-->

خصوصيات التأديب حسب قانون المهنة في المغرب



                                    
 ذ/ عبد الله درميش نقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء

ارتفعت الشعارات هنا وهناك وسادت ثقافات وبادت اخرى وكان لمهنة المحاماة، هي الاخرى ،ان تتاثر بالمناخ العام، فهذه منظمات ومؤسسات وحكومات تنادي بتخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد بالوسائل القانونية المرسومة.
وتدخل هذه الدورة التكوينية الاولى التي تنظمها  منظمتنا  في  سياق  المساعي المبذولة للقيام بالاصلاح وتقويم الاعوجاج ولفت الانتباه الا ان الساعة قد دقت وحان موعد تفعيل كل المؤسسات المهنية لتقوم بدورها على احسن وجه حتى تساهم في اعادة الاعتبار لمهنة المحاماة  التي اصبحت تلوكها الالسن وينعت اعضاؤها باقبح الاوصاف واردلها في حين ان مهنة المحاماة هي مهنة الالقاب تجتمع فيها الفضيلة  بالنبل وبالشرف وبالشجاعة .

ان منظمتنا باختيارها موضوع " مسؤولية المحامي " تكون ، بحق، حاضرة  في  قلب الحدث وفي مستوى الطموح وعلى موعد للمطالبة  بتخليق المهنة وتحديد المسؤوليات . فهاهي ترفع التحدي وتقتحم موضوعا بقي مسكوتا عنه، وكان المحامي فوق  القانون لا يناله سلطانه وهكذا يجب ان يسود الاعتقاد ان المحامي الذي يؤدي رسالته لابد، كغيره، ان يقع في هفوات واخطاء ومحاذير ترتب عليه المسؤولية باختلاف انواعها  مدنية او زجرية او تأديبية .

وقد  ارتات  اللجنة التنظيمية  ان  تسند  الي  البحث في موضوع : " خصوصيات التاديب في قانون  مهنة  المحاماة  بالمغرب "  كانها تريد ان تستخلص خصوصيات التشريعات العربية في هذا المجال سعيا منهاالى توحيد قوانين المهنة في العالم العربي الذي ظل املا يراود اتحاد المحامين العرب منذ احقاب من الزمن .
--------------
* قدمت هذه الورقة في الايام  التدريبية التي نظمتها المنظمة العربية للمحامين الشباب بسوسة بتونس من 6 الى 10 اكتوبر 2000 ، في موضوع " مسؤولية المحامي " .
--------------
 ولاستخراج هذه الخصوصيات سنقوم بقراءة عاجلة  في النصوص المنظمة للتاديب والتي تناولها المشرع المغربي في الباب السادس من الظهير رقم 1.93.162  بتاريخ 22 من ربيع الاول 1414 (10 شتنبر 1993 ) المعتبر بمثابة قانون يتعلق بتنظيم مهنة المحاماة كما وقع تغيره وتتميمه (أي من المواد 59 الى 69 مع ادخال الغاية ).

وبالتمعن في المواد المذكورة  فان المشرع المغربي قد وضع قواعد عامة وموضوعية (الفقرة الاولى) ثم قواعد مسطرية اجرائية (الفقرة الثانية) .
 وعليه فاننا سنعالج هذا الموضوع من خلال :
الفقرة الاولى  : خصوصيات التاديب من خلال القواعد العامة والموضوعية .
 الفقرة  الثانية: خصوصيات التاديب من خلال القواعد المسطرية والاجرائية.
 الخاتمة والمقترحات

الفقرة الاولى
خصوصيات التاديب من خلال القواعد العامة والموضوعية
ان القواعد الموضوعية للتاديب لها خصوصياتها فهي تخرج عن  القواعد العامة للقانون.
 وهكذا فان  العقوبات التأديبية تطال كل المخالفات للنصوص القانونية او التنظيمية وقواعد المهنة واعرافها اواخلالا بالمروءة والشرف ولو تعلق الامر باعمال تخص الحياة الخاصة للمحامي (م 59 ) (1) بمعنى ان سلطان التاديب يمتد الى كل ما 
-----------------------
 (1) انظر قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء عدد 1359 بتاريخ 3 /7 /1987 في الملف عدد 2382/86 جاء فيه : " نقيب هيئة المحامين - افادته من طرف المحامي  بما يخالف الحقيقة، مخالفة مهنية نعم - رسائل المحامي شمولها لعبارات مشينة - مخالفة مهنية - نعم - مسؤولية المحامي  عن شؤون مكتبه دون غيره نعم-- تنافي مهنة المحاماة مع التجارة - الهدف منه استقلال المهنة - نعم - تنافي المهنة - العبرة في التكييف لا بالوصف المعطى للمحامي في الاوراق لكن بما يقوم به في الواقع - نعم- كفالة شخصية لضمان دين تجاري جواز اعطائها من المحامي - عقوبة تاديبية تحديدها سلطة تقديرية لجهات التاديب - مخالفات التنافي وعقوبتها التشطيب وجوبا - نعم  .
-------------------------
  تعتبره المؤسسات اخلالا بالشرف والمروءة واللياقة والنزاهة  وهو ما يعني ان التاديب لا يخضع للقواعد العامة الماثورة (لا جريمة بدونه نص) (2) فاذا كان القانون الجنائي الجزائي يحدد الجرائم تحديدا حصريا ودقيقا، فالمخالفة التاديبية فضاؤها اوسع وتتحكم في هذا ا لفضاء السلطة التقديرية للمؤسسات ، باستثناء ما تعلق بمخالفات التنافي التي يطالها التشطيب وجوبا بنص المشرع (المادة 75) وبمفهوم اخر ان العقوبة التاديبية ترمي الى تقويم سلوك مهني معين وفرض احترام قواعد، وضوابط المهنة والسعي الى حماية المهنة، بينما القوانين الزجرية تهدف الى ايقاع عقاب على جريمة محددة من حيث الزمان والمكان وثابتة الاركان ، ومن جهة اخرى، فان ا لعقوبة التاديبية لا تمس قطعا حرية المحامي وماله .

ومن زاوية اخرى فان نطاق العقوبات التاديبية ضيق بمقارنته مع الجزائر من حيث التطبيق اذ العقوبة التاديبية تهدف الى احداث توازن في مجتمع صغير وهو قطاع المحاماة بينما الجزاءات الاخرى تسعى الى احداث توازن في كل المجتمع للمحافظة على النظام العام واقرار الحقوق واستقرار المراكز القانونية للافراد .
واذا كان قانون المهنة لا يحدد المخالفات حصرا فانه يحدد العقوبات الاصلية منها والاضافية على سبيل  الحصر.
  والمخالفة التاديبية قد تكون قائمة حتى لو لم يتصف الفعل بالصفة الزجرية او صدر حكم بحفظ الشكاية من النيابة العامة او صدر قرار بعدم المتابعة او حكم بالبراءة ، فالمخالفة التاديبية مستقلة تماما عن  الوقائع الجرمية او  الاخطاء المدنية اذ يمكن ان يوصف فعل واحد بعدة اوصاف وصف جنحي او خطا مدني والى جانب ذلك يمكن ان يوصف نفس الفعل بالمخالفة التاديبية  .

فالتاديب يهدف الى المحافظة على التوازن في المهنة للتسيير في نسق من الانضباط والامتثال من لدن اعضائها، وهو ما جعل قواعد المهنة لا تقر قاعدة "الشك يفسر لفائدة المتهم" فالشك في قانون المهنة قد يكون اساسا للمتابعة لان افعال المحامي يجب ان لا يكتنفها الشك او الغموض او لالتواء ، فالوضوح هو الذي يجب
---------------
  (2) وهو ما اكده المجلس  الاعلى في قراره عدد 201 / 94 في تاريخ 16 يونيو 1994 في الملف الاداري عدد 1054/92 منشور بقرارات المجلس الاعلى - المادة الادارية 1958-1997
---------------
ان يهيمن على تصرفات المحامي، واذا كان العكس كان المحامي موضوع شبهة وبالتالي موضوع المتابعة .
ان قواعد المهنة تتجاذبها - عند البعض - قواعد القانون الاداري وقواعد القانون المدني وقواعد القانون الزجري، وفي راينا - حسب التشريع المغربي -  فان قواعد قانون المهنة ذات طبيعة خاصة وبالتالي فانها تخضع للقواعد المنصوص عليها في قانون المهنة ، اللهم الا اذا كانت هناك بعض الاحالات .

وهنا ننتقد بشدة القرار الصادر عن المجلس الاعلى حينما اصدر حكما بايقاف تنفيذ القرار الصادر عن محكمة الاستئناف في مجال التاديب معللا ذلك بان مثل هذه القرارات هي قرارات ادارية وبالتالي فانها تقبل ايقاف التنفيذ طبقا للفصل 361 متاثرا في ذلك بالوضع في مصر .
اما المحامي الذي يمكن ان تطاله المتابعة فقد يكون المحامي المسجل في الجدول او المحامي المتمرن او المستقيل او المحامي  الحامل للصفة الشرفية او المحامي المتغاظى عنه .

الفقرة ا لثانية
خصوصيات التاديب من خلال القواعد المسطرية والاجرائية
ان قانون المهنة في المغرب له عدة خصوصيات في قواعد الشكل انطلاقا من المتابعة (1) الى صدور المقرر التاديبي (2) وانتهاء بالتنفيذ (3)
1) من بين مستجدات قانون المهنة الحالي ان المشرع  سحب صلاحيات المتابعة من يد النقيب ومنح ذلك لمجلس الهيئة اذ لم يعد من حق النقيب تحريك المتابعة (الفقرة 2 من الفصل 95) بل اوجب عليه المشرع في الفصل 65 ان يعرض على المجلس كل شكوى او تظلم داخل اجل 15 يوما من تاريخ تلقيها.
اما اذا تعلق الامر بتاديب النقيب او عضوين من المجلس ، فان المتابعة تقدم الى محكمة  الاستئناف وذلك من طرف الوكيل العام للملك تلقائيا او تبعا لشكوى توصل بها  (المادة 69)، بمعنى ان  المتابعة موكولة الى الوكيل العام للملك وحده واذا كانت هناك جهة اخرى ترغب في المتابعة فعليها ان تقدم الشكوى الى الوكيل العام للملك بهذا الخصوص .

هذا فالى جانب المجلس الذي يعتبر الجهة الاصلية للقيام بالتاديب فانه يجدر التذكير بالخصوصية التي اتى بها المشرع المغربي في الفصل 341 من قانون المسطرة المدنية والذي يخول لمحكمة الاستئناف الحق في اصدار عقوبات تاديبية بالانظار اوالتوبيخ اوالايقاف عن مزاولة المهنة لمدة لا تتجاوز شهرين او ستة اشهر في حالة العود في نفس السنة، اذا  صدرت من المحامي اقوال تتضمن سبا او اهانة او قذفا .

وتجدر الملاحظة ان هذه الخصوصيات خاصة بمحكمة الاستئناف اما اذا تعلق الامر بالمحاكم الابتدائية، فان رئيس الجلسة يحرر محضرا بذك ويبعث به الى  نقيب الهيئة لاتخاذ ما يجب.    
ويتعين على المجلس تعيين احد اعضائه مقررا لاجراء البحث مع المحامي المعنى وبعدها  يستمع الى نتيجة البحث ويصدر المجلس مقررا بالحفظ او متابعة  المحامي خلال شهرين مع ضرورة تبليغ المقرر الصادر الى كل من المحامي المشتكى به والى الوكيل العام للملك والى المشتكي .

ويكون قرارالحفظ قابلا للطعن بالاستئناف من المحامي ومن الوكيل العام للملك دون المشتكي، اما قرار المتابعة فهو غير قابل لاي طعن .
وبعد عرض مقرر حفظ على محكمة الاستئناف فانها تصدر قرارها بالتاييد او بالغاء مقرر الحفظ دون ان تتصدى اذ تصرر باحالة الملف من جديد على المجلس ليواصل الاجراءات الموالية للمتابعة .
وهكذا يتضح ان محكمة الاستئناف خروجا عن القواعد العامة  في التقاضي لا تملك صلاحية التصدي رغم ان التصدي يعتبر وجوبيا امام محكمة الاستئناف اذا توفرت شروطه .

فتحريك المتابعة ضد المحامي تمر بعدة مراحل ، المرحلة الاولى لا تخضع لاية شكليات اذ ليس من الضروري الاستماع الى المعني ، وبعدها تليها مرحلة اخرى، هي ان المجلس يقوم بتكييف الوقائع حسب المخلافات التي يرى المجلس ان المعني بالامر يكون قد ارتكبها مع وصفها قانونا .

ويلاحظ ان المشرع في المادة 66 يلزم المجلس بتكييف الوقائع واصدار امر بالاستدعاء الى المجلس التاديبي بعد ان يكون قد حرك المتابعة دون أي اجراءات اخرى.
الا ان مجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء زيادة في الضمانات وحماية لحقوق المحامي فقد وضع مرحلة اخرى بعد اجراء المتابعة وهي مرحلة اجراء تحقيق يقوم به احد اعضاء المجلس ثم تعرض نتيجة التحقيق على المجلس وعلى ضوء المناقشات يقع التكييف والاستدعاء الى المجلس وهو ما يقضي به الفصل 125 من النظام الداخلي للهيئة .

وفي هذ ه المرحلة يتعين استدعاء المحامي المشتكى به الى  التحقيق  ليكون ا لتحقيق حضوريا مع ضم كل الشكايات لتطهيرها ولتطبيق مبدا دمج العقوبات .
ومن الخصوصيات في هذه المرحلة ان المجلس له وظيفة مزدوجة فهو الذي يحرك المتابعة ويصدر المقرر التاديبي، كما ان هذه المرحلة تتميز بازدواجية البحث والتحقيق مع المحامي المشتكى به قبل الاستماع اليه من طرف المجلس أي ان هذه المرحلة تتميز بعدة ضمانات كتلك التي توفرها مؤسسات التحقيق اما م القضاء العادي واكثر .

2) بعد هذه المرحلة  التمهيدية للمحاكمة فان قانون المهنة يتميز بكفالة وضمان حقوق الدفاع على مستوى كبير قد لا نجده في المحاكمات العادية اذ يجب تبليغ المحامي المتابع  بالاستدعاء الى المجلس التاديبي وفق شكليات دقيقة يجب ان تتوفر في ا لاستدعاء تحت طائلة بطلانه ومنها عل الخصوص الاجل الكافي بين تاريخ التوصل وتاريخ الجلسة التاديبية بحيث يجب ان لا يقل على 15 يوما كما يستوجب ان يتضمن الامر بالاستدعاء الوقائع المادية المنسوبة الى المحامي وتكييفها ووصفها القانوني ويوم وساعة ومكان انعقاد المجلس مع تضمين الاستدعاء الاشعار باختيار احد الزملاء لمؤازرته وان لهما الحق في الاطلاع على الملف واخذ نسخة من وثائقه قبل الجلسة، وان تقع المحاكمة بحضور المحامي المتابع وفي جلسة غير علنية، مما يكتسي العمل المهني من سرية، وزيادة في الضمانات فان الفصل 127 من النظام الداخلي لهيئتنا يشترط توفر الاغلبية المطلقة لاعضائه يكون انعقاد المجلس صحيحا .
ونرى من جهتنا، في حالات التاديب ، ان لا يقع الاكتفاء بالنصاب القانوني بل يجب السعي الى حضور كافة اعضاء المجلس بقدر الامكان زيادة في الضمانات، خصوصا اذا كان الاتجاه في العقوبة يسير نحو التشطيب اوالايقاف.

ويتضح من ذلك ان المشرع يلح بقوة على احترام حق الدفاع والامر بذيهي لان حق الدفاع يعلو كل الاعتبارات وهو ما كده القضاء في ا كثر من مناسبة (المجلس الاعلى قرار عدد 211 بتاريخ 22 /11/1986 ملف اداري عدد 85/7079 مجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 40، دجنبر 1987 ) .

3) اما المرحلة الاخيرة فهي التي تناقش فيها القضية امام  المجلس اذ بعد تلاوة تقرير المحقق فان المجلس يستمع الى المعني بالامر في ايضاحاته واوجه دفاعه ويمكن اجراء بحث تكميلي اذا قامت اسباب تبرر ذلك وتجري المداولات ابتداء من احداث عضو بالمجلس وانتهاء بالنقيب .

وتحمل طريقة ا لتداول في تضاعيفها ضمانات للمحامي المعني  اذ الاستماع الى الاحداث ومرورا بباقي الاعضاء حسب ترتيبهم في الجدول وانتهاء بالنقيب يجعل الاعضاء الحديثي العهد بالمهنة لا يتاثرون باراء زملائهم القدامى .

اما عن العقوبات التي يصدرها المجلس فهي محددة على سبيل الحصر منها عقوبات  اصلية  وهي الانذار والتوبيخ والايقاف عن ممارسة المهنة  لا تزيد عن ثلاث سنوات والتشطيب من الجدول او من قائمة التمرين او سحب الصفة الشرفية ، وفضلا عن هذه العقوبات فان ا لمشرع اجاز ان تكون العقوبات الاصلية الثلاث الاولى مقرونة بعقوبة اضافية وهي تعليق منطوق المقرر التاديبي بكتابة الهيئة لمدة ترك المشرع للمجلس ان يحددها ويمكن ان نضيف عقوبة اضافية اخرى وهي حرمان المحامي الذي صدرت في حقه عقوبة تاديبية من الترشيح للانتخابات المهنية منصب ا لنقيب او العضوية (المادة 84 بعد تعديها لقانون 93.39 ) .

ولما كانت هذه العقوبة - تجاوزا - لها اثر خطير وهي حرمان المحامي من  التنافس على منصب النقيب او العضوية فان المشرع قد خفف من حدة هذا الجزاء حينما اقر لاول مرة (قانون 96/39) مسطرة رد الاعتبار للمحامي الذي صدر في حقه  مقرر تاديبي نهائي بالانذار والتوبيخ بعد  انصرام اجل ثلاث سنوات .

ومن الخصوصيات التي استحدثها المشرع المغربي في القانون 1993 هو امكانية  اقران عقوبة الايقاف والتشطيب بالتنفيذ المعجل في حالة الاخلال الفادح بالقواعد المهنية وهو تنفيذ معجل يجب ان يكون مبررا ومعللا لانه ليس تنفيذا معجلا بحكم القانون، وبالتالي فان هذا التنفيذ  المعجل يمكن ايقافه بطلب من المعني بالامر من لدن غرفة المشورة لدى محكمة الاستئناف عند الطعن في المقرر .

 ومن التدابير الاحترازية التي اقرها المشرع المغربي  - وهو تدبير قريب الى عقوبة تاديبية - هو امكانية مجلس الهيئة عند اجراء متابعة جنائية ضد أي محام لاسباب مهنية اصدار مقرر معلل بمنع المحامي من ممارسة المهنة مؤقتا .

 ولما كان هذا التدبير يتسم بالطابع الاستثنائي فان المشرع قد وضع عليه شروطا وقيودا وهي ان تكون المتابعة تنسحب على الشان المهني وان تكون هناك ضرورة قصوى للالتجاء الى هذا التدبير الاحترازي كما ان المنع يكون مؤقتا فقط ويزول بقوة  القانون - ودونما الحاجة الى اية شكليات وحتى بدون طلب من المعني - بمجرد البت في الدعوى العمومية لفائدة المحامي المتابع -(م64) . اما عن طرق الطعن فان المقرر التاديبي يقبل الطعن بالاستئناف خلال اجل 15 يوما من التبليغ امام محكمة الاستئناف وهي تنعقد بغرفة المشورة مشكلة من ثلاثة قضاة وبحضور النيابة العامة وكاتب الضبط .

ويملك هذا الطعن المحامي المؤدب والوكيل العام للملك بحيث لا يحق لمن كان مشتكيا اعمال هذا الحق لانه ليس طرفا في المقرر التاديبي .
ويخضع هذا الاستئناف للقواعد العامة في قانون المسطرة المدنية بحيث يجب ان يقدم بمقتضى مقال مكتوب وتمم مناقشة القضية  بحضور النقيب والمحامي المعني ومؤازره الذين يستمع اليهم في ملاحظاتهم ، والنيائة العامة التي تدلي وجوبا بملتمساتها الكتابية ، ويكون القرار الصادر عن محكمة  الاستئناف قابلا للطعن بالنقض من كل ذي صفة  طبقا للقواعد العامة في قانون المسطرة المدنية.
ويلاحظ  هنا المشرع المغربي لم يستجب لمطالب جمعيات هيئات المحامين بالمغرب التي طالما تنادي بان تتشكل الهيئة التي تبث في الاستئناف من قضاة ونقباء او محامين لان اهل مكة ادرى بشعابها.
واما تنفيذ المقرر التاديبي فيتم بواسطة الوكيل العام للملك الذي يخبر النقيب بالشروع في تنفيذ المقرر التاديبي وبعد هذا الاشعار يقوم النقيب في حالة الايقاف بتعيين مسير او اكثر لتسيير المكتب خلال هذه الفترة وفي حالة التشطيب  يعين مصفيا او اكثر لتصفية المكتب . وتمتاز هذه المرحلة  بان تعيين المسير او المصفي  لابد ان يحضى بموافقة النقيب .

الخلاصة:
بعد هذه العجالة، نرى بان قواعد التاديب في قانون المهنة عموما لا تفتقر الا الى تفعيلها من طرف المؤسسات بالكيفية المطلوبة، حتى  نكون في مستوى ورش اصلاح القضاء كما نسجل باسف ومرارة  ان بعض مجالس الهيئات لا تقوم بدورها كما يجب  في مجال التاديب ،  بل ان هناك شبه تعطيل لهذه  المؤسسة التي في حقيقة الامر هي درع واق للمهنة .

ونرى ان خصوصيات التاديب في قانون المهنة بالمغرب لا تحتاج الى المعالجة بقدر ما تحتاج  الى التطبق السليم وبكل مسؤولية وشجاعة دون أي تردد في استئصال الاورام الخبيثة وطرد الطفيليات التي تتنكر للقسم المهني .

وفي الاخير اننا لا نرى أي مبرر لاسناد التاديب، ولو بصفة استثنائية، الى  القضاء في اطار مقتضيات  الفصل 341 من ق.م.م لان مؤسسات التاديب قائمة  بكل مقوماتها  ولكونها هي الكفيلة  بالقيام بالتاديب .
كما ندعو المشرع الى اعادة النظر في تشكيل الهيئة ا لقضائية التي تبث في مقررات التاديب كدرجة ثانية فيجعلها مختلطة بين المستشارين والمحامين .

                                                                                                                                                                  النقيب عبد الله درميش.                                                                                        
مجلة المحاكم المغربية، عدد 85، ص 23
Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم :