-->

اوجه الاختلاف والتعارض ما بين التشريع المغربي والمواثيق الدولية


الأستاذ النقيب عبد الرحمان بن عمرو
 رئيس جمعية هيئات المحامين العرب سابقا

لابد من ملاحظات أولية حول الموضوع المطروح:
1- ان الموضوع مهم ومتشعب وواسع ويتطلب استيعابه وقتا طويلا وعشرات الصفحات ان لم نقل المآت ولذلك يجب التركيز والاختصار والاكتفاء ببعض الأمثلة  والجوانب المهمة للاختلاف وفي ميدان حقوق الإنسان المدنية والسياسية فقط.
2- وتبعا لذلك، فإننا سنكتفي بالتعرض لأوجه الاختلاف، في ميدان حقوق الإنسان المدنية والسياسية  الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و في العهد الدولي المتعلق بهذا الموضوع الذي اعتمدته الأمم المتحدة في 16 دجنبر1966، مع إمكانية الرجوع إذا اقتضى الأمر ذلك الى بعض الإعلانات والاتفاقيات الدولية التي تعتبر تطبيقا للعهد المذكور.
3- وغني عن البيان بانتا لن نتعرض الى الجانب التطبيقي للحقوق في الحياة الواقعية لنبين الاختلاف الشاسع بين ما يجري في هذا النطاق الواقعي الملموس وبين ما تدبجه النصوص من حقوق وضمانات سواء على مستوى التشريع الداخلي او على مستوى التشريع الدولي.
4- وسنعالج الموضوع بالشكل التالي: التعرض لبعض الحقوق المدنية والسياسية حسب ما هي مسطرة في المواثيق ثم إبراز، عند الحديث عن كل حق على حدة، ما يقابله من اختلاف على مستوى التشريع المغربي

حق الامان الشخصي:
جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بانه لكل شخص الحق في الحياة وفي الامان على شخصه ( المادة3 من الإعلان)، ولا يجوز إخضاع احد للتعذيب ولا للمعاملة او العقوبة القاسية او اللاإنسانية او الحاطة بالكرامة ( م15) . والناس جميعا سواء امام القانون، وهم يتساوون في حق التمتع بحماية القانون دون تمييز ( م17). 
ولكل شخص حق اللجوء الى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلي من أية اعمال تنتهك الحقوق الاساسية التي يمنحها اياه الدستور او القانون ( م18) ( جاء في تصدير الدستوريات بان المملكة المغربية تتعهد بالتزام ما تقتضيه المواثيق  الدولية من مبادئ وحقوق وواجبات ).

ولا يجوز اعتقال أي إنسان او حجزه او نفيه تعسفا ( م.9 أ)، ولكل إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين ، الحق في ان تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة ( م.10 أ). ولكل فرد الحق في التنقل ( م 3 أ) وقد اكد العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي صادق عليه المغرب، تلك المبادئ التي جاء بها الاعلان العالمي لحقوق الإنسان وفصل  فيها والزم اطراف العهد المصادقين والمنضمين اليه بالعمل بها وبتضمينها في  تشريعاتهم. وهكذا نصت المادة2 منه على  ان كل دولة  طرف في العهد ملزمة باحترام الحقوق المعترف بها فيه وبإدراجها  في تشريعاتها، وبان تنمي إمكانيات التظلم القضائي، وبان تكفل قيام السلطات المختصة بإنفاذ الأحكام الصادرة لمصلحة المتظلمين، لا يجوز إخضاع احد للتعذيب ولا للمعاملة او العقوبة القاسية او اللاإنسانية او الحاطة بالكرامة ( م.7 من العهد). و لا يجوز توقيف احد او اعتقاله تعسفا، كما يتوجب إبلاغ أي شخص يتم توقيفه باسباب التوقيف او التهمة الموجهة إليه، وان يقدم على وجه السرعة الى أحد القضاة او احد الموظفين المخولين قانونا مباشرة وظائف قضائية، وان يحاكم خلال مهلة معقولة او يفرج عنه،  وان يكون من حق الموقوف او المعتقل الحق في الرجوع الى محكمة لتفصل دون إبطاء في قانونية اعتقاله وتأمر بالإفراج عنه اذا  كان الاعتقال غير قانوني، وان يكون من حق الموقوف او المعتقل بصفة غير قانونية الحق في الحصول على تعويض( م.89.ع) وان يعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية تحترم الكرامة الأصلية في الشخص الإنساني، وان يراعي في نظام السجون معاملة المسجونين معاملة يكون هدفها الأساسي إصلاحهم وإعادة تأهيلهم ( م. 10.ع) ولا يحوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي ( م 11.ع) والحق في حرية التنقل ( م 12.ع). تؤكد المادة 14 من العهد على ان الناس سواء امام القضاء الذي يجب ان يكون منصفا وعلنيا ومستقلا وحياديا، وعلى ان المتهم برئ الى ان تثبت إدانته وانه أي المتهم، يجب ان يعطى من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه وان يحاكم حضوريا دون تأخير لا مبرر له، وان يكون من حقه اللجوء الى محكمة أعلى لكي تعيد النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به عليه، وان يكون من حقه المطالبة بالتعويض عندما يصدر عليه حكم نهائي يدينه بجريمة ثم يبطل هذا الحكم او يصدر عفو خاص عنه…

وسنلاحظ فيما بعد ان تلك المبادئ لم تدرج او ورد نقيضها في نصوص التشريع المغربي المتعلق بنفس الموضوع حسب التفاصيل الآتية.

تنمية إمكانيات التظلم القضائي:
عندما يكون المعتدي على الحقوق هي الادارة العمومية او الجماعات العمومية او أحد من رجالات السلطة او الموظفين الكبار، ففي مثل هذه الحالات، تصبح إمكانية انصاف ضحية هذا الاعتداء، من طرف القضاء ضعيفة بسبب العراقيل القانونية( نتكلم دائما عن الجوانب القانونية اما الجوانب الواقعية فهي افظع بكثير) الموجودة في هذا الصدد، وهي عراقيل تتجلى في ضيق المنافذ القانونية التي يمكن ان يصل عن طريقها الضحية الى القضاء، وفي ضيق إمكانيات البحث والتحقيق والفصل التي يتمتع بها القضاء في هذا الخصوص، وتطيقا لما نقول وعلى وجه المثال فانه.

يمنع على المحاكم ان تنظر، ولو بصفة تبعية، في جميع الطلبات التي من شانها ان تعرقل عمل الادارات العمومية للدولة او الجماعات العمومية الاخرى ( الفصل 25/1 مسطرة مدنية).
يمنع على المحاكم ان تلغي قرارات الادارات  العمومية للدولة او الجماعات ( ف 25/ م م). نعم يمكن الغاء القرارات الادارية ، من طرف القضاء ولكن بشروط وقيود وضمن حدود ضيقة: فالجهة التي  يمكن ان تلغي القرار هو المجلس الاعلى فقط، ولا يمكن اللجوء الى هذا الأخير الا اذا كان القرار صادرا عن سلطة ادارية وان يكون مشوبا بعيب الشطط في استعمال السلطة ( ف 353/2 م م) . وان يقدم طلب الإلغاء بواسطة محام مقبول للترافع امام المجلس الاعلى ( ف354/1 م م). والمجلس الاعلى حتى ولو طلب منه ذلك، لا يمكنه ان يتعدى حدود الإلغاء الى اصدار أوامر للإدارة مصدرة القرار او الى الحكم عليها بالتعويض…
يمنع على المحاكم ان تبث في دستورية قانون او مرسوم ( ف 25/2 م م) .
نعرف ان ضحية أي جريمة من الجرائم ( جناية او جنحة او مخالفة) يمكنه ، في الاحوال العادية أي عندما يكون المعتدي شخصا عاديا، الوصول الى القضاء من اجل المطالبة بإنصافه في مواجهة المعتدي، يمكنه الوصول اليه: اما عن طريق تقديم شكاية الى النيابة العامة فإذا رفضت هذه الأخيرة متابعة المعتدي وحفظت الشكاية ( ف 38 م ج) أمكن للضحية سلوك احد الطريقين و هما اما تقديم شكاية الى  قاضي التحقيق مع تنصبه كمطالب بالحق المدني، واما رفع الشكاية مباشرة الى المحكمة المختصة مع المطالبة بالحق المدني في هذه الحالة ايضا( تقتصر هذه الحالة على جرائم الجنح)، وفي كلتا الحالتين ( قاضي التحقيق والمحكمة)،لا يستطيع قاضي التحقيق  ان يحفظ الشكاية والا يجري البحث فيها ولو اعترضت النيابة العامة عليها وعلى إجراء البحث فيها مطالبة بحفظها ( ف 94,93 م ج) . ومن جهة اخرى فان المحكمة المقدمة اليها الشكاية المباشرة لا يمكنها قانونا الا ان تفصل في الشكاية بمقتضى حكم  قضائي( الفصول 393.366) و 419 م ج) ان هذين الطريقين الأخيرين ( رفع الشكاية الى قاضي التحقيق او الى المحكمة مباشرة) مغلوقتان قانونا في وجه الضحية عندما يكون المعتدي احد من رجال القضاء او السلطة او الموظفين الكبار وهو ما يعرف بالامتياز القضائي. واذا كان الامتياز القضائي مرغوب فيه بالنسبة لأصناف معينة من الاشخاص، لا احتراما لذاتهم ولا حماية لهم. وانما احتراما وحماية للمراكز القانونية التي يباشرون من خلالها مهامهم الوظيفية التي من المفروض ان تكون على درجة عالية في خدمة الصالح العام، فان هذا الامتياز يجب الا يحول في أي وقت من الأوقات ولأي سبب من الاسباب دون ان يطال القانون هذا النوع من الانصاف بنفس الدرجة والصرامة، ان لم تكن اكبر من  تلك التي يطال بها الغير عندما يرتكبون فعلا يجرمه القانون ( ان القانون الجزائي قد يخفض  او يضاعف من العقوبة المنزلة على نفس الفعل الإجرامي بحسب نوعية الشخص الذي ارتكبه: حدث، راشد جنائيا، موظف او قاض او رجل سلطة ارتكب فعلا آراميا منبثقا عن المهام المسندة اليه والتي تعتبر أمانة في عنقه...) نقول يجب الا يحول هذا الامتياز دون تطبيق القانون على هذه الاصناف فيما يرتكبونه من جرائم وذلك على مستوى البحث والتحقيق والمحاكمة، وان يكون في إمكان ضحايا اعتداءات تلك الاصناف الوصول اما الى فتح تحقيق مع هؤلاء يتلوه، اذا اقتضى الأمر ذلك، احالتهم على المحاكمة، واما احالتهم مباشرة على المحكمة المختصة بموجب شكاية مباشرة مع إمكانية هذه الأخيرة (المحكمة) إجراء  أبحاث تكميلية في موضوع الشكاية من قبل احد اعضائها، او بتعبير آخر يجب ان يظل في امكان ضحايا اعتداءات الاصناف المذكورة سلوك نفس الطرق القانونية التي يسلكونها  بالنسبة للمعتمدين العاديين من اجل استخلاص حقوقهم قضايا. ان معنى ذلك ان ينحصر الامتياز القضائي الذي قد تتمتع به بعض الأصناف في النقط الآتية:

ان يقتصر الامتياز على الأفعال الإجرامية التي يرتكبونها اثناء مزاولتهم لوظائفهم.
ان يجري البحث او التحقيق معهم من طرف قاض له نفس الرتبة الوظيفية، او أعلى من تلك التي يتمتع بها المشتكي به.
ان يحاكم المشتكي بهم المتابعون من قبل محكمة مراتب أعضائها الوظيفية مساوية او أعلى من مراتب المحالين عيها.
ان  الامتياز القضائي في المغرب يتعدى هذه الحدود الثلاثة الأخيرة ليصل الى حد إمكانية الحيلولة دون حتى مجرد فتح تحقيق مع المشتكى بهم  وليمتد الى جرائم لم ترتكب أثناء مزاولة الوظيفية وهكذا.
فان أعضاء الحكومة لا يمكن ان توجه لهم التهم ولا ان يحالوا على المحكمة العليا لمحاكمتهم عما يرتكبونه من جنايات وجنح أثناء ممارستهم لمهامهم الا بمقتضى قرار صادر عن البرلمان بأغلبية ثلثي أعضائه(الفصل 82 و83 و84 من الدستور). هذا مع العلم بأنه لم يتم حتى الآن تأليف  هذه المحكمة.
يمتد الامتياز القضائي الذي يتمتع به قضاة المجلس الاعلى وعمال الأقاليم والرؤساء الأولون لمحاكم الاستئناف والوكلاء العامون للدولة، وقضاة محاكم الاستئناف وقضاة المحاكم الابتدائية والباشوات والقواد الممتازون والقواد ضباط الشرطة القضائية، نقول يمتد الامتياز لهؤلاء حتى بالنسبة للجرائم التي يرتكبونها خارج نطاق وظائفهم. ومن جهة اخرى فان الذي يقرر اجراء البحث او عدم اجرائه هو، حسب الأحوال،  اما الغرفة الجنائية بالمجلس الاعلى بناء على ملتمس الوكيل العام بنفس المجلس، والرئيس الاول لدى محكمة الاستئناف المرفوعة اليه  القضية من طرف الوكيل العام لدى هذه المحكمة ( الفصول 266- 273 م ج). ومعنى ذلك من الناحية القانونية انه ذا رأت النيابة العامة لدى المجلس الاعلى او محكمة الاستئناف ان تحفظ شكايات الضحايا  فان هؤلاء لن يمكنهم من الناحية القانونية التوجه مباشرة بشكاياتها الى الغرفة الجنائية بالمجلس الاعلى، ولا الى الرئيس الاول لدى محكمة الاستئناف. وحتى في الحالة التي تصل فيها الشكايات الى هذين الأخيرين عن طريق النيابة العامة فانهما ( الغرفة الجنائية بالمجلس الاعلى والرئيس الاول لدى  محكمة الاستئناف) غير ملزمين بإجراء البحث فيها وقرار حفظها غير قابل للطعن فيه بأية طريقة من الطرق. وقد ثبت من الناحية العملية انه منذ الاستقلال وحتى  الآن فان الأغلبية الساحقة من الشكايات التي  قدمت ضد أصناف الموظفين المتمتعين بالامتيازات القضائية ماتت في المهد عن طريق حفظها، والقلة التي فتحت فيها أبحاث، فان هذه الأبحاث كانت في أغلبيتها ادارية لا قضائية، وحتى الأبحاث القضائية اجريت في شبه السرية ولم تصل حتى نهايتها بتقرير المتابعة ثم المحاكمة والجدل القانوني القائم حاليا هو: هل الامتيازات القضائية المشار اليها تحول دون امكانية الوصول الى محاكمة الأشخاص الذين يتمتعون بها بواسطة الطرق التي تحدثنا عنا: أي اما عن طريق تقديم الضحية لشكايته كمطالب بالحق المدني الى قاضي التحقيق الذي عليه بعد إنهاء بحثه تقرير المتابعة وان يحيل المتابعين على المحكمة المختصة في نطاق الامتياز، والا عن طريق رفع الشكاية مباشرة الى المحكمة المختصة في نطاق الامتياز القضائي كذلك؟ والى حين ان يقول المجلس الاعلى كلمته في هذا الخصوص، فان الأمر يظل محتاجا الى نص تشريعي يسمح بكيفية واضحة للضحية بسلوك الطريقين المذكورين.

على مستوى كفالة السلطة المختصة بإنفاذ الأحكام الصادرة لمصلحة المتظلمين ( م7 من العهد).
ان إنفاذ الاحكام المدنية القاضية بمبالغ مالية معينة يقتضي ان تصبح هذه الأخيرة قابلة للتنفيذ لفائدة من صدرت لصالحهم طبق الأحوال والشروط التي ينص عليها القانون والتي يجب ان يخضع لها الجميع بدون تفرقة ناتجة عن المركز القانوني وطبق القواعد العامة في التشريع المغربي فان الأحكام المدنية المذكورة تصبح  قابلة للتنفيذ ضد المحكوم عليهم عندما تكون مشمولة بالنفاذ المعجل او صادرة عن محاكم الاستئناف، وان النقض لا يوقف التنفيذ الا في حالات ثلاث ( الأحوال الشخصية ، وفي الزور الفرعي، وفي التحفيظ العقاري- الفصل 361 م. م) ومع ذلك فان المشرع المغربي تدخل لفائدة الدولة وادارتها وحدها ليعرقل تنفيذ الأحكام المذكورة ضدها عند الطعن بالنقض من طرفها ما لم يقدم المحكوم له، وقد يكون فقيرا، كفالة من بنك معتمد من قبل قبلها ( الدولة) ( الفصلان 1 و2 من ظهير14/6/1944) ان ذلك يعتبر مخالفا للمادة7 من العهد.

الحق في الحياة
ان هذا الحق نصت عليه المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان، ويقتضي هذا الحق الغاء عقوبة الإعدام، فعلا نادت العديد من الإعلانات والتوصيات الدولية الصادرة من المنظمات الحكومية وغير الحكومية بإلغائها، وتشجيعا للوصول الى هذه الغاية طالبت بالتقليل من الحالات التي يمكن فيها الحكم بالإعدام او تنفيذه.
وتداعت الى الإيقاف العملي لتنفيذ عقوبة الاعدام، في انتظار تحول تشريعي يلغيها، والى اللجوء للعفو من اجل إزالتها او تحويلها الى عقوبة أخف، وتبعا لهذا الاتجاه فقد نصت المادة 6 من العهد على ان الحق في الحياة ملازم لكل إنسان، وعلى القانون ان يحمي هذا الحق … وانه لا يجوز في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام، ان يحكم بهذه العقوبة الا جزاء على اشد الجرائم خطورة.. . وانه لا يحوز الحكم بعقوبة الإعدام على جرائم ارتكبها اشخاص دون الثامنة عشرة من العمر، وعلى مستوى المعاهدات الدولية المتعلقة بإلغاء عقوبة الإعدام فان البرتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية الأوروبية الخاصة بحقوق الإنسان ينص على إلغاء الإعدام / المرتكبة في زمن السلم. وهناك معاهدتان قيد الإعداد مماثلتان الاول بروتوكل اختياري ملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الثانية: بروتوكل اختياري ملحق بالاتفاقية الأمريكية الخاصة بحقوق الإنسان.

وقد أكدت الجمعية العامة في قرار عدد 32/61 الصادر في 08/12/1977 على ان الهدف الاول الذي ينبغي السعي الى تحقيقه في ميدان عقوبة الإعدام هو الحد التدريجي من عدد الجرائم التي تجوز المعاقبة عليها بعقوبة الإعدام على اعتبار ان من المستصوب الغاء هذه العقوبة، حسب بيان مشترك صادر عن42 منظمة دولية غير حكومية معنية بحقوق الإنسان تتمتع بمركز استشاري لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة، قدم الى مؤتمر الأمم المتحدة السادس لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المنعقد بكاركاس، فنزويلا، بين25 غشت و5 شتنبر1980، فان هذه المنظمات طلبت من جميع الحكومات التي مازالت تحتفظ بعقوبة الإعدام التوقف عن استخدامها، ومن الجمعية العامة للأمم المتحدة اصدار إعلان يحث على إلغائها كليا في جميع انحاء العالم، ومن جميع المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان ان تبذل كافة جهودها على الصعيدين الوطني والدولي لضمان الغاء عقوبة الاعدام. وحسب تقرير أعدته منظمة العفو الدولية سنة1989 حول عقوبة الإعدام فان عدد البلدان التي ألغت عقوبة الإعدام لغاية نونبر88 هو35 بلدا، وعدد البلدان التي ألغت عقوبة الإعدام على الجرائم العادية فقط هو18 بلدا، وعدد البلدان التي لم تلغ الإعدام لكن لم تعدم أحدا منذ عشر سنوات او اكثر27 بلدا ليس من بينها المغرب.

- وعلى خلاف التوجهات والمعطيات المذكورة فان المغرب:
لم يلغ عقوبة الإعدام لا كليا ولا جزئيا ولا عمليا، وان كان انقص منذ سنوات والى حد كبير من تنفيذ عقوبة الإعدام.
حسب القانون المغربي، فانه يمكن الحكم بالإعدام على الحدث الذي يتراوح عمره بين16،18 سنة، اذ ان سن الرشد الجنائي هو16 سنة ( ف 514/1 م.ج).
عدد الحالات التي يمكن فيها الحكم بالإعدام  في القانون المغربي تتجاوز274 حالة يمكن استخراجها من ف:163،165،167،392،393،396،399،398،397،235،410،411،438،439،181،182،185،190،201،203،580،253369،267،463،412،474،584،591، من القانون الجنائي 144،145،151،164،170،1711،177،179،181،182،282،183،184،185،187 من قانون العدل العسكري.
-ونجد في الفصول المذكورة حالا ت كثيرة معاقب عليها بالإعدام بالرغم من ان الجرائم المتعلقة بها لم ينتج عنها وفيات او نتجت عنها وفيات ولكن نية الجناة لم تتجه الى احداثها الأمر الذي يعتبر من هذه الناحية أيضا مخالفا لمقتضيات الفصل6 من العهد الذي لا يسمح بتوقيع عقوبة الإعدام الا على اشد الجرائم خطورة.

تحريم التعذيب والمعاملة او العقوبة القاسية او اللاإنسانية او الحاطة بالكرامة.

ان المبدأ المذكور نصت عليه المادة 5 من الإعلان وأكدت عليه المادة7 من العهد وفصل فيه الإعلان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9/12/1975 تحت رقم 3452 ( د30)، وزادت في تفصيله اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من  ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللاإنسانية او المهنية الصادرة في 1984 والتي دخلت في حيز التطبيق في 26/6/78 ( حسب وثائق الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية،  فان المغرب ولغاية يناير1990 لم يصادق على هذه الاتفاقية وانما وقع عليها مع إعلانه، طبقا للمادة28 من الاتفاقية، بانه لا يعترف باختصاص لجنة مناهضة التعذيب المكلفة بإجراء الابحاث والتحقيقات حول ممارسة التعذيب في الدول الأطراف في الاتفاقية).
وحسب الإعلان والاتفاقية المذكورين ( المادة 1 من الإعلان ومن الاتفاقية) :
فان المقصود بالتعذيب أي عمل ينتج عنه الم او عناء شديد،  جسديا كان او عقليا، يتم الحاقه عمدا بشخص ما بفعل احد الموظفين العموميين، او بتحريض منه، لأغراض مثل الحصول من هذا الشخص او من شخص اخر على معلومات او اعتراف، او معاقبته على عمل ارتكبه او يشتبه في انه ارتكبه، او تخويفه أشخاص اخرين…
وحسب المواد 7،8،9،10،11 من الإعلان المتعلق بالتعذيب :
فان على كل دولة ان  تكفل النص في قانونها الجنائي على ان جميع أعمال التعذيب المعرفة في المادة1 تعتبر جرائم، وتنطبق الصفة ذاتها على الأعمال التي تشكل اشتراكا في التعذيب  او تواطؤا عليه او تحريضا عليه محاولة لارتكابه ( م.7).
ولكل شخص يدعي انه تعرض للتعذيب او غيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللاإنسانية او الحاطة بالكرامة بفعل موظف عمومي او بتحريض منه، الحق في ان يشكو الى السلطات المختصة في الدولة المعنية، وفي ان تدرس قضيته دراسة محايدة من قبل هذه السلطات ( م.8).

وعلى السلطات المختصة في الدولة المعنية، حيثما وجدت دواع معقولة الاعتقاد بان عملا من اعمال التعذيب المعرفة في المادة1 قد ارتكبت ان تشرع فورا في إجراء تحقيق محايد حتى ولو لم تكن هناك شكوى رسمية (م9).
وإذا  ثبت من تحقيق اجري بموجب المادة 8 او المادة 9 ان عملا من اعمال التعذيب المعرفة في المادة1 قد  ارتكب، تقام الدعوى الجنائية ضد المتهم او المتهمين بالجريمة وفقا للقانون القومي …  ( م.10) 
إذا ثبت ان عملا من  اعمال التعذيب او غيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية واللاإنسانية او الحاطة بالكرامة قد ارتكبت بفعل موظف عمومي او بتحريض منه، كان من حق المجني عليه الإنصاف  والتعويض وفقا للقانون القومي.

وبمقارنة ما ذكر أعلاه من مبادئ وقواعد على المستوى الدولي مع ما هو موجود في نفس الموضوع على مستوى التشريع المغربي، نجد اختلافا بنيهما كليا او جزئيا حسب التفاصيل الآتية:

على  مستوى التجريم
فان المشرع المغربي لا يجرم الا التعذيب المادي أي العنف المادي يصيب الجسم فيحدث به ألما او عناء شديدا،  اما التعذيب المعنوي الذي يحدث ألما او عناء شديدا بالعقل او النفس فلا يجرم  وبالتالي لا يعاقب عليه، ونجد تطبيقا لما نقول في تجريم أعمال العنف التي يرتكبها كل قاض او موظف عمومي، او أحد رجال او مفوضية السلطة او القوة العمومية يستعمل أثناء قيامه بوظيفته او بسبب قيامه بها، ضد الأشخاص او يأمر باستعماله بدون مبرر شرعي.

فالفضل المتعلق بهذا الخصوص وهو الفصل231 ج الذي يحيل على الفصول 401-403 ج.  لا يجرم الا العنف المادي ( الضرب، الجرح، او غيرهما من وسائل العنف او الإيذاء (fait de voies) كما ان القانون المغربي اذا كان يعاقب الشريك في الجريمة طبقا للفصل129، ج فانه لا يعاقب المتواطئ فيها كما تنص على ذلك المادة 7 من الإعلان المتعلق بتجريم التعذيب، ومن جهة أخرى فقد رأينا من خلال استعراض هذه المادة الأخيرة (7 من الإعلان) كيف ان مجرد محاولة ارتكاب العنف يجب ان تجرم  سواء كانت محاولة العنف التي خابت ولم تتم تكون جنحة او جناية،  بينما في التشريع المغربي فان محاولة الموظف ارتكاب العنف كما يتجلى من استعراض الفصول 231،401،402،ج غير معاقب عليها اذا استهدفت ارتكاب جنحة، ولا يعاقب عليها الا إذا استهدفت ارتكاب جناية في نطاق الفصل 403 ج وذلك تطبيقا للفصلين 114، 115، ج.

على مستوى تحريك الدعوى العمومية ضد الموظفين المرتكبين للتعذيب.
فقد بينا سابقا العراقيل القانونية ( بالاضافة الى العراقيل العملية ) التي تحول في التشريع المغربي دون التحريك المذكور.
وإذا كان التحريك، من الناحية العملية، لا تتم حتى في حالة تقديم الشكايات من ضحايا التعذيب، فمن المستبعد، وكما أثبتت التجربة ان يتم التحريك تلقائيا من قبل النيابة العامة كما تنص على ذلك المادة9 من الاعلان الخاص بمناهضة التعذيب.

وعلى مستوى التعويض من الدولة عن الاضرار التي تصيب ضحايا التعذيب المرتكب من الموظفين أثناء او بمناسبة ممارستهم لوظائفهم ، فإننا لا نجد نصا خاصا في هذا الخصوص شبيها بالفصل 226 ج يجعل الدولة مسؤولة مدنيا وبالتالي مطالبتها بالتعويض عن الاضرار التي تسبب فيها موظفوها عند ارتكابهم للجنايات المنصوص عليها في الفصل 225 ج وهي الجنايات الناتجة عن الأمر او عن مباشرة الأعمال التحكمية الماسة بالحريات الشخصية او الحقوق الوطنية، على ان ترجع ( الدولة) على الموظفين الجناة بما دفعته من تعويضات …

وغني عن البيان ان الموظف المرتكب للتعذيب سواء أثناء ممارسته لوظيفته او خارجها يسال مدنيا وبصفته الشخصية إزاء ضحيته وذلك طبقا للقواعد العامة المدنية ( الفصلان 77،80 من قانون العقود والالتزامات) بل اكثر من ذلك: فيما اذا كان التعذيب من قبل الموظف أثناء ممارسته لوظيفته يعتبر  خطأ جسيما، فان الدولة مطالبة بالتعويض عن الاضرار الناتجة عن  هذا الخطأ الجسيم، وذلك إعسار الموظف المعتدي وعجزه عن الأداء ( الفصل 80/2 من ق.ع. ل).

المساواة في الحقوق ( نموذج المرأة والرجل).
حسب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فان كل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق المذكورة في الاعلان دون تمييز من أي نوع ( م.2). وان الرجل والمرأة يتساويان في الحقوق لدى التزوج وخلال قيام الزوج ولدى انحلاله ولا يعقد الزواج الا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملا لا كراه فيه (10 م16 من الإعلان).

- وقد أكد العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على  هذه المبادئ الواردة في الإعلان المذكور فنصت المادة 23 منه على انه يكون للرجل والمرأة، ابتداء من بلوغ سن الزواج حق معترف به في التزوج وتأسيس أسرة، وانه لا ينعقد أي زواج الا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملا لا إكراه فيه، وان الدول الأطراف في هذا العهد تتخذ التدابير المناسبة لكفالة تساوي حقوق الزوجين وواجباتهما لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله.

وقد جاء إعلان القضاء على التمييز  ضد المرأة الذي اصدرته الجمعية  العامة للأمم المتحدة في 7/11/76 تحت رقم 2263 ( د.22) ناصا ومؤكدا على المساواة بينا المرأة الرجل في الحقوق والسياسية ( م.4) وفي الحقوق المدنية( م6) وفي التعليم ( م.9). وفي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ( م.10). وفيما يخص الحقوق المدنية، فان من جملة ما نص عليه الإعلان من مساواة في الحقوق هو: اتخاذ جميع التدابير المناسبة ولا سيما التشريعية منها لكفالة تمتع المرأة،  متزوجة كانت او غير متزوجة بحقوق مساوية لحقوق الرجل  في ميدان القانون المدني مثل الحق في ادارة الممتلكات … وحق التمتع بالأهلية القانونية وممارستها على قدم المساواة … وعلى انه تتخذ جميع التدابير المناسبة لتامين مبدا التساوي الزوجين في المركز ولا سيما ان يكون للمرأة ، سواء بسواء مع الرجل، حق اختيار الزوج، بملء حريتها وعدم التزوج الا بمحضر رضاها الحر التام، وان تتساوى المرأة مع الرجل في الحقوق أثناء قيام الزواج وعند حله ( م.6) وقد نصت المادة 2 من الإعلان على انه تتخذ جميع التدابير المناسبة لإلغاء القوانين والاعراف والأنظمة والممارسات القائمة التي تشكل تمييزا ضد المرأة، وان ينص على مبدأ تساوي الحقوق في الدستور او في القانون … وان يصار في أسرع وقت ممكن الى  تصديق الصكوك الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة والمتعلقة بالقضاء على التمييز ضد المرأة، او الانضمام اليها، والى تنفيذها على وجه التمام ( م.2).

ان جميع المبادئ المتعلقة بالمساواة في الحقوق بين المرأة والرجل والتي أشرنا الى بعضها اعلاه وردت في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي اعتمدتها الجمعية العامة بقرار 34/180 المؤرخ في 18/12/1979.

وإذا استعرضنا التشريع المغربي بخصوص المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق. فإننا نجد عدة اختلافات مع المبادئ الواردة في المواثيق الدولية بهذا الخصوص والتي أشرنا الى بعضها أعلاه، وهي اختلافات تنطوي على تمييز واضح لصالح الرجل دون المرأة والتي نورد بعضها على وجه المثال في ميدان الحقوق والمدنية.

على مستوى الارث
هناك تمييز لفائدة الذكر بحيث ان هذا الأخير ينال من متروك الهالك نصيبا اكبر من ذلك الذي تناله الأنثى من متروك الهالك بالرغم من توفر نفس درجة القرابة (على وجه المثال الحالات المنصوص عليها في الفصول 239،240،2441،242،243،244،2246، 248، من المدونة الشرعية م. ش).

على مستوى عقد الزواج واثاره
يكفي رضاء الذكر وحده لصحة عقد الزواج،  اما الأنثى فلا يكفي رضاها وحده بل يجب ان ينضم إليه رضاء ولي أمرها والذي يجب ان يكون ذكرا حتى ينعقد الزواج صحيحا … ( م الفصل 5/1/ م. ش) وللذكر ان يرفض  الزواج او يقبله لأي سبب من الاسباب وهو غير مطالب بتبرير البقاء في العزوبة او الخروج منها ولا يستطيع احد مهما كان إجباره على ان يكون  في احدى الوضعيتين المذكورتين فمصيره من هذه الناحية بيده، أما الأنثى فعلى العكس من ذلك. فرضاؤها بالزوج متوقف على قبول وليها له فان رفض زوجها  القاضي برجل يختاره هذا الأخير لها. ( ف13 م. ش)، وعكوفها عن الزواج لا يكفي لاستمرارها في هذه الوضعية اذ يمكن للقاضي ان يجبرها عليه ( ف12/4 م.ش)، ويمتاز الزوج على الزوجة بإمكانية الزواج عليها لغاية الاربع،  وبطاعتها له ( ف 36/2 م. ش) ، وبعد خروجها من بيت الزوجية الا بإذنه، وهو غير ملزم بإعطاء هذا الاخير الا إذا كانت الزيارة لأهلها ( ف 35/3 م. ش)  والمرأة مسموح لها فقط بالتصرف في مالها أي  تفويته ( ف 35/4 م. ش) دون إدارته ويؤكد هذه القاعدة الفصل 6 من القانون التجاري الذي لا يمسح للزوجة بمباشرة التجارة الا بإذن من زوجها. ومن حق الزوج على زوجته إكرام والديه وأقاربه بالمعروف ( ف 36/5 م. ش) ولا وجود لمثل هذا الالتزام على الزوج ولا يحق للزوجة العمل الا بإذن زوجها ما لم تشترط ذلك في العقد ( ف 38 م. ش).

على مستوى انحلال عقد الزواج 
ان الطلاق الذي يعني فسخ عقد الزواج إنما هو بيد الزوج وحده يستعمله  كيفما شاء وأين شاء،  وهو غير ملزم حتى بتسبيبه او تبريره ( ف44 م. ش) . اما الزوجة فليس بيدها الطلاق ( ما لم تكن اشترطته في عقد الزواج - ف44 م. ش  او تراضت عليه بمقابل مع زوجها طبق الفصل 61 م. ش) وانما بيد القاضي الذي يجب ان ترفع إليه الراغبة في الطلاق دعوى في الموضوع بما  تتطلبه هذه الدعوى من جهد  ومصاريف وطول انتظار،  والقاضي لا يمكنه ان يحكم بالطلاق الا إذا توفرت اكثر من حالة من الحالات الأربع الواردة على وجه الحصر: وهي عدم الإنفاق ( ف 53 م. ش) ، والعيب المستحكم ( ف54 م. ش)، والضرر الذي لا يستطاع معه العشرة ( ف 53 م. ش) وغيبة الزوج ( ف 57 م. ش)  والايلاء او الهجر( ف58 م. ش)…

ورغم ان المغرب عضو في الأمم المتحدة وانه تبعا لذلك يعتبر ملزما،  على الأقل من الناحية الأدبية، باعلان القضاء على التمييز  ضد المرأة الصادر في7/11/1967، وانه نص في تصدير دستور على التزامه بما تقتضيه مواثيقها من مبادئ وحقوق، فانه من جهة لم ينص في دستوره  ولا في أي قانون من قوانينه على المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق المدينة،  ومن جهة أخرى فانه لم يصادق حتى الآن على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الذي اعتمدته الجمعية العامة في 18/12/79،  ومن جهة ثالثة لم يقم بتعديل قوانينه المدنية لجعلها  منسجمة مع الإعلان المذكور.

الحق في الأمان الشخصي
على خلاف ما رأينا على مستوى المواثيق الدولية فيما يتعلق بالضمانات الخاصة بالاعتقال والبحث والتحقيق والمحاكمة وتنفيذ العقوبة( المواد 10 و9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواد 9،10،11،12،14، من العهد فإننا نجد في التشريع المغربي المفارقات الآتية :

على مستوى الاعتقال :
لا يوجد في المسطرة الجنائية، ومن خلال الفصول المتعلقة بالبحث التمهيدي ما يلزم الشرطة القضائية عند اعتقالها لشخص ان تبلغه حالا أسباب التوقيف والتهمة الموجهة اليه.
أقصى مدة الوضع في الحراسة طبقا للفصلين 68،82، هي 96 ساعة ويمكن تمديدها لمدة 48 ساعة في الجرائم العادية بإذن من النيابة العامة ليصبح المجموع144 فقط  غير قابلة للتجدد، فإذا كانت الجرائم تمس بالسلامة الداخلية والخارجية للدولة يترتب على ذلك ما يلي:

في حالة التلبس :
(68 م. ج) فانه :
يضاعف اجل الوضع تحت الحراسة،  كما يضاعف تمديده.
يمكن تجديد التمديد، وقد فسر المجلس الاعلى معنى تجديد التمديد،  بأنه تجديد يمكن تكراره اكثر من مرة الأمر الذي يترتب عليه  ان يصبح اعتقال لدى الشرطة مؤبدا.
وإذا كان النظر من اختصاص المحكمة العسكرية فان مدة الوضع تحت الحراسة تصبح 10 أيام قابلة للتجديد بدون حدود ( الفصل 3 من قانون 26/7/71).

في غير حالة التلبس (82 م ج) فانه:
يمكن تجديد التمديد الأمر الذي يترتب عليه أيضا تمشيا مع تفسير قرار المجلس الاعلى ( حكم عدد 593 س 14 في 26/5/71)، ان يصبح الاعتقال لدى الشرطة مؤبدا.
إذا كانت الجرائم من تلك التي يطبق عليها قانون 26/7/71 رقم 271 المغير والمتمم لظهير 10/11/56 المتعلق  بقانون العدل العسكري، فان قاضي التحقيق يصبح غير مقيد بمدة الاعتقال الاحتياطي المنصوص عليها في الفصل154 م. ج وهي 4 اشهر قابلة للتجديد، ولكن بطلب من النيابة العامة، وبمقتضى أمر معلل كذلك من قاضي التحقيق، ومعنى  ذلك انه في نطاق القانون المذكور  فان المعتلق يمكن ان يبقى في مرحلة التحقيق بصفة دائمة.
لا توجد جهة قضائية ( محكمة) يمكن الرجوع إليها قانونا لتفصل دون إبطاء في قانونية اعتقال شخص من قبل الشرطة او قاضي التحقيق وتأمر بالإفراج عنه دون ابطاء اذا كان الاعتقال غير قانوني.
يسمح القانون المغربي باعتقال الشخص الذي يعجز عن الوفاء بالتزام مالي،  وذلك  عن طريق تطبيق مسطرة الاكراه البدني ( ف1 من ظهير20/12/61 والفصل30 من ظهير21/8/35 المتعلق باستخلاص ديون الدولة).
في جرائم معينة، وبعضها خطير من حيث العقوبة، لا يعطى للمتهم المعتقل الوقت الكافي لاعداد دفاعه ولاختيار محاميه، وعلى سبيل المثال ان الأجل الفاصل بين توصل المتهم بالأمر بإحضاره للجلسة او الذي يتضمن وقائع التهمة والفصول المطبقة عليها، وبين تاريخ الجلسة. لا يتجاوز خمسة أيام فقط ( الفصل 14/5 من ظهير المقتضيات الجنائية الانتقالية الصادرة في 28/9/74، وفي نطاق الجرائم المتلبس بها المحالة على المحكمة  العسكرية والمشار إليها في الفصل الاول من قانون271- الصادر في 26/7/71 فان الظنين المعتقل، يمكن ان يحال مباشرة على المحكمة من طرف النيابة العامة حتى في الحالة التي تكون الجريمة او الجرائم المنسوبة معاقب عليها بالإعدام او المؤبد . وتتم هذه الإحالة  داخل اجل لا يقل عن خمسة أيام فقط تحسب ابتداء من تاريخ الاستنطاق، والظنين ملزم، داخل اليومين المواليين للاستنطاق، باختيار دفاعه وإلا عينته له تلقائيا النيابة العامة، وليس امام هذا المدافع الا ما تبقى من الخمسة أيام للاطلاع على الملف بكتابة الضبط قصد إعداد  دفاعه. وإذا أحيل الظنين على قاضي التحقيق فله اجل24 ساعة فقط، تحسب ابتداء من تاريخ المثول لدى هذا الأخير، لاختيار دفاعه والا عينه قاضي التحقيق. وعندما يحيل قاضي التحقيق الملف على النيابة العامة ، قصد الاطلاع واحالة المتهم على المحاكمة،  فانه ليس امام هذا الأخير ومحاميه الا خمسة ايام لإعداد دفاعه هي تلك الفاصلة بين توصله بالاستدعاء وتاريخ الجلسة،  وعندما يصدر حكم بالإدانة فليس امام المحكوم عليه الا 24 ساعة للتصريح  بالنقض و5 أيام لتقديم مذكرة النقض ولإيداع مبلغ الضمانة المالي عندما يكون له لزوم ( الفصول 2،5،9،11،14 من القانون المذكور) وفي جرائم الصحافة فان امام المتهم خمسة أيام فقط هي التي يجب ان تفصل تاريخ توصله بالاستدعاء عن تاريخ الجلسة لكي يعد دفاعه،  و48 ساعة فقط لكي يعلن الى النيابة العامة او المشتكي الوقائع الواردة في الاستدعاء التي يريد إثباتها والمستندات التي سيرتكز عليها والشهود الذين سيعتمد عليهم. ( الفصلان 72، 73 من قانون الصحافة الصادر في 15/11/58).

على مستوى القضاء :
على خلاف ما جاء في المواثيق الدولية أعلاه على مستوى القضاء، فان ما نجدده في القوانين المغربية في هذا الخصوص هو.
بالرغم من ان الفصل76 من الدستور ينص على ان القضاء مستقل عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية، فان هناك عدة مقتضيات قانونية لا تدعم هذا الاستقلال بل تعرقله وعلى سبيل المثال.
تفتيش المحاكم، غير المجلس الاعلى، من طرف قضاة معينين من قبل وزير العدل تكون لهم سلطة التحري والتحقق والمراقبة واستدعاء القضاة والاستماع اليه والاطلاع على جميع الوثائق المفيدة ( ف13 من 15/7/74 بشان التنظيم القضائي ).
مراقبة رؤساء المحاكم ووكلاء النيابة العامة بها للقضاة العاملين بمحاكمهم وبالمحاكم التابعة لدوائر نفوذهم ( ف16،17،18،19،20 من الظهير المذكور).
مراقبة رؤساء المحاكم لقضاة النيابة العامة ورؤساء النيابة العامة لقضاة الأحكام ( ف21 من الظهير).
هناك محاكم الجماعات والمقاطعات التي ينظمها ظهير15/7/74، فهذه المحاكم تتصف بما يلي:

لا تتمتع بالاستقلال عن السلطة التنفيذية لان حكامها لا ينتمون كلهم الى السلك القضائي ( وفق الظهير) بما يترتب عن الانتماء الى هذا السلك من ضمانات تتعلق بالتعيين والترقي والتأديب ، لان لائحة أعضاء الهيئة الانتخابية وعددهم  مائة ( ف5 من الظهير) التي يختار من بينهم الحكام ونوابهم، يساهم في وضعها ممثل السلطة الذي هو القائد او خليفة المقاطعة (الفصل1 من مرسوم 16/7/1974 المتعلق بتنظيم محاكم الجماعات والمقاطعات وتحديد اختصاصها) ولان المؤهلات القانونية التي تبنى اساسا على التخرج من الكليات والمعاهد القانونية والنجاح في مباراة ولوج المعاهد القضائية والتمرس والتدريب، داخل هذه الأخيرة على المنازعات القضائية والتخرج من هذه المعاهدة بنجاح، كل هذه العناصر هي التي تساهم في تعزيز استقلال القضاء وبما ان هذه المؤهلات غير متوفرة في حكام الجماعات والمقاطعات، فلا بد ان يكونوا مستعدين تلقائيا لتقبل التعليمات الموجهة لهم من قبل السلطات التنفيذية، ولان السلطة الادارية المحلية في علاقتها بهؤلاء الحكام تباشر عدة إجراءات تعتبر من صلب اختصاص القضاء، مثل تبليغ وتنفيذ أحكام محاكم الجماعات والمقاطعات وبإحالة محاضر الشرطة القضائية عليها … ( ف14 من الظهير).

لا يطبق حكام  الجماعات و المقاطعات على النزاع المدني والجنائي المعروض عليهم القواعد القانونية الشكلية العادية ( مثل المسطرتين المدنية والجنائية) والموضوعية ( قواعد القانون المدني والجنائي)، الأمر الذي يبعد الأحكام الصادرة عنهم على ان تكون منصفة للمتقاضين لعدم ارتكازها على مقاييس قانونية محددة، ولخلو المسطرة البسيطة التي تنظم عملها من العديد من الضمانات القانونية المعروفة ( الفصل15 من الظهير).

أحكام محاكم الجماعات والمقاطعات غير قابلة لاي طعن …
المفروض ان كل نزاع كيفما كان نوعه وطبيعته مدني او جنائي وكيفما كان مركز أطرافه لا يمكن ان يفصل فيه الا عن طريق القضاءـ ومع ذلك فان بعض النزاعات، ومنها ما يحظى بأهمية كبيرة، لا يفصل فيه القضاء، وانما السلطة التنفيذية، وعلى سبيل المثال، وفي ميدان قوانين الحريات العامة الصادرة في 15/11/1958، فان الجمعيات والأحزاب يمكن حلها بمرسوم وزاري ( الفصلان 7/4 و9 من الظهير للجمعيات)،  كما ان توقيف أي جريدة او نشرة دورية يمكن ان يتم بمجرد أمر من وزير الداخلية(ف 77/2 من ظهير الصحافة) كما يمكن منع أي جريدة او نشرة دورية لمجرد قرار من الوزير الاول ( ف77/3 من ظ الصحافة).

على مستوى ظروف الاعتقال ( النموذج السجون)
لقد رأينا أعلاه من خلال المادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية كيف يجب معاملة المحرومين من حرياتهم والمرتكزات التي يجب ان يقوم عليها نظام السجون  وهي إصلاح واعادة التأهيل (لا الإفساد الجسدي والمعنوي والانتقام …).
وقد اقر مؤتمر الأمم المتحدة الاول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المعقود في جنيف عام1955 بالإجماع القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة المسجونين، وذلك في 30 غشت وأوصى بالموافقة عليها من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي وفي 31/7/1957 وافق المجلس على القواعد النموذجية المذكورة بقرار 663 ج( د 24)، وفي 13/5/77 وافق المجلس  تحت عدد 2076( د.62) على إضافة القاعدة 95 الى القواعد الدنيا النموذجية وتنص هذه القاعدة الجديدة على تمتع الأشخاص الموقوفين او المحتجزين دون تهمة بذات الحماية التي يتمتع بها الأشخاص الموقوفين او الذين هم رهن المحاكمة او السجناء المدانون، وفي25/5/84 وتحت عدد 1984/47، وافق المجلس على إجراءات التنفيذ الفعال للقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة المسجونين ودعا الدول الأعضاء الى ان تضعها في الاعتبار، أثناء عملية تنفيذ القواعد وفي تقاريرها الدورية الى الأمم المتحدة.

ان القواعد النموذجية المذكورة، واذا اقتضى الأمر إجراءات تنفيذها، هي التي سنعتمدها للمقارنة بين بعض ما جاء فيها وبين ما هو موجود في التشريع المغربي على مستوى أماكن الاعتقال والسجون مكتفين في هذا الخصوص بظهير26/6/30 المتعلق بضبط ادارة السجون على اعتبار انه أهم قانون في هذا الخصوص، فماذا تقول القواعد النموذجية وماذا يقول الظهير المذكور؟ لنسق بعض الأمثلة.

ان ظهير26/6/1930 لا يطبق الا على المعتقلين في السجون محكومين وغير محكومين فهو لا يطبق على الموقوفين والمحتجزين لدى الشرطة، وبطبيعة الحال لا يطبق على المحتشدات والأماكن السرية الخارجة عن نطاق القانون وعن أية مراقبة عملية من قبل السلطات القضائي، فهذه الأماكن غير شرعية ويجب فتح متابعات جنائية ضد منشئيها والمشرفين عليها والقائمين على تسييرها … ومعنى ذلك ان أماكن الاعتقال لدى الشرطة  غير منظمة بأي قانون يحكمها من حيث الرعاية الغذائية والصحية والطبية والإيوائية والتعاملية الأمر الذي يعتبر مخالفا للقاعدة رقم95 من القواعد النموذجية المشار اليها.

عدم التمييز في المعاملة:
تمنع المادة 6/1 التمييز بين المعتقلين على اساس العنصر … بينما المادة 18/8 من الظهير توجب في كل محلات السجن الفصل تاما بين المسجونين الأوروبيين والأهليين …

الألعاب الرياضية:
تنص المادة21/1 من القواعد النموذجية على انه لكل سجين غير  مستخدم  في عمل بالهواء الطلق الحق في ساعة على الأقل في كل يوم يمارس فيها التمارين الرياضية المناسبة في الهواء الطلق، وتوفر تربية رياضية وترفيهية، خلال الفقرة المخصصة للتمارين للسجناء والأحداث وغيرهم ... ويجب ان توفر لهم الارض والمنشات والمعدات اللازمة على العكس من ذلك، فان المادة 23/1 من الظهير تمنع الألعاب بسائر أنواعها.

وضعية الأماكن:
تتكلم المادة9 من القواعد النموذجية وبتفصيل على الشروط التي يجب توفيرها فيها من حيث الاتساع والمعاشرة والظروف المناخية وحجم الهواء والإضاءة والتدفئة واتساع النوافذ والاستحمام والصيانة والنظافة في كل حين، ولا نجد مثلا تلك الشروط في الظهير، وكل ما هناك ان الفصل24 من الظهير يلقي على المعتقل عبء ومسؤولية نظافة البيت الصغير المسجون فيه على انفراد او المكان المعين له بمحل الرقاد العمومي …؟! !

الملابس:
تنص المواد17 و18 من القواعد النموذجية على ان كل سجين لا يمسح له بارتداء ملابسه الخاصة يجب ان يزود بمجموعة ثياب مناسبة للمناخ وكافية للحفاظ على عافيته، ولا يجوز في أي حال ان تكون هذه الثياب مهينة او حاطة بالكرامة ويجب ان تكون جميع الثياب نظيفة، وان يحافظ عليها في حالة جيدة، ويجب تبديل الثياب الداخلية وغسلها بالوثيرة الضرورية للحفاظ على الصحة، وحيث يسمح للسجين بالخروج من السجن يسمح له بارتداء ثيابه الخاصة وبارتداء ملابس اخرى لا تسترعي الانتباه .. اما في الظهير ( الفصل40 منه) فان استعمال الملابس الداخلية يحتاج الى إذن الادارة، ويسكت الظهير عن استعمال الملابس الخاصة عند الخروج من السجن ( قصد العلاج مثلا …) كما لا يستلزم تنظيف الملابس بكيفية منتظمة.

النظافة الشخصية
تنص المادة15 من القواعد النموذجية على ضرورة فرض النظافة الشخصية على السجناء وانه من اجل ذلك يجب توفير الماء لهم وما تتطلبه الصحة والنظافة من أدوات ولا نجد مثيلا لهذا النص في الظهير

الحلاقة:
تنص المادة 15/16 من القواعد النموذجية على ان السجناء يزودون بالتسهيلات اللازمة للعناية بالشعر والذقن ويجب تمكين الذكور من الحلاقة بانتظام، بينما الفصل42 من الظهير ينص على حلق لحى المحكوم عليهم الأوربيين مرتين في الأسبوع ويسكت عن هذا المقتضى بالنسبة للمغاربة الذي يعبر عنهم دائما بالأهليين (الظهير يرجع الى أيام الاستعمار ولازال العمل به جاريا ومظاهر العنصرية واضحة في عدة مقتضياته ) … وان كان سوى ( الظهير) بينهما في حلاقة شعر الرأس مرة في كل شهر…

الطعام:
تنص المادة 20 من القواعد النموذجية، على ضرورة توفر الطعام ( بصورة دائمة)، على قيمة غذائية كافية، بينما المادة37 من الظهير تسمح باللحم مرة في الأسبوع وفي أيام الأعياد …

التطبيب:
نصت المواد 22،23،24،25 من القواعد النموذجية على انه يجب ان تتوفر كل مؤسسة سجنية على طبيب على الأقل له إلمام النفسي،  وعلى طبيب للأسنان، وعلى إمكانيات في الأدوية والتجهيزات الطبية، وعلى ان السجناء الذين يتطلبون عناية متخصصة ينقلون الى سجون متخصصة او الى مستشفيات  مدينة، وعلى العناية بالحوامل وتوفير الرعاية والعلاج لهم قبل الولادة وبعدها، وعلى ضرورة الفحص الطبي عند الدخول للسجن وعلى الاستمرار في المراقبة الطبية، وعلى العيادة اليومية للمرضى الذين يشكون من الاعتلال، ورفع التقارير في هذا الموضوع للمدير، وعلى مراقبة التغذية والنظافة والأسرة ورفع التقارير بشأنها، وانه عندما يكون من المسموح به إبقاء الأطفال الرضع الى جانب أمهاتهم في السجن، فانه تتخذ التدابير اللازمة لتوفير دار حضانة مجهزة بموظفين مؤهلين…  وعلى خلاف كل ذلك، فان الظهير في فصوله من50 الى59، لا يتضمن ضرورة الإلمام بالطب النفسي، والعناية بالحوامل والرضع،  وضرورة مراقبة الطبيب لمرضاه يوميا، وضرورة مراقبة التغذية والصحة والنظافة  والمرافق الصحية والتدفئة والتربية البدنية ويكتفي في فصله59 بالقول بان الطبيب يقدم عند نهاية كل سنة تقريرا إجماليا يتعلق بحالة المساجين الصحية وبأسباب وأنواع الامراض التي أصيبوا بها.

لوازم الأسرة:
تنص المادة 17/19 من القواعد النموذجية على توفير سرير لكل مسجون مع لوازمه ومع المحافظة على نظافته، بينما الفصل 43 من الظهير ترك تحديد لوازم الرقاد للإدارة …

الانضباط والعقاب
حسب المواد28 الى32 من القواعد النموذجية فانه لا يجوز إعطاء السجين اية سلطة تأديبية  يستخدمها ضد السجناء ، وان أي سجين يرتكب مخالفة يجب إحاطته بالتهمة وتمكينه من حق الدفاع عن نفسه، وانه يحظر في العقاب - استعمال العقوبات الجسدية والزنازن المظلمة، والعقوبات القاسية او الحاطة من الكرامة، والحبس المنفرد، وان التخفيض من الطعام، كعقوبة، متوقف على فحص طبي مسبق وزيارة يومية من الطبيب للمعاقبين بهذا العقاب، وانه لا يجوز استعمال الأصفاد لتقييد حرية المعاقب ( م.33) وعلى خلاف ما ذكر، فانه حسب الظهير فانه تستعمل  كعقوبات : نزع الأطعمة لمدة ثلاثة ايام ماعدا الخبز، او نزع لوازم الفراش ماعدا الغطاء، وإغلاق النافذة، والتكبيل بالقيود والحبس المنفرد، وان الإنقاص من الطعام غير متوقف على إذن الطبيب ولا يتطلب مراقبة يومية من هذا الأخير ولا تصبح مراقبة الطبيب لازمة مرة في الأسبوع الا إذا تعدت مدة السجن الانفرادي ثمانية أيام ( الفصل 33 من الظهير).

تزويد السجناء بالمعلومات وحقهم في الشكوى:
حسب المادتين 35 و36 من القواعد النموذجية فانه عند الدخول للسجن تسلم للمعتقل معلومات حول الضوابط ويسمح لكل سجين بالتقدم بالشكوى يوميا وبالاتصال بالمفتش عند زيارته السجن،  ويرفع شكايته الى الادارة المركزية او السلطة القضائية او غيرهما من السلطات بدون مراقبة محتواها، وانه يتحتم الجواب على شكايته... اما على مستوى الظهير فلا مثيل لكل تلك المقتضيات، باستثناء امكانية رفع الشكايات للولاة  الإداريين والعدليين مع إمكانية مراقبة محتواها، وبدون ان يلزم هؤلاء الولاة بالجواب عليها  ….

الاتصال والمراسلات:
- حسب المواد 37 و38 و39 من القواعد النموذجية فانه يسمح للسجين بالاتصالات بالأسرة والاصدقاء بواسطة الزيارات والمراسلات، وبالاطلاع على الأحداث المهمة بواسطة الصحف اليومية والدورية، وبالاستماع الى الإذاعة والمحاضرات او  أية وسيلة مماثلة تسمح بها الادارة أما على مستوى الظهير، فان الزيادة مسموح بها بدون تحديد نوع العلاقة بين الزائر والمزار، اما المراسلة مسموح بها للعائلة، ولغير العالة بإذن من المدير او رئيس الحراس، وتخضع المراسلات الخارجة والواردة للمراقبة ماعدا تلك التي توجه او ترد من المحامين  ( ف32) وليس هناك نص يسمح بدخول الصحافة والجرائد والمذياع…

التعليم:
حسب القواعد النموذجية، فان التعليم يكون إلزاميا بالنسبة للأحداث والاميين ويجعل تعليم السجناء في حدود المستطاع عمليا متناسقا مع نظام التعليم العام في البلاد ( المادتان77 و78)، وتنظم في جميع السجون أنشطة ترويحية وثقافية، ولا نجد مثيلا لهذه المقتضيات في الظهير.

العلاقة الاجتماعية والرعاية:
حسب القواعد النموذجية فانه تبذل عناية خاصة لصيانة علاقات السجين باسرته، ويوضع في الاعتبار منذ بداية تنفيذ الحكم، مستقبل السجين بعد إطلاق سراحه وعلى الادارات والهيئات الحكومية او الخاصة ان تسعى بقدر الإمكان لجعل الخارجين من السجن يحصلون على الوثائق وأوراق الهوية الضرورية، وعلى المسكن والعمل المناسبين ( المواد 79 و80 و81 )  ولا نجد مثل هذه المقتضيات في الظهير.

الكتب:
طبقا للمادة 40 من القواعد النموذجية فانه يزود كل سجن بمكتبة، ويشجع السجناء على الإعارة منها،  اما حسب الظهير فان خزائن الكتب تقتصر على بعض السجون ( الفصل 60).

العمل:
حسب القواعد النموذجية ( المواد من 71/70 ) فان تشغيل السجناء يجب ألا يمكن مؤلما ويوفر تدريب مهني نافع للسجناء، وتشغيل هؤلاء يجب الا يخضع لدوافع الربح،  والتعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية يجب ان يكون وفق للقوانين الجاري بها العمل، ومدة الراحة الأسبوعية يوم واحد،  ويتمتع السجين المشتغل باجر منصف يخصص جزء منه في شراء الحاجيات، وجزء يمكن إرساله للعائلة وجزء للادخار، والاشتغال خارج السجن يكون تحت مراقبة موظفي السجن،  اما على مستوى الظهير فان السجناء يمكن تشغيلهم  في المؤسسات الاستعمارية الصناعية والفلاحية ( تمغريت ) وتعرفة الأجور تكون حسب الأحوال ( ف45) والأجرة  المتحصلة نتيجة الاشتغال تكون  وضعيتها  كالتالي:

الأجور المتحصلة من الاشتغال، داخل السجن،  بأشغال صناعية لمصلحة أرباب المصانع، يقتطع منها جزء قد يصل الى النصف، يذهب الى ميزانية الدولة، والنصف الآخر او ما تبقى  بعد الاقتطاع الاول هو الذي يختص به المسجون ليسمح له بالتصرف في ثلاثة أرباعه بينما يوفر له الربع الباقي لحين خروجه من السجن ( ف 46).
الأجور المتحصلة من الاشتغال مع المعمرين الفلاحين ( حل محلهم مغاربة) فانها تذهب كلها للميزانية ( ف 46).
المحكومون المشتغلون مع الادارة بأشغال متنوعة،  فلا يتقاضون أي اجر، وكل ما هنالك انه يمكن ترشيحهم في آخر الشهر  لنيل، مكافأة مالية يتعين  قدرها رئيس ادارة السجون ( ف49).
ويستنتج من ذلك كله ان الشغل داخل السجن انما هو بالمجان ( من الناحية العملية لا وجود لأية مؤسسات صناعية خارج السجون تشغل لحسابها السجناء)، ومعنى ذلك ان السجين لا يتوفر، داخل السجن، على أي وفر يستعمله لمصروفاته ومدخراته، وعندما يخرج  من السجن، فانه لا يحمل معه الا الأمراض المزمنة والمستقبل المظلم. 
- بقي ان نعلم بان الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 2858 ( د.26) المؤرخ في 20/12/1971 أوصت الدول الأعضاء بتطبيق القواعد النموذجية في ادارة السجون والاصلاحات، وبان ينطر بشكل إيجابي في إدخالها في التشريعات الوطنية … ومع ذلك والى حد الآن،  وبالنسبة للمغرب، لازال ظهير26/6/1930  وغيره من الظهائر والقرارات المتعلقة بنفس الموضوع. تجثم بظلالها الحالكة على السجون .
الرباط 24/09/1990
عن جريدة " التضامن " المغربية 



 *مجلة المحاكم المغربية عدد، 62، ص 9.

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : أبحاث قانونية مغربية