-->

هل يمكن اعتبار القضاء مصدرا من مصادر ملكية الشقق ؟



لقد اشارت بعض توقعات المخططين المغاربة في بداية عقد الثمانينات الى ان الخصاص في مجال السكن يتوقع ان يبلغ اكثر من مليوني وحدة سكنية خلال هذا العقد بينما سيصل لهذا الخصاص الى ربعة ملايين وحدة سكنية في بداية القرن 21 (1) .
وقد اولى واضعوا مخطط 88 - 92 الى ضرورة توفير 170.000 وحدة سكنية سنويا الى غاية  سنة  2000، الا اننا من خلال استقراء الاحكام التي تصدر بمناسبة تقديم دعوى قسمة عقار، يلاحظ انه جرت العادة لدى مختلف محاكم المملكة ان تقضي ببيع العقار  المطلوب قسمته كلما توفر لديها العلم بان هذا العقار غير قابل للقسمة العينية عموديا دون اعطاء اية اهمية لامكانية قسمته في شكل شقق.  واذا كان الخطاب السياسي  الرسمي وكذا تطلعات المجتمع المدني تسير نحو هدف واحد وهو توفير السكن لكل اسرة، واذا كانت الاحصائيات الرسمية تعترف بوجود خصاص جد مرتفع فيما يخص السكن، واكثر من هذا اذا كان  الاعلان  العالمي  لحقوق  الانسان  لسنة 1948  جاء  في  مادته  25  ما يلي : ان لكل فرد الحق في مستوى كاف من العيش لضمان صحته ورفاهيته وكذا صحة وسعادة افراد اسرته وخصوصا بالنسبة للسكن، وهو ما تم التصديق عليه في تصدير دستور المملكة لسنة 1996 بان المغرب ملتزم بمبادئ حقوق الانسان طبق ما هو متعارف عليه دوليا :

اذن فلماذا هذا النشاز بين العمل القضائي وتطلعات المجتمع المدني والخطاب الرسمي  الوطني  بل  والدولي  ؟  فاذا  كان  بالامكان  عزو  ذلك  الى غياب نصوص قانونية تمنح هذه الامكانية فان التقصير يطال جهاز الدولة، واذا كانت النصوص القانوينة متوفرة فلماذا اهمالهما ؟
و لاصلاح هذا النشاز ين العمل القضائي المغربي والاهداف الاساسية للدولة  :  اعددت هذا البحث المتواضع في محاولة لاستجلاء ضوابط تشريعية تمنح
----------------
1- الهادي مقداد السياسة العقارية ص 28
---------------
القضاء المغربي الوسائل الكفيلة باستكمال هذا النقص، ولتقريب الاشكال اورد المثال الاتي :
قد يحدث ان يتقدم احد الشركاء على الشيوع في عقار محفظ او عادي بدعوى القسمة  في  مواجهة  الشريكين الاخرين،  موضوعها عقار ذو ثلاث طبقات ولنفرض ان الخبير المعين لقسمة العقار المذكور افاد في تقريره بان العقار غير قابل للقسمة عموديا  واقترح اما قسمة العقار  افقيا في اطار نظام ملكية الطبقات او ملكية العلو والسفل حسب الاحوال او بيعه بالمزاد العلني وقسمة ثمنه بين الشركاء الثلاث بنسبة  الثلث  لكل واحد منهم، فهل يحق للقضاء ان يامر بقسمة هذا العقار قسمة عينية افقية ؟ أي  الزام الشركاء بالدخول في نظام ملكية الشقق رغم عدم وجود اتفاق بينهم بخصوص ذلك، مع العلم انه جرى العمل دائما وابدا ان يامر القضاء في مثل هذه الحالات ببيع العقار بالمزاد العلني وتوزيع ثمنه بين الشركاء اي استبعاد القسمة في اطار مليكة الشقق .
وقبل تناول موضوع البحث يجدر بنا استجلاء بعض الحلول في القانون المقارن في مبحث اولا لا خصص المبحث الثاني لموقف التشريع المغربي .

المبحث الاول : المشكل في القانون المقارن
سنرى في هذه الفقرة الحلول التي تم اعطاؤها للاشكالية في فرنسا :
ا- يكاد يجمع الفقه الفرنسي على حق القضاء في فرض ملكية الشقق في اطار القسمة العينية بل ويوصى بتعميم هذه المسطرة الى حد يجعل من النادر جدا الامر ببيع العقار بالمزاد العلني وقسمة ثمنه بين الشركاء (2) وفقط في الحالات التي يثبت فيها تقنيا ان العقار لا يقبل قسمة الشقق او الطبقات .
ب- ورغم ان بعض محاكم الاستئناف بفرنسا اظهرت عدم استعدادها لاعطاء هذا الحق للقضاء لا لزام المتقاسمين لقبول ملكية الشقق كقسمة عينية ورغم ان
------------------
2) مازو دروس في القانون المدني ج 2 رقم 1326
سفاتييه:  المجلية الفصلية للقانون المدني اعداد 1952، 1953، 1954 ص 394، 356، 130.  وج سيكي  JCP  II 1953  7399 وابلانيول وربيير الموسوعة التطبيقية للقانون المدني الفرنسي ج 7 ص 729 .
-----------------
بعض الفقه اثار مشكلة حشر مجموعة من المشاعين في ملكية الشقق الذين ربما تكون بينهم علاقات غير ودية (3) .
ج- رغم ذلك كله فان محكمة النقض الفرنسية ناصرت الراي الاول  واعتبرت الزام المشاعين بالدخول في نظام ملكية الشقق نوعا من القسمة العينية بل و قللت من اهمية وجود اجزاء مشتركة واعتبرت هذه الاجزاء مجرد تابع للملكية الفردية، واستخلصت من ذلك كله بان القسمة عن طريق ملكية الشقق من طرف القضاء هي قسمة عينية حقيقية (4) .
د- وجاء في قرار اخر لها ما يلي :
En copropriété. Chaque lot privatif assorti de tantième des droits de copropriété sur les choses communes forme un immeuble distinct (5)
بل وذهبت بعض المحاكم الموضوع الفرنسية الى ان هذا النوع من القسمة يمكن ان يفرض على المشاعين الذين قد يكون بينهم عداوة ظاهرة لان تخصيص شقة لكل واحد منهم على سبيل الملكية الفردية يستبعد معها خلق نزاعات جدية بين مختلف الملاكين (6).
 ولذلك فقد اقرت محكمة النقض الفرنسية بان القاضي له الحق في اطار دعوى القسمة ان يلتجئ الى فرض نظام ملكية الشقق كلما راى ذلك مناسبا (7) .

المبحث الثاني : المشكل في المغرب
تمهيد :
من خلاف تجربة دامت ثلاثين سنة لم اعلم بوجود حكم قضائي فرض على طالبي القسمة بخصوص عقار ما سواء كان محفظا او عاديا الدخول في نظام ملكية
------------------
3) بروكيس ملكية الطبقات ص 45 وما بعدها .
4) نقض مدني فرنسي : الغرفة المدنية الاولى مؤرخ ب 21/11/1955 منشور ب   1 . 1956 C.P ص 52.
5)  نقض مدني فرنسي : مؤرخ ب 04/02/66 مذكور ببروكس المرجع السابق ص 46 .
6) قرار محكمة الاستئناف ACEN مؤرخ ب 30/01/1963 منشور ب C.P  1963 - 1، 303 .
7) نقض مدني فرنسي مؤرخ ب 19/01/1960 منشور C.P 1961 - 1 -167 .
----------------
الشقق او نظام ملكية العلو والسفل اذا توفرت شروط هذا النظام او ذلك على الاقل بخصوص ما هو منشور من احكام قضائية ورغم ان الوضع التشريعي الواجب التطبيق بخصوص الاشكالية يفرض هذا الحل او على الاقل يسمح به كما سنرى فيما بعد، فانه لم يبلغ لعلمي اي اجتهاد قضائي اعتمد هذا الحل بدل البيع بالمزاد العلني الذي لا يخدم ولن يخدم مصالح المشاعين، ولا ينسجم مع اهداف الدولة الاجتماعية، وبما ان القانون المغربي يتوفر على نظامين للعقار يدعى احدهما بالعقار المحفظ والاخر بالعقار العادي فساتناول الاشكالية فيما يخص العقار العادي في بند اول ثم اخصص البند الثاني للوضع بالنسبة للعقار المحفظ .

اولا : بالنسبة للعقارات العادية
تمهيد :
ساتناول في هذا البند الوضع التشريعي ثم راي الفقه في نقطتين اساسيتين .
1- الوضع التشريعي :
ا- قبل حلول سنة 1966 اي قبل دخول قانون التوحيد والمغربة والتعريب حيز التنفيذ كان القانون المطبق على العقارات العادية هو الفقه الاسلامي ومنذ ثلاثة عشر قرنا خلت .
ب- وبعد دخول قانون 26/01/1965 حيز التنفيذ اي في فاتح سنة 1966 وبعد البدء في تطبيق هذا القانون انقسم الفقه في تفسير حدود تطبيق الفصل 3 منه الذي نص على ما يلي : تبقى النصوص الشرعية والعبرية وكذا القوانين المدنية والجنائية الجاري بها العمل قابلة للتطبيق لدى المحاكم الموحدة الى حين اعادة تقنينها .
قلت انقسم الفقه بخصوص ق ل ع هل يمكن تطبيقه على العقارات العادية في بعض الحالات وبالاخص ما تعلق منها بحقوق الشخصية المنصبة على عقار عادي او بعبارة اوضح تلك الحالات المنظمة والمقننة من طرف ق ل ع ام لا؟ بل وتحدث هذا الفقه عن تداخل الحدود بين كل من ق ل ع. والفقه الاسلامي فيما يخص تدبير العقارات العادية(8) : وفريق اخر ذهب الى ان ق ل ع . هو الشريعة العامة لجميع
------------------
8) عمر عزمان المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية عدد 7 .
-----------------
مناحي الحياة. وبخصوص العقار العادي يجب تطبيقه على الاثبات والبيع والشيوع والقسمة والشفعة والرهن (9) الى غير ذلك من الاوضاع القانونية. وذهب فريق اخر الى ان ق ل ع ما كان في يوم من الايام ليطبق على العقارات العادية (10) ويظهر ان الراي الواجب اتباعه هو ان للقضاء على سبيل الاختيار فقط اذا لم يجد نصا في الفقه الاسلامي ان يرجع الى ق ل ع او ان يجتهد في استنباط الحكم من مبادئ الشريعة الاسلامية وقواعدها بل ان له الحق في تطبيقه بصورة استثنائية ولو مع وجود النص في الفقه متى كان الحكم الفقهي غير ملائم للتطبيق (11) .

ت) ويظهر ان هذا الراي يجب اعتماده لكونه من جهة ينسجم مع الوضع الدستوري بالمغرب فجميع الدساتير بداء بدستور 1962 الى دستور 13/09/1996 الساري المفعول كلها تضمنت ثلاث محطات دستورية تهم الشريعة الاسلامية فقد جاء في التصدير بان المملكة المغربية دولة اسلامية كما نص الفصل 6 منه بان الاسلام دين الدولة وجاء الفصل 106 بان النظام الملكي وكذلك النصوص المتعلقة بالدين الاسلامي لا يمكن ان تتناولها المراجعة. وقد فهم الفقه الدستوري من هذه المحطات انها رسمت حدود التشريع الممكن صدوره من المشرع بالتزامه بعدم مناقضة الشريعة الاسلامية فالقانون يجب ان يكون مطبقا لشرع الله نصوصا او استنباطا او موافقا لروحه ومقاصده دون الخروج عليه او تعدي حدوده ( 12) بل ان فريقا من هذا الفقه ذهب الى ان الخطاب صريح وان جميع القوانين الممكن صدورها من طرف المشرع المغربي يجب ان تكون مستمدة من الشريعة الاسلامية (13) .
د- وعليه فان الفقه الاسلامي يعتبر الشريعة العامة لكل القوانين المطبقة بالمملكة مدنية كانت ام جنائية .
-------------------
9) محمد الكشبور المرجع السابق .
وكذا الطالب عبد الكريم مركز الفقه الاسلامي : رسالة دبلوم الدراسات العليا كلية الحقوق بالبيضاء ص 173 .
10) ابن معجوز الحقوق العينية ص 8
11) الخمليشي احمد : المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية عدد 7 ص 57 .
12) المكي الناصري مجلة الاحياء عدد 3 ص 45
13) باكو احمد مجلة المحاكم المغربية عد 43 ص 33 وما بعدها
--------------------
واذا كان ليس من حق القاضي المغربي ان يمتنع عن تطبيق قانون تشريعي بدعوى انه لا ينسجم مع الدستور باعتبار ذلك القانون مناقضا للشريعة الاسلامية او غير منسجم معها فانه ليس من حقنا القول في ظل الوضع الدستوري الحالي في حالة عدم وجود نص شرعي بضرورة تطبيق ق ل ع لانه الشريعة العامة بالنسبة لبقية القوانين .

نعم ان ق ل ع يمثل الشريعة العامة بالنسبة لمجموعة القوانين المستوردة من المغرب كالقانون التجاري والبحري والشغل اما الشريعة العامة لمجموع الفصائل القانونية المطبقة بالمغرب فهي الشريعة الاسلامية واستشهد هنا  بقول المشترق J. Deprez الذي يرى : بانه في بلد اسلامي  يكون دائما محمودا بالنسبة لقاضي   الرجوع الى الشريعة الاسلامية لاستكمال النقص الموجود في القوانين  العصرية او ان يغترف منه المبادئ المتعلقة بالنظام  العام .

د- وقد طبق القضاء المغربي هذا الاتجاه فهكذا ورد في قرار للمجلس الاعلى ان القانون المطبق اذا كان العقار غير محفظ هو الفقه الاسلامي وانه ليس هناك مجال لتطبيق الفصل 974 من ق ل ع. (14) .
وقد جاء في اخر ما يلي : لما كان موضوع عقد البيع المبرم بين الطرفين هو شراء 25 دقيقة من الماء الجاري التابع لعقار غير محفظ فانه لا مجال لتطبيق الفصل 443 ق ل ع لان قواعد الفقه المالكي هي الواجبة التطبيق في هذا المجال (15) .
وجاء في  قرار اخر ما يلي : " لما كان الامر  يتلعق ببيع عقار غير محفظ فانه يخضع في الجوهر لاحكام الفقه المالكي التي تقرر كما اشار الى ذلك الشيخ ميارة انه حتى بالنسبة لشهادة اللفيف فانه لا يلجال اليها  فيما يخص المعاملات الا عندما تدعو الى ذلك الضرورة التي يجب توضيحها .
----------------
Juris classeurs ( 14 القانون المقارن المغربي ص 1 فقرة 54 .
15) قرار عدد 261 بتاريخ 22/05/1979 ملف شرعي عدد 25900 غير منشور .
16) قرار عدد 1650 مؤرخ ب 25/07/1990 منشور بمجلة العيا رعدد 17 ص 98 .
17) قرار عدد 2956 منشور بمجلة قضاء الملجس الاعلى عدد 46 ص 32 .
--------------
وجاء في اخر بخصوص عقار في طور التحفيظ الذي يعطاه نفس الحكم ما يلي : "ان البناء والغرس في عقار في  طور التحفيظ تطبق عليه احكام الفقه الاسلامي (18) .

هـ- وبعد تبيان القانون المطبق على العقارات العادية نتساءل هل هناك نصوص شرعية تعرضت للاشكال موضوع البحث ؟
والجواب هو ان الفقه الاسلامي عرف ملكية العلو والسفل التي تماثل نظام ملكية الشقق ونظمها تنظيما دقيقا .
فقد ورد في مختصر خليل في باب القسمة ما يلي : " باب القسمة تهايؤ في زمن ومراضاة كالبيع... وقرعة … وافراد  كل نوع … وفي العلو والسفل تاويلان " واورد  المواق في شرحه على هذا النص ما يلي " جاء في المدونة : قال ابن القاسم اذا اقتسم رجلان دارا بينهما على ان ياخذ  احدها العلو والاخر السفل جاز ذلك، ابن عرفة ظاهرها قسم العلو السفل بالقرعة، اي عن طريق القضاء، وحملها ابن عمران مرة على التراضي وهو نص ابن الماهشون  ومرة على القرعة (19). كما جاء في شرح الزرقاني على خليل ما يلي : وفي جواز قسم العلو والسفل بالقرعة( اي عن طريق القضاء بناء على انها كالشيء الواحد  وعدم جوازه الا بالمراضاة بناء عليانها كالشيئين المختلفين لا يجمع بينهما في قسمة القرعة تاويلان (20).

 ومعناه ان الراي الراجح في الفقه المالكي هو اعطاء الحق للقضاء لفرض هذا النوع من القسمة وتجاوز شرط التماثل المطلوب في القسمة القضائية الذي جاء النص عليه في تحفة ابن عاصم لدى قوله : " فقسمة  القرعة بالتقويم تسوغ في تماثل المقسوم" .
لان من جملة القواعد الكلية في باب القسمة هو عدم جواز بيع العقار الا عند وجود الضرر واثباته :
فقد ورد في تحفة ابن عاصم :
ومن دعى لبيع ما لا ينقسم               لم يسمع الا حين اضرار حتم .
----------------
18) قرار عدد 304 بتاريخ 26/11/1976 منشور بمجلة المحامي عدد 3 ص 91 .
19) هامش كتاب الحطاب على خليل ج 6 ص 338 .
20) الزرقاني على خليل ج 6
--------------
و- ونستخلص مما سبق ان الراي الراجح في الفقه المالكي وهو القانون الواجب التطبيق علىالعقارات العادية يقضي باحقية القضاء في فرض نظام العلو والسفل على طالبي القسمة اذا كانت عناصر الدعوى تسمح بذلك، فمثلا اذا تقدم احد الشريكين في دار تتكون من علو وسفل بدعوى القسمة فيمكن للقاضي ان يجبرهما معا على تخصيص العلو لاحدهما والسفل للاخر عن طريق القرعة ولا تسوق الدار. وتاييدا لما سبق فان قانون المسطرة المدنية وهو قانون يطبق على جميع القضايا المعروضة امام محاكم المملكة باعتباره قانون الشكل، جاء في الفصل 259 منه  بخصوص قسمة التركة ما يلي : " يمكن للمحكمة ان تامر بالقسمة البتية اذا كان المطلوب قسمته قابل لها وينتفع كل واحد بحصته بمدرك او بدونه ولو كان هناك قاصرون ".
وتامر المحكمة اذا كان موضوع القسمة غير قابل لها ولا لانتفاع كل بحصته ببيعه جملة او تفصيلا بالمزاد العلني .."

2) : راي الفقه المغربي
والفقه المغربي الحديث ناصر هذا التوجه واجاز للقضاء ان يلتجئ الى تقسيم العقار في اطار مكلية العلو والسفل اذا كان عدد الطوابق وعدد الشركاء يسمح بذلك(21) بل واضاف بان ملكية العلووالسفل في الفقه الاسلامي هي ملكيات مفرزة متطابقة مع حقوق عينية متبادلة تتولد عنها التزامات عينية، ويعتبر كل من صاحب السفل والعلو في حكم الجيران جوارا راسيا وليس افقيا (22) ولا مفهوم في الفقه الاسلامي لكلمتي علو وسفل بل يمكن ان يكون هناك مستوى ثالث او رابع … الخ .

ثانيا : بالنسبة للعقارات المحفظة
لاخلاف في ان العقارات المحفظة يطبق عليها قانون 02/06/1915 وبطبيعة الحالة قانون 12/08/1913. ولا خلاف ايضا في ان هذين القانون لم يستوعبا جميع
----------------
21) مصطفى الجارحي المجلة المغربية للقانون المقارن عدد 1
22) مصطفى الجارحي ملكية الشقق ص 201 .
----------------
المشاكل التي يمكن ان تمس العقارات المحفظة بل هما قاصران حتى عن استيعاب الجانب العيني للموضوع فاحرى بقية الجوانب .
وعليه فالاشكال يثور حول ما هو القانون الواجب التطبيق على المسالة بخصوص عقار محفظ في حالة عدم وجود نص في القوانين السابقي الذكر ؟
وعليه يتناول في نقطة اولى الوضع التشريع وفي نقطة ثانية راي الفقه .

1 : الوضع التشريعي
يرى بعض الفقه المغربي انه عند خلو قانون العقارات المحفظة من اي حل لمشكلة تتعلق بعقار محفظ يتعين الرجوع الى ق ل ع باعتباره في نظرهم الشريعة العامة التي يجب الاحتكام لها (23). ويضيف هذا الفقه بان الفقه الاسلامي ياتي في  المرتبة الثالثة أي عند خلو ق ل ع. من أي نص ينظم  المسالة وعند ذاك يجوز الرجوع الى الفقه الاسلامي لالتماس الحل .
في حين ذهب البعض الاخر الى انه عند خلو نظام العقارات المحفظة من اي نص يحل المسالة فانه يتعين الرجوع الى الفقه الاسلامي (24) .
ويظهر ان الصواب مع هذا الراي الاخير لعدة اسباب منها :
أ- ان ظهير التحفيظ العقاري لسنة 1913 تضمن في مقتضياته الاخيرة وخاصة الفصل 106 منه المقتضيات التشريعية المطبقة على العقارات المحفظة وحددهغا حسب الترتيب التالي :

- قانون التحفيظ العقاري .
- الفقه الاسلامي الذي لا يعارض المقتضيات السابقة .
- وكان هذا الفصل ينص على استثناء وهو الى حين تقنين نظام العقارات المحفظة، وبموجب هذا النص تدخل المشرع بتاريخ 02/06/1915 واصدر قانون العقارات المحفظة، ولم يتضمن هذا القانون اي الغاء للفصل المذكور .
-------------------
23) جلال السعيد المدخل لدراسة القانون ص 330 وكذا محمد الكشبور المجلة المغربية للقانون واقتصاد التنمية عدد 7 ص 57 .
24) ابن معجوز الحقوق العينية ص 8
------------------
وقد فهم  بعض الفقه الحديث ان هذا الفصل الغي ضمنيا (25) .
الا ان الملاحظ ان الكتب القانونية التي تصدرها دور النشر الكبرى ك : Juris Classeurs marocain  والقوانين المغربية لازالت تعيد في طبعها لقوانين التحفيظ نص الفصل 106 من ظهير 12/08/1913 على اساس انه لم يلغ، كما اوزارة العدل المغربية وبمقتضى الفصل السادس من ظهير 26/01/1965 المتعلقة بمغربة القضاء وتوحيده وتعريبه والذي نص على انه يعهد لوزير العدل القيام بجميع الاجراءات الضرورية لجعل هذا القانون قابلا للتطبيق في بداية السنة الموالية لنشره اي فاتح يناير 1966 اعتبرت من جملة هذه الاجراءات تعريب القبوانين الاساسية وبالفعل تكونت عدة لجان لتعريب تلك القوانين وتكلفت لجنة فاس بتعريب القوانين العقارية وتم اصدار تلك القوانين المعربة سنة 1965 في شكل اعداد خاصة بمجلة القضاء والقانون وبخصوص قانون التحفيظ لم يتم الغاء الفصل 106 من هذا الظهير بل تمت اعادة صياغته، ويظهر ان هذا الفصل لم يتم الغاؤه الا بكيفية صريحة ولا بكيفية ضمنية نظرا للاسباب الاتية :
- كما سبقت الاشارة الى ذلك فان  ظهير العقارات المحفظة لم يستوف تنظيم جميع المشاكل المتلعقة بهذه العقاراات فلم يستوعب حتى الجانب العيني فاحرى بقية الجوانب وبالتالي فان النقص الحاصل في قانون العقارات المحفظ يستلزم بالضرورة الابقاء على هذا الفصل الذي يحدد القانون الاحتياطي الواجب الرجوع اليه عند عدم وجود نص في قانون العقارات المحفظة .
- ان الكتابين الوحيدين الذين اسقطا هذا الفصل وسلما بالغائه لم يوردا مصدر هذا الالغاء .
- ان هذين الكتابين ثبت نقل احدهما عن الاخر وان الكتاب الاصيل مجهول المؤلف لا يجوز الاعتماد عليه .
- ان كل الكتب القانونية المعتمدة الصادرة عن كبريات دور النشر اثبتت في اعادة طبعها لتلك النصوص في السنوات الاخيرة هذا الفصل دون الغاء .
--------------------
25) عبد العزيز توفيق القانون العقاري سلسلة النصوص التشريعية .
-------------------
ان القضاء المغربي استشهد بهذا الفصل في احد احكامه فقد جاء في قرار عن المجلس الاعلى عدد 304 الصادر بتاريخ 26/11/1976 ما يلي : " بناء على الفصل 106 من ظهير 12/08/1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري". 
وبناء على نصوص الفقه الاسلامي المبينة لحكم ما يجريه الشريك من البناء والغرس في الملكية المشتركة (26) وعليه ولهذه الاسباب فان الفصل المذكور لم يلغ و لا زال ساري المفعول ويتعين تطبيقه  وهو الذي ينظم المرجعية الاحتياطية او الثانوية لنظام العقارات المحفظة ويمكن صياغته بعد صدور هذا القانون الاخير كما يلي : ان العقارات المحفظة يطبق عليها قانون 02/06/1915، عند سكوته يطبق الفقه الاسلامي الذي لا يتعارض مع قانون التحفيظ العقاري .
اذن الفقه الاسلامي يعتبر القانون الثانوي او الاحتياطي ان صح التعبير بالنسبة للعقارات المحفظة وينتج عن ذلك انه بالنسبة للقسمة القضائية التي تهم العقارات المحفظة لما كان قانون 02/06/1915 لايتضمن اي تنظيم لها فانه يتعين الرجوع الى الفقه الاسلامي وهذا الاخير كما راينا سابقا بخصوص العقارات العادية اجاز للقضاء الزام طرفي دعوى القسمة عقار بالدخول في نظام ملكية الشقق وذلك بتخصيص شقة لكل شريك .

2- راي الفقه :
يرى بعض الفقه المغربي انه يجوز للقاضي ان يامر بالقسمة العينية في شكل ملكية الشقق اذا كان بالامكان اسناد شقة لكل شريك او ان يقبل عدة شركاء الاشتراك على  الشيوع في الشقة، ويجوز اسناد شقة للشريك اقل من حصته بمدرك نقدي يسلم له اضافة الى الشقة (27) ولا يؤخذ انها تترك بعض الاجزءا في حالة شيوع، فان هذا الامر مالوف يحدث حتى بخصوص بقية مساطر القسمة العينية كترك حائط مشترك او طريق مشتركة بين عدة عقارات مفرزة نتيجة قسمة عينية .
-----------------
26) منشور بمجلة المحامي عدد 3 ص 91 .
……………………(27
----------------
ثالثا : موقف القضاء
كما سبقت الاشارة الى ذلك فان القضاء المغربي واعني بهذه الكلمة قضاء الموضوع لم يقتنع بعد بوجاهة هذه الحلول .
ولعل جزءا مهما من هذه المسؤولية بخصوص هذا الموقف السلبي راجع بالاساس الى هيئة الدفاع التي لم تجرؤ على اخذ المبادرة او الخطوة الاولى للمطالبة بتطبيق هذه الحلول لا نتزاع اجتهاد قضائي قار بخصوص هذه الاشكالية خصوصا  وان قضاء النقض ببلادنا اعطى ضوءا اخضر وان كان باهتا لقابلية هذه الحلول للتطبيق بهذا البلد الامين .
فقد جاء في قرار للمجلس الاعلى عدد 2636 مؤرخ  30/10/1991 ملف عقاري عدد 3037/1989 : بعد ان تقدمت مالكة على الشياع مع مفارقها لدار تتكون من طابقين علوي وسفلي تطلب نقض قرار استئنافي  صدر عن استئنافية القنيطرة  والقاضي ببيع الدار بعلة ان قسمة التصفية هي التي تنهي النزاع مادام كل من الطرفين يتمسك بطابق معين ويريد ان يدفع المدرك للطرف الاخر وهذا الخلاف لا يرفع بالقرعة قال المجلس : ان الخبير المعين من طرف المحكمة نص في تقريره على امكانية القسمة العينية واقترح لذلك ثلاث حلول وان المحكمة لما رفضت الحكم بالقسمة العينية بعلة ان كل طرف يتمسك بطابق مع اداء مدرك وان هذا النزاع لا ترفعه القرعة مع ان هذا غير صحيح فالقرعة هي الحل المحدد قانونا لرفع النزاع في هذه الحالة … وان المحكمةة لما بتت في الدعوى على هذا النحو لم تجعل لما قضت به اساسا من القانون (28) .

الخاتمة :
يظهر من خلال ما سبق ان القضاء له الحق دائما سواء تعلق الامر بعقار محفظ او بعقار عادي ان يامر بتهيئ مشروع قسمة من طرف الخبراء اما قسمة عمودية تستجيب للتنظيمات المعمارية او عن طريق الدخول في نظام مليكة الشقق او مليكة العلو والسفل حسب الاحوال حفاظا على حق كل اسرة في السكن ومساهمة في خدمة التنمية الاجتماعية، والا يامر ببيع العقار المطلوب قسمته الا نادرا ونادار جدا .
---------------
28) توفيق عبد العزيز قضاء المجلس الاعلى في القسمة خلال اربعين سنة ص 64 .

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 86، ص 38 .
Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم :