-->

القرار عدد 3895 في الملف عدد 6127/2000 الصادر بتاريخ 26/04/2001 عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء والتعليق عليه من طرف السيد محمد اكرام الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف، في موضوع الزيادة في الكراء، على ضوء القانون الجديد للاكرية،




الأستاذ محمد المرصاني
ان محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في قرارها عدد 3895 بتاريخ 26/4/2001 بالملف 6127/00 قضت بالغاء الحكم  المستانف  القاضي برفع السومة الكرائية للعين المكتراة كمحل للسكنى والحكم من جديد بعدم قبول الطلب بناء على قانون 63/99 في فصليه الخامس والسادس  اشترط لحصول المراجعة بالزيادة ان تكون هناك تغييرات قد حصلت على مزايا المحل وخصائصه وان الطرف المدعي لم يثبت حصول هذه التغييرات.

وان السيد الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء الاستاذ محمد اكرم علق على هذا القرار واعتبر ان الرأي الذي  اخذت  به  محكمة الاستئناف هو لراي الصواب  والمطابق   للقانون لكون احكام الفصلين 5 و6 من القانون رقم 6/79 قد فسخا وحلت محلهما احكام  قانون 63/99.  وان الفصلين 5 و6 الجديدين وضعا قواعد وضوابط  لمراجعة السومة الكرائية تبعا للتحولات والمستجدات الاقتصادية والاجتماعية،  وقد  نشر  القرار  والتعليق عليه في مجلة المحاكم المغربية عدد 87 الصفحة 145 و165 وما يليهما.

ونظرا لما لهذا الاتجاه من اثار اقتصادية واجتماعية قد تنعكس سلبا على  المستثمرين والملاكين وتحفز المكترين  على  نوع من التمرد، كما ان له ايضا  ردة فعل وهزة  على القضاء الذي سار في اتجاه متوازن منذ سنة 99 تاريخ صدور القانون، ليتحول الى اتجاه مخالف مائة  في  المائة اواخر سنة 2001 بالنسبة لمحاكم البيضاء على الاقل. وقد يحدث انقساما في الراي على مستوى محاكم المغرب.

وحتى نخلص الى سلامة وجهة نظر قرار محكمة  الاستئناف  او عدم  سلامتها  يتعين  استعراض  مقتضيات الفصلين المذكورين  انطلاقا من ان مراجعة السومة الكرائية تتعلق بطرفين هما المكري والمكتري وانه يجب تاسيسها على اسس عادلة بعيدا عن الايحاء والتاثير الذي يحرج القضاة .

لقد قرر الفصل الخامس من قانون 63/99 لمبدا الحق في مراجعة السومة الكرائية لكل من الطرفين زيادة او نقصانا كلما طرأت تغييرات، من شانها ان تعدل الشروط التي على اساسها تم تحديد الوجيبة الكرائية، ولا يقبل طلب المراجعة قبل مرور ثلاث سنوات، رغم كل شرط مخالف.

ويستنتج من هذه المقتضيات :
1-    ان طلب المراجعة مقبول مبدئيا وانه لا اثر لاي اتفاق بين الطرفين يمنع طلب المراجعة،  واذن  من حق المكري ان يلجا بعد مرور ثلاث سنوات الى مسطرة  المراجعة دون ان نصفه بالمتعسف  في استعمال الحق او نتهمه  بجعل  اللجوء  الى  هذه  المسطرة  حرفة  له،  لان  حدوث  تغييرات  على خصائص العين المكتراة ليس شرطا لاقامة دعوى المراجعة وانما هو شرط  لتقدير  السومة  الكرائية الجديدة المطلوبة  اعتمادا  على  الحاصل  من مجموع العناصر المذكورة بالفصل 6 وليس على الحاصل من احدها فقط، لان الذي لا يمكن قبوله  اساسا  لرفع  الدعوى،  انما  هو  التمسك  بشرط الاتفاق المسبق اذا كان يمنع احد الطرفين من طلب المراجعة،  اما حدوث التغييرات او  عدم  حدوثها  فتبحثه المحكمة بعد رفع الدعوى اعتمادا على الحاصل من مجموع العناصر  وهذا هو الخطا  - في نظرنا - الذي وقع فيه القرار وسانده فيه التعليق.

2-    ان الفصل الخامس من القانون المذكور عبر بامكانية طلب المراجعة كلما طرات تغييرات، وهي تعني انه بامكان الطرف ان يطلب المراجعة كلما حدثت وبرزت تغييرات، سواء بفعل المكري او المكتري، او بحدوث تغيير تلقائي على موقع او قيمة المحل اكسبته ميزة، أي حركة تلقائية لا تحتاج الى تدخل المكري او المكتري .
      ان هذه التطورات الطارئة، والتي غالبا  ما تحدث في كل حي، وخصوصا في احياء الدار البيضاء هي خصائص  من شانها ان تعمل على تعديل 
      السومة الكرائية .

      وهذا ما اغفله القرار ولم يتم بحثه لا من طرف المحكمة ولا من طرف المساند، لانه اشترط فقط ادخال التغييرات بفعل المكري واشترط ايضا اثباتها
      من هذا الاخير، مع ان الخبرة التي تامر بها عادة لتقدير السومة الجديدة هي التي تكشف عن الخصائص ومجموع العناصر التي تعتمد في تحديد
       السومة الجديدة باعتبارها أمورا تقنية تحتاج الى خبرة خبير.

3-    ان الذي يراعى في تحديد الوجيبة الكرائية الجديدة هو المتحصل من مجموع العناصر المحددة بالفصل 6 المعدل في القانون المذكور ومنها الميزة المكانية كموقع العقار، قيمته الحقيقية، قدمه، درجة الرفاهية، حالة الصيانة والظروف الاقتصادية العامة، وما الى ذلك …. وهو ما لم يكشف  عنه قرار محكمة الاستئناف الذي لم يستعرض نتائج الخبرة المامور بها ولا هو استعرض او فصل محتوى تلك العناصر واكتفى بالقول : ان المدعي لم يدل بما يفيد ادخاله التغييرات، دون ان يناقش طروء تغييرات اخرى كالموقع والقيمة والقدم، وغيرها من المتغيرات، التي لم ترد على سبيل الحصر وانما على سبيل المثال، واخيرا الظروف الاقتصادية العامة. اذ يتعين ان يكون لكل عنصر حصته من الزيادة والنقصان، فاذا ثبت من خلال تقرير الخبرة مثلا ايجابية بعض العناصر وسلبية بعضها فان المحكمة تقدر السومة لصالح الطرف بحسب كل عنصر ايجابي دون السلبي، وبهذا الاعتبار تتحقق المراجعة على اسس عادلة بدون مبالغة او اجحاف .

وبالمناسبة فان كل القرارات الصادرة عن محاكم الدار البيضاء بعد صدور هذا القرار تعتمد حيثية واحدة وهي: " ان المدعى لم يدل بما يفيد ادخاله للاصلاحات على العين المكتراة  مما يتعين معه عدم قبول الدعوى طبقا لقرار محكمة الاستئناف".
ولا اذيع سرا اذا ذكرت اني طرحت موضوع هذا القرار وملاحظتي عليه على عدة قضاة فقالوا : انهم غير مقتنعين باتجاهه، الا انهم يسايرونه ولا يمكن لهم مخالفته لكونه صادرا عن محكمة الاستئناف ومسندا من قبل رئيسها الذي لا يجادل احد في كفاءته ومقدرته وخدمته للقضاء، وبالتالي فالقرار يوحد العمل القضائي. كما طرحته على عدة محامين فلم يستصوبوه رغم ان بعضهم استدل به في قضية له معروضة امام القضاء.

لكن، ان توحيد العمل القضائي ينبغي ان يتم بعد دراسة جميع المعطيات الواقعية والقانونية لكيفية تطبيق الفصلين المذكورين، لان لهذه النازلة انعكاسات اقتصادية على الملاكين والمكترين، فالذي يكتري شقة بثمن منخفض لا يسمح لمالكها ان يدخل تغييرات  عليها اساسية او تحسينية للصيانة ما دام ان هذه الاصلاحات تسمح للمكري بطلب الزيادة ورفع السومة الكرائية، وكثير هي العمارات والدور تكاد تنهدم ولا يسمح المكترون للمالك بالقيام بالاصلاحات الضرورية رغم لجوء المالكين للسلطات المختصة التي تراقب سلامة البنايات.

4-    انه طبقا لما ورد في الفقرة الثانية من الفصل 638 من قانون الالتزامات والعقود فان المكري اذا ماطل في اجراء الاصلاحات المكلف بها،  حق للمكتري اجباره عليها مما يعني ان المكتري عليه ان يثبت عدم وجود تغييرات طرات على العين المكراة لان الاصل في بنايات مدينة كبيرة اقتصادية كالدار البيضاء ان تتغير قيمتها وتتبدل ظروفها الاقتصادية باستمرار، وهو ما اصبح معلوما بالضرورة لدى العام والخاص. ومن يدعي عكس الاصل فعليه اثباته، فالمكتري المدعى عليه يصبح في هذه الحالة مدعيا خلاف الاصل، وبالتالي فعليه اثباته، او على الاقل فان المحكمة تامر بانتداب خبير تقني لبيان مميزات الاماكن المكراة موقعا وقيمة وصيانة، وغيرها مع بيان الظروف الاقتصادية العامة، وعلى ضوء ذلك تستخلص النتائج لصالح هذا الطرف او ذاك، وليس ان تحكم بعدم قبول الدعوى لعدم اثبات المدعى ( المكرى) بناء على مجرد صدور قرار محكمة الاستئناف في هذا الاتجاه.

5-    انه باستقرار  مقتضيات الفصلين 5 و6 من القانون الجديد 63/99 يتبين ان هناك نوعين من التغيرات بعضها طارئ بنفسه والبعض الاخر ادخل بفعل فاعل، فالاولى تشمل موقع العين المكراة، وقيمته الحقيقية، وقدمه، بالاضافة الى تغير الظروف الاقتصادية العامة، والثانية هي المتعلقة بالاصلاحات التي يدخلها المكري بفعله على العين المكراة، وعلى اساس كل هذه العناصر يتم تحديد السومة الكرائية الجديدة وليس على احدها فقط. وهنا لابد ان نشير الى كون هذه الخصائص والمميزات من شانها - وجودا او عدما - ان تعدل الشروط السابقة التي على اساسها تم تحديد الوجيبة الكرائية القديمة، وهذا يقتضي ثبوت هذه الشروط بعقد كتابي او باعتراف قضائي، فاذا لم يثبت بما ذكر، فان الاصل ان المكري يكون قد سلم العين المكراة للمكتري في حالة تصلح معها للذي خصصت له وفقا لطبيعتها، وبالتالي فهي باقية على حالتها من الصيانة  عملا بقاعدة الاستصحاب الى ان يثبت المكتري اخلال المكري بالتزاماته القانونية  الملقاة على عاتقه عملا بالفصل 638 من قانون الالتزامات والعقود الذي اورد شطره صاحب التعليق، وامسك عن ذكر  مقتضيات فقرته الثانية، وان كنا نؤيد صاحب التعليق فيما يتعلق بالالتزام الملقى على عاتق المكرى، فاننا نخالفه فيما رتبه على ذلك من كون المكري لا تقبل دعواه اذا لم يثبت صيانة العين المكراة، لان المكتري في هذه الحالة - كما اسلفنا - هو المكلف باثبات انعدام عدم الصيانة الضرورية، لانه ادعى خلاف الاصل وخالف قاعدة الاستصحاب التي تقرر بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت خلافه.

واخيرا فان هدفي في هذا الطرح هو المساهمة في فتح حوار جاد وهادف بين من ينتسب الى القضاء بقطع النظر عن موقعه. لان من شان ذلك ان يحقق الشيء الكثير ويزيل الالتباسات التي تلقي بضبابيتها على بعض النوازل ما دام ان الهدف هو ايجاد المخرج وايصال الحقوق الى اصحابها تحقيقا  للعدالة، وتجسيما لها، لان اعمال السلطة المخولة لجهاز القضاء عند تطبيق القانون وفقا لاحكامه، تعتمد على تقدير الامور بكيفية عقلانية، والقاضي هو الالة لتطبيق القانون تطبيقا سليما.

الأستاذ موافق الزيتوني
لفت انتباهي وانا اتصفح طيات العدد 87 من مجلة المحاكم المغربية مارس  - ابريل 2001. ما اثاره السيد الرئيس الاول لدى محكمة الاستئناف في الصفحة 144 في ضوء تعليقه على القرار المشار الى مراجعه اعلاه. على اعتبار انه - أي القرار - قد صادف الصواب حينما قضى بالغاء الحكم الابتدائي الصادر عن ابتدائية ابن امسيك سيدي عثمان، والذي قضى بمراجعة السومة الكرائية على الرغم من ان المكري لم يدل بما يفيد قيامه بادخال تغييرات على خصائص ومميزات العين المكراة. وفي نظرنا فان القرار اعلاه والذي اعتمد في حيثياته على المقتضيات الجديدة التي اتى بها الفصل 5 من القانون رقم 63-99 يدعو الى طرح العديد من التساؤلات .

هل التعديل او الفصل 5 الجديد الذي جاء به القانون رقم 63-99 يساير فعلا المستجدات  والتحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المغرب ؟
هل التعديل الجديد سوف يكون من السهل تفعيله على ارض الواقع ؟
وما هي الاجراءات التي اوجدها المشرع المغربي في حالة وقوع صعوبة في تطبيق المقتضيات الجديدة للفصل 5 ؟.

نطرح هذه الاسئلة لان ما ذهبت اليه محكمة الاستئناف في قرارها موضوع وجهة نظر هاته يدعو الى طرحها. فمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء حينما قضت بالغاء الحكم الابتدائي الصادر عن ابتدائية ابن امسيك سيدي عثمان والتي اعتبرت المحكمة الوحيدة التي خالفت حسب محكمة الدرجة الثانية المقتضيات الجديدة للفصل 5 من ظهير 25/12/1980. - مما يدل على ان جل المحاكم الابتدائية بالبيضاء قامت بتطبيق مقتضيات المادة 5 الجديدة -
على اعتبار انه لقبول دعوى المراجعة فانه على المكري المدعي ان يثبت انه ادخل  تغييرات على خصائص ومميزات العين المكراة  حتى يكون طلبه ذا موضوع.

رغم ان المادة 5 في حلتها القديمة كانت تنص على شرط مرور  ثلاث سنوات وهي المدة التي خول بمرورها المشرع لكل من المكري او المكتري المطالبة بمراجعة السومة الكرائية اما زيادة  او نقصانا، وذلك تبعا لتغير الظروف الاجتماعية والاقتصادية لطرفي العقد، او لحدوث مستجدات ربما قد تقلل او ترفع من قيمة المحل المكتري … الخ.
ان المادة 5 في حلتها الجديدة نصت على ضرورة توافر تغييرات تمس خصائص ومميزات العين المكراة حتى تكون دعوى المراجعة مقبولة.

واذا قيل بان هناك مجموعة من الاعتبارات  - دفعت بالمشرع الى نسخ الفصل 5 على ضوء المقتضيات الجديدة للقانون رقم 99-63. فان هذه  الاعتبارات تبقى محط مؤاخذة على النحو الذي سنسطره على ضوء كل معطى على حدة .

1-    خلق علاقة تعاقدية بين المكري والمكتري :
اننا نظن ان العكس هو الصحيح، ذلك ان المادة 5 في طابعها الجديد تحمل في طياتها اجحافا كبيرا للمكري، وانها جاءت لتخلق علاقة تعاقدية لا متكافئة بين طرفي العقد .
على اعتبار انه قد تطرا تحولات اقتصادية او اجتماعية ترفع من قيمة العقار او قيمة دخل مكتريه ومع ذلك فان المكري يجد نفسه مضطرا، او بالاحرى مقيدا، بشرط القيام باصلاحات تمس خصائص ومميزات العين المكراة، لكي يرفع دعوى مراجعة السومة الكرائية، وحتى تكون بالتالي دعواه ذات موضوع.
وكان عوض وضع شرط وجعله من النظام العام ترك الامور على حالها، أي امكانية طلب مراجعة السومة الكرائية زيادة او نقصانا من طرف كل من المكري والمكتري بعد مرور ثلاث سنوات على اخر زيادة او تعاقد، واعطاء القضاة السلطة التقديرية للقول بالزيادة او النقصان في السومة الكرائية على ضوء الظروف الاقتصادية والاجتماعية لكل طرفي ملف وبالتالي القول بالزيادة في السومة الكرائية او القول بالابقاء على السومة موضوع الدعوى اذا ما ارتات المحكمة ان طلب الزيادة لا مبرر له. رغم مرور الاجل المحدد وهو ثلاث سنوات وانه تبعا لذلك كان الفصل 5 المنسوخ هو الذي يحقق براينا علاقة تعاقدية متوازية لا الفصل 5 الناسخ.

2-    الوقوف في وجه المكرين الذين اصبح اللجوء الى القضاء بعد مرور ثلاث سنوات هو السمة الغالبة لديهم:
لكن حيث ان هذا الاعتبار ليس بتبرير قانوني او واقعي مقنع، على اعتبار ان المشرع هو من حدود شرط ثلاث سنوات وبالتالي فانه من غير المستساغ اقرار حق لاشخاص تم لومهم او مؤاخذتهم على ممارستهم لحق خول لهم، كما انه من غير المعقول الاحتجاج بكون التجاء المكري الى المطالبة برفع السومة الكرائية بعد مرور ثلاث سنوات على اخر مراجعة فيه اضرار بالعدالة، او انه يشكل عرقلة لعمل المحاكم، فضلا على كون مراجعة السومة الكرائية هو ايضا حق للمكتري الذي يمنحه القانون هو الاخر الحق في طلب المراجعة.

3-    انه من العدل والانصاف ان يكون التعديل والتغيير في السومة الكرائية قد استوجبته ظروف طرات بعد التعاقد ادت الى التاثير سلبا او ايجابا على الشروط التي وقع على اثرها تحديد السومة الكرائية السابقة :
ان هذا الاعتبار في رأينا يتناقض مع ذاته على اعتبار انه ينص على ان طلب رفع السومة الكرائية يكون غير مقبول ما لم يثبت المكري انه قام بادخال تغييرات على خصائص ومميزات العين المكراة، وفي نفس الوقت يشير الى ان التعديل استوجبته ظروف طرات بعد التعاقد وادت الى التاثير - سلبا او ايجابا - على الشروط التي وقع التعاقد بشانها اول مرة بشان السومة الكرائية، وعندما نقول سلبا او ايجابا فاننا نفرغ الفصل 5 الجديد  من محتواه ونفعل مقتضيات الفصل 5 القديم  الذي يعطي  الحق لكل من المكري والمكتري في مراجعة الوجيبة الكرائية  تبعا لتغير ظروف  العقد سلبا او ايجابا ولكن بشرط مرور ثلاث سنوات وليس شريطة ادخال تغييرات الذي اصبح يعتبر من النظام العام وبالتالي فانه لا حق للمكري او المكتري الاتفاق على مخالفته مما يشكل  تناقضا مع ذات الاعتبار.

4-    اما الاعتبار المتعلق بكون الفصل 5 الجديد  سيدفع المكرين الى الاعتناء بعقاراتهم وذلك بتعهدها بجميع الاصلاحات اللازمة  والصيانة الضرورية فانه براينا يشكل النقطة التي ستسيل المداد في التعديل الجديد وهي التي ستراكم  الملفات على ادراج المحاكم، نقول هذا من وجهة نظرنا المتواضعة، على اعتبار  ان المقتضى الجديد والمتعلق  بالقيام بالاصلاحات والتغييرات والذي كان موضع تساؤلنا الثاني بدايته سوف تعرف ربما عراقيل اثناء محاولة  تفعيله على ارض الواقع في مجتمع في طور النمو، تسوده  عقليات مختلفة  باختلاف الشرائح الاجتماعية المنتمية اليها.

فالمشرع لم يبين كيفية تفعيل المادة 5 الجديدة، كما انه ترك عبارة تغييرات هكذا مطلقة ولم يخصصها وان كان قد نص  على كون هذه التغييرات تمس خصائص ومميزات العين المكراة .
ثم نتساءل هل المكري الذي يود فعلا ادخال تغييرات على العين المكراة سوف يجد الطريق معبدة امامه ؟ او بعبارة اخرى، هل المكتري سوف يسمح للمكري بالقيام باصلاحات وهو يعلم مسبقا من وراءها دعوى المطالبة برفع السومة الكرائية ؟ ثم ما هي وضعية المكتري اثناء القيام بالاصلاحات وافراغه للمحل من اجل ذلك؟ ام ان القواعد المنصوص عليها في الفصل 15 من ظهير 25/12/80 والمتعلقة بالافراغ لاصلاح المحل هي التي ستطبق مع الحفاظ للمكتري بحق الرجوع الى المحل المكترى وفق سومة كرائية جديدة، واذا كان الامر كذلك ما هي المعايير التي سيعتمد عليها في تحديد السومة الجديدة ؟ هل هي اتفاق الطرفين ام اللجوء الى الخبرة القضائية ؟ وعندما نقول خبرة قضائية فان ذلك يعني تحديدها عبر طريق القضاء، وبعبارة اخرى تراكم ملفات جديدة على رفوف المحاكم .

كما انه في حالة امتناع المكتري عن السماح للمكري للقيام بالاصلاحات او التغييرات هل سيلجأ هذا الاخير الى المحكمة من اجل الحصول على اذن للقيام بالإصلاحات، على غرار ما هو منصوص عليه قانونا بالنسبة للمكتري ؟ واذا كان الامر كذلك فان الملفات سوف تتراكم على المحاكم بوتيرة اكثر وسيكون بالتالي المشرع بقيامه بالتعديل الجديد أملا منه في التقليص من اللجوء الى القضاء قد ساهم  على العكس من ذلك، وذلك بخلقه لوضعية معقدة ستجعل  لا محالة الملفات تتراكم بوتيرة اكثر مما كانت عليه في ظل المادة 5 المنسوخة وتجعل المشرع يتناقض مع الاعتبار الثاني الذي تطرقنا له انفا .

هذه مجموعة من الاسئلة التي ربما تحتاج الى اجوبة مقنعة تحل الاشكالات التي قد تعترض المكري الذي ستسول له نفسه يوما ما رفع دعوى الزيادة  في السومة الكرائية في مواجهة مكتري ربما لا تهمه اصلاحات  هو في غنى عنها بقدر ما يهمه محل ياويه او يذر عليه لقمة عيش ؟

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 90، ص 106.

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : التعليق على الاحكام و القرارات