-->

محكمة التمييز اللبنانية الهيئة العامة رقم القرار: 6/2000(*)، رقم الاساس: 91/2000، تاريخ: 21/2/2000 -------------------------------------------------------------------- عمل وضمان: شمول اولاد الام المضمونة بالضمان



بناء عليه

 اولا: في الشكل
حيث ان القرار المطعون فيه قد ابلغ من المميز بتاريخ 2/11/95 فاستدعى تمييزه بتاريخ 15/11/95، ضمن المهلة القانونية، وقد جاء الاستدعاء موقعا من محام وكيل وارفقت به صورة الاصل عن القرار المطعون فيه، والمميز معفى من الرسوم، وقد تضمن الاستدعاء التمييزي  الاسباب التي وضعت قيد المناقشة والتي تناولت موضوع النزاع- سبب احالة المراجعة الى الهيئة العامة- كما ان موضوع النزاع هذا يتناول قضية مبدئية- شمول او عدم شمول اولاد الام بالضمان، وهي غير محصورة بمبلغ معين عن فترة زمنية محددة، فتكون الدعوى قابلة للتمييز ويكون التمييز مقبولا شكلا من هذه النواحي.

ثانيا: في الاساس
حيث ان الوقائع غير المنازع فيها تتلخص في ان المدعية المميز ضدها السيدة منى (…………) وهي موظفة لدى المجلس الوطني للبحوث العلمية منذ سنة  1983 وهي من فئة المستخدمين الدائمين لديه وهي متاهلة من المحامي وكيلها الاستاذ جورج (……………) ولها ثلاثة اولاد قاصرون والجميع يعيشون تحت سقف واحد والزوج عضو في نقابة المحامين في بيروت، وكانت الزوجة السيدة منى (…….) تستفيد، بصفتها موظفة لدى المجلس الوطني للبحوث العلمية، من التقديمات العائلية منذ ستة1983حتى1986 حيث انتسب المجلس الوطني المذكور لنظام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وقد ادى المجلس والسيدة (…………) ما يتوجب عليها من اشتراكات  للضمان  الاجتماعي ،  ولكن بنتيجة  انتساب  المجلس للضمان لم يتمكن اولاد السيد (………..) من الحصول على تقديمات الضمان، بداعي ان "قانون" الضمان الاجتماعي لا يعطي هذا الحق الا بواسطة الزوج.

(*) القرار والتعليق عليه منشور بمجلة المحاماة التي تصدرها نقابة المحاميين في طرابلبس- لبنان- العدد العاشر - لسنة ‏2001‏
وحيث انه يقتضي استعراض ما يدلي به الفريقان من اسباب تمهيدا لحل القضية موضوع النزاع تقرير لمبدا قانوني.
وحيث ان المميز يدلي بان شروط استفادة المدعية عن اولادها من تقديمات الضمان غير متوافرة، وان القرار المميز خالف القانون واخطا في تطبيقه وفي تفسيره، اذ ان الفقرتين1 و 2 من المادة 14من القانون الضمان تشترطان ان يكون اولاد المضمون على نفقته، ويعني المشترع بالنفقة هنا النفقة الشرعية وان السيدة (………..) ليست هي المسؤولة على نفقة اولادها بمدلول المادة 14 المذكورة وان قوانين الاحوال الشخصية للطائفة الكاثوليكية (م167/1 و 169) توجب النفقة عل الاب، وكذلك الاحكام الشرعية ( م 395 و 397) وان القرار المميز خالف القانون ايضا واخطا في تطبيق وتفسير المادة 46 ضمان التي توجب التعويضات العائلية عن كل ولد معال ويقصد بالولد المعال الولد الذي يكون على عاتق من هو مسؤول عن نفقته أي الاب والسيدة (……….) ليست مسؤولة عن نفقة اولادها بالمعني المذكور بل المسؤول عن نفقتهم هو زوجها والدهم الاستاذ (…………….) الذي يعمل وهو قادرعلى الكسب ولم يثبت عكس ذلك، وبالتالي لا يحق للسيدة (…..) ان تستفيد من التعويضات العائلي .

وحيث ان المميز يضيف ان القانون لا يمنح الوالدة المضمونة التعويضات العائلية الا في حالات استئنائية معينة: كان الوالدة ارملة او مطلقة او هاجرة، او تكون تقوم باعالة اولادها لان زوجها انقطع عن العمل لبلوغه الستين مع ثبوت ان الاولاد يعيشون معها على نفقتها، او لاصابة الاب بعاهة جسدية او عقلية ثابتة، او لوجود الاب في السجن تنفيذا لعقوبة مانعة من الحرية، وقد خالف المميز القانون واخطا في تطبيقه وتفسير لانه افاد المميز ضدده من التعويضات العائلية خارج الاستثناءات المذكورة .
وحيث ان المميز يشير الى اجتهادات واراء فقهية تاييدا لطعنه بالقرار المميز والى ان قانون  الضمان اللبناني لم يخالف اتفاقية حقوق الطفل، بل ان المادة 36 من هذه الاتفاقية تشدد على احترام القوانين الوطنية.
وحيث ان المميز ضدها تدلي بان القرار المميز لم يخالف القانون ولم يخطىء في تطبيقه وفي تفسير بل ان تفسير المميز للمادتين 14 و 46 ضمان هو المغاير للحقيقة لانه يريد تطبيق القانون المذهبي لكل من المضمونين بحسب انتمائه الطائفي،اذ هو يعتمد مفهوم النفقة لدى الطوائف، في حين ان المقصود بالضمان هوضمان التقديمات والتعويضات لكل مشترك لقاء تادية بدل اشتراكه كما هو الحال بالنسبة لشركات التامين، والمقصود بالنفقة في احكام قانون الضمان هوالاعالة التي تقع على الاب او على الام العاملة او على الاثنين معا، اما التعويضات والتقديمات فهي حق للاولاد يتوجب على صندوق الضمان بواسطة الاب عند انتساب الزوجين الى الصندوق وبواسطة أي منها عند انتسابه هو فقط.

وحيث ان المميز عليها تدلي بان القول بان نفقة الاولاد هي على عاتق الزوج وحده يتنافى واحكام الاتفاقية حول حقوق الطفل التي صادق عليها لبنان بالقانون 20 تاريخ 20/11/1991 والتي اصبحت جزءا من التشريع الداخلي بموجب المادة الثاني من قانون اصول المحاكمات المدنية. كما ان تفسير صندوق الضمان الاجتماعي لاحكام قانون الضمان يتناقض مع اتفاقية العمل الدولية رقم 111 بتاريخ 25/6/1958التي صادق عليها لبنان ايضا بالمرسوم الاشتراعي رقم 70 تاريخ 25/6/1977 التي تحظر التفريق والتفضيل الذي يقوم على اساس العرق واللون او الجنس او الدين كما ان تفسير صندوق الضمان هذا يخالف العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية النافذ منذ 03/13/1976 والذي انضم اليه لبنان ايضا والذي ينص على ضمان مساوات الذكور والاناث في حق التمتع بجميع حقوق الاقتصادية والثقافية المنصوص عليها في هذا العهد، وقد ارفقت المميز ضدها بلائحتها الجوابية الاولى نسخة عن اجتهاد لمحكمة التمييز الغرفة الثامنة في قضية مماثلة ونسح المعاهدات المشار اليها كما اكدت المميز ضدها انه لا يجوز تجزئة مبدا افادة اولاد المضمونة القاصرين، المقرر في العديد من القرارات الصادرة عن المحاكم اللبنانية سابقا، التي اصبحت مبرمة، بين مضمون واخر يتمتع بنفس الوضع والشروط وفقا للفقرة 3 من المادة 556 م.م. وان للمميز ضدها حقا مكتسبا بالتقديمات المرضية العائلية التي كانت تستفيد منها منذ عام 1983 حتى 1986 تاريخ انتساب المجلس الوطني للبحوث الى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي .

وحيث انه بعد استعراض ادلاءات الفريقين بشان النقاط موضوع النزاع، يقتضي استعراض النصوص القانونية اللبنانية المنطبقة على هذا النزاع في مرحلة اولى، ومدى توافقها او تعارضها مع المعهادات الدولية في مرحلة ثانية.
وحيث ان المادة 14 من قانون الضمان الاجتماعي نصت في فقرتها الثانية على انه: "يعتبر من افراد عائلة المضمون الاشخاص المذكورين في ما يلي الذين يعيشون تحت سقف واحد وعلى نفقته … اولاد المضمون الشرعيون والمتبنون".
نصت المادة 46 من قانون الضمان نفسه في فقرتها الثانية على ان : "تتوجب التعويضات العائلية: ا- عن كل ولد معال كما هو محدد في البند ج فقرة د من المادة 14 .. "ونصت المادة 47 من القانون المذكور على ان: "لا يعطي الولد الحق باكثر من تعويض عائلي واحد وفقا للمادة السابقة واذا توافرت في عدة اشخاص ازاء ولد واحد الشروط المطلوبة وفقا لاحكام المادة السابقة، فان التعويضات العائلية تدفع: ا- للولد اذا توافرت في الوالد والوالدة الشروط المذكورة انفا الا اذا كانت حضانة الاولاد في عهدة الوالدة وحدها..".

وحيث ان الاتفاقية الدولية حول حقوق الطفل وهي الاتفاقية التي انضم اليها لبنان بموجب القانون رقم 20تاريخ 20/11/1991 قد نصت في مادتها الثانية على ان تحترم الدول الاطراف الموضحة فيها وتضمنها لكل طفل يخضع لولايتها دون أي نوع من انواع التمييز بغض النظر عن عنصر الطفل او والديه ا والوصي القانوني عليه او لونهم او دينهم او جنسهم او لغتهم او رايهم السياسي او اصلهم القومي او العرقي او الاجتماعي او ثروتهم او عجزهم او مولدهم او أي وضع اخر كما نصت المادة 26 منها على ان تعترف الدول الاطراف لكل طفل بالحق في الانتفاع من الضمان الاجتماعي بما في ذلك التامين الاجتماعي وتتخذ التدابير اللازمة لتحقيق العمل الكامل لهذا الحق وفقا  لقانونها الوطني .

وحيث ان اتفاقية العمل الدولية التي صادق عليها لبنان بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 70 تاريخ 26/2/1977 حظرت بدورها في مادتها الاولى التمييز والتفريق والتفريض على اساس العرق او اللون او الجنس او الدين واجابت في مادتها الثانية على كل دولة عضو وضع سياسة تهدف الى تحقييق المساواة في المعاملة على صعيد الاستخدام والمهنة بغية القضاء على أي تمييز في هذا المجال. كما ان المادة الثالثة تضمنت تعهد الدولة بالغاء اية احكام تشريعية وتعديل اية احكام واعراف ادارية لا تتفق مع هذه السياسة.

وحيث ان العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي انضم اليه لبنان والنافذ منذ 3/11/1976 قد نص في مادته الثالثة على تعهد الدول الاطراف بضمان مساواة الذكور والاناث في حق التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنصوص عليها فيه.

وحيث من مقارنة النصوص المختلفة الواردة في الاتفاقيات الدولية التي انضم اليها لبنان مع النصوص الواردة في قانون الضمان الاجتماعي تبين من جهة اولى ان الاحكام الواردة في الاتفاقيات الدولية والتي تتقدم على النصوص الداخلية لم تتضمن ما يتعارض مع هذه النصوص الاخيرة في شان المسالة المبحوث فيها اذ لم يرد في الاول أي نص يعالج المسالة الاولى على نحو يفرض الالتزام بها خلافا لما نظمته النصوص الداخلية في شانها كما انه يتبين من ناحية ثانية ان ايا من الفئتين من النصوص لم يتول بالتحديد معالجة مسالة تبيان المقصود بموجب الاعمال والاتفاق الذي يرتبط به الحق في الحصول على تقديمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

وحيث لا مندوحة في هدي ما تقدم من اعطاء المفهوم الواجب اعتماده لما وصفته الاحكام الواردة في قانون الضمان الاجتماعي- والتي لا تعارضها أي احكام في الاتفاقات الدولية كما سبقت الاشارة - لجهة موجب النفقة الذي يتعين ان يقع على عاتق المضمون تجاه الاولاد كي يستفيد مما يستحق عنهم من تقديمات.
وحيث اذا كانت احكام النفقة والاعانة قد نظمت في القوانين والاحكام العائدة لكل من الطوائف اللبنانية وهي تختلف في كثير من تفاصيلها وظروفها وشروطها بين طائفة واخرى ان ما ورد في شانها في قانون الضمان الاجتماعي -لايفيد اطلاقا ارادة المشترع في الاحالة في هذا الشان الى الاحكام والقوانين الخاصة بكل طائفة بل ان استعماله للتعابير العامة والمتنوعة بين مادة  واخرى- اذا اورد في المادة 14 كلمة "النفقة" وفي المادة 46 عبارة "الولد المعال" وفي المادة 47 عبارة" حضانةالاولاد" - يدل ببساطة على ان ما يقصد بهذه التعابير هو قيام احد الوالدين بالانفاق على الاولاد دون بيان حدود هذا الانفاق وشروطه والاوضاع القانونية التي قد يستند اليها.
وحيث ان ظروف الانفاق على الاولاد ومدى هذا الاتفاق ومفهومه لا يقع في ظل الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية المختلفة والمتحركة تحت ضابط موضوعي يمكن اتخاده معيارا للتمييز بين موجب يقع على احد الوالدين او الاخر اذا كان لكليهما دخل معين.

وحيث ان المادة 47 من قانون الضمان الاجتماعي اوضحت مبدا عدم جواز الحصول على اكثر من تعويض واحد في حال توافر شروط استحقاق التعويض لدى كل من الوالدين.
وحيث انه في ضوء ما تقدم وفي ضوء وجوب القول بمبدا المساواة في الحقوق والواجبات اضحى التفسير المنطقي لاحكام قانون الضمان الاجتماعي هو وجوب استفادة الوالدة المنتسبة الى صندوق الضمان الاجتماعي من التقديمات التي تستحق عن اولادها طالما لم يتبين عدم انفاقها على هؤلاء الاولاد بالمعنى المبسوط اعلاه لهذا الانفاق وطالما كان الوالد لا يستفيد من هذه التقديمات.
وحيث ان ما اورده طالب النقض من اسباب يكون والحالة هذه مردودا.

لهذه الاسباب
تقررالهيئة بالاتفاق،
قبول طلب النقض شكلا ورد اسبابه وابرام الحكم المطعون فيه وتضمين المميز النفقات ورد طلب العطل والضرر لانتفاء اسبابه.
الرئيس روبير فرحات الرئيس احمد المعلم
الرئيس الاول منير حنين      
الرئيس عفيف شمس الدين الرئيس غسان ابو علوان
الرئيس طارق زيادة
الرئيس رالف رياشي الرئيس شبيب مقلد
الرئيس مهيب معماري

مجلةالمحاكم المغربية عدد 87، ص 213 
Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : التعليق على الاحكام و القرارات