-->

الحصانة البرلمانية في التشريع المغربي ( تتمة )

                       
                           

 وفي كل الاحول فانه يمكن للمجلس البرلماني ( مجلس  النواب او  مجلس  المستشارين ) ان  يطلب  ايقاف  اعتقال  ان  متابعة عضوه ادا كان الاعتيقال
او المتابعة  في غير حالة التلبس او  لم يكن بناء على متابعة ماذون فيها او لم يكن من اجل تنفيذ حكم نهائي بالعقاب.

ويتعين الاستجابة لطلب المجلس  ووضع  حد للاعتقال او وقف  المتابعة لان  الصيغة التي حررت بها الفقرة  الاخيرة من  الفصل 39  من الدستور جاءت تفيد الالزام  "يوقف اعتقال عضو من اعضاء البرلمان او متابعته اذا صدر طلب بذلك من المجلس  الذي  هو عضو فيه ما عدا في حالة التلبس او متابعة ماذون فيها او صدور حكم نهائي بالعقاب" .
وفي راينا فانه باستثناء هذه الاحوال الثلاث يتعين الاستجابة لطلب المجلس ووضع حد للاعتقال او المتابعة على الفور بمجرد التوصل بالطلب .
واذا كانت الفقرة الاخيرة من الفصل 39 من الدستور قد استثنت هذه الحالات التلاث أي حالة التلبس ( الفصل 58  من قانون المسطرة الجنائية)،  والاعتقال من اجل تنفيذ حكم نهائي  صدر بالعقاب  لان الامر هنا اصبح متجاوزا للهدف  الذي اقرت من اجله الحصانة  واصبح يقتضي انزال العقاب الذي  فرضه القانون وحكم به القضاء على شخص  اصبح نظريا في  عداد المدانين، وان الحصانة انما قررت لحماية  نواب الامة من التعسفات التي قد تطالهم وتؤثر على ادائهم لوظيفتهم وليس لجعلهم فوق القانون واعطائهم مناعة تؤدي بهم الى  الضلوع في الاجرام (77) . وكذلك الامر  اذا كانت المتابعة ماذون فيها او كان الا عتقال نتيجة لمتابعة ماذون  فيها من قبل مجلس
------------
(77) كتب الاستاذ محمد السنوسي معنى مقالا نشرته يومية الاحداث المغربية العدد 227 بتاريخ 16 يوليوز 1999 بالصفحة الاولى تحت عنوان : الحصانة البرلمانية (ركن : على مسؤوليتي ) قائلا : " واذا كان من المفروض على العضو البرلماني ان يكون قدوة في احترام القانون ومثالا في تطبيق مقتضياته باعتباره  من  المؤسسة  التشريعية  التي تشرع القانون، فان بعض البرلمانيين يسيؤون الى انفسهم والى هذه المؤسسة بممارسة تخرج عن نطاق الاخلاق او تخالف القانون،لذلك يتعين تطبيق القانون في حقه، حماية للصفة البرلمانية وللمؤسسة البرلمانية شريطة احترام الاجراءات المسطرية التي ينص عليها القانون . . ."  ومضى قائلا ان البرلمان يتعين ان يصادق على رفع الحصانة عن العضو المتورط في جريمة " ولا تجوز حماية اعمال اجرامية بالحصانة البرلمانية" .
-----------
البرلمان المعني بالامر او مكتبه حسب الاحوال  ( خلال الدورات او خارجها) ويقصد باذن المجلس هنا ما يصطلح على تسميته برفع الحصانة البرلمانية .
  واذا كانت هذه الحالات المستثناة من مقتضيات الفقرة الثالثة المذكورة، فاننا نتساءل عن الحالا ت العملية التي يمكن ان تتم فيها متابعة او يقع فيها القاء القبض وان  طلب مجلس النواب  او مجلس  المستشارين يضع حدا له ويوقفه .
  ولا يمكن  استحضار كل الحالات التي وقعت او التي قد تقع  ولكننا نفترض بعض الامثلة من بينها : 
 قيام السلطات  بالقاء  القبض على عضو برلماني او متابعته من اجل اقوال صدرت وفقا للفقرة  الاولى من- الفصل 39 ولا تكون اقواله تتعلق بالاستثناءات المذكورة في تلك الفقرة  ( المجادلة في المقدسات) والجدير بالذكر  هنا ان الامر يتعلق بحالة انعدام مسؤولية البرلماني التي لا تجوز فيها المتابعة ولا المحاكمة ولا الاعتقال ولا القاء القبض ولا البحث عن البرلماني . فاذا حدث ان وقع ذلك فان طلب المجلس البرلماني الذي ينتمي اليه العضو بايقاف الاعتقال او المتابعة يجب ان يستجاب اليه .

 - اذا وقعت متابعة او القاء القبض على عضو برلماني  خلال انعقاد دورات  البرلمان دون اذن من البرلمان  ودون  توفر حالة التلبس  ولم يكن الامر يتعلق بتنفيذ عقوبة صدر بشانها حكم نهائي ولا كان يتعلق بالمس بالمقدسات (المجادلة في النظام   الملكي  او الدين الاسلامي او الاخلا ل بالاحترام  الواجب  للملك) . فانه يتعين الاستجابة  فورا  لطلب البرلمان بايقاف المتابعة او وضع حد للاعتقال .

 والجدير بالذكر ان المثلين المذكورين يعتبران من الناحية   النظرية الصرفة  عملا غير مشروع اذ ان المتابعة  او الاعتقال تكون قد تمت  خرقا لمبدا الحصانة، وان الاستجابة لطلب البرلمان انما هي من اجل تصحيح  الوضعية والرجوع  الى الصواب (78)
---------------
(78) يعاقب الفصل 228 من القانون الجنائي المغربي بالتجريد من الحقوق الوطنية كل قاض او ضابط شرطة قضائية يثير في غير حالات التلبس او يصدر او يوقع امرا او حكما ... ضد شخص يتمتع بالحصانة القضائية .
------------
 بيد انه يمكن افتراض حالات تتم فيها المتابعة او يقع فيها القاء  القبض دون خرق للقانون  ومعه ذلك ينبغي  الاستجابة لطلب مجلس البرلمان بوضع حد للاعتقال  او اييقاف متابعة العضو البرلماني الذي ينتمي لذلك المجلس، ومن بينها :
- ان تتم المتابعة خارج دورات البرلمان  ( ما لم يتعلق الامر بحالة التلبس او كانت المتابعة ماذونا فيها من قبل البرلمان  مجلسه او مكتبه حسب الاحول ) .
- ان يتم  الاعتقال  قبل اكتساب الشخص المنتخب صفة برلماني، اي قبل اجتماع او دورة للمجلس المنتخب للعضوية  فيه، ومثالها  حالة النائب محمد حمادي اضبيب .
 ففي هاتين الحالتين - على سببل المثال - يكون الاجراء المسطري بالمتابعة او القاء القبض قد وقع دون خرق لمبدا الحصانة ومع ذلك فانه يسوع لمجلس النواب او لمجلس المستشارين ان يطلبا ايقاف  اعتقال  او متابعة العضو المنتمي اليه، وان مقتضيات الفقرة الثالثة تقتضي الاستجابة للطلب .

 واذا كان المشرع الدستوري اعطى هذه الصلاحية للسلطة التشريعية باعتبار ان ا عضاء البرلمان يستمدون نيابتهم من الامة، وكانه اراد بذلك منح هذه السلطة امتيازا، او لنقل امكانية لوضع حد لبعض الحالات التي قد تؤثر فيها متابعة البرلماني او اعتقاله على السير السليم للمؤسسة  البرلمانية، ولا نرى في الامر ميزة او حظوة منحت لاعضاء البرلمان، فان الدستور المغربي لم يحدد المدة التي يمكن ان تتوقف خلالها المتابعة او يعلق فيها  اجراء الاعتقال،  مما يحمل على الاعتقاد ان الامر يقتضي تعطيل الاجرائين نهائيا، وهو ما سيؤدي الى التدخل  في اعمال القضاء والاضرار برسالته وخلخلة نظام استقلال  السلطات في الدولة .  وقد تدارك الدستور ا لفرنسي هذه الوضعية بمقتضى تعديل  4 غشت   1995 الذي اصبح يحصرالامرفي مدة الدورة البرلمانية فقط .  فبعد ان كان الامر مشابها للوضع في المغرب،  وكانت الفقرة الاخيرة من الفصل 26 من دستور الجمهورية الخامسة تنص على ان اعتقال او متابعة عضو البرلمان توقف  بطلب من المجلس الذي ينتمي اليه (79)، جاء التعديل المشار اليه
------------------
(79) النص قبل التعديل :
"La détention ou la poursuite d'un membre du parlement est suspendue si l'assemblée dont  il fait partie de requiert " .
---------------
 ليضيف ان المتابعة او الاعتقال يتوقفان طيلة مدة الدورة (80)، وان المجلس يجتمع بقوة القانون لاتاحة تطبيق هذا الامر .
 وقد اقر الدستور الفرنسي اجتماع المجلس المعني بالامر بقوة القانون لانه لم يعد بمقتضى التعديل، يفرق بين حصانة البرلماني خارج الدورات او خلالها (81)
ولذلك فانه اتاح للمجلس الاجتماع في دورة اضافية للبث في مسالة اعتقال او متابعة البرلماني او الحد من حريته.
وبذلك فقد اصبحت الحصانة البرلمانية في فرنسا واحدة سواء داخل او خارج الدورات، واصبح مكتب مجلس البرلمان (الجمعية العمومية او مجلس الشيوخ ) هو الذي يمنح الاذن، وان المجلس المعني يمكن ان يطلب ايقاف المتابعة اوالاعتقال ويجتمع بقوة القانون في دورة اضافية للبث في الموضوع .
 و قبل تعديل 4 غشت 1992 لم يكن القانون الدستوري الفرنسي يحدد مدة التوقيف وقد كانت الجمعية الوطنية                                          بتاريخ 20 يوليوز 1963 دون ان تحدد مدة M.SCHMITILIN الفرنسية قد طلبت وقف  متابعة النائب م. شمثلين 
 اقترح قصر التوقف في دورة الجمعية الوطنية ( الغرفة R.KAPIANT التوقف رغم ان المقرر السيد ر. كابتان
  فقد قرر بتاريخ 29/06/1977 (Le senat)  الاولى للبرلمان الفرنسي)  الجارية .  واما مجلس الشيوخ الفرنسي
 ان الامر ينصرف الى نهاية ولايته . وقد M.DARDEL في الطلب المتعلق بوقف متابعة  عضو السيد م. دارديل
اعتمدت الجمعية الوطنية نفسها هذا اللاتجاه  بتاريخ  14/11/1980  معتمدة على قرار الغرفة الجنائية لدى محكمة النقض
------------
(80) النص بعد التعديل :
LOI constitutionnelle no 95.880 du 4 août 1995 article 7 modifiant l'article 26 de la constitution :
"… la détention, les mesures primatives ou restrictive de liberté ou la poursuite d'un membre du parlement sont  suspendues pour la durée de la session si l'assemblée dont il fait partie le requiert .
l'assemblée intéressée est réunie de plein droit pour des séances supplémentaires pour permettre, le cas échéant, l'application de l'alinéa ci-dessus ".
(81) اصبح البرلمان الفرنسي بمقتضى التعديل الدستوري سنة 1995 يجتمع في دورة عادية واحدة تبتدئ في اول يوم عمل من شهر اكتوبر وتختم في اخر يوم عمل من شهر يونيه . ولا يمكن ان تتجاوز ايام الدورة 120 يوما بالنسبة لكل مجلس . ويمكن تمديد هذا الاجل من طرف الوزير الاول بعد استشارة رئيس المجلس البرلماني المعني. (المادة 28 من الدستور المعدلة بالقانون 880 - 95  بتاريخ  04/10/1995) .
-----------------
الفرنسية بتاريخ 05 ماي 1964  اعتبرت فيه الحصانة مرتبطة بالولاية البرلمانية ولا علاقة لها بنظام الدورات (82) .
 ونرىالامر بالمغرب يجب فهمه على اساس ما ذهب اليه النص الفرنسي، وانه ا ذا طلب مجلس البرلمان ايقاف المتابعة  الجارية في حق احد اعضائه او وضع حد لاعتقاله، فانه  يتعين الاستجابة لهذا الطلب طيلة انعقاد الدورة، وان الوضع يعود لاصله بعد انتهاء الدورة . ومما يساعد على هذا التاويل ان الدستور ربط الامر بطلب المجلس الذي ينتمي اليه البرلماني، وليس بمكتب المجلس، ولا يكون مجلس البرلمان موجودا الا بمناسبة دورة من الدورات، ولذلك فقد ميز الفصل 39 في منع الاذن بين الحالة التي يكون فيها المجلس منعقدا ومنح صلاحية اعطاء الاذن  للمجلس  نفسه (الفقرة الثانية)،  والحالة التي لا يكون فيها  المجلس مجتمعا في دورة ما واعطى هذه الصلاحية لمكتب المجلس  (الفقرة الثالثة) .

وبديهي انه لا يمكن طلب ايقاف اعتقال او متابعة العضو البرلماني الا من طرف المجلس الذي ينتمي اليه ذلك العضو، وهو ما يفترض اجتماع المجلس  في دورة عادية  او استثنائية.
 ولذلك نرى ان ايقاف الاجراء المسطري  ينبغي ان يتزامن مع تلك الدورة وانه ينتهي بانتهائها، حيث يصبح  للسلطلة القضائية الحق الكامل في  ممارسة المسطرة القانونية،  والا فان استمرار الايقاف سيؤدي الى تعطيل  القانون والخروج عن الغاية المثللى والهدف الاسمى اللذين  اقرت الحصانة من اجلهما .

الفصل الثالث
رفع الحصانة البرلمانية
 يتوفر النائب البرلماني على الحصانة في ا لاحوال التي سبقت دراستها، وهي اما حصانة بمثابة لا مسؤولية  لا يمكن رفعها كما يستفاد من الفقرة الاولى من الفصل  39 من الدستور المغربي، ما لم يتعلق الامر بالاستثناءات المذكورة  في تلك الفقرة
------------
"L'immunité est inhérent au mondat parlementaire indépendamment de régime des sessions" .             - (82)
---------
 حيث لا يتمتع العضو باية حماية، او هي حصانة خلال انعقاد دورات البرلمان او حصانة خارج انعقاد الدورات .
  والذي يبت  في رفع الحصانة خلا ل انعقاد دورة البرلمان هوة مجلس البرلمان الذي ينتمي اليه العضو المعني بالامر ( مجلس النواب او مجلس المستشارين) . واما خارج الدورات فان مكتب احد المجلسين  هو الذي يبت في الامر (83) .
 والاذن الذي يمنحه المجلس او مكتبه بمتابعة النائب  او المستشار او القاء القبض عليه هو ما يسصطلح عليه برفع الحصانة البرلمانية . ويثور التساؤل حول الجهة  التي تتقدم بطلب رفع الحصانة الى البرلمان وحول كيفية  تدارس  البرلمان هذا الموضوع .
 الفرع الاول : الجهة المخولة تقديم طلب رفع الحصانة البرلمانية
  لم يشر الدستور المغربي  ولا القانونان التنظيميان لمجلسي النواب والمستشارين (84) ولا نظاماهما الداخليان (85)  الى الجهة المخول لها تقديم  طلب رفع الحصانة الى مجلس البرلمان المعني بالامر .
 وقد سبق للبرلمان   الحالي   ان تداول بشان الجهة المختصة   لمخاطبته في تقديم طلبات رفع الحصانة خلال سنة 1999، واختلفت اراء البرلمانيين  بهذا الشان .  وقد اخذت هذه النقطة   حيزا مهما من اجتماعات لجنة  العدل والتشريع وحقوق الانسان لمجلس النواب خلال انجتماعها يوم الاربعاء 30 يونيه 1999 لتدارس طلب رفع  الحصانة المقدم ضد احد النواب (86) .  وقد اخبر رئيس    اللجنة اعضاءها بالرسالة الموجهة اليه من
------------
(83) يتكون مكتب مجلس النواب وفقا للمادة 11 من النظام الداخلي للمجلس من الرئيس وستة خلفاء لللرئيس واربعة امناء . ويتكون مكتب مجلس المستشارين وفقا للمادة 11 من نظامه الداخلي من الرئيس وخمسة خلفاء للرئيس وثلاثة محاسبين وثلاثة امناء .
(84) القانون التنظيمي رقم 31.97 المتعلق بمجلس النواب (الجريدة الرسمية 4516 بتاريخ 11/09/97 والقانون التنظيمي عدد 97/32 المتعلق بمجلس المستشارين (نفس الجريدة) ) .
(85) النظام الداخلي لمجلس النواب والنظام الداخلي لمجلس المستشارين المقرين من قبل كل مجلس على حدة بتاريخ 14/04/1998 .
(86) قضية النائب محمد الصغير .
------------
 رئيس مجلس النواب وبرفقتها رسالة من الوزير الاول في شان طلب رفع الحصانة البرلمانية ورسالة من محامي الطرف المشتكي . كما توصلت اللجنة في وقت لاحق برسالتين من وكيلي الملك لدى المحكمتين الابتدائيتين بكل من الرباط وسطات تطلب  فيهما النيابة العامة رفع الحصانة عن النائب   المذكور  حتى يتسنى لها متابعته من اجل اصدار شيكات  بدون  مؤونة .

 ومن الناحية الواقعية فقد شهدت تلك  الفترة جدا لا واسعا حول الجهة التي يحق لها   التقدم بطلب رفع الحصانة للبرلمان فنادى البعض بان الامر يجب ان يتم بواسطة الوزير الاول،  وراى البعض الاخر ان يتم بواسطة وزير العدل، وراى فريق ثالث ان تتقدم بالطلب النيابة العامة المختصة او المطالب بالحق المدني . 
ولئن كان الفراغ القانوني الذي تعرفه النصوص المعتمدة حاليا في الموضوع هوالذي دفع الى هذا الجدل، فان هذا النقاش لم يكن قانونيا ونظريا صرفا  في جميع الاوقات بقدر ما كان يستند الى اطروحات سياسية وحزبية تؤدي بكل من يدافع عن اطروحة معينة الى ان يلتمس لها الاسباب والمبررات قسرا .

 والواقع ان القانون الداخلي  لمجلس المستشارين المنتخب سنة 1963 في ظل  دستور 1962 كان قد قضى على الخلاف في هذه النقطة بمقتضى  الفصل  58 منه الذيي حدد الجهة التي يمكنها تقديم   طلبات رفع الحصانة الى مجلس المستشارين كما يلي :
1-  المدعي العام (87) المعني بالامر اذا كانت النيابة العامة هي التي تنوي المتابعة، وينبغي ان يحيل طلبه بواسطة وزير العدل .  
2-  المتضرر المطالب بالحق المدني لدى قاضي التحقيق وينبغي ان يقدم طلبه تحت اشراف المدعى العام ووزير العدل .
وفي  فرنسا حسم القانون هذه المسالة بمقتضى التعديل الذي ادخله القانون رقم 96-62  بتاريخ 29  يناير 1996  المتخذ  لتطبيق مقتضيات القانون الدستوري رقم 95-880 الصادر في 4 غشت  المتعلق بدورة البرلمان والحصانة البرلمانية . هذا  القانون 
------------
(87) غيرت تسمية المدعي العام باسم الوكيل العام للملك بمقتضى الظهير الشريف رقم 220-72-1 بتاريخ 18/09/1972 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 3125 بتاريخ 20/09/1972 .
---------
ادخل بمقتضى المادة 2 منه  تعديلا على الامر رقم 58.1100  المتخذ بتاريخ 17/11/1958    احدث فصلا جديدا   يحمل رقم 9 مكرر، منح للوكيل العام للجمهورية  لدى محكمة  الاستئناف المختصة صلاحية تقديم طلب رفع الحصانة واحالته على رئيس  المجلس البرلماني المعني بالامر بواسطة حارس الاختام  وزير العدل (88) .

 تقديم وزير العدل لطلب رفع الحصانة :
واذا عدنا الى الوضع ببلادنا لنحاول ايجاد مقاربات للاسباب المعتمد  عليها من قبل كل فريق لتغليب رايه  نرى ان الذين منحوا صلا حية طلب رفع الحصانة البرلمانية الى وزير العدل اعتمدوا على كونه  يملك سلطة على النيابة العامة التي تخضع لمراقبته وتسييره، وتقديره  لعطاءات  العاملين بها (89) . فهل يمكن  اعتماد ذلك بمثابة مبرر كاف ليتقدم بطلبات  رفع الحصانة  البرلمانية  بدلا من النيابة  العامة ؟

ان ما يدفعنا للقول بخلاف ذلك،   ان سلطة وزير العدل على النيابة العامة في مجال  الدعوى العمومية يحصرها الفصل 48  من قانون المسطرة الجنائية  في اعطاء الامر    بالمتابعة  والامر  بالتقدم للقضاء  بالملتمسات التي  يراها الوزير ملائمة . ويتجلى من ذلك ان سلطة وزير العدل  على النيابة العامة في المجال الجنائي  ليست مطلقة، لا ن المشرع  لم يمنحه الصلاحية    لاعطاء تعليمات اخرى للنيابة العامة في مجال الدعوى العمومية، فالنص لا يتيح له امرها بحفظ الملفات او الامساك عن اجراء الابحاث الجنائية  او عدم  متابعة المجرمين مثلا، فهذه سلطات تخضع لتقدير اعضاء النيابة العامة انفسهم، واما وزير العدل فيمكنه ان يتدخل في هذه السلطة التقديرية في حدود ما
-----------
LOI no 96-62 du 29 janvier 1996 prise pour l'application des dispositions no 95.880 du 04/08/1995       (88)
Ont institué une session parlementaire ordinaire unique et modifié le régime de l'iviolabilité parlementaire .
Art. 2 : il est inséré, aprés l'article 9 de l'ordonnance no 58.1100 du 17 Novembre 1958 relative au fonctionnement des assemblées parlementaires, un article 9 bis ainsi rédigé :
"Art. 9 bis : l'arrstation ou toute autre mesure privative ou restrictive de liberté susceptible d'être décidée à l'en contre d'un membre du parlement  fait, à peine  de mullité, l'objet d'un demande d'autorisation formulée par le procureur général prés la cour d'appel compétente et trsamsmise par le garde des sceaux ministre de la justice, au président de l'assemblée intéressée . cette demande indique précisément les mesusres envisager ainsi que les motifs invoqués …
(89) الفصل 56 من النظام الاساسي  لرجال القضاء (ظهير شريف بمثابة قانون  رقم 1.47.497 لتاريخ 11 نونبر 1974 ) : "يوضع قضاة النيابة العامة تحت سلطة وزير العدل ومراقبة وتسيير رؤسائهم الاعلين . يتم نقلهم بظهير باقتراح من وزير العدل بعد استشارة المجلس الاعلى للقضاء " .
--------
يتيحه  الفصل  48 من قانون المسطرة  الجنائية وذلك بامر  الوكيل العام للملك بمتابعة المخالفين للقانون، والتقدم للقضاء  بالالتماسات الكتابية   التي يراها الوزير  ملا ئمة (90) .
  وامام هذا الوضع الذي يترك نوعا من الاستقلالية لقضاء النيابة العامة عن وزير العدل  الذي هو  عضو في الحكومة، اي في الجهاز   التنفيذي، يثور  التساؤل فيما اذا منح الوزير صلاحية تقديم  طلبات رفع الحصانة الى  البرلمان - اذا طالبت النيابة العامة برفع الحصانة وكان للوزير راي مخالف، فاي  الموقفين يؤخذ به : قرار القضاء ام موقف السلطة التنفيذية ممثلة في  وزير العدل ؟ .
  فاذا تم تغليب موقف الوزير فهذا يعني تغييب القضاء،  وهو مستقل عن السلطتين   التنفيذية والتشريعية. وان وزير العدل لا ينتمي للسلك القضائي وانما هو عضو في السلطة التنفذية بحكم انتمائه  للحكومة،  وبالرغم من كونه يملك سلطات  على النيابة   العامة ويعتبر نائبا  لرئيس  المجلس  الاعلى للقضاء (91)،   فانه لا يملك سوى صلاحيات قضائية محدودة في المجال الجنائي هي ما تضمنه الفصل 48 من قانون  المسطرة الجنائية،  وان اهم صلاحياته تتعلق بمجال التسيير الاداري و المهني  والنيابة عن جلالة الملك في رئاسة المجلس الاعلى للقضاء  الذي يسهر على تطبييق الضمانات الممنوحة للقضاة فيما يرجع لترقيتهم  وتاديبهم (92) .
 فاذا كان "القضاء مستقل عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية" (93) ، وكان وزير العدل عضوا في السلطة التنفيذية، فانه من الاكيد انه  لا يمثل السلطة القضائية  دستوريا .  واذا كان طلب رفع الحصانة تقدمه السلطات القضائية فلا يستساغ ان يقدمه باسمها وزير العدل وهو  عضو في الجهاز التنفيذي .

واذا كان هذا هو الوضع اذا تعلق الامر  بطلب تقدمه النيابة العامة وهي جزء من القضاء،   فكيف اذا تعلق   الامر  بشكاية مباشرة يتقدم بها المتضرر من عمل جرمي
------------------
(90) الفصل 48 من قانون المسطرة الجنائية الصادرة في 10/02/1959 : "يمكن لوزير العدل ان يبلغ الى رئيس النيابة العامة ما يصل الى علمه من مخالفات للقانون الجنائي ويامره بان يتابع او يكلف من يتابع مرتكبيها او يامره بان يرفع كتابة الى المحكمة المختصة ما يراه الوزير ملائما من  الالتماسات " .
(91) الفصل 86 من الدستور .
(92) الفصل 87 من الدستور .
(93) الفصل 82 من الدستور .
--------------
للقضاء مباشرة، فهل  يصادر حقه في التماس رفع الحصانة عن البرلماني المشتكى به ويمنح حقه الخاص لوزير العدل رغم ان الوزير لا سلطة له عليه ولا يعتبر رئيسا له ولا يملك ازاءه ما يملكه من سلطات ازاء  النيابة  العامة .

تقديم  الطلب من قبل الوزير الاول :
والذين قالوا باسناد صلاحية التقدم بطلبات رفع الحصانة الى البرلمان الى الوزير الاول،  ارتكزوا على كونه  هو المؤهل  لمخاطبة المؤسسة التشريعية .
واذا كان الوزير الاول يخاطب  البرلمان فانه يفعل ذلك باسم الحكومة  لكونه يتراس السلطة التنفيدية، وله صلاحيات هامة في هذا الاتجاه حددتها الفصول من 61 الى 65 من الدستور ولا سيما دوره في تنسيق النشاطات الوزارية ومسؤوليته عن عمل الحكومة على تنفيد   القوانين .

كما ان المادتين 38 من النظام الداخلي لمجلس النواب و34  من النظام  الداخلي لمجلس المستشارين اللذين اقرهما المجلسان  المذكوران بتاريخ 14/4/98  قد حددتا  كيفية الاتصالات بين البرلمان  والحكومة في شخص الوزير الاول من جهة،  ورئيس مجلس النواب او رئيس  مجلس المستشارين من جهة اخرى، وقد ورد النصان بصيغة واحدة كالتالي : " تجري اتصالات المجلس وعلاقاته الخارجية بواسطة الرئيس، وتوجه مراسلات المجلس  الى الحكومة  بواسطة الوزير الاول " .

 والواقع انه اذا كان وزير العدل لا يملك صلاحية مخاطبة البرلمان لرفع الحصانة البرلمانية، وهو الذي  يملك  سلطة على النيابة العامة، فكيف ياتي اسناد هذه الصلاحية للوزير الاول اعتمادا على كونه مؤهلا  لمخاطبة المؤسسة التشريعية، ذلك ان مخاطبته للبرلمان تجد  اساسها في كونه يراس السلطع التنفيذية، اما القضاء  فهو جهة مستقلة بصريح الفصل 82  من الدستور : " القضاء  مستقل عن السلطة التشريعية وعن السلطة  التنفيذية"، ولا يعطي الدستور للوزير الاول اية سلطة على المؤسسة القضائية .  بل ان  المادتين  38 من النظام الداخلي لمجلس النواب و34 من النظام  الداخلي  لمجلس المستشارين  لا تسندان للوزير الاول  فيما يتعلق بالاتصالات مع المجلسين سوى توجيه المراسلات التي يبعثها البرلمان الى الحكومة بواسطة  :  " توجه مراسلات المجلسين الى الحكومة بواسطة الوزير الاول "، واما اتصالات المجلسين وعلاقتهما الخارجية فهي تتم بواسطة رئيسيهما، " تجري اتصالات المجلس (مجلس النواب او مجلس المستشارين) وعلاقته الخارجية بواسطة الرئيس " .
 وهو ما يستفاد منه ان مجلس النواب او مجلس المستشارين يخاطبان  الحكومة ( الوزير الاول الوزراء) (94)   بواسطة الوزير الاول، ولذلك لا يمكن لاحد  المجلسين مكاتبة او مراسلة وزير من الوزراء او ادارة من الادارات الا بواسطة مؤسسة الوزير الاول (95) . واما خارج الحكومة فان مجلسي البرلمان يجريان اتصالاتهما بواسطة رئيسيهما مع الجهات التي يعنيها الامر، والتي لا تقع تحت سلطة الحكومة . ولا شك ان القضاء مستقل عن الحكومة  ولذلك فلا مبرر للتخاطب معه بواسطة الوزير الاول،  وانه  مؤهل  بنفسه  لمخاطبة المؤسسة التشريعية عبر رئيسي  مجلسي النواب والمستشارين .

تقديم الطلب  من طرف النيابة العامة او الطرف المدني :
وفي غياب نص قانوني  (تشريعي او تنظيمي )  نرى ان الاتجاه  الذي كان النظام الداخلي لبرلمان 1963 تبناه يمكن الاعتماد  عليه، سيما ان بعض التشريعات الجديدة قد سنته مؤخرا (96) . ولاسباب تنظيمية نرى ان  السلطة القضائية او المطالب  بالحق المدني اللذين يتقدمان بطلب رفع الحصانة ينبغي ان يحيلاه بواسطع وزير العدل دون ان يكون لهذا الاخير حق الاعتراض على الطلب او منع احالته على المؤسسة التشريعية، وهو ما يتيح لوزير العدل -  نظرا  لسلطاته على النيابة  العامة -  ان يواكب سير العمل في المؤسسة القضائية ويراقب اتجاه الدعوى العمومية ويقوم عطاءات  الساهرين عليها من قضاة النيابة  العامة،  ويتيح كذلك للحكومة ان تكون على علم  بهذه الطلبات واسبابها  ومبرراتها، عن طريق وزير العدل الذي هو عضو في الحكومة .
----------
(94) الفصل 59 من الدستور : " تتالف الحكومة من الوزير الاول والوزراء" .
(95) الفصل 61 من الدستور : " تعمل الحكومة على تنفيذ القوانين تحت مسؤولية الوزير الاول والادارة موضوعة تحت رهن تصرفها " .
(96) انظر ما قلناه عن فرنسا بمقتضى التعديل القانوني لسنة 95 .
------------ 
نعم، انه من حق وزير العدل ان يامر النيابة العامة بطلب رفع  الحصانة  البرلمانية عملا بمقتضيات الفصل 48 من من قانون المسطرة الجنائية لانه يملك الصلاحية لاعطاء الامر بالمتابعة، وان رفع الحصانة يتم اساسا للقيام بهذا الاجراء القضائي، ولكنه لا يملك ان يعترض على تقديم طلب رفعته النيابة العامة اوالمطالب بالحق المدني او جهة اخرى لها الحق في المتابعة (97)، لان الفصل 48  المذكور  لا يمنحه صلاحية الاعتراض  على رفع الدعوى العمومية .

وفي راينا ان هذا الاتجاه من شانه ان يجسد استقلال السلطة القضائية ويضمن  للمواطنين المساواة امام القانون ويحول دون استعمال السلطة التنفيدية  لهذه الامكانية القانونية خارج النطاق المحدد لها او تعطيلها اذ ان ترك صلاحية التقدم بطلبات  رفع الحصنة البرلمانية للوزير الاول  او وزير العدل يعني تركها  بيد السلطة  التنفيذية  وهي سلطة مكوناتها ذات طبيعة سياسية قد تدفعها للتصرف فيها  وفقا لما تمليه المصالح  السياسية  للفرقاء، فقد تعمل على تقديم  او احالة طلبات رفع الحصانة البرلمانية متى كانت موجهة ضد خصوم سياسيين اوتحول  دون احالتها الى البرلمان اذا كانت موجهة ضد حلفائها او البرلمانيين  المنتمين اليها،  وهذا  المنزلق هو الذي  حاول المشرع تلافيه حين سن الحصانة البرلمانية لتوفير  الطمانينة لاعضاء البرلمان لاداء مهامهم دون خوف من استعمال الدعوى العمومية  استعمالا   يؤثر على  استقلالهم  .
ويبدو ان هذا الاتجاه قد اخذ به مشروع تعديل النظام الداخلي لمجلس  النواب في   المادة  91 منه التي نصت على ما يلي :  " تصدر طلبات رفع الحصانة من لدن :
1-الوكلاء العامين للملك، عندما تعتزم النيابة العامة متابعة عضو من اعضاء مجلس النواب (98) اما بالاستدعاء المباشر او عن طريق التحقييق (99) .
----------
(97) بعض الادارات مثلا (الفصلان 2 و 393 من قانون المسطرة الجنائية) .
(98) يتعلق الامر بمقترح لتعديل النظام الداخلي لمجلس النواب اعد سنة 2000 تناول موضوع الحصانة البرلمانية في الباب الرابع من الجزء الثاني في المواد من 90  الى 95، ولم يصادق بعد على هذا التعديل لغاية كتابة هذا المقال (دجنبر 2000) .
(99) يلاحظ ان المادة قد اغفلت المتابعة في حالة اعتقال من طرف النيابة العامة (ما لم يتعلق الامر بحالة التلبس).
------------
2- الطرف المتضررالذي قدم شكاية مباشرة، وانتصب مطالبا بالحق المدني امام قاضي التحقيق  المختص  .
وفي هذه الحالة  يصدر الطلب بواسطة الوكيل  العام للملك  مصحوبا بقرار الاحالة الى وزير العدل" .
وقد اضافت المادة 92 ما يلي :
" تودع طلبات رفع الحصانة لدى مكتب مجلس النواب، بواسطة وزير العدل مشفوعة بالمستندات والوثائق المبررة لقرار ا لمتابعة ".
ويبقى املنا ان يقر المجلس  هذا  النظام ويعرضه على المجلس الدستوري للمصادقة عليه عملا بالفصل 44 من الدستور لوضع  حد للفراغ القانوني في هذا  المجال .

 الفرع الثاني  : دراسة  طلبات رفع الحصانة البرلمانية 
تصدى النظامان الداخليان لمجلسي النواب والمستشارين لمسطرة دراسة  رفع الحصانة البرلمانية في المواد من 171  الى 182 بالنسبة للنظام الداخلي  لمجلس النواب والمواد  من 151 الى 162 بالنسبة  للنظام الداخلي لمجلس المستشارين  (100) ، وهي مواد متطابقة وان اختلف ترقيمها .
ويمكن ان يستخلص من كافة هذه المواد مايلي :
- بعد توصل رئيس مجلس النواب او رئيس مجلس المستشارين بطلب رفع الحصانة يحيله على لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان (101)
-------------
(100) الفصل 44 من الدستور : " يضع كل من المجلسين نظامه الداخلي ويقره بالتصويت، ولكن لا يجوز العمل به الا بعد ان يصرح المجلس الدستوري لمطابقته لاحكام هذا الدستور " . وقد اقر المجلسان نظاماهما الداخليان بتاريخ 14/04/1998 وبالنسبة لمجلس النواب فقد اصدر المجلس الدستوري قراره بالمصادقة على المواد غير المخالفة للدستور تحت عدد 98 - 212  بتاريخ 20 ماي 1998 نشر بالجريدة الرسمية عدد 4594 بتاريخ 11/06/1998 وقد صرح المجلس بعدم مطابقة المادة 156 للدستور، وهي المطابقة للمادة 176 من نظام مجلس المستشارين .
(101)- تختص هذه اللجنة بمجلس النواب بقضايا : العدل، حقوق الانسان، الامانة العامة للحكومة، الشؤون الادارية والعلاقات مع البرلمان (انظر المادة 52 من النظام الداخلي لمجلس النواب) واما نظيرتها لدى مجلس المستشارين فتختص وفقا للمادة 48 من نظامه الداخلي بالتنظيم القضائي، التشريع المدني والجنائي، التشريعات الانتخابية، الحريات الفردية والعامة، النظام الداخلي لمجلس المستشارين، القوانين التنظيمية، الوظيفة العمومية، الاصلاح الاداري وحقوق الانسان .
---------- 
- تستدعي اللجنة المذكورة بعد توصلها بالطلب النائب او المستشار للاستماع اليه ويحق   للبرلماني المستدعى ان يحضر شخصيا او ينيب عنه احد زملائه من النواب او  من المستشارين - تبعا للمجلس الذي ينتمي اليه - ويتولى العضو او ممثله ابداء وجهة  نظره امام اللجنة .( المادة 153  من نظام مجلس النواب و173  من نظام مجلس المستشارين)  (102) .

 لم  يشر النظامان الداخليان لمجلسي  البرلمان للحالة التي يرفض فيها البرلماني  الحضور امام اللحنة او لا يعين ممثلا له. وفي رلينا انه ينبغي التاكد من استدعائه فاذا لم يحضر امام اللجنة باشرت النظر في  الطلب في غيبته (103)، لان المقصود من استدعائه اتاحة الفرصة لابداء رايه في الطلب . وقد مضى النظامان الداخليان في هذا اللاتجاه معبرين على ان اللجنة تستدعي البرلماني لتسمع  اليه او  لمن  ينيبه "لابداء وجهة نظره  امام اللجنة المذكورة ".
- وبعد دراسة  اللجنة للطلب تبدي رايها   فيه بواسطة التصويت . 
- ثم يحال الامر على مجلس النواب اذا تعلق الامر باحد اعضائه، او على مجلس المستشارين اذا كان الامر يهم  احد اعضائه، وذلك اذا تعلق الامر  بتقديم  الطلب  خلال انعقاد الدورات .
اما اذا احيل ا لطلب خارج الدورات فان مكتب المجلس الذي  ينتمي اليه البرلماني هو المختص بالبت   في امر رفع  الحصانة .
---------------
VAN DER BIEST (102) يتيح البرلمان البلجيكي لاعضائه الاستعانة بمحام، وقد تمت الاستجابة لرغبة النائب
في  هذا الصدد وازره  محاميان - راجع وثائق مجلس النواب البلجيكي لسنة 92/1993 ص. 687/1. واما اطلاع النائب على الملف فما يزال محل خلاف، وقد حسم النظام الداخلي للبرلمان المنطقة الفلامنية هذه المسالة بالايجاب. والجدير بالذكر ان دورية لوزير العدل البلجيكي اناطت بالوكلاء العاميين للملك تقديم طلبات رفع الحصانة وارفاقها لملف يحتوي على عارض بالافعال المنسوبة للبرلماني والشكايات المقدمة به عند الاقتضاء وشهادات  Collège desProcureurs Généraux  الشهود ووسائل الاثبات - انظر الدورية الموجهة لمجموع الوكلاء العاميي
بتاريخ 23/04/1999 تحت عدد 6/97 .
La Responsabilité pénale des hommes(103) ورد في هذا المعنى بالصفحة 97 من كتاب كريستيان بيكو
                   وهو يتحدث عن مسطرة دراسة الطلب قبل تعديل 1995 قائلا :politiques 
"La Commission etait tenue d'entendre - ou du moins de covoquer - le parlementaire intéressé ou l'un de ses collègues déssigné par lui - même " .
--------------------
حضور وزير العدل لمناقشات لجنة العدل :
ولم يشر النظامان الداخليان لمجلسي البرلمان المغربي الى ضرورة حضور  وزير العدل  لمناقشات لجنة العدل والتشريع لطلبات رفع الحصانة البرلمانية . وقد وجدت اصوات تدعو لضرور حضوره لمناقشة تلك الطلبات .
ونرى انه لا لزوم لحضور وزير العدل لاعمال اللجنة لعدم النص على ذلك في القانون من جهة، ولكون وزير العدل  في راينا-لا حق له في تقديم  طلبات رفع الحصانة  عن اعضاء البرلمان من جهة اخرى . ومن باب اولى انه-
لا ينبغي دعوته  لحضور مناقشة تلك  الطلبات،  والا فلماذا يطلب حضوره اذا كان لايمثل القضاء ولا يمثل المطالب بالحق المدني وانه مجرد عضو في الحكومة التي يمثلها - امام البرلمان-  الوزير الاول .

واذا كانت الحكومة تحضر مناقشات اللجن البرلمانية، فلانها معنية بالدفاع عن مشاريعها وبرامجها او لاعطاء ايضاحات  حول امور تنفيذية . واتساءل جديا  عن دورها في نطاق مناقشة طلب قضائي  برفع الحصانة . فهل يناط بالوزير  وهو عضو من الجهاز التنفيذي  ان يدافع عن طلب تقدم به الجهاز  القضائي او المطالب بالحق المدني  .

ونعتقد انه لا ضرورة لحضور وزير العدل لمناقشات اللجنة لان عملها - وعمل مجلس البرلمان المعني كذلك  -يقتصر على التاكد من كون طلب رفع الحصانة لا يقصد من ورائه الحد من حرية البرلماني في اداء مهامه البرلمانية،  وليس  الخوض في مدى نسبة الافعال الجرمية اليه او براءته منها لان هذه مهمة القضاء .
فدور البرلمان في مجال  رفع الحصانة عن اعضائه يكتسي  طابع  المراقبة المالية   السياسية  لا القضائية . وما يعنى الجهاز  التشريعي في الموضوع هو التاكد من كون الطلب لا يقصد  من ورائه  عرقلة  حرية مجال  عمل
النائب  او المستشار بسبب نشاطه  السياسي،  وليس لهذا الجهاز ان يمنح  لاعضائه مناعة تحول دون محاسبتهم عن الجرئم التي  قد يقترفونها .

تكرار تقديم طلب رفع  الحصانة :
وقد كان النظامان الداخليان للمجلسين  قد ادرجا مادة  (104) تقضي بانه  "اذا رفض  المجلس طلب اعتقال  نائب او متابعته،  لا يمكن   تقديم  نفس  الطلب  من جديد  في نفس  الدورة  اذاكان الامر يتعلق بنفس الافعال التي كانت موضوع الطلب المرفوض ". غير ان المجلس الدستوري راى ان ما تضمنته هذه  المادة " يتجاوز ما يقتضيه
الفصل 39 من الدستور ويعد بالتالي غير مطابق لاحكامه (105)".

- والجدير  بالذكر ان الفصل 44 من الدستور  منح لكل مجلس  من مجلسي البرلمان صلاحية  وضع نظامه
 الداخلي واقراره بالتصويت، ولكن لا يجوز العمل به الا بعد  ان يصرح المجلس  الدستوري  بمطابقته  لاحكام الدستور .
دراسة الطلب باللجنة :
- ويناقش المجلس الطلب في جلسة  من جلساته، وتشتمل المناقشة  على كلمة مقرر لجنة  العدل والتشريع وحقوق الانسان، وكلمة ممثل الحكومة، وكلمة البرلماني المطلوب رفع الحصانة عنه او احد زملائه الذي انابه عنه،  ثم خطيبين احدهما مؤيد لرفع الحصانة  والثاني معارض له (106) .
- ثم  يقع التصويت  على الطلب  باغلبية  الاصوات المعبر عنها .
ولم يشر  النظامان الداخليان  لكيفية  مناقشة  الطلب من طرف  مكتب  المجلس - اذا  كان الامر يتعليق  بطلب قدم   خارج الدورات - ، ولكنهما  نصا على ان المكتب يتخذ قراره  بالتصويت  باغلبية  اعضائه الحاضرين .
-------------
(104) المادة 156 من النظام الداخلي لمجلس النواب و176 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين .
(105) قرار المجلس الدستوري عدد 212-98 بتاريخ 20 ماي 1998 المنشور بالجريدة الرسمية 4594 بتاريخ 11/06/1998 يتعلق بالنظام الداخلي لمجلس النواب .
(106) لم يشر النظامان الداخليان لكيفية اختيار الخطيبين المؤيد والمعارض  في حالة تعدد الخطباء من كل صنف ونرى انه في حالة استحالة التوفيق بين الاراء ينبغي حسمها على صعيد نسبة التمثيلية او على اساس التصويت على من يمثل الاتجاه المعني . كما لم يتطرق النظامان الداخليان للحالة التي لا يوجد فيها سوى صنف واحد - أي اتجاه معارض فقط او مؤيد فقط -، وهذه حالة شادة  وهي لا تثير عمليا سوى اشكالا مسطريا لان موضوع الطلب يبدوا محسوما بالاجماع اما بقبول او رفض طلب رفع الحصانة .
-----------
حالة النائب محمد الصغير :
 ومن ابرز تطبيقات هذه الحالة   تدارس  لجنة العدل والتشريع  بمجلس النواب  الحالي ( ولاية 1997-2002)  لطلب  رفع الحصانة  البرلمانية  عن النائب  محمد الصغير،  عضو فر يق  الحركة   الديمقراطية  الاجتماعية،  وقد  خصصت  اللجنة  لهذه  الحالة خمس اجتماعات بتواريخ 30 يونيه    1999  و6 و 28 شتنبر  1999 و28 اكتوبر 1999، واخيرا جلسة17 نونبر 1999.

وخلال جلسة 30 يونيواستحوذ موضوع الجهة المخولة قانونا صلاحية التقدم بطلب رفع الحصانة على البرلمان على حيز كبير  من النقاش  الذي دار باللجنة .
وخلال الجلسات  اللاحقة  اطلعت   اللجنة  على موضوع الشكايات  الموجهة  في حق النائب المذكور واستمعت الى ممثله النائب السيد  بلعسال الشاوي .
وقد اختلفت مواقف اعضاء اللجنة بشان صلاحيتها في مناقشة جوهر   الشكايات المقدمة ضد النائب  محمد  الصغير. وقد راى فريق ان مبدا فصل السلط  يدعو  اللجنة   الى  الابتعاد عن مناقشة جوهر الشكايات وجديتها لان ذلك يبقى  من صميم اختصاص القضاء، وان مهمة اللجنة   تنحصر في التاكد مما اذا كان المراد من طلب رفع الحصانة المس بدور البرلماني .
واما الفريق الثاني فقد ساند حق اللجنة في الخوض في جوهر الشكايات المقدمة ضد النائب والاطلاع على جميع معطيات النزاع المعروض على القضاء وبتاريخ 17 نونبر 1999 رفضت لجنة رفضت   لجنة العدل والتشريع طلب رفع الحصانة على النائب الصغير باغلبية 11 صوتا مقابل 7 اصوات وامتناع 3 نواب عن  التصويت .

- وبعد تصويت اللجنة   على الطلب  رفع الامر لمجلس النواب   في جلسته المنعقدة بتاريخ  23 دجنبر 1999 حيث قدم مقرر لجنة  العدل  والتشريع وحقوق الانسان تقريره وتدخل ممثل النائب محمد الصغير، ثم تناول الكلمة خطيب مؤيد لرفع  الحصانة فاكد ان التصويت بالايجاب  يجب الا يفهم منه ادانة النائب   او الحكم عليه  لان ذلك من اختصاص القضاء،  ثم تدخل الخطيب المعارض وطالب  بمسايرة  راي  لجنة  العدل  والتشريع   في رايها برفض  طلب رفع  الحصانة .

واخيرا  عرض الامر على  التصويت  فوافق المجلس على رفع الحصانة على النائب  محمد   الصغير باغلبية 91 صوتا ومعارضة 32 نائبا وامتناع 3 نواب عن التصويت .

حالات اخرى في انتظار البث :
ويبدو ان عدة طلبات برفع الحصانة البرلمانية قد قدمت للمجلسين، وقد كان رئيس مجلس النواب قد اعلن في جلسة 23 دجنبر 1999 التي رفعت فيها الحصانة عن النائب محمد الصغير   لمتابعته ومحاكمته    من اجل   اصدار  شيكات دون   مؤونة،  ان  المجلس قد توصل بثمان طلبات لرفع الحصانة اثنان يتعلقان بحوادث السير وواحد نتيجة لشكاية تقدمت بها جماعة محلية والطلبات الخمس الباقية تعلق بشكايات دون مؤونة . ولحد نهاية سنة 2000 لم يبث مجلس النواب في هذه الطلبات التي كانت رئاسته قد افادت انها لا تستوفي كل الشروط القانونية المطلوبة وان المجلس كاتب الوزير  الاول في شانها (107) .

كما  لم يبت مجلس المستشارين   في الطلبات  التي تردد  انها  عرضت  عليه.  ولعل  هذا يستدعي من المشرع  اقرار مسطرة واضحة لدراسة   طلبات   رفع الحصانة  وتحديد   اجال  للبت فيها.  فاذا كان النظام الداخلي  لمجلس النواب ( المادة 157)   والنظام    الداخلي لمجلس المستشارين  (المادة  177)   قد منحا الحكومة الحق في اقتراح   تسجيل طلبها   برفع الحصانة البرلمانية في جدول  اعمال احد المجلسين،  كما اعطى ذلك  الحق  لكل مجلس  باقتراح من ندوة الرؤساء،   فانهما لم يحددا اجلا   لدراسة تلك الطلبات،  كما ان الدستور  لم يحدد اي اجال لذلك، وهو  ما يؤدي  الى ترك الامور رهن ارادة الحكومة او ندوة الرؤساء بكل من مجلس النواب (108) او مجلس المستشارين  (109) .  ولعل  هذا ما يفسر الوقت الذي مضى  لحد الان منذ اعلان رئيس
---------------
(107) يلاحظ ان مجلس النواب يخاطب السلطة التنفيذية بشان طلبات صدرت عن السلطة القضائية .
(108) تتكون ندوة الرؤساء بمجلس النواب حسب المادة 79 من النظام الداخلي للمجلس من رئيس مجلس النواب وخلفاء الرئيس ورؤساء اللجان النيابية الدائمة ورؤساء الغرف  النيابية .
(109) تتكون ندوة الرؤساء لمجلس المستشارين من رئيس مجلس المستشارين، خلفاء الرئيس، رؤساء اللجان الدائمة ورؤساء الغرف (المادة 93 من النظام الداخلي) .
------------
مجلس النواب عن توصله بثمان طلبات لرفع الحصانة في نهاية سنة 1999  دون ان يصوت المجلس على اي من  هذه الطلبات .
ولقد سبق  لاعضاء مجلس النواب (اغلبية ) ومعارضة ان عبروا خلال جلسة المجلس في  19 يناير 2000 على ضرورة ايجاد   مسطرة  واضحة لطلبات   رفع الحصانة  البرلمانية " تحترم  فيها  السلطات  القضائية الى ابعد حد، وتحترم  فيها حقوق المواطنين بدون استغلال، ودون اية حصانة تعطي لاي نائب ما ليس له وتحافظ ايضا على سمعة السادة النواب في اطار العلاقة التي يجب ان تسود بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية  والسلطة التنفيذية (110)" .

ويبدو ان طلبات رفع الحصانة البرلمانية لم تنل  من طرف البرلمانات المغربية المتعاقبة  ما يثري النقاش  الفقهي، وانه  باستثناء   حالة  النائب   محمد  الصغير  في البرلمان الحالي   فان البرلمان المغربي  لم يبت   في اي طلب  اخر. وحسب الاستاذ امين الدمناتي (111) فانه رغم تنظيم موضوع الحصانة البرلمانية دستوريا منذ الدستور  الاول لسنة 1962 فان البرلمان لم يبت سوى في حالة النائب  الصغير  واما   باقي  الحالات  التي  طرحت عليه فانه  " اما  تفادى النظر فيها او انها عولجت خارجه  وبدون استشارته" .

وقد طرحت اولى  الحالات في اول دورة لبرلمان 1963 من طرف فريق الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي طرح في جلسة مجلس النواب بتاريخ دجنبر 1963 وفي الجلسات التي اعقبتها مسالة اعتقال خمسة من نوابه دون مراعاة الحصانة البرلمانية ولم يبت المجلس في الموضوع .
 وفيما سمي " بالحملة التطهيرية "  لسنة 1996  اعتقل  النائب محمد الزهراوي  وحوكم امام محكمة الدار البيضاء انفا (112) .  وقبله اعتقل  النائب  محمد  حمادي اضبيب  سنة 1976  امام  محكمة  العدل  الخاصة (113).
---------
(110) من محاضرة الاستاذ امين الدمناتي القيت لفائدة الملحقين القضائيين بالمعهد الوطني بالدراسات القضائية بالرباط بتاريخ 28 مارس 2000 .
(111) المحاضرة السابق ذكرها .
(112) هناك من يرى ان النائب المذكور لم يكن في حالة تلبس، علما ان المحكمة حاكمته على هذا الاساس .
(113) سبقت الاشارة للموضوع .
----------
وقبل ان نختم  لابد ان نحاول  ايجاد الجواب  للسؤالين  التاليين :
2-    هل تستمر الحصانة بعد  انتهاء المهام البرلمانية ؟
2- هل يمتد  رفع الحصانة الى جرائم اخرى غير  التي صدر من اجلها الاذن ؟
اولا: انتهاء الحصانة  بانتهاء  الولاية البرلمانية :
لايحتمي البرلماني باية حصانة بعد  نهاية  ولايته البرلمانية عن  الافعال التي ارتكبها خلال تلك الولاية مالم يتعلق الامر بمقتضيات الفقرة الاولى من الفصل 39  بشان اللامسؤولية .
فاذا تعلق الامر بافعال نسب الى البرلماني ارتكابها " بمناسبة ابدائه لراي او قيامه بتصويت خلال موزاولته لمهامه"، فانه  لا يمكن بعد  انتهاء فترة ولايته مؤاخذته من اجلها لان حصانته- وهى هنا بمثابة لا مسؤولية تستمر طول الدهر، لان المشرع اراد ان يوفر للبرلماني كافة الضمانات للجهر برايه والتعبير عن ارادة الناخبين، ولم يحظر  عليه سوى المساس بالمقدسات والثوابت الدستورية ( المجادلة في النظام الملكي او الدين الاسلامي او الاخلال  بالانحترام الواجب للملك) (114) .

واذا تعلق الامر بجريمة  ارتكبها البرلماني  خلا ل فترة ولايته دون ان تتعلق بالمهام  النيابية،  ولم ترفع الحصانة  من اجلها  او لم يطلب  رفع الحصانة عنها،   فانه لا يوجد اي مانع  خاص  يحول دون مساءلته عنها جنائيا بعد انتهاء  ولايته البرلمانية ما لم ينتخب  من جديد   كعضو  في البرلمان الموالي،  لان المقصود من الحصانة  البرلمانية  ليس اعفاء  البرلماني من تطبيق  القانون الجنائي في حقه، ولكن توفير الظروف  الملائمة له  لاداء واجبه  النيابي - خلا ل  فترة ولايته -  في اطمئنان . واما اذا انتهت ولايته  فانه يصبح   خاضعا للقواعد العامة للمحاكمات ويمكن متابعته او اعتقاله او القاء 
----------
Christian BIGAUT  ( La responsabilité pénale des hommes politiques, p. 88) :                                           (114)
" cette immunité ( L'irresponsabilité parlementaire ) s'oppose à toute poursuite tant pénale que civile et protége d'une manière absolue le parlementaire pendant son mandat et aprés l'expiration de clui -ci  " .
DALLOZ PENAL ( 1968 immunités 38) : " l'irresponsabilté a dans son domaine d'application un caractère absolu … et s'oppose aux poursuites même aprés l'expiration du mandat " .
وقد ورد نفس المعنى لدى القاضي فريد الزغبي في الصفحة 376 من المجلد الرابع من الموسوعة الجزائية الصادرة عن دار صادر بيروت حيث قال " وتتميز هذه اللامسؤولية بانها دائمة وتستمر حتى بعد انتهاء الوكالة النيابية، بحيث لا يلاحق النائب اذا لم تتجدد نيابته او عزف عنها" .
-----------
 القبض عليه وفقا للمسطرة العادية التي تطبق على سائر المواطنين   ما لم تكن الافعال قد تقاد مت او سقطت (115) .
 ثانيا: اقتصار مفعول رفع الحصانة  على الافعال  ا لتي  طلب  من اجلها :
 يتفق الفقه  الفرنسي  انه  لا يمكن  مساءلة  عضو  البرلمان سوى  من اجل الافعال  التي ر فعت الحصانة من  اجلها، وانه لا يمكن الاعتداد باذن البرلمان الصادر  برفع  حصانة احد اعضائه لمتابعته من اجل افعال محددة،  لتحريك الدعوى العمومية  في حقه من جل  افعال اخرى او تمديد المتابعة الى  افعال اخرى .

 وبديهي ان الامر  يهم الافعال وليس تغيير تكييفها، حيث يحق للسلطات  القضائية تغبير الوصف القانوني مادام الامر يتعلق بنفس الافعال، ويبقى انذاك الاذن برفع الحصانى البرلمانية  صحيحا . فالعبرة  بالافعال التي منح من اجلها اذن المجلس او مكتبه لا بوصفها (116) .
ولذلك فانه اذا نسبت الى البرلمان الذي رفعت عنه الحصانة افعال اخرى غير التي وردت في اذن البرلمان القاضي برفع الحصانة ، فان متابعته من اجلها لا تكون  ممكنة( داخل الدورات)  الا بعد الحصول على اذن جديد برفع
                     M.  J. M. الحصانة من اجلها . وقد تاتى  للجمعية  الوطنية الفرنسية ان اكدت ذلك في قضية عضوها 
            (117).  ولكن اذن  البرلمان لا يكون لا زما اذا كانت الافعال الاخرى غير محمية         BOUCHERON
بالحصانة كما لوتوفرت فيها حالة التلبس مثلا .

قرينة البراءة :
وتجدر الملاحظة كذلك ان رفع الحصانة عن عضو البرلمان ليست ادانة  له، كما ان رفض رفعها ليس  بمثابة تبرئة لساحته فهو مجرد اجراء مسطري يفسح المجال امام القضاء  لمتابعة البرلماني او القاء القبض عليه حسب  الاحوال،  ولا يمس  باي حال
---------
(115) يجري التحقيق حاليا بمحكمة العدل الخاصة (دجنبر 2000) مع احد اعضاء مجلس النواب الحالي (العربي قرورو) من اجل افعال نسب اليه ارتكابها خلال فترة ولايته النيابية، وقد اسقط المجلس الدستوري عضويته نتيجة لطعن انتخابي ولم يتم تجديد انتاخابه .
(116) انظر في هذا الصدد البند 76 من دالوز الجنائي 1968- باب الحصانات - .
(117) انظر الجريدة الرسمية الفرنسية لمداولة الجمعية الوطنية جلسة 3/12/1992 ص . 6488، وجلسة 20 دجنبر     "La levée d'immunnité ne vaut que pour les faits qui l'ont provoquée"ص. 7655    ،1992
----------
من الاحوال قرينة البراءة المتوفرة لكل شخص مشتبه فيه الى ان تثبت ادانته بحكم قضائي بات .

سلطة الملاءمة:
 كما ان قرار رفع الحصانة من طرف البرلمان لا يلزم النيابة العامة بمباشرة الاجراء القضائي الذي  طلبت رفع الحصانة من اجله، ذلك انها- اي النيابة العامة- تتوفر على سلطة الملاءمة في تقدير الاجراء ويمكنها اعمالا لتلك السلطة التخلي عن المتابعة قبل  تحريكها، او اقامة الدعوى العمومية  بواسطة الاستدعاء المباشر بدلا من اللجوء الى اعتقال البرلماني .

ومن الناحية العملية فان اغلب طلبات  رفع الحصانة البرلمانية تقدم من اجل مباشرة  اجراءات البحث التمهيدي -وقد راينا انها ليست ضرورية بالنسبة للاجراءات التي لا تمس بحرية عضو البرلمان - ، ولذلك فان النيابة العامة قررت حفظ بعض المساطر بعد الشروع في اجراءات رفع الحصانة بعدما امتثل البرلماني المعني بامر البحث التمهيدي وادلى باقواله  للضابطة القضائية،  فتبين عدم  كفاية الادلة لتحريك الدعوى العمومية في مواجهته . ولذلك لا يستغرب ان تعمل النيابة العامة على حفظ  قضية  منح بشانها اذن البرلمان بالمتابعة .

 تبليغ قرار رفع الحصانة :
 واذا كان اذن مجلس البرلمان او مكتبه- الذي ينتمي اليه العضو- برفع الحصانة هو الذي يتيح اجرء المتابعة او القاء القبض فان السؤال الذي يطرح من الناحية العملية يتعلق بما اذا كان ينبغي تبليغ قرار البرلمان الى النيابة العامةاو المطالب بالحق  المدني،او  يكتفي بالاعتماد  على ما تتداوله  وسائل الاعلام  في هذا الصدد ؟
ونرى ان ما تنشره وسائل الاعلام  لا يعتبر سندا كافيا لتبرير متابعة اواعتقال برلماني اذا كان الاجراءان متوقفين على اذن من المجلس الذي ينتمي اليه او اذن مكتبه،  وانه لا يحق للنيابة العامة او  المطالب  بالحق المدني مباشرة الاجراء  المسطري في حقه  الا  بعد الحصول على قرار البرلمان او بعد نشر مداولات المجلس بالجريدة الرسمية  عملا بمقتضيات الفصل 41 من الدستور المغربي والمادتين 126  من النظام  الداخلي لمجلس النواب و 146 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين .

 ومن الناحية العملية فان نشر مداولات مجلسي  البرلمان تعرف تاخيرا من شانه ان يؤثر على السير السليم   للمسطرة القضائية، ولذلك  نعتقد ان مجلسي البرلمان مدعوان  لتبليغ السلطة القضائية المعنية بالقرار المتخذ من قبل احد المجلسين  او مكتبيهما بصدد طلبات رفع الحصانة على اعضائهما فور اتخاذ  القرار  وبالنسبة لحالة النائب  محمد  الصغير التي سبقت الاشارة اليها فان مجلس النواب المغربي قد اشعر القضاء بقراره برفع  الحصانة كتابه .

 ومن جهة اخرى فانه لئن كان الفصل 43 من الدستور اقر نشر محاضر مناقشات مجلسي البرلمان (118)، فان الدستور  لم يقض بنشر قرارات مكتبي المجلسين  وهو  ما يطرح التساؤال بشان قرارات  رفع الحصانة التي يتخذها مكتب احد  مجلسي البرلمان في الفترة بين الدورتين، وكيف ستعلم بها النيابة العامة اذا لم تبلغ ا ليها ؟

الخاتمة
ان مسالة الحصانة البرلمانية  ليست  مسالة  قانونية   بحتة،  بقدر ماهي نتاج سياسي  للمجتمعات  تضيق  وتتسع  مع الحاجة،  في تناسق وتناغم مع ما يوفره المناخ  السياسي من حريات اساسية، ومع ما يمثله النظام القضائي من ضمانات فعلية   للافراد .
 
فقد ابتدات الحصانة البرلمانية- في مفهومها الحديث - داخل قبة البرلمان، ثم اتسع مداها  لتحمي  البرلمانيين عن الافعال  الجرمية التي قد ينسب اليهم ارتكابها  خارج مهامهم  النيابية،  ثم هاهي -  بالنسبة لبعض التشريعات - تتراجع لتقصر  حماية  اللاعضاء على جرائم الراي المرتكبة اثناء ممارسته المهام.
----------
(118) وفقا للفصل 41 من الدستور المغربي تكون جلسات مجلسي البرلمان عمومية، وينشر محضر المناقشات برمته بالجريدة الرسمية ويمكن عقد جلسات سرية بطلب من الوزير الاول او من ثلث اعضاء المجلس . وتنص المادتين 126 من النظام الداخلي لمجلس النواب والمادة 146 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين على نشر جميع محاضر جلسات المجلسين .
----------
البريطاني المتخذ عام 1869 على منع ان تكون مناقشات وافعال  Bill of Rights  فقد اقتصر قانون الحقوق
البرلمانيين محل اي تدخل او مجادلة خارج البرلمان . ولم يعط اية حماية للبرلمانيين  عن الافعال التي قد تنسب  
اليهم خارج مهامهم .
 وفي  فرنسا كان هذا هو اتجاه دستور3 شتنبر 1791   (الفصل 7) الذي نص ان ممثلي الامة لا تنتهك حرمتهم، وانه لا يمكن البحث عنهم ولا اتهامهم ولا محاكمتهم  في اي وقت من اجل ما قالوه او كتبوه او قاموا به اثناء ممارسة مهامهم  النيابية (119) .

ولكن الدستور الذي اعقبه بتاريخ 24   يونيه 1793 مدد الحماية الى الجرائم المرتكبة خارج المهام البرلمانية (الفصل 44) (120) ، حيث لا يمكن القاء القبض عليهم بدون اذن  البرلمان مالم يكن في حالة تلبس .
 وبمعنى اخر فان الحصانة البرلمانية ابتدات على شكل  لامسؤولية عن الاقوال والافعال  المرتكبة   خلال المهام البرلمانية، ثم توسعت الى  الحرمة البرلمانية التي توفر لاعضاء الجهاز التشريعي حماية من الملاحقات القضائية عن الافعال الجرمية التي تنسب اليهم خارج مهامهم البرلمانية .
 وبعد ان كان الفصل 26 من دستور الجمهورية الخامسة  الفرنسي  المتخذ  بتاريخ 04/10/1958  قد اقر  الحرمة البرلمانية على الشكل  الذي نهجه الفصل 39  من الدستور المغربي في الفقرتين الثانية والثالثة، المتعلقتين  بفترة انعقاد الدورات   وخارجها،  فان التعديل  اللاحق  به ( بمقتضى القا نون  رقم 95-880 بتاريخ 4 غشت  1995 الفصل 7 ) وحد الحكم بين الفترتين وقصر الحماية سواء   داخل او خاج الدورات (الفقرة الثانية)  على منع الاعتقال او كل اجراء سالب او مقيد  للحرية بدون اذن مكتب المجلس البرلماني (121) .  وقد اصبحت متابعة البرلمانيين  امام القضاء - في فرنسا
---------
" Les représentants de la Nation sont inviolables : ils ne pourront être recherchés, accusés ni jugés (119)
en  aucun temps pour ce qu'ils auront dit, écrit ou fait dans l'exercice de leur fonction de représetants" .
" ils ( les députés) peuvent, pour fait criminel, être saisis en flagrant délit : mais le mandat d'arrêt      (120)  ni le mandat d'amener ne peuvent être décernés contre eux qu'avec l'autorisation du corps législatif " .
(121) الفصل 26 الفقرة 2 :
النص قبل التعديل : =
------
بمقتضى تعديل 1995 ممكنة دون اذن من البرلمان  لان ما اصبح يحتاج لاذن مكتب المجلس هو الاجراءات التي تسلب الحرية او تقلص منها .
 ويتضح من ذلك انه  في ظل  وجود نظام قضائي قوي ومستقل لا يخشى المشرع من استعمال  الدعوى العمومية للحد من استقلالية ممثلي الامة وحريتهم في اداء دورهم النيابي، ما دام القانون يوفر لهم الحماية  الكافية المتجلية في لا مسؤوليتهم عن الاراء انتي يعبرون عنها خلال  قيامهم بالمهام البرلمانية، وان القضاء القوي قادر على ان يحافظ لهم على الضمانات ا لاساسية التي تجعلهم في مامن من تهديد او انتقام السلطة التنفيذية او الخصوم السياسيين ، دون ان يكون بمناى عن المساءلة عن الجرائم التي قد يرتكبونها كسائر الافراد .
فالحصانة البرلمانية لم تفرض لجعل  اعضاء البرلمان بمناى عن يد العدالة،  ولكنها اقرت لحمايتهم من أستعمال النظام القضائي استعمالا يحد من حريتهم  في اداء  مهامهم واطمئنانهم وامنهم على انفسهم بعد قيامهم بواجبهم  النيابي . وهم يبقون في كل الاحوال  مواطنين يخضعون لنظام العدالة لبلادهم ويحاسبون عن الجرائم التي يرتكبونها في حياتهم، كل ما في الامر ان المشرع اخذ  بعين الاعتبار " وظيفتهم" النيابية واقتضى نظره ان يفرض بعض القيود للتاكد من ان المراد من الاجراءات القضائية هو تطبيق نظام العدالة تطبيقا سليما وليس  استغلاله لتصفية الحسابات السياسية او لهيمنة فئة سياسية على اخرى .
----------
Aucun menbre du parlement ne peut être poursuivi, recherché, arrêté ou jugé à l'occasion des opinions ou vôtes émis par lui dans l'exercice de ses fonctions .
Aucun membre du parlement ne peut, pendant la durée des sessions, être pousuivi ou arrêté en matière criminelle ou correctionnelle qu'avec l'autorisation de l'assemblée  dont il fait partie, sauf le cas de flagrants délit .
Aucun membre du parlement ne peut, hors session, être arrêter qu'avec l'autorisation du bureau de l'assemblée dont il fait partie,  sauf le cas de flagrant délit, de poursuites autorisées ou de condamnations définitives .
La détentions ou la poursute d'un membre du parlement est suspendue si l'assemblée dont il  fait partie le requiert.
النص بعد تعديل 4 غشت 1995 (الفقرة 2 من الفصل 26) :
Aucun membre du parlement ne peut faire l'objet, en matière criminelle ou correctionnelle, d'une arrestation ou de toute autre mesure privative ou restrictive de liberté qu'avec l'autorisation du bureau de l'assemblée don't il fait partie. Cette autorisation n'est pas requise en cas de crime ou délit flagrant ou de condamnation définitive .
La détention, les mesures privatives  ou restrictives de liberté ou la poursuite d'un membre du parlement sont suspendues pour la durée de la session si l'assemblée don't il fait partie de requiert .
L'asseblée interessée est réunie de plein droit pour  les séances supplémentaires pour permettre, le cas échéant, l'application de l'alinéa ci- desus .
---------
ولم يكن نظام العدالة مستقلا دائما في سائر المجتمعات، فهي تتقوى وتضعف حسب انظمة الحكم وتبعا للسياسات التي تنهجها، وفي خضم الصراع  التقليدي بين السلطة التنفيذية من جهة والسلطة التشريعية من جهة اخرى قد يجود الزمن في فترة من الفترات بنظام عدالة قوي  ومستقل يجد سنده في مختلف فعاليات المجتمع السياسية والمدنية تحميه وترعاه وتصونه كما يرعى البستاني الزهور، فاذا اهمل رعايتها ذبلت وماتت . ورعاية  القضاء تثمر نظاما لعدالة متميزة تحمي سائر الفرقاء لانها تضمن لهم نفس المعاملة وتوفر لهم نفس الظروف وتطبق عليهم نفس القانون بنفس الحزم وبنفس الصرامة . فاذا كانت رغبة الفرقاء تتجه  الى هذا النوع من المساواة  فانهم سيسعون جميعا الى التنازل عن جزء من السلطات  لفائدة  القضاء  ويحترمون كلمته وينفذون احكامه، وقبل هذا  وذاك يوفرون لفعالياته الامكانيات الا زمة للعمل ويهيئون لها الظروف المثلى لتحقيق الانصاف .

ومن المؤكد انه في غيبة ارادة سياسية لا يمكن ان ينشا نظام قضائي قوي، واذا الم يكن النظام القضائي قويا فان ذلك  يتيح للفرقاء السياسيين  الفرصة  للدفاع  عن مصالحهم بطرقهم وان حسابات اخرى هي التي تتحكم في الموازنة، وان العدل والانصاف يكونان اخر مصلحة تتم حمايتها من طرف الفرقاء يجتهد كل منهم في حماية مصلحته واظهار قوته .
  ويبقى  حلم الانسانية دائما ان تعيش في ظل عدالة قوية وفاعلة،  وانذاك سنرى المشرع وقد  اعاد النظر في مفهوم  حصانة البرلماني ولا يستبعد ان يختفي هذا المصطلح من  القاموس القانوني حينئذ .

*مجلة المحاكم المغربية ،عدد 85، ، ص 32
  

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم :