-->

حكم  عدد 545 - بتاريخ 16/5/00 - ملف رقم 1052/99
---------------------------------------------------------
القاعدة :
الاعمال الصادرة عن اشخاص القانون العام تدخل في زمرتها حتى المواقف السلبية من طرف الادارة عندما تحجم عن اتخاذ ما يتعين من الاحتياطات لدرء ما قد يصيب الغير من اضرار على فرض ثبوت ذلك.

باسم جلالة الملك
اصدرت المحكمة الادارية بالرباط بتاريخ 16 ماي 2000  حكمها في الملف رقم 1052/99 ت، برئاسة الاستاذ احمد الصايغ والاستاذ عبد الحي بوجدايني مقررا، والاستاذ عبد الرزاق القاضي عضوا، والاستاذ مصطفى سيمو مفوضا ملكيا، والسيد عبد الحكيم الاحرش كاتب للضبط.
وقدمت الدعوى من ذوي حقوق السيدة انطونيا كوبياس كارسيا وهم زوجها خوصي انطونيو وكانيا مارين اصالة عن نفسه ونيابة  عن  ولديها  القاصرين اورينا وايفان الساكنون بيتونياس مجموعة سيمارانكو  رقم6 سامبيدرو الكانطارا ماربيلا  اسبانيا، ونائبها الاستاذ…  الجاعل محل المخابرة   معه بمكتب الاستاذة….

في مواجهة كل من:
1-    السيد حمادي بن عبد الرحمان بن عبد القادر رضوان المدعو رضا عبد المالك الوجدي كهربائي الساكن 33 زنقة سان خوسيت الدائرة 39100 لاكورنوف فرنسا المعتقل حاليا بالسجن المدني بفاس تحت عدد 66090.
2-    السيد ايت يدر ستيفان المسمى سعيد والمدعو موسى عاطل بدون سكنى  قارة المقيم حاليا بالسجن المدني بفاس تحت عدد 66097.
3-    السيد طارق فلاح مجهول العنوان.
4-    فندق اطلس اسني شركة مجهولة الاسم في شخص ممثلها القانوني مقرها بشارع فرنسا بمراكش نائبيه الاستاذان …
5-    الدولة المغربية في شخص السيد الوزير الاول بمكتبه بالوزارة الاولى بالرباط.
6-    السيد وزير الداخلية بمكتبه بوزارة الداخلية بالرباط.

الوقائع
بناء على المقال الذي تقدم به المدعي اصالة عن نفسه ونيابة عن ولديه القاصرين امام كتابة ضبط هذه المحكمة بواسطة نائبهم، المسجل والمؤدى عنه الرسوم القضائية بتاريخ: 30/7/99 يعرض  من خلاله انه خلال يوم 24/8/94 عندما كانت زوجته انطونيا كويباس كرسيا في نزهة سياحية رفقة شقيقته بفندق اطلس اسني بمراكش اذ بمسلحين يقتحمون الفندق ويطلقون النار على كل من تقع اعينهم عليه، وقد كانت هي من جملة الضحايا، وان مرافقتها اصيبت اصابة بليغة، وقد اختار افراد العصابة فندق اسني لاكتضاضه بالسياح الاجانب كما ورد في الحكم الصادر من غرفة الجنايات بفاس في هذه النازلة ( قرار عدد 57/95 بتاريخ27 و28 يناير95 ) وانه تعرض وولديه لاضرار مادية ومعنوية بسبب وفاة مورثتهم وبسبب الهلع النفسي الذي تولد بينهم من جراء ذلك، وان فندق اطلس اسني يتحمل مسؤولية عدم ضمان سلامة نزلائه وان الدولة المغربية بدورها مسؤولة عن الاضرار بحكم ان تلك ناتجة عن اضطرابات كانت  تستهدف المصالح الادارية والمرافق الاقتصادية للدولة طبقا لمقتضيات الفصل79 من ق.ل.ع  والمادة 8 من القانون 41/90  المحدث للمحاكم الادارية، وان الدولة لم تتخذ الاحتياطات اللازمة مما يجعل الضرر اللاحق بضحايا واقعة  فندق اطلس اسني ناجمة عن سوء تسيير مرفق اقتصادي وسياحي، ومن القرارات المدنية الصادرة في هذا المجال قرار المجلس الاعلى عدد 662 وتاريخ : 3/10/99 ( ملف اداري 278/5/95 ).

والجدير بالذكر ان القانون الاسباني في هذه الحالات يعطي للضحية في اعتداء مماثل تعويضا ادنى قدره  000.00 000 21 بسيطة وهو ما يعادل 1312500 درهم ملتمسة الحكم بمسؤولية المدعى عليهم جميعا على وجه التضامن عن الاضرار اللاحقة به وولديه القاصرين من جراء وفاة مورثتهم وبتحمل الدولة المغربي مسؤولية الحادثة والحكم على المدعى عليهم تضامنا باداء مبلغ5000.00 درهم تعويضا مسبقا والامر باجراء خبرة طبية يقوم بها طبيبان من مدينة مربيا الاسبانية وبحفظ حقهم في بسط مطالبهم  النهائية بعد الخبرة، وبالنفاذ المعجل والفوائد القانونية من يوم النطق بالحكم وباحلال شركة التامين المؤمنة لفندق اطلس اسني محل مؤمنها في الاداء.

وبناء على المستنتجات المدلى بها من طرف فندق اطلس اسني بواسطة نائبيه بتاريخ 3/12/99 يعرض من خلاله بان الجناة الذين اقترفوا الهجوم اعترفوا بالمنسوب لهم امام المحكمة التي حكمت بادانتهم، وبانه مؤسسة فندقية وليس مرفقا عموميا وبان التزام الفندق في حماية سلامة الزبون لا يشمل حمايته من  تصرفات المجرمين وان مهمة الحفاظ على الامن العام تقع على كاهل الدولة ملتمسا اخراجه من الدعوى بدون صائر البت في الباقي طبقا للقانون.

وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف الوكيل القضائي للمملكة بصفته هذه ونيابة عن الدولة المغربية في شخص السيد الوزير الاول وعن وزير الداخلية بتاريخ 24/2/2000 يعرض من خلالها المسؤولية تقع على الجناة ويكونون هم المطالبون بجبر الاضرار اللاحقة بالغير عملا بمقتضيات الفصل77 من ق.ل.ع كما ان المحكمة الادارية تختص بالنظر في الدعاوى المتعلقة بالاضرار التي تسببها نشاطات واعمال اشخاص القانون العام وان الاضرار اللاحقة بالمدعين قد لحقت بهم جراء افعال ارتكبها اشخاص ذاتيون لا تربطهم اية علاقة بمرافق الدولة وانه رغم اقحام الدولة المغربية في هذا النزاع، فالمادة 18 من قانون 90/41 تجعل الاختصاص ينعقد للمحاكم العادية حتى فيما يخص الطلبات الفرعية التي تهدف الى الحكم على شخص من اشخاص القانون العام، كما ان ظهير 30/9/53 الذي كان ينظم التعويض عن الاضرار الناجمة عن الاضطرابات العامة قد الغى بمقتضى المرسوم الملكي المؤرخ في 24/10/66 مما اصبح معه الاطار القانوني لمناقشة الدعوى منعدما. فضلا عن ان الطلب قد طاله التقادم وذلك لان المدعين لم يرفعوا دعواهم الا بعد مضي 5 سنوات على وقوع الضرر، ملتمسا اساسا التصريح بعدم الاختصاص طبقا لمقتضيات الفصل8 من قانون90/41 واحتياطيا الحكم برفض الطلب في مواجهة الدولة المغربية لالغاء المقتضيات التي كانت تنظم التعويض عن الاضرار اللاحقة جراء القلاقل والاضطرابات واحتياطيا جدا رفض الدعوى لعدم ارتكازها على اساس واحتياطيا التصريح برفض الطلب لتقادمه، لان  مطالب المدعين قد طالها التقادم الرباعي المنصوص عليه الفصل 54 من ظهير6/8/58.

وبناء على المذكرة الجوابية حول الدفع بعدم الاختصاص المدلى بها من طرف نائبا المدعين بتاريخ  2/5/2000 يعرض من خلالها ان الهالكة بدخولها الى المغرب من اجل السياحة تكون قانونيا وعمليا تحت مسؤولية وزارة السياحة ووزارة الداخلية والدولة المغربية ككل، وان الوزارتين ومنها وزارة الداخلية الملزمة بالسهر على امن كل مغربي او اجنبي داخل الى المغرب وان حمل السلاح من طرف الجناة جاء نتيجة اهمال مراقبة وزارة الداخلية وتقصيرها في امن المواطنين والاجانب داخل التراب الوطني، كما ان عملية الاجرام هذه كانت تستهدف مصالح الدولة المغربية ككل، ولم يكن امرا شخصيا بين المجرمين والضحية ملتمسين التصريح باختصاص المحكمة الادارية للنظر في النازلة وحفظ حقه للرد على باقي الدفوعات الواردة في مذكرة السيد الوكيل القضائي وتمتيعه بما جاء في المقال الافتتاحي.

وبناء على الاوراق الاخرى المدرجة بملف المحكمة.
وبناء على الاعلام بادراج القضية بالجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ2/5/2000.
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما حضرها دفاع المدعية، وتخلف الباقي فقررت المحكمة اعتبار القضية جاهزة للبت في الدفع بعدم الاختصاص النوعي واعطيت الكلمة الى السيد المفوض الملكي الذي اكد ما جاء في تقريره الكتابي الرامي الى انعقاد الاختصاص النوعي لهذه المحكمة فضم الى ملف المحكمة التي قررت وضع القضية في المداولة قصد النطق بالحكم بجلسة اليوم.

بعد المداولة طبقا للقانون في الاختصاص النوعي:
حيث ان جوهر النزاع هو معرفة هل الدعوى التي اقامها المدعي تدخل او لا تدخل في اطار المادة 8 من القانون 90/41 المنشئ للمحاكم الادارية التي تنص على ان من بين اختصاصات هذه المحاكم البت في دعاوي التعويض عن الاضرار التي تسببها نشاطات اشخاص القانون العام.

وحيث انه اذا كانت المادة 8 من المقتضيات المشار اليها ترتب الحق في طلبات التعويض عن الاضرار التي تسببها نشاطات اشخاص القانون العام، فان المقصود بهذه النشاطات كما فسرها الاجتهاد القضائي الاداري ليس مجرد الاعمال او التصرفات الايجابية الصادرة عن اشخاص القانون العام، ولكن يدخل في زمرتها حتى  المواقف السلبية من طرف الادارة عندما تحجم عن اتخاذ ما يتعين اتخاذه من احتياطات لدرء ما قد  يصيب الغير من اضرار على فرض ثبوت ذلك.

وحيث انه من الثابت من اوراق الملف ومما لا جدال فيه ان عصابة هاجمت فندق اطلس اسني بمراكش مدججة بمجموعة من الاسلحة النارية من النوع المتقدم فقتلت بعض السياح الاجانب واصابت اخرين بجروح.
وحيث انه من الثابت ايضا ان مصالح الشرطة القضائية الوطنية اجرت بحثا في الموضوع وتاكد لها بان ترسانة من الاسلحة تم ادخالها الى التراب الوطني وقد جاء في القرار رقم 57/95 الصادر عن غرفة الجنايات بفاس بتاريخ 27 و28 يناير1995 في الملف الجنائي عدد 553/94 ان اجهزة الامن عثرت بمدينة اكنول على مخزن من الاسلحة وذخيرة هامة من انواع السلاح ووسائل الاتصال والتشويش على الاتصالات اللاسلكية وان البعض من ذلك استعمل في الهجوم على فندق اطلس اسني بمراكش.

وحيث انه من الواضح ان الهدف من هذه الدعوى كما يبدو من وثائق الملف تحميل الدولة مسؤولية الاضرار الناتجة للمدعي على اساس التقصير في الحفاظ على الامن العام.
وحيث يستنتج من كل ما سبق ان المحكمة الادارية هي المؤهلة قانونا للنظر في الدعوى الحالية على اساس المادة 8 من القانون 41-90 المشار اليها اعلاه وفي اطار ما قد ينسب من خطا مصلحي لمرفق الامن التابع للدولة مما يكون معه الدفع بعدم الاختصاص النوعي المثار غير مبني على اساس.

المنطوق
وتطبيقا لمقتضيات المادة الثامنة من القانون 90/41 المحدث للمحاكم الادارية.

لهذه الاسباب
ان المحكمة الادارية وهي تقضي علنيا ابتدائيا حضوريا بانعقاد اختصاصها النوعي للبت في الطلب مع ارجاع الملف الى المكتب المستشار المقرر لمواصلة الاجراءات.
بهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة اعلاه .…

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 89، ص190.
Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم :