-->

التقييد الإحتياطي في التشريع العقاري المغربي


يلعب التقييد الاحتياطي دورا هاما في حماية الحقوق غير القابلة للتسجيلات النهائية لأسباب مختلفة مثل كون الاتفاقات المنشئة لها لم تحرر على الشكل المتطلب قانونا أو لم تستكمل بعد بعض أركانها أو شروطها الشكلية أو الموضوعية أو قد يكون مالك العقار قد صدر عنه عقدان اثنان ببيع العقار لشخصين مختلفين أو في حالة طلب تسجيل إراثات متضاربة.في مثل هذه الحالات وغيرها وهي كثيرة يرفض المحافظ على الأملاك العقارية تسجيل الحقوق العينية ولا يمكن مواجهة هذا الرفض إلا بواسطة التقييد الاحتياطي الذي بواسطته يقع إشهار أولي وتحفظي للحق المزمع تسجيله بعد رفع الإشكال الحائل دون التقييد حاليا، ولقد صاغت محكمة الاستئناف بالرباط في قرارها المؤرخ ب 3/11/1934 دور التقييد الاحتياطي بالرسم العقاري هو المحافظة المؤقتة إما على حق موجود لكن منازع فيه وينتظر من القضاء أن يعطي كلمته فيهن وإما حق تعذر استكماله لتأخر توفره على شكلية من الشكليات (2).

ودور التقييد الاحتياطي لا يقتصر على ما ذكر أعلاه، بل أمام السلطات الهامة والواسعة الممنوحة للمحافظ في ميدان مراقبة الوثائق المدلى بها تأييدا لطلب التسجيل وذلك حسب مقتضيات الفصل 72 من قانون التحفظ .أمام ذلك لابد من تليين تلك السلطات والحد منها وذلك بإيجاد إجراء يحفظ مؤقتا الحقوق التي يرفض المحافظ تسجيلها ن وهذا سوف لن يتأتى إلا بواسطة التقييد الاحتياطي.

المبحث الأول : تعريف التقييد الاحتياطي
للتقييد الاحتياطي تعريفات عديدة تدور حول الدور الاحتياطي والتحفظي والوقتي للإجراء وقد جاء في تعريف الأستاذ دوكرو للتقييد الاحتياطي بأنه بيان يرد في الرسم العقاري بصفة مؤقتة ومشروطة ويعلن عن حق مطالب به غير قابل للتسجيل بصفة قانونية بالسجلات العقارية(3).

في حين عرفه الدكتور الكزبري بانه إجراء يقوم به صاحب حق تعذر عليه تسجيله لسبب من الأسباب ليضمن لنفسه في المستقبل إمكانية هذا التسجيل عند زوال المانع (4) .فكيفما كان تعريف التقييد الاحتياطي فلن يبتعد عن الصفة التحفظية المؤقتة المعلقة على تحقق العلة التي استند عليها والتي تتمثل في إثبات الحق العيني العقاري إما رضائيا أو قضائيا ولم يبق من أثر التقييد الاحتياطي على الرسم العقاري في حالة ثبوت الحق المتنازع عليه سوى كون تسجيل هذا الحق يأخذ مرتبته من تاريخ التقييد الاحتياطي، وفي حالة عدم إثبات الحق لعيني أو غيره من الحقوق الشخصية المسموح بتقييدها على السجل العقاري نزال كل آثار التقييد الاحتياطي إما بواسطة المحافظ تلقائيا أو بطلب من الأطراف أو بواسطة المحافظ تنفيذا لحكم قضائي.ولكن ما هي الحقوق القابلة للتقييد الاحتياطي على الرسم العقاري؟.

ـــــــــــــــــــــــ
2- التنفيذ الاحتياطي في التشريع العقاري للاستاذ محمد بن الحاج السلمي، ص 21.
3 - القانون العقاري ص 188 الطبعة سنة 1977.
4 - التحفيظ العقاري، الجزء الأول طبعة ثانية، سنة 1987 ، ص 126.
ـــــــــــــــــــــــ

المبحث الثاني : موضوع التقييد الاحتياطي
يبدو لأول وهلة أن التقييد الاحتياطي يمكن أن يشمل كل الحقوق عينية كانت أو شخصية غير أنه ما دام التقييد الاحتياطي ليس هدفا في حد ذاته بل هو وسيلة فقط للمحافظة على الحق المتنازع عليه مستقبلا وذلك بالسماح له بأخذ رتبته من تاريخ التقييد بعد إزالة الإشكال الذي حال دون تسجيل الحق، ولذا اتفق الفقه والقضاء تقريبا على أنه لا فائدة ولا جدوى من إجراء تقييد احتياطي لحق شخصي سوف لن يسمح بتسجيله عند رفع النزاع النزاع حوله في الرسم العقاري.والذين يقولون بالعكس اعتمدوا على ما ورد في الفصل 85 من قانون التحفيظ العقاري من الإشارة إلى أن أي ادعاء حق في عقار محفظ يسمح لصاحبه بطلب التقييد الاحتياطي دون تقييد ولا توضيح نوع ذلك الحق هل هو الحق العيني فقط ام حتى الشخصي.والذي عليه الاعتماد فقها وعملا هو أن كل حق عينيا كان أو شخصيا يسمح القانون  بتسجيله على الرسم العقاري يمكن أن يكون موضوعا للتقييد الاحتياطي، وإذا لم يكن قابلا للتسجيل النهائي فلا يمكن أن يكون موضوعا للتقييد الاحتياطي ، وإذا لم يكن قابلا للتسجيل النهائي فلا يمكن حمايته بواسطة التقييد الاحتياطي.

أولا : الحقوق القابلة للتقييد الاحتياطي
1- تعتبر الحقوق العينية العقارية الواردة في الفصل الثامن من الظهير المطبق على العقارات المحفظة ، الحقوق المتفق على قابليتها للتقييد الاحتياطي، وتضاف إليها الحقوق الشخصية المتمثلة في عقود أكرية العقارات المحفظة التي تفوق مدتها ثلاث سنوات. وكذا كل إبراء او حوالة لقدر مالي يساوي كراء بناء او أرض لمدة تزيد على السنة غير مستحقة الاداء كما نص على ذلك الفصل 65 من ظهير 12/8/1913 بشأن التحفيظ العقاري.

ثانيا : الحقوق المختلف في شأن تقييدها احتياطيا . 
إن عدم تقييد كلمة الحق الواردة في الفصل 85 المشار غليه أعلاه فتح المجال أمام خلاف فقهي وقضائي حول قابلية كل الحقوق للتقييد الاحتياطي ويظهر ذلك الخلاف بجلاء حول حق الأفضلية وحق الوعد بالبيع وهما اللذان كانا مثار نقاش حاد بين مؤيد ومعارض.

حق الأفضلية وحق الوعد بالبيع
لاشك أن حق الأفضلية وحق بالبيع ليسا حقا عينيا عقاريا بل مجرد حق شخصي لا يمكن تسجيله نهائيا في الرسم العقاري وبالتالي لا يمكن تقييده احتياطيا ن غير ان محكمة الاستئناف بالرباط (5) كانت تخالف هذا الطرح وتقول بإمكانية تقيد حق الأفضلية وحق الوعد بالبيع تقييدا احتياطيا وذلك للحفاظ مستقبلا على الحق المعني الذي سيثبت بواسطة قرار قضائي بإجبار الصادر عنه ذلك الحق الشخصي بتنفيذ وعده.

غير أن نفس المحكمة تراجعت عن المبدأ أعلاه  بمناسبة بتها في قضية الشركة العالمية للمخازن الكبرى (S.I.G.M.A) حيث قررت (6) التشطيب على التقييد الاحتياطي لحق الأفضلية بعلة أن هذا الأخير مجرد حق شخصي وبعبارة أخرى مجرد حق دائنية.

غير أن محكمة النقض الفرنسية (7) التي تعتبر أعلى مرجع قضائي في المغرب في عهد الحماية خالفت رأي محكمة الاستئناف أعلاه ونقضته بعلة أن الفصل 85 من ظهير 12/8/1913 . لم يوضح طبيعة الحق المراد ضمانه بواسطة التقييد الاحتياطي.

ومادام الحق موضوع النزاع يكتسي ظاهريا طابع الحق العيني نظرا لما سيؤول إليه فيمكن أن يكون قابلا للتقييد الاحتياطي.

كما نشأ خلاف قضائي حول التقييد الاحتياطي للحقوق الشخصية القابلة للتحويل إلى حق عيني كما ذكرنا أعلاه ، نشأ نفس الخلاف بين الفقه حيث أن من الفقهاء من يقول بتقييد الحقوق مثل فيكتو كاس (8)،ألبري وإما نفييي(9)، الدكتور الكزبري (10) ، والأستاذ السلمي(11) في حين أن هناك فريق ىخر يقول بعدم قاغبلية الحق الشخصي للتقييد الاحتياطي مثل الأستاذ دوكرو(12) والدكتور مهدي الجم(13)، والأستاذ كاييي(14).

لا شك أن لكل فريق تبريرات لموقفه، فإذا كان تعليل الفريق الأول هو غياب أي إيضاح لطبيعة الحق الممكن تقييده احتياطيا حسب عبارة الفصل 85 من ظهير التحفيظ وكون الحق الشخصي مادام بدوره سيؤول إلى حق عيني عقاري لا سيما وأن أي حق عيني عقاري حسب مقتضيات ظهير التحفيظ لا يكتسي تلك الصفة إلا بتسجيله في الرسم العقاري ومادام لم يسجل حتى ولو كان عقد بيع لملك محفظ فلا يعدو أن يكون مجرد حق شخصي يمكن بواسطته استرداد ما دفع بالإضافة إلى تعويض خاصة إذا بادر مشتر ثان لنفس الملك إذا كان حسن النية إلى تسجيل بيعه فإذا كان هذا التعليل يبدو من الناحية المنطقية معقولا ومقبولا فإنه لا يصمد أمام تبرير الفريق الثاني الذي يعتمد على أهم ركن او أساس في مؤسسة التقييد الاحتياطي وهو كون التقييد النهائي للحق بعد إزالة المانع يكون بأثر رجعي أي يأخذ تاريخ التقييد الاحتياطي وهو ما لا يمكن تصوره في حالة حق الأفضلية وحق الوعد بالبيع وحق التعهد عن الغير لأن هذه الحقوق كلها لكي تتحول إلى حق عيني تحتاج على عقد جديد بتاريخ جديد فكيف يمكن إذن أن يستفيد هذا الحق الجديد من الرتبة التي كانت للتقييد الاحتياطي ؟.

ـــــــــــــــــــــــ
5- قرار بتاريخ 17/4/1929 يتعلق بالوعد بالبيع، منشور بمجموعة قرارات محكمة الاستئناف لسنة 29/1930، 
     ص 230 وقرار بتاريخ 19/11/1945 يتعلق بحق الأفضلية منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 977 بتاريخ 
     25/5/1945نص87.
6- قرار بتاريخ 20/2/1951 ، مجلة  المحاكم المغربية لسنة 1941، ص 132.
7- قرار بتاريخ 2/2/1954 منشور بمجلة المحاكم المغربية ، 1954،ص49.
8- المرجع السابق للأستاذ السلمي،ص 52.
9- المرجع السابق للأستاذ السلمي، ص49.
10- المرجع السابق للدكتور الكزبري ، ص 129.
11- نفس المرجع السابق، ص 57 للاستاذ السلمي.
12- نفس المرجع السابق، ص 194 للأستاذ دوكرو.
13- التحفيظ العقاري بالمغرب ، طبعة ثالثة، ص 266-267 للدكتور مهدي الجم.
14- المرجع السابق للأستاذ السلمين ص48.
ـــــــــــــــــــــــ

ونميل على الرأي الرافض لتقييد الحق الشخصي تقييدا احتياطيا لقوة حجته.
إذا كان موضوع ومجال تطبيق التقييد الاحتياطي قد خلف نقاشا حادا فقها وقضاءا ، فإن حالاته وصوره لم تنج من نفس الأمر وخاصة ما يتعلق منها بمدة صلاحيته ذلك ما سنراه في المبحث الثالث.

المبحث الثالث حالات التقييد الاحتياطي
إن التقييد الاحتياطي قد يتخذ من طرف المحافظ على الأملاك العقارية دون حاجة إلى قرار قضائي وذلك بناء على سند أو بناء على نسخة مقال دعوى الموضوع أو بناء على مقتضيات الفصل 12 من ظهير 6/5/1982 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وقد يتخذ نفس الإجراء من طرف المحافظ نفسه ولكن بعد استصدار أمر رئاسي إما في إطار الفصل 85 من ظهير 12/8/1913 وإما في إطار الفصل 172 من ظهير 7/6/1915.

المطلب الأول: التقييد الاحتياطي غير المبني على أمر قضائي
إن التقييد الاحتياطي قد يتخذه المحافظ على الأملاك العقارية تلقائيا وبدون حاجة على توفره على أمر قضائي في الحالات الآتية:

أولا: التقييد الاحتياطي بمقتضى سند.
يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بإجراء التقييد الاحتياطي بمبادرة من أحد الأطراف وذلك إذا كان العقد المراد تسجيله يشوبه عيب بسيط كحصول خطأ في هوية أو الحالة المدنية لأحد الأطراف أو عدم صحة توقيع أحدهم ، وهذا الإجراء يفترض اتفاق الطرفين عليه لكونه يستوجب الإدلاء بنظير الرسم العقاري الذي يتوفر عليه المالك، ولكن قد يكون النظير المذكور  لا زال بين يدي المحافظة العقارية لأسباب، فهل تعتبر موافقة المالك ضرورية في هذه الخالة أيضا؟ المفهوم من النص أن موافقة المالك ليست شرطا أساسيا لاتخاذ الإجراء المذكور ويكفي وجود نظير الرسم العقاري.

مدة صلاحيته.

يشير الفصل السادس من ظهير 1/6/1915 إلى أن مدة صلاحية التقييد الاحتياطي المبني على سند لا يتجاوز عشرة أيام يصبح بعدها لاغيا ويتعين على المحافظ التشطيب عليه تلقائيا ما لم يمدد الأجل المذكور إما بمقتضى أمر قضائي بإجراء تقييد احتياطي آخر أو بمقتضى نسخة مقال دعوى الموضوع كما سنبين لاحقا بتفصيل.

ثانيا : التقييد الاحتياطي بناء على نسخة مقال الدعوى
ينص الفصل الثامن من ظهير 2/6/1915 على أن الدعاوي التي ترمي إلى استحقاق عقار تعتبر حقا عينيا عقاريا كما ينص الفصل 202 من نفس الظهير " بأن الدعاوي الرامية إلى استحقاق عقار محفظ أو إسقاط عقد منشئ أو مغير لحق عيني لا مفعول لها تجاه الغير غلا من اليوم الذي سجل فيه الرسم العقاري تسجيلا منتظما العقد المتضمن صراحه الاحتفاظ بهذه الحقوق المبينة بأسمائها في العقد أو من اليوم الذي وقع فيه تقييد مقال التداعي إلى إثباتها تقييدا احتياطيا."
يؤكد هذا النص ما ورد في الفصل 85 من ظهير 12/8/1913 من أن التقييد الاحتياطي يتخذ أيضا بواسطة نسخة من المقال المرفوع لدى القضاء قصد إثبات الحق وتقدم إلى المحافظ رفقة طلب ويتعين طبعا أن تحصل نسخة المقال تأشيرة كتابة الضبط للتأكد من جدية الطلب ومادام اتخاذ هذا الإجراء يقع بدون رضى المالك فلا يستوجب الإدلاء بنظير الرسم العقاري.

مدة صلاحيته
يستمر أثر التقييد الاحتياطي المجرى بمقتضى نسخة مقال الدعوى طيلة أمد النزاع ولا ينتهي مفعوله إلا بصدور حكم نهائي قابل لتسجيل الحق في الرسم العقاري أو حكم نهائي برفض الطلب، حيث يتعين على المحافظ التشطيب على التقييد الاحتياطي .والجدير بالذكر أن التقييد الاحتياطي المجرى بناء على سند أو بناء على أمر قضائي ما هو إلا إجراء وقتي يزول أثره بسرعة (عشرة أيام في حالة الأول وستة أشهر في حالة الثاني).إذا لم يعزز بتسجيل دعوى وتبليغ نسخة مقال على المحافظ.

ثالثا: التقييد الاحتياطي في إطار نزع الملكية
يشير الفصل 12 من ظهير 6/5/1982 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة بأنه يتعين على نازع الملكية إيداع مشروع مقرر التخلي لدى المحافظة العقارية  التابع لها موقع العقارات المعينة ويجب على المحافظ في هذه الحالة منح نازع الملكية شهادة التقييد الاحتياطي عملا بمقتضيات الفصل 85 من ظهير 12/8/1913 بشان التحفيظ العقاري.

ويلاحظ ان المشرع قد تراجع عن المسطرة المتبعة في هذا الشأن في نطاق ظهير 3/4/1951 المنظم سابقا لإجراءات نزع الملكية حيث كان يسند لرئيس المحكمة اختصاص إصدار أمر بتقييد قرار نزع الملكية تقييدا احتياطيا بشرط تعزيز الطلب بمحضر قبول التعويض المقترح او بقرار الإذن بالحيازة مقابل تعويض ( الفصل 13 منه ) وإذا كان نفس القانون الملغى قد بين بأن مفعول التقييد الاحتياطي يبقى ساريا على تاريخ تقييد العقد او الحكم المصرح بنزع الملكية ، فغن ظهير 1982 قد سكت عن ذلك واكتفى بالإشارة على أن التقييد الاحتياطي لمشروع مقرر نزع الملكية يقع عملا بالفصل 85 من قانون التحفيظ ، وبالرجوع على هذا الفصل يتبين بأنه لم يشر على أي أجل بل اكثر من هذا ، فإن إحالة الفصل 12 من ظهير نزع الملكية الحالي على الفصل 85 المذكور أعلاه خلف التبسا وغموضا لعدم تطابق محتوى النصين وكان على المشرع الاكتفاء بما ورد في الفصل 12 ليكون أساس اتخاذ إجراء التقييد الاحتياطي لمشروع مقرر التخلي (15).

ـــــــــــــــــــــــ
15- انظر شرح قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة للأستاذ البشير باجي، الكتاب الأول، طبعة أولى ص 207-
      208.
ـــــــــــــــــــــــ

المطلب الثاني : التقييد الاحتياطي المبني على أمر قضائي
قد لا يكون السند المراد بواسطته إجراء التقييد الاحتياطي كافيا في نظر المحافظ على الأملاك العقارية ويرفض بالتالي الاستجابة لطلب التقييد، وقد يستجاب لطلب التقييد غير ان مدة عشرة أيام لا تكفي للحصول على سند قابل للتسجيل النهائي فكل ما ذكر في غياب تسجيل الدعوى العقارية ، وفي هذه الحالة لابد من الالتجاء على رئيس المحكمة الابتدائية لاستصدار أمر التقييد الاحتياطي ويمكن الالتجاء إلى نفس الجهة القضائية للحصول على أمر مبني على طلب لإجراء التقييد الاحتياطي في حالة الرهون الإجبارية متى توفرت حالة الاستعجال.

أولا : التقييد الاحتياطي المبني على أمر رئاسي في نطاق الفصل 85 من ظهير التحفيظ.
لكل من يدعي حقا قابلا للتسجيل في الرسم العقاري ان يحصل على امر قضائي من رئيس المحكمة الابتدائية التي يقع العقار في دائرتها ويصدر الأمر المذكور حسب مسطرة الاوامر المبنية على الطلب المحددة والمفصلة في الفصل 148 من ق.م.م رغم ان الفصل86 من ظهير التحفيظ وصف الأمر القضائي المنصوص عليه في الفصل الذي سبقه بالإذن فقط عند حديثه عن مدة صلاحية التقييد الاحتياطي المبني على أمر رئيس المحكمة الابتدائية.

ولا شك أن الأمر بالتقييد الاحتياطي يخضع لمسطرة الأوامر المبنية على الطلب بدليل أن الفصل 148 من ق.م.م يشير على أن رؤساء المحاكم الابتدائية وحدهم مختصون بالبت في كل مقال يستهدف الحصول على أمر بإثبات حال أو توجيه إنذار أو أي إجراء مستعجل في أية مادة لم يرد بشأنها نص خاص.
وبالمفهوم المعاكس إذا وجد نص خاص يسند لهم الاختصاص في نطاق الأوامر فيعمل به كما هو الشان في مثل حالة التقييد الاحتياطي.

والجدير بالذكر أن الأوامر تصدر في غيبة الأطراف ولا تعلل في حالة القبول ولا تقبل الاستئناف إلا في حالة الرفض ( ماعدا إذا تعلق الأمر بإثبات حال أو توجيه إنذار فلا تقبل الاستئناف إطلاقا).
وما دامت لا تقبل الاستئناف في حالة الموافقة على الطلب فتخضع لمسطرة المراجعة أمام رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات وبيت في الطلب بحضور الأطراف وكاتب الضبط.ويكون القرار الصادر في هذا الصدد قابلا للاستئناف  مثله بقية القرارات الاستعجالية.

ولابد من الإشارة إلى أن محكمة الاستئناف بفاس (16) في قرارها بتاريخ14/12/1964 أوضحت بأن الأمر الصادر عن رئيس المحكمة بالتقييد الاحتياطي قابل للمراجعة أمام نفس الجهة القضائية، أو للاستئناف. ولا ندري ما سندها في ذلك. وقد استدل بهذا القرار المؤسس لمبدإ اختيار مسطرة طلب التراجع عن الأمر القاضي بالتقييد الاحتياطي او سلوك طريق الطعن بالاستئناف كل من الدكتور مامون الكزبري (17) ن والأستاذ دوكرو (18) ، والأستاذ بلحاج السلمي (19)، في حين اورده الدكتور مهدي الجم (20) وتحفظ عليه بعبارة " وفي ذلك نظر ". حقا اختارته محكمة الاستئناف بفاس أي سند قانوني اللهم إذا كانت تقصد حالة رفض طلب التقييد الاحتياطي فالامر في هذا الشكل هو القابل للستئناف.

ـــــــــــــــــــــــ
16- المجلة المغربية للقانون لسنة 1965 ن ص 313.
17- نفس المرجع السابق،ص132.
18- نفس المرجع السابق،ص197.
19-  نفس المرجع السابق،ص80.
20- نفس المرجع السابق، ص 262-263.
ـــــــــــــــــــــــ

مدة صلاحيته
لقد اثارت الصياغة غير الواضحة للفصل 86 من ظهير التحفيظ جدلا فقهيا وقضائيا دشنته التعليمات العامة للصدر الأعظم المؤرخة ب 6/6/1915 والمتعلقة بسير نظام التحفيظ العقاري بالمغرب وذلك بتفسيرها للفصل المذكور تفسيرا ضيقا وخاطئا حيث قصرت مفعول اثر التقييد الاحتياطي المبني على أمر قضائي وحددته في أجل شهر واحد يتعين التشطيب عليه بعده ما لم ترفع دعوى إثبات الحق فغن مفعول أثر التقييد الاحتياطي لا يتعدى أجل ستة اشهر.
وقد اخذت محكمة النقض الفرنسية باعتبارها المرجع الأعلى للأحكام بالمغرب أثناء الحماية بالتفسير اعلاه في قرارها (21) المؤرخ ب 25/5/1954.

وفي قرار مؤرخ ب 28/12/1965 (22) طالعنا المجلس الأعلى بتفسير آخر للفصل 86 حيث قرر بأن مدة صلاحية التقييد الاحتياطي المتخذ بناء على أمر قضائي تمتد إلى نهاية المسطرة القضائية بشرط أن ترفع دعوى إثبات الحق خلال ستة أشهر تبتدئ من تاريخ التقييد الاحتياطي شريطة أن تسجل نسخة من مقال الدعوى بالرسم العقاري داخل اجل شهر واحد من تاريخ رفع الدعوى.

ـــــــــــــــــــــــ
21- المرجع السابق للاستاذ بلحاج السلمي، ص84.
22- نفس المرجع للاستاذ السلمي ،ص 90.
ـــــــــــــــــــــــ

غير أن الذي يجري به العمل في المحافظات العقارية ونعتقد أنه أقرب للصواب هو ما يلي: للتقييد الاحتياطي المبني على أمر قضائي أجلان اثنان الأول ، أجل نهائي مدته ستة أشهر ويتعين على المستفيد من التقييد الاحتياطي أن يحصل خلاله على تسجيل نهائي لحقه لكي يتمكن  من  الاستفادة  من  الرتبة  والتاريخ  الذي  يحصله  التقييد الاحتياطي. وإذا رغب في تمديد الأجل المذكور على نهاية المسطرة القضائية فلابد له من رفع إثبات الحق وتسجيل نسخة من مقالها الافتتاحي داخل أجل شهر واحد-وهو الأجل الثاني -  يبتدئ  من  تاريخ التقييد الاحتياطي المتخذ بواسطة أمر رئيس المحكمة الابتدائية ، وإذا لم ترفع الدعوى المذكورة أصلا  او  رفعت  بعدم  مرور  أجل  الشهر المذكور أو رفعت داخل الشهر ولم تسجل خلال نفس المدة بالمحافظة العقارية يشطب على التقييد الاحتياطي المذكور بمجرد مرور ستة أشهر على تاريخ تسجيله( الفصل 92 من ظهير التحفيظ). 

لابد من الإشارة أخيرا على أن محكمة الاستئناف بالرباط كانت مؤيدة للاتجاه أعلاه سواء في قرارها () الصادر بتاريخ 23/3/1943 او في قرارها(23) المؤرخ ب 20/2/1963.

ثانيا ك التقييد الاحتياطي بأمر رئاسي طبقا للفصل 172 من ظهير 2/6/1915.
يخول الرهن الإجباري بحكم قضائي للفئات المشار إليها في الفصل 163 من ظهير 2/6/1965 ويمكن للفئات المذكورة في حالة الاستعجال أن تستصدر امرا مبنيا على طلب لإجراء تقييد احتياطي على العقار المعني في انتظار الحصول على حكم نهائي بتسجيل حق الرهن المذكور.

ويفهم من مقتضيات الفصل 172 من الظهير اعلاه أن طلب التقييد الاحتياطي يستوجب سبق تسجيل الدعوى (25) الرامية إلى الحصول على حكم قضائي يمنح الرهن الإجباري سيما وأن المشرع لم يحدد أجلا للتقييد الاحتياطي المتخذ في نطاق الفصل 172 بل اشار إلى ان أثره يمتد لغاية الحكم النهائي المطلوب تسجيله.وقد يصدر الحكم المذكور برفض الطلب ويتعين آنذاك التشطيب على التقييد الاحتياطي وقد تكون نتيجة الحكم منح الرهن الجبري ضمانا لكل او بعض الحق المطالب به فيقع تسجيل الرهن الإجباري ويأخذ ارتبة الراجعة لتاريخ تسجيل التقييد الاحتياطي.

ـــــــــــــــــــــــ
23- مجموعة قرارات محكمة الاستئناف بالرباط لسنة 1943، ص 162.
24- مجلة المحاكم المغربية لسنة 1963،ص45.
25- المرجع السابق للاستاذ دوكرو، ص204.
ـــــــــــــــــــــــ

أثر التقييد الاحتياطي على التسجيلات الجديدة.
رغم أن التقييد الاحتياطي يشبه الحجز التحفظي من حيث كونه مؤقتا وتحفيظا وليس هدفا في حد ذاتهن فإنه لا يوقف التقييدات الجديدة مؤقتة كانت أو نهائية باستثناء التقييد الاحتياطي المتخذ بناء على سند. فإن مفعوله الممتد لمدة عشرة أيام يوقف التقييدات الجديدة بصريح عبارة الفقرة الثانية من الفصل السادس من ظهير 1/6/1915 المتعلق بالمقتضيات الانتقالية بشأن نظام  التحفيظ،  فالفصل  المذكور أكد على  عدم  إمكانية  اتخاذ  أي  تقييد  آخر برضى الأطراف خلال اجل عشرة أيام ، ولكن  هل  يمكن  توسيع هذا المنع ليشمل حتى التسجيل الذي كان مصدره بدون رضى الأطراف أي عن طريق القضاء؟ من الفقه (26) من يرى بأن التقييد الاحتياطي من النوع أعلاه لا يمكن أن يقف في وجه حكم قضائي مبرم قابل للتنفيذ فورا في حين يرى البعض الآخر بان التقييد الاحتياطي كالحجز العقاري يمنع كل التقييدات الجديدة معلال ذلك بأن " في القول بجواز التسجيلات الجديدة بعد التقييد الاحتياطيي تضحية بمصالح الغير الذي يثق في التسجيل اللاحق وإن كان عليه أن ينتبه إلى وجود ادعاء بحق من قبل صاحب التقييد الاحتياطي ذلك القيد الذي وإن يكن ناقلا للملكية أو معدلا لها إلا أن له مرتبة معتبرة تبدأ من تاريخ تدوينه في صحيفة العقار (27).

غير أن جل الفقه والعمل القضائي يخالف هذا الرأي الأخير ويقول بجواز تقييدات جديدة بعد التقييد الاحتياطي باستثناء الحالة الواردة في شأنها النص المشار إليه أعلاه ، وهذا ما يجري به العمل في المحافظات العقارية بالمغرب.

المبحث الرابع: التشطيب على التقييد الاحتياطي عن طريق قاضي المستعجلات
لقد كان الخلاف والجدل القائمين حول هذا الموضوع سواء في الميدان الفقهي او في ميدان العمل القضائي هما الدافع الأساسي لتناولنا هذا البحث ، ويمكن تقسيم هذا العنوان إلى قسمين اثنين : المطلب الأول ك يتناول اختصاص قاضي المستعجلات للبث في طلب التطيب على التقييد الاحتياطي المتخذ بناء على أمر قضائي، المطلب الثاني: اختصاص قاضي المستعجلات بالبث في طلب التشطيب على التقييد الاحتياطي المتخذ بدون أمر قضائي.

المطلب الأول : نطاق اختصاص قاضي المستعجلات بالتشطيب على التقييد الاحتياطي المبني على امر قضائي.
تتطلب منا الإحاطة بهذا الموضوع بداية تصنيف الأمر أو الإذن كما سماه الفصل 86 من ظهير التحفيظ من بين الأحكام أو القرارات التي تصدر عن رئيس المحكمة هل هو مجرد إذن ولائي يغلب عليه الطابع الإداري (28) وبالتالي لا يمكن للمتضرر منه مراجعة الجهة التي أصدرته ؟ أم أن الأمر الصادر في هذا الصدد لا يخرج عن نطاق الأوامر المبنية على الطلب ويخضع لكل إجراءاتها بما في ذلك طرق الطعن ؟

ـــــــــــــــــــــــ
26- المرجع السابق للدكتور مهدي الجم، ص261.
27- كتاب الشهر العقاري في مصر والمغرب، للدكتور علي حسين نجيرة، الطبعة الأولى،ص48.
28- المرجع السابق للدكتور مهدي الجم، ص262.
ـــــــــــــــــــــــ

بالرجوع على مقتضيات الفصل 148 من ق.م.م نجد المشرع لم يحدد الأوامر المبنية على الطلب على سبيل الحصر بل فتح بابها على مصراعيه أمام كل طلي يرمي إلى إثبات  حال او إنذار استجوابي أو أي إجراء مستعجل في أية مادة لم يرد بشأنها نص خاص. وإذا ورد بشأنها نص خاص كما هو الحال بالنسبة للتقييد الاحتياطي وغيره من النصوص الواردة في كثير من القوانين الموضوعية (29) والشكلية (30) والقوانين الخاصة (31) تكون خاضعة للإجراءات وطرق الطعن التي تطبق على الأوامر المبنية على الطلب المحددة في الفصل 148 أعلاه ما لم يرد نص خاص او يختصر من تلك الاجراءات.

إن المقدمة المنوه عنها أعلاه تؤدي على نتيجة واحدة هي أن الأمر الصادر عن رئيس المحكمة والقاضي بإجراء التقييد الاحتياطي، يخضع للاجراءات والشكليات التي تخضع لها كل الاوامر المبنية على الطلب بصفة عامة بما في ذلك إمكانية مراجعة الجهة التي أصدرته في حالة وجود صعوبة ن وهذه المراجعة وإن كانت تقع أمام رئيس المحكمة فيبت فيها بصفته قاضيا للمستعجلات والقرار الذي يصدره يخضع لاحكام القرارات الستعجالية.ويرى البعض (32) عكس ما ذكرنا أعلاه نافيا أن يكون قاضي المستعجلات مختصا بالبت في طلب التشطيب على التقييد الاحتياطي معللا ذلك بأنه يمس بالجوهر ويخالف قواعد قانونية آمرة مضيفا بأن مصير قرار التشطيب سيكون عدم التنفيذ من طرف المحافظ اعتمادا على السلطة التقديرية الواسعة التي منحها له الفصل 72 من ظهير التحفيظ.

ويمكن الرد على التعليل أعلاه اولا بأنه ليس هناك في علمنا نص قانوني ولا اجتهاد قضائي ولا رأي فقهي يسمح لأية جهة كانت أن تدفع بعدم تنفيذ حكم نهائي قابل للتنفيذ بدعوى مخالفته للقانون أو صدوره من جهة غير مختصة وإنما يمكن للجهة التي تضررت منه الاتجاء إلى استعمال طرق الطعن المسموح بها قانونا وثانيا أن السلطة التقديرية التي منحها الفصل 72 للمحافظ يراقبها القضاء نفسه بواسطة الطعن في قراراته حسب ما أشار إليه الفصل 96 من ظهير التحفيظ بالمغرب موضحا بانه في حالة مراجعة القرار موضوع الطعن يجب على المحافظة ان تطبق الحكم الصادر في الموضوع متى أصبح نهائيا داخل أجل 48 ساعة. وقد استعمل المشرع كلمة ط يجب" وحدد أجلا قصيرا للتنفيذ لرفع أي التباس في الموضوع ولا أعتقد ان أحدا يقول بالسماح للمحافظ برفض تنفيذ الأحكام التي يراها مخالفة للقانون ثم يكون قراره بالرفض قابلا للطعن من جديد أمام القضاء إلى أن يصدر حكم ثان بتنفيذ الحكم المرفوض حسب المسطرة المشار إليها أعلاه(32) مكرر.

ـــــــــــــــــــــــ
29- مثل حال الفصل 299 من القانون البحري  وحالة الفصل 160 من القانون التجاري.
30 - مثل حال الفصل 500،494،491،478،451 من ق.م.م.
31- مثل حال الفصل 133 من ظهير 23/6/1916 المتعلق بحماية الملكية الأدبية.والفصل16 من المرسوم 12/
      11/1956 المتعلق برهن معدات التجهيز، الفصل 57 من ظهير القرض العقاري والخاص بالبناء الفندقي.
32 - نفس المرجع السابق للاستاذ بلحاج السلمي، ص 210 وانظر كذلك قرار محكمة الاستئناف بالرباط مؤرخا ب 20/9/1941 ومشار إليه بنفس المرجع ، ص 205.
32 م- صدر قرار عن المجلس الاعلى تحت عدد 337 بتاريخ 13/11/1981 منشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى 
     عدد: 31، ص: 132، اعتبر امتناع المحافظ من تسجيل قرار المجلس الاعلى على الرسم العقاري تجهلا للقرار 
     اكتسب قوة الشيء المقضى به ويشكل شططا في  استعمال السلطة ويفتح مجالا لتقدير دعوى الالغاء ودعوى 
     امام المحكمة المختصة.
ـــــــــــــــــــــــ

إن الذي ينبغي التأكيد عليه كما هو معلوم أن مجرد سلوك مسطرة المراجعة أمام قاضي المستعجلات لا يعني بالضرورة الموافقة على طلب التشطيب، فالقاضي المذكور يجب عليه طبعا مراعاة شروط القضاء المستعجل من توفر حالة الاستعجال وتجنب المساس بأصل الحق.

ومجرد عرض النزاع في الموضوع على القضاء العادي لا يسحب الاختصاص من القضاء المستعجل حتى في حالة التقييد الاحتياطي، فقاضي المستعجلات يستشف من ظاهر المستندات المعروضة عليه توفر أو عدم توفر حالة الاستعجال ومعرفة الطرف الأول بالحماية المؤقتة.

وتجدر الإشارة أخيرا إلى ان قاضي المستعجلات بصفته جهة المراجعة يكون مختصا بالبت في طلب التشطيب على التقييد الاحتياطي المتخذ بناء على أمر من رئيس المحكمة الابتدائية سواء في نطاق الفصل 85 من ظهير 9 رمضان 1331 أو في نطاق الفصل 172 من ظهير 19 رجب 1933 بغض النظر عن عرض النزاع على قاضي الموضوع أم لا مادام قاضي المستعجلات سيتحاشى اتخاذ أي قرار من شانه المس بجوهر النزاع حيث سيؤكد آنذاك نتيجة الأمر القاضي بالتقييد الاحتياطي بل يعتن عليه أن يفعل ذلك حتى ولو يعرض النزاع على قضاء الموضوع ، لأن وجود دعوى الموضوع ليس شرطا لقيام اختصاص المستعجلات.

المطلب الثاني: اختصاص قاضي المستعجلات بإلغاء التقييد الاحتياطي المتخذ بدون امر قضائي  .
كما مر بنا سابقا يمكن للمحافظ إجراء التقييد الاحتياطي غما بناء على سند او بناء على نسخة مقال دعوى الموضوع او في حالة نزع الملكية، والتقييد الاحتياطي من النوع المذكور يستمر مفعوله طيلة الآماد المحددة لهلا في القانون ويقع التشطيب عليها من طرف نفس الجهة التي أخرته.

إما تلقائيا وبقوة القانون بعد انتهاء الآماد المحددة في الفصلين 85/86 من ظهير9 رمضان والفصل 6 من ظهير 1/6/1915 المتعلق بالمقتضيات الانتقالية هذا إذا لم يتخذ التقييد النهائي للحق داخل تلك الآجال او لم يقع تمديد أثر التقييد الاحتياطي حسب المساطر المشار إليها آنفا.

وإما بطلب من صاحب الرسم العقاري بعد حصوله على تنازل المستفيد من التقييد الاحتياطي، او بحصوله على حكم نهائي للحق باعتراف وبرضى الطرف المالك للرسم العقاري أو بحصوله على حكم قضائي نهائي يعترف له بحقه.
وإما بطلب من صاحب الرسم العقاري بعد حصوله على تنازل المستفيد من التقييد الاحتياطي، أو بحصوله على حكم نهائي قضى بعدم الاعتراف بالحق المقيد احتياطيا.

نستخلص مما تقدم أن الآجال المحددة لسريان مفعول التقييد الاحتياطي ليست مقدسة وغير واجبة الاحترام في كل الاحوال بل يمكن وضع حد لآثار التقييد الاحتياطي حتى قبل انتهاء أمده وذلك إما بالحصول على سند قابل للتسجيل بصفة نهائية عن طريق رضائي قضائي، او بسبب تنازل المستفيد من التقييد الاحتياطي عن حقه رضائيا أو إرغامه على ذلك قضائيا. ما عدا اجل عشرة أيام الذي يخص التقييد الاحتياطي المبني على سند فيمنع خلاله تسجيل أي اتفاق برضى الأطراف.

وإذا كان الامر كذلك فما الذي يمنع قاضي المستعجلات من التدخل قصد التشطيب على التقييد الاحتياطي متى توفرت حالة الاستعجال وأمكن البت في الطلب دون المساس بأصل الحق. فولاية القضاء المستعجل غير مقيدة وغير محصورة وتشمل ولاية القضاء المدني التي تدخل فيها قضايا التحفيظ العقاري فلا تعارض بين الاختصاصين، فعرض أصل النزاع على القضاء المدني لا يمنع القضاء المستعجل من البت في المسائل التحفظية والوقتية التي لها بذلك النزاع شريطة توفر حالة الاستعجال ووجه الخطر المبرر لاختصاصه مع ضرورة تحاشي المس بالجوهر.

فكما يمكن تصور صدور قرار استعجالي مجانب للصواب ينتج عنه ضرر المستفيد من التقييد الاحتياطي. يمكن كذلك تصور إحداث نفس الضرر لنفس الطرف بواسطة حكم صادر عن قاضي الموضوع قضى استئنافيا برفض طلبه. وذلك في حالة المالك على التشطيب على التقييد الاحتياطي بواسطة الحكم النهائي المذكور رغم عرض النزاع على النقض(33) الذي يبطل الحكم ويحيل الأطراف على محكمة الاستئناف فإذا قضت هذه الأخيرة بالاعتراف للمستفيد من التقييد الاحتياطي سابقا بالحق الذي يدعيه تحصل نفس النتيجة التي قد تترتب عن صدور قرار استعجالي بالتشطيب على التقييد الاحتياطي يعقبه حكم في الموضوع صادر لصالح المنتفع من التقييد الاحتياطي بعد تفويت المالك للحق المتنازع عليه للغير حسن النية ويبقى له فقط حق التعويض مع العلم بان كثير من الالتزامات لا يقع تنفيذها عينا وإنما ينتهي النزاع حولها في شكل تعويض.

حالة الاستعجال المبررة لاختصاص القضاء في التشطيب على التقييد الاحتياطي.
رغم أن التقييد الاحتياطي مجرد تدبير تحفظي لا يمنع المالك من التصرف في حقه وتفويته للغير ما عدا أجل عشرة أيام المتعلق بالتقييد الاحتياطي المبني على سند كما نص على ذلك الفصل 6 من ظهير 1/6/1915 فغنه يعتبر بمثابة مانع نفسي يحول دون الإقبال على التعامل بشأنه الشيء الذي يعتبر عرقلة وقيدا بحق الملكية ويحول دون حرية المالك في التصرف في ملكه وهذا في حد ذاته يعد خطرا ويكون حالة الاستعجال لا سيما إذا كان التقييد الاحتياطي تعسفيا ولا أساس حسبما ينطق به ظاهر المستندات، وهذا ما ذهبت إليه محكمة الاسئناف بالرباط في قرارها(34) المؤرخ ب2/5/1951 وسايرها في هذا الرأي، بعض الفقهاء(35).بقي أن نشير على سبيل المثال لا الحصر على صور لتقييدات احتياطية يدخل التشطيب عليها في اختصاص قاضي المستعجلات.

أمثلة لاختصاص قاضي المستعجلات في مجال التشطيب على التقييد الاحتياطي.
كما ذكرنا سابقا ليس لاختصاص القضاء المستعجل حدودا معينة في هذا المجال متى توفت شرط حالة الاستعجال وأمكن البت في الطلب دون المس بجوهر النزاع  غير ان هذا لا يمنع من ذكر بعض الأمثلة منها ما سبق للاجتهاد القضائي أن تناولها وهي:

ـــــــــــــــــــــــ
33- وكما هو معلوم فإن النقض لا يتناول جانب الموضوع في النزاع ولذا اعتبرت محكمة الاستئناف بالرباط في 
      قرارها المؤرخ ب 7/1/1956 المنشور بالمجلة المغربية للقانون لسنة 1957، ص 458، اعتبرت طلب 
      النقض غير مبرر لاجراء التقييد الاحتياطي لكونه ليس مقال دعوى الموضوع بمعنى المشار إليه في الفصل 
      85 من ظهير التحفيظ.
34- قرارات محكمة  الاستئناف لسنة 1953 ، ص 118.
35- المرجع السابق للدكتور الكزبري، ص 135، وكذا المرجع السابق للأستاذ دوكرو ، ص206، وكذا المرجع  
      السابق للدكتور علي حسين نجيرة، ص 62 طبعة أولى .
ـــــــــــــــــــــــ

-التشطيب على التقييد الاحتياطي المبني على نسخة طلب النقض (36) باعتبار هذا الأخير لا يشكل نسخة مقال الدعوى بالمعنى المشار إليه في الفصل 85 من ظهير التحفيظ وتفريعا على ذلك يختص أيضا قاضي المستعجلات بإلغاء التقييد الاحتياطي بعد صدور حكم استئنافي نهائي برفض طلب المستفيد من التقييد المذكور من الناحية الموضوعية رغم الطعن فيه بالنقض.

التشطيب على التقييد الاحتياطي المبني على نسخة (37) شكاية مباشرة إذا كانت الدعوى العمومية لا ينتج عنها الاعتراف بالحق المطلوب تقييده احتياطيا.
التشطيب على التقييد الاحتياطي المسجل بالرسم العقاري لحماية حق عيني أنشىء قبل التحفيظ النهائي وبعد ان أصبح العقار مطهرا.

التشطيب على التقييد الاحتياطي اتخذ لحماية حق انتفاع على حق سطحية رغم أن هذا  الأخير غير مسجل بالرسم العقاري أو حماية حق ملكية مشتر من شخص لم يسجل بعد شرائه بالصك العقاري.
التشطيب على تقييد احتياطي اتخذ لحماية حق انتفاع وذلك بسبب تسجيله بالرسم العقاري للملك المر تفق بدل تقييده بالرسم العقاري للملك المرتفق به.

التشطيب على تقييد احتياطي اتخذ لحماية حق منعدم كحق الشفعة في مواجهة بيع لم يسجل بعد في الرسم العقاري(38) بل إن حق الشفعة نفسه باعتباره حقا مقررا بقوة القانون كحق الارتفاق القانوني وغيره من الحقوق القانونية لا يحتاج إلى الإشهار لا بالتقييد الاحتياطي ولا بالتسجيل النهائي ، غير أن دعوى الشفعة باعتبارها دعوى عقارية ترمي على استرجاع حق عيني تخضع للتقييد الاحتياطي كغيرها من الدعاوي العقارية.

ـــــــــــــــــــــــ
36- قرار المحكمة الاستئنافية بالرباط بتاريخ 7/1/1956 ، المجلة المغربية للقانون بتاريخ 1/12/1957، ص 
      458.
37-  قرار المحكمة الاستئنافية بالرباط بتاريخ 7/1/1956 ، المجلة المغربية للقانون بتاريخ 1/12/1957، ص 
       458.
38- بتاريخ 7/5/1974 أ صدرت محكمة الاستئناف بفاس قرارين اثنين عدد 2477/2478 قضيا بإجراء تقي 
      احتياطي للخفاظ على حق شفعة  في مواجهة مشتر لحق مشاع في عقار رغم عدم تسجيل شرائه بعد في الرسم 
      العقاري (انظر الصفحة 67 من المرجع السابق للأستاذ بلحاج السلمي).
ـــــــــــــــــــــــ

هل رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للمستعجلات يختص وحده في إلغاء التقييد الاحتياطي أم أن الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف يشاركه في ذلك؟ ذلك ما سنراه في الفقرة التالية:

اختصاص الرئيس الأول بصفته قاضيا للمستعجلات بإلغاء التقييد الاحتياطي
 يكاد يكون الفقه والقضاء متفقين على أن اختصاص الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في الميدان الاستعجالي ينحصر في الاستعجال التقليدي العادي الواردة أحكامه في الفصل 149 وما بعدها من ق. م.م مستبعدين إمكانية إسناده البت في الأوامر المبنية على الطلب بصفة عامة لعدم وجود النص. واختصاصه المذكور محصور من حيث الزمان في المدة التي ينشر فيها النزاع في الموضوع أمام المحكمة التي يترأسها ويمتد من تاريخ الأداء على المقال الاستئنافي إلى أن يصبح القرار الاستئنافي نهائيا وغير قابل للتعرض، فإذا وقع التعرض العادي عليه او تعرض الخارج عن الخصومة أو الطعن بإعادة النظر او وقع إبطاله من طرف المجلس الأعلى مع الإحالة على محكمة الاستئناف للبت فيه من جديد بهيئة أخرى.ظل الرئيس الأول مختصا بالبت في المسائل الاستعجالية المرتبطة بموضوع النزاع.

نستخلص مما تقدم ان الرئيس الأول إذا كان أصل النزاع الرامي إلى إثبات الحق العيني المتنازع حوله يروج أمام محكمة الاستئناف يصبح مختصا للبت في طلب التشطيب على التقييد الاحتياطي الذي اتخذ حفاظا على مرتبة الحق العيني المذكور مستقبلا.لاسيما وأن المالك بعد حصوله على حكم ابتدائي لفائدته وقد استأنفه خصمه المستفيد من التقييد الاحتياطي قد يظهر له من خلال حيثيات الحكم المذكور عدم جدية وعدم قانونية التقييد الاحتياطي ويود التشطيب عليه بواسطة قاضي المستعجلات ومادام النزاع في الجوهر معروضا أمام محكمة الاستئناف فليس أمامه إلا الالتجاء إلى رئيسها.

وتجدر الإشارة أخيرا على أن الاختصاص المكاني للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بصفته قاضيا للمستعجلات يختلط بالاختصاص النوعي ولا يمكن فصلهما ذلك أن هذا الأخير رهين بعرض النزاع على محكمة الاستئناف كما أكد ذلك الفصل 149 من ق. م.مبحث لا يمكن في رأيي تقديم طلب استعجالي له صله بدعوى الموضوع الرائجة أمام محكمة الاستئناف بأكادير أمام الرئيس الأول محكمة الاستئناف بمراكش بدعوى أن الاختصاص المكاني ليس من النظام العام طبق الفصل 16 من ق.م.م.

تنفيذ القرار الاستعجالي ومقتضيات الفصل 91.
هل يمكن تنفيذ القرار الاستعجالي الابتدائي لشموله بالنفاذ المعجل بقوة القانون رغم ما يبدو من مخالفة لمقتضيات الفصل 91 من ظهير التحفيظ العقاري؟
يرى الفقه (39) المتناول للموضوع بأن القرار الاستعجالي الابتدائي رغم شموله بالنفاذ المعجل لا يمكن تنفيذه إلى أن يصبح نهائيا مكتسبا لقوة الشيء المقضى به وذلك بمرور أجل استئنافه أو تأييده حسبما تتطلبه مقتضيات الفصل 91 المذكور أعلاه ، غير أنه بالرجوع إلى هذا الاخير نجده يتحدث عن الحكم البات في أصل النزاع " الذي يثبت انعدام أو انقضاء الواقع او الحق الذي يتعلق بما ذكر من التضمين". والقرار الستعجالي لا يمكن أن يتناول أصل الحق أو الواقع المتنازع عليه.ولتبرير موقف الرأي الفقهي أعلاه لا بد من الالتجاء إلى قواعد التفسير عن طريق القياس إن أمكن حيث يمكن قياس منع تنفيذ القرار الاستعجالي غير النهائي على منع تنفيذ الحكم في الموضوع رغم شموله بالنفاذ المعجل ابتدائيا لمعارضته لمقتضيات الفصل 91 من ظهير التحفيظ العقاري، غير أن هنا قاعدة قانونية أخرى يمكن أن تسعفنا في هذا المجال وهي المشار إليها في الفصل 437 من ق.م.م.

شهادة عدم التعرض والاستئناف.
لاشك أن الأحكام بصفة عامة لا أثر لها على أطرافها اعتمادا على قاعدة نسبية الأحكام غير ان هناك بعض الأطراف لا ينتفعون ولا يتضررون من الحكم ومع ذلك فهم معنيون بأمره ويجب عليهم تنفيذه في حدود ما يستوجبه صفتهم او وظيفتهم او علاقتهم بأطراف النزاع مثل المحجوز لديه والحارس القضائي والمحافظ العقاري فهؤلاء لا مصلحة لهم في التنفيذ او عدمه لفائدة طرف دون آخر.
وباعتبار المحافظ العقاري غير طرف النزاع واعتمادا على مقتضيات الفصل 437 من ق.م.م يمكن له عدم تنفيذ القرار الاستعجالي القاضي بالتشطيب على التقييد الاحتياطي رغم شموله بالنفاذ المعجل (40) بقوة القانون إى ان 

ـــــــــــــــــــــــ
39- نفس المرجع السابق للأستاذ دوكرو ، ص 206 ونفس المرجع السابق للدكتور مهدي الجم ، ص 272.
40- راجع قرار محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 16/1/1952 ، المجلة المغربية للقانون 1/11/1952، ص 
      359 يؤكد بان القرارات الاستعجالية أيضا يستوجب تنفيذها من طرف الغير الإدلاء بشهادة عدم التعرض أو 
      الاستئناف المنصوص عليها في الفصل 291 من ق.م.م القديم المقابل  للفصل 437 من ق.م.م الجديد.
ـــــــــــــــــــــــ

يصبح نهائيا غير قابل لأي طعن  عادي وبعد الإدلاء بشهادة عدم التعرض (41) والاستئناف وإذا قام المحافظ بالتشطيب على التقييد الاحتياطي تنفيذا لقرار استعجالي غير نهائي دون الإدلاء بالشهادة المنوه عنها أعلاه يصبح مسؤولا عن الضرر اللاحق بالمستفيد من التقييد المشطب عليه إذا أثبت هذا الأخير أنه يملك أسباب الاعتراض ما يؤدي على تفادي التنفيذ أو إلغاء الحكم.



غير أن حاجز المطالبة بشهادة عدم التعرض والاستئناف يمكن تفاديه بإدخال المحافظ في الدعوى وإصدار الحكم الاستعجالي بحضوره (42) حيث تسلب منه إمكانية الاعتذار بمقتضيات الفصل 473 من ق.م.م. ولا يبقى أمامه إلا التمسك بمقتضيات الفصل 91 من ظهير التحفيظ وهي قابلة للنقاش ولا تصمد أمام التفسير الحرفي للنص لأنها تعني الحكم في الموضوع كما أسلفنا.
Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : أبحاث قانونية مغربية