-->

عرض حول المنازعات الجمركية الزجرية




                                                  الاستاذ عبد الرزاق بلقسح
                                 نائب الوكيل العام للملك
                                                                                                                                                   محكمة الاستئناف الدار البيضاء
(الجزء الاول)
تمهيــــد :
على غرار ما استهل به   المشرع  مدونة  الجمارك  و الضرائب  غير المباشرة اود بدوري في مقدمة هذا العرض المتواضع ان ارسم للمستمع الكريم والقارئ خريطة جغرافية مقروءة ومحددة  المعالم  و البيانات كما جاء ذلك  في  القانون  الجمركي الذي جاء في فصله الاول تعريفا للتراب الجمركي - التراب الخاضع وكذا المناطق الحرة.
وجاء في الفصل الاول ما يلي:
يقصد في هذه المدونة والنصوص المتخذة لتطبيقها من :
ا- التراب الجمركي : التراب الوطني بما فيه المياه الاقليمية .
ب- التراب الخاضع : الجزء الارضي من التراب الجمركي باستثناء المناطق الحرة بيد ان المنشات  الواقعة  بالمياه الاقليمية والمحددة بالمرسوم تعتبر بمثابة التراب الخاضع للنظام الجمركي .
ت- المناطق الحرة :  مناطق مكونة داخل التراب الجمركي  لا يسري عليها كل او بعض التشريع والنظام الجمركيين.
ث- الاستراد :  دخول بضائع اتية من الخارج او من المناطق الحرة الى التراب الخاضع للنظام الجمركي .
ج-  عرض  البضائع  للاستهلاك :   قبول الدخول الحر  للبضائع  الاتية  من  الخارج  او  من  المناطق الحرة الى التراب الخاضع بعد استيفاء عمليات
 الاستخلاص الجمركي المنصوص عليها بالجزء الرابع بعده .
 ح- التصدير :  خروج البضائع من التراب الخاضع .
خ - الادارة : ادارة الجمارك والضرائب الغير المباشرة ومصالحها اواعوانها .
د- الوثيقة :  كل وثيقة تتضمن معلومات مكتوبة او مختزنة في حاملات قابلة لتلقيها اونقلها او حفظها ثم تقديمها متى طلب ذلك، مثل الاسطوانات والاسطونات اللينة والاشرطة الممغنطة والافلام الدقيقة.

ولكي يوضح المشرع مجال التراب الجمركي والدائرة الجمركية جاء على الخصوص بمقتضيات الفصلين 24 و 25 وجاء فيهما ما يلي:
الفصل 24 :
1- يباشر عمل الادارة بمجموع التراب الجمركي حسب الشروط المحددة في هذه المدونة.
الفصل 25 :
1- يشمل المجال الجمركي منطقة بحرية ومنطقة برية.
2- تشمل المنطقة البحرية من المجال الجمركي المياه الاقليمية المغربية وكذا المنطقة المتاخمة.
3- تمتد المنطقة البرية :
ا-على الحدود البحرية فيما بين الساحل وخط مرسوم في الداخل على بعد عشرين كلومترا من شاطئ البحر.
ب- على الحدود البرية فيما بين حد التراب الجمركي وخط مرسوم في الداخل على بعد عشرين كيلومترا.
تعتبر داخلة في الدائرة:
- الطرق والسكك الحديدية ومجاري المياه التي تحدها.
- مجموع اجزاء كل مكان اهل يمر به خط حدود الدائرة المذكورة.
4- تحسب المسافات على خط مستقيم.
ولتحديد مجال الدائرة الجمركية اتى المشرع بالمرسوم رقم 2.77.862 تاريخ 09/10/77 بتطبيق مدونة الجمارك المصادق عليها بظهير 9/10/77 . اذ جاء في فصله الثالث ما يلي:
الفصل 3 :
تحدد المنطقة البرية لدائرة الجمارك  الواقعة على الشاطئ المغربي للبحر الابيض المتوسط داخل خط العشرين كيلومترا المحدد في الفقرة 3 من الفصل 25 من مدونة الجمارك :
بالطريق الذاهبة من بركان الى مليلية (الطريق الرئيسية رقم 27) الى نقطة تقاطعها مع ا لممر رقم 5311.
بالممر رقم 5311 الى الطريق الثانوية رقم 142ابتداء  من نقطة تقاطعها مع الممر الى مشرع حمادي و ملك الويدان.


بالممر الذاهب من ملك الويدان على الضفة اليسرى للملوية الى نقطة تقاطعه مع الممر صاكا افصو.
بالممر صاكا افصو ابتداء من النقطة اعلاه الى نقطة التقاء الممر الواصل افصو بممر عين الزهر.
بالممر افصو- عين الزهد الى نقطة تقاطعه مع الممر الواصل عين الزهرة بطريق الناظور - الحسيمة.
بالممر الواصل عين الزهرة بطريق الناظور- الى الحسيمة (الطريق الرئيسين ة رقم 39)ابتداء من نقطة تقاطعه المذكورة الى طريق الناظور الحسيمة.
بالطريق الذاهبة من الناظور الى الحسيمة (الطريق الرئيسية رقم39 ) ابتداء من نقطة تقاطعهما  مع الممر الاتي من عين الزهرة الى نقطة تقاطعهما مع الممر المؤدي الى ترجيست عبر تيزي ايفري.
بالممر الذاهب الى ترجيست عبر تيزي ايفري ابتداء من نقطة تقاطعها  مع طريق الناظور -الحسيمة (الطريق الرئيسية رقم 39) الى ترجيست.
بالطريق الذاهبة من الحسيمة الى شفشاون (الطريق الرئيسية رقم 39) ابتداء من ترجيست الى شفشاون.
الطريق الذاهبة من شفشاون الى سبتة (الطريق الرئيسية رقم 28) ابتداء من شفشاون الى نقطة تقاطعهما مع الطريق الذاهبة من تطوان الى طنجة (الطريق الرئيسية  رقم 38).

وجاء في فصله الرابع ما يلي:
الفصل 4 :
ان المنطقة البرية لدائرة الجمارك الواقعة على شاطئ مضيق جبل طارق والشاطئ الأطلسي تحدد من جهة داخل خط العشرين كيلومترا المعينة بالفقرة 3 من الفصل 25 من مدونة الجمارك بالطريق الذاهبة مباشرة من تطوان الى العرائش (الطرق الرئيسية 38-37-2) وتحدد من جهة اخرى في الجنوب بمجرى وداي اللكوس .

فيما اقتصر في الفصل الخامس على ما يلي:
الفصل 5:
لا تطبق الاجراءات المتعلقة بشرطة دائرة الجمار على المناطق البرية لدائرة الجمارك الممتدة على الشاطئ الاطلسي للمغرب في جنوب مجرى وادي اللكوس الى حين صدور امر جديد.
الا ان الذي يلاحظ من خلال  بسط ميدان عمل ادارة الجمارك والذي يعد شاملا لكل خريطة الوطن ان هذا التحديد الجغرافي الذي تنطق به النصوص المحددة له يفتقر الى خريطة تترجمه وتجسده وتبين مداه وابعاده على ارض الواقع وهو الشيء الذي نتمنى ان نصادفه داخل مصالح الادارة المعنية.
ورغبة مني في جعل هذا البحث بحثا مركبا حصلت بعد جهد كبير على خريطة مستجيبة لما تضمنته الفصول القانونية التي اوجدها مشرع الجمارك لحصر المجال الجغرافي المستجيب للمجال الجمركي وفضلت ان اخصص لها صفحة خاصة بها بهدف تعميم الفائدة والتركيز اكثر .
الخريطة  الجمركية (ليست رسمية)

هيكلة البحث

I-المنازعات الجمركية (المخالفات الجمركية)
II- التهريب واقعا وقانونا.
III-  تحريك الدعوى العمومية وممارستها من طرف النيابة العامة واقامتها من طرف بعض موظفي بعض الادارات ومدى حدود سلطة النيابة العامة في ذلك .
IV-القوة الثبوتية لمحاضر اعوان الجمارك .

I- المنازعات الجمركية  le contentieux douanier
تعريف : المنازعات الجمركية تعني مجموعة القواعد المتعلقة بنزاعات ناشئة عن تطبيق وتفسير التشريعات والتنظيمات الخاصة بالجمارك والضرائب غير المباشرة والقابلة لان تكون موضوع مرافعات امام المحاكم.
تنقسم المنازعات الجمركية وفقا لطبيعة النزاع الى :
منازعات زجرية ومنازعات مدنية
- تهدف المنازعات الزجرية الى زجر المخالفات الجمركية وقمع مرتكبيها والضرب على ايديهم  بانزال العقوبات الزجرية عليهم بواسطة جهاز القضاء.
- المنازعات المدنية: وتشتمل المنازعات المدنية في القانون الجمركي مجموع النزاعات الناشئة عن تطبيق الادارة للقوانين التي لا تنص مقتضياتها على عقوبات زجرية فهي تضم :
1-منازعات التحصيل : المتعلقة بتحصيل ديون الدولة المتمثلة في الرسوم والمكوس الواجب تحصيلها من طرف الادارة.
2- منازعات المسؤولية : وهي تضم نزاعات مسؤولية الادارة عن عمل موظفيها ومصالحها. ولكنني فضلت ان اجعل موضوع هذا العرض يقتصر على المنازعات الزجرية فقط نظرا لما للقضاء من دور في هذا المجال مركزا بالخصوص على اول جنحة من جنح الطبقة السادسة طبقا  للتصنيف الذي اتاه الفصل 281 من مدونة الجمارك الا وهي جنحة التهريب المعرف به في الفصل 282، وما بعده من نفس المدونة المذكورة .

القسم الاول:
المخالفات الجمركية
جاء في الفصل 204 من مدونة الجمارك "ان المخالفة الجمركية عمل او امتناع مخالف للقوانين والانظمة الجمركية" معنى هذا يكون مخالفة جمركية كل عمل ايجابي (القيام بعمل) او سلبي (الامتناع عن عمل امر به القانون) يكون خرقا للقوانين الجمركية.
وقد تبنى المشرع في المادة الجمركية نفس التعريف المتداول في القانون الجنائي عملا بالمبدا السائد لا جريمة الا بنص، غير ان المشرع الجنائي اضاف بانها أي "الجريمة" كل عمل او امتناع مخالف للقانون الجنائي ومعاقب عليه بمقتضاه انطلاقا  من القاعدة العامة لا عقوبة الا بنص، حيث اهتم بتجريم الافعال والعقاب عليها  في ان واحد بينما المشرع الجمركي التزم الصمت في مجال العقاب وذلك اثناء تعريفه للمخالفة الجمركية، الا انه صنف هذه المخالفات  وحدد العقوبة المقابلة لها .

وان اتفق كل من التشريعيين في التعريف والمفهوم العام الا انهما اختلفا بعض الشيء في العناصر المكونة لهذه المخالفة، الشيء الذي ميز القانون الجمركي عن باقي القوانين العامة بخصوصيات انفرد بها في مجال المسؤولية وكان لها بالغ الاثر في تحديد العقوبات وتصنيف المخالفات .

الفصل الاول:
العناصر المكونة للمخالفة الجمركية
القاعدة الاساسية في القانون الجنائي العام ان الجريمة تتكون بعناصر ثلاث تكاملها لا يتدخل بنفس الطريقة في كل من الجريمة والجنحية حيث تختلف درجة اهميتها من جريمة لاخرى يحسب نوعها وطبيعتها، هذه العناصر هي :
العنصر القانوني :  وجود تشريع يحدد الجريمة ويعاقب عليها (الفصل 110 من القانون الجنائي).
العنصر المادي   : القيام بالعمل الاجرامي او الشروع في تنفيذه.
العنصر المعنوي: ويعني به القصد الجنائي والنية الاجرامية.
وسوف نحاول التطرق لهذه العناصر الثلاث ونميز مدى اهميتها في القانون الجمركي .

المبحث الاول:
العنصرالقانوني
انطلاقا من مبدا لا جريمة ولا عقاب الا بنص، فانه لا يحق للقاضي ان يقرر عقوبة لفصل لم يرد نص قانوني بالعقاب عليه ولا ان يوقع عقوبة لم ينص عليها (الفصل 3 من القانون الجنائي).
لا يختلف التشريع الجمركي عن هذا المبدا ذلك ان المدونة حددت مجموع القواعد والواجبات وافردت في جزء خاص لها اصناف المخالفات والعقوبات اللازمة لها الفصل 280 الى 305 من المدونة) وكذا الفصول 55 الى 58 من ظهير 340-77-1 المؤرخ في 25  شوال 1397 (9 اكتوبر1977) المتعلق بالمقادير المطبقة على البضائع والصوغات المفروض عليها ضريبة الاستهلاك الداخلي.

تعرف هذه القاعدة في المجال الجمركي بعض الاستثناءات، حيث تلزم القاضي بعدم التوسع في التفسير، كم انه منطلق خاص في قاعدة عدم رجعية القوانين، بالاضافة الى استثناءات اخرى لمبدا الشرعية اعتمدها القانون بنفسه واعطى السلطة التقديرية للقاضي في التجريم والعقاب.

اولا: عدم التوسع في التفسير:
ينبغي التنبيه الى ان القانون الجمركي كسائر القوانين الجنائية قانون دقيق وضيق الدلالة لا يقبل التاويل ولا يجيز قاعدة القياس والمماثلة في التجريم والعقاب لقاعدة  اخرى منصوص عليها، لم يسبق ان تطرق لها المشرع، وهو من هذه الناحية فيه ضمان للطرفين.
وعليه ففي حالة سكوت القانون الجمركي يتم اللجوء لقواعد القانون العام. كما انه في حالة عدم تنازع القوانين الخاصة من القوانين العامة يبقى اللجوء الى القانون الخاص باعتبار ان القانون الخاص يقدم على العام .

ثانيا : عدم رجعية القوانين الجنائية
 يتعلق الامر بتطبيق القانون الجمركي في الزمان حيث يجوز للقوانين الجمركية التي انتهى العمل بها ان يستمر تطبيقها على المخالفات المرتكبة وقت سريان العمل بهذه القوانين خصوصا فيما يتعلق بالعقوبات المالية.
ان الاستثناءات الواردة في القانون العام "الجنائي" (الفصول 5 و 6 و 7  من القانون الجنائي) المتعلق بمبدا عدم رجعية القوانين لا تجد لها مجالا في ميدان الجمارك، ولا تسري على المخالفات الجمركية التي تظل خاضعة للقانون الذي كان نافذا يوم وقوعها فيما يخص العقوبات المالية المتعلقة بالتعويض المدني عن الضرر اللاحق بالخزينة باعتبار ان الغرامات والمصادرات في ميدان الجمرك تكتسي صبغة تعويض مدني، وقد اعتمد هذه القاعدة النقض الجنائي الفرنسي في قراره الصادر بتاريخ 13 يونيو 1948: (بحكم ما للغرامات والمصادرات الجمركية والغرامات التهديدية الجمركية من طابع التعويض المدني فان الحق في الحصول عليها يكتسب منذ ارتكاب الفعل المضر بالخزينة والذي يشكل مخالفة) وقد اوجد الفصل 207 من المدونة مجال تطبيق هذه القاعدة بصورة صريحة : "تبقى القوانين والانظمة الجمركية ولو بعد انتهاء العمل بها سارية على المخالفات المرتكبة خلال مدة  تطبيقها فيما يخص العقوبات المالية فقط" .

استثناءات مبدا الشرعية.
عرف مبدا الشرعية بعض المرونة في مادة الجمرك اعتمدها القانون بنفسه وترك للقاضي سلطة تقديرية في الموضوع، مثال ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية في الفصل 286 في معرض الحديث عن الافعال  المكونة للشطط في استعمال نظام الاستيراد المؤقت، جاء بنص عام يدين كل شخص خالف مقتضيات القانون دون ان يحدد هذه المخالفة (كل تحايل يهدف الى مساعدة شخص على الاستفادة بغير حق من نظام الاستيراد المؤقت) نفس الملاحظة يمكن ادراجها بخصوص الفصل 296 المتعلق بتصنيف الجنح من الطبقة الثانية (يكون جنحا من الطبقة الثانية "كل تصريح مزور او مناورة" تهدف او تؤدي الى الحصول كلا او بعضا على ارجاع مبلغ او منفعة ما ترتبط بالتصدير) .

كذلك نجد بعض النصوص الجمركية تتطرق للاحكام الاساسية،  مفصلة في المبدا العام، تاركة للادارة حق تنظيم شروط التطبيق وباقي التفصيل، في هذا الباب جاء به الفصل 124 من المرسوم 2.77.862 بتاريخ 23 شوال 1397 ( 9 اكتوبر 1977) المتعلق بتطبيق مدونة الجمارك .
والضرائب  غير المباشرة يتخذ مدير الادارة جميع التدابير التي يراها لازمة لتطبيق نظام الاستيراد المؤقت على مختلف اصناف الأشخاص والاشياء التي يمكنها الاستفادة من مقتضيات النظام المذكور .
كذلك نجد الفصل 142 من المدونة المتعلق بنظام القبول المؤقت في فقرته الرابعة "يشترط للاستفادة من النظام المنصوص عليه في البنود 1 و 2 و 3 اعلاه ان تكون العمليات ماذونا فيها من قبل الادارة، وللادارة ان تحدد في الاذن شروط انجاز العمليات المعينة" .

بالاضافة الى فصول اخرى 143، 144 … الخ من مدونة الجمارك.
وهكذا نجد ان المدونة تتحفظ في بعض الحالات تاركة للادارة حق تنظيم الشروط والالتزامات.
هذه التنظيمات قد لا تعلوالى درجة القانون الا انها تكسب قوته، وخرقها يعد مخالفا للقانون ويستحق العقاب عليه.
وقد نجد هذا التطبيق في تشريعات الصرف كذلك ترقى منشورات واعلانات وتعليمات مكتب الصرف الى درجة القوانين ويعد خرق مقتضياتها خرقا للقانون معاقبا عليه.

المبحث الثاني
لعنصر المادي
تعريف:
هو فعل او النشاط الخارجي الذي تتكون به المخالفة وهو العمل او الامتناع المعاقب عنه بمقتضى القانون انه المظهر الخارجي للجريمة سواء كانت هذه الجريمة عملا او امتناعا عن العمل.
فالقانون لا يعاقب على مجرد الافكار والنوايا السيئة الا اذا خرجت الى حيز التنفيذ بعمل خارجي.
وقد نص الفصل205 من مدونة الجمارك صراحة على ان المخالفة الجمركية تتكون بمجرد ارتكابها بصفة مادية دون حاجة الى اعتبار نية مرتكبيها.
غير ان هذا العنصر يعتمد على بعض المقومات : "نشاط خارجي"قد يكون ايجابيا او سلبيا،  وقد يتحقق هذا النشاط الخارجي المكون للمخالفة الجمركية في وقت قصير فنقول ان المخالفة انية، وبالعكس قد يتعلق الامر بفعل يتطلب تنفيذه وقتا طويلا، فنقول ان المخالفة مستمرة.
غير انه اذا كان من اللازم خروج هذا العمل الى حيز التنفيذ او ان يكون له نتيجة فقد يظهر بمجرد المحاولة او الشروع فيه، وقد يتوقف الجاني عن فعله   بمحض ارادته او بعامل خارجي عن هذه الارادة وهي حالة تقتضي شروط مستوجبة للعقاب .

الفقرة I : النشاط الايجابي او السلبي
راينا سابقا ان السلوك الاجرامي في المخالفات الجمركية، قد يكون نشاطا ايجابيا (القيام بفعل ) اوالنشاط سلبيا (الامتناع عن عمل اواهمال القيام به ) كما يتكون من وجود رابطة سببية بين الفعل او الترك وبين النتيجة.
وهذا التمييز لا يمس في شيء  المخالفات الجمركية بل تبقى اهمية نظرية بحثة، فهو معاقب عليه في كلتا الحالتين.

اولا: النشاط الايجابي :
يقوم على فعل معين معاقب عليه كالاستيراد بدون تصريح او تقديم تصريح مزور او معارضة الموظفين اثناء مزاولة مهامهم.

ثانيا: النشاط السلبي :
هو الامتناع عن فعل نص على وجوبه القانون كعدم تقديم تصريح موجز للبضائع او عدم تنفيذ الالتزامات المتعهد بها او عدم تضمين سجل من طرف المعشرين،  وعدم التصدير في الاجال المحددة لبضائع مستوردة تحت نظام الاستيراد المؤقت.
غير ان هذا النشاط الباطل والجدير بالعقاب يتطلب بعض المقومات منها: - ان ينصب على موضوع معين كالبضاعة، فالمراقبة الجمركية تسري على جميع الاشياء والسلع والمنتجات.
- وان يحدد مكان وقوعه وقد حدد المشرع نطاق تطبيق القانون الجمركي (التراب الجمركي، التراب الخاضع، الدائرة الجمركية، مخازن وساحات الاستخلاص الجمركي) .

الفقرة II : الجريمة الانية والمستمرة .
اولا: الجريمة الانية :
وتسمى ايضا  بالوقتية او الفورية ويتم استهلاكها في الحال مثال استيراد بضائع محظورة عن طريق التدليس، يتم باجتياز الحدود خلسة وتنتهي في وقت محدود .

ثانيا : الجريمة المستمرة :
يستغرق استهلاكها وقتا طويلا، ايداع عن طريق التدليس لبضائع داخل الدائرة الجمركية، حيازة بضائع خاضعة للرسوم والضرائب عند الاستيراد بدون سند قانوني حيث تستمر هذه المخالفات الى حين التخلص منها.
اهمية هذا التقسيم تتجلى من الناحية القانونية على مستوى تطبيق القانون في الزمان وكذا العقوبة او من الناحية المسطرية فيما يتعلق بالتقادم واختصاص المحاكم.

1- تطبيق القانون في الزمان : سبق ان تطرقنا الى هذا الموضوع في الركن القانوني فيما يتعلق بعدم رجعية القوانين الجمركية. وفي مجال التمييز بين الجريمة الانية والمستمرة. نلاحظ القاعدة التالية :
- الجريمة الانية :  يسري عليها القانون الجاري به العمل وقت ارتكابها.
- الجريمة المستمرة التي تفترض ان العمل الاجرامي يطول انجازه فهو يخضع للقانون الجديد ولو كان اشد عقوبة من سابقه، ذلك ان المخالفة التي ابتدا الشروع في تنفيذها تحت ظل القانون القديم استمر انجازها  بجميع العناصر المكونة لها في ظل القانون الجديد مثال "بضاعة مودعة  داخل الدائرة الجمركية لم تكن خاضعة لضابطة الدائرة يوم ايداعها ثم صدر قانون يخضعها لحكم هذه الضابطة حيث يصبح بقاؤها في الدائرة  الى ما بعد صدور القانون الذي يقضي بامتداد الدائرة الجمركية يشكل عملا تدليسيا ويكون مخالفة جمركية. 
نتيجة اخرى نستخرجها من هذا القسم تتعلق بالعقوبة .

2-العقوبة :
- الجريمة الفورية :  يعاقب عنها مرة واحدة.
- الجريمة المستمرة : او التي سبق العقاب عنها يمكن ان يعاقب عليها من جديد اذا استمر الفعل الاجرامي رغم ادانته سابقا.
 ولهذا التقسيم اهمية في احتساب اجل التقادم كذلك .

3- التقادم:
فالتقادم بالنسبة للمخالفات الفورية يبدا من تاريخ ارتكابها باعتبار انه هو الفترة التي تنتهي فيها المخالفة، وبديهي ان جل التقادم في الجنحة المستمرة يعتبر ابتداء من التاريخ ا لذي انتهت فيه الحالة او الوضعية الجنحة.

4- اختصاص المحاكم :
في المخالفة الفورية التي تختص المحاكم التي ارتكبت الجرم في دائرتها، اما المخالفة المستمرة فأنها قد ترتكب في عدة أماكن لذلك تختص بها جميع المحاكم التي تحقق الحالة الاجرامية في دوائر نفوذها.
بالاضافة الى الجرائم الإيجابية والسلبية الانية والمستمرة تقسم الجرائم بالنسبة للركن المادي الى جرائم بسيطة والمركبة.

الفقرة III :الجريمة البسيطة والمركبة:
اذا كانت الجريمة البسيطة تتكون من فعل واحد (سرقة) فان الجريمة المركبة تتكون من عدة افعال تنقسم بدورها حسبما اذا كانت هذه الافعال متشابهة حيث ان مجرد الفعل الواحد منها لا يمكن العقاب عليه الا اذا تكرر عدة مرات (جريمة التسول مثلا الفصل 325 من القانون الجنائي) فنقول انها جريمة اعتيادية اوان هذه الافعال مختلفة فتكون الجريمة المركبة بالمعنى الضيق مثلا جريمة النصب والاحتيال ف 540 من القانون الجنائي، تتكون من استعمال وسائل احتيالية لدفع شخص مثلا على دفع اموال بغير حق.
وفي مجال الاختصاص :  يمكن لمحاكم اماكن مختلفة البث في الجرائم المركبة على اعتبار ان الافعال المختلفة يمكن ان ترتكب في اماكن مختلفة والبسيطة لا تنظرها الا محكمة المكان الذي وقعت فيه.
في التقادم: بالنسبة للمركبة لا يبدا الا من اليوم الذي يتم فيه الفعل الاخير، اما تقادم الجريمة البسيطة فيبدا من يوم ارتكابها.

الفقرة IV: المحاولة :
اذا كان لابد من وقوع الفعل لكي تكون هناك مخالفة، فانه ليس من الضروري ان يتم انجاز هذا الفعل او يخرج بنتيجة. فقد تكون الاعمال التي انجزت في ارتكاب المخالفة  لم تتجاوز حد الشروع او البداية في التنفيذ، تتوقف بسبب ظروف خارجة عن ارادة مرتكبيها، ففي هذه الحالة يقال انه لا توجد سوى محاولة للمخالفة. وقد نص الفصل206 من مدونة الجمارك صراحة على عقوبة المحاولة لارتكاب مخالفة جمركية تعتبر بمثابة المخالفة نفسها، ويعاقب عنها بهذه الصفة ولو كانت الافعال التي تتصف بها بداية التنفيذ فقد ارتكبت خارج التراب الخاضع .

وبما ن المشرع لم يحدد عناصر المحاولة في المجال الجمركي فانه يتعين في هذه الحالة الرجوع الى قواعد القانون العام حيث صيغت احكام المحاولة  في الفصول 114 الى 117 من القانون الجنائي كما اصبح مفهوم المحاولة في القانون يشمل كلا من المحاولة بالمعنى الضيق والجريمة الخائبة والجريمة المستحيلة.

اولا: اركان المحاولة:
فالمحاولة من الناحية القانونية لا تقوم الا اذا توفر لها ركنان اساسيان :
1-البدء في التنفيذ (الفصل 144 من القانون الجنائي ) "بدت في الشروع في تنيفيذها او باعمال لا لبس فيها مباشرة الى ارتكابها".  ينطبق تفسير المحاولة في القانون الجنائي بكامله على القانون الجمركي  - القيام بوقائع تتجه نحو ارتكاب المخالفة- وهو عنصر من عناصر المحاولة ويخضع لرقابة المجلس الاعلى .

2- انعدام العدول الادار ي : "اذا لم يوقف تنفيذها او لم يحصل الاثر المتوخى منها لظروف خارجة عن ارادة مرتكبيها. "العدول غير الارادي يحصل بسبب تدخل عنصر خارجي عن االشخص كتدخل الشرطة ويجب ان  يحصل قبل اتمام الجريمة اما العدول الاداري فانه يمنع من وجود المحاولة وبالتالي من العقاب.
وتحديد وقت العدول مسالة تثير بعض الصعوبات لذلك يجب التمييز بين الجرائم المادية والجرائم الصريحة :
الجرائم المادية : التي تعتبر النتيجة عنصر من عناصرها (رمي شخص ما في الماء قصد اغراقه ثم انقاده قبل الغرق) فهنا نعتبره عدولا.
والجرائم الصريحة : التي تتحقق ولو قبل حصول النتيجة " جريمة التسمم" لا يمكن تصور العدول فيها" (ف 389 من القانون الجنائي).

وقد اعتبر المشرع المحاولة  كالجريمة التامة، وعاقب عليها بهذه الصفة الفصل 114 من القانون الجنائي مع نوع من التحفظ، حيث يستفيد المحاول من ظروف التخفيف كما اشترط وجود نص خاص لعقاب محاولة الجنحة ولم يعاقب على محاولة المخالفة، الا انه عاقب على المحاولة حتى في الاحوال التي يكون الغرض فيها الجريمة غير ممكن بسبب ظروف واقعية يجهلها الفاعل مما يحتم علينا الوقوف عند الجريمة الخائبة والجريمة المستحيلة.

الجريمة الخائبة :  تتحقق عندما تكون النتيجة ممكنة التنفيذ ويقوم الفاعل بكل الاعمال التنفيذية التي يعتقد انها ستوصله الى غايته، ومع ذلك لا تتحقق النتيجة الاجرامية  لاسباب خارجة عن ارادة الجاني "عدم اصابة الهدف في جريمة القتل" وهي تعتبر بمثابة المحاولة ويعاقب عنها في كافة المخالفات الجمركية "تهريب بضاعة وقع اتلافها نظرا لعوامل خارجة عن ارادة المهرب".
الجريمة المستحيلة : تتحقق هذه الصورة عندما يستحيل تحقيق النتيجة الاجرامية اما بسبب استحالة محل الجريمة واما بسبب عدم كفاية الوسائل المستعملة لاحداث النتيجة المقصودة  "اطلاق النار على الميت" في المجال الجمركي، تصدير بدون تصريح ولا ترخيص لعملة مزورة دون علم بذك يعاقب كالجريمة التامة.

وقد قرب البعض بين الجريمة المستحيلة والخائبة على اعتبار انه وقع في كل  الحالتين  تنفيذ جميع الاعمال لارتكاب الجريمة، ولكن النتيجة لم تحصل لظروف خارجة عن ارادة الفاعل، وقد الحقها البعض بالجريمة المحاولة وعاقب عنها على هذا الاساس.
والقانون الجمركي عاقب على المحاولة بعقوبة الفعل التام كما لوان الجانح قد اتم فعله واستفاد من التدليس الذي قام به، الاكثر من هذا، ان يمتد الى الاعمال التمهيدية والتنفيذية التي تتم بالخارج بصريح العبارة، " كل محاولة لارتكاب مخالفة جمركية  تعتبر بمثابة المخالفة نفسها ويعاقب عنها بهذه الصفة  ولو كانت الافعال التي تتصف بها بداية التنفيذ قد ارتكبت خارج التراب الخاضع" .

البحث الثالث
العنصر المعنوي
العناصر العامة تقتضي انه لا جريمة من دون عنصر معنوي، فلكي يكون للمخالفة وجود قانوني، ويمكن معاقبتها امام المحاكم لا يكفي ان يكون هذا لعمل او الامتناع (العنصر المادي) مخالفا للقانون او معاقبا عليه، (العنصر القانوني)  بل يجب ايضا ان يكون هذا الفعل ناتجا عن ارادة فاعله،  فالركن المعنوي هو الارادة الجنائية المتجهة فعلا الى تحقيق عمل اجرامي صادر عن نية مرتكبه ويهدف منه الحصول على نتيجة معينة وهي الدافع .

اولا : الارادة : وجود الارادة ضروري لوجود الجريمة، ويقصد بها ان يتوفر الشخص على حد ادنى من الوعي بالعمل الاجرامي وبنوع من حرية التصرف، ويقتضي القانون توفر العنصر الارادي في جميع الحالات ولو بدرجات متفاوتة وعلى الفاعل ان يثبت ان ارادته كانت غائبة او مشلولة او انه كان في حالة جنون او قوة قاهرة.

ثانيا: النية الاجرامية : لا يفترض القاضي في مرتكب الجريمة ان يقوم بالفعل عن ارادة ووعي، لكنه يعني كذلك النتائج المتوخاة من هذا القانون، وهو النية الاجرامية او العمد ويعاقب عنه في كل من الجرائم والجنح (الفصل 133 من القانون الجنائي)، فالجنايات والجنح  لا يعاقب عليها الا اذا ارتكب عمدا، الا ان الجنح التي ترتكب خطا يعاقب عليها بصفة استثنائية في الحالات الخاصة التي ينص عليها القانون، اما المخالفات فيعاقب عليها حتى ولو ارتكبت خطا…"

 ثالثا : الدوافع :  لم تكتف المدرسة الواقعية بوجود النية الاجرامية وانها افترت بالاضافة الى ذلك توفر الباعث، بحيث لا يمكن القول بوجود النية الاجرامية والعقاب عليها الا اذاك كان هذا الدافع ضد المصلحة العامة، فالقصد اذن حسب هذا المفهوم يندمج في الباعث الذي يحث على التصرف، (فقد يكون من اجل الحصول على ربح مادي بالنسبة لاستيراد بضائع محضورة بدون تصريح  او بمقتضى تصريح مزور).
الا انه نادرا مايعتبر القانون الدافع كعنصراساسي لتكوين الجريمة، ويرجع ارمر في تقديره لسلطة القاضي فالمبدا العام ان الباعث لااثر له على وجود الجريمة (فالجريمة تتوفر بمجرد النية).
الا انه نادرا ما يعتبرا لقانون الدافع كعنصر اساسي لتكوين الجريمة، ويرجع الامر في تقديره لسلطة القاضي فالمبدا العام ان الباعث لا اثر له على وجود الجريمة (فالجريمة تتوفر بمجرد النية) .

ويمثل العنصر المعنوي روح المسؤولية الجنائية لذلك فهو يتخذ احدى صورتين: اما صورة الخطا او العمد اي القصد الجنائي الذي يشترط ان تتجه اولا ارادة الفاعل او الجاني الى ارتكاب الجريمة. وثانيا ان يتوافر العلم باركان الجريمة كما يطلبها القانون او صورة الجرائم غير العمدية أي الخطا الجنائي، والتي يعاقب عليها في حالات خاصة وبصفة استثنائية "الجنح التي ارتكبت خطا".

تصنيف المخالفات
يفرق القانون الجنائي بين الجنايات والجنح والمخالفات، يرتكز هذا التصنيف على مدى خطورة العقوبة المنصوص عليها في القانون.
- معيار التفرقة: تؤثر طبيعة المخالفات في طبيعة العقوبة، يستنتج هذا المعيار من الفصل 111 من القانون الجنائي الذي يصنف المخالفات الى جنايات وجنح تاديبية وجنح ضبطية ومخالفات.
- المخالفات التي يعاقب عليها القانون بعقوبات منصوص عليها في الفصل 16 الاعدام اوالاشغال الشاقة تعد جريمة.
- المخالفات التي يعاقب عنها القانون بالعقوبات المنصوص عليها في الفصل 18 (اعتقال لاقل من شهرغرامة من 5الى 120 درهم ) تعد مخالفة.
في المادة الجمركية ليس هناك جرائم  اوجنح  تاديبية بل تصنف المخالفات الجمركية في عداد الجنح الضبطية.

مميزات التصنيف :
بغض النظر عن الطابع الاصطناعي لهذا الصنيف فانه يكون عدة مميزات هائلة سواء فيما يتعلق بالمسطرة او القانون.
من ناحية المسطرة: يحدد هذا التصنيف اختصاص المحاكم وكذا التقادم.

اختصاص المحاكم : ترخص المخالفات  الجمركية الى المحاكم وفقا للقواعد العادية حسب ما تنص على ذلك مقتضيات الفصل 252 من مدونة الجمارك التي تنص على ما يلي : "ترفع المخالفات الى المحاكم وفقا للقواعد القانونية العادية، غير ان المحاكم المرفوع اليها الدعوى قبل  قاتح  ماي 1984 تظل مختصة وفقا للنصوص المطبقة قبل هذا التاريخ" .

من ناحية القانون: تطبق عدة قواعد بطريقة مختلفة تبعا لخطورة الجريمة.
ا- فيما يتعلق بالمحاولة يعاقب عنها دائما في الجناية ولا يعاقب عنها في الجنح الا اذا نص القانون صراحة على ذلك، ولا يعاقب عنها بتاتا في المخالفة.
ب- فيما يتعلق بالمشاركة، يعاقب عنها في الجناية والجنحة ولا يعاقب عنها في المخالفة.
ج- في حالة تعدد الجرائم، القاعدة السائدة هي عدم تعدد العقوبات، ويمكن ان تطبق هذه القاعدة في الجنايات والجنح وليست في المخالفات .

الفصل الثاني
المسؤولية في القانون الجمركي
افردت القوانين الوضعية على احترام مبدا شخصية العقاب، فالمحرم في نظر القانون هو الشخص الذي يرتكب جريمة بمفهومها القانوني، ويحقق كافة الشروط المكونة لها.
والمسؤولية في القانون الجمركي تستنبط مقتضياتها من القانون العام، حيث ان مدونة الجمارك تحيل في بعض الاحيان على المقتضيات العامة للقانون الجنائي، لكن هذه المسؤولية  في المجال الجمركي تميزت ببعض الخصوصيات، سواء على مستوى المسؤولية الجنائية او المدنية .

المبحث الاول
المسؤولية الجنائية
حدد المسؤولية الجنائية الفصل 132 في القانون الجنائي: "كل شخص سليم العقل قادر على التمييز يكون مسؤولا شخصيا عن الجرائم التي يرتكب".
الجنايات والجنح التي يكون مشاركا في ارتكابها.

 محاولات الجنايات :
محاولات بعض الجنح ضمن الشروط المقررة في القانون للعقاب عليها، ولا تستثنى من هذا المبدا الا الحالات التي نص فيها القانون صراحة على خلاف ذلك يطرح الفصل 132 من القانون الجنائي ايضا مبدا المسؤولية الجنائية الشخصية للفاعل في حين ان المسؤولية المدنية يمكن ان يتحملها لا الفاعل فقط بل كذلك المسؤول المدني والاشخاص المكلفون بالفاعل "كالمشتغل- المعلم والابوين" والذين هم مسؤولون عن فعل الغير        
وفي القانون الجمركي، نلاحظ ان القواعد العامة المتعلقة بالمسؤولية الجنائية تسري بصفة عامة عن مرتكبي المخالفات الجمركية، غير انه جاء باحكام خاصة ميزته عن مقتضيات القانون العام .

فالمشرع في المادة الجمركية اعتبر ان المخالفات الجمركية تتحقق بمجرد ارتكابها بصفة مادية، وعليه فان الركن  المادي يبقى هو العنصر الرئيسي لتحديد الاشخاص المسؤولين، ولذلك نكون امام قرينة قانونية قاطعة يمكن تاويلها بكيفية واسعة.

الا ان هناك حالات يعتبر فيها توافر شرط العلم من شروط تحقيق المسؤولية الجمركية خصوصا في المشارك، هذا بالاضافة الى ان القانون الجمركي عاقب القاصرين والمجانين وجعل مسؤوليتهم مدنية في شخص اوليائهم حيث عاقبهم بالغرامات والمصادرات ولم يعفهم الا من العقوبة الحبسية. وهو بهذا  يختلف عن المسؤولية التي حددها القانون العام سواء الجنائي او المدني.
من جهة اخرى نجد ان القانون الجمركي يقيم المسؤولية الجنائية لفئة معينة من المخالفين على اساس قرينة قانونية، كما يتميز بعدم اخده بعنصر حسن النية.
واذا امكن للاشخاص المسؤولون جنائيا ان يكونوا اشخاصا ماديين او معنويين فانه يجب ان يتولى هؤلاء الاشخاص  بانفسهم تنفيذ الجريمة،  وقد سوت مدونة الجمارك بين الفاعل الاصلي  والشريك او المتواطئ .

المطلب الاول:
الفاعلون الاصليون
الفاعل الاصلي هو الفاعل المادي الذي نفذ بنفسه فعلا من الافعال المادية المكونة للجريمة، وتحديد شروط قيام المسؤولية الجنائية عند الفاعل الاصلي، يختلف عما اذا كان  هذا الفاعل حائزا اوناقلا .

الفقرة الاولى 1: المسؤولية الجنائية للحائز
بالنظر الى هذه المسؤولية يقتضي منا الوقوف عند مقتضيات الفصل 223 من مدونة الجمارك : "يفترض في الاشخاص الاتي ذكرهم انهم مسؤولين جنائيا :
- الاشخاص الموجودة في حوزتهم البضائع وناقلوها.
جاءت صياغة هذا النص على التعميم والشمولية، دون أي تحديد، حيث ارتبطت قرينة المسؤولية الجنائية لحائزي البضاعة بثبوت فعل الحيازة المادية بمقتضى قرينة قانونية، وحتى ان لم تكن ثابتة، فان القانون يفترضها افتراضا، كما ان هذه المسؤولية تقع على كافة  الحائزين كيفما كانت ظروف وشروط الحيازة، فليس من الضروري ان يكون الحائز هو المالك، كما ان مدة الحيازة ليس لها مدلول في القانون الجمركي ولا يعتد بها.

وتقوم المسؤولية الجنائية للحائز بمجرد اكتشاف بضائع في وضعية غير قانونية سواء بحوزته او بالاماكن التي يعتبر مسؤولا عنها، فالجمارك والنيابة العامة معفيان من اثبات قيام الحيازة شخصيا اوان هذه البضائع قد تم وضعها بمسكنه بدون علمه او بدون رضاه، فلا يمكن دفع هذه المسؤولية بالجهل او بحسن النية.
امثلة : ضبط بضاعة مع شخص وهو يجتاز الحدود خارج مكتب الجمرك:يكفي ان تتحق مادية الفعل لاسناد المخالفة الى حائزها، احراز بضائع خاضعة لمبررات الاصل بمقتضى الفصل181 من مدونة الجمارك، نقل وحيازة البضائع الخاضعة لضابطة الدائرة، الفصل 282 من نفس المدونة.
وكلمة الحائز في المدونة تتخذ مفهوما واسعا لتشمل جميع من بحوزتهم البضائع سواء كانوا ناقلين، او مستودعين، مالكين ام لا، وسواء كانت الحيازة مادية او قانونية، ناقلين او سائقي وسائل النقل، مودعين   ام اصحاب الاماكن المودعة فيها البضاعة، وهذه المسؤولية لا تقتصر على اصحاب المساكن، بل تمتد الى اصحاب المخازن، والمعامل، والمتاجر… الخ ولا يمكن رفعها الا باثبات حالة القوة القاهرة .

الفقرة2: المسؤولية الجنائية للناقل
على غرار الحائزين نص المشرع على افتراض مسؤولية الناقلين على اساس قرينة قانونية لا تقبل الدحض، تقوم على اساس الوقائع المادية فقط.
عند نقل البضائع المرتكب الغش بشانها واثناء مرورها فان الشخص المامور بنقلها يعد مسؤولا جنائيا.
ويعد مامورا بنقل البضاعة: سائق السيارة ، حارسها الذي تلكف بنقلها وتسليمها، سواء تعلق الامر بسائق نقل عمومي او خصوصي والملاحظ ان اعمال التهريب تقوم بنقل البضائع عبر الحدود وخارج الحدود، في الدائرة، او نقل داخل التراب، واعمال نقل البضائع تكون مخالفة قائمة بذاتها.
هذا بالنسبة للناقلين  بصفة عامة، اما بالنسبة للناقلين العموميين كالسكك الحديدية، وحافلات النقل العمومي، وبواخر وسفن الملاحة البحرية وماشابه ذلك فان مدونة الجمارك منحتهم وضعا خاصا.

فبعد الفقرة الاولى من الفصل 223 التي تناول فيها المشرع مسؤولية الحائزين والناقلين خصص الفقرة الثانية لمسؤولية رؤساء البواخر والسفن، والمراكب وقواد الطائرات  فيما يتعلق  بالمخلفات المنكشفة في بياناتهم والمخالفات المرتكبة على ظهر ناقلاتهم، وهي مسؤولية تقوم على اساس قرينة قانونية تقبل الدحض بمقتضى الفصل 224 من مدونة الجمارك بالاثبات الدقيق لحالة القوة القاهرة مع مراعاة مقتضيات الفصل225 بالنسبة لرؤساء البواخر والطائرات لكي ترفع عنهم هذه المسؤولية علهم ان يثبتوا انهم قاموا بواجبهم في الحراسة، او اذا تم العثور على مرتكب المخالفة.

بالنسبة للمخالفات المتعلقة بحركة وحيازة داخل المنطقتين البرية والبحرية، على هؤلاء المسؤولين جنائيا ان يثبتوا ان هناك اعطابا الزمتهم تغييرالطريق ويجب عليهم معاينة ذلك في يوميات الباخرة كي يتمكنوا من رفع المسؤولية عنهم.
بالنسبة لمستخدمي مؤسسات النقل العمومي  لا يرفعوا المسؤولية الا باثبات ان البضائع المهربة قد اخفاها الغير في اماكن لا تجري عليها عادة مراقبتهم وانها ارسلت بحكم ارسالية يظهرانها مشروعة وقانونية.

الفقرة 3: مسؤولية المصرح.
اكد الفصل 222 من مدونة الجمارك المسؤولية الجنائية لموقع البيان او المصرح  فهو مسؤول عن المخالفات الناتجة عن التصريح الجمركي سواء كان صاحب البضاعة اونقلها، فقد نص الفصل222 من مدونة الجمارك على ان الموقعين على التصريحات يسالون جنائيا عن الاغفالات  والبيانات غير الصحيحة والمخالفات الاخرى الملاحظة في تصريحاتهم.
وقد تعرض المشرع للاشخاص المؤهلين لتقديم التصريح  المفصل، وهم حسب الفصل67، مالكوا البضائع، والمعشرون المقبلون، وعرف  المالكين بالناقلين والمسافرين وسكان الحدود  فيما يخص البضائع التي ينقلونها، كما عرف المعشر، باعتباره كل شخص ذاتي او معنوي يزاول مهنة القيام لفائدة الغير بالاجراءات الجمركية المتعلقة بالتصريح المفصل، وتقع المسؤولية على عاتقه بوصفه الموقع للتصريح، ولو لم يكن هوالطرف الاصيل في المعاملة، لو خضع لتعليمات موكله.

الفقرة 4: مسؤولية المؤتمنين
جاء في الفصل222 من مدونة الجمارك:
"المسؤولون جنائيا هم :
هذا التصنيف
ب- المؤتمنون عن عمل مستخدميهم فيما يخص العمليات المنجزة بتعليمات منهم".
والمؤتمن هو الشخص الذي يكلف غيره بالسهر على مصالحه، قد يكون مالك البضاعة او مستوردها وقد يكون هو المصرح باعتبار ان هذه العملية تتم باسم  المعشر وتوقع باسم احد مستخدميه العامل بمقتضى وكالة.

الفقرة 5: مسؤولية المتعهد :
الفئة الثالثة من المسؤولين جنائيا عن المخالفات الجمركية بمقتضى الفصل 222 هم المتعهدون،  وذلك في حالة عدم تنفيذ الالتزامات التي يوقعها عادة المتعهد، خصوصا المستفيد من الانظمة الاقتصادية بمقتضى سند الاعفاء المشار اليه في الفصل 116 من مدونة الجمارك ويتضمن التصريح بالامتثال لمقتضيات القوانين الخاصة في هذا الشان، والاخلال  بهذه الالتزامات يترتب عنه مسؤولية المتعهد جنائـيا.

المطلب الثاني
مسؤولية الشريك والمساهم
يشير نظام المشاركة في المخالفات الجمركية الى نظامين وذلك حسب مدلول الفصل221 من مدونة الجمارك.
- نظام عام يخضع لمقتضيات القانون الجنائي.
- نظام خاص بالقانون الجمركي.
- فقد عرف القانون الجنائي المشاركين في المخالفة بالاشخاص الذين شاركوا بطريقة غير مباشرة في التنفيذ المادي للمخالف... الفصل 129 من القانون الجنائي.
الفصل 221 من مدونة الجمارك……"  وفي غير الحالات المنصوص عليها في القانون الجنائي يعتبر متواطئين في ارتكاب المخالفة الجمركية الاشخاص الذين قاموا عن علم بما يلي :
- حرضوا مباشرة على ارتكاب الغش اوسهلوا ارتكابه باية وسيلة من الوسائل.
- اشتروا او حازوا  ولو خارج الدائرة بضائع ارتكب الغش بشانها.
- ستروا تصرفات مرتكبي الغش او حاولوا جعلهم في مامن من العقاب .

 فالشريك بمقتضى القانون العام هو الذي يساهم بصفة غير مباشرة عن طريق القيام باحد الاعمال المذكورة في الفصل 129 من القانون الجنائي.
وقد عجز النظام العام للمشاركة عن الوصول الى مختلف الاشخاص المساهمين  في المخالفات الجمركية، واملى على القانون الجمركي التسلح بنظام خاص للمشاركة ليبحث عن تجريم اكبر عدد ممكن من الاشخاص كمشاركين ومساهمين اومتواطئين، وذلك بالقيام باعمال ساعدت على ارتكاب جريمة تكونت من مجموعة افعال مادية يقتضي الامر فيها وجود عصابة او جماعة من المرتكبين سهلوا لارتكاب الغش.
وتعتبر الجماعة جاءت به المدونة لتمتد الى كافة الاشخاص الذين اتيحت لهم فرصة المشاركة بشكل مباشر او غير مباشر يشمل علاوة على ذلك المساهمين والمشاركين والفاعلين الاصليين .

- عناصر المشاركة : بصفة عامة لاي عاقب على المشاركة الا باجتماع العناصر المكونة للجريمة فبالاضافة الى العنصر القانوني هناك :
- فعل معنوي: اتجهت مدونة الجمارك الى تطعيم النظام الجمركي للمشاركة في العنصر المعنوي بشكل خاص، وجعله عنصرا لازما للمشاركة واكثر تحديدا عنصر القصد الخاص، كشرط لازم للواقعة المادية، وهو يلتقي في هذا الصدد مع القانون العام.
- فعل مادي : اشار الفصل 221 من مدونة الجمارك  الى توفر العنصر المادي للمشاركة  اضافة الى شروط القانون العام، بالقيام  بفعل رئيسي معاقب عليه ، يكون قانونا فعل المشاركة، قد يكون سابقا اولاحقا بقدر ما يهتم بتوافر الفعل المادي ليس الا.
-فعل سابق :  قد يتخد صفة تحريض او تسهيل ارتكابه باية وسيلة من الوسائل، وتجدر الاشارة الى ان القانون الجمركي لم يعين وسائل التحريض كما فعل الفصل129 من القانون الجنائي "بتسهيل او وعد او تهديد او اساءة استعمال سلطة "فعمومية الفقرة " من الفصل 221 منم مدونة الجمارك تعطي للقضاء سلطة كبيرة كبيرة  في تقدير اعمال التحريض وتسهيل ارتكاب الغش سواء كان هذا التدخل ماديا او معنويا.
- فعل لاحق : وهي حالات غير مالوفة في النظام العام للمشاركة في القانون الجنائي الذي لا يتناول الا الحالات السابقة والمرافق لارتكاب الجريمة.
وتتمثل الافعال اللاحقة في عملية خزن البضائع او التصرف فيها بشكل عام وتنحصر بمقتضى الفصل 221 من مدونة الجمارك في الاشخاص الذين :
- اشتروا اوحازوا ولو خارج الدائرة بضائع ارتكب الغش بشانها :
وهي مسالة تحتم طرح السؤال حول المركز القانوني للحائز والمشتري كشريك يقتضي عقابه توفر سوء النية، يقابله الفصل 223 من مدونة الذي ينص على ان الحائز تفترض مسؤوليته الجنائية بمقتضى قرينة قانونية تقوم على مجرد احراز البضاعة والواقع انه اذا تمت معاينة الحيازة في حالة التلبس فان الحائز يعتبر فاعلا اصليا في هذه الحالة.
الاشخاص الذين ستروا تصرفات مرتكبي الغش اوحاولو جعلهم في مامن من العقاب :
والتستر على تصرفات مرتكب الغش يعد عملا من اعمال المشاركة اللاحقة، (كمن انار الطريق للمهربين او قدم وثائق مزيفة…الخ).

المبحث الثاني
المسؤولية المدنية
خرج القانون في حالات معينة على قاعدة شخصية العقاب وبالخصوص في مجال الغرامات والالتزامات المدنية.
قرر القانون الجنائي المغربي في المادة 132  شخصية العقاب واضاف "ولا يستثنى من هذا المبدا الا الحالات التي ينص فيها القانون صراحة على خلاف ذلك".
وهذا الاستثناء لا يطبق الا على الغرامات :
فقد اعتمد القانون الجمركي  بالاضافة الى المسؤولية الجنائية المنصوص عليها في الفصول221 . 222. 223 مسؤولية مدنية تنشا عن فعل الغير، وتصيب الاشخاص المذكورين في الفصل 229 من المدونة.
والمسؤولية في الميدان الجمركي لها طبيعة خاصة مزدوجة جنائية ومدنية، ذلك ان الجزاءات الجمركية ترتدي  طابع  التعويض الى جانب طابعها الزجري، حيث تبقى المسؤولتين المدنية والجنائية مزدوجتان و منصهرتان .

نصت المدونة في الفصل 229 على ما يلي : سيعتبر الاشخاص الاتي ذكرهم مسؤولين مدنيا عن فعل الغير فيما يخص الرسوم والمكوس والمصادرات والغرامات والمصاريف :
ا- الاشخاص  المبينون في الفصل 85  من قانون العقود والالتزامات.
ب- مالكوا البضائع ووسائل النقل  عن فعل مستخدميهم.
وبالرجوع الى الفصل 85 من قانون العقود والالتزامات نجده عدد فئات الاشخاص الممكن مساءلتهم عن فعل الغير.
الملاحظ ان المشرع الجمركي اورد في ا لفصل 229 طائفتين من المسؤولين مدنيا عن فعل الغير: طائفة وردت في مدونة العقود والالتزامات، اعتمدت مقتضيات القانون العام.
طائـفة تكون استثناء من هذا النظام العام.

الفقرة 1: النظام  العام للمسؤولية المدنية عن فعل الغير :
مسؤولية المكلفين بمراقبة القصر "الاب والام بعد وفاته..."  قوام هذه المسؤولية هو الولاية التي يتمتعون بها على ابنائهم  وما تستبعده هذه الولاية من التزام بالقيام برقابة وتربية منهم في كنفهم من القصر، ولا تترتب هذه المسؤولية الا اذا كان القاصر تحت رقابتهم.
اساس هذه المسؤولية انها تقوم على خطاء مفترض  من جانبهم بمقتضى قرينة قانونية ويتمثل هذا الخطا في التقصير في الرقابة ويمكن ان يدفعوا هذه المسؤولية اذا اثبتوا انهم يعتنون ويحسنون تربية ابنائهم وانهم اتخذوا كافة الاحتياطات اللازمة للحيلولة دون وقوع الفعل الضار او بدفع علاقة السببية بين الخطا والعمل الضار.

- مسؤولية المكلفين بالمجانين ومختلي العقل : اسند واجب الرقابة على المجانين ومختلي العقل الى القانون  او الاتفاق :
- بالقانون : تقع مراقبتهم قانونا على الاب والام  والزوج او الزوجة وبصورة عامة كل قريب يقيم معه المجنون او مختل العقل.
- بالاتفاق: تجب الرقابة بمقتضى اتفاق عقد برعاية المجنون، شخص يعهد اليه بالرعاية ويجب ان يكون المجنون او مختل العقل مقيما مع المكلف برقابته وتنتفي مسؤوليتهم اذا اثبتوا انهم قاموا بالرقابة الضرورية وقد يدفعون هذه المسؤولية بنفي علاقة السببية بين الخطا والعمل الضار.

والمشرع الجمركي حمل المسؤولية المدنية عن فعل الغير للاشخاص الذين اوردهم في الفصل 85 من قانون العقود والالتزامات انما كان يهدف الى ضمان اداء الغرامات والمصادرات المحكوم بها ضد القصر ومختلي العقل.
- مسؤولية المتبوع عن اعمال التابع: جاء في الفصل 85 من مدونة العقود والالتزامات :
"… يكون الشخص مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه الاشخاص الذين هم في عهدتهم.
المخدمون ومن يكلفون غيرهم برعاية مصالحهم يسالون عن الضرر الذي يحدثه خدامهم  ومامورهم في اداء الوظائف التي يشغلوهم فيها".
بمقتضى هذا الفصل، يسال المتبوع عن الضرر الذي يحدثه تابعه في اداء الوظيفة التي كلفه بها والمسؤول هنا عن الضرر هو كل شخص تكون بينه وبين من صدر منه الخطا علاقة تبعية فعلاقة التبيعة هذه تقوم غالبا على اساس عقد الخدمة  والعمل .

 ويعتبر تابعا الى جانب الخادم والسائق والاجير، الوكيل بالنسبة لموكله والصانع بالنسبة للمستخدميه.  ومعيار التبعية يكمن في حق التوجيه وحق الرقابة.
غير انه لا تتوفر هذه المسؤولية الا بتوافر شرطين هنا :
- ان يكون العمل خطا.
- ان يصدر خطا التباع اثناء الوظيفة.
وتجدر الاشارة انه يشترط في المسؤول مدنيا ان لا يكون له بالفعل المخالف أية علاقة والا اعتبر مسؤولا جنائيا بصفته الشخصية اما بوصفه فاعلا اصليا، او شريكا او مساهما.

الفقرة2: النظام الجمركي للمسؤولية عن نظام الغير.
نص الفصل 229 من مدونة الجمارك :
"يعتبر الاشخاص الاتي ذكرهم مسؤولين مدنيا عن فعل الغير…
ب- مالكوا البضائع ووسائل النقل عن فعل مستخدميهم".
يبدو للوهلة الاولى ان مقتضيات هذا النص هي مجرد اعادة للنظام العام للمسؤولية، فالمسؤولية  التي يتحملها مالك البضاعة او وسيلة النقل يمكن اثارتها دون حاجة الى اثبات ان المستخدم قد تصرف ا ثناء تاديته لوظيفته او بمناسبة ذلك، وبالمقابل فان هذه المسؤولية لا يمكنها ان تقع الا على عاتق  المتبوع الذي هو في نفس الوقت مالك البضاعة او وسيلة النقل فهذا شط اذا اختفى لا يمكن اجراء اية متابعة.

الى جانب مسؤولية مالك البضاعة ووسيلة النقل عن فعل مستخدميهم فقد نص الفصل 230 من مدونة الجمارك على انه "يلزم الكفلاء بقدر ما يلزم الملتزمون الرئيسيون باداء الرسوم والمكوس والعقوبات المالية وغيرها من المبالغ  الواجبة على الملزمين الذين كلفوهم". فمسؤولية الكفيل لا يمكن  اثارتها الا في الحالات التي تنتج فيها المخالفة الرئيسية عن عدم تنفيذ التزامات المتعهد بها في الانظمة الاقتصادية للجمرك .

المبحث الثالث
المسؤولية بالتضامن
صبغة التعويض المدني  الذي تكتسبه العقوبات المالية تستدعي ان يقوم التضامن بين المحكوم عليهم من اجل نفس الفعل.
الفصل 231"…" هذا لفصل نص على حالتين للتضامن :
- الاولى :  تتعلق بالمحكوم عليهم من اجل نفس الغش او المخالفة.
- الثانية :  تتصل بالمحكوم عليهم من اجل مخالفات مرتبطة.
موضوع التضامن: بمقتضى الفصل 231 من مدونة الجمارك المشار اليه يتعلق التضامن بالغرامات والمبالغ التي تقوم مقام المصادرة وبالمصاريف.
اما ما يتعلق بالمصادرة فهي تمس البضاعة ووسيلة النقل والاشياء المستعملة لاخفاء الغش وقد تشمل اشخاصا لا تكون لهم اية علاقة بموضوع المصادرة.
والتضامن في التشريع الجمركي المغربي يصدر في جميع المخالفات ولا يستثني في هذه القاعدة الا المخالفات المتعلقة بالاعتراض عن مزاولة المهام حيث يحكم عل الفاعل بغرامة فردية، الفصل 302 من مد ونية الجمارك.
وفيما عدا ذلك فان التضامن يتناول جميع الاشخاص المسؤولين، فاعلين اصليين او شركاء اثار التضامن هي نفس اثاره في القانون العام، ملاحقة الاظناء بالمبالغ المحكوم عليهم بها، وللادارة حق الامتياز بمقتضى الفصل 269 من المدونة .



الفصل الثاني
العقوبات والتدابير الاحتياطية الحقيقية للمخالفات الجمركية
العقوبات الجمركية تتوزع الىعقوبات تمس الشخص في حريته وفي ذمته المالية، وعقوبات وتدابير تمس بحقوقه.

المبحث الاول
العقوبات الجمركية
نص الفصل 208 من مدونة الجمارك على ان العقوبات والتدابيبرا لاحتياطية المطبقة في المخالفات الجمركية هي :
- الحبس.
مصادرة البضائع المرتكب الغش بشانها والبضائع المستعملة لاخفاء الغش ووسائل النقل.
- الغرامة الجبائية
 - الغرامة الادارية.

الفقرة1: العقوبات السالبة للحرية
تتمثل في عقوبة الحبس المنصوص عليها في الفصل 280 من مدونة الجمارك فهي اذن تطبق على مخالفات الطبقة السادسة، التي حددها القانون من شهر الى سنة، وهي لا تختلف عن عقوبة الحبس المنصوص عليها في القانون العام كما انها تطبق وتقضي مدته طبق شروط الحق العام،  وهو ما اكدتة المادة 209 من المدونة، ولذا فانه يصدر بناء على طلب النيابة العامة،  وليس بطلب من الادارة  وقد تطبق عليه ظروف التشديد والتخفيف وربما حالة العود، وبذلك يكون تحديدها موكولا الى سلطة االقاضي التقديرية.
غير انه بمقتضى الفصل 226 من مدونة الجمارك، لا تطبق العقوبات الحبسية المنصوص عليها في المدونة على الاشخاص المشار اليهم في الفصل 223 الا في حالة صدور خطا متعمد كما انها لا تطبق على المجانين والقاصرين المشار اليهم في الفصل 228 وكذا المسؤولين مدنيا بمقتضى الفصل 229.

الفقرة 2: المصادرة
نص عليها في الفقرة الاولى من الفصل208 من مدونة الجمارك  وهي عقوبة اصلية اعتبرها المشرع ضمن العقوبات والتدابير الحقيقية. كما ان الفصل 210 من نفس المدونة ميز بين مصادرة البضائع المحظورة باي وجه من الوجوه، وجعلها تكتسي صبغة تدابير احتياطية عينية، بينما مصادرة البضائع غير المحظورة تغلب عليها صبغة التعويض المدني. وقد امر المشرع في الفصل 211 وجوبا الحكم بها على البضائع المرتكب الغش بشانها بمجرد وقوع المخالفة ايا كان حائزها،  ولو كانت هذه البضاعة ملكا لشخص اجنبي عن الغش او لشخص مجهول، وحتى لو لم يصدر أي حكم بشانها،  كما امر القانون الجمركي وجوبا الحكم بمصادرة وسائل النقل التي استخدمت او كانت معدة لاستخدامها لارتكاب المخالفة سواء كان يملكها من شارك في التهريب او في محاولة التهرب او شخص اجنبي عن ذلك او كان مرتكب التهريب  هو المكلف بالسياقة الفصل 212 من مدونة الجمارك.

تشمل المصادرة، البضائع المرتكب الغش بشانها والبضائع المستعملة لاخفاء الغش وكذا وسيلة النقل، وهي البضائع موضوع المخالفة الجمركية التي تكون جسم الجنحة، بضائع مهربة او وقع بشانها تصريح مزور، ا بضائع تمر بالدائرة الجمركية بدون رخصة...الخ، وعادة ما تكون هذه البضائع محجوزة من طرف الادارة. اما اذا لم يكن حجزها فان المحكمة بمقتضى الفصل 213 من المدونة تصدر بطلب من الادارة بدلا من المصادرة الحكم باداء مبلغ يعادل قيمة البضائع ووسيلة النقل .

وتطبق المصادرة في المخالفات من الدرجة السادسة، والخامسة، والرابعة، وكذا في الحالات المنصوص عليها في الفصل 295 المتعلق بالمخالفة الدرجة الثالثة  كما نص عليها كذلك في الفصل 302 من  المدونة في مخالفة الاعتراض عن مزاولة المهام من الدرجة الاولى .
وقد سوى المشرع في المصادرة بين البضائع المرتكبة الغش بشانها والبضائع المستعملة لاخفاء الغش، ولا يشترط في هذه الاخيرة ان تكون ممنوعة او غير متحصلة من غش بل الاصل فيها انها مشروعة وانها استعملت فقط لاخفاء الغش.

اما بالنسبة لوسيلة النقل فقد اوجب المشرع الحكم بمصادرتها بمجرد وجودها محملة بالبضائع المرتكب الغش بشانها بل ذهب الى ابعد من ذلك حيث امر بمصادرتها دون ان تكون لها اية صلة بالبضاعة موضوع النزاع فقط بمجرد عدم امتثال سائقها للانذرات الموجهة اليه  من طرف اعوان الجمارك داخل المحيط الجمركي او بداخل الدائرة الجمركية (الفصل 302 من مدونة الجمارك) واستعمل المشرع هنا صيغة الوجوب ولم يترك للمحكمة أي خيار سوى وجوب القضاء بالمصادرة .

الفقرة3: العقوبات المالية
وهي عقوبات تلزم  المحكوم عليه بان يدفع للادارة مبلغا من المال، وليس للقاضي ان يرفع من مبلغها اوان يخفضه، بل تبقى  سلطته التقديرية محدودة في هذا المجال.
- الطابع الازدواجي للغرامات الجبائية.
نص عليه الفصل 214 من مدونة الجمارك : "تغلب على الغرامات الجبائية المنصوص عليها في هذه المدونة صبغة تعويضات مدنية غير انها تصدر عن المحاكم الزجرية ويجب الحكم بها في جميع الحالات ولو لم تلحق أي ضرر مادي بالدولة".

ا- الطابع الزجري للغرامات الجبائية.
من خصوصيات هذا الطابع:
- تصدر عن المحاكم الزجرية ولو لم تلحق أي ضرر مادي بالدولة الفصل 214 من مدونة الجمارك.
- يمكن تحريكها من طرف النيابة العامة الفصل 249 من المدونة.
- يؤدي عنها الاكراه البدني في الفصل262 كما ان للادارة ان تتخذ كافة الاجراءات التحفظية قصد ضمان الغرامات الجمركية.
- تخضع لمقتضيات التقادم الجنائي .

ب- الطابع المدني للغرامات الجبائية.
تتميز هذه الغرامات بكونها:
- يمكن ان يلزم بادائها اشخاص مسؤولون مدنيا الفصل 229 من المدونة، وكذا الاشخاص المعنويين (الفصل 227) كما يحكم بها ضد القاصرين والمجانين (الفصل 228).
- يحكم بهذه الغرامات لصالح الادارة (الفصل 217).
- لا تطبق عليها قواعد ايقاف التنفيذ او الظروف المخففة او المشددة (الفصل 217).
- يحكم بغرامة جبائية فريدة على المشاركين، ومهما كان عدد المخالفين (الفصل 216)، ويصدر الحكم بالتضامن على كافة المخالفين (الفصل216)، ويصدر الحكم بالتضامن على كافة المخالفين (الفصل 230)، لا يعتد القانون الجمركي بالعقوبة الفردية ما عدا عقوبة جنحة الاعتراض عن مزاولة المهام (الفصل 302). وقد فرق المشرع في الفصل 208 من المدونة بين الغرامات الجبائية والادارية، فنص على الغرامات الجبائية في جنح  الطبقة السادسة والخامسة والرابعة وبعض مخالفات الدرجة الاولى .

اما تحديد مبالغ هذه الغرامات فقد اختلف  باختلاف درجة المخالفة :
ففي مخالفة الدرجة الرابعة والاولى،  حد مقادرها بين حد ادنى وحد اقصى ، في مبلغ يتراوح بين 1.000 درهم 10.000 درهم في مخالفات الدرجة الرابعة، وفي مبلغ يتراوح بين 500 و 5000  درهم في مخالفات الدرجة الاولى.
بالنسبة لمخالفات الدرجة السادسة احتسب مبلغ  الغرامة على اساس قيمة البضاعة المرتكب الغش بشانها ووسيلة النقل والاشياء المستعملة لاخفاء الغش، وهي الطبقة الوحيدة التي عاقب فيها المشرع اسنادا الى القيمة .

فاعمال التهريب مثلا تكون جنحا من الطبقة السادسة ويدخل في حساب الغرامة المتعلقة بها قيمة لاشياء  المحجوزة وكذا التي تعذر حجزها، وقد حدد الفصل 219 من مدونة الجمارك القيمة الواجب اعتمادها لحساب"…"
اما جنح الطبقة الخامسة والثالثة فقد اخذ المشرع  بعين الاعتبار ان مرتكب هذه الغرامة يسعى الى التهرب من دفع الرسوم والمكوس المستحقة على البضائع، مما يؤدي الى التملص من ادائها فتصبح هذه الرسوم عرضة للضياع،وهو ما يعبر عنه بالرسوم المتجانف عنها او المتملص منها، وهي تمثل الفرق  بين الرسوم الواجبة قانونا، والتي اراد مرتكب المخالفة تاديتها.

ففي جنح الطبقة الثالثة تكون الغرامة ضعف مبلغ الرسوم والمكوس المتجانف عنها او المتملص منها .

وعلى المحكمة ان تتقيد بالقواعد العامة لحساب الرسوم والمكوس.
اما الغرامات المتعلقة بمخالفات الدرجة الثانية فانها تبلغ 5 مرات مقدار المبالغ والمنافع  التي اراد مرتكب المخالفة الحصول عليها وهي مقترنة بالتصدير.
 راينا انه بالاضافة الى الغرامات الجبائية المنصوص عليها في المدونة هناك الغرامات الادارية كذلك يصدرها مدير الادارة بناء على الفصل  218 من المدونة، وقد اكد الفصل 300 من نفس المدونة ان هذه الغرامات تكتسي صبغة عقوبات ادارية وهي تطيق على جنح الطبقة الثالث فيما يخص الانظمة الموقفة، وجنح الطبقة الاولى المنصوص عليها في الفقرة 2-5-6 من الفصل 299 من المدونة الخاص بجنح الطبقة الاولى.
بالاضافة الى هذه الغرمات، هناك الغرامة التهديدة المنصوص عليها في الفصل 301 من المدونة وهي تقتضي اجبار كل مخالف لمقتضيات الفصل 42 من المدونة على تقديم الدفاتر والاوراق والوثائق الضرورية باداء غرامة اقصاها 100 درهم عن كل يوم  تاخر زيادة على العقوبات المستحقة بمقتضى الفقرة الاولى من الفصل 298 وتحسب بعد مضي 48 ساعة على الانذار الذي الذي توجهه الادراة للمخالف .

المبحث الثاني
التدابير الاحتياطية
الى جانب العقوبات والتدابير العينية المطبقة في ميدان الجمرك، نص الفصل 220 من المدونة على مجموعة من التدابير الاحتياطية الشخصية وهي :
- منع القيام بدائرة الجمار، فالفصل 25 من المدونة حدد مفهوم الدائرة الجمركية وخصص لها احكاما خاصة تتناول نقل وحيازة البضائع من والى الدائرة ويقصد من هذا المنع الحيلولة دون عودة المخالف الى ارتكاب اعمال التهريب، والواقع ان التدبير لا يطبق الا عل مخالفات الدرجة السادسة .
- منع الدخول الى المكاتب والمخازن  والساحات الخاضعة لحراسة الجمرك، ويقصد بهم الاشخاص الذين لهم علاقة بالبضائع المودعة بهذه الامكنة.
- سحب رخصة المعشر او الاذن في الاستخلاص الجمركي، وقد يستعمل هذا التدبير في بعض الاحيان كعقوبة ادارية.
- الحرمان من الاستفادة من النظمة الاقتصادية ويتخذ هذا الحرمان بموجب قرار اداري (فصل 304 من المدونة).

تم انه بمقتضى الفصل 62 من المرسوم 2-77-862 المؤرخ في 9 اكتوبر 1977 يمكن لمدير الادارة ان يتخد احدى التدابير الاحتياطية، هناك تدابير اخرى جاءت بها المدونة في نصوص اخرى متفرقة.
لقد نصت المادة 236 من المدونة على انه في جميع الحالات التي تثبت فيها المخالفات الجمركية يصوغ للادارة حق حفظ وسائل النقل المتنازع عليها غير القابلة للمصادرة من اجل ضمان العقوبات المستحقة.
من جهة اخرى جاء الفصل 58 من ظهير 1-77-340 بتاريخ 9 اكتوبر 1977 المتعلق بالبضائع والمصوغات المفروض عليها- الضريبة الداخلية علىالاستهلاك بمقتضيات اكدها الفصل 305 من المدونة، اذا تعلق الامر بمخالفة من المخالفات المشار اليها في الفصل 55 من الظهير المشار اليه اعلاه ان تطلب الادارة زيادة على الغرامات المقررة في الفصل 280 من مدونة الجمارك من المحكمة المختصة الحكم وفق اجراءات القضاء المستعجل بالاغلاق المؤقت او النهائي للمصانع والمؤسسات المرتكبة فيها المخالفات المذكورة .

وتجدر الاشارة الى ان الفصل 227 اجاز  في حالة ارتكاب مخالفة جمركية من طرق الممثل القانوني للشخص المعنوي ان يتابع هذا الاخير، وان تفرض عليه العقوبات المالية وعند الاقتضاء التدابير الاحتياطية المنصوص عليها في الفقرتين 3 و 4 من الفصل 220 من المدونة.
انقضاء العقوبات.
لم يتعرض المشروع في مدونة الجمارك لاسباب انقضاء العقوبات الا لبعض الحالات ، منها المصالحة وموت المحكوم عليه، وتبقى الحالات الاخرى خاضعة لمقتضيات القانون  العام.
المصالحة:
مدونة الجمارك سمحت للادارة ان تصالح الاشخاص المتابعين من اجل المخالفات الجمركية وذلك عملا بمقتضيات الفصل273 من المدونة.
والمصالحة باعتبارها سبب من اسباب سقوط العقوبة فانه يتعين ان تتحقق بعد صدور حكم نهائي  لان ابرامه قبل ذلك يهم الدعوى  وليس العقوبة.
في الاثار المترتبة على ابرام المصالحة بعد حكم نهائي كونها لا تشمل سوى  الغرامات والمصادرات، اما عقوبة الحبس والتدبير الوقائي المنصوص عليه في الفقرة  الاولى من الفصل 220 فانه تبقى قائمة.
على انه في حالة وفاة مرتكب المخالفة قبل ايداع الشكاية اوقبل صدور حكم نهائي، يمكن للادارة ان ترفع دعوى امام المحكمة المدنية ضد الورثة للمطالبة بالاشياء القابلة لهذه العقوبة (الفصل 251 من المدونة).

واذا توفي مرتكب المخالفة قبل تسديد الغرامات والمصادرات المحكوم بها، امكنت متابعة الورثة عن التحصيل. (الفصل 265 من المدونة).
مشرع مدونة الجمارك تطرق لطرق التنفيذ ضمن مقتضيات الفصول 260 الى 265.
الفصل260:
يسوغ لاعوان الادارة ان يحرروا ويبلغوا جميع العقود غير القضائية التي يستلزمها:
- الاثبات والتحصيل والمنازعات المتعلقة بالرسوم والمكوس الذين هم مكلفون بتحصيلها او ضمانها وكذا تنفيذ التدابير الجمركية الاخرى.
- بيع الاشياء المحجوزة او المصادرة او المتروكة في الجمرك وكذا تحصيل الغرامات والعقوبات المالية الاخرى.
الفصل 261 :
يتابع بجميع الطرق القانونية عن تنفيذ الاحكام والقرارات الصادرة في ميدان الجمارك.
الفصل 262 :
يطبق الاكراه البدني بشان مخالفة جمركية معاقب عنها اما بغرامات ادارية او بغرمات جبائية.
وتسلم طلبات الاعتقال من طرف الوزير المكلف بالمالية.
الفصل 263 :
ان العقوبات المالية في ميدان الجمارك والضرائب غير المباشرة  تخضع رغم ما تكتسيه من صبغة تعويضات مدنية لقواعد قانون المسطرة الجنائية المتعلقة بالتقييد في سجل السوابق ا لعدلية وفي مجلدة الشركات.
الفصل 264 :
يعتبر الاعتقال الاحتياطي نقطة بداية للاكراه البدني الذي قد يصدر به الحكم في حالة الادانة من اجل تحصيل الغرامة المحددة في الحكم،  غير انه اذا صدر الحكم زيادة على الغرامة بتطبيق عقوبة حبس دون ايقاف التنفيذ، فان الاعتقال الاحتياطي والاعتقال المترتب مباشرة عن الحكم يجب في حالة ابرام مصالحة بعد الحكم ان تسقط مدتها بكيفية رجعية اولا من مدة الحبس ثم يسقط الباقي من مدة الاكراه البدني.
الفصل 265 :
اذا توفي مرتكب مخالفة قبل تسديد الغرامات ومبالغ المصادرات والعقوبات المالية الاخرى المحكوم بها عليه او المصالحات المقبولة من طرفه امكنت متابعة الورثة عن التحصيل.
فيما تطرق للاكراه البدني ضمن مقتضيات الفصلين 271 و 272 اد ينص الفصل 271 على ما يلي.
"يجوز لمدير الادارة ان يصدر امرا بالاكراه لتحصيل الغرامات المحكوم بها للادارة وكذا لتحصيل الغرامات الادارية المنصوص عليها في الفصل 218 اعلاه .
يجوز له كذلك ان يصدر امرا بالاكراه لتنفيذ ما ينص عليه الفصل 36 من هذه المدونة.
ويقوم اعوان الادارة بتبليغ الاكراه.
ولايجوز تنفيذ الاكراه بعد مضي اجل 15 عاما على تاريخ تبليغه.
الفصل 272 على ما يلي :
يجب ان يتضمن الامر بالاكراه اما نسخة رسمية من الحكم بالادانة واما نسخة من المقرر الاداري.
وللاكراه قوة الامر بالاداء.

II- التهريب واقع وقانونا
1- حول ظاهرة التهريب كواقع.
تعني ظاهرة التهريب تواجد البضائع الاجنبية  داخل البلاد بشكل غير قانوني، وقد اصبح التهريب مؤخرا يشكل خطرا على الاقتصاد الوطني رغم ما يبدل من مجهودات لحماية النسيج الصناعي كالرفع  من المكوس الجمركية واخضاع بعد الواردات لرخص الاستيراد.
فالتهريب ظاهرة معقدة وتفاقمها داخل اقتصادنا مرده لعوامل شتى ساعدت على انتشاره كاقتناء البضائع المهربة من مناطق معفاة وافلاتها من الرسوم المستحقة على الواردات اذ يصل معدل الربح فيما بين 200 و 300 في قيمة البضاعة الشيء الذي حث المواطنين ليس المنتمين لشرائح اجتماعية ضعيفة بل حتى المحترفين ذوي رؤوس اموال باهضة على ممارسة هذا النشاط فضلا عن ضعف الانشطة الصناعية وحالة الجفاف وانغلاق الاسواق الاوربية امام اليد العاملة المغربية وفق هذا وذاك هناك شغف المستهلك المغربي بالمواد الاجنبية لكون عائد ثمنها يناسب جودتها في نظره.
ان تهريب ظاهرة متشبعة تطورت في الاونة الاخيرة بشكل سريع الى درجة اصبح فيها الراي  العام يعتبرها نشاطا مباحا ومسموحا به وتمكن التهريب اليوم من شمل جميع السلع المستوردة كالمواد الغدائية والنسيج والاحذية - المنتوجات الصيدلية- السجائر الحلي- المجوهرات - الاجهزة الالكترونية- السيارات -قطع الغيار …..الخ.

وقد تعددت قنواته وابوابه بدءا من شاطىء البحر الابيض المتوسط، تطوان الناظور، الحدود بين الجزائر، المغرب بالجنوب لاس بالماس سواء عبر البحر اوالجو وقد وصلت عدد اسواق التهريب داخل المدن المغربية ما يناهز اربعين سوقا تعرض فيها البضائع المهربة.
ان التهريب يعد فعلا سرطان النسيج الاقتصادي والاجتماعي وعواقبه وخيمة على الاقتصاد والمجتمع اذ ينافس التهريب المنتوجات والمصنوعات المحلية بصف غير قانونية مما تسبب في اغلا ق وحدات الانتاج وخسائـر المبيعات واثر ذلك على الارباح وقلص من فرص الشغل وزاد في حدة البطالة واثر سلبا على الاستثمارات المحلية والحق اضرار فادحة بالنمو الاقتصادي كما ادى التهريب الى ازدهار وتواجد منتوجات  مزورة ومنسوخة على مواد رفيعة او معروفة لدى المستهلك ولا ينازع احد في ان اضراره تؤدي الى تفقير الميزانية المخصصة للمصاريف العمومية وذلك عن طريق التهريب الجبائي سواء على مستوى المداخيل الجمركية او على مستوى الضرائب .

وهكذا يتضح مدى عرقلة التهريب لتطور الاقتصاد الوطني ومدى درجة تحطيم اساسه لانه ينال من سمعة البلاد ويهدد المواطن خاصة وان المواد الغدائية المهربة تفلت من المراقبة الصحية.
وهكذا يتضح ان دواعي واسباب محاربة التهريب اصبحت جد ملحة بل اصبحت رغبة لدى الجميع بعد الشعور بالمخاطر وخاصة بعد الحملة الاعلامية التي ساهمت في تحسيس مختلف فئات المجتمع بذلك.
وعلى عكس ما يظنه الكثيرون فان التهريب يقضي على مناصب الشغل اكثر مما يخلقها ويسبب تهربا ضرائبيا هائلا يحرم الخزينة العامة من مداخيل هامة للبلاد.

انه اصبح بمثابة اقتصاد قائم الذات داخل اقتصادنا الوطني لكنه لا ينفع سوى المتعاطين له المنظمين داخل شبكات احترافية تقوم  بخلق عدم استقرار داخل قنوات التوزيع العادية وتعمل على نشر المنتوجات المزيفة والحيلولة دون جلب الاستثمارات، التهريب يؤدي الى نفور المستثمرين الاجانب ويصبح من الصعب احداث وحدات انتاجية في محيط يطغى على التهريب. واذا كان هذا المرض العضال الذي قارنه السيد الوزير الاول بداء السرطان استفحل بشكل جعله يعم جميع اعضاء الجسم فيجب ان تكون المعالجة بدورها تتسم بنفس صفة الشمولية مع الاخذ بعين الاعبتار الانفتاح على العالم والوعي بالسير، بخطى حثيثة تعد عالمية السوق خاصة وان سياسة تشجيع الصادرات ترتكز اساسا على الافضلية التنافسية للامم .

2- ماهية التهريب قانونا.
يعد التهريب جنحة من جنح الطبقة السادسة والتي يبلغ عددها سبع جنح حسب  تعداد وتصنيف الفصل 281 من مدونة الجمارك.
وطبقا لمقتضيات الفصل 282 من مدونة الجمارك  فان التصريف بالتهريب في الفقرة الرابعة هو حيازة البضائع الخاضعة لمقتضيات الفصل 181 من نفس القانون أي الخاضعة للرسوم والضرائب عند الاستيراد.
متى كانت هذه الحيازة غير مبررة بالمرة او عندما تكون المستندات المدلى بها على سبيل التبرير مزورة او غير صحيحة او غير تامة او غير مطابقة  ونرى المشرع هنا سوى انعدام التبرير بالمرة مع التبرير المزور او الغير الصحيح او الغير التام او الغير المطابق.

وبالرجوع الى الفصل 181 من مدونة الجمارك نجده ينص على ما يلي :
1-يجب على الاشخاص الموجودة في حوزتهم البضائع الخاضعة للرسوم والضرائب عند الاستيراد او الاشخاص الذين ينقلون هذه البضائع ان يدلوا  بمجرد ما يطلب منهم ذلك اعوان الادارة بايصالات تثبت ان هذه البضائع قد ادخلت بصفة قانونية الى التراب الخاضع او بفاتورات او باوراق صنع او بجميع الاتباتات الاخرى للاصل الصادرة عن اشخاص او شركات مستقرة داخل التراب الخاضع بصفة قانونية.

2- يجب كذلك على الاشخاص الذين كانت في حوزتهم البضائع المذكورة اوباشروا نقلها او بيعها او تفويتها او معارضتها وكذا الاشخاص الصادرة عنهم اثباتات الاصل ان يدلوا بالمستندات المشار اليها في 1اعلاه  كما طلب منهم ذلك  اعوان الادارة في ظرف خمس سنوات يبتدئ اما من الوقت الذي لم تبق فيه البضائع بين ايديهم واما من تاريخ تسليم اثباتات الاصل.

التحليل.
الفقرة الاولى:
ا- مخاطبة الحائزين الحاليين: التحدث هنا عن الحاضر أي الحائز الحالي.
ب-الفورية في تقديم المبررات  للحيازة.
ج- حصر الجهة المختصة لتلقي تلك المبررات وهم اعوان ادراة الجمارك دون غيرهم وذلك راجع بلا شك اولا لتقنياتهم وثانيا لإضفاء القوة التبوتية القاطعة لمحاضرهم التي لا يمكن الطعن فيها الا بالزور وهو امر مستبعد نظرا للشكليات المعقدة وتمييزا عن محاضر غيرهم من عناصر الضابطة التي تبقى في حجتها وقوتها التبوثية خاضعة لمقتضيات الفصل 291 من قانون المسطرة الجنائية أي الى حين اثبات ما يخالفها .

الفقرة الثانية:
ا- مخاطبة الحائزين الذين كانت بحوزتهم تلك البضائع الناقلين والبائعين…
ب- الفورية.
ج- الجهة هي اعوان الجمارك وحدهم.
د- مدة التقادم هي خمس سنوات اثنائها كلما طلب تبرير الحيازة ولقطع الطريق عن أي كلام مفاده التدرع بسبقية الادلاء بالتبرير.
حيث ان عبارة عند الاستيراد كما وردت في النص المذكور تعود على البضائع الخاضعة لاداء الرسوم والضرائب عند الاستيراد ولا يراد بها عند دخول البضاعة بحدود البلاد، حيث انه عكس البضائع المهربة فان جميع البضائع المستورة بصفة قانونية يؤدى عنها الرسوم والمكوس الجمركية.

حيث ان الفصل 3 من مدونة الجمارك ينص على ما يلي :
"تخضع البضائع المستورة او المصدرة عند الاستيراد او التصدير، حسب الحالة - للرسوم الجمركية المقيدة بالتعرفة الجمركية وذلك بصرف النظر عن غيرها من الرسوم والمكوس المنصوص عليها في نصوص خاصة، حيث ان عبارة "الاداء بايصالات تثبت ان هذه البضائع قد ادخلت بصف قانونية الى التراب الخاضع " تبين بجلاء ان المراقبة الجمركية للبضائع الخاضعة للرسوم والضرائب عند الاستيراد تشمل جميع الاماكن الموجودة داخل التراب الخاضع.

حيث ان روح الفصل 181 من مدونة الجمارك هي مراقبة هذه البضائع والتاكد من حيازتها القانونية.
حيث ان الفصل 181 المذكور يدخل في اطار الجزء السابع من مدونة الجمارك الذي يتعلق بحركة البضائع وحيازتها داخل التراب الجمركية.
حيث ان الفصل 1 من مدونة الجمارك عرف التراب الجمركي والتراب الخاضع كما يلي :
ا- التراب الجمركي "التراب الوطني بما فيه المياه الاقليمية".
ب-" التراب الخاضع"، الجزء الارضي من الترب الخاضع للنظام الجمركي.
الفقرة الثانية من الفصل 181 تنص على ما يلي :
"يجب كذلك عل الاشخاص الذين كانت في حوزتهم البضائع المذكورة او باشروا نقلها او بيعها  او تفويتها او معارضتها وكذا الاشخاص الصادرة عنهم اثباتات الاصل ان يدلوا بالمستندات المشار اليها في الفقرة الثانية كما طلب منهم ذلك اعوان الادارة في ظرف خمس سنوات يبتدئ اما من الوقت الذي لم تبق فيه البضائع بين ايديهم  واما من تاريخ تسليم اثباتات الاصل".

حيث يتجلى من القرءاة الاولية البسيطة لهذه الفقرة ان المشرع يتحدث عن الاشخاص الذين كانت في حوزتهم البضائع الخاصة للرسوم والضرائب عند الاستيراد والذين هم ملزمون بالاحتفاظ بمبررات الاصل لمدة خمس سنوات.
حيث يتبين ان المشرع في الفقرة المذكورة يقصد الاشخاص الذين كانت في حوزتهم  وليس الاشخاص الذين وجدت في حوزتهم هذه البضائع اثناء التفتيش والذين هم ملزمون بناء على مقتضيات الفقرة الاولى من الفصل 181 المذكور ان يدلوا بمجرد ما يطلب منهم ذلك اعوان الادارة بالحجج التي تثبت حيازتهم القانونية لها.

حيث انه لا يعقل ان يلزم المشرع بناء على الفقرة الاولى في الفصل المذكور حائزي البضائع الخاضعة لمقتضيات هذا النص بالادلاء بمبررات الاصل بمجرد ما يطلب ذلك اعوان الجمارك ويمنحهم في ان واحد مدة خمس سنوات للادلاء بهذه المبررات في الفقرة الثانية من نفس الفصل .

ان هذا الاجراء هادف ومقصود اراد به المشرع تامين مصلحة الخزينة العامة وسد باب المناورة والتحايل على القانون، خاصة وان عدم تبرير الحيازة بمجرد ما يطلب ذلك اعوان الجمارك يعد تهريبا صريحا  حسب المادة 282 من مدونة الجمارك.
عن استيعاب المحاكم لهذا الفصل والاخذ بما جاء فيه من تنصيصات يجعلها ترفض أي تبرير لم يقدم لاعوان الجمارك لمجرد طلبهم لذلك وان قبول المحاكم للفواتر المدلى بها على سبيل التبرير يعد خرقا جوهريا للفقرة الاولى في الفصل 181 .

كما يدخل ضمن نطاق التهريب عدم تقديم مستندات البضائع المودعة بالمخازن والمستودعات عند اول طلب لاعوان  ادارة الجمارك وكل خرق لهذا القانون المتعلق بحركة البضائع وحيازتها  وخاصة عندما تكون هذه الاخيرة غير مبررة، ان جنحة التهريب تنهض ذلك عندما يكون الاستيراد والتصدير قد تم بدون تصريح او بموجب التستر على البضائع اثناء مرورها بالمقاربة الجمركية او اجراء المعاينة عليها، وذلك باخفائها في اماكن اعدت خصيصا لهذا الغرض وكل ذلك من اجل التهرب من اداء  المكوس المفروض عليها .

ويتجلى مما ذكر ان الاساس القانوني المكون لجنحة التهريب ليس ناتجا عن عدم انتظام حركة وحيازة البضائع كيفما كانت وانما ناتج عن عدم انتظام حيازة بعض البضائع التي يوليها المشرع اهمية خاصة.
ومن تم كان لزاما على الاشخاص الذاتيين والمعنويين ان يبرروا البضائع الموجودة بحوزتهم وذلك بالادلاء بجميع المستندات المشروعة بمجرد ما تطلب منهم والا كانوا في وضعية غير قانونية وهذا ما اصطلح على تسميته بمبدا الفورية وهذا ما اكده المجلس الاعلى في قراره عدد 822 تاريخ 18/06/81 في ا لملف عدد 71322 والذي جاء في احدى حيثياته ما يلي:
"وحيث ان الفاتورات لم يتم الادلاء بها الا امام المحكمة وبالتالي فان الادلاء بمبررات الاصل عند او لطلب اعوان الجمارك لم يتم وان القانون نص على ذلك حتى لا يقع أي تحايل عليه وانه من السهل على من في حوزتهم بضائع مهربة الحصول على فواتير مجاملة لاحباط عمل الادارة بما تكون معه المحكمة قد خرقت القانون وعرضت حكمها للنقض" .

وهكذا يتجلى انه يكفي وقوف ادارة الجمارك على مادية المخالفة وتحرير اعوانها محضرا بذلك ليكون صاحب البضاعة في وضعية مشابهة لحالة التلبس المنصوص عليها في القانون العام مما لا يضع من حيث المبدا اية مشاكل من حيث الاثبات حتى لا يكون المشرع في حاجة لاقامة اية قرائن قانونية اخرى خاصة وان محاضر ادارة الجمارك بكامل انواعها اعطاها المشرع القوة التبوثية على ان يتبث ما يخالف بعضها والطعن بالزور في البعض الاخر منها وطبقا لمقتضيات الفصل 244 من مدونة الجمارك.
(يتبع).

 مجلة المحاكم المغربية عدد 87، ص 80      
Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم :