-->

"التحكيم التجاري الدولي "


الكلمة ا لتي القاها النقيب عبد الله درميش

بسم الله الرحمان ا لرحيم.
السيد وزيرالعدل بمملكتنا
 السيد والي مدينة الدار البيضاء الكبرى
السيد رئيس مجلس عمالة انفا
السيد وزير الدولة للشؤون القانونية لدولة البحرين 
السيد رئيس المحكمة الدولية للعدل
السيد رئيس الهيئة الدولية للتحكيم
السادة اعضاء المجموعة العربية لدى الهيئة ا لدولية للتحكيم 
السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف 
السيد رئيس جمعية هيئاتىالمحامين بالمغرب 
السادة النقباء
زملائي في هيئة التدريس وفي هيئة الدفاع وفي هيئة القضاء
السادة اصحاب  مهنة المتاعب
ايها الحضور الكريم
تتشرف هيئة المحامين بالدار البيضاء بمشاركة مع الهيئة الدولية للتحكيم بان تعقد هذا  اليوم  الدراسي حول "التحكيم التجاري الدولي" ايمانا منها بما اصبح يكتسيه التحكيم من اهمية، حتى امكن اعتباره، بحق، مظهرا من مظاهر العصر وضرورة تكاد  تكون  حتمية لفض المنازعات بين اطراف العلاقة التجارية الدولية.
وان هيئة المحامين بالدار البيضاء لم تترك الفرصة، تمر، وقد سنحت باجتماع المجموعة العربية المنضوية تحت  الهيئة  الدولية للتحكيم بباريس، الذي انعقد يوم امس بمدينتنا وكان مناسبة لتبادل الراي ووضع التصورات لترسيخ المبادىء والممارسة في مجال التحكيم، وللدفع بمؤسسة التحكيم قدما الى الامام في الوطن العربي تحت كنف المنظمة العتيدة الهيئة الدولية للتحكيم التي يراسها رجل مقتدر.
وهو اجتماع هام باعتباره انه- وان كان الثاني  في التعداد - اول اجتماع لهذه المجموعة الحديثة العهد يعقد على ارض عربية.
ولاشك ان هذا ا ليوم الدراسي على هامش  الاجتماع المذكوريتميز بحضورالسيد وزير العدل وحضوررئيس هيئة التحكيم الدولية السيد "الان بلانتي" وعدد من عمالقة رجال القانون والسياسة والمتخصصين في مجال التحكيم في الوطن العربي، هؤلاء الذين سبروا اغوار مؤسسة التحكيم وادركوا مقاصده واهميته.
ايها السادة.
ان الاهمية التي اصبح التحكيم التجاري  الدولي يكتسبها بتوسع العلاقات الاقتصادية وتنوع المعاملات التجارية، تتزايد باضطراد ، وتتنامى يوما بعد يوم.
فقد اصبح المتعاملون في التجارة الدولية يعتبرون التحكيم الوسيلة المثلى لحل المنازعات في ظل عدم امكان وجود جهة قضائية دولية واحدة متخصصة، وقواعد قانونية موحدة، وفي ظل رغبة كل متعاقد في تجنب عرض النزاع على  محاكم دولة الطرف الاخر في العلاقة، اما للايمان بعدم جدوى وفعالية ذلك بسبب اخلاف النظم الاقتصادية  والمنظومات القانونية، او حتى تحت ذريعة الجهل بالنظام القانوني لهذا البلد وانعدام  الثقة في نظامه القضائي.
واصبحت عقود التجارة الدولية لاتخلو من شرط التحكيم لتسوية النزاعات وحسم الخلافات التي قد تنشا حول تفسيرها اوتنفيذها.
وهكذا اصبحت التحكيم التجاري  الدولي في العصرالحاضرضرورة يفرضها واقع التجارة الدولية فلم يعد ذلك التحكيم موضوعا اكاديميا مدرسيا يجب اظهار محاسنه كما انه لم يعد دوره قاصرا على فض المنازعات بعد نشؤها، بل اصبح دوره فعالا واداة يجب استخدامها لتفادي قيام المنازعات  اثناء مفاوضات ابرام العقود التجارية الدولية ، فاصبح اداة وقاية تضع حدا لتشككات رجال الاعمال  والمستثمرين والمقاولين والتجار، فقدم حلولا دولية عجز القضاء العادي عن تقدميها واهمية التحكيم نابعة بالاساس في تميزه بالفعالية المتمثلة في سرعة الاجراءات وقصرها ومرونتها وعدم التقيد عادة بقواعد المرافعات اوقواعدالقانون  الجامدة اذ القضاة  مشدودون الى القانون والي الالتزام بنصوصه ومحاكاة روحه، اما التحكيم فانه يقوم على قواعد العدالة والانصاف والاعتبارات العملية، فهو يحافظ على السلم بالنسبة للمستقبل، فالفضل عن طريق التحكيم يتم باسلوب  تجاري بديع يقوم على المجاملة الدولية، والاعراف المهنية وهنا تكمن اصالته.
كما ان التحكيم يعمل على المحافظة على اسرار الاطراف دون ان تسوء العلاقات التجارية المتصلة وتكمن اهميته ايضا في قابلية  القرارات التحكيمية للنفاذ بسهولة ويسر، بالاضافة الى الثقة  التي يضعها الاطراف في حياد المحكم واستقلاله وتخصصه ولمامه بدقائق التعامل التجاري من اعراف تجارية دولية وقواعد الاسواق الدولية الخبرة الفنية لان المنازعات التي تهم التجارة الدولية كثيرا من تتصل بامور فنية معقدة او تقنية عالية لاتكون في متناول القاضي، مما يبعث على الاطمئنان بان النزاع سيفصل فيه بشكل عادل ويجعل الحكم الصادر يحظى بالقبول ويسهل تنفيذه، ومن شان كل ذلك تيسير استمرار التعامل التجاري الدولي في تناسق وتناغم يفيذ التجارة الدولية.
ونظرا لهذه الاهمية ، فقد وجد المجتمع الدولي ان الحاجة تستدعي اعداد اتفاقيات متعددة الاطراف تعالج القواعد الخاصة بهذا النوع من ا لتحكيم، وذهب في ذلك اشواطا بعيدة وقطع مراحل رائدة، فاصبحت للتحكيم قواعد معروفة وقارة في المجال التجاري الدولي ومستقرة  في ضمائراطراف العلاقة  التجارية الدولية، كما اصبح له قانون نموذجي يتسم بالشمولية والصبغة الدولية واتفاقيات جماعية وثنائية، على الصعيد الدولي ، والعربي والاوربي والجهوي والاقليمي تعالج مسائله وتشعباتها.
واصبح تخصص العديد من الغرف التجارية في هذا المجال امرا ملحوظا بالاضافة الى انشاء مؤسسات وهيئات للتحكيم، تاتي في مقدمتها الهيئة الدولية للتحكيم بباريس التي اصبحت قبلة ومحجة لكل اطراف العلاقات التجارية الدولية المتنازعين وملاذا لهم بفضل نظامها المحكوم وقواعدها الاجرائية البسيطة وتوفرها على جداول للمحكمين  والخبراء من مستويات عالية- دون الاكتراث بجنسياتهم- في مختلف المجالات والتخصصات، فهي النموذج الحي والامثل لاية  منظمة تحكيمية، مما يحق لنا معه ان نعتبر هذه الهيئة لاتضاهيها ا و تنافسها  هيئة اخرى.
وبالنسبة للدول العربية فهي ليست معزولة عن العالم الخارجي، ولايمكن انكار اتساع مجالها الاقتصادي وتعدد علاقاتها التجارية مع الدول  الصناعية بالخصوص، وحرسها  على مسايرى التطور ومواكبتها لاعال التنمية وفتح ابوابها في وجه الاستثمارات الاجنبية مما فرض ان يجد شرط التحكيم  مكانه في تعامله التجاري وفي علاقاتها الاقتصادية الدولية.
وان الدول العربية لم تتخلف عن ركب التحكيم التجاري الدولي اذ م فتئت اغلب هذه الدول تعني بهذا الميدان اما على صعيد تشريعاتها الداخلية او مستوى مصادقتها على اتفاقيات التحكيم، وبصفة خاصة، اتفاقية نيويورك الشهيرة شان الاعتراف بقرارت المحكمين الاجنبية وتنفيذها (10 شتنبر 1958)، وكذلك فانها تتوفر على متخصصين  لهم باع طويل في هذا المجال ولعل الاساتذة الحاضرين معنا، هنا، لدليل على ان هذه الدول لها طاقات بشرية خلاقة ومبدعة في مادة التحكيم.
واذا كان شرط التحكيم قد ووجه في السابق  بالحذر في ظل تحفظ الدول النامية اوالسائرة في طريق النمو التي ترى فيه افتئاتا على سيادتها وتجاوزا لقضائها الوطني في مقابل الحاح الدول الصناعية على فرضه بحجة عدم الاطمئنان للقضاء المحلي، فان ضرورة التعامل  التجاري فرضته ليصبح امرا وقعا لا محيد عنه.
وان كان ما يزال الشعور قائما بان التحكيم في اغلبه يرتكزعلى اجراء ات وقوانين اوربية ومن قبل مؤسسات اوربية مما يوجب ا لعمل عل تجاوزهذا الشعور، الامر ا لذي يقتضي التركيز على دراسة كيفية اختيار المحكمين وتحديد مكان التحكيم والقانون الواجب التطبيق عل موضوع النزاع والاجراءات، وذلك من اجل تحقيق عنصرالمشاركة المتوازنة بين الاطراف في تشكيل المؤسسات التحكيمية.
وان انبثاق المجموعة العربية عن الهيئة الدولية للتحكيم، الى جانب اخواتها المجموعات الاخرى، هو خطوة هامة في طريق تحقيق ذلك تحت لواء ومظلة الهيئة الدولية للتحكيم.
وبالنسبة للمحامين - واخص محامينا- فان التحكيم التجاري الدولي يعتبراضافة نوعية لتوسعي مجال نشاط المحامي ، الامرالذي يبرز اهمية هذا اليوم الدراسي الذي نرجو ان يكون فاتحة وانطلاقا لايام دراسية وندوات علمية مقبلة هنا وهناك.
وفي الختام لايفوتني ان ارحب، مرة اخرى بالسيد وزير العدل الذي ابى الا ان يشارك في هذا  اليوم الدارسي رغم انشغالاته الكثيرة ومسؤولياته المتعددة، فهو الرجل الذي لايتردد في تلبية كل دعوة وجهت اليه بمناسبة تظاهرة ثقافية في المجال القانوني.
كما نرحب بالسيد الان بلانتي رئيس هيئة التحكيم الدولي الذي ما لبث يرعى هذه الهيئة رعاية حكمية، ونرحب بكل اعضاء المجموعة العربية المقتدرين الذين نعتبرهم من رجالات القانون الافذاذ الذين ارسوا رواسي التحكيم في البلاد العربية، كما نرحب بالسيد والي مدينة الدار البيضاء الكبرى الذي لم يترك فرصة انعقاد هذه الجلسة الافتتاحية ان تمر دون ان يكون حاضرا بيننا.
ونرحب ايضا بكل ضيوفنا الكرام الذين شدوا الرحال الى بلدنا ومنهم من اتى من اصقاع بعيدة سواء من الوطن العربي  اومن اوربا.
ونرحب اخيرا بكل المشاركين والمتدخلين الذين ولاشك سيثرون النقاش بافكارهم النيرة ومناقشاتهم الهادفة.
وفي الاخيرفانني انوه بكل من ساهم في اعداد وتهيىء هذا اللقاء، واخص بالذكرالاستاذ حميد الاندلسي العضو الفعال والنشيط في هيئة التحكيم الدولية الذي يرجع اليه الفصل بمعية رئيس الهيئة الدولية السيد الان بلانتي في ا لتفكير والاعداد لهذا اللقاء والدكتور محمد المرئيسي الذي لم يبخل علينا كعادته من معين خبرته.
حضرات السادة
في اقتناعي ان المشاركين سيساهموا بمناقاشاتهم العميقة للخروج بتصورات جديدة ، وافكار رائعة، وخلاصات مفيدة حول موضوع التحكيم التجاري الدولي خصوصا اذا انصب الاهتمام على بيان ملامح التحكيم في الدول العربية حتى نسير نحو نهج  صحيح ولايتاتى ذلك الابوضع اتفاقية دولية اكثر اتساعا تحتضن اغلب دول العالم، بدوهن تمييز، وشاملة لكل مواضييعه التحكيم وكذا السير نحو توحيد قواعد التحكيم لانه بالتوحيد يتحقق الامان.
وما ذلك على هممكم بعزيز.
والسلام  عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
النقيب عبد الله درميش


مجلة المحاكم المغربية عدد 72، 13   

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : التحكيم التجاري