-->

خبرة - طلبها لتحديد مصدر وسبب الجروح والتعذيب - نعم. نصب وسرقة - ثبوتهما بمجرد الاعتراف امام الضابطة القضائية - لا. احتيال - عناصره.

محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الغرفة الجنحية
القرار رقم 9201 - بتاريخ 7/12/1989 - ملف جنحي تلبسي عدد 10750/11137/89



لما كان الثابت من وثائق الملف ان الضنين تشبث امام المحكمة الابتدائية وامام محكمة الاستئناف، بان اعترافه كان تحت الضغط والاكراه حيث جرى تعذيبه لدى الضابطة القضائية، وكشف عن اثار جروح بادية على معصميه وعاينتها المحكمة، ولما كان الجرح لم يندثر بعد، فان المحكمة الابتدائية لا يمكنها ان ترفض طلب الخبرة المقدم من طرف الظنين في هذا الشان، ويبقى لها كامل الحق في اعمال سلطتها التقديرية بعد انجازها.
للادانة من اجل جرائم السرقة والنصب يجب توفر الدليل المقنع، كالشهود والوثائق والمشتري للمسروق اما ان كان المحضر خاليا مما يفيد استماع الضابطة للضحايا، وتعذر ذلك بالتالي على المحكمة، ليتاتى لها مواجهة الظنين مع الضحايا، كما، ان التحقيق مع الظنين حول الاشخاص الذين اشتروا منه البضاعة المدعى اختلاسها، اذا تعذر، فان اعترافات الظنين امام الضابطة القضائية تبقى غير مقنعة لاصدار حكم بإدانته.
 ان مجرد ادعاء المشتكي بان الظنين تسلم منه مبلغا من المال لانشاء معمل بينهما، لا يكون في حد ذاته عنصر الاحتيال، متى تعلق الامر برجلي اعمال يفترض فيهما الحذق وتقدير العواقب.

باسم جلالة الملك
بناء على الاستئناف المقدم من المتهم والمسجل لدى كتابة الضبط بتاريخ 17/11/1989 ضد الحكم الجنحي الصادر في المحكمة الابتدائية بانفا بتاريخ 5/11/1989 تحت رقم 4/1585 والقاضي على المتهم بسنة وثلاثة اشهر حبسا نافدا وغرامة نافذة قدرها 1000 درهم.
وبالمصاريف مع الاجبار البدني لادانته بجريمة السرقة والنصب المنصوص عليها في الفصلين 505 و540 من القانون الجنائي.
فرفعت القضية الى محكمة الاستئناف للنظر فيها في جلسة 30/11/1989 بعد استقدام المتهم المذكور من السجن المدني، فاحضر مؤازرا بدفاعه.
وبعد ان سئل المتهم عن هويته واخبر بالتهمة الموجهة اليه وتلا المستشار السيد محمد المريصاني تقريره في القضية واستنطق المتهم من طرف الرئيس عن التهمة المنسوبة اليه.
وعرض المتهم دفاعه.
وكان المتهم اخر من تكلم فاخرت القضية للمداولة الى جلسة 7/12/1989.

حيث اصدرت المحكمة الحكم التالي:
ان محكمة الاستئناف وهي تقضي متركبة من نفس الهيئة التي ناقشت القضية وحجزتها للمداولة.
بعد سماع التقرير الشفوي وملتمسات النيابة العامة، وبعد سماع اقوال المتهم ووجه للدفاع عنه وبعد الاطلاع على اوراق الملف وعلى الفصلين 349 و426 من قانون المسطرة الجنائية.
فشكلا: 
حيث ان الاستئناف المقدم من طرف المتهم جاء على الصفة والكيفية المنصوص عليهما قانونا وداخل الاجل القانوني مما يتعين معه قبول شكلا.

وموضوعا:
حيث تتلخص الوقائع حسب محضر الضابطة القضائية عدد 2689 بتاريخ 1/11/1989 لأمن البيضاء انفا ان السيد سفير المملكة المغربية بساحل العاج كاتب السيد والي البيضاء في شان شكايتين تقدم بهما كل من بيسا بريزو بيير، وكوفي كوادير، ومما جاء في كتابه الذي احيل على السيد المدير العام للامن الوطني بالرباط والذي امر بفتح بحث ان الظنين اعلاه الحداوي احمد كان يشتغل لدى المسمى كوفي كوادير بمعمل لصنع الاحدية، وعمد الى بيع عدة ادوات للعمل ومواد مخصصة لانتاج الاحذية وحول مدخولها لحسابه والذي يقدر ب 10.000.000 فرنك افريقي، أي ما يعادل 260.000 درهم كما احتال على المسمى بيسا بيريزو بيير اذ وعده بانشاء معمل خاص مشترك بينهما وتسلم منه مبلغ 53000.00 فرنك افريقي أي ما يعادل 130.000 درهم الا انه استغل الفرصة وهرب الى المغرب.

وعند الاستماع الى الظنين من طرف الضابطة القضائية صرح انه فعلا كان يعمل بمعمل المسمى كوفي كوادير منذ سنة 1983 وقام بنقل عائلته معه الى ساحل العاج، واصبح يتقاضى اجرا قدره 35000.000 فرنك افريقي، الا ان هذا المبلغ حسب ذكره لم يعد ينفع لمتطلبات عيشه فاخذ يسرق مشغله اذ يبيع قدرا من البضاعة فيصرح بقدر اقل وكل ما حصل عليه يقتسمه بالتساوي مع المسمى بيسا بريزو، وفي غضون سنة 1989 عمد الى بيع مواد مخصصة لصنع الاحذية وقوالب قديمة استولى على محصولها.
كما اعترف بانه سبق بان اتفق على المسمى بيسا بيير بريزو على انشاء معمل خاص بهما وتسلم منه مبلغ 5000.000 فرنك افريقي وفر الى المغرب.

وحيث توبع الظنين وادين بالافعال المشارة بها في منطوق الحكم استنادا الى اعتراف الظنين واقتناع المحكمة بان جنحة السرقة والنصب ثابتة في حق الظنين.

وحيث استانفه الظنين وعرض على محكمة الاستئناف بجلسة30/11/1989، وحيث اوضح الظنين في وجه استئنافه بانه ينفي ما نسب اليه، وان المشتكي اراد من الظنين ان يعمل معه غصبا وعندما رفض هذا الاخير قام المشتكي كوفي باتهامي، وصرح الظنين بانه ذهب مع كوفي الى ايطاليا لشراء الات حديثة لصنع الاحذية، وصرح كذلك بانه لا يقم بسرق بعض الادوات المخصصة للاحذية.
وحيث ان السيد نائب الوكيل العام للملك اكد ملتمسه الرامي الى تاييد الحكم.

وحيث صرح الدفاع بان المسمى كوفي يتوفر على محل في ساحل العاج وان الظنين كان يعمل عنده لمدة 6 سنوات ولاسباب شخصية غادر الظنين ساحل العاج وقدم الى المغرب، وقد تعرض الظنين للعنف والاكراه من طرف الضابطة القضائية، وقد التمس باجراء خبرة طبية على الضرب الذي تعرض له موكله من طرف الضابطة القضائية وقد انتزع منه الاعتراف، وصرح بان المشتكي صرح باعتراف يتناقض مع ما جاء في المحضر المضاف الى النازلة والتصريح بالبراءة.

فحجزت القضية للمداولة لجلسة 7/12/1989 وبها صدر القرار التالي:
حيث ان الظنين الحداوي احمد انكر الفعل المنسوب اليه امام المحكمة وامام النيابة العامة متراجعا عن اعترافه امام الضابطة القضائية بما نسب اليه، وحيث ان بالرجوع الى وثائق الملف يتبين ان المشتكي ( كوفي) و (بيسا) يتهم الحداوي احمد الذي كان يشتغل لحسابه ببيع  ادوات المعمل والمواد المخصصة لانتاج الاحذية واشياء اخرى وتحويل مدخولها لحسابه الخاص وقدر الضرر الذي اصابه في 260.000 درهم.

وحيث ان الظنين ودفاعه صرحا امام المحكمة ابتدائيا واستئنافيا ان اعترافه كان تحت الضغط والاكراه حيث جرى تعذيبه لدى الضابطة القضائية وكشف عن اثار جروح بادية على معصميه وعاينتها المحكمة.
وان المحكمة الابتدائية لم تستجب لطلب الخبرة لتحديد تاريخ تلك الجروح وسببها، لان اسباب ذلك لن يحدده الا خبير مختص.
وحيث ان قاضي الدرجة الاولى وان كان قد اجاب على هذا الطلب علما بان لها كامل الحق في اعمال سلطتها التقديرية في الخبرة بعد انجازها.
وحيث ان محضر الضابطة لا يحتوي على ان الضابطة استمعت الى الضحايا اما مباشرة او عن طريق الانتداب وعللت الضابطة بانه تعذر عليه ذلك.
وحيث ان المحكمة بدورها تعذر عليها الاستماع الى الضحية ومواجهته مع الظنين.
وحيث انه لم يقع التحقيق مع الظنين حول الاشخاص الذين اشتروا منه تلك البضائع التي ذكر انها مخصصة للانتاج كما انه لم يرد في اية وثيقة ذكر لهؤلاء الذين  باع لهم ولا على لسان الظنين اثناء استنطاقه.
وحيث انه لم يقع الادلاء باية وثيقة تثبت الاتفاقية على انشاء معمل بينهما ولا على كون الظنين تسلم منه الضحية مبلغ 5000.000 فرنك افريقي.

وحيث ان مثل هذه الاتفاقية ان تمت فهل هي تكون جريمة النصب بين رجلي اعمال يفرض فيهما الحذق وتقدير العواقب مما ينتفي معه عنصر الاحتيال؟
وحيث انه في مثل جرائم السرقة والنصب يجب توفر الدليل المقنع، الضبط - الشهود - الوثائق… المشتري للمسروق … الخ لكي يتعزز الاعتراف لدى الضابطة القضائية الذي وقع التراجع عنه من طرف الظنين.

وحيث ان اعترافات الظنين امام الضابطة القضائية والحالة ما ذكر تبقى غير مقنعة ولا كافية لثبوت تهمتي السرقة والنصب في حق الحداوي احمد مما يتعين معه الغاء الحكم المستانف لعدم مصادفته للصواب والحكم تصديا ببراءة الظنين من المنسوب اليه وترك الصائر على الخزينة العامة.

لهذه الاسباب
حكمت المحكمة حضوريا ونهائيا.
في الشكل: 
بقبول الاستئناف
في الموضوع:
بالغاء الحكم المستانف والحكم تصديا ببراءة الظنين الحداوي احمد من المنسوب اليه وترك الصائر على الخزينة العامة.
هذا ما حكمت به محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في نفس اليوم والشهر والسنة اعلاه في جلستها العلنية المتركبة من السادة:
1) محمد المريصاني  رئيسا
2) محمد اعمرشا  مستشارا
3) محمد اوغريس  مستشارا
4) وبمحضر السيد مصطفى الزواغي  الوكيل العام للملك
5) وبمساعدة السيد شهير عز الدين   كاتب الضبط

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 61، ص .143  

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : اجتهادات قضائية