويرى اغلب الفقه ان الحصانة ضد الاجراءات باعتبارها حصانة  شخصية وليست عينية فهي تهم شخص البرلماني دون غيره ولا تخص مسكنه ولا مكتبه
-------------------------
(64) ليس ضروريا ان تكون الجرائم المرتكبة بالجلسة جرائم تلبس ما لم تتوفر فيها احدى الصفات المحددة بمقتضى الفصل 58 من قانون المسطرة الجنائية .
-------------------
ولا سيارته التي يمكن تفتيشها وفقا لقواعد المسطرة اذا تعلق الامر  ببحث تمهيدي (65) .غير ان فريقا من
الباحثين يرى انه رغم كون الحصانة شخصية وليست عينية فان هناك حالات  يستعصى فيها الفصل بين الجانب  الشخصي والعيني للالتصاق الوثيق بينهما كما هو الحال بالنسبة للمسكن الخاص بالعضو البرلماني . " فانه يتعين في هذه الحالة تغليب الجانب الشخصي نظرا لكون المراد تفتيشه هو عضو له صفة تمثيلية عامة، ولهذا يتوجب حمايته من  كل ما من شانه ان يؤثر فيه  من الناحية النفسية والاعتبارية" (66) .

وفي راينا فانه مع التسليم بوجوب حماية البرلماني اعتبارا لصفته التمثيلية، الا اننا لا يمكن ان نمنحه سوى الحماية التي قررها له الدستور . وانه خلال انعقاد دورات البرلمان لا  تشمل الحصانة سوى المتابعة والقاء القبض،  ومن  المؤكد  ا ن تفتيش منزل البرلماني لا  يعتبر من افعال المتابعة وليس  اجراء مقيدا او سالبا للحرية، وانما هو  اجراء من اجراءات  البحث الجنائي الذي غايته هي التثبت من نوع الجرائم وجمع الادلة عنها والبحث عن مرتكبيها، وانه على ضوء   اجراءات البحث التمهيدي تقرر النيا بة العامة -  عند الاقتضاء - في امرالمتابعة، التي هي رفع الخصومة امام قضاء الحكم وفقا للاشكال المنصوص عليها في الفصل 366، 393، 419 و435 من قانون المسطرة الجنائية و 2 و3 من ظهير الاجراءات الانتقالية .                                                                                                                                               
واذا كان الفصل 39 من الدستور يحصر حدود حصانة البرلماني خلال انعقاد الدورات في عدم متابعته او القاء القبض عليه، وخارج الدورات في عدم القاء القبض عليه، فان اعفاءه من مقتضيات البحث التمهيدي التي لا  تمس بحريته، بما فيها  تفتيش منزله، من شانه ان يحمل النص اكثر مما اراده  المشرع  الدستوري .

كما يمكن استدعاء النائب او المستشار البرلماني من طر ف الضابطة القضائية او النيابة العامة التي تجري البحث للاستماع لاقواله او مواجهته بالغير مادام
-----------
(65) ينص الفصل 81 من قانون المسطرة الجنائية انه لايمكن اجراء تفتيش  المساكن وتفقدها وحجز الاشياء المؤيدة للتهمة الا اذا رضي بذلك بوجه صريح الشخص التي ستجري هاته الاعمال في منزله . ويكون رضاه بتصريح مكتوب بخط يده ... اما في حالة تلبس فلا  يحتاج الامر لاذن عملا بالفصول 61 و62 و69 من قانون المسطرة الجنائية . مع العلم كذلك ان الاشكال لا يطرح في حالة التلبس لان البرلماني لايتمتع انذاك باية حصانة .
(66) الاستاذ مصطفى قلوش مقالته المذكورة .
----------
 هذا الاستدعاء  لا  يتضمن اية وسيلة من وسائل الاجبار على الحضور وتقييد الحرية، بمعنى ان النائب او المستشار يعتبر مخيرا في الا ستجابة للاستدعاء ولا يمكن اجباره بالقوة على الحضور لان ذلك سيعتبر بمثابة القاء القبض عليه وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 11 يونيه 1926 ان " الحصانة البرلمانية لا تحمي
المتمتع بها من اجراءات البحث التمهيدي او الاستدعاء للحضور كشهود، ولا  من الخبرات ولا من محاضرالمعاينات " .

 وفي قرار اخر صدر بتاريخ 16 اكتوبر 1957 صرحت محكمة الاستئناف بباريس ان الحصانة تحمي البرلماني من المتابعات وان الدعوى العمومية لا يمكن تحريكها في مواجهته خرلال انعقاد البرلمان دون الحصول على اذن من الغرفة البرلمانية التي ينتمي اليها  ، وان الملتمس المحرك للدعوى الذي يتضمن الاجراء الاول للمثابعة هو الذي لا يمكن القيام به في حق  برلماني ا ذا كان البرلمان  في حالة انعقاد " (67) .

ولكننا نرى انه لا يمكن مباشرة اي اجرا ء من اجراءات البحث التمهيدي الماسة بالحرية في حق البرلماني بما في ذلك وضعه رهن الحراسة النظرية ( الفصل 82 من قانون المسطرة الجنائية)، او استقدامه اواحضا ره بالقوة  او اجباره على الحضور، لان هذا  سيؤدي الى مخالفة روح الفقرة الثانية موضوع هذا الحديث التي تمنع ا لقاء القبض على البرلماني . ونحن نميل الى تفسير مصطلح القاء  القبض تفسيرا موسعا يفهم منه كل ا جراء يحد  من حرية البرلماني .

وبديهي ان هذا الاتجاه  يؤدي الى ترك زمام الامور بيد البرلماني المعني بالامر الذي قد  يمتثل للاستدعاء بالحضوراويقبل بالادلاء  بتصريحه او لا يمتثل حسب هواه ورغبته ووفقا لما يتماشى مع مصالحه، وهو ما سيؤدي الى افراغ النص من
------------
DALLOZ  PENAL - En cyclopedie juridique 2ème ed. IMMUNITE     (67)
Infra 59 : " L'inviolabilité protège d'abord le parlementaire contre les poursuites; l'action public ne peut être mise en mouvement contre un parlementaire lorsque le parlement est  en session à moins que l'assemblée dont il fait partie ne l'autorise  . c'est le requisitoire  introductif d'instance, constituant l'acte initial de porsuite, qui ne peut être entrepris contre un parlementaire lorsque  le parlement est en session" (Paris, 16 août 1957) lorsque la procédure de l'information n'est pas mise en oeuvre, c'est la citation directe qui constitue l'acte initial des poursuites auqel l'inviolabilité parlementaire fait échec (crim. 11 juint 1926,  B. H. 1926, 378) .
------------- 
محتواه لعدم امكانية اجباره على الحضور للادلاء  بتصريحاته ا و اجراء  مواجهة الا  باللجوء الى طلب رفع الحصانة البرلمانية .
ومن الناحية المبدئية فان الحصانة البرلمانية لا تمنع من اجراء البحث التمهيدي  في حق البرلماني  خلال انعقاد دورة البرلمان ما لم يكن ذلك الاجراء ماسا بحرييته وقد وجد من بين البرلمانيين من نادى بذلك .

وفي الحقيقة فان اللجوء الى طلب رفع الحصانة البرلمانية . من اجل اجراء البحث التمهيدي قد ينطوي على سلبيات ويسيء  للبرلماني نفسه، نظرا لما يصاحب ذلك - عادة - من ضجة اعلامية تمس بسمعته ، والحال انه اذا تم البحث التمهيدي بعد رفع الحصانة قد لا توجد دلائل كافية لاثارة  المتابعة في حقه ويتقرر حفظ القضية، ولكن ذلك  لا يمحو الا نطباع الذي تخلد في ذاكرة الراي العام الذي قد يصدر حكمه باذانة البرلماني قبل الاوان ولمجرد
رفع الحصانة عنه . ولذلك فقد   سبق لاحد  اعضاء مجلس المستشارين ان وجه رسالة لاعضاء المجلس بتاريخ24 دجنبر  1999 يعبر  فيها عن هذا الراي (68) .

 المتابعة :
واذا كان هذا الامر بالنسبة للبحث التمهيدي، فان المشرع الدستوري منع تحريك الدعوى  العمومية (المتابعة)، دون اذن المجلس خلال انعقاد الدورات ويستوي في ذلك ان يتم تحر يك  الدعوى العمومية من  قبل ا لنيابة  العامة او المطالب با لحق المدني  او من طرف جهة اخرى منحها المشرع هذا الحق .
-------------------
 (68) رسالة بعث بها السيد عبد السلام السلاوي عضو مجلس المستشارين بالبرلمان المغربي بتاريخ 24 دجنبر 1999  خلص فيها الى ما يلي : " يمكن للسلطات القضائية ان تستدعي النائب اوالمستشار على ان تكون استجابته اختيارية، وان تعرض عليه ما ورد في حقه من محرر الشكاية وان تستمع الى اجوبته وتتلقى حججه، فاذا كانت قناعة السلطة القضائية تقتضي الحفظ فيكون  النائب او المستشار قد اخلى ذمته، واذا كانت قناعة السلطة القضائية تقتضي اجراءات البحث او الاعتقال اوالقاء القبض او المحاكمة وجب اخلاء سبيل النائب او المستشار واعتماد مسطرة طلب رفع الحصانة وانتظار رفعها قبل اتخاذ أي اجراء مما نصت علية المادة 39  من الدستور . علما ان النائب او المستشار اذا لم يستجب للاستدعاء بصورة تلقائية كان على السلطة القضائية اللجوء الى بدا مسطرة طلب رفع الحصانة اعتبارا لكون عدم استجابته فتح الباب امام مرحلة البحث عنه" .
----------------------   
القاء القبض :
 وكما  لا يمكن متابعة البرلماني خلا ل انعقاد دورات البرلمان دون اذن المجلس  الذي ينتمي اليه،  فلا يمكن القاء القبض عليه دون ذلك الاذن . وفي راينا فان مصطلح " القاء القبض "  يجب ان يفهم على اوسع نطاق ويراد به كل اجراء يحد  من حرية عضو البرلمان سواء كان هذا الاجراء مجرد الضبط والتوقيف المنصوص عليه في  الفصل  147 من قانون المسطرة الجنائية، اوالوضع رهن الحراسة النظر ية المنصوص عليه في الفصل82 من (ق. م. ج)  او الامر بالاستقدام المنصوص عليه في الفصل 139 من (ق. م. ج.) المتمثل في اعطاء الامر للقوة العمومية لتسوق المتهم امام قاضي التحقيق، والامر بالايداع في السجن الذي تصدره النيابة العامة وفقا للفصل 76 من قانون المسطرة الجنائية او الفصل الثاني من ظهير الاجراءات الانتقالية (69) او يصدره قاضي التحقيق بمقتضى الفصل 145 من (ق. م. ج.) او المحكمة نفسها بمقتضى الفصول 400 و 411 و 422 من نفس القانون او  الامر  بالاعتقال الاحتياطي المنصوص عليه في الفصل 152 من قانون المسطرة الجنائية  كذلك .

 ويستفاد من هذا انه في غير حالة التلبس بالجرم (70)، وفي غير الاحوال التي  يكون  فيها الراي المعبر عنه من قبل عضو البرلمان  يجادل في النظام الملكي او الدين الاسلامي او يخل بالاحترام  الواجب  لشخص الملك،  فانه  لا يمكن الحد من حرية
-------------
(69) الظهير بمثابة قانون رقم 1.14.448 المؤرخ في 28/09/1974 المتعلق بالاجراءات الانتقالية الجنائية .
(70) حدد الفصل 58 من (ق. م. ج.) حالة التلبس بالجناية او الجنحة :
- في  حالة انجاز الفعل الجنائي او على اثر انجازه،
- في حالة ما اذا كان الفاعل ما زال مطاردا بصياح الجمهور،
  - في حالة ما اذا وجد بعد مرور زمن قصير على ارتكاب فعلته حاملا اسلحة او اشياء يستدل منها على انه شارك في الفعل الاجرامي او وجدت عليه اثار او امارات تثبت مشاركته،
كل جناية او جنحة تقع ولو خارج الظروف السابقة في منزل التمس صاحبه من الشرطة القضائية التثبت منها .
والجدير بالذكر ان تقدير وجود حالة التلبس يرجع للنيابة العامة وليس للبرلمان وان المحكمة التي تعرض عليها القضية هي التي تبث في كل نزاع يتعلق بهذا التقدير . وقد ورد هذا المعنى في تقرير لمجلس النواب البلجيكي حول الحصانة البرلمانية ، اعدته المصلحة القانونية خلال شهر نونبر 2000 وتم نشره عبر الانترنيت بعنوان
Précis du droit parlementaire L'INVIOLABILITE PARLEMENTAIRE - Service juridique Novembre 2000 il appartient au ministère publique d'examiner s'il y a fragrant délit .
---------------

 البرلماني باي  شكل من الاشكال الا بعد الحصول على اذن من المجلس الذي ينتمي اليه اذا كان البرلمان  في  حالة انعقاد في دورة عادية او استثنائية .

المبحث الثاني : الحرمة البرلمانية خارج انعقاد دورات البرلمان
جاء في الفقرة ا لثالثة من الفصل 39 من الدستور المغربي الحالي : " لا يمكن خارج دورات البرلمان القاء القبض  على اي عضو من  اعضائه الا باذن من المجلس الذي هو عضو فيه ما عدا في حالة التلبس بالجريمة او متابعة ماذون فيها او صدور حكم نهائي بالعقاب" .

 وقد راينا ان ولاية البرلماني تنطلق ابتداء من اول اجتماع للبرلمان الجديد وقد سبق للقضاء المغربي ان رفض اعتبار النائب المنتخب متمتعا بالحصانة خلال الفترة الممتدة بين تاريخ اعلان النتائج وتاريخ اول اجتماع للمجلس الذي ينتمي اليه (71) .
 وتنتهي ولاية البرلماني عندم افتتاح الدورة الاولى للمجلس الجديد، وقند اكد ذلك الفصل 37 من الدستور بالنسبة لاعضاء مجلس النواب . ونرى انه قياسا على ذلك فان ولاية اعضاء مجلس المستشارين تنتهي عند افتتاح الدورة الموالية لنهاية مدة انتخابهم اخذا بعين الاعتبار ان هذا المجلس   يجدد  ثلثه كل ثلاث سنوات .  وسبق ان  لاحظنا عند التجديد الاول  ان الاعضاء  الذين  اخرجتهم القرعة ظلوا يمارسون مهامهم الى حين افتتاح الدورة الخريفية  للبرلمان يوم الجمعة الثانية من اكتوبر  سنة 2000 التي وافقت 13 اكتوبر.

ولذلك  فان  فترة " خارج  دورات البرلمان"  يراد منها الفترة المتراوحة بين الدورات اي بين نهاية دورة وبداية اخرى  سواء تعلق الامر  بدورة عادية او استثنائية وما بعد نهاية الدورة الاخيرة للولاية الى غاية اول اجتماع للمجلس الجديد - بالنسبة  لمجلس النواب - ولاجتماع مجلس المستشارين بعد تجديد كل  ثلث منه. او لنقل بكيفية اخرى انه يقصد منها كامل الولاية البرلمانية باستثناء الفئات التي  يكون
-------------
(71) حكم محكمة العدل خاصة في قضية اضبيب .
-----------
البرلمان  فيها منعقدا في دوراته العادية او الاستثنائية  والفترة  المتراوحة بين انتخاب البرلمان وانعقاد د ورته الاولى (72) .
ويلاحظ من قراءة الفقرة الثالثة من الفصل 39  من الدستور   ان عضو البرلمان اصبح خارج الدورات  يتوفر على نوع  واحد من الحصانة هو الحماية  من القاء القبض ما  لم يؤذن في ذلك من طرف مكتب المجلس الذي ينتمي اليه .
 فالذي يمتنع في هذه الفترة - خارج الدورات - هوالقاء القبض وحده . ويقصد بالقاء القبض في نظرنا كل اجراء يحد من حرية النائب او المستشار .  ولذلك لا  يمكن اليقاء القبض  على عضو البرلمان خارج الدورات، ولا اعتقاله ولا استقدامه ولا ايداعه بالسجن ولا وضعه رهن الحراسة النظرية ولا تقييد  حريته باي شكل من الاشكال، دون اذن من مكتب المجلس الذي ينتمي اليه ( مكتب مجلس النواب او مكتب مجلس المستشارين) .

 بيد ان القاء القبض يكون متاحا دون هذا الاذن في الاحوال الاتية :
- في حالات التلبس المنصوص عليها في الفصل 58 من قانون المسطرة  الجنائية . والجدير بالذكر ان تقدير توفر حالات التلبس من سلطات النيابة العامة التي يراقبها القضاء (73) .
 - اذا تعلق الامر بمتابعة ماذون فيها، اي اذا سبق ان رفعت الحصانة عن البرلماني، وصدر اذن بالمتابعة من مجلس البرلمان الذي ينتمي (خلال انعقاد الدورات) اومن مكتب ذلك المجلس (خارج الدورات) . ويفهم من ذلك ان الاذن  كان يتعلق بالمتابعة، وان الاعتقال  فرض نفسه خار ج انعقاد دورات البرلمان، فانذاك لا حاجة لطلب اذن جديد  من المجلس بالمتابعة من اجلها . ونرى انه لايحق اعتقال البرلماني من اجل افعال اخرى غير الافعال التي توبع من اجلها   بعد  اذن البرلمان  لان النص يفهم منه وجود  علاقة للاعتقال بالمتابعة "ما عدا  في حالة التلبس او متابعة ماذون فيها..." .
---------------
(72) حكم محكمة العدل الخاصة في قضية النائب اضبيب بالنسبة للفترة المتراوحة بين الانتخاب واجتماع المجلس في دورته الاولي .
(73) انظر الهامش رقم 70 .
-------------
- اذا تعلق الامر بحكم  نهائي بالعقاب ففي هذه الحالة لا يشترط الحصول  على اذن من مكتب المجلس  البرلماني لتنفيذ ذلك الحكم  لان الغاية  من منح الحصانة  هي حماية  البرلماني من المتابعات او  الا جراءات  الكيدية التي قد تستعملها السلطة التنفيدية  او الخصوم السياسيون للحد من نشاطه النيابي وبالتالي التاثير  على ادائه  لمهمته لفائدة ناخبيه، وليست الغاية مطلقا تعطيل  عمل القضاء او اطلاق حرية البرلمانيين  لارتكاب الجرائم ومخالفة القانون الجنائي .  وحين يتعلق الامر بحكم نهائي  بالعقاب،  فان المنطق  القانوني يفرض تنفيذه لان ذلك لن  يضر باستقلالية البرلمان  اعتبارا لان الادانة صدرت عن القضاء  بوصفه هييئة مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية ومحايدة، وانها اتت بناء  على اجراءات  مسطرية  توفرت  فيها  كافة ضمانات المحاكمة العادلة وحقوق الدفاع، ولان الحكم النهائي  يصبح عنوانا للعدالة والانصاف، وان عدم تنفيذه هو الذي يمس بمصداقية الاحكام وسيادة القانون .

 واذا كان  القاء القبض على البرلماني خارح الدورات  غير متاح دون اذن مكتب  المجلس البرلماني ا لذي ينتمي اليه العضو في غير الاحوال الثلا ث المشار اليها،  فان متابعته تبقى واردة دون اذن لان الفقرة  الثالثة من الفصل39   اقتصرت على منع القاء القبض .

  وقد اكدت المحكمة الابتدائية بالرباط هذا الاتجاه حين عللت حكمها قائلة : "  وحيث  يستخلص من مقتضيات الفقرة - الثالثة من الفصل 39 من الدستور- المتعلقة بخارج مدة دورات المجلس  ان  اجراء القاء القبض على اي عضو من  اعضاء مجلس النواب، هو الذي يخضع وحده لاذن من مكتب المجلس، وان المتابعة  لم يشملها هذا المنع،  مما يجعل الدفع بعدم الصحة والمؤسس على قيد الحصانة لا يرتكز على اساس من القانون طالما ان الشكاية المباشرة قدمت خارج دورات  البرلمان " (74) .
 وكما ان متابعة عضو البرلمان متاحة خارج الدورات دون اذن  من مكتب المجلس، فان المحاكمة نفسها لا تحتاج  لذلك الاذن، اذ تمكن من محاكمة اعضاء
----------------------
(74)  حكم المحكمة الابتدائية بالرباط في قضية النائب محمود عرشان، القضية عدد 14/99 ش م حكم عارض صدر بتاريخ 28/04/1999 بناء على شكاية مباشرة تقدم بها دفاع الصحفية نرجس الرغاي من اجل القذف في مواجهة
السيد محمود عرشان-  نائب برلماني- مدير جريدة صوت الوسط والسيد مصطفى السحيمي محرر المقال المتضمن للعبارات المشتكى منها بوصفها قذفا .
----------------     
البرلمان  خارج دورات المجلس دون الحاجة الى اذن خاص، كما يمكن الاستمرارفي محاكمة العضو الذي وقعت  متابعته خارج  دورات البرلمان خلا ل  انعقاد هذه  الدورات، ذلك  لان الفقرتين الثانية والثالثة من الفصل  39 من الدستور لم تمنعا المحاكمة وانما منعت الفقرة الثانية المتابعة والقاء القبض ومنعت الفقرة الثالثة القاء القبض وحده، وهو ما يستفاد منه انه يمكن استمرار  محاكمة النائب او المستشار البرلماني  الذي وقعت  متابعته خارج الدورات  بعد انعقاد احدى الدورات، ولا يعتبر ذلك انتهاكا لمبدا الحصانة البرلمانية، لان الحصانة من المحاكمة لم يقرها المشرع الا بالنسبة للمقتضيات الواردة في الفقرة الاولى من  الفصل 39 المتعلقة باللامسؤولية البرلمانية.

 وقد سبق  لمحكمة العدل الخاصة ان تطرقت للحالة التي تتاخر فيها المتابعة  عن القاء القبض،  اذ تم القاء القبض  قبل ان يكتسب النائب صفة برلماني ووقعت المتابعة بعد عقد  الدورة البرلمانية و اقرت بمشروعية المتابعة رغم انها  وقعت  خلال  انعقاد دورة البرلمان . ومما جاء في  حيثياتها : " حيث ان القاء القبض قد انجز بصفة مشروعة -  كما سبق بيانه- اي قبل افتتاح اول دورة لمجلس  النواب، وفي وقت لم يكن المتهم محمد حمادي اضبيب قد مارس فيه بعد مهام النائب داخل مجلس النواب، فان القيام   بمتابعته بعد ذلك لم يكن بالاحرى في حاجة الى الحصول على اذن خاص من المجلس المذكور" (75) .
 
 ايقاف المتابعة او الاعتقال :
- واذا توبع البرلماني خارج الدورات فان انعقاد دورة من دورات البرلمان لا يوقف  محاكمته تلقائيا  ما لم يتقدم المجلس الذي ينتمي اليه  بطلب بذلك،   كما ان البرلماني يستمر في ممارسة مهامه البرلمانية بكيفية عادية طالما انه ليس معتقلا (76) .
-------------
(75) الحكم منشور بمجلة المحاماة العدد 15 لسنة 1979 (حكم عدد 733  صدر بتاريخ 13/04/1979 قضية  499) .
 بتاريخ 07/12/1992 مناسبة لمقترح  TAPIE
 (76) كان رفع الحصانة البرلمانية عن النائب الفرنسي برنار طابي
  رئيس الجمعية  الوطنية لاحظ فيه ان الجمعية لا يجب ان تطلب ايقاف SEGUIN تعديل تقدم به السيد فيليب سوكان
  وقد كان ذلك بجلسة(  8 دجنبر 1993LE MONDE المتابعة ما لم يكن النائب معتقلا او القي عليه القبض (جريدة
الجمعية الوطنية بتاريخ 20/12/92 انظر ج ر . لمداولة الجمعية الوطنية ص. 7655 .
--------------
Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم :