-->

طلب باقي النصيب في الإرث يتعارض مع قوة الشيء المقضي به - لا رسم الإراثة منشئ للحق - لا

محكمة الاستئناف بالدار البيضاء  الغرفة الشرعية
ملف عدد 548/88 - بتاريخ 15/11/1989


طلب باقي النصيب في الإرث يتعارض مع قوة الشيء المقضي به - لا 
رسم الإراثة منشئ للحق - لا 
اذا كان الجزء المطلوب من الارث لم يشمله الحكم المحتج به الذي حاز قوة الشيء المقضي به وانما بقي مهملا نتيجة خطا في الفريضة السابقة فان الطلب بشانه لا يتعارض مع قوة الشيء المقضي به ، كما ان المرء لا يمكنه  من  الميراث الا ما أباحه الشرع  له خاصة وان حقوق الميراث تختلف عن باقي الحقوق لكون الله عز وجل هو الذي تكفل بقسمتها بنفسه ولم يكل أمرها لنبي مرسل ولا لملك مقرب.
ان الاراثة غير منشئة للحق، وانما ينحصر دورها في اثبات وفاة الموروث في تاريخ وفاته وحضر ورثته، اما الحق المتروك فينتقل تلقائيا من السلف الى الخلف العام، كما ان الفريضة التي تتضمنها الاراثة لا تعتبر هي بدورها منشئة للحق، وان فائدتها تنحصر في العمليات الحسابية وتوزيع الانصبة على الورثة حسبما حدده المشرع لكل وارث.

قضية السيدة عائشة بنت بوشعيب وأولادها
ضد
محبوب احمد ومحبوب المكي ابني عيسى

 باسم جلالة الملك
بناء على مقال الاستئناف والحكم المستانف ومستنتجات الطرفين ومجموع الوثائق المدرجة بالملف.
وبناء على تقرير السيد المستشار المقرر الذي لم تقع تلاوته باعفاء من الرئيس وعدم معارضة الطرفين (1).
وبناء على الامر بالتخلي الصادر بتاريخ 13/9/1989، والمبلغ قانونا الى الطرفين بتاريخ 24/10/1989 و19/10/1989.
وتطبيقا لمقتضيات الفصل 134 وما يليه والفصل 328 وما يليه والفصل 429 من قانون المسطرة المدنية.
وبعد الاستماع الى مستنتجات النيابة العامة والمداولة طبق القانون.

من حيث الشكل :
تقدم الاستاذ الطيب البواب المحامي بهيئة الدار البيضاء الى محكمة الاستئناف بها وذلك بمقال استئنافي مؤدى عنه بتاريخ 9/12/1987 وصل عدد 0041903 حسب خاتم صندوق المحكمة لفائدة مندوبيه المستانفين. يستانف بمقتضاه  الحكم المدني العقاري عدد 13153 الصادر عن ابتدائية البيضاء بتاريخ 30/7/1987 موضوع الملف عدد 14503/1986 والقاضي :
في الشكل : بقبول الطلب - وفي الموضوع : على المدعى عليهم بتمكين المدعين مما تبقى من واجبهم في زينة الدار الكائنة بالنواصر دوار العباسية حسب الاراثة الجديدة عدد 1955 صحيفة 70 مع تحميل المدعى عليه الصائر.
وبما ان الحكم لم يبلغ للمستأنفين الا بتاريخ 17/11/1987 واستأنفوه بتاريخ 9/12/1987 وعلى هذا الاساس فان الاستئناف يكون مقدما داخل الاجل القانوني وبالتالي فهو مقبول شكلا.

ومن حيث الموضوع :
وقائع القضية :
تقدم المدعيان بصفة شخصية السيدان محبوب احمد واخوه محبوب المكي ابنا عيسى بن عبد القادر الى ابتدائية البيضاء بمقال افتتاحي للدعوى مؤدى عنه بتاريخ 31/12/1986 وذلك في مواجهة ورثة محبوب عبد القادر وهم زوجته السيدة عائشة وابناؤها منه - محمد - مصطفى - امحمد - عبد الرزاق - حسن - خديجة يعرضان فيه الوقائع التالية : انهما سبق ان اقاما دعوى ضد المدعى عليهما بتاريخ 4/5/1978 عرضا فيها ان ورثة اخيهم المذكور تقاعسوا لهما على واجبهما المنجز لهما إرثا من والدهم المذكور في الدار الكائنة بدوار العيايسة النواصر البالغ مساحتها 1456 م2 والتمسوا في دعواهم من المدعى عليه التخلي عن واجبهما وعززا طلبهما باراثة عدد 511  صحيفة 389 كناش 28  توثيق محمد برشيد تتضمن وفاة والدهم عيسى بن عبد القادر عن ورثته ومن ضمنهم المدعيان ثم وفاة عبد القادر عن المدعى عليهم كما ادليا بملكية السيد عيسى لزينة الدار المذكورة اعلاه ضمنت بعدد 625.

وقد راجت القضية في عدة جلسات وانتهت الاجراءات المسطرية بصدور الحكم الابتدائي بتاريخ 31/7/1980 تحت عدد 4484 موضوع الملف رقم 12362 والقاضي على المدعى عليهم بان يتخلوا للمدعين عن واجبهما في زينة الدار موضوع النزاع وبتمكينهما منه حسب فريضتهما في الاراثة عدد 511 المذكورة سابقا.
واستؤنف هذا الحكم من طرف المدعى عليهم وانتهى الاستئناف بصدور قرار عن استئنافية البيضاء قضى بالغاء الحكم الابتدائي.

ونتيجة لذلك استعمل المدعيان حقهما في الطعن امام المجلس الاعلى للقضاء فقضى هذا الاخير بنقض القرار الاستئنافي المطعون بقرار عدد 1733 بتاريخ 27/12/1983 في الملف العقاري عدد 98157 وباحالة ملف القضية والاطراف على نفس المحكمة التي اصدرت بهيئة اخرى قرارا يقضي برد استئناف المستانفين وتاييد الحكم الابتدائي قرار 99 بتاريخ 28/6/1984 ملف رقم 20/1984.

وبناء على ما ذكر فقد طلب المدعيان تنفيذ الحكم المذكور لفائدتهما وفعلا فتح لهما ملف تنفيذي عدد 1/1985 وعلى اثر ذلك قام مامور التنفيذ باجراءات التنفيذ للحكم المذكور إلا انه تبين خلال التنفيذ ان هناك خطا ورد في اصل الفريضة وفي نسبة الاسهم المضمنة بالاراثة عدد 511 صحيفة 389 كناش 28 توثيق برشيد.
ونظرا لهذا الخطا الوارد في الاراثة المذكورة وبالخصوص في اسهم الفريضة فان المدعيين المذكورين قاما بتصحيح الفريضة حسب الاراثة عدد 1955 صحيفة 70 وذلك طبقا لما يقتضيه التوارث في الشريعة الاسلامية.

وحيث ان ورثة محبوب عبد القادر هم المستحوذون لوحدهم  دون غيرهم على واجب المدعيين.
لذلك ان المدعيين يلتمسان من المحكمة الحكم على المدعى عليهم :
1) بتمكين المدعيين بما تبقى لهما من واجبهما فيما ذكر حسب الفريضة المضمنة بالاراثة عدد 1955.
2) وبتحميلهما كافة الصوائر مع جعل الحكم مشمولا بالنفاذ المعجل واحتياطيا الوقوف على عين المكان صحبة خبير مختص في الشؤون العقارية للتاكد من موضوع الدعوى.

وأرفقا مقالهما :
1) بصورة شمسية من الاراثة عدد 1955 صحيفة 70 كناش 83.
2) بصورة شمسية من الاراثة عدد 511 صحيفة 389 كناش 28.
3) بصورة شمسية مصححة من قرار محكمة الاستئناف عدد 99 الصادر بتاريخ 28/6/1984 ملف رقم 20/1984.
4) بنسخة من الحكم الابتدائي عدد 4484.
وحيث ادرجت القضية في عدة جلسات استدعى خلالها المدعى عليهم فرفضوا تسليم الطي وانتهت الاجراءات بصدور الحكم الابتدائي المطعون فيه بهذا الاستئناف والذي سبق التنصيص على منطوقه بتفصيل صدر هذا القرار.

مرحلة الاستئناف 
تقدم المستأنفون المذكورون يساعدهم محاميهم المذكور بعريضة الاستئناف اوضحوا فيها المآخذ التي دفعتهم الى هذا الاستئناف مبرزين إياها فيما يلي :
أولا : ان المستانفين ياخذون على الحكم المستانف حيث قضى لفائدتهما سابقا استنادا الى الاراثة المدلى بها ثم بدا للسيد قاضي النازلة ان الفريضة بها خطا ومن ثم يبقى الطرف المدعى محقا في المطالبة بما تبقى له من واجبه.

لكن حيث انه من المبادئ العامة المتفق عليها فقها وقانونا وقضاءا انه لا يسوغ لاية محكمة ان  تنظر من جديد في موضوع نزاع قد بت فيه سابقا بين نفس الاطراف وقائم على نفس السبب ويجب عليها ان تمتنع عن النظر فيه احتراما لقوة الشيء المقضى به وهذا ما نص عليه الفصل 451 من قانون الالتزامات والعقود وقد اعترف المدعيان بسبقية الحكم في دعواهما الجديدة وادليا بالحكم السابق والصادر في دعواهما الاولى وبالتالي كان يجب على المحكمة ان تمتنع عن النظر في دعواهما الجديدة.

ثانيا : ان المدعيين حاولا او يبررا دعواهما الجديدة بالاستناد الى اكتشاف خطا في حساب الفريضة التي اعتمد عليها في دعواهما السابقة وقد تبعها الحكم المستانف في تبريرهما.
لكن حيث ان اكتشاف الخطا في الفريضة الاولى التي صدر حكم قطعي حاسم على اساسها غير مسوغ لاقامة دعوى جديدة لتدارك الخطا وغير مسوغ للمحكمة ان تعيد النظر في حكمها السابق الذي اضحى مكتسبا لقوة الشيء المقضى به.

وحيث ان المشرع لم يسمح باعادة النظر في الاحكام الا بشروط خاصة حسب الفصل 402 من قانون المسطرة المدنية وبالتالي فان دعوى المدعيين غير قائمة على اساس كما ان الحكم المستانف قد خرق مقتضيات الفصل 541 من ق ل ع والفصل 402 من ق ح م لهاته الاسباب فهم يلتمسون : قبول الاستئناف شكلا ومن حيث الموضوع الحكم بان الحكم المستانف لا يستند على اساس صحيح وبالتالي الغاؤه والحكم تصديا بعدم قبول طلب المستانف عليهما لاسبقية البت فيه وتحميل المستانف عليهما الصائر.
وارفقوا استئنافهم بصورة مطابقة للاصل من الحكم المستانف.

وحيث اجاب المستانف عليهما بمذكرة قدمت للمحكمة بجلسة 5/4/1989 جاء في مضمونها ان دعوى المدعين لا ترمي الى اعادة النظر ولا الى ابطال حكم سابق وان هذه الدفوعات الواردة بالمقال الاستئنافي كلها تغليط وطمس للعدالة وانما المدعيان يطلبان ما تبقى لهما من واجبهما في الارث حسب تصحيح الفريضة التي بمقتضاها صدر حكم سابق والقاضي بناء على حساب خاطئ ملتمسين اخيرا تاييد الحكم الابتدائي المستانف فيما قضى به وتحميل المستانفين الصائر.

وحيث عقب المستأنفون بمذكرة مؤرخة في 9/5/1989 اكدوا كل الدفوعات السابقة في عريضة الاستئناف مستنتجين ان الحكم السابق الذي اصبح نهائيا اذا صدر خطا منهما في دعواهما الاولى بمطالبتهما باقل مما وجب لهما فانهما يتحملان مسؤولية خطئهما ولا يكون ذلك مبررا لاقامة دعوى من جديد.
ولا يمكن ان تدخل هذه الدعوى في اطار الغبن ذلك ان دعوى الغبن لا يقوم بها المغبون الا داخل السنة ومن الرجوع الى محضر التنفيذ المؤرخ في 25/7/1985 يتضح ان لا يسوغ القيام بالغبن بعد مضي سنة مستدلين على ذلك بأقوال الفقهاء.
كما ان الفريضة التي تتضمنها الاراثات لا تعتبر هي بدورها منشئة للحق وان فائدة الفريضة تنحصر في العمليات الحسابية وتوزيع الانصبة على الورثة حسبما حدده المشرع لكل وارث.

وحيث ان كل خطا في عدد الورثة او العمليات الحسابية لا يفوت على صاحبه حق المطالبة به خاصة وان هذا الخطا كان خارجا عن ارادة صاحبه الذي قام يطالب به بعد ما ظهرت له الحقيقة ولم يكن من صنعه.
وحيث انه من جهة اخرى فان الطرف المدعي لم يطلب ابطال الحكم السابق في النازلة وانما قام بطلب ما تبقى له من الميراث والذي لم يشمله الحكم السابق كما انه لم يطلب فيه اعادة النظر حتى يحتاج الى توفر الشروط التي شملها الفصل 402 من قانون المسطرة المدنية.

وحيث ان المستانفين لم ينازعوا سواء خلال المرحلة الابتدائية او في المرحلة الاستئنافية في صحة وجود خطا بالاراثة عدد 511 كما انهم لم ينازعوا في الفريضة التي تضمنتها الاراثة عدد 1955 بتاتا وبذلك فهم مسلمون بوجود خطا في الفريضة في الاراثة عدد 511 وصوابية حسابات الفريضة التي شملتها الاراثة عدد 1955، اكتفوا بالدفع بان القضية مسبوقة بحكم اخذ قوة الشيء المقضى به.

وحيث انه بناء على ما ذكر فان المحكمة تعتبر عدم اسبقية الحكم في الجزء المطلوب حاليا نتيجة إهماله في الدعوى السابقة كما ان المدعى عليهم لا يحق لهم ان يملكوا  من الميراث الا ما اباحه الشارع لهم خاصة وان حقوق الميراث تختلف عن باقي الحقوق ذلك ان الله سبحانه جلت قدرته لم يكل قسم الميراث الى نبي مرسل ولا الى ملك مقرب وانما تولى قسمه بنفسه، وعليه فكيف يسوغ للمدعى عليهم ان ينازعوا في دفع ما تبقى عندهم من الحقوق الله الى من يستحقه بتشريع من الله.
وحيث انه امام هذه الحالة فلا مناص للمحكمة الا ان تصرح بتاييد الحكم الابتدائي المنظور استئنافه اليوم فيما قضى به.
وحيث ان الفصل 124 من قانون المسطرة المدنية يحمل الخاسر مصاريف الدعوى.
وحيث ان هذا القرار ينبغي ان يوصف بالحضورية نظرا لتبادل الردود بين الطرفين خلال المرحلة الاستئنافية ذلك احتراما لمتطلبات الفصل 344 من قانون المسطرة المدنية.

وحيث تبودلت الردود في هذا الاطار وافرغ كل طرف ما بجعبته وانتهت الاجراءات واكد المستانف عليهما ما سبق حينذاك اصدر المستشار المقرر امره بالتخلي لجلسة 1/11/1989 وبلغ القرار وتاريخ الجلسة الى الطرفين فتوصل الاستاذ البواب بتاريخ 19/10/1989 كما توصلت الاستاذة نعيمة راقي بتاريخ 24/10/1989 وذلك حسب شهادتي التسليم المدرجتين بالملف.
وحيث ان المحكمة بعدما تاكدت من انتهاء الاجراءات المسطرية وابلاغ الطرفين بالامر بالتخلي قررت ادراج القضية في المداولة لجلسة 15/11/1989.

وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث ان الاستئناف قدم مستوفيا للشروط المتطلبة قانونا اجلا وصفة واداء كما روعي في تقديمه متطلبات الفصل 142 من قانون المسطرة المدنية الامر الذي يتحتم معه التصريح بقبوله شكلا.
وحيث يستخلص من محتويات الملف ان موضوع الدعوى يتعلق بتمكين المدعيين مما تبقى لهما من واجبهما في متروك مورثهما حسب الفريضة المضمنة بالاراثة عدد 1955.

وحيث ان المستانفين ركزوا استينافهم على نقطة اساسية تتمثل في ان القضية مسبوقة بحكم اخذ قوة الشيء المقضى به وبذلك فلا يسوغ للمدعين ان يتقدما بدعوى ضد المدعى عليهم وفي نفس السبب مرة ثانية وموضحين ان دعواهم لم تصنف في الاسباب التي اباح المشرع اعادة النظر بسببها ولم تصنف في الغبن او الغلط وبذلك فلا داعي لاقامة دعوى وقع الفصل فيها بصفة نهائية بين الطرفين وعلى نفس السبب.

لكن من الرجوع الى المقال الافتتاحي نجد الطلب به ينصب على تمكين المدعيين مما تبقى من واجبهما فيما ذكر حسب الفريضة التي تضمنتها الاراثة عدد 1955.
وحيث انه اعتبارا لما ذكر فان الجزء المطلوب لم يشمله الحكم المحتج به والذي اصبح أخذا قوة الشيء المقضي الامر الذي يجعل وسيلة المستانفين الاساسية اجنبية عن الموضوع وانما الجزء موضوع الدعوى بقي مهملا نتيجة خطا في الفريضة السابقة التي تضمنتها الاراثة عدد 511 وبذلك يكون الدفع بسبقية الحكم دفعا مقحما في هاته النازلة علما بان الاحكام نسبية.
وحيث ان الاراثات غير منشئة للحق وانما دور الاراثة ينحصر في وفاة المورث وفي تاريخ وفاته وحصر ورثته، اما الحق المتروك تلقائيا فينتقل تلقائيا من السلف الى الخلف العام.

لهذه الاسباب
ان محكمة الاستئناف وهي تقضي علنيا وحضوريا وانتهائيا.
شكلا : قبول الاستئناف.
وفي الجوهر : تاييد الحكم الابتدائي مع تحميل المستانف الصائر.

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 60، ص 142.

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : اجتهادات قضائية